5521- حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ وَنَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ"
5522- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ تَابَعَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ"
5523- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ"
5524- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ"
5525، 5526- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَدِيٌّ عَنْ الْبَرَاءِ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالاَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ"
5527- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ قَالَ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ وَعُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَالْمَاجِشُونُ وَيُونُسُ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ"
5528- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتْ الْحُمُرُ ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتْ الْحُمُرُ ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُفْنِيَتْ الْحُمُرُ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ
(9/653)
فَإِنَّهَا رِجْسٌ فَأُكْفِئَتْ الْقُدُورُ وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ"
5529- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ حُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَقَالَ قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ وَلَكِنْ أَبَى ذَاكَ الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ {قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا}"
قوله: "باب لحوم الحمر الإنسية" القول في عدم جزمه بالحكم في هذا كالقول في الذي قبله، لكن الراجح في الحمر المنع بخلاف الخيل، والإنسية بكسر الهمزة وسكون النون منسوبة إلى الإنس، ويقال فيه أنسية بفتحتين، وزعم ابن الأثير أن في كلام أبي موسى المديني ما يقتضي أنها بالضم ثم السكون لقوله الأنسية هي التي تألف البيوت، والأنس ضد الوحشة، ولا حجة في ذلك لأن أبا موسى إنما قاله بفتحتين، وقد صرح الجوهري أن الأنس بفتحتين ضد الوحشة، ولم يقع في شيء من روايات الحديث بضم ثم سكون مع احتمال جوازه، نعم زيف أبو موسى الرواية بكسر أوله ثم السكون، فقال ابن الأثير: إن أراد من جهة الرواية فعسى، وإلا فهو ثابت في اللغة. ونسبتها إلى الأنس، وقد وقع في حديث أبي ثعلبة وغيره: "الأهلية" بدل الأنسية، ويؤخذ من التقييد بها جواز أكل الحمر الوحشية، وقد تقدم صريحا في حديث أبي قتادة في الحج. قوله: "فيه سلمة" هو ابن الأكوع وقد تقدم حديثه موصولا في المغازي مطولا. ثم ذكر في الباب أحاديث. قوله: "عبدة" هو ابن سليمان وعبيد الله هو العمري. قوله: "عن سالم ونافع" كذا قال عبد الله بن نمير عن عبيد الله عند مسلم ومحمد بن عبيد عنه كما سبق في المغازي، ثم ساقه المصنف من طريق يحيى القطان عن عبيد الله عن نافع وحده، وقوله: "تابعه ابن المبارك" وصله المؤلف في المغازي. قوله: "وقال أبو أسامة عن عبيد الله عن سالم" وصله في المغازي من طريقه، وفصل في روايته بين أكل الثوم والحمر، فبين أن النهي عن الثوم من رواية نافع فقط، وأن النهي عن الحمر عن سالم فقط، وهو تفصيل بالغ، لكن يحيى القطان حافظ فلعل عبيد الله لم يفصله إلا لأبي أسامة، وكان يحدث به عن سالم ونافع معا مدمجا فاقتصر بعض الرواة عنه على أخذ شيخه تمسكا بظاهر الإطلاق. حديث علي، ذكره مختصرا وتقدم مطولا في كتاب النكاح. حديث جابر، قد سبق في الباب الذي قبله. حديث البراء وابن أبي أوفى أورده مختصرا، وقد تقدم عنهما أتم سياقا من هذا في المغازي، وأفرده عن ابن أبي أوفى هنا وفي فرض الخمس وفيه زيادة اختلافهم في السبب. قوله: "حدثنا إسحاق" هو ابن راهويه، ويعقوب بن إبراهيم أي ابن سعيد، وصالح هو ابن كيسان. قوله: "حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية" تابعه الزبيدي وعقيل عن الزهري، فرواية الزبيدي وصلها النسائي من طريق بقية قال: "حدثني الزبيدي - ولفظه - نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن لحوم الحمر الأهلية" ورواية عقيل وصلها أحمد بلفظ الباب وزاد: "ولحم كل ذي ناب من السباع" وسيأتي البحث فيه بعد هذا. ووقع عند النسائي من وجه آخر عن أبي ثعلبة فيه قصة ولفظه: "غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر والناس جياع، فوجدوا حمرا أنسية فذبحوا منها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف فنادى: ألا إن لحوم الحمر الأنسية لا تحل". قوله: "وقال مالك ومعمر والماجشون ويونس وابن إسحاق عن الزهري: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع " يعني لم يتعرضوا فيه لذكر الحمر، فأما حديث مالك
(9/654)
فسيأتي موصولا في الباب الذي يليه، وأما حديث معمر ويونس فوصلهما الحسن بن سفيان من طريق عبد الله بن المبارك عنهما، وأما حديث الماجشون وهو يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة فوصله مسلم عن يحيى بن يحيى عنه، وأما حديث ابن إسحاق فوصلة إسحاق بن راهويه عن عبدة بن سليمان ومحمد بن عبيد كلاهما عنه. حديث أنس في النداء بالنهي عن لحوم الحمر، وقع عند مسلم أن الذي نادى بذلك هو أبو طلحة وعزاه النووي لرواية أبي يعلى فنسب إلى التقصير، ووقع عند مسلم أيضا أن بلالا نادى بذلك، وقد تقدم قريبا عند النسائي أن المنادي بذلك عبد الرحمن بن عوف، ولعل عبد الرحمن نادى أولا بالنهي مطلقا، ثم نادى أبو طلحة وبلال بزيادة على ذلك وهو قوله: "فإنها رجس، فأكفئت القدور وإنها لتفور باللحم" ووقع في "الشرح الكبير للرافعي" أن المنادي بذلك خالد بن الوليد وهو غلط فإنه لم يشهد خيبر وإنما أسلم بعد فتحها. قوله: "جاءه جاء فقال: أكلت الحمر" لم أعرف اسم هذا الرجل ولا اللذين بعده، ويحتمل أن يكونوا واحدا فإنه قال أولا: "أكلت" فإما لم يسمعه النبي صلى الله عليه وسلم وإما لم يكن أمر فيها بشيء، وكذا في الثانية، فلما قال الثالثة "أفنيت الحمر" أي لكثرة ما ذبح منها لتطبخ صادف نزول الأمر بتحريمها، ولعل هذا مستند من قال: إنما نهى عنها لكونها كانت حمولة الناس كما سيأتي. قوله: "سفيان" هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار. قوله: "قلت لجابر بن زيد" هو أبو الشعثاء بمعجمة ومثلثة البصري. قوله: "يزعمون" لم أقف على تسمية أحد منهم، وقد تقدم في الباب الذي قبله أن عمرو بن دينار روى ذلك عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله، وأن من الرواة من قال عنه عن جابر بلا واسطة. قوله: "قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري عندنا بالبصرة" زاد الحميدي في مسنده عن سفيان بهذا السند "قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" وأخرجه أبو داود من رواية ابن جريج عن عمرو بن دينار مضموما إلى حديث جابر بن عبد الله في النهي عن لحوم الحمر مرفوعا. ولم يصرح برفع حديث الحكم. قوله: "ولكن أبى ذلك البحر ابن عباس" و "أبى" من الإباء أي امتنع، والبحر صفة لابن عباس قيل له لسعة علمه، وهو من تقديم الصفة على الموصوف مبالغة في تعظيم الموصوف كأنه صار علما عليه، وإنما ذكر لشهرته بعد ذلك لاحتمال خفائه على بعض الناس، ووقع في رواية ابن جريج "وأبى ذلك البحر يريد ابن عباس" وهذا يشعر بأن في رواية ابن عيينة إدراجا. قوله: "وقرأ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} في رواية ابن مردويه وصححه الحاكم من طريق محمد بن شريك عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس قال: "كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا" فبعث لله نبيه وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه، فما أحل فيه فهو حلال، وما حرم فيه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو. وتلا هذه: قل لا أجد إلى آخرها "والاستدلال بهذا للحل إنما يتم فيما لم يأت فيه نص عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريمه، وقد تواردت الأخبار بذلك والتنصيص على التحريم مقدم على عموم التحليل وعلى القياس، وقد تقدم في المغازي عن ابن عباس أنه توقف في النهي عن الحمر: هل كان لمعنى خاص، أو للتأييد؟ ففيه عن الشعبي عنه أنه قال: لا أدري أنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه كان حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرمها البتة يوم خيبر؟ وهذا التردد أصح من الخبر الذي جاء عنه بالجزم بالعلة المذكورة، وكذا فيما أخرجه الطبراني وابن ماجه من طريق شقيق بن سلمة عن ابن عباس قال: "إنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمر الأهلية مخافة قلة الظهر" وسنده ضعيف، وتقدم في المغازي في حديث ابن أبي أوفى: فتحدثنا أنه إنما نهى عنها لأنها لم تخمس "وقال بعضهم نهى
(9/655)
عنها لأنها كانت تأكل العذرة. قلت: وقد أزال هذه الاحتمالات من كونها لم تخمس أو كانت جلالة أو كانت انتهبت حديث أنس المذكور قبل هذا حيث جاء فيه: "فإنها رجس" وكذا الأمر بغسل الإناء في حديث سلمة، قال القرطبي: قوله: "فإنها رجس" ظاهر في عود الضمير على الحمر لأنها المتحدث عنها المأمور بإكفائها من القدور وغسلها، وهذا حكم المتنجس، فيستفاد منه تحريم أكلها، وهو دال على تحريمها لعينها لا لمعنى خارج. وقال ابن دقيق العيد: الأمر بإكفاء القدر ظاهر إنه سبب تحريم لحم الحمر، وقد وردت علل أخرى إن صح رفع شيء منها وجب المصير إليه، لكن لا مانع أن يعلل الحكم بأكثر من علة، وحديث أبي ثعلبة صريح في التحريم فلا معدل عنه. وأما التعليل بخشية قلة الظهر فأجاب عنه الطحاوي بالمعارضة بالخيل، فإن في حديث جابر النهي عن الحمر والإذن في الخيل مقرونا، فلو كانت العلة لأجل الحمولة لكانت الخيل أولى بالمنع لقلتها عندهم وعزتها وشدة حاجتهم إليها. والجواب عن آية الأنعام أنها مكية وخبر التحريم متأخر جدا فهو مقدم، وأيضا فنص الآية خبر عن الحكم الموجود عند نزولها، فإنه حينئذ لم يكن نزل في تحريم المأكول إلا ما ذكر فيها، وليس فيها ما يمنع أن ينزل بعد ذلك غير ما فيها، وقد نزل بعدها في المدينة أحكام بتحريم أشياء غير ما ذكر فيها كالخمر في آية المائدة، وفيها أيضا تحريم ما أهل لغير الله به والمنخنقة إلى آخره، وكتحريم السباع والحشرات، قال النووي: قال بتحريم الحمر الأهلية أكثر العلماء من الصحابة فمن بعدهم، ولم نجد عن أحد من الصحابة في ذلك خلافا لهم إلا عن ابن عباس، وعند المالكية ثلاث روايات ثالثها الكراهة، وأما الحديث الذي أخرجه أبو داود عن غالب بن الحر قال: "أصابتنا سنة، فلم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا سمان حمر، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنك حرمت لحوم الحمر الأهلية وقد أصابتنا سنة، قال: أطعم أهلك من سمين حمرك، فإنما حرمتها من أجل حوالي القرية" يعني الجلالة، وإسناده ضعيف، والمتن شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، فالاعتماد عليها. وأما الحديث الذي أخرجه الطبراني عن أم نصر المحاربية "أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر الأهلية فقال: أليس ترعى الكلأ وتأكل الشجر؟ قال: نعم، قال فأصب من لحومها" وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق رجل من بني مرة قال: "سألت" فذكر نحوه، ففي السندين مقال، ولو ثبتا احتمل أن يكون قبل التحريم. قال الطحاوي: لو تواتر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريم الحمر الأهلية لكان النظر يقتضي حلها لأن كل ما حرم من الأهلي أجمع على تحريمه إذا كان وحشيا كالخنزير، وقد أجمع العلماء على حل الحمار الوحشي فكان النظر يقتضي حل الحمار الأهلي. قلت: ما ادعاه من الإجماع مردود، فإن كثيرا من الحيوان الأهلي مختلف في نظيره من الحيوان الوحشي كالهر، وفي الحديث أن الذكاة لا تطهر ما لا يحل أكله، وإن كل شيء تنجس بملاقاة النجاسة يكفي غسله مرة واحدة لإطلاق الأمر بالغسل فإنه يصدق بالامتثال بالمرة، والأصل أن لا زيادة عليها، وأن الأصل في الأشياء الإباحة لكون الصحابة أقدموا على ذبحها وطبخها كسائر الحيوان من قبل أن يستأمروا مع توفر دواعيهم على السؤال عما يشكل، وأنه ينبغي لأمير الجيش تفقد أحوال رعيته، ومن رآه فعل ما لا يسوغ في الشرع أشاع منعه إما بنفسه كأن يخاطبهم وإما بغيره بأن يأمر مناديا فينادي لئلا يغتر به من رآه فيظنه جائزا.
(9/656)
5522- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ تَابَعَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ"
5523- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ"
5524- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ"
5525، 5526- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَدِيٌّ عَنْ الْبَرَاءِ وَابْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالاَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ"
5527- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا ثَعْلَبَةَ قَالَ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ تَابَعَهُ الزُّبَيْدِيُّ وَعُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَمَعْمَرٌ وَالْمَاجِشُونُ وَيُونُسُ وَابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ"
5528- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتْ الْحُمُرُ ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتْ الْحُمُرُ ثُمَّ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُفْنِيَتْ الْحُمُرُ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ
(9/653)
فَإِنَّهَا رِجْسٌ فَأُكْفِئَتْ الْقُدُورُ وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ"
5529- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ حُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَقَالَ قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ وَلَكِنْ أَبَى ذَاكَ الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ {قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا}"
قوله: "باب لحوم الحمر الإنسية" القول في عدم جزمه بالحكم في هذا كالقول في الذي قبله، لكن الراجح في الحمر المنع بخلاف الخيل، والإنسية بكسر الهمزة وسكون النون منسوبة إلى الإنس، ويقال فيه أنسية بفتحتين، وزعم ابن الأثير أن في كلام أبي موسى المديني ما يقتضي أنها بالضم ثم السكون لقوله الأنسية هي التي تألف البيوت، والأنس ضد الوحشة، ولا حجة في ذلك لأن أبا موسى إنما قاله بفتحتين، وقد صرح الجوهري أن الأنس بفتحتين ضد الوحشة، ولم يقع في شيء من روايات الحديث بضم ثم سكون مع احتمال جوازه، نعم زيف أبو موسى الرواية بكسر أوله ثم السكون، فقال ابن الأثير: إن أراد من جهة الرواية فعسى، وإلا فهو ثابت في اللغة. ونسبتها إلى الأنس، وقد وقع في حديث أبي ثعلبة وغيره: "الأهلية" بدل الأنسية، ويؤخذ من التقييد بها جواز أكل الحمر الوحشية، وقد تقدم صريحا في حديث أبي قتادة في الحج. قوله: "فيه سلمة" هو ابن الأكوع وقد تقدم حديثه موصولا في المغازي مطولا. ثم ذكر في الباب أحاديث. قوله: "عبدة" هو ابن سليمان وعبيد الله هو العمري. قوله: "عن سالم ونافع" كذا قال عبد الله بن نمير عن عبيد الله عند مسلم ومحمد بن عبيد عنه كما سبق في المغازي، ثم ساقه المصنف من طريق يحيى القطان عن عبيد الله عن نافع وحده، وقوله: "تابعه ابن المبارك" وصله المؤلف في المغازي. قوله: "وقال أبو أسامة عن عبيد الله عن سالم" وصله في المغازي من طريقه، وفصل في روايته بين أكل الثوم والحمر، فبين أن النهي عن الثوم من رواية نافع فقط، وأن النهي عن الحمر عن سالم فقط، وهو تفصيل بالغ، لكن يحيى القطان حافظ فلعل عبيد الله لم يفصله إلا لأبي أسامة، وكان يحدث به عن سالم ونافع معا مدمجا فاقتصر بعض الرواة عنه على أخذ شيخه تمسكا بظاهر الإطلاق. حديث علي، ذكره مختصرا وتقدم مطولا في كتاب النكاح. حديث جابر، قد سبق في الباب الذي قبله. حديث البراء وابن أبي أوفى أورده مختصرا، وقد تقدم عنهما أتم سياقا من هذا في المغازي، وأفرده عن ابن أبي أوفى هنا وفي فرض الخمس وفيه زيادة اختلافهم في السبب. قوله: "حدثنا إسحاق" هو ابن راهويه، ويعقوب بن إبراهيم أي ابن سعيد، وصالح هو ابن كيسان. قوله: "حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية" تابعه الزبيدي وعقيل عن الزهري، فرواية الزبيدي وصلها النسائي من طريق بقية قال: "حدثني الزبيدي - ولفظه - نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن لحوم الحمر الأهلية" ورواية عقيل وصلها أحمد بلفظ الباب وزاد: "ولحم كل ذي ناب من السباع" وسيأتي البحث فيه بعد هذا. ووقع عند النسائي من وجه آخر عن أبي ثعلبة فيه قصة ولفظه: "غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر والناس جياع، فوجدوا حمرا أنسية فذبحوا منها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف فنادى: ألا إن لحوم الحمر الأنسية لا تحل". قوله: "وقال مالك ومعمر والماجشون ويونس وابن إسحاق عن الزهري: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع " يعني لم يتعرضوا فيه لذكر الحمر، فأما حديث مالك
(9/654)
فسيأتي موصولا في الباب الذي يليه، وأما حديث معمر ويونس فوصلهما الحسن بن سفيان من طريق عبد الله بن المبارك عنهما، وأما حديث الماجشون وهو يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة فوصله مسلم عن يحيى بن يحيى عنه، وأما حديث ابن إسحاق فوصلة إسحاق بن راهويه عن عبدة بن سليمان ومحمد بن عبيد كلاهما عنه. حديث أنس في النداء بالنهي عن لحوم الحمر، وقع عند مسلم أن الذي نادى بذلك هو أبو طلحة وعزاه النووي لرواية أبي يعلى فنسب إلى التقصير، ووقع عند مسلم أيضا أن بلالا نادى بذلك، وقد تقدم قريبا عند النسائي أن المنادي بذلك عبد الرحمن بن عوف، ولعل عبد الرحمن نادى أولا بالنهي مطلقا، ثم نادى أبو طلحة وبلال بزيادة على ذلك وهو قوله: "فإنها رجس، فأكفئت القدور وإنها لتفور باللحم" ووقع في "الشرح الكبير للرافعي" أن المنادي بذلك خالد بن الوليد وهو غلط فإنه لم يشهد خيبر وإنما أسلم بعد فتحها. قوله: "جاءه جاء فقال: أكلت الحمر" لم أعرف اسم هذا الرجل ولا اللذين بعده، ويحتمل أن يكونوا واحدا فإنه قال أولا: "أكلت" فإما لم يسمعه النبي صلى الله عليه وسلم وإما لم يكن أمر فيها بشيء، وكذا في الثانية، فلما قال الثالثة "أفنيت الحمر" أي لكثرة ما ذبح منها لتطبخ صادف نزول الأمر بتحريمها، ولعل هذا مستند من قال: إنما نهى عنها لكونها كانت حمولة الناس كما سيأتي. قوله: "سفيان" هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار. قوله: "قلت لجابر بن زيد" هو أبو الشعثاء بمعجمة ومثلثة البصري. قوله: "يزعمون" لم أقف على تسمية أحد منهم، وقد تقدم في الباب الذي قبله أن عمرو بن دينار روى ذلك عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله، وأن من الرواة من قال عنه عن جابر بلا واسطة. قوله: "قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري عندنا بالبصرة" زاد الحميدي في مسنده عن سفيان بهذا السند "قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" وأخرجه أبو داود من رواية ابن جريج عن عمرو بن دينار مضموما إلى حديث جابر بن عبد الله في النهي عن لحوم الحمر مرفوعا. ولم يصرح برفع حديث الحكم. قوله: "ولكن أبى ذلك البحر ابن عباس" و "أبى" من الإباء أي امتنع، والبحر صفة لابن عباس قيل له لسعة علمه، وهو من تقديم الصفة على الموصوف مبالغة في تعظيم الموصوف كأنه صار علما عليه، وإنما ذكر لشهرته بعد ذلك لاحتمال خفائه على بعض الناس، ووقع في رواية ابن جريج "وأبى ذلك البحر يريد ابن عباس" وهذا يشعر بأن في رواية ابن عيينة إدراجا. قوله: "وقرأ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} في رواية ابن مردويه وصححه الحاكم من طريق محمد بن شريك عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس قال: "كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا" فبعث لله نبيه وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه، فما أحل فيه فهو حلال، وما حرم فيه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو. وتلا هذه: قل لا أجد إلى آخرها "والاستدلال بهذا للحل إنما يتم فيما لم يأت فيه نص عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريمه، وقد تواردت الأخبار بذلك والتنصيص على التحريم مقدم على عموم التحليل وعلى القياس، وقد تقدم في المغازي عن ابن عباس أنه توقف في النهي عن الحمر: هل كان لمعنى خاص، أو للتأييد؟ ففيه عن الشعبي عنه أنه قال: لا أدري أنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه كان حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرمها البتة يوم خيبر؟ وهذا التردد أصح من الخبر الذي جاء عنه بالجزم بالعلة المذكورة، وكذا فيما أخرجه الطبراني وابن ماجه من طريق شقيق بن سلمة عن ابن عباس قال: "إنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمر الأهلية مخافة قلة الظهر" وسنده ضعيف، وتقدم في المغازي في حديث ابن أبي أوفى: فتحدثنا أنه إنما نهى عنها لأنها لم تخمس "وقال بعضهم نهى
(9/655)
عنها لأنها كانت تأكل العذرة. قلت: وقد أزال هذه الاحتمالات من كونها لم تخمس أو كانت جلالة أو كانت انتهبت حديث أنس المذكور قبل هذا حيث جاء فيه: "فإنها رجس" وكذا الأمر بغسل الإناء في حديث سلمة، قال القرطبي: قوله: "فإنها رجس" ظاهر في عود الضمير على الحمر لأنها المتحدث عنها المأمور بإكفائها من القدور وغسلها، وهذا حكم المتنجس، فيستفاد منه تحريم أكلها، وهو دال على تحريمها لعينها لا لمعنى خارج. وقال ابن دقيق العيد: الأمر بإكفاء القدر ظاهر إنه سبب تحريم لحم الحمر، وقد وردت علل أخرى إن صح رفع شيء منها وجب المصير إليه، لكن لا مانع أن يعلل الحكم بأكثر من علة، وحديث أبي ثعلبة صريح في التحريم فلا معدل عنه. وأما التعليل بخشية قلة الظهر فأجاب عنه الطحاوي بالمعارضة بالخيل، فإن في حديث جابر النهي عن الحمر والإذن في الخيل مقرونا، فلو كانت العلة لأجل الحمولة لكانت الخيل أولى بالمنع لقلتها عندهم وعزتها وشدة حاجتهم إليها. والجواب عن آية الأنعام أنها مكية وخبر التحريم متأخر جدا فهو مقدم، وأيضا فنص الآية خبر عن الحكم الموجود عند نزولها، فإنه حينئذ لم يكن نزل في تحريم المأكول إلا ما ذكر فيها، وليس فيها ما يمنع أن ينزل بعد ذلك غير ما فيها، وقد نزل بعدها في المدينة أحكام بتحريم أشياء غير ما ذكر فيها كالخمر في آية المائدة، وفيها أيضا تحريم ما أهل لغير الله به والمنخنقة إلى آخره، وكتحريم السباع والحشرات، قال النووي: قال بتحريم الحمر الأهلية أكثر العلماء من الصحابة فمن بعدهم، ولم نجد عن أحد من الصحابة في ذلك خلافا لهم إلا عن ابن عباس، وعند المالكية ثلاث روايات ثالثها الكراهة، وأما الحديث الذي أخرجه أبو داود عن غالب بن الحر قال: "أصابتنا سنة، فلم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا سمان حمر، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنك حرمت لحوم الحمر الأهلية وقد أصابتنا سنة، قال: أطعم أهلك من سمين حمرك، فإنما حرمتها من أجل حوالي القرية" يعني الجلالة، وإسناده ضعيف، والمتن شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، فالاعتماد عليها. وأما الحديث الذي أخرجه الطبراني عن أم نصر المحاربية "أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر الأهلية فقال: أليس ترعى الكلأ وتأكل الشجر؟ قال: نعم، قال فأصب من لحومها" وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق رجل من بني مرة قال: "سألت" فذكر نحوه، ففي السندين مقال، ولو ثبتا احتمل أن يكون قبل التحريم. قال الطحاوي: لو تواتر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريم الحمر الأهلية لكان النظر يقتضي حلها لأن كل ما حرم من الأهلي أجمع على تحريمه إذا كان وحشيا كالخنزير، وقد أجمع العلماء على حل الحمار الوحشي فكان النظر يقتضي حل الحمار الأهلي. قلت: ما ادعاه من الإجماع مردود، فإن كثيرا من الحيوان الأهلي مختلف في نظيره من الحيوان الوحشي كالهر، وفي الحديث أن الذكاة لا تطهر ما لا يحل أكله، وإن كل شيء تنجس بملاقاة النجاسة يكفي غسله مرة واحدة لإطلاق الأمر بالغسل فإنه يصدق بالامتثال بالمرة، والأصل أن لا زيادة عليها، وأن الأصل في الأشياء الإباحة لكون الصحابة أقدموا على ذبحها وطبخها كسائر الحيوان من قبل أن يستأمروا مع توفر دواعيهم على السؤال عما يشكل، وأنه ينبغي لأمير الجيش تفقد أحوال رعيته، ومن رآه فعل ما لا يسوغ في الشرع أشاع منعه إما بنفسه كأن يخاطبهم وإما بغيره بأن يأمر مناديا فينادي لئلا يغتر به من رآه فيظنه جائزا.
(9/656)
عدد المشاهدات *:
509878
509878
عدد مرات التنزيل *:
156055
156055
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 04/11/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 04/11/2013