اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 18 رمضان 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????? ?????????? ????????? ?????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

يحب

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
المُجَلَّدُ التَّاسِعَ عَشَرَ
الطَّبَقَةُ الخَامِسَةُ وَالعِشْرُوْنَ مِنَ التَّابِعِيْنَ
المُعْتَمِدُ بنُ عَبَّادٍ مُحَمَّدُ ابنُ المُعْتَضِدِ بِاللهِ ابنِ الظَّافِرِ بِاللهِ
المُعْتَمِدُ بنُ عَبَّادٍ مُحَمَّدُ ابنُ المُعْتَضِدِ بِاللهِ ابنِ الظَّافِرِ بِاللهِ
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
صَاحِبُ الأَنْدَلُس، المُعْتَمِدُ عَلَى اللهِ أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ ابنُ الملكِ المُعْتَضِدِ بِاللهِ أَبِي عَمْرٍو عَبَّادِ ابن الظَّافر بِاللهِ أَبِي القَاسِمِ، قَاضِي إِشبيليَة، ثُمَّ مَلِكُهَا، مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ بن قُرَيْش اللَّخْمِيّ.
قِيْلَ:هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ النُّعْمَان بن المُنْذِرِ صَاحِبِ الحِيرَة.
حكم المُعْتَمِدُ عَلَى المدينَتينِ قُرْطُبَة وَإِشبيليَة، وَأَصلُهُم مِنَ الشَّام مِنْ بَلَدِ العَرِيشِ، فَدَخَلَ أَبُو الوَلِيْدِ إِسْمَاعِيْلُ بن قُرَيْش إِلَى الأَنْدَلُسِ، ثُمَّ برع القَاضِي فِي الفِقْه، وَوَلِيَ القَضَاءَ، ثُمَّ تَمَلَّكَ مُدَّةً، وَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُهُ المُعْتَضِدُ، فَسَاسَ المَمْلَكَة بِإِشبيليَة، وَبَايعُوْهُ بِالمُلك فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَكَانَ شَهْماً، صَارِماً، دَاهِيَةً، ذَبَحَ جَمَاعَةً مِنْ أَعْوَان أَبِيْهِ، وَصَادَرْهم، وَعلاَ شَأْنُهُ، وَدَانت لَهُ الأُمَمُ.
غرز خشباً فِي قَصْره، وَعَمَّمَهَا برُؤُوْس كِبَارٍ وَمُلُوْكٍ، وَكَانُوا يُشَبِّهونه بِالمَنْصُوْر العَبَّاسِيّ.(19/59)
وَرَام ابْنُهُ إِسْمَاعِيْل اغْتيَالَه، فَأَخَذَهُ، وَضربَ عُنُقه، وَعَهِدَ إِلَى ابْنِهِ المعتمد.
قِيْلَ:سَمَّه طَاغِيَةُ الفِرَنْج فِي ثَوْبٍ فَاخر، أَهدَاهُ لَهُ.
(37/54)

وَمِنْ جَبَرُوتِهِ وَعُتُوِّهِ أَنَّهُ أَخَذَ مَالاً لأَعْمَى، فَهجَّ وَجَاور بِمَكَّةَ، فَبَلَغَ المُعْتَضِدَ أَنَّهُ يَدعُو عَلَيْهِ، فَندبَ رَجُلاً أَعْطَاهُ جُمْلَةَ دَنَانِيْر مَطْلِيَّةً بِسُمٍّ، فَسَارَ إِلَى مَكَّةَ، وَأَوصله الذّهب، فَقَالَ:يَظلمنِي بِإِشبيليَة، وَيَصِلُنِي هُنَا؟!
ثُمَّ وَضَعَ مِنْهَا دِيْنَاراً فِي فَمِهِ كَعَادَة الأَضِرَّاء، فَمَاتَ مِنَ الغَدِ.
وَهَرَبَ مِنْهُ مُؤَذِّن إِلَى طُلَيْطُلَةَ، فَبقِي يَدعُو عَلَيْهِ فِي السَّحر، فَنفَّذ مَنْ جَاءهُ بِرَأْسِهِ.
وَقَدْ سَكِرَ لَيْلَةً، وَخَرَجَ فِي اللَّيْلِ مَعَهُ غُلاَمٌ، وَسَارَ مَخْمُوْراً، حَتَّى وَافَى قَرمُونَه، وَصَاحِبهَا إِسْحَاق البِرْزَال، وَبينهُمَا حُرُوْب، وَكَانَ يَشرب أَيْضاً فِي جَمَاعَةٍ، فَاسْتَأْذَن المُعْتَضِدُ، وَدَخَلَ، فَزَادَ تَعجُّبُهُم، فَسَلَّمَ وَأَكل، وَأَلَّ مِنْ سُكْرِهِ، وَسُقِطَ فِي يَدِهِ، لَكنَّه تَجلَّد، ثُمَّ قَالَ:أُرِيْد أَنْ أَنَام، فَفَرشُوا لَهُ، فَتنَاوم، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:هَذَا كَبش سمِينٌ، وَاللهِ لَوْ أَنفقتُم مُلكَ الأَنْدَلُس عَلَيْهِ مَا قَدَرْتُم، فَقَالَ مُعَاذُ بنُ أَبِي قُرَّة:كلا، رَجُل قَصَدَنَا، وَنَزَلَ بِنَا مُسْتَأْمِناً، لاَ تَتحدّث عَنَّا القبَائِلُ أَنَّا قتلنَا ضَيْفَنَا، ثُمَّ انتبه وَقَامَ، فَقبَّلُوا رَأْسه، وَقَالَ لِلْحَاجِبِ:أَيْنَ نَحْنُ؟
قَالَ:بَيْنَ أَهْلك وَإِخْوَانِك.(19/60)
قَالَ:هَاتُوا دوَاة، فَكَتَبَ لِكُلِّ مِنْهُم بِخِلْعَةٍ وَمَالٍ وَأَفرَاسٍ وَخَدَمٍ، وَأَخَذَ مَعَهُ غِلمَانهُم لِقبض ذَلِكَ، وَركب، فَمَشَوا فِي خِدمته.
(37/55)

لَكِن أَسَاء كُلَّ الإِسَاءة؛طَلَبهُم بَعْدَ أَشهرٍ لِوليمَة، فَأَتَاهُ سِتُّوْنَ مِنْهُم، فَأَكْرَمَهُم، وَأَنْزَلهُم حَمَّاماً وَطَيَّنه عَلَيْهِم سِوَى مُعَاذ، وَقَالَ لِمُعَاذ:لَمْ تُرَعْ، حَضَرَتْ آجَالُهُم، وَلَولاَكَ لَقَتلونِي، فَإِنْ أَردتَ أَنْ أُقَاسمك مُلكِي، فَعَلت.
قَالَ:بَلْ أُقيم عِنْدَك، وَإِلاَّ بِأَيِّ وَجه أَرجعُ، وَقَدْ قتلتَ سَادَات بَنِي بِرْزَال، فَصَيَّره مِنْ كِبَارِ قُوَّاده، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ قُوَّاد المُعْتَمد.
وَحَكَى عبد الوَاحِد بن عَلِيٍّ فِي(تَارِيْخِهِ):أَنَّ المُعْتَضِدَ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَعَ إِلَيْهِ المُؤَيَّدُ بِاللهِ هِشَام بنُ الحَكَمِ المَرْوَانِي، فَخطب لَهُ مُدَّة بِالخِلاَفَةِ، وَحَمله عَلَى تَدبِير هَذِهِ الحيلَة اضْطِرَابُ أَهْل إِشبيليَة عَلَيْهِ؛أَنِفُوا مِنْ بَقَائِهِم بِلاَ خَلِيْفَة، وَبَلَغَهُ أَنَّهُم يَتَطَلَّبُوْنَ أُمَوِيّاً، فَقَالَ:فَالمُؤَيَّدُ عِنْدِي، وَشَهِدَ لَهُ جَمَاعَة بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ كَالحَاجِب لَهُ، وَأَمر بِالدُّعَاء لَهُ فِي الجُمَعِ، وَدَام إِلَى أَنْ نَعَاهُ لِلنَّاسِ سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَادَّعَى أَنَّهُ عَهِدَ إِلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ.
وَهَذَا هَذِيَان، وَالمُؤَيَّدُ هَلَكَ سَنَة نَيِّفٍ وَأَرْبَع مائَة، وَلَوْ كَانَ بَقِيَ إِلَى هَذَا الوَقْت، لَكَانَ ابْنَ مائَة سَنَةٍ وَسَنَة.(19/61)
هلك المُعْتَضِدُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَخلفه المعتمد صَاحِب التَّرْجَمَة، فَكَانَ فَارِساً شُجَاعاً، عَالِماً أَديباً، ذكيّاً شَاعِراً، مُحسناً جَوَاداً مُمَدَّحاً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ، خَيْراً مِنْ أَبِيْهِ.
كَانَ أَندَى المُلُوْك رَاحَةً، وَأَرحبهُم سَاحَةً، كَانَ بَابُه مَحطَّ الرِّحَال، وَكعبَةَ الآمَال.
(37/56)

قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ اللَّبَّانَة الشَّاعِر:مَلَكَ المُعْتَمِدُ مِنْ مُسوَّرَات البِلاَد مائَتَيْ مُسور، وَوُلد لَهُ مائَةٌ وَثَلاَثَة وَسَبْعُوْنَ وَلداً، وَكَانَ لِمَطْبَخه فِي اليَوْمِ ثَمَانِيَةُ قنَاطير لحم، وَكُتَّابُه ثَمَانِيَةَ عشرَ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان:كَانَ الأَذْفونش قَدْ قوِيَ أَمرُه، وَكَانَتِ المُلُوْكُ بِالأَنْدَلُسِ يُصَالِحونه، وَيَحْمِلُوْنَ إِلَيْهِ ضَرَائِبَ، وَأَخَذَ طُليطلَة فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ بَعْدَ حِصَارٍ شَدِيد، مِنَ القَادِر بنِ ذِي النُّوْنِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ وَهْنٍ دَخَلَ مِنَ الفِرَنْج عَلَى المُسْلِمِين، وَكَانَ المُعْتَمِدُ يُؤَدِّي إِلَيْهِ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ، لَمْ يَقبلِ الضَّرِيبَةَ، وَتَهدَّدَه، وَطلب مِنْهُ أَنْ يُسَلِّم حُصُوْناً، فَضَرَبَ الرَّسُولَ، وَقَتَلَ مَنْ مَعَهُ، فَتحرَّك اللَّعينُ، وَاجتمع العُلَمَاءُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يُكَاتِبُوا الأَمِيْرَ أَبَا يَعْقُوْب بن تَاشفِيْن صَاحِبَ مَرَّاكُش لِيُنْجِدَهُم، فَعَبَرَ ابْنُ تَاشفِيْن بِجيوشه إِلَى الجَزِيْرَة، ثُمَّ اجْتَمَع بِالمُعْتَمِد، وَأَقْبَلت المُطَّوِّعَةُ مِنَ النَّوَاحِي، وَركب الأَذْفونش فِي أَرْبَعِيْنَ أَلف فَارِس، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ تَاشفِيْن يَتهدَّدُه، فَكَتَبَ فِي ظهر كِتَابهُ:الَّذِي يَكُوْن سَتَرَاهُ.(19/62)
ثُمَّ الْتَقَى الجمعَانِ، وَاصطدمَ الجبلاَنِ بِالزَّلاَّقَةِ مِنْ أَرْضِ بَطَلْيَوْس، فَانْهَزَم الكَلْبُ، وَاسْتُؤْصِلَ جَمعُه، وَقَلَّ مَنْ نَجَا، فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَجُرِحَ المُعْتَمِدُ فِي بَدَنِه وَوَجهه، وَشُهِدَ لَهُ بِالشَّجَاعَةِ وَالإِقدَام، وَغَنِمَ المُسْلِمُوْنَ مَا لاَ يُوصف، وَغدَا ابْنُ تَاشفِيْن.
(37/57)

ثُمَّ عَبَر فِي العَامِ الآتِي، وَتلَقَّاهُ المُعْتَمِدُ، وَحَاصرَا حِصناً لِلْفرنج، وَترَجَّل ابْنُ تَاشفِيْن، فَمَرَّ بغَرْنَاطَة، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ صَاحِبُهَا ابْن بُلُكِّين تَقَادِمَ وَهَدَايَا، وَتلقَاهُ، فَغَدَرَ بِهِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى قَصْره، وَرجع إِلَى مَرَّاكُش، وَقَدْ بَهره حُسنُ الأَنْدَلُس وَبَسَاتينُهَا، وَحسَّن لَهُ أُمَرَاؤُهُ أَخْذَهَا، وَوحَّشُوا قَلْبَه عَلَى المعتمد.(19/63)
قَالَ عبدُ الوَاحِد بن عَلِيٍّ:غلبَ المعتمِدُ عَلَى قُرْطُبَة فِي سَنَةِ(471)، فَأَخْرَجَ مِنْهَا ابْنَ عُكَاشَة...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَجَالَ ابْنُ تَاشفِيْن فِي الأَنْدَلُس يَتفرَّجُ، مضمِراً أَشيَاء، مُعظماً لِلمعتمِد، وَيَقُوْلُ:نَحْنُ أَضيَافُهُ وَتَحتَ أَمرِهِ، ثُمَّ قرَّرَ ابْنُ تَاشفِيْن خَلقاً مِنَ المُرَابطين يُقيمُوْنَ بِالأَنْدَلُسِ، وَأَحبَّ الأَنْدَلُسِيّون ابْنَ تَاشفِيْن، وَدَعَوْا لَهُ، وَجَعَلَ عِنْدَهُم بُلَّجين قَرَابَته، وَقرَّرَ مَعَهُ أُمُوْراً، فَهَاجتِ الفِتْنَةُ بِالأَنْدَلُسِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ، وَزَحَفَ المُرَابطون، فَحَاصَرُوا حُصُوْناً لِلمعتَمد، وَأَخَذُوا بعضَهَا، وَقتلُوا وَلَدَه المَأْمُوْنَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، فَاسْتحكَمت الإِحْنَةُ، وَغَلَتْ مرَاجِلُ الفِتْنَةِ، ثُمَّ حَاصرُوا إِشبيليَة أَشدَّ حِصَار، وَظَهر مِنْ بَأْس المُعْتَمِدِ وَتَرَامِيه عَلَى الاسْتشهَاد مَا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ.
وَفِي رَجَب سَنَةَ أَرْبَعٍ، هَجَمَ المرَابطون عَلَى البَلَد، وَشَنُّوا الغَارَات، وَخَرَجَ النَّاسُ عَرَايَا، وَأَسَرُوا المعتمِد.
قَالَ عبدُ الوَاحِد:برز المعتمِدُ مِنْ قَصْره فِي غِلاَلَةٍ بِلاَ دِرْعٍ وَلاَ دَرَقَةٍ، وَبِيَدِهِ سَيْفُه، فَرمَاهُ فَارِسٌ بِحربَة أَصَاب الغِلاَلَة، وَضربَ الفَارِس فَتَلَّه، فَولَّتِ المرَابطون.
(37/58)

ثُمَّ وَقتَ العَصرِ كَرَّتِ البَرْبَرُ، وَظهرُوا عَلَى البلدِ مِنْ وَادِيه، وَرَمَوْا فِيْهِ النَّارَ، فَانقطع العملُ، وَاتَّسَعَ الخَرقُ عَلَى الرَّاقِع بقُدومِ سِيْرِ ابْنِ أَخِي السُّلْطَانِ، وَلَمْ يَتركِ البَرْبَرُ لأَهْل البلد شَيْئاً، وَنُهِبَتْ قُصُوْر المُعْتَمِدِ، وَأُكْرِهَ عَلَى أَنَّ كَتَبَ إِلَى وَلَدَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَا الحِصْنَيْنِ، وَإِلاَّ قُتِلْتُ، فَدَمِي رهنٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهُمَا المُعْتَدُّ، وَالرَّاضِي، وَكَانَا فِي رُنْدَةَ وَمَارْتلَة، فَنَزَلاَ بِأَمَانٍ وَموَاثيقَ كَاذِبَة، فَقَتَلُوا المُعْتَدَّ، وَقتلُوا الرَّاضِي غِيلَة، وَمَضَوا بِالمعتمدِ وَآله إِلَى طَنْجَةَ بَعْدَ أَنْ أَفقروهُم، ثُمَّ سُجِنَ بِأَغْمَاتَ عَامَين وَزِيَادَة، فِي قِلَّة وَذِلَّة، فَقَالَ:
تَبَدَّلْتُ مِنْ ظِلِّ عِزِّ البُنُوْد*بِذُلِّ الحَدِيْدِ وَثِقْلِ القُيُودِ
وَكَانَ حَدِيْدِي سِنَاناً ذَلِيْقاً*وَعَضْباً رَقِيْقاً صَقِيْلَ الحَدِيْدِ
وَقَدْ صَارَ ذَاكَ وَذَا أَدْهَمَا*يَعَضُّ بِسَاقَيَّ عَضَّ الأُسُودِ(19/64)
قِيْلَ:إِنَّ بنَات المُعْتَمدِ أَتَيْنَهُ فِي عِيدٍ، وَكُنَّ يَغْزِلْنَ بِالأُجرَة فِي أَغْمَاتَ، فَرَآهن فِي أَطْمَارٍ رَثَّةٍ، فَصَدَعْنَ قَلْبَه، فَقَالَ:
فِيمَا مَضَى كُنْتَ بِالأَعْيَادِ مَسْرُوْرا*فَسَاءَكَ العِيْدُ فِي أَغْمَاتَ مَأْسُوْرَا
تَرَى بَنَاتِكَ فِي الأَطْمَارِ جَائِعَةً*يَغْزِلْنَ لِلنَّاسِ مَا يَمْلُكْنَ قِطْمِيْرَا
بَرَزْنَ نَحْوَكَ لِلتَّسْلِيمِ خَاشِعَةً*أَبْصَارُهُنَّ حَسِيْرَاتٍ مَكَاسِيْرَا
يَطَأْنَ فِي الطِّيْنِ وَالأَقْدَامُ حَافِيَةٌ*كَأَنَّهَا لَمْ تَطَأْ مِسْكاً وَكَافُوْرَا
وَلَهُ مِنْ قصيدَة:
قَدْ رُمْتُ يَوْمَ نِزَالِهِمْ*أَنْ لاَ تُحصِّنَنِي الدُّرُوْعْ
وَبَرَزْتُ لَيْسَ سِوَى القُمِّيـ*ـصِ عَنِ الحَشَا شَيْءٌ دَفُوعْ
(37/59)

أَجَلِي تَأَخَّرَ لَمْ يَكُنْ*بِهَوَايَ ذُلِّي وَالخُشُوعْ
مَا سِرْتُ قَطُّ إِلَى القِتَا*لِ وَكَانَ فِي أَملِي رُجُوْعْ(19/65)
وَلابْنِ اللَّبَّانَة - وَوَفَدَ بِهَا إِلَى السِّجن - :
تَنَشَّقْ رَيَاحِيْنَ السَّلامِ فَإِنَّمَا*أَفُضُّ بِهَا مِسْكاً عَلَيْكَ مُخَتَّمَا
وَقُلْ لِي مَجَازاً إِنْ عَدِمْتَ حَقِيْقَةً*بِأَنَّكَ فِي نُعْمَى فَقَدْ كُنْتَ مُنَعَّمَا
أُفَكِّرُ فِي عَصْرٍ مَضَى لَكَ مُشْرِقاً*فَيَرْجِعُ ضَوْءُ الصُّبْحِ عِنْدِي مُظْلِمَا
وَأَعْجَبُ مِنْ أُفْقِ المَجَرَّةِ إِذْ رَأَى*كُسُوْفَكَ شَمْساً كَيْفَ أَطْلَعَ أَنْجُمَا
قَنَاةٌ سَعَتْ لِلطَّعْنِ حَتَّى تَقَصَّدَتْ*وَسَيْفٌ أَطَالَ الضَّرْبُ حَتَّى تَثَلَّمَا
بَكَى آلُ عَبَّادٍ وَلاَ كَمُحَمَّدٍ*وَأَبنَائِهِ صَوْبُ الغَمَامَةِ إِذْ هَمَا
صَبَاحُهُم كُنّا بِهِ نَحْمَدُ السُّرَى*فَلَمَّا عَدِمْنَاهُم سَرَيْنَا عَلَى عَمَى
وَكُنَّا رَعَيْنَا العِزَّ حَوْلَ حِمَاهُمُ*فَقَدْ أَجْدَبَ المَرْعَى وَقَدْ أَقْفَرَ الحِمَى
وَقَدْ أَلْبَسَتْ أَيْدِي اللَّيَالِي مَحَلَّهُم*مَنَاسِيْجَ سَدَّى الغَيْثُ فِيْهَا وَأَلْحَمَا
قُصُوْرٌ خَلَتْ مِنْ سَاكِنِيْهَا فَمَا بِهَا*سِوَى الأَدْمِ يَمْشِي حَوْلَ وَاقِفَةِ الدُّمَى
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيْهَا أَنِيْسٌ وَلاَ الْتَقَى*بِهَا الوَفْدُ جَمْعاً وَالخَمِيْسُ عَرَمْرَمَا
فَكُنْتَ وَقَدْ فَارَقْتَ مُلْكَكَ مَالِكاً*وَمِنْ وَلَهِي أَبْكِي عَلَيْكَ مُتَمِّمَا
تَضِيْقُ عَلَيَّ الأَرْضَ حَتَّى كَأَنَّنِي*خُلِقْتُ وَإِيَّاهَا سِوَاراً وَمِعْصَمَا
وَإِنِّيْ عَلَى رَسْمِي مُقِيْمٌ فَإِنْ أَمُتْ*سَأَجْعَلُ لِلبَاكِيْنَ رَسْمِيَ مَوْسِمَا
بَكَاكَ الحَيَا وَالرِّيْحُ شَقَّتْ جُيُوبَهَا*عَلَيْكَ وَنَاحَ الرَّعْدُ بِاسْمِكَ مُعْلِما
(37/60)

وَمُزِّقَ ثَوْبُ البَرْقِ وَاكتَسَتِ الضُّحَى*حِدَاداً وَقَامَتْ أَنْجُمُ اللَّيْل مَأْتمَا
وَلاَ حَلَّ بَدْرُ التِّمِّ بَعْدَكَ دَارَةً*وَلاَ أَظْهَرَتْ شَمْسُ الظَّهِيْرَةِ مَبْسِمَا
سَيُنْجِيْكَ مَنْ نَجَّى مِنَ الجُبِّ يُوْسُفاً*وَيُؤْوِيكَ مَنْ آوَى المَسِيْحَ ابْنَ مَرْيَمَا
فَلَمَّا أَنشده إِيَّاهَا، وَأَرَادَ الخُرُوج، أَعْطَاهُ تَفضِيْلَة وَعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَأَبيَاتاً يَعْتَذِرُ فِيْهَا.
قَالَ:فَرددتُهَا عَلَيْهِ لِعلمِي بِحَاله، وَأَنَّهُ مَا ترك عِنْدَهُ شَيْئاً.(19/66)
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان:مَوْلِدُهُ كَانَ:فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَمَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَدْ سَمَّى ابْن اللَّبَانَة بَنِي المعتَمِدِ بِأَسمَائِهم وَأَلقَابِهِم، فَعَدَّ نَحْواً مِنْ ثَلاَثِيْنَ نَفْساً، وَعَدَّ لَهُ أَرْبَعاً وَثَلاَثِيْنَ بِنْتاً.
قُلْتُ:افْتقرُوا بِالمَرَّة، وَتَعَلَّمُوا صَنَائِع، وَكَذَلِكَ الدَّهْرُ، نَسْأَل اللهَ المَغْفِرَة.(19/67)
(37/61)




عدد المشاهدات *:
265722
عدد مرات التنزيل *:
0
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 15/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 15/12/2013

سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي

روابط تنزيل : المُعْتَمِدُ بنُ عَبَّادٍ مُحَمَّدُ ابنُ المُعْتَضِدِ بِاللهِ ابنِ الظَّافِرِ بِاللهِ
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  المُعْتَمِدُ بنُ عَبَّادٍ مُحَمَّدُ ابنُ المُعْتَضِدِ بِاللهِ ابنِ الظَّافِرِ بِاللهِ لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي


@designer
1