وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله: إني زنيت فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه أي انتقل من الناحية التي كان فيها إلى الناحية التي يستقبل بها وجهه فقال يا رسول الله: إني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أبك جنون؟" قال: لا قال: "فهل أحصنت" بفتح الهمزة فحاء مهملة فصاد مهملة أي تزوجت قال: نعم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اذهبوا به فارجموه" متفق عليه
الحديث اشتمل على مسائل
الأولى أنه وقع منه إقرار أربع مرات فاختلف العلماء هل يشترط تكرار الإقرار بالزنا أربعا أو لا ذهب من قدمنا ذكره وهم الحسن ومالك والشافعي وداود وآخرون إلى عدم اشتراط التكرار مستدلين بأن الأصل عدم اشتراطه في سائر الأقارير كالقتل والسرقة وبأنه صلى الل عليه وسلم قال لأنيس "فإن اعترفت فارجمها" ولم يذكر له تكرار الاعتراف فلو كان شرطا معتبرا لذكره صلى الله عليه وسلم لأنه في مقام البيان لا يؤخر عن وقت الحاجة وذهب الجماهير إلى أنه يشترط في الإقرار بالزنا أربع مرات مستدلين بحديث ماعز هذا وأجيب عنهم بأن حديث ماعز هذا اضطربت فيه الروايات في عدد الإقرارات فجاء فيها أربع مرات ومثله في حديث جابر بن سمرة عند مسلم ووقع في طريق أخرى عند مسلم أيضا مرتين أو ثلاثا ووقع في حديث عنده أيضا في طريق أخرى فاعترف بالزنا ثلاث مرات وقوله صلى الله تعالى عليه وعلى وسلم في بعض الروايات "قد شهدت على نفسك أربع مرات" حكاية لما وقع منه معتبر وما كان ذلك إلا زيادة في الاستثبات والتبين ولذلك سأل صلى الله عليه وسلم هل به جنون أو هو شارب خمر وأمر من يشم رائحته وجعل يستفسره عن الزنا
(4/6)
كما سيأتي بألفاظ عديدة كل ذلك لأجل الشبهة التي عرضت في أمره ولأنها قالت الجهينة أتريد أن تردني كما رددت ماعزا فعلم أن الترديد ليس بشرط في الإقرار وبعد فلو سلمنا أنه لا اضطراب وأنه أقر أربع مرات فهذا فعل منه أمره صلى الله عليه سلم ولا طلبه لتكرار إقراره بل فعله من تلقاء نفسه وتقريره عليه دليل على جوازه لا على شرطيته واستدل الجمهور بالقياس على أنه قد اعتبر في الشهادة على الزنا أربعة ورد بأنه استدلال واضح البطلان لأنه قد اعتبر في المال عدلان والإقرار به يكفي مرة واحدة اتفاقا
المسألة الثانية دلت ألفاظ الحديث على أنه يجب على الإمام الاستفصال عن الأمور التي يجب معها الحد فإنه قد روي في هذا الحديث ألفاظ كثيرة دالة عليه ففي حديث بريدة أنه قال: "أشربت خمر" ا قال لا وأنه قام رجل يستنكهه فلم يجد فيه ريحا وفي حديث ابن عباس "لعلك قبلت أو غمزت" وفي رواية " هل ضاجعتها؟" قال نعم قال: "فهل باشرتها؟" قال نعم قال "هل جامعتها؟" قال نعم وفي حديث ابن عباس أنكتها لا يكني رواه البخاري وفي حديث أبي هريرة "أنكحتها؟" قال نعم قال "دخل ذلك منك في ذلك منها" قال نعم قال "كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر؟" قال نعم قال تدري ما الزنا قال نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا قال: "فما تريد بهذا القول؟" قال تطهرني فأمر به فرجم فدل جميع ما ذكر على أنه يجب الاستفصال والتبين وأنه يندب تلقين ما يسقط الحد وأن الإقرار لا بد فيه من اللفظ الصريح الذي لا المواقعة وقد روي عن جماعة من الصحابة تلقين المقر كما أخرجه مالك عن أبي الدرداء وعن علي عليه السلام في قصة شراحة فإنه قال لها علي استكرهت قالت لا قال فلعل رجل أتاك في نومك الحديث وعند المالكية أنه لا يلقن من اشتهر بانتهاك الحرمات وفي قوله أشربت خمرا دليل على أنه لا يصح إقرار السكران وفيه خلاف وفيه دليل على أنه يحفر للرجل عند رجمه لأن في حديث بريدة عند مسلم فحفر له حفيرة وفي الحديث عند البخاري أنها لما أذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه زاد في رواية حتى مات وأخرج أبو داود أنه قال صلى الله عليه وسلم يعني حين أخبر بهربه هلا رددتموه إلي وفي رواية "تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه" وأخذ من هذا الهادوية والشافعي وأحمد أنه يصح رجوع المقر عن الإقرار فإذا هرب ترك لعله يرجع
وفي قوله صلى الله عليه وسلم "لعله يتوب" إشكال لأنه ما جاء إلا تائبا يطلب تطهيره من الذنب وقد أخرج أبو داود أنه قال صلى الله عليه وسلم في قصة ماعز "والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها" ولعله يجاب بأن المراد لعله يرجع عن إقراره ويتوب بينه وبين الله تعالى فيغفر له أو المراد يتوب عن إكذابه نفسه واعلم أن قوله فأمر به فرجموه يدل أنه صلى الله عليه وسلم لم يحضر الرجم وأنه لا يجب أن يكون أول من يرجم الإمام فيمن ثبت عليه الحد بالإقرار وإلى هذا ذهب الشافعي
(4/7)
والهادي والأولى حمل ذلك على الندب وعليه يحمل ما أخرج البيهقي عن علي عليه السلام أنه قال أيما امرأة بغى عليها ولدها أو كان اعتراف فالإمام أول من يرجم فإن ثبت بالبينة فالشهود أول من يرجم
الحديث اشتمل على مسائل
الأولى أنه وقع منه إقرار أربع مرات فاختلف العلماء هل يشترط تكرار الإقرار بالزنا أربعا أو لا ذهب من قدمنا ذكره وهم الحسن ومالك والشافعي وداود وآخرون إلى عدم اشتراط التكرار مستدلين بأن الأصل عدم اشتراطه في سائر الأقارير كالقتل والسرقة وبأنه صلى الل عليه وسلم قال لأنيس "فإن اعترفت فارجمها" ولم يذكر له تكرار الاعتراف فلو كان شرطا معتبرا لذكره صلى الله عليه وسلم لأنه في مقام البيان لا يؤخر عن وقت الحاجة وذهب الجماهير إلى أنه يشترط في الإقرار بالزنا أربع مرات مستدلين بحديث ماعز هذا وأجيب عنهم بأن حديث ماعز هذا اضطربت فيه الروايات في عدد الإقرارات فجاء فيها أربع مرات ومثله في حديث جابر بن سمرة عند مسلم ووقع في طريق أخرى عند مسلم أيضا مرتين أو ثلاثا ووقع في حديث عنده أيضا في طريق أخرى فاعترف بالزنا ثلاث مرات وقوله صلى الله تعالى عليه وعلى وسلم في بعض الروايات "قد شهدت على نفسك أربع مرات" حكاية لما وقع منه معتبر وما كان ذلك إلا زيادة في الاستثبات والتبين ولذلك سأل صلى الله عليه وسلم هل به جنون أو هو شارب خمر وأمر من يشم رائحته وجعل يستفسره عن الزنا
(4/6)
كما سيأتي بألفاظ عديدة كل ذلك لأجل الشبهة التي عرضت في أمره ولأنها قالت الجهينة أتريد أن تردني كما رددت ماعزا فعلم أن الترديد ليس بشرط في الإقرار وبعد فلو سلمنا أنه لا اضطراب وأنه أقر أربع مرات فهذا فعل منه أمره صلى الله عليه سلم ولا طلبه لتكرار إقراره بل فعله من تلقاء نفسه وتقريره عليه دليل على جوازه لا على شرطيته واستدل الجمهور بالقياس على أنه قد اعتبر في الشهادة على الزنا أربعة ورد بأنه استدلال واضح البطلان لأنه قد اعتبر في المال عدلان والإقرار به يكفي مرة واحدة اتفاقا
المسألة الثانية دلت ألفاظ الحديث على أنه يجب على الإمام الاستفصال عن الأمور التي يجب معها الحد فإنه قد روي في هذا الحديث ألفاظ كثيرة دالة عليه ففي حديث بريدة أنه قال: "أشربت خمر" ا قال لا وأنه قام رجل يستنكهه فلم يجد فيه ريحا وفي حديث ابن عباس "لعلك قبلت أو غمزت" وفي رواية " هل ضاجعتها؟" قال نعم قال: "فهل باشرتها؟" قال نعم قال "هل جامعتها؟" قال نعم وفي حديث ابن عباس أنكتها لا يكني رواه البخاري وفي حديث أبي هريرة "أنكحتها؟" قال نعم قال "دخل ذلك منك في ذلك منها" قال نعم قال "كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر؟" قال نعم قال تدري ما الزنا قال نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا قال: "فما تريد بهذا القول؟" قال تطهرني فأمر به فرجم فدل جميع ما ذكر على أنه يجب الاستفصال والتبين وأنه يندب تلقين ما يسقط الحد وأن الإقرار لا بد فيه من اللفظ الصريح الذي لا المواقعة وقد روي عن جماعة من الصحابة تلقين المقر كما أخرجه مالك عن أبي الدرداء وعن علي عليه السلام في قصة شراحة فإنه قال لها علي استكرهت قالت لا قال فلعل رجل أتاك في نومك الحديث وعند المالكية أنه لا يلقن من اشتهر بانتهاك الحرمات وفي قوله أشربت خمرا دليل على أنه لا يصح إقرار السكران وفيه خلاف وفيه دليل على أنه يحفر للرجل عند رجمه لأن في حديث بريدة عند مسلم فحفر له حفيرة وفي الحديث عند البخاري أنها لما أذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه زاد في رواية حتى مات وأخرج أبو داود أنه قال صلى الله عليه وسلم يعني حين أخبر بهربه هلا رددتموه إلي وفي رواية "تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه" وأخذ من هذا الهادوية والشافعي وأحمد أنه يصح رجوع المقر عن الإقرار فإذا هرب ترك لعله يرجع
وفي قوله صلى الله عليه وسلم "لعله يتوب" إشكال لأنه ما جاء إلا تائبا يطلب تطهيره من الذنب وقد أخرج أبو داود أنه قال صلى الله عليه وسلم في قصة ماعز "والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها" ولعله يجاب بأن المراد لعله يرجع عن إقراره ويتوب بينه وبين الله تعالى فيغفر له أو المراد يتوب عن إكذابه نفسه واعلم أن قوله فأمر به فرجموه يدل أنه صلى الله عليه وسلم لم يحضر الرجم وأنه لا يجب أن يكون أول من يرجم الإمام فيمن ثبت عليه الحد بالإقرار وإلى هذا ذهب الشافعي
(4/7)
والهادي والأولى حمل ذلك على الندب وعليه يحمل ما أخرج البيهقي عن علي عليه السلام أنه قال أيما امرأة بغى عليها ولدها أو كان اعتراف فالإمام أول من يرجم فإن ثبت بالبينة فالشهود أول من يرجم
عدد المشاهدات *:
548407
548407
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 26/12/2016