بِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ بِالمَدِيْنَةِ؟!
قُلْتُ: فَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، قَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ؟
(13/55)
فَقَالَ عَلِيٌّ: الَّذِي قَالَ هِشَامٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، لَعَلَّهُ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِه وَهُوَ غُلاَمٌ، فَسَمِعَ مِنْهَا، إِنَّ حَدِيْثَه لَيُتَبَيَّنُ فِيْهِ الصِّدْقُ، يَرْوِي مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، وَمَرَّةً: ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ، وَيَرْوِي عَنْ رَجُلٍ، عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ: (صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ)، وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ: (فِي سَلَفٍ وَبَيْعٍ)، وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ عَمْرٍو. (7/45)
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ أَجِدْ لابْنِ إِسْحَاقَ إِلاَّ حَدِيْثَينِ مُنْكَرَيْنِ:
نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُم يَوْمَ الجُمُعَةِ...).
وَالزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ: (إِذَا مَسَّ أَحَدُكُم فَرْجَهُ...).
هَذَانِ لَمْ يَرْوِهِمَا عَنْ أَحَدٍ، وَالبَاقُوْنَ يَقُوْلُ: ذَكَرَ فُلاَنٌ، وَلَكِنَّ هَذَا فِيْهِ: حَدَّثَنَا.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ أَيْضاً: سَمِعْتُ بَعْضَ وَلَدِ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ - وَكَانَ مُلاَزِماً لِعَلِيٍّ - قَالَ:
سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: وَقَعَ إِلَيَّ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ شَيْءٌ، فَمَا أَنْكَرتُ مِنْهُ إِلاَّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ، ظَنَنْتُ أَنَّ بَعْضَه مِنْهُ، وَبَعْضَه لَيْسَ مِنْهُ. (7/46)
أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَشْتَهِي الحَدِيْثَ، فَيَأْخُذُ كُتُبَ النَّاسِ، فَيَضَعُهَا فِي كُتُبِه.
(13/56)
قُلْتُ: هَذَا الفِعْلُ سَائِغٌ، فَهَذَا (الصَّحِيْحُ) لِلْبُخَارِيِّ، فِيْهِ تَعلِيقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: ابْنُ إِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُوْسَى بنِ عُبَيْدَةَ.
قُلْتُ: مُوْسَى ضَعَّفُوهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُدَلِّسُ، إِلاَّ أَنَّ كِتَابَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ إِذَا كَانَ سَمَاعٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ، قَالَ: قَالَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: قَدِمَ ابْنُ إِسْحَاقَ بَغْدَادَ، فَكَانَ لاَ يُبَالِي عَمَّنْ يَحكِي، عَنِ الكَلْبِيِّ، وَعَنْ غَيْرِه، وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
كَانَ أَبِي يَتَّبِعُ حَدِيْثَ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَيَكتُبُهُ كَثِيْراً بِالعُلُوِّ وَالنُزُولِ، وَيُخَرِّجُهُ فِي (المُسْنَدِ)، وَمَا رَأَيتُهُ أَبْقَى حَدِيْثَه قَطُّ.
قِيْلَ لَهُ: يُحتَجُّ بِهِ؟
قَالَ: لَمْ يَكُنْ يُحتَجُّ بِهِ فِي السُّنَنِ.
وَقَالَ أَيُّوْبُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ سَافِرِيٍّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقُلْتُ: إِذَا انْفَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِحَدِيْثٍ، تَقْبَلُهُ؟
قَالَ: لاَ وَاللهِ، إِنِّيْ رَأَيتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ جَمَاعَةٍ بِالحَدِيْثِ الوَاحِدِ، وَلاَ يَفصِلُ كَلاَمَ ذَا مِنْ كَلاَمِ ذَا.
قَالَ: وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، فَكَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ، وَيُقَدِّمُهُ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ العَبْسِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ: هُوَ صَالِحٌ، وَسَطٌ.
وَرَوَى: ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِذَاكَ.
وَسَمِعْتُ يَحْيَى مَرَّةً أُخْرَى يَقُوْلُ: هُوَ عِنْدِي سَقِيْمٌ، لَيْسَ بِقَوِيٍّ. (7/47)
وَقَالَ المَيْمُوْنِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: ابْنُ إِسْحَاقَ ضَعِيْفٌ.
(13/57)
وَرَوَى: المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: هُوَ ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، إِنَّمَا الحُجَّةُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ...، وَذَكَرَ جَمَاعَةً.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: فِي نَفْسِكَ مِنْ صِدْقِهِ شَيْءٌ؟
قَالَ: لاَ، هُوَ صَدُوْقٌ.
وَرَوَى: عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: مَدَنِيٌّ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ فَائِدٍ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ، فَأَخَذَ فِي فَنٍّ مِنَ العِلْمِ، قَضَى مَجْلِسَه فِيْهِ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ البَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ:
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
أَحْمَدُ الأَبَّارُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدٍ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ:
لَوْ سُوِّدَ أَحَدٌ فِي الحَدِيْثِ، لَسُوِّدَ ابْنُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، وَمِنْهُم مَنْ يَتَكَلَّمُ فِيْهِ، وَكَانَ خَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ قَدِيْماً، فَأَتَى الجَزِيْرَةَ، وَالكُوْفَةَ، وَالرَّيَّ، وَبَغْدَادَ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَاتَ فِي سَنَةِ 151.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: قَدِمَ ابْنُ إِسْحَاقَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
(13/58)
وَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، مِنْهُم: عُبَيْدُ اللهِ بنُ المُغِيْرَةِ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَثُمَامَةُ بنُ شُفَيٍّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ قرمَانَ، وَالسَّكَنُ بنُ أَبِي كَرِيْمَةَ، رَوَى عَنْهُم أَحَادِيْثَ لَمْ يَرْوِهَا عَنْهُم غَيْرُه - فِيْمَا عَلِمتُ -. (7/48)
رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ الأَكَابِرُ، مِنْهُم: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي يَزِيْدَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ مَغَازِيَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ قَدِيْماً، فَلَمْ يَروِ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْهُم، غَيْرُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَكَانَ مَعَ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ بِالجَزِيْرَةِ، وَأَتَى أَبَا جَعْفَرٍ بِالحِيْرَةِ، فَكَتَبَ لَهُ المَغَازِي، فَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ بِذَلِكَ السَّبَبِ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الرَّيِّ، فَرُوَاتُهُ مِنْ هَؤُلاَءِ البُلْدَانِ أَكْثَرُ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لابْنِ إِسْحَاقَ مِنَ الفَضْلِ إِلاَّ أَنَّهُ صَرَفَ المُلُوْكَ عَنِ الاشتِغَالِ بِكُتُبٍ لاَ يَحصُلُ مِنْهَا شَيْءٌ، إِلَى الاشتِغَالِ بِمَغَازِي رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَبْعَثِهُ، وَمُبتَدَأِ الخَلْقِ، لَكَانَتْ هَذِهِ فَضِيلَةٌ سَبَقَ بِهَا، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ صَنَّفَهَا قَوْمٌ آخَرُوْنَ، فَلَمْ يَبلُغُوا مَبلَغَ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْهَا.
(13/59)
وَقَدْ فَتَّشتُ أَحَادِيْثَهُ كَثِيْراً، فَلَمْ أَجِدْ مِنْ أَحَادِيْثِه مَا يَتَهَيَّأُ أَنْ يُقطَعَ عَلَيْهِ بِالضَّعفِ، وَرُبَّمَا أَخْطَأَ، أَوْ يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ، كَمَا يُخطِئُ غَيْرُه، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ الثِّقَاتُ وَالأَئِمَّةُ، وَهُوَ لاَ بَأْسَ بِهِ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ يَقُوْلُ:
ابْن إِسْحَاقَ كَذَّابٌ. (7/49)
عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ، حَدَّثَنِي وُهَيْبٌ، قَالَ:
سَأَلْتُ مَالِكاً عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ، وَقَالَ...، وَاتَّهَمَهُ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ زَاجٌ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ وَمَالِكٌ يَجْرَحَانِ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ.
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ أَبِي الوَضَّاحِ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ العِرَاقِ يَرْوُونَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ!
فَقَالَ يَحْيَى: تَروُونَ العِلْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟ تَرْوُونَ العِلْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟!
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي الفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ:
قَالَ لِي يَحْيَى القَطَّانُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ كَذَّابٌ.
قُلْتُ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: قَالَ لِي وُهَيْبٌ.
(13/60)
فَقُلْتُ لِوُهَيْبٍ: مَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
فَقَالَ: قَالَ لِي هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ.
قُلْتُ لِهِشَامٍ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: حَدَّثَ عَنِ امْرَأَتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، وَدخَلَتْ عَلَيَّ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِيْنَ، وَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَتِ اللهَ.
قُلْتُ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ يَحْيَى وَهَؤُلاَءِ بَدَا مِنْهُم هَذَا بِنَاءً عَلَى أَصلٍ فَاسِدٍ وَاهٍ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الخُرَافَةَ مِنْ صَنْعَةِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ الشَّاذَكُوْنِيُّ - لاَ صَبَّحَهُ اللهُ بِخَيْرٍ - فَإِنَّهُ - مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي الحِفْظِ - مُتَّهَمٌ عِنْدَهُم بِالكَذِبِ، وَانظُرْ كَيْفَ قَدْ سَلْسَلَ الحِكَايَةَ.
وَيُبَيِّنُ لَكَ بُطلاَنَهَا: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ المُنْذِرِ لَمَّا كَانَتْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِيْنَ، لَمْ يَكُنْ زَوجُهَا هِشَامٌ خُلِقَ بَعْدُ، فَهِيَ أَكْبَرُ مِنْهُ بِنَيِّفَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَسْنَدُ مِنْهُ، فَإِنَّهَا رَوَتْ - كَمَا ذَكرْنَا - عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَحَّ أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ سَمِعَ مِنْهَا، وَمَا عَرَفَ بِذَلِكَ هِشَامٌ.
أَفَبِمِثْلِ هَذَا القَوْلِ الوَاهِي يُكَذَّبُ الصَّادِقُ، كَلاَّ وَاللهِ، نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الهَوَى وَالمُكَابِرَةِ، وَلَكِنْ صَدَقَ القَاضِي أَبُو يُوْسُفَ إِذْ يَقُوْلُ:
مَنْ تَتبَّعَ غَرِيْبَ الحَدِيْثِ كُذِّبَ، وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ ذُنُوبِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَإِنَّهُ يَكْتُبُ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَلاَ يَتَوَرَّعُ - سَامَحَهُ اللهُ -. (7/50)
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قُلْتُ لِهِشَامٍ: ابْنُ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ.
قَالَ: أَهُوَ كَانَ يَصِلُ إِلَيْهَا؟
(13/61)
قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُوْنَ إِحْدَى خَالاَتِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا، وَمَا عَلِمَ هِشَامٌ بِأَنَّهَا خَالَةٌ لَهُ، أَوْ عَمَّةٌ.
يَحْيَى بنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
اعْرِضُوا عَلَيَّ عِلْمَ مَالِكٍ، فَإِنِّي بَيْطَارُهُ.
فَقَالَ مَالِكٌ: انْظُرُوا إِلَى دَجَّالٍ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ: اعْرِضُوا عَلَيَّ عِلْمَ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: فَمَا رَأَيتُ أَحَداً جَمَعَ الدَّجَّالِيْنَ قَبْلَه.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الخَلاَّلِ: أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ، أَنْبَأَنَا السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ مَاكَ، أَنْبَأَنَا الخَلِيْلِيُّ، سَمِعْتُ جَدِّي، وَالقَاسِمَ بنَ عَلْقَمَةَ، سَمِعنَا ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا ابْنُ رَاهَوَيْه، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ آدَمَ، سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: كُنْتُ بِالرَّيِّ عِنْدَ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ وَزِيْرِ المَهْدِيِّ، فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:
هَاتُوا اعْرِضُوا عَلَيَّ عُلُوْمَ مَالِكٍ، فَإِنِّي أَنَا بَيْطَارُهَا.
فَقَالَ مَالِكٌ: دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ هَذَا.
قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: لَمْ أَسْمَعْ بِجَمعِ الدَّجَّالِ إِلاَّ مِنْهُ. (7/51)
وَبِهِ: إِلَى ابْنِ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ بِنَحْوِهَا، فَقَالَ مَالِكٌ:
دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ هَكَذَا؟! نَحْنُ نَفَيْنَاهُ مِنَ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ هَارُوْنُ بنُ مَعْرُوْفٍ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ:
(13/62)
كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَحْفَظَ النَّاسِ، وَكَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ أَوْ أَكْثَرُ، جَاءَ وَاسْتَودَعَهَا ابْنَ إِسْحَاقَ، يَقُوْلُ: احْفَظْهَا عَنِّي، فَإِنْ نَسِيْتُهَا، كُنْتَ قَدْ حَفِظْتَهَا عَلَيَّ.
وَعَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ الحَافِظِ، قَالَ:
كَيْفَ لاَ يَكُوْنُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ ثِقَةً، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الأَعْرَجِ، ثُمَّ يَرْوِي عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، عَنْهُ، ثُمَّ يَرْوِي عَنِ: ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْهُ؟!
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: إِنَّهُ لَيَبِيْنُ فِي حَدِيْثِهِ الصِّدْقُ، يَقُوْلُ مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، وَمَرَّةً ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ - وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ - عَنْ أَبِي النَّضْرِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ فِي: (سَلَفٍ وَبَيْعٍ) وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاس عَنْ عَمْرٍو.
وَلَمْ أَجِدْ لَهُ سِوَى حَدِيْثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ:
نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي: (النُّعَاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ).
وَالزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ: (مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ).
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ، وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَ بِكَذَا وَكَذَا عَنْ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: كَذَبَ الخَبِيْثُ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ سُفْيَانُ:
رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَرَانِي مَعَهُ أَحَدٌ، فَقَالَ: أَنَا أَرْصُدُ ابْنَ خُصَيْفَةَ، أَبْغِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَمَّا حَدَّثَنِي عَنْهُ.
(13/63)
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: اتَّهَمُوْهُ بِالقَدَرِ. (7/52)
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ: مَا رَويتُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ إِلاَّ بِاضْطِرَارٍ.
الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ إِسْحَاقَ:
كَيْفَ حَدِيْثُ شُرَحْبِيْلَ بنِ سَعْدٍ؟
فَقَالَ: وَأَحَدٌ يُحَدِّثُ عَنْ شُرَحْبِيْلَ؟
ثُمَّ قَالَ الفَلاَّسُ: العَجَبُ مِنْ رَجُلٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وَيَرغَبُ عَنْ شُرَحْبِيْلَ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَمَطَرٌ، وَأَبُو مَعْشَرٍ المَدِيْنِيُّ.
الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ لِعُبَيْدِ اللهِ: إِلَى أَيْنَ تَذهَبُ؟
قَالَ: أَذهَبُ إِلَى وَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، أَكْتُبُ السِّيْرَةَ.
قَالَ: يَكْتُبُ كَذِباً كَثِيْراً.
قُلْتُ: كَانَ وَهْبٌ يَروِيهَا عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَأَشَارَ يَحْيَى القَطَّانُ إِلَى مَا فِي السِّيْرَةِ مِنَ الوَاهِي مِنَ الشِّعْرِ، وَمِنْ بَعْضِ الآثَارِ المُنْقَطِعَةِ المُنْكَرَةِ، فَلَوْ حُذِفَ مِنْهَا ذَلِكَ، لَحَسُنَتْ، وَثَمَّ أَحَادِيْثُ جَمَّةٌ فِي الصِّحَاحِ وَالمَسَانِيْدِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالسِّيْرَةِ وَالمَغَازِي يَنْبَغِي أَنْ تُضَمَّ إِلَيْهَا وَتُرَتَّبَ، وَقَدْ فَعَلَ غَالِبَ هَذَا الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي (دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ) لَهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ شَيْئاً، كَانَ يُضَعِّفُهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طَلْحَةَ بنِ نَافِعٍ شَيْئاً.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
(13/64)
قَالَ إِنْسَانٌ لِلأَعْمَشِ: إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَنِ ابْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيْهِ، بِكَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ: كَذَبَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَكَذَبَ ابْنُ الأَسْوَدِ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بِكَذَا وَكَذَا. (7/53)
قَالَ عَلِيٌّ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: الحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ -يَعْنِي: سَوَاءٌ- وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ دُوْنَهُمَا.
وَقَالَ: تَرَكتُ ابْنَ إِسْحَاقَ مُتَعَمِّداً.
إِبْرَاهِيْمُ الحِزَامِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ:
رَأَيتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَكْتُبُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ.
قُلْتُ: هَذَا يُشَنَّعُ بِهِ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ حَمَلَ أَلوَاناً عَنِ الذِّمَّةِ مُتَرَخِّصاً بِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ وَلاَ حَرَجَ).
أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، قَالَ:
قَالَ أَبِي: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: يَا أَهْلَ العِرَاقِ! مَنْ يَغُتُّ عَلَيْكُم بَعْدَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟ (7/54)
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي الخَضِرُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ:
قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَا تَقُوْلُ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ؟
قَالَ: هُوَ كَثِيْرُ التَّدْلِيْسِ جِدّاً.
قُلْتُ: فَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي، وَحَدَّثَنِي، فَهُوَ ثِقَةٌ؟
قَالَ: هُوَ يَقُوْلُ أَخْبَرَنِي، فَيُخَالِفُ.
فَقِيْلَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ؟
فَقَالَ: لاَ، كَالمُنْكِرِ لِذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يَسْتَخِفُّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
(13/65)
بُنْدَارٌ: سَمِعْتُ مُعَاذاً يَقُوْلُ:
رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ إِزَارٌ رَقِيْقٌ مُتَخَلِّقٌ، وَخِصْيَتُهُ مُدَلاَّةٌ.
بُنْدَارٌ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَدِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَلْعَبُ بِالدُّيُوْكِ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَالمَدَائِنِيُّ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارِ بنِ خِيَارٍ، وَكَانَ خِيَارٌ لِقَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ يَقُوْلُ:
لَوْ كَانَ لِي سُلْطَانٌ، لأَمَّرْتُ ابْنَ إِسْحَاقَ عَلَى المُحَدِّثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ قُدَامَةَ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رِبْحِ بنِ سُلَيْمَانَ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاَةِ الظُّهرِ أَوِ العَصْرِ - شَكَّ يَزِيْدُ - وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي العَاصِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَضَعَهَا، ثُمَّ رَكَعَ، فَإِذَا قَامَ، حَمَلَهَا، فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ.
فَهَذَا أَعْلَى مَا يَقَعُ لَنَا مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ. (7/55)
قَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، وَإِبْرَاهِيْمُ نَفْطَوَيْه، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ ابْنُ إِسْحَاقَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
(13/66)
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَغَيْرُهُم: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ شَبَابٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثٍ.
رَوَى لَهُ: مُسْلِمٌ فِي المُتَابَعَاتِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ: البُخَارِيُّ، وَأَخْرَجَ أَرْبَابُ السُّنَنِ لَهُ.
وَالوَهْبِيُّ: هُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ. (7/56)
(13/67)
قُلْتُ: فَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، قَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ؟
(13/55)
فَقَالَ عَلِيٌّ: الَّذِي قَالَ هِشَامٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، لَعَلَّهُ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِه وَهُوَ غُلاَمٌ، فَسَمِعَ مِنْهَا، إِنَّ حَدِيْثَه لَيُتَبَيَّنُ فِيْهِ الصِّدْقُ، يَرْوِي مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، وَمَرَّةً: ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ، وَيَرْوِي عَنْ رَجُلٍ، عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ: (صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ)، وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ: (فِي سَلَفٍ وَبَيْعٍ)، وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ عَمْرٍو. (7/45)
قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ أَجِدْ لابْنِ إِسْحَاقَ إِلاَّ حَدِيْثَينِ مُنْكَرَيْنِ:
نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُم يَوْمَ الجُمُعَةِ...).
وَالزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ: (إِذَا مَسَّ أَحَدُكُم فَرْجَهُ...).
هَذَانِ لَمْ يَرْوِهِمَا عَنْ أَحَدٍ، وَالبَاقُوْنَ يَقُوْلُ: ذَكَرَ فُلاَنٌ، وَلَكِنَّ هَذَا فِيْهِ: حَدَّثَنَا.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ أَيْضاً: سَمِعْتُ بَعْضَ وَلَدِ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ - وَكَانَ مُلاَزِماً لِعَلِيٍّ - قَالَ:
سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُوْلُ: وَقَعَ إِلَيَّ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ شَيْءٌ، فَمَا أَنْكَرتُ مِنْهُ إِلاَّ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ، ظَنَنْتُ أَنَّ بَعْضَه مِنْهُ، وَبَعْضَه لَيْسَ مِنْهُ. (7/46)
أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَشْتَهِي الحَدِيْثَ، فَيَأْخُذُ كُتُبَ النَّاسِ، فَيَضَعُهَا فِي كُتُبِه.
(13/56)
قُلْتُ: هَذَا الفِعْلُ سَائِغٌ، فَهَذَا (الصَّحِيْحُ) لِلْبُخَارِيِّ، فِيْهِ تَعلِيقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: ابْنُ إِسْحَاقَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُوْسَى بنِ عُبَيْدَةَ.
قُلْتُ: مُوْسَى ضَعَّفُوهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُدَلِّسُ، إِلاَّ أَنَّ كِتَابَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ إِذَا كَانَ سَمَاعٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ، قَالَ: قَالَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: قَدِمَ ابْنُ إِسْحَاقَ بَغْدَادَ، فَكَانَ لاَ يُبَالِي عَمَّنْ يَحكِي، عَنِ الكَلْبِيِّ، وَعَنْ غَيْرِه، وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
كَانَ أَبِي يَتَّبِعُ حَدِيْثَ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَيَكتُبُهُ كَثِيْراً بِالعُلُوِّ وَالنُزُولِ، وَيُخَرِّجُهُ فِي (المُسْنَدِ)، وَمَا رَأَيتُهُ أَبْقَى حَدِيْثَه قَطُّ.
قِيْلَ لَهُ: يُحتَجُّ بِهِ؟
قَالَ: لَمْ يَكُنْ يُحتَجُّ بِهِ فِي السُّنَنِ.
وَقَالَ أَيُّوْبُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ سَافِرِيٍّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقُلْتُ: إِذَا انْفَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ بِحَدِيْثٍ، تَقْبَلُهُ؟
قَالَ: لاَ وَاللهِ، إِنِّيْ رَأَيتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ جَمَاعَةٍ بِالحَدِيْثِ الوَاحِدِ، وَلاَ يَفصِلُ كَلاَمَ ذَا مِنْ كَلاَمِ ذَا.
قَالَ: وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، فَكَانَ يُثْنِي عَلَيْهِ، وَيُقَدِّمُهُ.
وَرَوَى: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ العَبْسِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ: هُوَ صَالِحٌ، وَسَطٌ.
وَرَوَى: ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِذَاكَ.
وَسَمِعْتُ يَحْيَى مَرَّةً أُخْرَى يَقُوْلُ: هُوَ عِنْدِي سَقِيْمٌ، لَيْسَ بِقَوِيٍّ. (7/47)
وَقَالَ المَيْمُوْنِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: ابْنُ إِسْحَاقَ ضَعِيْفٌ.
(13/57)
وَرَوَى: المُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: هُوَ ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ.
وَرَوَى: أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، إِنَّمَا الحُجَّةُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ...، وَذَكَرَ جَمَاعَةً.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: فِي نَفْسِكَ مِنْ صِدْقِهِ شَيْءٌ؟
قَالَ: لاَ، هُوَ صَدُوْقٌ.
وَرَوَى: عَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: مَدَنِيٌّ، ثِقَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيْثُه.
وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ فَائِدٍ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ، فَأَخَذَ فِي فَنٍّ مِنَ العِلْمِ، قَضَى مَجْلِسَه فِيْهِ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ يَزِيْدَ البَحْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ:
مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ.
أَحْمَدُ الأَبَّارُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدٍ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ:
لَوْ سُوِّدَ أَحَدٌ فِي الحَدِيْثِ، لَسُوِّدَ ابْنُ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، وَمِنْهُم مَنْ يَتَكَلَّمُ فِيْهِ، وَكَانَ خَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ قَدِيْماً، فَأَتَى الجَزِيْرَةَ، وَالكُوْفَةَ، وَالرَّيَّ، وَبَغْدَادَ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَاتَ فِي سَنَةِ 151.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: قَدِمَ ابْنُ إِسْحَاقَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
(13/58)
وَرَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، مِنْهُم: عُبَيْدُ اللهِ بنُ المُغِيْرَةِ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَثُمَامَةُ بنُ شُفَيٍّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ قرمَانَ، وَالسَّكَنُ بنُ أَبِي كَرِيْمَةَ، رَوَى عَنْهُم أَحَادِيْثَ لَمْ يَرْوِهَا عَنْهُم غَيْرُه - فِيْمَا عَلِمتُ -. (7/48)
رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ الأَكَابِرُ، مِنْهُم: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي يَزِيْدَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ مَغَازِيَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ قَدِيْماً، فَلَمْ يَروِ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْهُم، غَيْرُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، وَكَانَ مَعَ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ بِالجَزِيْرَةِ، وَأَتَى أَبَا جَعْفَرٍ بِالحِيْرَةِ، فَكَتَبَ لَهُ المَغَازِي، فَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ بِذَلِكَ السَّبَبِ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الرَّيِّ، فَرُوَاتُهُ مِنْ هَؤُلاَءِ البُلْدَانِ أَكْثَرُ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لابْنِ إِسْحَاقَ مِنَ الفَضْلِ إِلاَّ أَنَّهُ صَرَفَ المُلُوْكَ عَنِ الاشتِغَالِ بِكُتُبٍ لاَ يَحصُلُ مِنْهَا شَيْءٌ، إِلَى الاشتِغَالِ بِمَغَازِي رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَبْعَثِهُ، وَمُبتَدَأِ الخَلْقِ، لَكَانَتْ هَذِهِ فَضِيلَةٌ سَبَقَ بِهَا، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ صَنَّفَهَا قَوْمٌ آخَرُوْنَ، فَلَمْ يَبلُغُوا مَبلَغَ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْهَا.
(13/59)
وَقَدْ فَتَّشتُ أَحَادِيْثَهُ كَثِيْراً، فَلَمْ أَجِدْ مِنْ أَحَادِيْثِه مَا يَتَهَيَّأُ أَنْ يُقطَعَ عَلَيْهِ بِالضَّعفِ، وَرُبَّمَا أَخْطَأَ، أَوْ يَهِمُ فِي الشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ، كَمَا يُخطِئُ غَيْرُه، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ الثِّقَاتُ وَالأَئِمَّةُ، وَهُوَ لاَ بَأْسَ بِهِ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ يَقُوْلُ:
ابْن إِسْحَاقَ كَذَّابٌ. (7/49)
عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ، حَدَّثَنِي وُهَيْبٌ، قَالَ:
سَأَلْتُ مَالِكاً عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ، وَقَالَ...، وَاتَّهَمَهُ.
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ زَاجٌ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:
كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ وَمَالِكٌ يَجْرَحَانِ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ.
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ أَبِي الوَضَّاحِ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ العِرَاقِ يَرْوُونَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ!
فَقَالَ يَحْيَى: تَروُونَ العِلْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟ تَرْوُونَ العِلْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟!
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي الفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ:
قَالَ لِي يَحْيَى القَطَّانُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ كَذَّابٌ.
قُلْتُ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: قَالَ لِي وُهَيْبٌ.
(13/60)
فَقُلْتُ لِوُهَيْبٍ: مَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكُ بنُ أَنَسٍ.
فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
فَقَالَ: قَالَ لِي هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ.
قُلْتُ لِهِشَامٍ: وَمَا يُدرِيْكَ؟
قَالَ: حَدَّثَ عَنِ امْرَأَتِي فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، وَدخَلَتْ عَلَيَّ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعِ سِنِيْنَ، وَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَتِ اللهَ.
قُلْتُ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ يَحْيَى وَهَؤُلاَءِ بَدَا مِنْهُم هَذَا بِنَاءً عَلَى أَصلٍ فَاسِدٍ وَاهٍ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الخُرَافَةَ مِنْ صَنْعَةِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ الشَّاذَكُوْنِيُّ - لاَ صَبَّحَهُ اللهُ بِخَيْرٍ - فَإِنَّهُ - مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي الحِفْظِ - مُتَّهَمٌ عِنْدَهُم بِالكَذِبِ، وَانظُرْ كَيْفَ قَدْ سَلْسَلَ الحِكَايَةَ.
وَيُبَيِّنُ لَكَ بُطلاَنَهَا: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ المُنْذِرِ لَمَّا كَانَتْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِيْنَ، لَمْ يَكُنْ زَوجُهَا هِشَامٌ خُلِقَ بَعْدُ، فَهِيَ أَكْبَرُ مِنْهُ بِنَيِّفَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَسْنَدُ مِنْهُ، فَإِنَّهَا رَوَتْ - كَمَا ذَكرْنَا - عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَحَّ أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ سَمِعَ مِنْهَا، وَمَا عَرَفَ بِذَلِكَ هِشَامٌ.
أَفَبِمِثْلِ هَذَا القَوْلِ الوَاهِي يُكَذَّبُ الصَّادِقُ، كَلاَّ وَاللهِ، نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الهَوَى وَالمُكَابِرَةِ، وَلَكِنْ صَدَقَ القَاضِي أَبُو يُوْسُفَ إِذْ يَقُوْلُ:
مَنْ تَتبَّعَ غَرِيْبَ الحَدِيْثِ كُذِّبَ، وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ ذُنُوبِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَإِنَّهُ يَكْتُبُ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَلاَ يَتَوَرَّعُ - سَامَحَهُ اللهُ -. (7/50)
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قُلْتُ لِهِشَامٍ: ابْنُ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ.
قَالَ: أَهُوَ كَانَ يَصِلُ إِلَيْهَا؟
(13/61)
قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُوْنَ إِحْدَى خَالاَتِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا، وَمَا عَلِمَ هِشَامٌ بِأَنَّهَا خَالَةٌ لَهُ، أَوْ عَمَّةٌ.
يَحْيَى بنُ آدَمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
اعْرِضُوا عَلَيَّ عِلْمَ مَالِكٍ، فَإِنِّي بَيْطَارُهُ.
فَقَالَ مَالِكٌ: انْظُرُوا إِلَى دَجَّالٍ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ: اعْرِضُوا عَلَيَّ عِلْمَ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: فَمَا رَأَيتُ أَحَداً جَمَعَ الدَّجَّالِيْنَ قَبْلَه.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الخَلاَّلِ: أَنْبَأَنَا جَعْفَرٌ، أَنْبَأَنَا السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ مَاكَ، أَنْبَأَنَا الخَلِيْلِيُّ، سَمِعْتُ جَدِّي، وَالقَاسِمَ بنَ عَلْقَمَةَ، سَمِعنَا ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا ابْنُ رَاهَوَيْه، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ آدَمَ، سَمِعْتُ ابْنَ إِدْرِيْسَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: كُنْتُ بِالرَّيِّ عِنْدَ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ وَزِيْرِ المَهْدِيِّ، فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:
هَاتُوا اعْرِضُوا عَلَيَّ عُلُوْمَ مَالِكٍ، فَإِنِّي أَنَا بَيْطَارُهَا.
فَقَالَ مَالِكٌ: دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ هَذَا.
قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: لَمْ أَسْمَعْ بِجَمعِ الدَّجَّالِ إِلاَّ مِنْهُ. (7/51)
وَبِهِ: إِلَى ابْنِ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ بِنَحْوِهَا، فَقَالَ مَالِكٌ:
دَجَّالٌ مِنَ الدَّجَاجِلَةِ يَقُوْلُ هَكَذَا؟! نَحْنُ نَفَيْنَاهُ مِنَ المَدِيْنَةِ.
وَقَالَ هَارُوْنُ بنُ مَعْرُوْفٍ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ يَقُوْلُ:
(13/62)
كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَحْفَظَ النَّاسِ، وَكَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ أَوْ أَكْثَرُ، جَاءَ وَاسْتَودَعَهَا ابْنَ إِسْحَاقَ، يَقُوْلُ: احْفَظْهَا عَنِّي، فَإِنْ نَسِيْتُهَا، كُنْتَ قَدْ حَفِظْتَهَا عَلَيَّ.
وَعَنِ ابْنِ إِدْرِيْسَ الحَافِظِ، قَالَ:
كَيْفَ لاَ يَكُوْنُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ ثِقَةً، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الأَعْرَجِ، ثُمَّ يَرْوِي عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، عَنْهُ، ثُمَّ يَرْوِي عَنِ: ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْهُ؟!
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: إِنَّهُ لَيَبِيْنُ فِي حَدِيْثِهِ الصِّدْقُ، يَقُوْلُ مَرَّةً: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، وَمَرَّةً ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ - وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ - عَنْ أَبِي النَّضْرِ، وَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ فِي: (سَلَفٍ وَبَيْعٍ) وَهُوَ مِنْ أَرْوَى النَّاس عَنْ عَمْرٍو.
وَلَمْ أَجِدْ لَهُ سِوَى حَدِيْثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ:
نَافِعٌ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي: (النُّعَاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ).
وَالزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ: (مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ).
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ هِشَامَ بنَ عُرْوَةَ، وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَ بِكَذَا وَكَذَا عَنْ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: كَذَبَ الخَبِيْثُ.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: قَالَ سُفْيَانُ:
رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَرَانِي مَعَهُ أَحَدٌ، فَقَالَ: أَنَا أَرْصُدُ ابْنَ خُصَيْفَةَ، أَبْغِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَمَّا حَدَّثَنِي عَنْهُ.
(13/63)
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: اتَّهَمُوْهُ بِالقَدَرِ. (7/52)
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ: مَا رَويتُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ إِلاَّ بِاضْطِرَارٍ.
الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ إِسْحَاقَ:
كَيْفَ حَدِيْثُ شُرَحْبِيْلَ بنِ سَعْدٍ؟
فَقَالَ: وَأَحَدٌ يُحَدِّثُ عَنْ شُرَحْبِيْلَ؟
ثُمَّ قَالَ الفَلاَّسُ: العَجَبُ مِنْ رَجُلٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ، وَيَرغَبُ عَنْ شُرَحْبِيْلَ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَمَطَرٌ، وَأَبُو مَعْشَرٍ المَدِيْنِيُّ.
الفَلاَّسُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ لِعُبَيْدِ اللهِ: إِلَى أَيْنَ تَذهَبُ؟
قَالَ: أَذهَبُ إِلَى وَهْبِ بنِ جَرِيْرٍ، أَكْتُبُ السِّيْرَةَ.
قَالَ: يَكْتُبُ كَذِباً كَثِيْراً.
قُلْتُ: كَانَ وَهْبٌ يَروِيهَا عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَأَشَارَ يَحْيَى القَطَّانُ إِلَى مَا فِي السِّيْرَةِ مِنَ الوَاهِي مِنَ الشِّعْرِ، وَمِنْ بَعْضِ الآثَارِ المُنْقَطِعَةِ المُنْكَرَةِ، فَلَوْ حُذِفَ مِنْهَا ذَلِكَ، لَحَسُنَتْ، وَثَمَّ أَحَادِيْثُ جَمَّةٌ فِي الصِّحَاحِ وَالمَسَانِيْدِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالسِّيْرَةِ وَالمَغَازِي يَنْبَغِي أَنْ تُضَمَّ إِلَيْهَا وَتُرَتَّبَ، وَقَدْ فَعَلَ غَالِبَ هَذَا الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي (دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ) لَهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ شَيْئاً، كَانَ يُضَعِّفُهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طَلْحَةَ بنِ نَافِعٍ شَيْئاً.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ:
(13/64)
قَالَ إِنْسَانٌ لِلأَعْمَشِ: إِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَنِ ابْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيْهِ، بِكَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ: كَذَبَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَكَذَبَ ابْنُ الأَسْوَدِ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بِكَذَا وَكَذَا. (7/53)
قَالَ عَلِيٌّ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى يَقُوْلُ: الحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ -يَعْنِي: سَوَاءٌ- وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ دُوْنَهُمَا.
وَقَالَ: تَرَكتُ ابْنَ إِسْحَاقَ مُتَعَمِّداً.
إِبْرَاهِيْمُ الحِزَامِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ:
رَأَيتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَكْتُبُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ.
قُلْتُ: هَذَا يُشَنَّعُ بِهِ عَلَى ابْنِ إِسْحَاقَ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّهُ حَمَلَ أَلوَاناً عَنِ الذِّمَّةِ مُتَرَخِّصاً بِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ وَلاَ حَرَجَ).
أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانُ، قَالَ:
قَالَ أَبِي: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: يَا أَهْلَ العِرَاقِ! مَنْ يَغُتُّ عَلَيْكُم بَعْدَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ؟ (7/54)
العُقَيْلِيُّ: حَدَّثَنِي الخَضِرُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ:
قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: مَا تَقُوْلُ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ؟
قَالَ: هُوَ كَثِيْرُ التَّدْلِيْسِ جِدّاً.
قُلْتُ: فَإِذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي، وَحَدَّثَنِي، فَهُوَ ثِقَةٌ؟
قَالَ: هُوَ يَقُوْلُ أَخْبَرَنِي، فَيُخَالِفُ.
فَقِيْلَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: رَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ؟
فَقَالَ: لاَ، كَالمُنْكِرِ لِذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ لاَ يَسْتَخِفُّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ.
(13/65)
بُنْدَارٌ: سَمِعْتُ مُعَاذاً يَقُوْلُ:
رَأَيتُ ابْنَ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ إِزَارٌ رَقِيْقٌ مُتَخَلِّقٌ، وَخِصْيَتُهُ مُدَلاَّةٌ.
بُنْدَارٌ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَدِيٍّ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يَلْعَبُ بِالدُّيُوْكِ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَالمَدَائِنِيُّ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يَسَارِ بنِ خِيَارٍ، وَكَانَ خِيَارٌ لِقَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: ابْنُ إِسْحَاقَ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ يَقُوْلُ:
لَوْ كَانَ لِي سُلْطَانٌ، لأَمَّرْتُ ابْنَ إِسْحَاقَ عَلَى المُحَدِّثِيْنَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ قُدَامَةَ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رِبْحِ بنِ سُلَيْمَانَ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلاَةِ الظُّهرِ أَوِ العَصْرِ - شَكَّ يَزِيْدُ - وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي العَاصِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَضَعَهَا، ثُمَّ رَكَعَ، فَإِذَا قَامَ، حَمَلَهَا، فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ.
فَهَذَا أَعْلَى مَا يَقَعُ لَنَا مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ إِسْحَاقَ. (7/55)
قَالَ عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، وَإِبْرَاهِيْمُ نَفْطَوَيْه، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ ابْنُ إِسْحَاقَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
(13/66)
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الوَهْبِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، وَغَيْرُهُم: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ شَبَابٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثٍ.
رَوَى لَهُ: مُسْلِمٌ فِي المُتَابَعَاتِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ: البُخَارِيُّ، وَأَخْرَجَ أَرْبَابُ السُّنَنِ لَهُ.
وَالوَهْبِيُّ: هُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ. (7/56)
(13/67)
عدد المشاهدات *:
388219
388219
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 09/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 09/12/2013