اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الجمعة 18 شوال 1445 هجرية
????? ????????? ???????????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????????????? ??? ???????? ???? ??? ???? ????? ?????? ???????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

شعارات المحجة البيضاء

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
الأداب و مكارم الأخلاق
كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي
الْبَابُ الْخَامِسُ أَدَبُ النَّفْسِ :آدَابُ الْمُوَاضَعَةِ وَالاصْطِلاَحِ:الْفَصْلُ الْخَامِسُ:فِي الْمِزَاحِ وَالضَّحِكِ
الكتب العلمية

بسم الله الرحمن الرحيم

َ

الْفَصْلُ الْخَامِسُ:فِي الْمِزَاحِ وَالضَّحِكِ

اعْلَمْ أَنَّ لِلْمِزَاحِ إزَاحَةً عَنْ الْحُقُوقِ، وَمَخْرَجًا إلَى الْقَطِيعَةِ وَالْعُقُوقِ، يَصِمُ الْمَازِحَ وَيُؤْذِي الْمُمَازَحَ. فَوَصْمَةُ الْمَازِحِ أَنْ يُذْهِبَ عَنْهُ الْهَيْبَةَ وَالْبَهَاءَ، وَيُجْرِيَ عَلَيْهِ الْغَوْغَاءَ وَالسُّفَهَاءَ. وَأَمَّا أَذِيَّةُ الْمُمَازِحِ فَلِأَنَّهُ مَعْقُوقٌ بِقَوْلٍ كَرِيهٍ وَفِعْلٍ مُمْضٍ إنْ أَمْسَكَ عَنْهُ أَحْزَنَ قَلْبَهُ، وَإِنْ قَابَلَ عَلَيْهِ جَانَبَ أَدَبَهُ. فَحُقَّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَتَّقِيَهُ وَيُنَزِّهَ نَفْسَهُ عَنْ وَصْمَةِ مَسَاوِئِهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: {الْمِزَاحُ اسْتِدْرَاجٌ مِنْ الشَّيْطَانِ وَاخْتِدَاعٌ مِنْ الْهَوَى}. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: اتَّقُوا الْمِزَاحَ فَإِنَّهَا حِمْقَةٌ تُورِثُ ضَغِينَةً. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إنَّمَا الْمِزَاحُ سِبَابٌ الا أَنَّ صَاحِبَهُ يُضْحِكُ. وَقِيلَ: إنَّمَا سُمِّيَ الْمِزَاحُ مِزَاحًا لِأَنَّهُ يُزِيحُ عَنْ الْحَقِّ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: الْمِزَاحُ مِنْ سُخْفٍ أَوْ بَطَرٍ. وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: الْمِزَاحُ يَأْكُلُ الْهَيْبَةَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ.

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ كَثُرَ مِزَاحُهُ زَالَتْ هَيْبَتُهُ، وَمَنْ ذَكَرَ خِلاَفَهُ طَابَتْ غَيْبَتُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: مَنْ قَلَّ عَقْلُهُ كَثُرَ هَزْلُهُ. وَذَكَرَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ الْمِزَاحَ فَقَالَ: يَصُكُّ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ بِأَشَدَّ مِنْ الْجَنْدَلِ، وَيُنْشِقُهُ أَحْرَقَ مِنْ الْخَرْدَلِ، وَيُفْرِغُ عَلَيْهِ أَحَرَّ مِنْ الْمِرْجَلِ، ثُمَّ يَقُولُ: إنَّمَا كُنْتُ أُمَازِحُك.

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: خَيْرُ الْمِزَاحِ لاَ يُنَالُ، وَشَرُّهُ لاَ يُقَالُ. فَنَظَمَهُ النَّيْسَابُورِيُّ فِي قَصِيدَتِهِ الْجَامِعَةِ لِلْآدَابِ فَقَالَ وَزَادَ: شَرُّ مِزَاحِ الْمَرْءِ لاَ يُقَالُ وَخَيْرُهُ يَا صَاحِ لاَ يُنَالُ وَقَدْ يُقَالُ كَثْرَةُ الْمِزَاحِ مِنْ الْفَتَى تَدْعُو إلَى التَّلاَحِ إنَّ الْمِزَاحَ بَدْؤُهُ حَلاَوَهْ لَكِنَّمَا آخِرُهُ عَدَاوَهْ يَحْتَدُّ مِنْهُ الرَّجُلُ الشَّرِيفُ وَيَجْتَرِي بِسُخْفِهِ السَّخِيفُ وَقَالَ أَبُو نُوَاسٍ: خَلِّ جَنْبَيْك لِرَامٍ وَامْضِ عَنْهُ بِسَلاَمِ مُتْ بِدَاءِ الصَّمْتِ خَيْرٌ لَك مِنْ دَاءِ الْكَلاَمِ إنَّمَا السَّالِمُ مَنْ أَلْجَمَ فَاهُ بِلِجَامِ رُبَّمَا اسْتَفْتَحَ بِالْمَزْحِ مَغَالِيقَ الْحِمَامِ وَالْمَنَايَا آكِلاَتٌ شَارِبَاتٌ لِلْأَنَامِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَلَّمَا يَعْرَى مِنْ الْمِزَاحِ مَنْ كَانَ سَهْلًا فَالْعَاقِلُ يَتَوَخَّى بِمِزَاحِهِ إحْدَى حَالَتَيْنِ لاَ ثَالِثَ لَهُمَا: إحْدَاهُمَا: إينَاسُ الْمُصَاحِبِينَ وَالتَّوَدُّدُ إلَى الْمُخَالِطِينَ. وَهَذَا يَكُونُ بِمَا أَنِسَ مِنْ جَمِيلِ الْقَوْلِ، وَبُسِطَ مِنْ مُسْتَحْسَنِ الْفِعْلِ. وَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ لِابْنِهِ: اقْتَصِدْ فِي مِزَاحِك فَإِنَّ الافْرَاطَ فِيهِ يُذْهِبُ الْبَهَاءَ، وَيُجَرِّئُ عَلَيْك السُّفَهَاءَ، وَإِنَّ التَّقْصِيرَ فِيهِ يَفُضُّ عَنْك الْمُؤَانِسِينَ، وَيُوحِشُ مِنْك الْمُصَاحِبِينَ. وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَنْفِيَ بِالْمِزَاحِ مَا طَرَأَ عَلَيْهِ مِنْ سَأَمٍ، وَأَحْدَثَ بِهِ مِنْ هَمٍّ. فَقَدْ قِيلَ: لاَ بُدَّ لِلْمَصْدُورِ أَنْ يَنْفُثَ.

وَأَنْشَدْت لِأَبِي الْفَتْحِ الْبُسْتِيِّ: أَفْدِ طَبْعَك الْمَكْدُودَ بِالْجِدِّ رَاحَةً يُجَمُّ وَعَلِّلْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَزْحِ وَلَكِنْ إذَا أَعْطَيْتَهُ الْمَزْحَ فَلْيَكُنْ بِمِقْدَارِ مَا تُعْطِي الطَّعَامَ مِنْ الْمِلْحِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْزَحُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: {إنِّي لاَمْزَحُ وَلاَ أَقُولُ الا حَقًّا}. فَمِنْ مِزَاحِهِ صلى الله عليه وسلم مَا رُوِيَ {أَنَّ عَجُوزًا مِنْ الانْصَارِ أَتَتْهُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَدْعُ لِي بِالْمَغْفِرَةِ. فَقَالَ: أَمَا عَلِمْت أَنَّ الْجَنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا الْعَجَائِزُ، فَصَرَخَتْ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: أَمَا قَرَأْت قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا}}. {وَأَتَتْهُ أُخْرَى فِي حَاجَةٍ لِزَوْجِهَا فَقَالَ لَهَا: وَمَنْ زَوْجُك ؟ فَقَالَتْ: فُلاَنٌ. فَقَالَ لَهَا: الَّذِي فِي عَيْنِهِ بَيَاضٌ ؟ فَقَالَتْ: لاَ. فَقَالَ: بَلَى. فَانْصَرَفَتْ عَجْلَى إلَى زَوْجِهَا وَجَعَلَتْ تَتَأَمَّلُ عَيْنَيْهِ فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُك ؟ فَقَالَتْ: أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ فِي عَيْنَيْك بَيَاضًا. فَقَالَ: أَمَّا تَرَيْنَ بَيَاضَ عَيْنَيَّ أَكْثَرَ مِنْ سَوَادِهَا،}.

وَأَتَى رَجُلٌ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَقَالَ: إنِّي احْتَلَمْتُ عَلَى أُمِّي. فَقَالَ: أَقِيمُوهُ فِي الشَّمْسِ وَاضْرِبُوا ظِلَّهُ الْحَدَّ. وَسُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الشَّيْطَانِ فَقَالَ: نَحْنُ نَرْضَى مِنْهُ بِالْكَفَافِ. وَقِيلَ لَهُ: مَا اسْمُ امْرَأَةِ إبْلِيسَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - ؟ فَقَالَ: ذَاكَ نِكَاحٌ مَا شَهِدْنَاهُ. وَقَالَ رَجُلٌ لِغُلاَمٍ: بِكَمْ تَعْمَلُ مَعِي ؟ قَالَ: بِطَعَامِي. فَقَالَ لَهُ: أَحْسِنْ قَلِيلًا. قَالَ: فَأَصُومُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي صَالِحِ بْنِ حَسَّانَ، وَكَانَ مُحَدِّثًا، أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ: أَفْقَهُ النَّاسِ وَضَّاحُ الْيَمَنِ فِي قَوْلِهِ: إذَا قُلْت هَاتِي نَوِّلِينِي تَبَرَّمَتْ وَقَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ فِعْلِ مَا حَرُمْ فَمَا نَوَّلَتْ حَتَّى تَضَرَّعْتُ عِنْدَهَا وَأَنْبَأْتُهَا مَا رَخَّصَ اللَّهُ فِي اللَّمَمْ فَأَمَّا الْخُرُوجُ إلَى حَدِّ الْخَلاَعَةِ فَهُجْنَةٌ وَمَذَمَّةٌ، كَاَلَّذِي حُكِيَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ، وَكَانَ مُحَدِّثًا، أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمًا إلَى أَصْحَابِهِ وَهُوَ يَقُولُ: وَإِذَا الْمَعِدَةُ جَاشَتْ فَارْمِهَا بِالْمَنْجَنِيقِ بِثَلاَثٍ مِنْ نَبِيذٍ لَيْسَ بِالْحُلْوِ الرَّقِيقِ أَمَا تَرَى كَيْفَ طَرَقَ بِخَلاَعَتِهِ التُّهْمَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِهَذَا الْمَزْحِ فِيمَا لَعَلَّهُ بَرِيءٌ مِنْهُ، وَبَعِيدٌ عَنْهُ.

وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مُسْتَرْسِلًا فِي مِزَاحِهِ. رَوَى ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ أَنَّ مَرْوَانَ رُبَّمَا كَانَ يَسْتَخْلِفُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ فَيَرْكَبُ حِمَارًا قَدْ شَدَّ عَلَيْهِ بَرْذَعَةً فَيَسِيرُ فَيَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: الطَّرِيقُ قَدْ جَاءَ الامِيرُ. وَرُبَّمَا أَتَى الصِّبْيَانَ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لُعْبَةَ الاعْرَابِ فَلاَ يَشْعُرُونَ حَتَّى يُلْقِيَ نَفْسَهُ بَيْنَهُمْ وَيَضْرِبَ بِرِجْلِهِ فَيَفْزَعُ الصِّبْيَانُ فَيَنْفِرُونَ، وَهَذَا خُرُوجٌ عَنْ الْقَدْرِ الْمُسْتَسْمَحِ بِهِ وَيُوشِكُ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الْفِعْلِ مِنْهُ تَأْوِيلٌ سَائِغٌ. وَقَدْ {كَانَ صُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ مَزَّاحًا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَتَأْكُلُ تَمْرًا وَبِك رَمَدٌ ؟ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّمَا أَمْضُغُ عَلَى النَّاحِيَةِ الاخْرَى}. وَإِنَّمَا اسْتَجَازَ صُهَيْبٌ أَنْ يُعَرِّضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَزْحِ فِي جَوَابِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِخْبَارَهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ يَتَضَمَّنُ الْمَزْحَ، فَأَجَابَهُ عَنْ اسْتِخْبَارِهِ بِمَا يُوَافِقُهُ مُسَاعِدَةً لِغَرَضِهِ، وَتَقَرُّبًا مِنْ قَلْبِهِ، وَالا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ جَوَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَزْحًا؛ لِأَنَّ الْمَزْحَ هَزْلٌ، وَمَنْ جَعَلَ جَوَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُبَيِّنِ عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحْكَامَهُ، الْمُؤَدِّي إلَى خَلْقِهِ أَوَامِرَهُ، هَزْلًا وَمَزْحًا فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَصُهَيْبٌ كَانَ أَطَوْعَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ أَنْ يَكُونَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ. فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم: {أَنَا سَابِقُ الْعَرَبِ، وَصُهَيْبٌ سَابِقُ الرُّومَ، وَسَلْمَانُ سَابِقُ الْفُرْسَ، وَبِلاَلٌ سَابِقُ الْحَبَشِ}. وَمِنْ مُسْتَحْسَنِ الْمَزْحِ وَمُسْتَسْمَحِ الدُّعَابَةِ مَا حَكَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ الْكِنْدِيِّ أَنَّ الْقُشَيْرِيَّ وَقَفَ عَلَى شَيْخٍ مِنْ الاعْرَابِ فَقَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ مِمَّنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ: مِنْ عَقِيلٍ. قَالَ: مِنْ أَيِّ عَقِيلٍ ؟ قَالَ: مِنْ بَنِي خَفَاجَةَ. فَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ: رَأَيْت شَيْخًا مِنْ بَنِي خَفَاجَةَ. فَقَالَ الاعْرَابِيُّ: مَا شَأْنُهُ ؟ قَالَ: لَهُ إذَا جَنَّ الظَّلاَمُ حَاجَةٌ. فَقَالَ الاعْرَابِيُّ: مَا هِيَ ؟ قَالَ: كَحَاجَةِ الدِّيكِ إلَى الدَّجَاجَةِ. فَاسْتَعْبَرَ الاعْرَابِيُّ ضَاحِكًا، وَقَالَ: - قَاتَلَك اللَّهُ - مَا أَعْرَفَك بِسَرَائِرِ الْقَوْمِ. فَانْظُرْ كَيْفَ بَلَغَ بِهَذَا الْمَزْحَ غَايَتَهُ، وَلِسَانُهُ نَزِهٌ، وَعِرْضُهُ مَصُونٌ.

وَهَذَا غَايَةُ مَا يَتَسَامَحُ بِهِ الْفُضَلاَءُ مِنْ الْخَلاَعَةِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَكْرَهَ الْفَحْوَى وَالنَّزَاهَةُ عَنْ مِثْلِهِ أَوْلَى. وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَسْتَرْسِلَ فِي مُمَازَحَةِ عَدُوٍّ فَيَجْعَلَ لَهُ طَرِيقًا إلَى إعْلاَنِ الْمَسَاوِئِ وَهُوَ مُجِدٌّ، وَيُفْسِحَ لَهُ فِي التَّشَفِّي مَزْحًا وَهُوَ مُحِقٌّ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إذَا مَازَحْت عَدُوَّك ظَهَرَتْ لَهُ عُيُوبُك. وَأَمَّا الضَّحِكُ فَإِنَّ اعْتِيَادَهُ شَاغِلٌ عَنْ النَّظَرِ فِي الامُورِ الْمُهِمَّةِ، مُذْهِلٌ عَنْ الْفِكْرِ فِي النَّوَائِبِ الْمُلِمَّةِ. وَلَيْسَ لِمَنْ أَكْثَرَ مِنْهُ هَيْبَةٌ وَلاَ وَقَارٌ، وَلاَ لِمَنْ وُصِمَ بِهِ خَطَرٌ وَلاَ مِقْدَارٌ. رَوَى أَبُو إدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيُّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {إيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيُذْهِبُ بِنُورِ الْوَجْهِ}. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قوله تعالى: {مَا لِهَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً الا أَحْصَاهَا} إنَّ الصَّغِيرَةَ الضَّحِكُ.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: مَنْ كَثُرَ ضَحِكُهُ قَلَّتْ هَيْبَتُهُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: إذَا ضَحِكَ الْعَالِمُ ضِحْكَةً مَجَّ مِنْ الْعِلْمِ مَجَّةً. وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: ضِحْكَةُ الْمُؤْمِنِ غَفْلَةٌ مِنْ قَلْبِهِ. وَالْقَوْلُ فِي الضَّحِكِ كَالْقَوْلِ فِي الْمِزَاحِ إنْ تَجَافَاهُ الانْسَانُ نَفَرَ عَنْهُ وَأَوْحَشَ مِنْهُ، وَإِنْ أَلِفَهُ كَانَتْ حَالُهُ مَا وَصَفْنَا. فَلْيَكُنْ بَدَلُ الضَّحِكِ عِنْدَ الاينَاسِ تَبَسُّمًا. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: التَّبَسُّمُ دُعَابَةٌ. وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الاينَاسِ مِنْ الضَّحِكِ الَّذِي هُوَ قَدْ يَكُونُ اسْتِهْزَاءً وَتَعَجُّبًا. وَلَيْسَ يُنْكَرُ مِنْهُ الْمَرَّةَ النَّادِرَةَ لِطَارِئٍ اسْتَغْفَلَ النَّفْسَ عَنْ دَفْعِهِ. هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَمْلَكُ الْخَلْقِ لِنَفْسِهِ، قَدْ تَبَسَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.


عدد المشاهدات *:
471687
عدد مرات التنزيل *:
94838
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 13/05/2007 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 13/05/2007

الكتب العلمية

روابط تنزيل : الْبَابُ الْخَامِسُ أَدَبُ النَّفْسِ :آدَابُ الْمُوَاضَعَةِ وَالاصْطِلاَحِ:الْفَصْلُ الْخَامِسُ:فِي الْمِزَاحِ وَالضَّحِكِ
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  الْبَابُ الْخَامِسُ أَدَبُ النَّفْسِ :آدَابُ الْمُوَاضَعَةِ وَالاصْطِلاَحِ:الْفَصْلُ الْخَامِسُ:فِي الْمِزَاحِ وَالضَّحِكِ لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
الكتب العلمية


@designer
1