اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الجمعة 19 رمضان 1445 هجرية
? ?????? ?????????????????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

ما دام

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني
المجلد الرابع
كتاب البيوع
باب البيعان بالخيار مالم يتفرقا
باب الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني
وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَشُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ
2110- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ قَتَادَةُ أَخْبَرَنِي عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا"
2111- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلاَّ بَيْعَ الْخِيَارِ"
قوله: "باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وبه قال ابن عمر" أي بخيار المجلس، وهو بين من صنيعه الذي مضى قبل باب، وأنه كان إذا اشترى شيئا يعجبه فارق صاحبه. وللترمذي من طريق ابن فضيل عن يحيى بن سعيد "وكان ابن عمر إذا ابتاع بيعا وهو قاعد قام ليجب له" ولابن أبي شيبة من طريق محمد بن إسحاق عن نافع "كان ابن عمر إذا باع انصرف ليجب له البيع" ولمسلم من طريق ابن جريج قال: أملى على نافع فذكر الحديث وفيه: "قال نافع: وكان إذا بايع رجلا فأراد أن لا يقيله قام فمشى هنيهة ثم رجع إليه" وسيأتي صنيع ابن عمر ذلك من وجه آخر بعد بابين،
(4/328)

وروى سعيد بن منصور عن خالد بن عبد الله عن عبد العزيز بن حكيم "رأيت ابن عمر اشترى من رجل بعيرا فأخرج ثمنه فوضعه بين يديه فخيره بين بعيره وبين الثمن". قوله: "وشريح والشعبي" أي قالا بخيار المجلس، وهذا وصله سعيد بن منصور عن هشيم عن محمد ابن علي: سمعت أبا الضحى يحدث أنه شهد شريحا واختصم إليه رجلان اشترى أحدهما من الآخر دارا بأربعة آلاف فأوجبها له، ثم بدا له في بيعها قبل أن يفارق صاحبها فقال لي: لا حاجة لي فيها، فقال البائع: قد بعتك فأوجبت لك، فاختصما إلى شريح فقال: هو بالخيار ما لم يتفرقا. قال محمد: وشهدت الشعبي قضى بذلك. وروى ابن أبي شيبة عن وكيع عن شعبة عن الحكم عن شريح قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" وعن جرير عن مغيرة عن وكيع عن الشعبي أنه أتى في رجل اشترى من رجل برذونا فأراد أن يرده قبل أن يتفرقا فقضى الشعبي أنه قد وجب البيع، فشهد عنده أبو الضحى أن شريحا أتى في مثل ذلك فرده على البائع، فرجع الشعبي إلى قول شريح. قوله: "وطاوس" قال الشافعي في "الأم" : أخبرنا ابن عيينة عن عبد الله بن طاوس عن أبيه قال: "خير رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا بعد البيع" قال وكان أبي يحلف ما الخيار إلا بعد البيع.قوله: "وعطاء وابن أبي مليكة" وصلها ابن أبي شيبة عن جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة وعطاء قالا: البيعان بالخيار حتى يتفرقا عن رضا. ونقل ابن المنذر القول به أيضا عن سعيد بن المسيب والزهري وابن أبي ذئب من أهل المدينة، وعن الحسن البصري والأوزاعي وابن جريح وغيرهم، وبالغ ابن حزم فقال لا نعلم لهم مخالفا من التابعين لا النخعي وحده ورواية مكذوبة عن شريح، والصحيح عنه القول به، وأشار إلى ما رواه سعيد بن منصور عن أبي معاوية عن حجاج عن الحكم عن شريح قال: إذا تكلم الرجل بالبيع فقد وجب البيع، وإسناده ضعيف لأجل حجاج وهو ابن أرطاة. قوله: "حدثنا إسحاق" قال أبو علي الجياني: لم أره منسوبا في شيء من الروايات، ولعله إسحاق ابن منصور، فإن مسلما روى عن إسحاق بن منصور عن حبان بن هلال. قلت: قد رأيته منسوبا في رواية أبي علي بن شبويه عن الفربري في هذا الحديث إسحاق بن منصور، ولم أره في مسند إسحاق بن راهويه من روايته عن حبان، فقوى ما قال أبو علي رحمه الله. ثم رأيت أبا نعيم استخرجه من طريق إسحاق بن راهويه عن حبان وقال: أخرجه البخاري عن إسحاق فالله أعلم. قوله: "حبان بن هلال" هو بفتح الحاء بعدها موحدة ثقيلة. قوله: "حدثنا شعبة" سيأتي بعد باب من هذا الوجه "عن همام" بدل شعبة، وهو محمول على أنه كان عند حبان عن شيخين حدثاه به عن شيخ واحد. قوله: "ما لم يتفرقا" في رواية همام الماضية قبل باب "ما لم يفترقا" وفي رواية سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر، وعن عطاء عن ابن عباس مرفوعا: "ما لم يفارقه صاحبه فإن فارقه فلا خيار له" وقد اختلف القائلون بأن المراد أن يتفرقا بالأبدان هل للتفرق المذكور حد ينتهي إليه؟ والمشهور الراجح من مذهب العلماء في ذلك أنه موكول إلى العرف، فكل ما عد في العرف تفرقا حكم به وما لا فلا والله أعلم. قوله: "فإن صدقا وبينا" أي صدق البائع في إخبار المشترى مثلا وبين العيب إن كان في السلعة، وصدق المشتري في قدر الثمن مثلا وبين العيب إن كان في الثمن، ويحتمل أن يكون الصدق والبيان بمعنى واحد وذكر أحدهما تأكيد للآخر. قوله: "محقت بركة بيعهما" يحتمل أن يكون على ظاهره وأن شؤم التدليس والكذب وقع في ذلك العقد فمحق بركته، وإن كان الصادق مأجورا والكاذب مأزورا. ويحتمل أن يكون ذلك مختصا بمن وقع منه التدليس، والعيب دون الآخر، ورجحه ابن أبي جمرة. وفي الحديث فضل الصدق والحث عليه وذم الكذب والحث على منعه، وأنه سبب لذهاب البركة، وأن عمل الآخرة يحصل خيري الدنيا والآخرة. قوله: "إلا بيع الخيار" أي فلا
(4/329)

يحتاج إلى التفرق كما سيأتي شرحه في الباب الذي يليه. وفي رواية أيوب عن نافع في الباب الذي قبله "ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر" وهو ظاهر في حصر لزوم البيع بهذين الأمرين، وفيه دليل على إثبات خيار المجلس وقد مضى قبل بباب أن ابن عمر حمله على التفرق بالأبدان، وكذلك أبو برزة الأسلمي، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة. وخالف في ذلك إبراهيم النخعي فروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه قال: "البيع جائز وإن لم يتفرقا" ورواه سعيد بن منصور عنه بلفظ: "إذا وجبت الصفقة فلا خيار" وبذلك قال المالكية إلا ابن حبيب والحنفية كلهم، قال ابن حزم: لا نعلم لهم سلفا إلا إبراهيم وحده، وقد ذهبوا في الجواب عن حديثي الباب فرقا: فمنهم من رده لكونه معارضا لما هو أقوى منه، ومنهم من صححه ولكن أوله على غير ظاهره، فقالت طائفة منهم: هو منسوخ بحديث: "المسلمون على شروطهم" والخيار بعد لزوم العقد يفسد الشرط، وبحديث التحالف عند اختلاف المتبايعين لأنه يقتضي الحاجة إلى اليمين وذلك يستلزم لزوم العقد ولو ثبت الخيار لكان كافيا في رفع العقد، وبقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} والإشهاد إن وقع بعد التفرق لم يطابق الأمر وإن وقع قبل التفرق لم يصادف محلا، ولا حجة في شيء من ذلك لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، والجمع بين الدليلين مهما أمكن لا يصار معه إلى الترجيح، والجمع هنا ممكن بين الأدلة المذكورة بغير تعسف ولا تكلف. وقال بعضهم هو من رواية مالك وقد عمل بخلافه فدل على أنه عارضه ما هو أقوى منه، والراوي إذا عمل بخلاف ما روى دل على وهن. المروي عنده. وتعقب بأن مالكا لم يتفرد به، فقد رواه غيره وعمل به وهم أكثر عددا رواية وعملا، وقد خص كثير من محققي أهل الأصول الخلاف المشهور - فيما إذا عمل الراوي بخلاف ما روى - بالصحابة دون ما جاء بعدهم، ومن قاعدتهم أن الراوي أعلم بما روى، وابن عمر هو راوي الخبر وكان يفارق إذا باع ببدنه فاتباعه أولى من غيره. وقالت طائفة هو معارض بعمل أهل المدينة، ونقل ابن التين عن أشهب بأنه مخالف لعمل أهل مكة أيضا. وتعقب بأنه قال به ابن عمر ثم سعيد بن المسيب ثم الزهري ثم ابن أبي ذئب كما مضى، وهؤلاء من أكابر علماء أهل المدينة في أعصارهم ولا يحفظ عن أحد من علماء المدينة القول بخلافه سوى عن ربيعة. وأما أهل مكة فلا يعرف أحد منهم القول بخلافه، فقد سبق عن عطاء وطاوس وغيرهما من أهل مكة، وقد اشتد إنكار ابن عبد البر وابن العربي على من زعم من المالكية أن مالكا ترك العمل به لكون عمل أهل المدينة على خلافه، قال ابن العربي: إنما لم يأخذ به مالك لأن وقت التفرق غير معلوم فأشبه بيوع الغرر كالملامسة، وتعقب بأنه يقول بخيار الشرط ولا يحده بوقت معين، وما ادعاه من الغرر موجود فيه وبأن الغرر في خيار المجلس معدوم لأن كلا منهما متمكن من إمضاء البيع أو فسخه بالقول أو بالفعل فلا غرر. وقالت طائفة هو خبر واحد فلا يعمل به إلا فيما تعم به البلوى، ورد بأنه مشهور فيعمل به كما ادعوا نظير ذلك في خبر القهقهة في الصلاة وإيجاب الوتر. وقال آخرون: هو مخالف للقياس الجلي في إلحاق ما قبل التفرق بما بعده، وتعقب بأن القياس مع النص فاسد الاعتبار. وقال آخرون: التفرق بالأبدان محمول على الاستحباب تحسينا للمعاملة مع المسلم لا على الوجوب. وقال آخرون: هو محمول على الاحتياط للخروج من الخلاف وكلاهما على خلاف الظاهر. وقالت طائفة: المراد بالتفرق في الحديث التفرق بالكلام كما في عقد النكاح والإجارة والعتق، وتعقب بأنه قياس مع ظهور الفارق لأن البيع ينقل فيه ملك رقبة المبيع ومنفعته بخلاف ما ذكر. وقال ابن حزم: سواء قلنا التفرق بالكلام أو بالأبدان فإن خيار المجلس بهذا الحديث ثابت، أما حيث
(4/330)

قلنا التفرق بالأبدان فواضح، وحيث قلنا بالكلام فواضح أيضا، لأن قول أحد المتبايعين مثلا بعتكه بعشرة وقول الآخر بل بعشرين مثلا افتراق في الكلام بلا شك، بخلاف ما لو قال اشتريته بعشرة فإنهما حينئذ متوافقان فيتعين ثبوت الخيار لهما حين يتفقان لا حين يتفرقان وهو المدعي. وفيل المراد بالمتبايعين المتساومان، ورد بأنه مجاز والحمل على الحقيقة أو ما يقرب منها أولى. واحتج الطحاوي بآيات وأحاديث استعمل فيها المجاز وقال: من أنكر استعمال لفظ البائع في السائم فقد غفل عن اتساع اللغة: وتعقب بأنه لا يلزم من استعمال المجاز في موضع طرده في كل موضع، فالأصل من الإطلاق الحقيقة حتى يقوم الدليل على خلافه. وقالوا أيضا: وقت التفرق في الحديث هو ما بين قول البائع بعتك هذا بكذا وبين قول المشتري اشتريت، قالوا فالمشتري بالخيار في قوله اشتريت أو تركه والبائع بالخيار إلى أن يوجب المشتري، وهكذا حكاه الطحاوي عن عيسى بن أبان منهم، وحكاه ابن خويز منداد عن مالك، قال عيسى بن أبان: وفائدته تظهر فيما لو تفرقا قبل القبول فإن القبول يتعذر، وتعقب بأن تسميتهما متبايعين قبل تمام العقد مجاز أيضا، فأجيب بأن تسميتهما متبايعين بعد تمام العقد مجاز أيضا، لأن اسم الفاعل في الحال حقيقة وفيما عداه مجاز، فلو كان الخيار بعد انعقاد البيع لكان لغير البيعين والحديث يرده فتعين حمل التفرق على الكلام، وأجيب بأنه إذا تعذر الحمل على الحقيقة تعين المجاز، وإذا تعارض المجازان فالأقرب إلى الحقيقة أولى. وأيضا فالمتبايعان لا يكونان متبايعين حقيقة إلا في حين تعاقدهما، لكن عقدهما لا يتم إلا بأحد أمرين إما بإبرام العقد أو التفرق على ظاهر الخبر فصح أنهما متعاقدان ما داما في مجلس العقد، فعلى هذا تسميتهما متبايعين حقيقة بخلاف حمل المتبايعين على المتساومين فإنه مجاز باتفاق. وقالت طائفة التفرق يقع بالأقوال كقوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ} وأجيب بأنه سيئ بذلك لكونه يفضي إلى التفرق بالأبدان، قال البيضاوي: ومن نفى خيار المجلس ارتكب مجازين بحمله التفرق على الأقوال وحمله المتبايعين على المتساومين، وأيضا فكلام الشارع يصان عن الحمل عليه، لأنه يصير تقديره إن المتساومين إن شاءا عقدا البيع، وإن شاءا لم يعقداه وهو تحصيل الحاصل لأن كل أحد يعرف ذلك، ويقال لمن زعم أن التفرق بالكلام: ما هو الكلام الذي يقع به التفرق، أهو الكلام الذي وقع به العقد أم غيره؟ فإن كان غيره فما هو، فليس بين المتعاقدين كلام غيره؟ وإن كان هو ذلك الكلام بعينه لزم أن يكون الكلام الذي اتفقا عليه وتم بيعهما به هو الكلام الذي افترقا به وانفسخ بيعهما به وهذا في غاية الفساد. وقال آخرون العمل بظاهر الحديث متعذر فيتعين تأويله، وبيان تعذره أن المتبايعين إن اتفقا في الفسخ أو الإمضاء لم يثبت لواحد منهما على الآخر خيار، وإن اختلفا فالجمع بين الفسخ والإمضاء جمع بين النقيضين وهو مستحيل. وأجيب بأن المراد أن لكل منهما الخيار في الفسخ، وأما الإمضاء فلا احتياج إلى اختياره فإنه مقتضى العقد والحال يفضي إليه مع السكوت بخلاف الفسخ. وقال آخرون: حديث بن عمر هذا وحكيم بن حزام معارض بحديث عبد الله بن عمرو، وذلك فيما أخرجه أبو داود وغيره من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله" قال ابن العربي: ظاهر هذه الزيادة مخالف لأول الحديث في الظاهر، فإن تأولوا الاستقالة فيه على الفسخ تأولنا الخيار فيه على الاستقالة وإذا تعارض التأويلان فزع إلى الترجيح، والقياس في جانبنا وتعقب بأن حمل الاستقالة على الفسخ أوضح من حمل الخيار على الاستقالة، لأنه لو كان المراد حقيقة
(4/331)

الاستقالة لم تمنعه من المفارقة لأنها لا تختص بمجلس العقد، وقد أثبت في أول الحديث الخيار ومده إلى غاية التفرق، ومن المعلوم أن من له الخيار لا يحتاج إلى الاستقالة فتعين حملها على الفسخ، وعلى ذلك حمله الترمذي وغيره من العلماء فقالوا: معناه لا يحل له أن يفارقه بعد البيع خشية أن يختار فسخ البيع لأن العرب تقول استقلت ما فات عني إذا استدركه، فالمراد بالاستقالة فسخ النادم منهما للبيع. وحملوا نفي الحل على الكراهة لأنه لا يليق بالمروءة وحسن معاشرة المسلم، إلا أن اختيار الفسخ حرام، قال ابن حزم: احتجاجهم بحديث عمرو بن شعيب على التفرق بالكلام لقوله فيه: "خشية أن يستقيله" لكون الاستقالة لا تكون إلا بعد تمام البيع، وصحة انتقال الملك تستلزم أن يكون الخبر المذكور لا فائدة له لأنه يلزم من حمل التفرق على القول إباحة المفارقة، خشي أن يستقيله أو لم يخش. وقال بعضهم التفرق بالأبدان في الصرف قبل القبض يبطل العقد فكيف يثبت العقد ما يبطله؟ وتعقب باختلاف الجهة وبالمعارضة بنظيره، وذلك أن النقد وترك الأجل شرط لصحة الصرف وهو يفسد السلم عندهم. واحتج بعضهم بحديث ابن عمر الآتي بعد بابين في قصة البكر الصعب وسيأتي توجهه وجوابه، واحتج الطحاوي بقول ابن عمر: ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فهو من مال المبتاع: وتعقب بأنهم يخالفونه، أما الحنفية فقالوا: هو من مال البائع ما لم يره المبتاع أو ينقله. والمالكية قالوا: إن كان غائبا غيبة بعيدة فهو من البائع وأنه لا حجة فيه لأن الصفقة فيه محمولة على البيع الذي انبرم لا على ما لم ينبرم جمعا بين كلاميه. وقال بعضهم معنى قوله حتى يتفرقا أي حتى يتوافقا يقال للقوم: على ماذا تفارقتم؟ أي على ماذا اتفقتم؟ وتعقب بما ورد في بقية حديث ابن عمر في جميع طرقه ولا سيما في طريق الليث الآتية في الباب الذي بعد هذا. وقال بعضهم حديث: "البيعان بالخيار" جاء بألفاظ مختلفة فهو مضطرب لا يحتج به، وتعقب بأن الجمع بين ما اختلف من ألفاظه ممكن بغير تكلف ولا تعسف فلا يضره الاختلاف، وشرط المضطرب أن يتعذر الجمع بين مختلف ألفاظه وليس هذا الحديث من ذلك. وقال بعضهم: لا يتعين حمل الخيار في هذا الحديث على خيار الفسخ، فلعله أريد به خيار الشراء أو خيار الزيادة في الثمن أو المثمن، وأجيب بأن المعهود في كلامه صلى الله عليه وسلم حيث يطلق الخيار إرادة خيار الفسخ كما في حديث المصراة وكما في حديث الذي يخدع في البيوع. وأيضا فإذا ثبت أن المراد بالمتبايعين المتعاقدان فبعد صدور العقد لا خيار في الشراء ولا في الثمن. وقال ابن عبد البر: قد أكثر المالكية والحنفية من الاحتجاج لرد هذا الحديث بما يطول ذكره، وأكثره لا يحصل منه شيء. وحكى ابن السمعاني في "الاصطلاح" عن بعض الحنفية قال: البيع عقد مشروع بوصف وحكم، فوصفه اللزوم وحكمه الملك، وقد تم البيع بالعقد فوجب أن يتم بوصفه وحكمه، فأما تأخير ذلك إلى أن يفترقا فليس عليه دليل لأن السبب إذا تم يفيد حكمه، ولا ينتفي إلا بعارض ومن ادعاه فعليه البيان. وأجاب أن البيع سبب للإيقاع في الندم والندم يحوج إلى النظر فأثبت الشارع خيار المجلس نظرا للمتعاقدين ليسلما من الندم، ودليله خيار الرؤية عندهم وخيار الشرط عندنا. قال: ولو لزم العقد بوصفه وحكمه لما شرعت الإقالة، لكنا شرعت نظرا للمتعاقدين، إلا أنها شرعت لاستدراك ندم ينفرد به أحدهما فلم تجب، وخيار المجلس شرع لاستدراك ندم يشتركان فيه فوجب.
(4/332)

باب اذا خير احداهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع
...



عدد المشاهدات *:
362559
عدد مرات التنزيل *:
138844
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 09/07/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 09/07/2013

فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني

روابط تنزيل : باب الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  باب الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  باب الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني


@designer
1