اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الجمعة 18 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ????????? ????????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????? ??? ???????? ???? ??? ???? ????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

خيركم

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني
المجلد الحادي عشر
كتاب الرقاق
باب الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ الْحَاقَّةُ لِأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وَحَوَاقَّ الأُمُورِ الْحَقَّةُ وَ الْحَاقَّةُ وَاحِدٌ وَ الْقَارِعَةُ وَالْغَاشِيَةُ وَ الصَّاخَّةُ وَالتَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ
بَاب الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ الْحَاقَّةُ لِأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وَحَوَاقَّ الأُمُورِ الْحَقَّةُ وَ الْحَاقَّةُ وَاحِدٌ وَ الْقَارِعَةُ وَالْغَاشِيَةُ وَ الصَّاخَّةُ وَالتَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني
6533- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ "سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ بِالدِّمَاءِ"
[الحديث 6533- طرفه في: 6864]
6534- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ"
6535- حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ "أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا"
قوله: "باب القصاص يوم القيامة" القصاص بكسر القاف وبمهملتين مأخوذ من القص وهو القطع، أو من اقتصاص الأثر وهو تتبعه، لأن المقتص يتتبع جناية الجاني ليأخذ مثلها، يقال اقتص من غريمه واقتص الحاكم لفلان من فلان. قوله: "وهي الحاقة" الضمير للقيامة. قوله: "لأن فيها الثواب؛ وحواق الأمور الحقة والحاقة واحد" هذا أخذه من كلام الفراء، قال في "معاني القرآن". الحاقة القيامة، سميت بذلك لأن فيها
(11/395)

الثواب وحواق الأمور، ثم قال: والحقة والحاقة كلاهما بمعنى واحد، قال الطبري: سميت الحاقة لأن الأمور تحق فيها، وهو كقولهم ليل قائم. وقال غيره: سميت الحاقة لأنها أحقت لقوم الجنة ولقوم النار، وقيل لأنها تحاقق الكفار الذين خالفوا الأنبياء، يقال حاققته فحققته أي خاصمته فخصمته، وقيل لأنها حق لا شك فيه. قوله: "والقارعة" هو معطوف على الحاقة، والمراد أنها من أسماء يوم القيامة، وسميت بذلك لأنها تقرع القلوب بأهوالها. قوله: "والغاشية" سميت بذلك لأنها تغشى الناس بأفزاعها أي تعمهم بذلك. قوله: "والصاخة" قال الطبري: أظنه من صخ فلان فلانا إذا أصمه، وسميت بذلك لأن صيحة القيامة مسمعة لأمور الآخرة ومصمة عن أمور الدنيا، وتطلق الصاخة أيضا على الداهية. قوله: "التغابن غبن أهل الجنة أهل النار" غبن بفتح المعجمة والموحدة بعدها نون، والسبب في ذلك أن أهل الجنة ينزلون منازل الأشقياء التي كانت أعدت لهم لو كانوا سعداء، فعلى هذا فالتغابن من طرف واحد، ولكنه ذكر بهذه الصيغة للمبالغة، وقد اقتصر المصنف من أسماء يوم القيامة على هذا القدر، وجمعها الغزالي ثم القرطبي فبلغت نحو الثمانين اسما، فمنها يوم الجمع ويوم الفزع الأكبر ويوم التناد ويوم الوعيد ويوم الحسرة ويوم التلاق ويوم المآب ويوم الفصل ويوم العرض على الله ويوم الخروج ويوم الخلود، ومنها يوم عظيم ويوم عسير ويوم مشهود ويوم عبوس قمطرير، ومنها يوم تبلى السرائر، ومنها يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ويوم يدعون إلى نار جهنم ويوم تشخص فيه الأبصار ويوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ويوم لا ينطقون ويوم لا ينفع مال ولا بنون ويوم لا يكتمون الله حديثا ويوم لا مرد له من الله ويوم لا بيع فيه ولا خلال ويوم لا ريب فيه، فإذا ضمت هذه إلى ما ذكر في الأصل كانت أكثر من ثلاثين اسما معظمها ورد في القرآن بلفظه، وسائر الأسماء المشار إليها أخذت بطريق الاشتقاق بما ورد منصوصا كيوم الصدر من قوله: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً} ويوم الجدال من قوله: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} ولو تتبع مثل هذا من القرآن زاد على ما ذكر والله أعلم. وذكر في الباب ثلاثة أحاديث. حديث ابن مسعود والسند إليه كوفيون، وشقيق هو ابن سلمة أبو وائل مشهور بكنيته أكثر من اسمه. قوله: "أول ما يقضى بين الناس بالدماء" في رواية الكشميهني:" الدماء" وسيأتي كالأول في الديات من وجه آخر عن الأعمش، ولمسلم والإسماعيلي من طريق أخرى عن الأعمش "بين الناس يوم القيامة في الدماء" أي التي وقعت بين الناس في الدنيا، والمعنى أول القضايا القضاء في الدماء، ويحتمل أن يكون التقدير أول ما يقضى فيه الأمر الكائن في الدماء، ولا يعارض هذا حديث أبي هريرة رفعه: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته" الحديث أخرجه أصحاب السنن لأن الأول محمول على ما يتعلق بمعاملات الخلق والثاني فيما يتعلق بعبادة الخالق، وقد جمع النسائي في روايته في حديث ابن مسعود بين الخبرين ولفظه: "أول ما يحاسب العبد عليه صلاته، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء" وتقدم في تفسير سورة الحج ذكر هذه الأولية بأخص مما في حديث الباب وهو عن على قال: "أنا أول من يحثو للخصومة يوم القيامة" يعني هو ورفيقاه حمزة وعبيدة وخصومهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة الذين بارزوا يوم بدر، قال أبو ذر: فهم نزلت: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} الآية وتقدم شرحه هناك، وفي حديث الصور الطويل عن أبي هريرة رفعه: "أول ما يقضى بين الناس في الدماء، ويأتي كل قتيل قد حمل رأسه فيقول: يا رب سل هذا فيم قتلني" الحديث، وفي حديث نافع بن جبير عن ابن عباس رفعه: "يأتي المقتول معلقا رأسه بإحدى
(11/396)

يديه ملببا قاتله بيده الأخرى تشخب أوداجه دما حتى يقفا بين يدي الله" الحديث، ونحوه عند ابن المبارك عن عبد الله بن مسعود موقوفا. وأما كيفية القصاص فيما عدا ذلك فيعلم من الحديث الثاني. وأخرج ابن ماجه عن ابن عباس رفعه: "نحن آخر الأمم وأول من يحاسب يوم القيامة" وفي الحديث عظم أمر الدم، فإن البداءة إنما تكون بالأهم، والذنب يعظم بحسب عظم المفسدة وتفويت المصلحة، وإعدام البنية الإنسانية غاية في ذلك. وقد ورد في التغليظ في أمر القتل آيات كثيرة وآثار شهيرة يأتي بعضها في أول الديات. قوله: "مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري" في رواية ابن وهب عن مالك "حدثني سعيد بن أبي سعيد". قوله: "من كانت عنده مظلمة لأخيه" في رواية الكشميهني: "من أخيه". قوله: "ليس ثم دينار ولا درهم" في حدث ابن عمر رفعه: "من مات وعليه دينار أو درهم قضى من حسناته" أخرجه ابن ماجه، وقد مضى شرحه في كتاب المظالم، والمراد بالحسنات الثواب عليها وبالسيئات العقاب عليها، وقد استشكل إعطاء الثواب وهو لا يتناهى في مقابلة العقاب وهو متناه، وأجيب بأنه محمول على أن الذي يعطاه صاحب الحق من أصل الثواب ما يوازي العقوبة عن السيئة وأما ما زاد على ذلك بفضل الله فإنه يبقى لصاحبه، قال البيهقي سيئات المؤمن على أصول أهل السنة متناهية الجزاء وحسناته غير متناهية الجزاء لأن من ثوابها الخلود في الجنة، فوجه الحديث عندي والله أعلم أنه يعطى خصماء المؤمن المسيء من أجر حسناته ما يوازي عقوبة سيئاته فإن فنيت حسناته أخذ من خطايا خصومه فطرحت عليه ثم يعذب إن لم يعف عنه، فإذا انتهت عقوبة تلك الخطايا أدخل الجنة بما كتب له من الخلود فيها بإيمانه ولا يعطى خصماؤه ما زاد من أجر حسناته على ما قابل عقوبة سيئاته يعني من المضاعفة، لأن ذلك من فضل الله يختص به من وافى يوم القيامة مؤمنا والله أعلم. قال الحميدي في "كتاب الموازنة: الناس ثلاثة" من رجحت حسناته على سيئاته أو بالعكس أو من تساوت حسناته وسيئاته، فالأول فائز بنص القرآن والثاني يقتضى منه بما فضل من معاصيه على حسناته من النفخة إلى آخر من يخرج من النار بمقدار قلة شره وكثرته والقسم الثالث أصحاب الأعراف، وتعقبه أبو طالب عقيل بن عطية في كتابه الذي رد عليه فيه بأن حق العبارة فيه أن يقيد بمن شاء الله أن يعذبه منهم وإلا فالمكلف في المشيئة وصوب الثالث على أحد الأقوال أهل الأعراف قال: وهو أرجح الأقوال فيهم. قلت: قد قال الحميدي أيضا: والحق أن من رجحت سيئاته على حسناته على قسمين من يعذب ثم يخرج من النار بالشفاعة ومن يعفى عنه فلا يعذب أصلا. وعند أبي نعيم من حديث ابن مسعود يؤخذ بيد العبد فينصب على رءوس الناس وينادي مناد: هذا فلان ابن فلان فمن كان له حق فليأت، فيأتون فيقول الرب: آت هؤلاء حقوقهم، فيقول: يا رب فنيت الدنيا فمن أين أوتيهم، فيقول للملائكة: خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل إنسان بقدر طلبته، فإن كان ناجيا وفضل من حسناته مثقال حبة من خردل ضاعفها الله حتى يدخله بها الجنة. وعند ابن أبي الدنيا عن حذيفة قال: صاحب الميزان يوم القيامة جبريل، يرد بعضهم على بعض، ولا ذهب يومئذ ولا فضة، فيؤخذ من حسنات الظالم فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات المظلوم فردت على الظالم. أخرج أحمد والحاكم من حديث جابر عن عبد الله بن أنيس رفعه: "لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده مظلمة حتى أقصه منه، حتى اللطمة. قلنا يا رسول الله كيف وإنما نحشر حفاة عراة؟ قال: بالسيئات والحسنات" وعلق البخاري طرفا منه التوحيد كما سيأتي، وفي حديث أبي أمامة في نحو حديث
(11/397)

أبي سعيد "إن الله يقول لا يجاوزني اليوم ظلم ظالم" وفيه دلالة على موازنة الأعمال يوم القيامة. وقد صنف فيه الحميدي صاحب "الجمع" كتابا لطيفا وتعقب أبو طالب عقيل بن عطية أكثره في كتاب سماه "تحرير المقال في موازنة الأعمال" وفي حديث الباب وما بعده دلالة على ضعف الحديث الذي أخرجه مسلم من رواية غيلان بن جرير عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه رفعه: "يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال يغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى" فقد ضعفه البيهقي وقال: تفرد به شداد أبو طلحة، والكافر لا يعاقب بذنب غيره لقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وقد أخرج أصل الحديث مسلم من وجه آخر عن أبي بردة بلفظ: "إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول: هذا فداؤك من النار" قال البيهقي: ومع ذلك فضعفه البخاري وقال: الحديث في الشفاعة أصح. قال البيهقي: ويحتمل أن يكون الفداء في قوم كانت ذنوبهم كفرت عنهم في حياتهم، وحديث الشفاعة في قوم لم تكفر ذنوبهم، ويحتمل أن يكون هذا القول لهم في الفداء بعد خروجهم من النار بالشفاعة. وقال غيره: يحتمل أن يكون الفداء مجازا عما يدل عليه حديث أبي هريرة الآتي في أواخر "باب صفة الجنة والنار" قريبا بلفظ: "لا يدخل الجنة أحد إلا أرى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا" الحديث وفيه في مقابله "ليكون عليه حسرة" فيكون المراد بالفداء إنزال المؤمن في مقعد الكافر من الجنة الذي كان أعد له وإنزال الكافر في مقعد المؤمن الذي كان أعد له، وقد يلاحظ في ذلك قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا} وبذلك أجاب النووي تبعا لغيره. وأما رواية غيلان بن جرير فأولها النووي أيضا تبعا لغيره بأن الله يغفر تلك الذنوب للمسلمين، فإذا سقطت عنهم وضعت على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم فيعاقبون بذنوبهم لا بذنوب المسلمين ويكون قوله: "ويضعها" أي يضع مثلها لأنه لما أسقط عن المسلمين سيئاتهم وأبقى على الكفار سيئاتهم صاروا في معنى من حمل إثم الفريقين لكونهم انفردوا بحمل الإثم الباقي وهو إثمهم، ويحتمل أن يكون المراد آثاما كانت الكفار سببا فيها بأن سنوها فلما غفرت سيئات المؤمنين بقيت سيئات الذي سن تلك السنة السيئة باقية لكون الكافر لا يغفر له، فيكون الوضع كناية عن إبقاء الذنب الذي لحق الكافر بما سنه من عمله السيئ، ووضعه عن المؤمن الذي فعله بما من الله به عليه من العفو والشفاعة سواء كان ذلك قبل دخول النار أو بعد دخولها والخروج منها بالشفاعة وهذا الثاني أقوى والله أعلم. قوله: "حدثنا الصلت بن محمد" بفتح الصاد المهملة وسكون اللام بعدها تاء مثناة من فوق وهو الخاركي بخاء معجمة وكاف. قوله:" حدثنا بن زريع" {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} قال حدثنا سعيد" أي قرأ يزيد هذه الآية وفسرها بالحديث المذكور، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع بهذا السند إلى أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} قال: "يخلص المؤمنون" الحديث وظاهره أن تلاوة الآية مرفوع فإن كان محفوظا احتمل أن يكون كل من رواته تلا الآية عند إيراد الحديث فاختصر ذلك في رواية الصلت ممن فوق يزيد بن زريع، وقد أخرجه الطبري من رواية عفان عن يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة في هذه الآية فذكرها قال حدثنا قتادة فذكره، وكذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق شعيب بن إسحاق عن سعيد، ورواه عبد الوهاب بن عطاء وروح بن عبادة عن سعيد فلم يذكر الآية أخرجه ابن مردويه، وأبو المتوكل الناجي بالنون اسمه علي بن داود، ورجال السند كلهم بصريون،
(11/398)

وصرح قتادة بالتحديث في هذا الحديث في رواية مضت في المظالم، وكذا الرواية المعلقة ليونس بن محمد عن شيبان عن قتادة ووصلها ابن منده، وكذا أخرجها عبد بن حميد في تفسيره عن يونس بن محمد، وكذا في رواية شعيب بن إسحاق عن سعيد ورواية بشر بن خالد وعفان عن يزيد بن زريع. قوله: "إذا خلص المؤمنون من النار" أي نجوا من السقوط فيها بعدما جازوا على الصراط، ووقع في رواية هشام عن قتادة عند المصنف في المظالم "إذا خلص المؤمنون من جسر جهنم" وسيأتي في حديث الشفاعة كيفية مرورهم على الصراط، قال القرطبي: هؤلاء المؤمنون هم الذين علم الله أن القصاص لا يستنفد حسناتهم. قلت: ولعل أصحاب الأعراف منهم على القول المرجح آنفا، وخرج من هذا صنفان من المؤمنين: من دخل الجنة بغير حساب؛ ومن أوبقه عمله. قوله: "فيحبسون على قنطرة الجنة والنار" سيأتي أن الصراط جسر موضوع على متن جهنم وأن الجنة وراء ذلك فيمر عليه الناس بحسب أعمالهم، فمنهم الناجي وهو من زادت حسناته على سيئاته أو استويا أو تجاوز الله عنه، ومنهم الساقط وهو من رجحت سيئاته على حسناته إلا من تجاوز الله عنه، فالساقط من الموحدين يعذب ما شاء الله ثم يخرج بالشفاعة وغيرها، والناجي قد يكون عليه تبعات وله حسنات توازيها أو تزيد عليها فيؤخذ من حسناته ما يعدل تبعاته فيخلص منها. واختلف في القنطرة المذكورة فقيل هي من تتمة الصراط وهي طرفه الذي يلي الجنة، وقيل إنهما صراطان، وبهذا الثاني جزم القرطبي، وسيأتي صفة الصراط في الكلام على الحديث الذي في "باب الصراط حسر جهنم" في أواخر كتاب الرقاق. قوله: "فيقتص لبعضهم من بعض" بضم أوله على البناء للمجهول للأكثر. وفي رواية الكشميهني بفتح أوله فتكون اللام على هذه الرواية زائدة، أو الفاعل محذوف وهو الله أو من أقامه في ذلك. وفي رواية شيبان "فيقتص بعضهم من بعض". قوله: "حتى إذا هذبوا ونقوا" بضم الهاء وبضم النون وهما بمعنى التمييز والتخليص من التبعات. قوله: "أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده" هذا ظاهره أنه مرفوع كله وكذا في سائر الروايات إلا في رواية عفان عند الطبري أبي فإنه جعل هذا من كلام قتادة فقال بعد قوله: "في دخول الجنة" قال: وقال قتادة "والذي نفسي بيده لأحدهم أهدي إلخ" وفي رواية شعيب بن إسحاق بعد قوله: "في دخول الجنة" قال: فوالذي نفسي بيده إلخ فأبهم القائل، فعلى رواية عفان يكون هو قتادة وعلى رواية غيره يكون هو النبي صلى الله عليه وسلم، وزاد محمد بن المنهال عند الإسماعيلي. قال قتادة: كان يقال ما يشبه بهم إلا أهل الجمعة إذا انصرفوا من جمعتهم. وهكذا عند عبد الوهاب وروح وفي رواية بشر بن خالد وعفان جميعا عند الطبري قال: "وقال بعضهم" فذكره وكذا في رواية شعيب بن إسحاق ويونس بن محمد، والقائل "وقال بعضهم" هو قتادة ولم أقف على تسمية القائل. قوله: "لأحدهم أهدي بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا" قال الطيبي "أهدي" لا يتعدى بالباء بل باللام أو إلى، فكأنه ضمن معنى اللصوق بمنزله هاديا إليه، ونحوه قوله تعالى: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} الآية فإن المعنى يهديهم ربهم بإيمانهم إلى طريق الجنة، فأقام {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ} إلى آخرها بيانا وتفسيرا، لأن التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها. قلت: ولأصل الحديث شاهد من مرسل الحسن أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عنه قال: "بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يحبس أهل الجنة بعد ما يجوزون الصراط حتى يؤخذ لبعضهم من بعض ظلاماتهم في الدنيا ويدخلون الجنة وليس في قلوب بعضهم على بعض غل" قال القرطبي: وقع في حديث عبد الله بن سلام أن الملائكة تدلهم على طريق الجنة يمينا وشمالا، وهو محمول على من لم يحبس
(11/399)

بالقنطرة أو على الجميع، والمراد أن الملائكة تقول ذلك لهم قبل دخول الجنة، فمن دخل كانت معرفته بمنزله فيها كمعرفته بمنزله في الدنيا. قلت: ويحتمل أن يكون القول بعد الدخول مبالغة في التبشير والتكريم، وحديث عبد الله بن سلام المذكور أخرجه عبد الله بن المبارك في الزهد وصححه الحاكم.
(11/400)




عدد المشاهدات *:
377598
عدد مرات التنزيل *:
140381
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 07/11/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 07/11/2013

فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني

روابط تنزيل : بَاب الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ الْحَاقَّةُ لِأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وَحَوَاقَّ الأُمُورِ الْحَقَّةُ وَ الْحَاقَّةُ وَاحِدٌ وَ الْقَارِعَةُ وَالْغَاشِيَةُ وَ الصَّاخَّةُ وَالتَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  بَاب الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ الْحَاقَّةُ لِأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وَحَوَاقَّ الأُمُورِ الْحَقَّةُ وَ الْحَاقَّةُ وَاحِدٌ وَ الْقَارِعَةُ وَالْغَاشِيَةُ وَ الصَّاخَّةُ وَالتَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  بَاب الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ الْحَاقَّةُ لِأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وَحَوَاقَّ الأُمُورِ الْحَقَّةُ وَ الْحَاقَّةُ وَاحِدٌ وَ الْقَارِعَةُ وَالْغَاشِيَةُ وَ الصَّاخَّةُ وَالتَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني


@designer
1