1883- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلاَمِ فَجَاءَ مِنْ الْغَدِ مَحْمُومًا فَقَالَ أَقِلْنِي فَأَبَى ثَلاَثَ مِرَارٍ فَقَالَ الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا"
[الحديث 1883- أطرافه في: 7209، 7211، 7216، 7322]
1884- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ نَقْتُلُهُمْ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ لاَ نَقْتُلُهُمْ فَنَزَلَتْ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهَا تَنْفِي
(4/96)
الرِّجَالَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ"
[الحديث 1884- طرفاه في: 4050، 4589]
قوله: "باب" بالتنوين" المدينة تنفي الخبث" أي بإخراجه وإظهاره. قوله: "حدثنا عمرو بن عباس" بالموحدة والمهملة، وعبد الرحمن هو ابن مهدي، وسفيان هو الثوري. قوله: "عن جابر" وقع في الأحكام من وجه آخر عن ابن المنكدر قال: "سمعت جابرا". قوله: "جاء أعرابي" لم أقف على اسمه، إلا أن الزمخشري ذكر في "ربيع الأبرار" أنه قيس بن أبي حازم، وهو مشكل لأنه تابعي كبير مشهور صرحوا بأنه هاجر فوجد النبي صلى الله عليه وسلم قد مات، فإن كان محفوظا فلعله آخر وافق اسمه واسم أبيه. وفي "الذيل" لأبي موسى "في الصحابة قيس بن أبي حازم المنقري" فيحتمل أن يكون هو هذا. قوله: "فبايعه على الإسلام، فجاء من الغد محموما فقال أقلني" ظاهره أنه سأل الإقالة من الإسلام وبه جزم عياض. وقال غيره إنما استقاله من الهجرة وإلا لكان قتله على الردة، سيأتي الكلام على هذا الحديث مستوفي في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى. قوله: "ثلاث مرار" يتعلق بأقلني ويقال معا1. قوله: "تنفي خبثها" تقدم الكلام عليه في أوائل المدينة. قوله: "وتنصع" بفتح أوله وسكون النون وبالمهملتين من النصوع وهو الخلوص، والمعنى أنها إذا نفت الخبث تميز الطيب واستقر فيها، وأما قوله: "طيبها" فضبطه الأكثر بالنصب على المفعولية. وفي رواية الكشميهني بالتحتانية أوله ورفع طيبها على الفاعلية وطيبها للجميع بالتشديد، وضبطه القزاز بكسر أوله والتخفيف ثم استشكله فقال: لم أر للنصوع في الطيب ذكرا، وإنما الكلام يتضوع بالضاد المعجمة وزيادة الواو الثقيلة. قال: ويروى "وتنضخ" بمعجمتين، وأغرب الزمخشري في "الفائق" فضبطه بموحدة وضاد معجمة وعين وقال: هو من أبضعه بضاعة إذا دفعها إليه، يعني أن المدينة تعطي طيبها لمن سكنها. وتعقبه الصغاني بأنه خالف جميع الرواة في ذلك. وقال ابن الأثير: المشهور بالنون والصاد المهملة. قوله: "عن عبد الله بن يزيد" هو الخطمي، وفي الإسناد صحابيان أنصاريان في نسق واحد. قوله: "رجع ناس من أصحابه" هم عبد الله بن أبي ومن تبعه، وسيأتي الكلام عليه في تفسير سورة النساء، والغرض منه هنا بيان ابتداء قوله: "تنفي الرجال" وأنه كان في أحد. قوله: "الرجال" كذا للأكثر وللكشميهني الدجال بالدال وتشديد الجيم وهو تصحيف، ووقع في غزوة أحد "تنفي الذنوب" وفي تفسير النساء "تنفي الخبث" وأخرجه في هذه المواضع كلها من طريق شعبة، وقد أخرجه مسلم والترمذي والنسائي من طريق غندر عن شعبة باللفظ الذي أخرجه في التفسير من طريق غندر، وغندر أثبت الناس في شعبة، وروايته توافق رواية حديث جابر الذي قبله حيث قال فيه: "تنفي خبثها" وكذا أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: "تخرج الخبث" ومضى في أول فضائل المدينة من وجه آخر عن أبي هريرة "تنفي الناس" والرواية التي هنا بلفظ: "تنفي الرجال" لا تنافي الرواية بلفظ الخبث بل هي مفسرة للرواية المشهورة، بخلاف "تنفي الذنوب"، ويحتمل أن يكون فيه حذف تقديره أهل الذنوب فيلتئم مع باقي الروايات.
1885- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي سَمِعْتُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنْ الْبَرَكَةِ
ـــــــ
1 ) في هامش طبعة بولاق: كذا في النسخ التي بأيدينا. وفي القسطلاني: تنازعه الفعلان قبله وهما قوله "فقال" وقوله "فأبى"وهي الأظهر.
(4/97)
تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ
1886- حدثنا قتيبة حدثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس رضي الله عنه ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات المدينة أوضع راحلته وإن كان على دابة حركها من حبها قوله: "باب" كذا للأكثر بلا ترجمة، وسقط من رواية أبي ذر فأشكل، وعلى تقدير ثبوته فلا بد له من تعلق بالذي قبله لأنه بمنزلة الفصل من الباب. وقد أورد فيه حديثين لأنس، ووجه تعلق الأول منها بترجمة نفي الخبث أن قضية الدعاء بتضعيف البركة وتكثيرها تقليل ما يضادها فيناسب ذلك نفي الخبث، ووجه تعلق الثاني أن قضية حب الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينة أن تكون بالغة في طيب ذاتها وأهلها فيناسب ذلك أيضا، وقد تقدم الكلام على الثاني في أواخر أبواب العمرة، وأما الأول فقوله فيه: "حدثنا أبي" هو جرير بن حازم، ويونس هو ابن يزيد. قوله: "أجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة" أي من بركة الدنيا بقرينة قوله في الحديث الآخر "اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا" ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك، لكن يستثنى من ذلك ما خرج بدليل، كتضعيف الصلاة بمكة على المدينة، واستدل به عن تفضيل المدينة على مكة وهو ظاهر من هذه الجهة، لكن لا يلزم من حصول أفضلية المفضول في شيء من الأشياء ثبوت الأفضلية له على الإطلاق. وأما من ناقض ذلك بأنه يلزم أن يكون الشام واليمن أفضل من مكة لقوله في الحديث الآخر "اللهم بارك لنا في شامنا" وأعادها ثلاثا فقد تعقب بأن التأكيد لا يستلزم التكثير المصرح به في حديث الباب. وقال ابن حزم: لا حجة في حديث الباب لهم لأن تكثير البركة بها لا يستلزم الفضل في أمور الآخرة. ورده عياض بأن البركة أعم من أن تكون في أمور الدين أو الدنيا، لأنها بمعنى النماء والزيادة، فأما في الأمور الدينية فلما يتعلق بها من حق الله تعالى من الزكاة والكفارات ولا سيما في وقوع البركة في الصاع والمد. وقال النووي: الظاهر أن البركة حصلت في نفس المكيل بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها، وهذا أمر محسوس عند من سكنها. وقال القرطبي: إذا وجدت البركة فيها في وقت حصلت إجابة الدعوة ولا يستلزم دوامها في كل حين ولكل شخص، والله أعلم. قوله: "تابعه عثمان بن عمر عن يونس" أي تابع جرير بن حازم في روايته لهذا الحديث عن يونس ابن يزيد عن الزهري عثمان بن عمر بن فارس فرواه عن يونس بن يزيد، ورواية عثمان بن عمر موصولة في "كتاب علل حديث الزهري" جمع محمد بن يحيى الذهلي، كذا وجدته بخط بعض المصنفين ولم أقف عليه في كتاب الذهلي، وقد ضاق مخرجه على الإسماعيلي فأخرجه من طريق عبد الله بن وهب ومن طريق شبيب بن سعيد وعلقمة من طريق عنبسة بن خالد كلهم عن يونس بن يزيد، وساق رواية وهب بن جرير فقال: "حدثنا أبو يعلى حدثنا زهير أبو خيثمة وقاسم بن أبي شيبة كلاهما عن وهب بن جرير" وصرح في رواية زهير عن وهب بسماع جرير له من يونس، ثم قال قاسم بن أبي شيبة: ليس من شرط هذا الكتاب. ونقل مغلطاي كلام الإسماعيلي هذا وتبعه شيخنا ابن الملقن وقال في آخره: قال الإسماعيلي أبو شيبة ليس من شرط هذا الكتاب، وهو سهو كأنه أراد أن يكتب قاسم بن أبي شيبة فقال وأبو شيبة. ثم قال مغلطاي: وقال الإسماعيلي: "قال الحسن عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فذكره وقال: يعني المدينة ا ه. وهذا نظر من لم يطلع على حقيقة الحال فيه، إذ الإسماعيلي ذكر رواية الحسن عن أنس لهذا الحديث متابعة لرواية يونس عن الزهري عن أنس، كما ذكر رواية ابن وهب وشبيب بن سعيد متابعة لجرير ابن حازم عن يونس، وليس كذلك وإنما أورد الإسماعيلي طريق شبيب بن
(4/98)
سعيد فقال: أخبرني الحسن يعني ابن سفيان حدثنا إبراهيم بن سعيد حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد حدثنا أبي عن يونس عن الزهري، ثم تحول الإسماعيلي إلى طريق ابن وهب، قال ابن وهب: حدثنا يونس عن ابن شهاب حدثني أنس، وساق الحديث على لفظه ثم قال بعد فراغه: وقال الحسن عن أنس، ومراده أن رواية ابن وهب فيها تصريح ابن شهاب وهو الزهري أن أنسا حدثه، بخلاف رواية شبيب بن سعيد التي أخرجها من طريق الحسن بن سفيان فإنه قال فيها: عن أنس.
(4/99)
باب كراهية النبي أن تعري المدينة
...
[الحديث 1883- أطرافه في: 7209، 7211، 7216، 7322]
1884- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ نَقْتُلُهُمْ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ لاَ نَقْتُلُهُمْ فَنَزَلَتْ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهَا تَنْفِي
(4/96)
الرِّجَالَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ"
[الحديث 1884- طرفاه في: 4050، 4589]
قوله: "باب" بالتنوين" المدينة تنفي الخبث" أي بإخراجه وإظهاره. قوله: "حدثنا عمرو بن عباس" بالموحدة والمهملة، وعبد الرحمن هو ابن مهدي، وسفيان هو الثوري. قوله: "عن جابر" وقع في الأحكام من وجه آخر عن ابن المنكدر قال: "سمعت جابرا". قوله: "جاء أعرابي" لم أقف على اسمه، إلا أن الزمخشري ذكر في "ربيع الأبرار" أنه قيس بن أبي حازم، وهو مشكل لأنه تابعي كبير مشهور صرحوا بأنه هاجر فوجد النبي صلى الله عليه وسلم قد مات، فإن كان محفوظا فلعله آخر وافق اسمه واسم أبيه. وفي "الذيل" لأبي موسى "في الصحابة قيس بن أبي حازم المنقري" فيحتمل أن يكون هو هذا. قوله: "فبايعه على الإسلام، فجاء من الغد محموما فقال أقلني" ظاهره أنه سأل الإقالة من الإسلام وبه جزم عياض. وقال غيره إنما استقاله من الهجرة وإلا لكان قتله على الردة، سيأتي الكلام على هذا الحديث مستوفي في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى. قوله: "ثلاث مرار" يتعلق بأقلني ويقال معا1. قوله: "تنفي خبثها" تقدم الكلام عليه في أوائل المدينة. قوله: "وتنصع" بفتح أوله وسكون النون وبالمهملتين من النصوع وهو الخلوص، والمعنى أنها إذا نفت الخبث تميز الطيب واستقر فيها، وأما قوله: "طيبها" فضبطه الأكثر بالنصب على المفعولية. وفي رواية الكشميهني بالتحتانية أوله ورفع طيبها على الفاعلية وطيبها للجميع بالتشديد، وضبطه القزاز بكسر أوله والتخفيف ثم استشكله فقال: لم أر للنصوع في الطيب ذكرا، وإنما الكلام يتضوع بالضاد المعجمة وزيادة الواو الثقيلة. قال: ويروى "وتنضخ" بمعجمتين، وأغرب الزمخشري في "الفائق" فضبطه بموحدة وضاد معجمة وعين وقال: هو من أبضعه بضاعة إذا دفعها إليه، يعني أن المدينة تعطي طيبها لمن سكنها. وتعقبه الصغاني بأنه خالف جميع الرواة في ذلك. وقال ابن الأثير: المشهور بالنون والصاد المهملة. قوله: "عن عبد الله بن يزيد" هو الخطمي، وفي الإسناد صحابيان أنصاريان في نسق واحد. قوله: "رجع ناس من أصحابه" هم عبد الله بن أبي ومن تبعه، وسيأتي الكلام عليه في تفسير سورة النساء، والغرض منه هنا بيان ابتداء قوله: "تنفي الرجال" وأنه كان في أحد. قوله: "الرجال" كذا للأكثر وللكشميهني الدجال بالدال وتشديد الجيم وهو تصحيف، ووقع في غزوة أحد "تنفي الذنوب" وفي تفسير النساء "تنفي الخبث" وأخرجه في هذه المواضع كلها من طريق شعبة، وقد أخرجه مسلم والترمذي والنسائي من طريق غندر عن شعبة باللفظ الذي أخرجه في التفسير من طريق غندر، وغندر أثبت الناس في شعبة، وروايته توافق رواية حديث جابر الذي قبله حيث قال فيه: "تنفي خبثها" وكذا أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: "تخرج الخبث" ومضى في أول فضائل المدينة من وجه آخر عن أبي هريرة "تنفي الناس" والرواية التي هنا بلفظ: "تنفي الرجال" لا تنافي الرواية بلفظ الخبث بل هي مفسرة للرواية المشهورة، بخلاف "تنفي الذنوب"، ويحتمل أن يكون فيه حذف تقديره أهل الذنوب فيلتئم مع باقي الروايات.
1885- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي سَمِعْتُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنْ الْبَرَكَةِ
ـــــــ
1 ) في هامش طبعة بولاق: كذا في النسخ التي بأيدينا. وفي القسطلاني: تنازعه الفعلان قبله وهما قوله "فقال" وقوله "فأبى"وهي الأظهر.
(4/97)
تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ
1886- حدثنا قتيبة حدثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس رضي الله عنه ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات المدينة أوضع راحلته وإن كان على دابة حركها من حبها قوله: "باب" كذا للأكثر بلا ترجمة، وسقط من رواية أبي ذر فأشكل، وعلى تقدير ثبوته فلا بد له من تعلق بالذي قبله لأنه بمنزلة الفصل من الباب. وقد أورد فيه حديثين لأنس، ووجه تعلق الأول منها بترجمة نفي الخبث أن قضية الدعاء بتضعيف البركة وتكثيرها تقليل ما يضادها فيناسب ذلك نفي الخبث، ووجه تعلق الثاني أن قضية حب الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينة أن تكون بالغة في طيب ذاتها وأهلها فيناسب ذلك أيضا، وقد تقدم الكلام على الثاني في أواخر أبواب العمرة، وأما الأول فقوله فيه: "حدثنا أبي" هو جرير بن حازم، ويونس هو ابن يزيد. قوله: "أجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة" أي من بركة الدنيا بقرينة قوله في الحديث الآخر "اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا" ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك، لكن يستثنى من ذلك ما خرج بدليل، كتضعيف الصلاة بمكة على المدينة، واستدل به عن تفضيل المدينة على مكة وهو ظاهر من هذه الجهة، لكن لا يلزم من حصول أفضلية المفضول في شيء من الأشياء ثبوت الأفضلية له على الإطلاق. وأما من ناقض ذلك بأنه يلزم أن يكون الشام واليمن أفضل من مكة لقوله في الحديث الآخر "اللهم بارك لنا في شامنا" وأعادها ثلاثا فقد تعقب بأن التأكيد لا يستلزم التكثير المصرح به في حديث الباب. وقال ابن حزم: لا حجة في حديث الباب لهم لأن تكثير البركة بها لا يستلزم الفضل في أمور الآخرة. ورده عياض بأن البركة أعم من أن تكون في أمور الدين أو الدنيا، لأنها بمعنى النماء والزيادة، فأما في الأمور الدينية فلما يتعلق بها من حق الله تعالى من الزكاة والكفارات ولا سيما في وقوع البركة في الصاع والمد. وقال النووي: الظاهر أن البركة حصلت في نفس المكيل بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها، وهذا أمر محسوس عند من سكنها. وقال القرطبي: إذا وجدت البركة فيها في وقت حصلت إجابة الدعوة ولا يستلزم دوامها في كل حين ولكل شخص، والله أعلم. قوله: "تابعه عثمان بن عمر عن يونس" أي تابع جرير بن حازم في روايته لهذا الحديث عن يونس ابن يزيد عن الزهري عثمان بن عمر بن فارس فرواه عن يونس بن يزيد، ورواية عثمان بن عمر موصولة في "كتاب علل حديث الزهري" جمع محمد بن يحيى الذهلي، كذا وجدته بخط بعض المصنفين ولم أقف عليه في كتاب الذهلي، وقد ضاق مخرجه على الإسماعيلي فأخرجه من طريق عبد الله بن وهب ومن طريق شبيب بن سعيد وعلقمة من طريق عنبسة بن خالد كلهم عن يونس بن يزيد، وساق رواية وهب بن جرير فقال: "حدثنا أبو يعلى حدثنا زهير أبو خيثمة وقاسم بن أبي شيبة كلاهما عن وهب بن جرير" وصرح في رواية زهير عن وهب بسماع جرير له من يونس، ثم قال قاسم بن أبي شيبة: ليس من شرط هذا الكتاب. ونقل مغلطاي كلام الإسماعيلي هذا وتبعه شيخنا ابن الملقن وقال في آخره: قال الإسماعيلي أبو شيبة ليس من شرط هذا الكتاب، وهو سهو كأنه أراد أن يكتب قاسم بن أبي شيبة فقال وأبو شيبة. ثم قال مغلطاي: وقال الإسماعيلي: "قال الحسن عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فذكره وقال: يعني المدينة ا ه. وهذا نظر من لم يطلع على حقيقة الحال فيه، إذ الإسماعيلي ذكر رواية الحسن عن أنس لهذا الحديث متابعة لرواية يونس عن الزهري عن أنس، كما ذكر رواية ابن وهب وشبيب بن سعيد متابعة لجرير ابن حازم عن يونس، وليس كذلك وإنما أورد الإسماعيلي طريق شبيب بن
(4/98)
سعيد فقال: أخبرني الحسن يعني ابن سفيان حدثنا إبراهيم بن سعيد حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد حدثنا أبي عن يونس عن الزهري، ثم تحول الإسماعيلي إلى طريق ابن وهب، قال ابن وهب: حدثنا يونس عن ابن شهاب حدثني أنس، وساق الحديث على لفظه ثم قال بعد فراغه: وقال الحسن عن أنس، ومراده أن رواية ابن وهب فيها تصريح ابن شهاب وهو الزهري أن أنسا حدثه، بخلاف رواية شبيب بن سعيد التي أخرجها من طريق الحسن بن سفيان فإنه قال فيها: عن أنس.
(4/99)
باب كراهية النبي أن تعري المدينة
...
عدد المشاهدات *:
501548
501548
عدد مرات التنزيل *:
153980
153980
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 05/07/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 05/07/2013