مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ إِذَا مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ
أَمْرَهَا فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ بِهِ إِلَّا أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا وَيَقُولَ لَمْ أُرِدْ إِلَّا وَاحِدَةً فَيَحْلِفُ عَلَى
ذَلِكَ وَيَكُونُ أَمْلَكَ بِهَا مَا كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا وَيَحْلِفَ فَإِنْ نَكَلَ عَنِ
الْيَمِينِ لَزِمَهُ مَا طَلَّقَتْ بِهِ نَفْسَهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلسَّلَفِ أَقْوَالٌ
أَحَدُهَا أَنَّ الْقَضَاءَ مَا قَضَتْ وَلَا تَنْفَعُهُ مُنَاكَرَتُهُ إِيَّاهَا
وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ إِلَى نِيَّتِهِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ وَاحِدَةً كَانَتْ وَاحِدَةً
رَجْعِيَّةً وَلَهُ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا أَنْ تُوقِعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لِإِرَادَتِهِ لِلْوَاحِدَةِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا
أَرَادَ إِلَّا وَاحِدَةً
وَالثَّالِثُ أَنَّ طَلَاقَهَا لَا يَكُونُ إِلَّا وَاحِدَةً عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ أَمَلَكُ بِهَا مَا دَامَتْ فِي
عِدَّتِهَا
وَالرَّابِعُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِيَدِ الْمَرْأَةِ طَلَاقُ الرَّجُلِ وَلَيْسَ قَوْلُهَا لِزَوْجِهَا قَدْ طَلَّقْتُ نَفْسِي
مِنْكَ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ قَالَتْ لَهُ أَنْتَ مِنِّي طَالِقٌ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا
وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ رُوِيَ عن بن عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - وعن بن الْمُسَيَّبِ
وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَطَائِفَةٌ
رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ إِذَا جَعَلَ
أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ هِيَ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 25
وعن بن جريج قال أخبرني بن شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
رَبِيعَةَ يَقُولُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ جَعَلَ زَوْجُهَا أَمْرَهَا بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِ وَلِيِّهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثَ
تَطْلِيقَاتٍ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ
وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ إِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً
وَإِنِ اثْنَتَيْنِ فَاثْنَتَيْنِ وَإِنْ ثَلَاثًا فَثَلَاثًا
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عن بن المسيب مثله
وبن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ
فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ قد روي عن بن عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُنَاكَرَةً فَالْجَوَابُ أَنَّ رِوَايَةَ
مَالِكٍ قَدْ فَسَّرَتْ مَا أَجْمَلَ غَيْرُهُ بِقَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا فَيَقُولُ لَمْ أُرِدْ إِلَّا وَاحِدَةً
فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثاني
وأما القول الثالث فقول عمر وبن مَسْعُودٍ
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عن علقمة أو الأسود عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ
جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ امْرَأَتِي بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَتْ لَوْ أَنَّ
الَّذِي بِيَدِكَ مِنْ أَمْرِي بِيَدِي لَعَلِمْتَ كَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ فَإِنَّ الَّذِي بِيَدِي مِنْ أَمْرِكِ بِيَدِكِ
قَالَتْ فَأَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَالَ أَرَاهَا وَاحِدَةً أَنْتَ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا وَسَأَلْقَى
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ ثُمَّ لَقِيَهُ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ فَعَلَ اللَّهُ بِالرِّجَالِ وَفَعَلَ يَعْمَدُونَ
إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي أَيْدِيهِمْ فَيَجْعَلُونَهُ فِي أَيْدِي النِّسَاءِ بِفِيهَا التُّرَابُ مَاذَا قُلْتَ فِيهَا
قَالَ قُلْتُ أَرَاهَا وَاحِدَةً وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا قَالَ وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ وَلَوْ رَأَيْتَ غَيْرَ ذَلِكَ لَرَأَيْتُ
أَنَّكَ لَمْ تُصِبْ
رَوَى الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ
بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثلاثا فسأل عمر عنها بن مَسْعُودٍ مَاذَا تَرَى فِيهَا قَالَ أَرَاهَا
وَاحِدَةً وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا
قَالَ عُمَرُ وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلُ ذلك رواه بن عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رجل أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا قَالَ
هي واحدة
وأما قول بن عباس وطاوس فروى بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 26
مجاهدا أخبره أن رجلا جاء بن عَبَّاسٍ فَقَالَ مَلَّكْتُ امْرَأَتِي أَمْرَهَا فَطَلَّقَتْنِي ثَلَاثًا قَالَ
خَطَّأَ اللَّهُ نَوْءَهَا إِنَّمَا الطَّلَاقُ لَكَ عليها وليس لها عليك
قال بن جريج وأخبرني بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَقُولُ فِي رَجُلٍ
مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا أَتَمْلِكُ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فَقَالَ كَانَ يَقُولُ لَيْسَ إِلَى النِّسَاءِ طَلَاقٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قد روي خبر بن عَبَّاسٍ عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ طَاوُسٌ
وروى بن جريج عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مَلَّكَهَا زَوْجُهَا أَمْرَ نَفْسِهَا فَقَالَتْ
أَنْتَ الطَّلَاقُ وَأَنْتَ الطَّلَاقُ وَأَنْتَ الطَّلَاقُ فقال بن عَبَّاسٍ خَطَّأَ اللَّهُ نَوْءَهَا أَلَا قَالَتْ أَنَا
طَالِقٌ أَنَا طَالِقٌ
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى قَدْ ذَهَبَ إِلَيْهَا طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْمُمَلَّكَةِ قَالُوا إِذَا قَالَتْ
لِزَوْجِهَا أَنْتَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ حَتَّى يَقُولَ أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهَا لِزَوْجِهَا أَنْتَ طَالِقٌ
كَمَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا أَنَا طَالِقٌ مِنْكَ
وَأَمَّا أَقَاوِيلُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ فِي التَّمْلِيكِ
يَقُولُ مَالِكٌ مَا ذَكَرَهُ فِي ((مُوَطَّئِهِ)) مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَذْهَبُهُ فِي التَّخَيُّرِ
خِلَافُ مَذْهَبِهِ فِي التَّمْلِيكِ وَيَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهُنَاكَ نَذْكُرُ مَذَاهِبَ
السَّلَفِ مِنَ الْخِيَارِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ اخْتَارِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ سَوَاءٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ
الزَّوْجُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ الطَّلَاقَ
فَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَهُوَ مَا أَرَادَ مِنَ الطَّلَاقِ
فَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً فَهِيَ رَجْعِيَّةٌ وَلَوْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَقَالَتْ قَدِ اخْتَرْتُ نَفْسِي فَإِنْ أَرَادَ
الطَّلَاقَ فَهُوَ الطَّلَاقُ وإن يُرِدْهُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي أَمْرِكِ بِيَدِكِ إِذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إِلَّا أَنْ
تَنْوِيَ ثَلَاثًا فَيَكُونُ ثَلَاثًا
قَالَ وَالْخِيَارُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَإِنْ نَوَاهُ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ أَمْرُكِ بِيَدِكِ مِثْلُ الْخِيَارِ فَإِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ
وَكُلُّ هَؤُلَاءِ التَّمْلِيكُ وَالتَّخْيِيرُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 27
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِلَّا
وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ
وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ هِيَ ثَلَاثٌ وَلَا يُسْأَلُ الزَّوْجُ عَنْ نَفْسِهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا
وَقَالَ إِسْحَاقُ إِذَا مَلَّكَهَا أَمْرَهَا فَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ إِلَّا وَاحِدَةً حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَيَكُونُ
أَمْلَكَ بِهَا
وَقَالَ أَحْمَدُ إِنْ أَنْكَرَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إِذَا رَدَّتِ الْأَمْرَ إِلَى زَوْجِهَا وَلَمْ تَقْضِ بِشَيْءٍ وَلَمْ
يُرِدْ طَلَاقَهَا فَلَا طَلَاقَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
أَمْرَهَا فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ بِهِ إِلَّا أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا وَيَقُولَ لَمْ أُرِدْ إِلَّا وَاحِدَةً فَيَحْلِفُ عَلَى
ذَلِكَ وَيَكُونُ أَمْلَكَ بِهَا مَا كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا وَيَحْلِفَ فَإِنْ نَكَلَ عَنِ
الْيَمِينِ لَزِمَهُ مَا طَلَّقَتْ بِهِ نَفْسَهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلسَّلَفِ أَقْوَالٌ
أَحَدُهَا أَنَّ الْقَضَاءَ مَا قَضَتْ وَلَا تَنْفَعُهُ مُنَاكَرَتُهُ إِيَّاهَا
وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ إِلَى نِيَّتِهِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ وَاحِدَةً كَانَتْ وَاحِدَةً
رَجْعِيَّةً وَلَهُ أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا أَنْ تُوقِعَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لِإِرَادَتِهِ لِلْوَاحِدَةِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا
أَرَادَ إِلَّا وَاحِدَةً
وَالثَّالِثُ أَنَّ طَلَاقَهَا لَا يَكُونُ إِلَّا وَاحِدَةً عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ أَمَلَكُ بِهَا مَا دَامَتْ فِي
عِدَّتِهَا
وَالرَّابِعُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِيَدِ الْمَرْأَةِ طَلَاقُ الرَّجُلِ وَلَيْسَ قَوْلُهَا لِزَوْجِهَا قَدْ طَلَّقْتُ نَفْسِي
مِنْكَ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ قَالَتْ لَهُ أَنْتَ مِنِّي طَالِقٌ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا
وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ رُوِيَ عن بن عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - وعن بن الْمُسَيَّبِ
وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَطَائِفَةٌ
رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ إِذَا جَعَلَ
أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ هِيَ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 25
وعن بن جريج قال أخبرني بن شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
رَبِيعَةَ يَقُولُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ جَعَلَ زَوْجُهَا أَمْرَهَا بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِ وَلِيِّهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثَ
تَطْلِيقَاتٍ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ
وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ إِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً
وَإِنِ اثْنَتَيْنِ فَاثْنَتَيْنِ وَإِنْ ثَلَاثًا فَثَلَاثًا
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عن بن المسيب مثله
وبن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ
فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ قد روي عن بن عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُنَاكَرَةً فَالْجَوَابُ أَنَّ رِوَايَةَ
مَالِكٍ قَدْ فَسَّرَتْ مَا أَجْمَلَ غَيْرُهُ بِقَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا فَيَقُولُ لَمْ أُرِدْ إِلَّا وَاحِدَةً
فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثاني
وأما القول الثالث فقول عمر وبن مَسْعُودٍ
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عن علقمة أو الأسود عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ
جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ امْرَأَتِي بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَتْ لَوْ أَنَّ
الَّذِي بِيَدِكَ مِنْ أَمْرِي بِيَدِي لَعَلِمْتَ كَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ فَإِنَّ الَّذِي بِيَدِي مِنْ أَمْرِكِ بِيَدِكِ
قَالَتْ فَأَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَالَ أَرَاهَا وَاحِدَةً أَنْتَ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا وَسَأَلْقَى
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ ثُمَّ لَقِيَهُ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ فَعَلَ اللَّهُ بِالرِّجَالِ وَفَعَلَ يَعْمَدُونَ
إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي أَيْدِيهِمْ فَيَجْعَلُونَهُ فِي أَيْدِي النِّسَاءِ بِفِيهَا التُّرَابُ مَاذَا قُلْتَ فِيهَا
قَالَ قُلْتُ أَرَاهَا وَاحِدَةً وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا قَالَ وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ وَلَوْ رَأَيْتَ غَيْرَ ذَلِكَ لَرَأَيْتُ
أَنَّكَ لَمْ تُصِبْ
رَوَى الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ
بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثلاثا فسأل عمر عنها بن مَسْعُودٍ مَاذَا تَرَى فِيهَا قَالَ أَرَاهَا
وَاحِدَةً وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا
قَالَ عُمَرُ وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلُ ذلك رواه بن عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ
مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رجل أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا قَالَ
هي واحدة
وأما قول بن عباس وطاوس فروى بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 26
مجاهدا أخبره أن رجلا جاء بن عَبَّاسٍ فَقَالَ مَلَّكْتُ امْرَأَتِي أَمْرَهَا فَطَلَّقَتْنِي ثَلَاثًا قَالَ
خَطَّأَ اللَّهُ نَوْءَهَا إِنَّمَا الطَّلَاقُ لَكَ عليها وليس لها عليك
قال بن جريج وأخبرني بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَقُولُ فِي رَجُلٍ
مَلَّكَ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا أَتَمْلِكُ أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فَقَالَ كَانَ يَقُولُ لَيْسَ إِلَى النِّسَاءِ طَلَاقٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قد روي خبر بن عَبَّاسٍ عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ طَاوُسٌ
وروى بن جريج عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مَلَّكَهَا زَوْجُهَا أَمْرَ نَفْسِهَا فَقَالَتْ
أَنْتَ الطَّلَاقُ وَأَنْتَ الطَّلَاقُ وَأَنْتَ الطَّلَاقُ فقال بن عَبَّاسٍ خَطَّأَ اللَّهُ نَوْءَهَا أَلَا قَالَتْ أَنَا
طَالِقٌ أَنَا طَالِقٌ
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى قَدْ ذَهَبَ إِلَيْهَا طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْمُمَلَّكَةِ قَالُوا إِذَا قَالَتْ
لِزَوْجِهَا أَنْتَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ حَتَّى يَقُولَ أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهَا لِزَوْجِهَا أَنْتَ طَالِقٌ
كَمَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا أَنَا طَالِقٌ مِنْكَ
وَأَمَّا أَقَاوِيلُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ فِي التَّمْلِيكِ
يَقُولُ مَالِكٌ مَا ذَكَرَهُ فِي ((مُوَطَّئِهِ)) مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَمَذْهَبُهُ فِي التَّخَيُّرِ
خِلَافُ مَذْهَبِهِ فِي التَّمْلِيكِ وَيَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَهُنَاكَ نَذْكُرُ مَذَاهِبَ
السَّلَفِ مِنَ الْخِيَارِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ اخْتَارِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ سَوَاءٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ
الزَّوْجُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ الطَّلَاقَ
فَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَهُوَ مَا أَرَادَ مِنَ الطَّلَاقِ
فَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً فَهِيَ رَجْعِيَّةٌ وَلَوْ أَرَادَ الطَّلَاقَ فَقَالَتْ قَدِ اخْتَرْتُ نَفْسِي فَإِنْ أَرَادَ
الطَّلَاقَ فَهُوَ الطَّلَاقُ وإن يُرِدْهُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي أَمْرِكِ بِيَدِكِ إِذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إِلَّا أَنْ
تَنْوِيَ ثَلَاثًا فَيَكُونُ ثَلَاثًا
قَالَ وَالْخِيَارُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَإِنْ نَوَاهُ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ أَمْرُكِ بِيَدِكِ مِثْلُ الْخِيَارِ فَإِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ
وَكُلُّ هَؤُلَاءِ التَّمْلِيكُ وَالتَّخْيِيرُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 27
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِلَّا
وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ
وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ هِيَ ثَلَاثٌ وَلَا يُسْأَلُ الزَّوْجُ عَنْ نَفْسِهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا
وَقَالَ إِسْحَاقُ إِذَا مَلَّكَهَا أَمْرَهَا فَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ إِلَّا وَاحِدَةً حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَيَكُونُ
أَمْلَكَ بِهَا
وَقَالَ أَحْمَدُ إِنْ أَنْكَرَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إِذَا رَدَّتِ الْأَمْرَ إِلَى زَوْجِهَا وَلَمْ تَقْضِ بِشَيْءٍ وَلَمْ
يُرِدْ طَلَاقَهَا فَلَا طَلَاقَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
عدد المشاهدات *:
623194
623194
عدد مرات التنزيل *:
108677
108677
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018