اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الجمعة 19 رمضان 1445 هجرية
???? ??????? ?????? ???????? ??? ???????? ???? ??? ???? ????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ???????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

زواج

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
علوم القرآن الكريم
الإتقان في علوم القرآن لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي
النوع السادس والخمسون في الإيجاز والإطناب أ
الكتب العلمية
اعلم أنهما من أعظم أنواع البلاغة حتى نقل صاحب سر الفصاحة عن بعضهم أنه قال‏:‏ اللغة هي الإيجاز والإطناب‏.‏
قال صاحب الكشاف‏:‏ كما أنه يجب على البليغ في مظان الإجمال أن يجمل ويوجز فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل أن يفصل ويشبع أنشد الجاحظ‏:‏ يرمون بالخطب الطوال وتارة وحي المال حظ خيفة الرقباء واختلف هل بين الإيجاز والإطناب واسطة وهي المساواة أولا وهي داخلة في قسم الإيجاز‏.‏فالسكاكي وجماعة على الأول لكنهم جعلوا المساواة غير محمودة ولا مذمومة لأنهم فسروها بالمتعارف من كلام أوساط الناس الذين ليسوا في رتبة البلاغة وفسروا الإيجاز بأداء المقصود بأقل من عبارة المتعارف والإطناب أداؤه بأكثر منها لكون المقام خليقًا بالبسط‏.‏
وابن الأثير وجماعة على الثاني فقالوا‏:‏ الإيجاز التعبير عن المراد بلفظ غير زائد والإطناب بلفظ أزيد‏.‏
وقال القزويني‏:‏ الأقرب أن يقال‏:‏ إن المنقول من طرق التعبير عن المراد تأدية أصله إما بلفظ مساوللأصل المراد أوناقص عنه واف أوزائد عليه لفائدة‏.‏
والأول المساواة والثاني الإيجاز والثالث الإطناب‏.‏واحترز بواف عن الإخلال وبقولنا لفائدة عن الحشووالتطويل فعنده ثبوت المساواة واسطة وأنها من قسم المقبول‏.‏
فإن قلت‏:‏ عدم ذكرك المساواة في الترجمة لماذا هل هولرجحان نفيها أوعدم قبولها أولأمر غير ذلك قلت‏:‏ لهما ولأمر ثالث وهوا المساواة لا تكاد توجد خصوصًا في القرآن وقد مثل لها في التلخيص بقوله تعالى ‏{‏ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله‏}‏ وفي الإيضاح بقوله ‏{‏وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا‏}‏ وتعقب بأن في الآية الثانية حذف موصوف الذين وفي الأولى إطناب بلفظ السيء لأن المكر لا يكون إلا سيئًا وإيجاز بالحذف إن كان الاستثناء غير مفرغ‏:‏ أي بأحد وبالقصر في الاستثناء وبكونها حادثة على كف الأذى عن جميع الناس محذرة عن جميع ما يؤدي إليه وبأن تقديرها يضر بصاحبه مضرة بليغة فأخرج الكلام مخرج الاستعارة التبعية الواقعة على سبيل التمثيل لأن يحيق بمعنى يحيط فلا يستعمل إلا في الأجسام‏.‏
تنبيه الإيجاز والاختصار بمعنى واحد كما يؤخذ من المفتاح وصرح به الطيبي‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ الاختصار خاص بحذف الجمل فقط بخلاف الإيجاز‏.‏
قال الشيخ بهاء الدين‏:‏ وليس بشيء‏.‏
والإطناب قيل بمعنى الإسهاب والحق أنه أخص منه فإن الإسهاب التطويل لفائدة أولا لفائدة ذكره التنوخي وغيره‏.‏
فصل الإيجاز قسمان‏:‏ إيجاز قصر وإيجاز حذف‏.‏
فالأول هو الوجيز بلفظه‏.‏
قال الشيخ بهاء الدين‏:‏ الكلام القليل إن كان بعضًا من كلام أطول منه فهوأجاز حذف وإن كان كلامًا يعطي معنى أطول منه فهوإيجاز قصر‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ إيجاز القصر هوتكثير المعنى بتقليل اللفظ‏.‏
وقال آخر‏:‏ هوأن يكون اللفظ بالنسبة إلى المعنى أقل من القدر المعهود عادة وسبب حسنه أنه يدل على التمكن في الفصاحة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم أوتيت جوامع الكلم وقال الطيبي في التبيان‏:‏ الإيجاز الخالي من الحذف ثلاثة أقسام أحدها‏:‏ إيجاز القصر وهوأن تقصر اللفظ على معناه كقوله ‏{‏إنه من سليمان‏}‏ إلى قوله ‏{‏وائتوني مسلمين‏}‏ جمع في أحرف العنوان والكتاب والحاجة‏.‏
وقيل في وصف بليغ‏:‏ كانت ألفاظه قوالب معناه‏.‏
قلت‏:‏ وهذا رأي من يدخل المساواة في الإيجاز‏.‏
الثاني‏:‏ إيجاز التقدير وهوأن يقدر معنى زائد على المنطوق ويسمى بالتضييق أيضًا وبه سماه بدر الدين بن مالك في المصباح لأنه نقص من كلام ما صار لفظه أضيق من قدر معناه نحو فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف أي خطاياه غفرت فهي له لا عليه هدى للمتقين أي الضالين الصائرين بعد الضلال إلى التقوى‏.‏
الثالث‏:‏ الإيجاز الجامع وهوأن يحتوي اللفظ على معان متعددة نحو ‏{‏إن الله يأمر بالعدل والإحسان‏}‏ الآية فإن العدل هو الصراط المستقيم المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط المومى به إلى جميع الواجبات في الاعتقاد والأخلاق والعبودية‏.‏
والإحسان هو الإخلاص في واجبات العبودية لتفسيره في الحديث بقوله أن تعبد الله كأنك تراه أي تعبده مخلصًا في نيتك وواقفًا في الخضوع آخذا أهبة الحذر إلى ما لا يحصى ‏{‏وإيتاء ذي القربى‏}‏ هو الزيادة على الواجب من النوافل هذا في الأوامر وأما النواهي فبالفحشاء الإشارة إلى القوة الشهوانية وبالمنكر إلى الإفراط الحاصل من آثار الغضبية أوكل محرم شرعًا وبالبغي إلى الاستعلاء الفائض عن الوهمية‏.‏
قلت‏:‏ ولهذا قال ابن مسعود‏:‏ ما في القرآن آية أجمع للخير والشر من هذه الآية أخرجه في المستدرك‏.‏
وروى البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن أنه قرأها يومًا ثم وقف فقال‏:‏ إن الله جمع لكم الخير كله والشر كله في آية واحدة فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئًا إلا جمعه ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئًا إلا جمعه‏.‏
وروى أيضًا عن ابن شهاب في معنى حديث الشيخين بعثت بجوامع الكلم قال‏:‏ بلغني أن جوامع الكلم أن الله يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين ونحوذلك ومن ذلك قوله تعالى ‏{‏خذ العفو‏}‏ الآية فإنها جامعة لمكارم الأخلاق لأن في أخذ العفوالتساهل والتسامح في الحقوق واللين والرفق في الدعاء إلى الدين وفي الأمر بالمعروف كف الأذى وغض البصر وما شاكلهما من المحرمات وفي الإعراض بالصبر والحلم والتؤدة‏.‏
ومن بديع الإيجاز قوله تعالى ‏{‏قل هو الله أحد‏}‏ إلى آخرها فإنه نهاية التنزيه وقد تضمنت الرد على نحوأربعين فرقة كما أفرد ذلك بالتصنيف بهاء الدين بن شداد‏.‏
وقوله ‏{‏أخرج منها ماءها ومرعاها‏}‏ دل بهاتين الكلمتين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتًا ومتاعًا للأنام من العشب والشجر والحب والثمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح لأن النار من العيدان والملح من الماء‏.‏
وقوله ‏{‏لا يصدعون عنها ولا ينزفون‏}‏ جمع فيه جميع عيوب الخمر من الصداع وعدم العقل وذهاب المال ونفاذ الشراب‏.‏
وقوله ‏{‏وقيل يا أرض ابلعي ماءك‏}‏ الآية أمر فيها ونهى وأخبر ونادى ونعت وسمى وأهلك وأبقى وأسعد وأشقى وقص من الأنباء ما لوشرح ما ندرج في هذه الجملة من بديع اللفظ والبلاغة والإيجاز والبيان لجفت الأقلام وقد أفردت بلاغة هذه الآية بالتأليف‏.‏
وفي العجائب للكرماني‏:‏ أجمع المعاندون على أن طوق البشر قاصر عن الإتيان بمثل هذه الآية بعد أن فتشوا جميع كلام العرب والعجم فلم يجدوا مثلها في فخامة ألفاظها وحسن نظمها وجودة معانيها في تصوير الحال مع الإيجاز من غير إخلال
وقوله تعالى ‏{‏يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم‏}‏ الآية جمع في هذه اللفظة أحد عشر جنسًا من الكلام‏:‏ نادت وكنت ونبهت وسمعت وأمرت وقصت وحذرت وخصت وعمت وأشارت وعذرت‏.‏
فالنداء يا والكناية‏:‏ أيّ والتنبيه ها والتسمية النمل والأمر ادخلوا والقصص مساكنكم والتحذير لا يحطمنكم والتخصيص سليمان والتعميم جنوده والإشارة وهم والعذر لا يشعرون فأدت خمس حقوق‏:‏ حق الله وحق رسوله وحقها وحق رعيتها وحق جنود سليمان‏.‏
وقوله ‏{‏يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد‏}‏ الآية جمع فيها أصول الكلام‏:‏ النداء والعموم والخصوص والأمر والإباحة والنهي والخبر‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ جمع الله الحكمة في شطر آية كلوا واشربوا ولا تسرفوا وقوله تعالى ‏{‏وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه‏}‏ الآية قال ابن العربي‏:‏ هي من أعظم آي في القرآن فصاحة إذ فيها أمران ونهيان وخبران وبشارتان‏.‏
وقوله ‏{‏فاصدع بما تؤمر} قال ابن أبي الأصبع‏:‏ المعنى صرح بجميع ما أوحى إليك وبلغ كل ما أمرت ببيانه وإن شق بعض ذلك على بعض القلوب فانصدعت والمشابة بينهما فيما يؤثره التصريح في القلوب فيظهر أثر ذلك على ظاهر الوجوه من القبض والانبساط ويلوح عليها من علامات الإنكار والاستبشار كما يظهر على ظاهر الزجاجة المصدوعة فانظر إلى جليل هذه الاستعارة وعظم إيجازها وما انطوت عليه من المعاني الكثيرة‏.‏
وقد حكى أن بعض الأعراب لما سمع هذه الآية سجد وقال‏:‏ سجدت لفصاحة هذا الكلام أه‏.‏
وقوله تعالى وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين قال بعضهم‏:‏ جمع بهاتين اللفظتين ما لواجتمع الخلق كلهم على وصف ما فيها على التفصيل لم يخرجوا عنه
وقوله تعالى ‏{‏ولكم في القصاص حياة‏}‏ فإن معناه كثير ولفظه قليل لأن معناه أن الإنسان إذا علم أنه متى قتل قتل كان ذلك داعيًا إلى أن لا يقدم على القتل فارتفع بالقتل الذي هو القصاص كثير من قتل الناس بعضهم لبعض وكان ارتفاع القتل حياة لهم‏.‏
وقد فضلت هذه الجملة على أوجز ما كان عند العرب في هذا المعنى وهوقولهم‏:‏ القتل أنفى للقتل بعشرين وجهًا أوأكثر‏.‏
وقد أشار ابن الأثير إلى إنكار هذا التفضيل وقال‏:‏ لا تشبيه بين كلام الخالق وكلام المخلوق وإنما العلماء يقدحون أذهانهم فيما يظهر لهم من ذلك‏.‏
الأول‏:‏ أن ما يناظره من كلامهم وهوقولهم القصاص حياة أقل حروفًا فإن حروفه عشرة وحروف القتل أنفى للقتل أربعة عشر‏.‏
الثاني‏:‏ أن نفي القتل لا يستلزم الحياة والآية ناصة على ثبوت التي هي الغرض المطلوب منه‏.‏
الثالث‏:‏ أن تنكير حياة يفيد تعظيمًا فيدل على أن في القصاص حياة متطاولة كقوله تعالى ‏{‏ولتجدنهم أحرص الناس على حياة‏}‏ ولا كذلك المثل فإن اللام فيها للجنس ولذا فسروا الحياة فيها بالبقاء‏.‏
الرابع‏:‏ أ الآية فيها مطردة بخلاف المثل فإنه ليس كل قتل أنفى للقتل بل قد يكون أدعى له وهوالقتل ظلمًا وإنما ينفيه قتل خاص وهوالقصاص ففيه حياة أبدًا‏.‏
الخامس‏:‏ أن الآية خالية من تكرار لفظ القتل الواقع في المثل والخالي من التكرار أفضل من المشتمل عليه وإن لم يكن مخلًا بالفصاحة‏.‏
السادس‏:‏ أن الآية مستغنية عن تقدير محذوف بخلاف قولهم فإن فيه حذف من التي بعد أفعل التفضيل وما بعدها وحذف قصاصًا مع القتل الأول وظلمًا مع القتل الثاني والتقدير‏:‏ القتل قصاصًا أنفى للقتل ظلمًا من تركه‏.‏
السابع‏:‏ أن في الآية طباقًا لأن القصاص يشعر بضد الحياة بخلاف المثل‏.‏
الثامن‏:‏ أن الآية اشتملت على فن بديع وهوجعل أحد الضدين الذي هو الفناء والموت محلًا ومكانًا لضده الذي هو الحياة واستقرار الحياة في الموت مبالغة عظيمة ذكره في الكشاف وعبر عنه صاحب الإيضاح بأنه جعل القصاص كالمنبع للحياة والمعدن لها بإدخال في عليه‏.‏
التاسع‏:‏ أن في المثل توالي أسباب كثيرة خفيفة وهوالسكون بعد الحركة وذلك مستكره فإن اللفظ المنطوق به إذا توالت حركاته تمكن اللسان من النطق به وظهرت بذلك فصاحته بخلاف ما إذا تعقب كل حركة سكون فالحركات تنقطع بالسكنات نظيره إذا تحركت الدابة أدنى حركة فحبست ثم تحركت فحبست لا تطيق إطلاقها ولا تتمكن من حركتها على ما تختاره فهي كالمقيدة‏.‏
العاشر‏:‏ أن المثل كالتناقض من حيث الظاهر لأن الشيء لا ينفي نفسه‏.‏
الحادي عشر‏:‏ سلامة الآية من تكرير قلقلة القاف الموجب للضغط والشدة وبعدها عن غنة النون‏.‏
الثاني عشر‏:‏ اشتمالها على حروف متلائمة لما فيها من الخروج من القاف إلى الصاد إذا القاف من حروف الاستعلاء والصاد من حروف الاستعلاء والإطباق بخلاف الخروج من القاف إلى التاء التي هي حرف منخفض فهوغير ملائم للقاف وكذا الخروج من الصاد إلى الحاء أحسن من الخروج من اللام إلى الهمزة لبعد ما دون طرف اللسان وأقصى الحلق‏.‏
الثالث عشر‏:‏ في النطق بالصاد والحاء والتاء حسن الصوت ولا كذلك تكرير القاف والتاء‏.‏
الرابع عشر‏:‏ سلامتها من لفظ القتل المشعر بالوحشة بخلاف لفظ الحياة فإن الطباع أقبل له من لفظ القتل‏.‏الخامس عشر‏:‏ أن لفظ القصاص مشعر بالمساواة فهومنبئ عن العدل بخلاف مطلق القتل‏.‏
السادس عشر‏:‏ الآية مبنية على الإثبات والمثل على النفي والإثبات أشرف لأنه أول والنفي ثان عنه‏.‏
السابع عشر‏:‏ أن المثل لا يكاد يفهم إلا بعد فهم أن القصاص هو الحياة‏.‏
وقوله ‏{‏في القصاص حياة} مفهوم من أول وهلة‏.‏
الثامن عشر‏:‏ أن في المثل بناء أفعل التفضيل من فعل متعد والآية سالمة منه‏.‏
التاسع عشر أن أفعل في الغالب يقتضي الاشتراك فيكون ترك القصاص نافيًا للقتل ولكن القصاص أكثر نفيًا وليس الأمر كذلك والآية سالمة من ذلك‏.‏
العشرون‏:‏ إن الآية رادعة عن القتل والجرح معًا لشمول القصاص لهما والحياة أيضًا في قصاص الأعضاء لأن قطع العضوينقص أوينغص مصلحة الحياة وقد يسري إلى النفس فيزيلها ولا كذلك المثل في أول الآية ولكم وفيها لطيفة وهي بيان العناية بالمؤمنين على الخصوص وأنهم المراد حياتهم لا غيرهم لتخصيصهم بالمعنى مع وجود فيمن سواهم‏.‏
تنبيهات‏.‏
الأول ذكر قدامة من أنواع البديع الإشارة وفسرها بالإتيان بكلام قليل ذي معان جمة‏.‏
وهذا هوإيجاز القصر بعينه لكن فرق بينهما ابن أبي الأصبع بأن الإيجاز دلالته مطابقة ودلالة الإشارة إما تضمن أوالتزام فعلم منه أن المراد بها ما تقدم في مبحث المنطوق‏.‏
الثاني‏:‏ ذكر القاضي أبو بكر في إعجاز القرآن أن من الإيجاز نوعًا يسمى التضمين وهوحصول معنى في لفظ من غير ذكر له باسم هي عبارة عنه‏.‏
قال‏:‏ وهونوعان‏.‏
أحدهما‏:‏ ما يفهم من البينة كقوله معلوم فإنه يوجب أنه لا بد من عالم‏.‏
والثاني‏:‏ من معنى العبارة كبسم الله الرحمن الرحيم فإنه تضمن تعليم الاستفتاح في الأمور باسمه هلى جهة التعظيم لله تعالى والتبرك باسمه‏.‏
الثالث‏:‏ ذكر ابن الأثير وصاحب عروس الأفراح وغيرهما من أنواع إيجاز القصر باب الحصر سواء كان بإلا أوبإنما أوغيرها من أدواته لأن الملة فيها نابت مناب جملتين وباب العطف لأن حرفه وضع للإعناء عن إعادة العامل وباب النائب عن الفاعل لأنه دل على الفاعل بإعطائه حكمه وعلى المفعول بوسعه وباب الضمير لأنه وضع الاستغناء به عن الظاهر اختصارًا ولذا لا يعدل إلى المنفصل مع إمكان المتصل وباب علمت أنك قائم لأنه محتمل لاسم واحد سد مسد لمفعولين من غير حذف ومنها باب التنازع إذا لم نقدر على رأي الفراء ومنها طرح المفعول اقتصارًا على جعل المتعدي كاللازم وسيأتي تحريره ومنها جمع أدوات الاستفهام والشرط فإن كم مالك يغني عن قولك أهوعشرون أم ثلاثون وهكذا إلى ما لا يتناهى ومنها الألفاظ اللازمة للعموم كأحد ومنها لفظ التثنية والجمع فإنه يغني عن تكرير المفرد وأقيم الحرف فيهما مقامه اختصارًا‏.‏ومما يصلح أن يعد من أنواعه المسمى بالاتساع من أنواع البديع وهوأن يأتي بكلام يتسع فيه التأويل بحسب ما يحتمله ألفاظه من المعاني كفواتح السور وذكرها بن أبي الأصبع‏.‏
القسم الثاني من قسمي الإيجاز‏:‏ إيجاز الحذف وفيه فوائد ذكر أسبابه‏:‏ منها مجرد الاختصار والاحتراز عن العبث لظهوره‏.‏
ومنها التنبيه على أن الزمان يتقاصر عن الإتيان بالمحذوف وأن الاشتغال بذكره يفضي إلى تفويت المهم وهذه هي فائدة باب التحذير والإغراء وقد اجتمعتا في قوله تعالى ناقة الله وسقياها فناقة الله تحذير بتقدير ذروا وسقياها إغراء بتقدير ألزموا‏.‏
ومنها التفخيم والإعظام لما فيه من الإبهام‏.‏
قال حازم في منهاج البلغاء‏:‏ إنما يحسن الحذف لقوة الدلالة عليه أويقصد به تعديد أشياء فيكون في تعدادها طول وسآمة فيحذف ويكتفى بدلالة الحال وتترك النفس تجول في الأشياء المكتفى بالحال عن ذكرها‏.‏
قال‏:‏ ولهذا القصد يؤثر في المواضع التي يراد بها التعجب والتهويل على النفوس ومنه قوله في وصف أهل الجنة ‏{‏حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها‏}‏ فحذف الجواب إذا كان وصف ما يجدونه ويلقونه عند ذلك لا يتناهى فجعل الحذف دليلًا على صدق الكلام عن وصف ما يشاهدونه وتركت النفوس تقدر ما شاءته ولا تبلغ مع ذلك كنه ما هنالك وكذا قوله ‏{‏ولو ترى إذ وقفوا على النار‏}‏ أي لرأيت أمرًا فظيعًا لا تكاد تحيط به العبارة‏.‏
ومنها‏:‏ التخفيف لكثرة دورانه في الكلام كما في حذف حرف النداء نحو ‏{‏يوسف أعرض‏}‏ ونزن ولم يكن والجمع السالم ونمه قراءة ‏{‏والمقيمي الصلاة‏}‏ وياء ‏{‏والليل إذا يسر‏}‏ وسأل المورج السدوسي الأخفش عن هذه الآية فقال‏:‏ عادة العرب أنها إذا عدلت بالشيء عن معناه نقصت حروفه والليل لما كان لا يسري وإنما يسري فيه نقص منه حرف كما قال تعالى ‏{‏وما كانت أمك بغيًا‏}‏ الأصل بغية فلما حول فاعل عن نقص منه حرف‏.‏
ومنها‏:‏ كونه لا يصلح إلا له نحو ‏{‏عالم الغيب والشهادة‏}‏ ‏{‏فعال لما يريد‏}‏ ومنها‏:‏ شهرته حتى يكون ذكره وعدمه سواء‏.‏
قال الزمخشري‏:‏ هونوع من دلالة الحال التي لسانها أنطق من لسان المقال وحمل عليه قراءة حمزة تساءلون به والأرحام لأن هذا مكان شهر بتكرر الجار فقامت الشهرة مقام الذكر‏.‏
ومنها‏:‏ صيانته عن ذكره تشريفًا كقوله تعالى ‏{‏قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات‏}‏ الآيات حذف فيها المبتدأ في ثلاثة مواضع قبل ذكر الرب‏:‏ أي هورب والله ربكم و الله رب المشرق لأن موسى استعظم حال فرعون وإقدامه على السؤال فأضمر اسم الله تعظيمًا وتفخيمًا ومثله في عروس الأفراح بقوله تعالى رب أرني أنظر إليك أي ذاتك‏.‏
ومنها‏:‏ صيانة اللسان عنه تحقيرًا له نحو صم بكم أي هم أوالمنافقون‏.‏
ومنها‏:‏ قصد العموم نحو وإياك نستعين أي على العبادة وعلى أمورنا كلها والله يدعوإلى دار السلام أي كل واحد‏.‏
ومنها‏:‏ رعاية الفاصلة نحو ‏{‏ما ودعك ربك وما قلى‏}‏ أي وما قلاك‏.‏
ومنها‏:‏ قصد البيان بعد الإبهام كما في فعل المشيئة نحو ‏{‏فلو شاء لهداكم‏}‏ أي فلوشاء هدايتكم فإنه إذا سمع السامع فلوشاء تعلقت نفسه بما شاء أنبهم عليه لا يدري ما هو فلما ذكر الجواب استبان بعد ذلك وأكثر ما يقع ذلك بعد أداة شرط لأن مفعول المشيئة مذكور في جوابها وقد يكون مع غيرها استدلالًا بغير الجواب نحو ‏{‏ولا يحيطون بشيء من عمله إلا بما شاء‏}‏ وقد ذكر أهل البيان أن مفعول المشيئة والإرادة لا يذكر إلا إذا كان غريبًا أوعظيمًا نحو ‏{‏لمن شاء منكم أن يستقيم‏}‏ ‏{‏لو أردنا أن نتخذ لهوًا‏}‏ وإنما أطرد أوكثر حذف مفعول المشيئة دون سائر الأفعال لأنه يلزم من وجود المشيئة وجود المشاء فالمشيئة المستلزمة لمضمون الجواب لا يمكن أن تكون إلا مشيئة الجواب ولذلك كانت الإرادة مثلها في أطرد حذف مفعولها ذكره الزملكاني والتنوخي في الأقصى القريب‏.‏
قالوا‏:‏ وإذا حذف بعد لوفهوالمذكور في جوابها أبدًا‏.‏
وأورد في عروس الأفراح ‏{‏وقالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة‏}‏ فإن المعنى‏:‏ لوشاء ربنا إرسال الرسل لأنزل ملائكة لأن المعنى معين على ذلك‏.‏
فائدة قال الشيخ عبد القاهر‏:‏ ما من اسم حذف في الحالة التي ينبغي أن يحذف فيها إلا وحذفه أحسن من ذكره وسمي ابن جني الحذف شجاعة العربية لأنه يشجع على الكلام‏.‏
قاعدة في حذف المفعول اختصارًا واقتصارًا‏.‏
قال ابن هشام‏:‏ جرت عادة النحويين أن يقولوا بحذف المفعول اختصارًا واقتصارًا‏.‏
ويريدون بالاختصار الحذف لدليل ويريدون بالاقتصار الحذف لغير دليل ويمثلونه بنحو كلوا واشربوا أي أوقعوا هذين الفعلين والتحقيق ا يقال‏:‏ يعني كما قال أهل البيان‏:‏ تارة يتعلق الغرض بالإعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه ومن أوقع عليه فيجاء بمصدره مسندًا إلى فعل كون عام فيقال حصل حريق أونهب وتارة يتعلق بالإعلام بمجرد إيقاع الفعل للفاعل فيقتصر عليهما ولا يذكر المفعول ولا ينوي إذ المنوي كالثابت ولا يسمى محذوفًا لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة مالا مفعول له ومنه ‏{‏ربي الذي يحيي ويميت‏}‏ ‏{‏هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون‏}‏ ‏{‏كلوا واشربوا ولا تسرفوا‏}‏ ‏{‏وإذا رأيت ثم‏}‏ إذ المعنى‏:‏ ربي الذي يفعل الإحياء والإماتة وهل يستوي من يتصف بالعلم ومن ينتفي عنه العلم وأوقعوا الأكل والشرب وذروا الإسراف ز إذا حصلت منك رؤية ومنه ‏{‏ولما ورد ماء مدين‏}‏ الآية ألا ترى أن عليه الصلاة والسلام رحمهما إذ كانتا على صفة الذيان وقومهما على السقي لا لكون مذودهما غنمًا وسقيهم إبلًا وكذلك المقصود من لا نسقي السقي لا المسقي ومن لم يتأمل قدر يسقون إبلهم وتذودان غنمهما ولا نسقي غنمًا وتارة يتصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله فيذكران نحو ‏{‏لا تأكلوا الربا‏}‏ ‏{‏ولا تقربوا الزنا‏}‏ وهذا النوع الذي إذا لم يذكر محذوفه قيل محذوف وقد يكون اللفظ ما يستدعيه فيحصل الجزم بوجوب تقديره نحو ‏{‏أهذا الذي بعث الله رسولًا‏}‏ ‏{‏وكل وعد الله الحسنى‏}‏ وقد يشتبه الحال في الحذف وعدمه نحو ‏{‏قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن‏}‏ قد يتوهم أن معناه نادوا فلا حذف أوسموا فالحذف واقع‏.‏
ذكر شروطه‏:‏ هي ثمانية‏.‏
أحدها‏:‏ وجود دليل إما حالي نحو ‏{‏قالوا سلامًا‏}‏ أي سلمنا سلامًا أومقالي نحو ‏{‏وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرًا‏}‏ أي أنزل خيرًا قال سلام قوم منكرون أي سلام عليكم أنتم قوم منكرون‏.‏
ومن الأدلة العقل حيث يستحيل صحة الكلام عقلا إلا بتقدير محذوف ثم تارة يدل على أصل الحذف من غير دلالة على تعيينه بل يستفاد التعيين من دليل آخر نحو حرمت عليكم الميتة فإن العقل يدل على أنها ليست المحرمة لأن التحريم لا يضاف إلى الإجرام وإنما هووالحل يضافان إلى الأفعال فعلم العقل حذف شيء‏.‏
وأما تعيينه وهوالتناول فمستفاد من الشرع وهوقوله صلى الله عليه وسلم إنما حرم أكلها لأن العقل لا يدرك محل الحل ولا الحرمة‏.‏
وأما قول صاحب التلخيص أنه من باب دلالة العقل أيضًا فتابع به السكاكي من غير تأمل أنه مبني على أصول المعتزلة‏.‏
وتارة يدل العقل أيضًا على التعيين نحو وجاء ربك أي أمره بمعنى عذابه لأن العقل دل على استحالة مجيء الباري لأنه من سمات الحادث وعلى أن الجاني أمره أوفوا بالعقود ‏{‏وأوفوا بعهد الله‏}‏ أي بمقتضى العقود وبمقتضى عهد الله لأن العقد والعهد قولان قد دخلا في الوجود وانقضيا فلا يتصور فيهما وفاء ولا نقض وإنما الوفاء والنقض بمقتضاهما وما ترتب عليهما من أحكامهما وتارة تدل على التعيين العادة نحو ‏{‏فذلكن الذي لمتنني فيه‏}‏ دل العقل على الحذف لأن يوسف لا يصح ظرفًا للوم ثم يحتمل أن يقدر لمتنني في حبه لقوله ‏{‏قد شغفها حبًا‏}‏ وفي مراودتهما لقوله ‏{‏تراود فتاها‏}‏ والعادة دلت على الثاني لأن الحب المفرط لا يلام صاحبه عليه عادة لأنه ليس اختياريًا بخلاف المراودة للقدرة على دفعها‏.‏
وتارة يدل على التصريح به في موضع آخر وهوأقواها نحو ‏{‏هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله‏}‏ أي أمره بدليل ‏{‏أو يأتي أمر ربك‏}‏ ‏{‏وجنة عرضها السموات‏}‏ أي كعرض بدليل التصريح به في آية الحديد ‏{‏رسول من الله‏}‏ أي من عند الله وبدليل ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معه ومن الأدلة على أصل الحذف العادة بأن يكون العقل غير مانع من إجراء اللفظ على ظاهره من غير حذف نحو نعلم قتالًا لا تبعناكم أي مكان قتال والمراد مكانًا صالحًا للقتال وإنما كان كذلك لأنهم كانوا أخير الناس بالقتال ويتعيرون بأن يتفوهوا بأنهم لا يعرفونه فالعادة تمنع أن يريدوا لونعلم حقيقة القتال‏:‏ فلذلك قدره مجاهد مكان قتال ويدل عليه أنهم أشاروا على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يخرج من المدينة ومنها الشروع في الفعل نحوبسم الله فيقدر ما جعلت التسمية مبدأ له فإن كانت عند الشروع في القراءة قدرت اقرأ أوالأكل قدرت آكل وعلى هذا أهل البيان قاطبة خلاف لقول النحاة‏:‏ إنه يقدر ابتدأت أوابتدائي كائن بسم الله ويدل على صحة الأول التصريح به في قوله ‏{‏وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها‏}‏ وفي حديث باسمك ربي وضعت جنبي‏.‏ومنها‏:‏ الصناعة النحوية كقولهم في لا أقسم لأن فعل الحال لا يقسم عليه وفي تالله تفتؤ التقدير‏:‏ لا تفتؤ لأنه لوكان الجواب مثبتًا دخلت اللام والنون كقوله ‏{‏وتالله لأكيدن‏}‏ وقد توجب صناعة التقدير وإن كان المعنى غير متوقف عليه كقولهم في لا إله إلا الله‏:‏ إن الخبر محذوف‏:‏ أي موجود وقد أنكره الإمام فخر الدين وقال‏:‏ هذا كلام لا يحتاج إلى تقدير وتقدير النحاة فاسد لأن نفي الحقيقة مطلقة أعم من نفيها مقيدة فإنها إذا انتفت مطلقة كان ذلك دليلًا على سلب الماهية مع القيد وإذا انتفت مقيدة بقيد مخصوص لم يلزم نفيها مع قيد آخر‏.‏
ورد بأن تقديرهم موجود ويستلزم نفي كل إله غير الله قطعًا فإن العدم لا كلام فيه فهوفي الحقيقة نفي للحقيقة مطلقة لا مقيدة ثم لا بد من تقدير خبر لاستحالة مبتدأ بلا خبر ظاهر أومقدر وإنما يقدر النحوي ليعطي القواعد حقها وإن كان المعنى مفهومًا‏.‏
تنبيه قال ابن هشام‏:‏ إنما يشترط الدليل فيما إذا كان المحذوف الجملة بأسرها أوأحد ركنيها أويفيا معنى فيها هي مبنية عليه نحو ‏{‏تالله تفتؤ‏}‏ أما الفلة فلا يشترط لحذفها وجدان دليل بل يشترط أن لا يكون في حذفها ضرر معنوي أوصناعي‏.‏
قال‏:‏ ويشترط في الدليل اللفظي أن يكون طبق المحذوف‏.‏
ورد قول القراء في ‏{‏أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين‏}‏ أن التقدير‏:‏ بل ليحسبنا قادرين لأن الحسبان المذكور بمعنى الظن والقدر بمعنى العلم لأن التردد في الإعادة كفر فلا يكون مؤمورًا به‏.‏
قال‏:‏ والصواب فيها قول سيبويه‏:‏ إن قادرين حال‏:‏ أي بل نجمعها قادرين إذ فعل الجمع أقرب من فعل الحسبان ولأن بلا لإيجاب المنفى وهوفيها فعل الجمع‏.‏
الشرط الثاني‏:‏ أن لا يكون المحذوف كجزأ ومن ثم لم يحذف الفاعل ولا نائبه ولا اسم كان وأخواتها‏.‏
قال ابن هشام‏:‏ وأما قول بن عطية في بئس مثل القوم‏:‏ إن تقدير بئس المثل مثل القول فإن أراد تفسير الإعراب وأن الفاعل لفظ المثل محذوفًا فمردود وإن أراد تفسير المعنى وأن في بئس ضمير المثل مستترًا فسهل‏.‏
الثالث‏:‏ أن لا يكون مؤكدًا لأن الحذف مناف للتأكيد إذا الحذف مبني على الاختصار والتأكيد مبني على الطول ومن ثم رد الفارسي على الزجاج في قوله في إن هذان لساحران أن التقدير‏:‏ إن هذان لهما ساحران فقال‏:‏ الحذف والتوكيد باللام متنافيان وأما حذف الشيء لدليل وتوكيده فلا تنافي بينهما لأن المحذوف لدليل كالثابت‏.‏
الرابع‏:‏ أن لا يؤدي حذفه إلى اختصار المختصر ومن ثم لم يحذف اسم الفعل لأنه اختصار للفعل‏.‏
الخامس‏:‏ أن لا يكون عاملًا ضعيفًا فلا يحذف الجار والناصب للفعل والجازم إلا في مواضع قويت فيها الدلالة وكثر فيها استعمال تلك العوامل‏.‏
السادس‏:‏ أن لا يكون المحذوف عوضًا عن شيء ومن ثم قال ابن مالك‏:‏ إ حرف النداء ليس عوضًا عن ادعوا لإجازة العرب حذفه ولذا أيضًا لم تحذف التاء من إقامة واستقامة وأما وأقام الصلاة فلا يقاس عليه ولا خبر كان لأنه عوض أوكالعوض من مصدرها‏.‏
السابع‏:‏ أن لا يؤدي حذفه إلى تهيئة العامل القوي ومن ثم لم يقس على قراءة وكلا وعد الله الحسني‏.‏
فائدة اعتبر الأخفش في الحذف التدريج حيث أمكن ولهذا قال في قوله تعالى واتقوا يومًا لا تجزي نفس عن نفس شيئًا أن الأصل لا تجزي فيه فحذف حرف الجر فصار تجزيه ثم حذف الضمير فصار تجزي وهذه ملاطفة في الصناعة ومذهب سيبويه أنهما حذفا معًا‏.‏
قال ابن جني‏:‏ وقول الأخفش أوفق في النفس وآنس من أن يحذف الحرفان معًا في وقت واحد‏.‏
قاعدة الأصل أن يقدر الشيء في مكانه الأصلي لئلا يخالف الأصل من وجهين‏:‏ الحذف ووضع الشيء في غير محله فيقدر المفسر في نحو‏:‏ زيدًا رأيته مقدمًا عليه وجوز البيانيون تقديره مؤخرًا عنه لإفادة الاختصاص كما قاله النحاة إذا منع منه مانع نحو وأما ثمود فهديناه إذا لا يلي أما فعل‏.‏قاعدة ينبغي تقليل المقدر مهما أمكن لتقل مخالفة الأصل ومن ثم ضعف قول الفارسي في واللائي لم يحضن أن التقدير‏:‏ فعدتهن ثلاثة أشهر والأولى أن يقدر كذلك‏.‏
قال الشيخ عز الدين‏:‏ ولا يقدر من المحذوفات إلا أشدها موافقة للغرض وأفصحها لأن العرب لا يقدرون إلا مالوا لفظوا به لكان أحسن وأنسب لذلك الكلام كما يفعلون ذلك في الملفوظ به نحو ‏{‏جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس‏}‏ قدر أبوعلي جعل الله نصب الكعبة وقدر غيره حرمة الكعبة وهوأولى لأن تقدير الحرمة في الهدى والقلائد والشهر الحرام لا شك في فصاحته وتقدير النصب فيها بعيد من الفصاحة‏.‏
قال‏:‏ ومهما تردد المحذوف بين الحسن والأحسن وجب تقدير الأحسن لأن الله وصف كتابه بأنه أحسن الحديث فليكن محذوفه أحسن المحذوفات كما أن ملفوظه أحسن الملفوظات‏.‏
قال‏:‏ ومتى تردد بين أن يكون مجملًا أومبينًا فتقدير المبين أحسن ونحو وداود وسليمان إذا يحكمان في الحرث لك أن تقدر في أمر الحرث وفي تضمين الحرث وهوأولى لتعينه والأمر مجمل لتردده بين أنواع‏.‏
قاعدة إذا دار الأمر بين كون المحذوف فعلًا والباقي فاعلًا وكونه مبتدأ والباقي خبرًا فالثاني أولى لأن المبتدأ عين الخبر وحينئذ فالمحذوف عين الثابت فيكون حذفًا كلا حذف فأما الفعل فإنه غير الفاعل اللهم إلا أن يعتضد الأول برواية أخرى في ذلك الموضع أوبموضع آخر يشبهه فالأول كقراءة يسبح له فيها بفتح الباء كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله بفتح الحاء فإن التقدير‏:‏ يسبحه رجال ويوحيه الله ولا يقدران مبتدأن بحذف خبرهما لثبوت فاعلية الاسمين في رواية من بني الفعل للفاعل‏.‏
والثاني نحو ‏{‏ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله‏}‏ فتقدير خلقهم الله أولى من الله خلقهم لمجيء ‏{‏خلقهن العزيز العليم‏}‏‏.‏
قاعدة إذا دار الأمر بين كون المحذوف أولًا أوثانيًا فكونه ثانيًا أولى ومن ثم رجح أن المحذوف في نحو أتحاجوني نون الوقاية لا نون الرفع وفي نارًا تلظي التاء الثانية لا تاء المضارعة وفي والله ورسوله أحق أن يرضوه أن المحذوف خبر الثاني لا الأول وفي نحو الحج أشهر أن المحذوف مضاف للثاني‏:‏ أي حج أشهر لا الأول‏:‏ أي أشهر الحج وقد يجب كونه من الأول نحو إن الله وملائكته يصلون على النبي في قراءة من رفع ملائكته لاختصاص الخبر بالثاني لوروده بصيغة الجمع وقد يجب كونه من الثاني نحو ‏{‏إن الله بريء من المشركين ورسوله‏}‏ أي بريء أيضًا لتقدم الخبر على الثاني‏.‏
فصل الحذف على أنواع‏.‏
أحدها‏:‏ ما يسمى بالاقتطاع وهوحذف بعض حروف الكلمة وأنكر ابن الأثير ورود هذا النوع في القرآن ورد بأن بعضهم جعل منه فواتح السور على القول بأن كل حرف منها من اسم من أسمائه كما تقدم وادعى بعضهم أن الباء في ‏{‏وامسحوا برؤوسكم‏}‏ أولكلمة بعض ثم حذف الباقي ومنه قراءة بعضه ونادوا يا مال بالترخيم ولما سمعها بعض السلف قال‏:‏ ‏{‏ما أغنى أهل النار‏}‏ عن الترخيم‏.‏
وأجاب بعضهم بأنهم لشدة ما هم فيه عجزوا عن إتمام الكلمة ويدخل في هذا النوع حذف همزة إنا في قوله ‏{‏لكنا هو الله ربي‏}‏ إذا الأصل لكن أنا حذفت همزة أنا تخفيفًا وأدغمت النون في النون ومثله ما قرئ ويمسك السماء أن تقع على الأرض بما أنزل إليك فمن تعجل في يومين فلثم عليه إنه لحدي الكبر‏.‏
النوع الثاني‏:‏ ما يسمى بالاتفاق وهوأن يقتضي المقام ذكر شيئين بينهما تلازم وارتباط فيكتفي بأحدهما عن الآخر لنكتة ويختص غالبًا بالارتباط العطفي كقوله ‏{‏سرابيل تقيكم الحر‏}‏ أي والبرد وخص الحر بالذكر لأن الخطاب للعرب وبالدهم حارة والوقاية عندهم من الحر أهم لأنه أشد عندهم من البرد‏.‏
وقيل لأن البرد تقدم ذكر الامتنان بوقايته صريحًا في قوله ‏{‏ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها} وفي قوله ‏{‏وجعل لكم من الجبال أكنانًا‏}‏ وفي قوله تعالى ‏{‏والأنعام خلقها لكم فيها دفء‏}‏ ومن أمثلته هذا النوع بيدك الخير أي والشر وإنما خص الخير بالذكر لأنه مطلوب العباد ومرغوبه أولأنه أكثر وجودًا في العالم أولأن إضافة الشر إلى الله تعالى ليس من باب الآداب كما قال صلى الله عليه وسلم والشر ليس إليك ومنها وله ما سكن في الليل والنهار أووما تحرى وخص السكون بالذكر لأنه أغلب الحالين على المخلوق من الحيوان والجماد ولأن كل متحرك يصير إلى السكون‏.‏
ومنها ‏{‏والذين يؤمنون بالغيب‏}‏ أي والشهادة لأن الإيمان بكل منهما واجب وآثر الغيب لأنه أمدح ولأنه يستلزم الإيمان بالشهادة من غير عكس‏.‏
ومنها ورب المشارق أي والمغارب‏.‏
ومنها ‏{‏هدى للمتقين‏}‏ أي وللكافرين قاله ابن الأنباري ويؤيده في قوله ‏{‏هدى للناس}‏.‏
ومنها ‏{‏إن امرؤ هلك ليس له ولد‏}‏ أي ولا والد بدليل أنه أوجب للأخت النصف وإنما يكون ذلك مع فقد الأب لأنه يسقطها‏.‏
النوع الثالث‏:‏ ما يسمى بالاحتباك وهومن ألطف الأنواع وأبدعها وقل من تنبه له أونبه عليه من أهل فن البلاغة ولم أره إلا في شرح بديعية الأعمى لرفيقه الأندلسي وذكره الزركشي في البرهان ولم يسمه هذا الاسم بل سماه الحذف المقابلي وأفرده في التصنيف من أهل العصر العلامة برهان الدين البقاعي‏.‏
قال الأندلسي في شرح البديعية‏:‏ من أنواع البديع الاحتباك وهونوع عزيز وهوأ يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول كقوله تعالى ‏{‏ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق‏}‏ الآية التقدير‏:‏ ومثل الأنبياء والكفار كمثل الذي ينعق والذي ينعق به فحذف من الأول الأنبياء لدلالة الذي ينعق عليه ومن الثاني الذي ينعق به لدلالة الذين كفروا عليه‏.‏وقوله ‏{‏وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء‏}‏ التقدير تدخل غير بيضاء وأخرجها تخرج بيضاء فحذف من الأول تدخل غير بيضاء ومن الثاني وأخرجها‏.‏
وقال الزركشي‏:‏ وهوأن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كل واحد منهما مقابله لدلالة الآخر عليه كقوله تعالى أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامي وأنا بريء مما تجرمون التقدير‏:‏ إن افتريته فعلى إجرامي وأنتم برآء منه وعليكم إجرامكم وأنا بريء مما تجرمون‏.‏وقوله ‏{‏ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم‏}‏ فلا يعذبهم‏.‏
وقوله ‏{‏فلا تقربوهن حتى يطهرن‏}‏‏.‏
‏{‏فإذا تطهرن فأتوهن‏}‏ أي حتى يطهرن من الدم ويتطهرن بالماء فإذا طهرن وتطهرن فأتوهن‏.‏
وقوله ‏{‏خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا‏}‏ أي عملًا صالحًا بسيء وآخر سيئًا بصالح‏.‏
قلت‏:‏ ومن لطيفه قوله ‏{‏فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة‏}‏ أي فئة مؤمنة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت‏.‏
وفي الغرائب للكرماني‏:‏ في الآية الأولى التقدير‏:‏ مثل الذين كفروا معك يا محمد كمثل الناعق مع الغنم فحذف من كل طرف ما يدل عليه الطرف الآخر وله في القرآن نظائر وهوأبلغ ما يكون من الكلام انتهى‏.‏
ومأخذ هذه التسمية من الحبك الذي معناه الشد والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب فحبك الثوب‏:‏ سد ما بين خيوطه من الفرج وشده وإحكامه بحيث يمنع عنه الخلل مع الحسن والرونق‏.‏
وبيان أخذه منه أن مواضع الحذف من الكلام شبهت بالفرج بين الخيوط فلما أدركها الناقد البصير بصوغه الماهر في نظمه وحوكه فوضع المحذوف مواضعه كان حائكًا له مانعًا من خلل يطرقه فسد بتقديره ما يحصل به الخلل مع ما أكسبه من الحسن والرونق‏.‏


عدد المشاهدات *:
454167
عدد مرات التنزيل *:
93379
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 25/06/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 25/06/2013

الكتب العلمية

روابط تنزيل : النوع السادس والخمسون في الإيجاز والإطناب أ
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  النوع السادس والخمسون في الإيجاز والإطناب أ لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
الكتب العلمية


@designer
1