اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الثلاثاء 15 شوال 1445 هجرية
????????????? ???????????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????? ?????????? ??????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

سم الله

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني
المجلد السابع
كتاب المغازي
باب غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ
باب غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ 2
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني
بالناس صلاة الخوف ثم انصرف الناس" وهذا القدر هو الذي ذكره البخاري تعليقا مدرجا بطريق وهب بن كيسان عن جابر، وليس هو عند ابن إسحاق عن وهب كما أوضحته إلا أن يكون البخاري اطلع على ذلك من وجه آخر لم نقف عليه، أو في النسخة تقديم وتأخير فظنه موصولا بالخبر المسند، فالله أعلم. ولم أر من نبه على ذلك في هذا الموضع. ونخل بالخاء المعجمة كما تقدم: موضع من نجد من أراضي غطفان، قال أبو عبيدة البكري: لا يصرف وغفل من قال إن المراد نخل بالمدينة، واستدل به على مشروعية صلاة الخوف في الحضر، وليس كما قال. وصلاة الخوف في الحضر قال بها الشافعي والجمهور إذا حصل الخوف، وعن مالك تختص بالسفر، والحجة للجمهور قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} فلم يقيد ذلك بالسفر، والله أعلم. قوله: "وقال يزيد عن سلمة: غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القرد" أما يزيد فهو ابن أبي عبيد، وأما سلمة فهو ابن الأكوع، وسيأتي حديثه هذا موصولا قبل غزوة خيبر، وترجم له المصنف" غزوة ذي قرد وهي الغزوة التي أغاروا فيها على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم: "ثم ساقه مطولا، وليس فيه لصلاة الخوف ذكر، وإنما ذكره هنا من أجل حديث ابن عباس المذكور قبل أنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف بذي قرد، ولا يلزم من ذكر ذي قرد في الحديثين أن تتحد القصة، كما لا يلزم من كونه صلى الله عليه وسلم صلى الخوف في مكان أن لا يكون صلاها في مكان آخر، قال البيهقي: الذي لا نشك فيه أن غزوة ذي قرد كانت بعد الحديبية وخيبر، وحديث سلمة بن الأكوع مصرح بذلك، وأما غزوة ذات الرقاع فمختلف فيها، فظهر تغاير القصتين كما حررته واضحا. قوله: "عن أبي موسى" هو الأشعري. قوله: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة ونحن في ستة نفر" لم أقف على أسمائهم وأظنهم من الأشعريين. قوله: "بيننا بعير نعتقبه" أي نركبه عقبة عقبة، وهو أن يركب هذا قليلا ثم ينزل فيركب الآخر بالنوبة حتى يأتي على سائرهم. قوله: "فنقبت أقدامنا" بفتح النون وكسر القاف بعدها موحدة أي رقت، يقال نقب البعير إذا رق خفه. قوله: "لما كنا" أي من أجل ما فعلناه من ذلك. قوله: "نعصب" بفتح أوله وكسر الصاد المهملة. قوله: "وحدث أبو موسى بهذا" هو موصول بالإسناد المذكور، وهو مقول أبي بردة بن أبي موسى. قوله: "كره ذلك" أي لما خاف من تزكية نفسه. قوله: "كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه" وذكر أن كتمان العمل الصالح أفضل من إظهاره، إلا لمصلحة راجحة كمن يكون ممن يقتدي به وعند الإسماعيلي في رواية منقطعة قال: والله يجزي به.
4129- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى صَلاَةَ الْخَوْفِ "أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلاَتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ"
4130- وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلٍ فَذَكَرَ صَلاَةَ الْخَوْفِ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ"
تَابَعَهُ اللَّيْثُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ "صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ"
(7/421)

4131- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ يَقُومُ الإِمَامُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ قِبَلِ الْعَدُوِّ وُجُوهُهُمْ إِلَى الْعَدُوِّ فَيُصَلِّي بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ فِي مَكَانِهِمْ ثُمَّ يَذْهَبُ هَؤُلاَءِ إِلَى مَقَامِ أُولَئِكَ فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً فَلَهُ ثِنْتَانِ ثُمَّ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَحْيَى سَمِعَ الْقَاسِمَ أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلٍ حَدَّثَهُ قَوْلَهُ
4132- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ "غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ فَصَافَفْنَا لَهُمْ"
4133- حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بإحدى الطائفتين, والطائفة الأخرى مواجهة العدو, ثم انصرفوا فقاموا في مقام أصحابهم,فجاء أولئك فصلى بهم ركعة ثم سلم عليهم ثم قام هؤلاء فقضوا ركعتهم وقام هؤلاء فقضو ركعتهم"
قوله: "عن صالح بن خوات" بفتح الخاء المعجمة وتشديد الواو وآخره مثناة أي ابن جبير بن النعمان الأنصاري، وصالح تابعي ثقة ليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد، وأبوه أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وهو صحابي جليل أول مشاهده أحد ومات بالمدينة سنة أربعين. قوله: "عمن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف" قيل إن اسم هذا المبهم سهل ابن أبي حثمة، لأن القاسم بن محمد روى حديث صلاة الخوف عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة، وهذا هو الظاهر من رواية البخاري، ولكن الراجح أنه أبوه خوات بن جبير، لأن أبا أويس روى هذا الحديث عن يزيد بن رومان شيخ مالك فيه فقال: "عن صالح بن خوات عن أبيه" أخرجه ابن منده في "معرفة الصحابة" من طريقه، وكذلك أخرجه البيهقي من طريق عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن أبيه، وجزم النووي في تهذيبه بأنه خوات بن جبير وقال: أنه محقق من رواية مسلم وغيره. قلت: وسبقه لذلك الغزالي فقال: إن صلاة ذات الرقاع في رواية خوات بن جبير. وقال الرافعي في شرح الوجيز اشتهر هذا في كتب الفقه، والمنقول في كتب الحديث رواية صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة وعمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: فلعل المبهم هو خوات والد صالح. قلت: وكأنه لم يقف على رواية خوات التي ذكرتها وبالله التوفيق. ويحتمل أن صالحا سمعه من أبيه ومن سهل بن أبي حثمة فلذلك يبهمه تارة ويعينه أخرى، إلا أن تعيين كونها كانت ذات الرقاع إنما هو في روايته عن أبيه وليس في رواية صالح عن سهل أنه صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وينفع هذا فيما سنذكره قريبا من استبعاد أن يكون سهل بن أبي حثمة كان في سن من يخرج في تلك الغزاة، فإنه لا يلزم من ذلك أن لا يرويها فتكون روايته إياها مرسل صحابي،
(7/422)

فبهذا يقوى تفسير الذي صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم بخوات والله أعلم. قوله: "أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو" وجاه بكسر الواو وبضمها أي مقابل. قوله: "فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت وأتموا لأنفسهم" هذه الكيفية تخالف الكيفية التي تقدمت عن جابر في عدد الركعات، وتوافق الكيفية التي تقدمت عن ابن عباس في ذلك، لكن تخالفها في كونه صلى الله عليه وسلم ثبت قائما حتى أتمت الطائفة لأنفسها ركعة أخرى، وفي أن الجميع استمروا في الصلاة حتى سلموا بسلام النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: "وقال معاذ حدثنا هشام" كذا للأكثر، وعند النسفي "وقال معاذ بن هشام حدثنا هشام" وفيه رد على أبي نعيم ومن تبعه في الجزم بأن معاذا هذا هو ابن فضالة شيخ البخاري، ومعاذ بن هشام ثقة صاحب غرائب، وقد تابعه ابن علية عن أبيه هشام وهو الدستوائي أخرجه الطبري في تفسيره، وكذلك أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عن هشام عن أبي الزبير، ولمعاذ بن هشام عن أبيه فيه إسناد آخر أخرجه الطبري عن بندار عن معاذ بن هشام عن أبيه عن سليمان اليشكري عن جابر، وسأذكر ما في رواياتهم من الاختلاف قريبا إن شاء الله تعالى. قوله: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بنخل فذكر صلاة الخوف" أورده مختصرا معلقا لأن غرضه الإشارة إلى أن روايات جابر متفقة على أن الغزوة التي وقعت فيها صلاة الخوف هي غزوة ذات الرقاع، لكن فيه نظر لأن سياق رواية هشام عن أبي الزبير هذه تدل على أنه حديث آخر في غزوة أخرى، وبيان ذلك أن في هذا الحديث عند الطيالسي وغيره: "أن المشركين قالوا: دعوهم فإن لهم صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم. قال فنزل جبريل فأخبره، فصلى بأصحابه العصر، وصفهم صفين" فذكر صفة صلاة الخوف، وهذه القصة إنما هي في غزوة عسفان، وقد أخرج مسلم هذا الحديث من طريق زهير بن معاوية عن أبي الزبير بلفظ يدل على مغايرة هذه القصة لغزوة محارب في ذات الرقاع، ولفظه عن جابر قال: "غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم قوما من جهينة، فقاتلونا قتالا شديدا، فلما أن صلينا الظهر قال المشركون: لو ملنا عليهم ميلة واحدة لأفظعناهم، فأخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال وقالوا: ستأتيهم صلاة هي أحب إليهم من الأولاد" فذكر الحديث. وروى أحمد والترمذي وصححه النسائي من طريق عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضبحان وعسفان، فقال المشركون: إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم" فذكر الحديث في نزول جبريل لصلاة الخوف، وروى أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان من حديث أبي عياش الزرقي قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان فصلى بنا الظهر وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد، فقالوا: لقد أصبنا منهم غفلة، ثم قال: إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم، فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر، فصلى بنا العصر ففرقنا فرقتين" الحديث وسياقه نحو رواية زهير عن أبي الزبير عن جابر، وهو ظاهر في اتحاد القصة. وقد روى الواقدي من حديث خالد بن الوليد قال: "لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية لقيته بعسفان فوقفت بإزائه وتعرضت له، فصلى بأصحابه الظهر، فهممنا أن نغير عليهم فلم يعزم لنا، فأطلع الله نبيه على ذلك فصلى بأصحابه العصر صلاة الخوف" الحديث، وهو ظاهر فيما قررته أن صلاة الخوف بعسفان غير صلاة الخوف بذات الرقاع، وأن جابرا روى القصتين معا. فأما رواية أبي الزبير عنه ففي قصة عسفان، وأما رواية أبي سلمة ووهب بن كيسان وأبي موسى المصري عنه ففي غزوة ذات الرقاع وهي غزوة محارب وثعلبة، وإذا تقرر أن أول ما صليت صلاة الخوف في عسفان وكانت في عمرة الحديبية وهي بعد الخندق وقريظة وقد صليت صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع وهي بعد عسفان فتعين تأخرها
(7/423)

عن الخندق وعن قريظة وعن الحديبية أيضا، فيقوى القول بأنها بعد خيبر، لأن غزوة خيبر كانت عقب الرجوع من الحديبية، وأما قول الغزالي إن غزوة ذات الرقاع آخر الغزوات فهو غلط واضح، وقد بالغ ابن الصلاح في إنكاره. وقال بعض من انتصر للغزالي: لعله أراد آخر غزوة صليت فيها صلاة الخوف، وهذا انتصار مردود أيضا، لما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان من حديث أبي بكرة أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، وإنما أسلم أبو بكرة في غزوة الطائف باتفاق، وذلك بعد غزوة ذات الرقاع قطعا، وإنما ذكرت هذا استطرادا لتكمل الفائدة. قوله: "قال مالك" هو موصول بالإسناد المذكور. قوله: "وذلك أحسن ما سمعت في صلاة الخوف" يقتضي أنه سمع في كيفيتها صفات متعددة، وهو كذلك، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة صلاة الخوف كيفيات حملها بعض العلماء على اختلاف الأحوال، وحملها آخرون على التوسع والتخيير، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في "باب صلاة الخوف" وما ذهب إليه مالك من ترجيح هذه الكيفية وافقه الشافعي وأحمد وداود على ترجيحها لسلامتها من كثرة المخالفة ولكونها أحوط لأمر الحرب، مع تجويزهم الكيفية التي في حديث ابن عمر. ونقل عن الشافعي أن الكيفية التي في حديث ابن عمر منسوخة ولم يثبت ذلك عنه، وظاهر كلام المالكية عدم إجازة الكيفية التي في حديث ابن عمر، واختلفوا في كيفية رواية سهل بن أبي حثمة في موضع واحد وهو أن الإمام هل يسلم قبل أن تأتي الطائفة الثانية بالركعة الثانية أو ينتظرها في التشهد ليسلموا معه؟ فبالأول قال المالكية، وزعم ابن حزم أنه لم يرد عن أحد من السلف القول بذلك والله أعلم. ولم تفرق المالكية والحنفية حيث أخذوا بالكيفية التي في هذا الحديث بين أن يكون العدو في جهة القبلة أم لا، وفرق الشافعي والجمهور فحملوا حديث سهل على أن العدو كان في غير جهة القبلة فلذلك صلى بكل طائفة وحدها جميع الركعة، وأما إذا كان العدو في جهة القبلة فعلى ما تقدم في حديث ابن عباس أن الإمام يحرم بالجميع ويركع بهم، فإذا سجد سجد معه صف وحرس صف إلخ. ووقع عند مسلم من حديث جابر "صفنا صفين والمشركون بيننا وبين القبلة" وقال السهيلي: اختلف العلماء في الترجيح، فقالت طائفة يعمل منها بما كان أشبه بظاهر القرآن. وقالت طائفة يجتهد في طلب الأخير منها فإنه الناسخ لما قبله. وقالت طائفة يؤخذ بأصحها نقلا وأعلاها رواة. وقالت طائفة يؤخذ بجميعها على حساب اختلاف أحوال الخوف، فإذا أشتد الخوف أخذ بأيسرها مؤنة، والله أعلم. قوله: "تابعه الليث عن هشام عن زيد بن أسلم أن القاسم بن محمد حدثه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار" قلت: لم يظهر لي مراد البخاري بهذه المتابعة، لأنه إن أراد المتابعة في المتن لم يصح، لأن الذي قبله غزوة محارب وثعلبة بنخل، وهذه غزوة أنمار، ولكن يحتمل الاتحاد لأن ديار بني أنمار تقرب من ديار بني ثعلبة، وسيأتي بعد باب أن أنمار في قبائلهم منهم بطن من غطفان، وإن أراد المتابعة في الإسناد فليس كذلك، بل الروايتان متخالفتان من كل وجه: الأولى متصلة بذكر الصحابي وهذه مرسلة، ورجال الأولى غير رجال الثانية، ولعل بعض من لا بصر له بالرجال يظن أن هشاما المذكور قبل هو هشام المذكور ثانيا، وليس كذلك فإن هشاما الراوي عن أبي الزبير هو الدستوائي كما بينته قبل وهو بصري، وهشام شيخ الليث فيه هو ابن سعد وهو مدني، والدستوائي لا رواية له عن زيد بن أسلم ولا رواية لليث بن سعد عنه، وقد وصل البخاري في تاريخه هذا المعلق قال: "قال لي يحيى بن عبد الله بن بكير حدثنا الليث عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم سمع القاسم بن محمد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في غزوة بني أنمار نحوه" يعني نحو حديث صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة
(7/424)

في صلاة الخوف. قلت: فظهر لي من هذا وجه المتابعة، وهو أن حديث سهل بن أبي حثمة في غزوة ذات الرقاع متحد مع حديث جابر، لكن لا يلزم من اتحاد كيفية الصلاة في هذه وفي هذه أن تتحد الغزوة، وقد أفرد البخاري غزوة بني أنمار بالذكر كما سيأتي بعد باب. نعم ذكر الواقدي أن سبب غزوة ذات الرقاع أن أعرابيا قدم بجلب إلى المدينة فقال: إني رأيت ناسا من بني ثعلبة ومن بني أنمار وقد جمعوا لكم جموعا وأنتم في غفلة عنهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في أربعمائة ويقال سبعمائة، فعلى، هذا فغزوة بني أنمار متحدة مع غزوة بني محارب وثعلبة، وهي غزوة ذات الرقاع، والله أعلم. ويحتمل أن يكون موضع هذه المتابعة بعد حديث القاسم بن محمد عن صالح بن خوات فيكون متأخرا عنه، ويكون تقديمه من بعض النقلة عن البخاري، ويؤيد ذلك ما ذكرته عن تاريخ البخاري فإنه بين في ذلك، والله أعلم. قوله: "حدثنا يحيى عن يحيى" الأول هو ابن سعيد القطان وشيخه هو ابن سعيد الأنصاري، والقاسم بن محمد أي ابن أبي بكر الصديق، وصالح بن خوات تقدم التعريف به، ففي الإسناد ثلاثة من التابعين المدنيين في نسق: يحيى الأنصاري فمن فوقه وسهل بن أبي حثمة بفتح المهملة وسكون المثناة واسمه عبد الله وقيل عامر وقيل اسم أبيه عبد الله وأبو حثمة جده واسمه عامر بن ساعدة، وهو أنصاري من بني الحارث بن الخزرج، اتفق أهل العلم بالأخبار على أنه كان صغيرا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما ذكر ابن أبي حاتم عن رجل من ولد سهل أنه حدثه أنه بايع تحت الشجرة وشهد المشاهد إلا بدرا وكان الدليل ليلة أحد. وقد تعقب هذا جماعة من أهل المعرفة وقالوا: إن هذه الصفة لأبيه، وأما هو فمات النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان سنين، وممن جزم بذلك الطبري وابن حبان وابن السكن وغير واحد، وعلى هذا فتكون روايته لقصة صلاة الخوف مرسلة ويتعين أن يكون مراد صالح بن خوات ممن شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف غيره، والذي يظهر أنه أبوه كما تقدم والله أعلم. قوله: "يقوم الإمام" هذا ذكره موقوفا، وقد أخرجه المصنف بعد حديث من طريق ابن أبي حاتم واسمه عبد العزيز عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وأورده من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه مرفوعا. قوله: "عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله" أي مثل المتن الموقوف من رواية يحيى عن يحيى، وقد أورده مسلم وأبو داود من هذا الوجه بلفظ: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في الخوف فصفهم خلفه صفين" فذكر الحديث، وهو مما يقوي ما قدمته أن سهل بن أبي حثمة لم يشهد ذلك وأن المراد بقول صالح بن خوات ممن شهد أبوه لا سهل والله أعلم. قوله: "أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد فوازينا" بالزاي أي قاتلنا "العدو فصاففنا لهم" وقد تقدم في "باب صلاة الخوف" أن رواية الكشميهني: "فصففناهم" وكذا أخرجه أحمد عن أبي اليمان شيخ البخاري فيه، وهكذا أورده البخاري من طريق شعيب هنا مقتصرا منها على هذا القدر، وعقبها بطريق معمر فلم يتعرض لصدر الحديث بل أوله "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بإحدى الطائفتين والطائفة الأخرى مواجهة العدو" الحديث، فأما رواية شعيب فتقدمت في "باب صلاة الخوف" تامة، وأما رواية معمر فأخرجها أبو داود عن مسدد شيخ البخاري فيه كذلك، ووقع في آخرها "ثم قام فقضوا ركعتهم، وقام هؤلاء فقضوا ركعتهم" ولفظ القضاء فيها على معنى الأداء لا على معنى القضاء الاصطلاحي، وقد وقع في رواية شعيب "فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين" وهي تبين المراد في رواية ابن جريج عن الزهري عند أحمد نحوه، وقد تقدم الكلام على بقية هذا الحديث في "باب صلاة الخوف".
(7/425)



عدد المشاهدات *:
375208
عدد مرات التنزيل *:
140121
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 19/10/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 19/10/2013

فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني

روابط تنزيل : باب غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ 2
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  باب غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ 2
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  باب غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ 2 لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني


@designer
1