وَمِثْلُهُ أَيْضًا حَدِيثُ مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَجَاءَهُ صَائِغٌ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي أَصُوغُ الذَّهَبَ ثُمَّ أَبِيعُ الشَّيْءَ مِنْ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ فَأَسْتَفْضِلُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ عَمَلِ يَدِي فَنَهَاهُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ فَجَعَلَ الصَّائِغُ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ يَنْهَاهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ إِلَى دَابَّةٍ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَهَا ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا هَذَا عَهْدُ نَبِيِّنَا إِلَيْنَا وَعَهْدُنَا إِلَيْكُمْ ألا ترى أن بن عُمَرَ جَعَلَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ)) بِمَا فُهِمَ مِنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 349 مَخْرَجِهِ كَالْمَصُوغِ بِالدَّنَانِيرِ وَأَرْسَلَهُ حُجَّةً عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ إِنَّهُ عَهْدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا حَدِيثُ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كَانَ حُجَّةً بَالِغَةً لِثُبُوتِهِ وَبَيَانِهِ وَقَدْ رَوَاهُ بن عمر عن أبي سعيد الخدري ومع بن عُمَرَ كَانَ نَافِعٌ إِذْ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ نَافِعٍ قَالَ دخلت مع بن عُمَرَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ بِطُرُقِهِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَفِيهِ تَحْرِيمُ الشُّفُوفِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ بِالْوَرِقِ وَكَذَلِكَ يَقْتَضِي قَلِيلُ الزِّيَادَةِ وَكَثِيرُهَا وَأَمَّا قوله فيه ولا يباع منها غَائِبٌ بِنَاجِزٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنْ مَعْنَاهُ فِي تَعَاطِي الدَّنَانِيرِ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَسَنُذْكُرُهُ فِي بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ بِطَعَامٍ لِأَنَّ فِيهِ الْقَوْلَ فِي تَقَاضِي الطَّعَامِ وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي الدَّيْنَيْنِ يُصَارِفُ عَلَيْهِمَا فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ دَرَاهِمُ وَعَلَى الْآخَرِ دَنَانِيرُ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ بِمَا عَلَى الْآخَرِ من الافتراق وإن كانا لم يفترقا وهو قول بن الْقَاسِمِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ فِي الْحَالِ وَفِي غَيْرِ الْحَالِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ لَا يَجُوزُ فِي الْحَالِ وَلَا فِي غَيْرِ الْحَالِ لِأَنَّهُ غَائِبٌ بِغَائِبٍ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ غَائِبٌ بِنَاجِزٍ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ غَائِبًا بِغَائِبٍ وهو قول بن وهب وبن كِنَانَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ مثل قول مالك وبن الْقَاسِمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا اجْتَمَعَ الْمُتَصَارِفَانِ فَالذِّمَمُ كَالْعَيْنِ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا وَقَدْ تَفَاضَلَا فِي صَرْفِهَا ذَلِكَ يَشْهَدُ لَهُ حَدِيثُ بن عُمَرَ كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَآخُذُ مِنَ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ الْحَدِيثُ نَذْكُرُهُ عِنْدَ ذِكْرِنَا تَقَاضِي الطَّعَامِ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل ومن معنى حديث بن عُمَرَ عَنِ الصَّائِغِ مَسْأَلَةٌ رَوَاهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ سَوَاءٌ مُنْكَرَةٌ لَا يَقُولُ بِهَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءَ الْمُسْلِمِينَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 350 وَقَدْ رُوِيَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنْ مَالِكٍ فِي التَّاجِرِ يَحْفِزُهُ الْخُرُوجُ وَبِهِ حَاجَةٌ إِلَى دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ أَوْ دَنَانِيرَ مَضْرُوبَةٍ فَيَأْتِي دَارَ الضَّرْبِ بِفِضَّتِهِ أَوْ ذَهَبِهِ فَيَقُولُ لِلضَّرَّابِ خُذْ فِضَّتِي هَذِهِ أَوْ ذَهَبِي وَخُذْ قَدْرَ عَمَلِ يَدِكَ وَادْفَعْ إِلَيَّ دَنَانِيرَ مَضْرُوبَةً فِي ذَهَبِي أَوْ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةً فِي فِضَّتِي هَذِهِ لِأَنِّي مَحْفُوزٌ لِلْخُرُوجِ وَأَخَافُ أَنْ يَفُوتَنِي مَنْ أَخْرَجُ مَعَهُ قَالَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ لِضَرُورَةِ خُرُوجِ الدُّفْعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَأَرْجُو أَلَّا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ سُحْنُونٌ عن بن الْقَاسِمِ أَرَاهُ خَفِيفًا لِلْمُضْطَرِّ وَلِذِي الْحَاجَةِ وَقَالَ بن وَهْبٍ وَذَلِكَ رِبًا فَلَا يَحِلُّ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ لَا يَصْلُحُ هَذَا وَلَا يُعْجِزُنِي وَقَالَ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ رِبًا لِأَنَّهُ أَعْطَى فِي الْمَضْرُوبِ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِ الْفِضَّةَ وَمَنِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى وَفِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ((أَرْبَيْتُمَا فَرُدَّا)) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ الْحَرَامَ مَرْدُودٌ أَبَدًا فَإِنْ فَاتَ رَجَعَ فِيهِ إِلَى الْقِيمَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عدد المشاهدات *: 789153 عدد مرات التنزيل *: 120420 حجم الخط : 10 12 14 16 18 20 22 24 26 28 30 32 * : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة - تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018 الكتب العلمية