اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 17 شوال 1445 هجرية
?? ??? ????? ??? ??? ???? ????? ????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ???????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????????? ???????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

الدعاء

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
سيرة الخلفاء
سيرَة عُثمَان بْنُ عَفان رضيَ اللهُ عَنه شخصيّته وعَصْره للشيخ علي محمد الصلابي
الفصل الثالث المؤسسة المالية والقضائية في عهد عثمان
الكتب العلمية
الفصل الثالث المؤسسة المالية والقضائية في عهد عثمان

المبحث الأول المؤسســـة الماليــــــــــــة

لما تولى عثمان الخلافة لم يغير من سياسة عمر المالية، وإن كان قد سمح للمسلمين باقتناء الثروات وتشييد القصور وامتلاك المساحات الشاسعة من الأراضي، فقد زالت عن المسلمين شدة عمر التي كانت ترهبهم وتخيفهم، والتي كانت تحول دون الكثير مما يشتهون، وكان عهده عهد رخاء على المسلمين([1]).

أولاً: السياسة المالية التي أعلنها عثمان عندما تولى الحكم:

وجه عثمان كتابا إلى الولاة وكتابا آخر إلى عمال الخراج، وأذاع كتابا على العامة، وقد ذكرتُ نصوصها عند حديثي عن منهجه في الحكم، وفي ضوء تلك النصوص تكون عناصر السياسة المالية العامة التي أعلنها ثالث الخلفاء الراشدين قد قامت على الأسس العامة التالية:

* تطبيق سياسة مالية عامة إسلامية.

* عدم إخلال الجباية بالرعاية.

* أخذ ما على المسلمين بالحق لبيت مال المسلمين.

* إعطاء المسلمين ما لهم من بيت مال المسلمين.

* أخذ ما على أهل الذمة لبيت مال المسلمين بالحق، وإعطاؤهم ما لهم، وعدم ظلمهم.

* تخلق عمال الخراج بالأمانة والوفاء.

* تفادي أية انحرافات مالية يسفر عنها تكامل النعم لدى العامة([2]).

ونفصل فيما يلي هذه الأسس:

1- نية عثمان بن عفان تطبيق سياسة مالية عامة:

مما لا شك فيه أن الخليفة الثالث عثمان بن عفان عزم على تطبيق سياسة مالية عامة إسلامية؛ فقد بويع على أساس تطبيق حكم الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسياسة الخليفتين قبله، وقد طبق أبو بكر ما نزل به القرآن وما سنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالسياسة المالية وغيرها من الأحكام، وقام عمر بتطوير المؤسسة المالية ونظم قواعدها وأرسى مبادئها وزاد مواردها ورشد إنفاقها، ونهج عثمان طريقهم, واجتهد في بعض الأمور القابلة للاجتهاد، فنفذ حكم الله في الأرض في قضايا الأموال وغيرها؛ فأشرف على دفع الزكاة لبيت المال، وتوزيعها على مستحقيها، وأهل الكتاب في دفعهم الجزية لبيت مال الدولة الإسلامية، وبذلك يدخلون في ذمتها تحميهم وتوفر لهم الأمان وتضفي عليهم سائر خدماتها العامة، والمجاهدون يغنمون الأموال ويرسلون خمسها لبيت مال المسلمين، ويقوم بيت المال بتوزيعها على اليتامى والمساكين وأبناء السبيل وغيرها من وجوه الإنفاق طبقا لقوله تعالى:
"وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [الأنفال: 41] وغير ذلك من مصادر الدولة المعروفة. وقد تميزت المالية العامة في عهد ذي النورين والخلفاء الراشدين بأنها مرتبطة بالإسلام وتطبيق تعاليمه وحماية إيراداته، ويساند الإنفاق العام فيها نشر راية الإسلام وخير المسلمين، وهي مرشدة للإنفاق؛ لأن تعاليم الإسلام تمنع الإسراف وتحاربه، والله لا يحب المسرفين، وتمنع السفهاء من التحكم في الأموال وهي مالية عامة خيرة؛ لأن بعض مواردها العامة توجه للبنية الضعيفة من الرعية، وهي نقية من الدنس، ولا تتضمن مواردها كسبًا من حرام؛ لأن الله لا يبارك
الكسب الحرام.

2- عدم إخلال الجباية بالرعاية:

ينبه عثمان بن عفان في كتابه للولاة أن جباية أموال بيت المال كادت تطغى على الواجب الأول للولاة وهي رعاية الرعية، وذلك أن الجباية أحد واجبات الرعية المكلف بها رئيس الدولة الإسلامية، فلا يصح أن تطغى على سائر الواجبات.([3]) وقد استنبط الفقهاء من الهدي النبوي والعهد الراشدي تكاليف الرعاية؛ أي واجبات الخليفة لتحقيق رعاية الأمة كما يلي:

قال الماوردي: والذي يلزمه من الأمور العامة عشرة أشياء:

أحدها: حفظ الدين على أصوله المستقرة وما أجمع عليه سلف الأمة.

والثاني: تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين وقطع الخصام بين المتنازعين؛ حتى تعم النصفة فلا يتعدى ظالم ولا يضعف مظلوم.

والثالث: حماية البيضة والذب عن الحريم؛ ليتصرف الناس في المعاش وينتشروا في الأسفار، آمنين من تغرير بنفس أو حال.

والرابع: إقامة الحدود لتصان محارم الله تعالى عن الانتهاك، وتحفظ حقوق عباده من إتلاف واستهلاك.

والخامس: تحصين الثغور بالعدة المانعة والقوة الدافعة؛ حتى لا تظفر الأعداء بغرة ينتهكون فيها محرما، أو يسفكون فيها لمسلم أو معاهد دمًا.

والسادس: جهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة إليه حتى يسلم أو يدخل الذمة، ليقام بحق الله تعالى في إظهاره (الإسلام) على الدين كله.

والسابع: جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه نصًّا واجتهادا من غير خوف ولا عسف.

والثامن: تقدير العطايا وما يستحق من بيت المال من غير سرف ولا تقتير، ودفعه في وقت لا تقديم فيه ولا تأخير.

والتاسع: استكفاء الأمناء وتقليد النصحاء فيما يفوض إليهم من الأعمال، ويكله إليهم من الأموال؛ لتكون الأعمال بالكفاءة مضبوطة والأموال بالأمناء محفوظة.

والعاشر: أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال؛ لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة، ولا يعول على التفويض تشاغلا بلذة أو عبادة([4]).

وبإيجاز، فإن واجبات الخليفة تتفرع عن شرطي عقد البيعة، وهما حراسة الدين وسياسة الدنيا([5]) اللذين هما مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو خليفته، وإن كان الماوردي والفراء المتعاصران قد تطابقت تحديداتهما لواجبات الإمام، فإنما ذلك اجتهاد منهما حسب حاجة الأمة في عصرها، ولا ينبغي أن تقتصر حقوق الأمة على ما عدده عالم من علمائها أو أكثر مهما بلغ من فضل وسعة علم، ومهما كانت نظرته للموضوع شاملة، هذا إن كان العالم معاصرًا، فكيف إن كانت آراؤه واجتهاداته قد سبقنا بها بقرون.([6]) ولذا فينبغي أن تحدد واجبات الإمام بناء على الشرطين العامين لصحة عقده وهما حراسة الدين وسياسة الدنيا، وينبغي أن تقوم لجان من علماء الأمة بتحديد ذلك لأهل زمانهم([7]).

هذه بعض تكاليف الرعاية كما أوردها الفقهاء، وهي قابلة للتطوير بما يلائم
تطور الأزمان والعصور بحيث لا يخالف التطوير نصًّا من نصوص القرآن أو حكمًا من أحكام الدين([8]).

3- أخذ ما على المسلمين بالحق لبيت مال المسلمين:

عمال الخراج نواب عن الدولة في استئداء حقوق بيت المال، فإذا أخذوا ما على المسلمين بالحق أدوا واجبهم المنوط بهم، وإذا غالوا في جباية حقوق بيت المال ظلموا الممولين وألحقوا بهم الضرر وحمَّلوهم فوق ما يطيقون، والرسول صلى الله عليه وسلم يحذر من المغالاة في استئداء حقوق بيت المال؛ فقد نهى عن جباية كرائم الأموال في الزكاة، وأمر بالتخفيف في استئداء زكاة الثمر([9]).

4- إعطاء المسلمين ما لهم من بيت المال بالحق:

عطاء بيت المال للمسلمين إما أن يكون مباشرا كصرف الزكاة للمستحقين لها، وما يقضي به نظام الأعطيات من توزيع فائض الأموال على المسلمين، أو يكون العطاء العام غير مباشر يتمثل في الخدمات العامة التي تؤديها الدولة للرعية، وهذه ينفق عليها من بيت مال المسلمين. وفي كلا العطاءين ينبغي أن يتسم العطاء بالحق، فلا يجوز في العطاء المباشر أن يخالف الأسس التي تحددت لوضعه محاباة لبعض الأفراد أو حرمانا أو نقصانا للبعض الآخر دون مبرر، ولا يجوز أن يتأخر العطاء عن موعده بسبب تعقد الإجراءات أو كثرة الحجب التي تحجب أرباب الظلامات عن الوصول لمن بيدهم أمر العطاء لبحث ظلامتهم من تأخير العطاء أو قلته، أو عدم وصوله إليهم، ولا يجوز في العطاء غير المباشر المتمثل في الخدمات العامة التي تؤديها الدولة للشعب أن تكون المنفعة لفرد معين؛ بل يجب أن يعود نفعها على الأمة جمعاء([10]).

5- عدم ظلم أهل الذمة وأخذ ما عليهم لبيت المال بالحق وإعطاؤهم حقوقهم بالحق كذلك:

لا يجوز ظلم أهل الكتاب عند أخذ الجزية منهم؛ لأن أهل الكتاب من الذميين الذين يقيمون في الدولة الإسلامية وهم في ذمتها ورعايتها ما داموا يؤدون الجزية، وقد أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد ولى عبد الله بن أرقم على جزية أهل الذمة، فلما ولى عنده ناداه فقال: ألا من ظلم معاهدًا أو كلفه فوق طاقته أو انتقصه أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفسه فأنا حجيجه يوم القيامة. ([11]) واستنادا لذلك فقد أوصى بهم عمر بن الخطاب حين موته: أوصى الخليفة من بعدي بأهل الذمة خيرا، أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، وأن لا يُكلفوا فوق طاقتهم([12]).

فإذا آذى عمال الجزية الذميين أو كلفوهم فوق طاقاتهم أو عذبوهم، أو أخذوا الجزية من الشيخ الكبير الذي لا شيء له ولا يستطيع العمل، أو أخذوها من الذمي الذي أسلم، كان هذا لونا من ألوان الظلم الذي نبه عليه الخليفة الثالث في كتابه إلى عمال الخراج بعد ارتكابه مستندا في ذلك لتعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم([13]).

هذا وعلاوة على الجزية يؤدي أهل الذمة الذين يزرعون أرض الخراج -وهي التي آلت للدولة الإسلامية كغنيمة نتيجة للفتح الإسلامي- ما يستحق عليها من خراج لبيت مال المسلمين، ويجب أن يراعى عمال الخراج الحق في تحديد قيمته المستحقة على الأراضي التي يزرعها أهل الذمة، وذلك بمراعاة العوامل التي تحكم تحديده؛ لأن إغفالها كلها أو بعضها يوقع الظلم بأهل الذمة الذين يزرعونها، وهذه العوامل أربعة:

* ما يختص بالأرض من جودة يزكو بها زرعها أو رداءة يقل بها ريعها.

* ما يختص بالزرع من اختلاف أنواعه من الحبوب والثمار، فمنها ما يكثر ثمنه ومنها ما يقل ثمنه فيكون الخراج بحسبه.

* ما يختص بالسقي والشرب؛ لأن ما التزم المئونة في سقية النواضح والدوالي لا يحتمل من الخراج ما يحتمله سقي السيوح والأمطار.

* أن لا يستقضي في وضع الخراج غاية ما تحمله ليجعل فيها لأرباب الأرض بقية يجبرون بها في النوائب والجوائع([14]).

هذا وإذا كانت الدولة الإسلامية قد أبرمت عهدا أو عقدت صلحا مع أهل الكتاب، فواجب الدولة الإسلامية وعمال خراجها أن يلتزموا بما ورد بها من شروط, ومنها الشروط التي تحدد قيمة ما يدفعونه من جزية أو خراج؛ لأن المسلمين إذا أبرموا عقدا أو عهدوا عهدا التزموا بالوفاء بالعقود والعهود([15]).

6- عدم ظلم اليتيم:

لليتيم حقوق في المال العام بنصوص القرآن الكريم، فهو من المستحقين لأموال الزكاة إن كان فقيرا، قال تعالى: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [التوبة: 60].

ولليتيم نصيب في خمس الغنائم تطبيقا لقوله جل وعلا: "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [الأنفال: 41] ولليتيم نصيب في عطاء بيت المال، فقد كان يفرض للأطفال عموما ومنهم يتامى الأطفال، وإذا كان اليتيم غنيا فيؤدي الزكاة المفروضة على أمواله إذا توافرت, وواجب المصدق أن يأخذ الزكاة بالحق والعدل حتى لا يذهب ظلمه بمال اليتيم أو جزء منه بغير وجه حق([16]).

7- تخلق عمال الخراج بالأمانة والوفاء:

قال تعالى: "إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا" [النساء: 58].

وقال تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ" [المؤمنون: 8].

طالب الخليفة الراشد عثمان بن عفان عمال الخراج أن يتحلوا بالأمانة وهي صفة لازمة لجميع من يشتغلون بالأموال العامة، وإذا لم تتوافر فيهم هذه الصفة جاروا على حقوق بيت المال وجاروا على الممولين، وانتكست العلاقة بين بيت المال والممولين. والقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة تنبه وتحض على التزام الأمانة، وطالب الخليفة عثمان كذلك عمال الخراج بأن يتحلوا بالوفاء. وقد ورد الوفاء مطلقا في كتاب الخليفة؛ فيشمل الوفاء لبيت المال بمراعاة أخذ حقوقه كاملة من الرعية، والوفاء للممولين بعدم ظلمهم بالمغالاة في تحديد الفرائض المالية المطلوبة منهم، والوفاء لأهل الذمة بالرفق وحسن المعاملة وتطبيق ما تضمنته شروط الصلح معهم من جزية وخراج دون زيادة([17]).

8- أثر تكامل النعم على مسار الأمة:

لم يرد عثمان بن عفان أن يترك العامة دون تبصيرهم، فحذرهم من أن تجذبهم الدنيا إلى ملاذها ومتاعها، وخشي أن أمر الأمة صائر إلى الابتداع بعد أن توفرت لهم ثلاث: وهي تكامل النعم، وبلوغ أولاد السبايا، وقراءة الأعاجم.([18]) فعثمان أدرك أن تكامل النعم لدى البعض سيميل بأولي النعم عن المسار السليم؛ لأن تكامل النعمة بزيادة الأموال لدى أفراد الرعية قد يفسدهم بسبب ما ينفقونه على الترف والفساد([19]), قال تعالى: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" [الإسراء: 16].

9- المقارنة بين السياسة العمرية والعثمانية:

هذه السياسة المالية التي أعلنها ذو النورين تكاد تتفق مع السياسة العامة المالية التي نفذها الفاروق حين ولي أمر المسلمين، فقد أعلن ونفذ: أن المال العام لا يصلحه إلا خِلالٌ ثلاث؛ أن يؤخذ بالحق ويعطى في الحق ويمنع في الباطل.([20]) فالسياسة العمرية والعثمانية في المال تنبعان من مشكاة واحدة، وهي مشكاة الإسلام ومبادئه وأصوله وقواعده([21]).

ثانيًا: توجيهات عثمانية توضح للناس قواعد زكاتهم:

قال عثمان t: هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم، ومن لم تكن عنده لم تطلب منه حتى يأتي بها تطوعا، ومن أخذ منه حتى يأتي هذا الشهر من قابل، قال إبراهيم بن سعد: آراه يعني شهر رمضان.([22]) وقال أبو عبيد: وقد جاءنا في بعض الأثر أن هذا الشهر الذي أراده عثمان هو المحرم،([23]) وبهذا القول أكد عثمان المبادئ التالية:

أ- مبدأ سنوية الزكاة؛ إذ يشترط لأداء الزكاة -ما عدا زكاة الزروع- حوَلانَ الحول، ويظهر ذلك من قول عثمان أن من أخذ منه لا يؤدي زكاة عن أمواله حتى يأتي نفس الشهر في السنة التالية، فلا تتكرر عليه الزكاة في عام واحد.

ب- إذا أخذنا بقول أبي عبيد أن الشهر الذي قصده عثمان بن عفان هو شهر محرم، فكأنه أراد أن تكون السنة المالية الإسلامية مطابقة للسنة الهجرية؛ فعلى المسلمين بعد مرور سنة هجرية كاملة على ما لديهم من أموال أن يسددوا ما عليها من زكاة في أول السنة الهجرة التالية، وهو شهر المحرم إذا توافرت شروطها.

ج- ويدعو عثمان بن عفان الناس إلى حساب وعاء الزكاة، فيطلب منهم أداء ما عليهم من ديون حتى تؤخذ الزكاة على الباقي.([24]) ولعل عثمان أراد أن يستحث الناس على أداء ما عليهم من ديون؛ وفاء منهم للدائنين، وتسهيلا لحساب المال الخاضع للزكاة، وحتى يقطع بجدية الدين وعدم تطرق الصورية إليه([25]).

د- يقول عثمان : ومن لم تكن عنده لم تطلب منه حتى يأتي بها تطوعا. وبذلك يفتح عثمان بن عفان الدعوة إلى التطوع، فقد يرى بعض المسلمين أنهم لا يستحق عليهم زكاة، ومع ذلك يرون التطوع بأداء صدقات من أموالهم يؤدونها لبيت المال، فيقبلها منهم ويضمها إلى موارد الزكاة، وتصرف الدولة منها على نفس مصارف الزكاة.([26]) وقد يكون قول عثمان : ومن أخذنا منه لم نأخذ منه حتى يأتينا بها تطوعا، أنه يقصد أن لا يجبى بيت المال صدقة الذهب والفضة إلا إذا أتى بها صاحبها لبيت المال، وأما الصدقة التي يكره الناس عليها ويجاهدون على منعها فهي صدقة الماشية والحرث والنخل، وبذلك يكون عثمان قد ترك لأصحاب الأموال أداء الزكاة على ما يعرف بالأموال الباطنة، وهي أموال الذهب والفضة والتجارة، ولا يقبلها منهم إلا إذا أتى بها صاحبها تطوعا([27]). يقول في ذلك أبو عبيد: ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يبعث مصدقيه إلى الماشية فيأخذونها من أربابها بالكره منهم وبالرضا، وكذلك كانت الأئمة بعده، وعلى منع صدقة الماشية قاتلهم أبو بكر، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد بعده أنهم استكرهوا الناس على صدقات الصامت، إلا أن يأتوا بها غير مكرهين وإنما هي أماناتهم يؤدونها، فعليهم فيها أداء العين والدين؛ لأنها ملك أيمانهم وهم مؤتمنون عليها، وأما الماشية فإنها حكم يحكم بها عليهم، وإنما تقع الأحكام فيما بين الناس على الأموال الظاهرة وهي فيما بينهم وبين الله على الظاهرة والباطنة جميعا([28]).

1- رأيه في زكاة دين الدائن:

عن السائب بن يزيد أن عثمان كان يقول: إن الصدقة في الدين الذي لو شئت تقاضيته من صاحبه، والذي هو ملئ تدعه حياء أو مصانعة ففيه الصدقة.([29])

وعن عثمان قال: زكِّه -يعني الدين- إذا كان عند الملئ([30]).

فمن هذين القولين لعثمان بن عفان يبين أن الصدقة واجبة على الدين للدائن على المدين الملئ، ويستطيع أن يحصل من المدين على دينه ولكن يستحي أن يذكر المدين به, أو أن الدائن يدع دينه للمدين مصانعة له، والمصانعة تعني سكوت الدائن عن المطالبة بدينه نظير منفعة يحصل عليها من المدين([31]).

2- اقتراضه من مصرف الزكاة وإنفاقه للمصالح العامة:

أخذ عثمان من أموال الزكاة فأنفق منها في الحرب وفي غير الحرب على المرافق العامة، فأنفق على الجهاد على أن يرد ذلك إذا اتسع المال لرده، ومن حق الإمام أن يقترض من مصرف لمصرف، لا يخالف بذلك الدين، ولا يغير سنة موروثة ما دام مصمما على أن يرد على أموال الصدقة ما أخذ منها.([32])

وتذهب بعض الآراء إلى أن أحد مصارف الزكاة وهو مصرف «في سبيل الله» يعطي للغازي في سبيل الله من أموال الزكاة؛ لأن انقطاعه للجهاد أقعده عن العمل والكسب، وليس هذا من باب التشجيع على البطالة، فهذا الصنف قد آثر مصلحة الإسلام على مصلحة نفسه, وترك العمل لشخصه ليعمل في مجال أرحب وأوسع وهو العمل لإعلاء كلمة الله ونشر دينه في المعمورة. ويرى بعض العلماء جواز صرف الزكاة في المنافع العامة وما تقتضيه حاجات الأمة([33]).

3- الإنفاق من الزكاة على الطعام للفقراء وأبناء السبيل:

سَنَّ عثمان سُنَّة جديدة، فكان يضع الطعام في المسجد في رمضان وقال: للمتعبد الذي يتخلف في المسجد، وابن السبيل، والمعترين.([34]) والخليفة عثمان بذلك يكرم المسلمين من بيت المال، وفي ذلك اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان. وهذه السنة التي استنها عثمان ترغب المسلمين في الاعتكاف في المساجد ما دام أكلهم معدًّا، وفي ذلك تشجيع على إحياء سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف([35]).

4- إنشاء منازل للضيافة من أموال الزكاة:

بلغ عثمان أن أبا سمال الأسدي ومعه نفر من أهل الكوفة ينادي مناد لهم إذا قدم الميار([36]): أن من كان من القبائل ليس لقومهم بالكوفة منزل فمنزله على أبي سمال، فاتخذ عثمان بعض الدور كمنازل للضيافة ينزل بها الغرباء ممن ليس لهم منزل، ومن هذه الدور منزل عبد الله بن مسعود في هذيل، وكان الأضياف ينزلون داره في هذيل إذا ضاق عليهم ما حول المسجد([37]).

5- العطاء من بيت المال لكل مملوك:

مما زاد عثمان على يده أن رد على كل مملوك بالكوفة من فضول الأموال ثلاثة من كل شهر يتسعون بها من غير أن ينقص مواليهم من أرزاقهم.([38]) والغالب على أن مصدر هذه الأموال التي وزعها عثمان على كل مملوك هو أموال الزكاة باعتبار أن لهم فيها نصيبا؛ لأنهم أحد المصارف الثمانية التي حددتها آية الزكاة، وهي مصرف "وَفِي الرِّقَابِ"[التوبة: 6]([39]).

ثالثـًا: خمس الغنائم:

بدأ الجهاد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم, واستمر في عهد أبي بكر وعمر, وكذلك في عهد الخليفة عثمان بن عفان، وكانت نتيجة ذلك انتشار الإسلام واتساع رقعة الدولة الإسلامية، وكانت فتوحات عهد عثمان كبيرة حققت غنائم كثيرة إلى بيت المال، منها الخمس، كما أنه آل إلى بيت المال جزية من آثر البقاء على دينه من أهل الكتاب ولم يحارب، فهناك ارتباط إذن بين بيت المال والفتوحات الإسلامية، فقد قام بيت المال في عهد عثمان في تمويل هذه الفتوحات، سواء بما كان يدفعه للجنود من مرتبات أو لشراء الأسلحة والعتاد بجانب التطوع بالأموال والأنفس، وإذا تحقق النصر فرضت الجزية على من لم يسلم من أهل الكتاب والخراج على الأرض التي أخذت عنوة، وإذا أسلم أهل البلاد سددوا الزكاة إذا بلغت أموالهم نصابا وتوافرت شروطها باعتبارها من أركان الإسلام، ولا يكمل إسلام المسلم إلا بأدائها، وهذه كلها تساهم في زيادة الإيرادات العامة للدولة الإسلامية، وأحل الله للمسلمين غنائم الحرب، ويوزع أربعة أخماسها بين الفاتحين، والخمس الباقي يؤول لبيت مال المسلمين([40]).

وفيما يلي بعض المسائل التي أسفر عنها تطبيق السياسة المالية العامة في عهد عثمان بن عفان بشأن خمس غنائم الفتوحات:

1- لم يسهم للصبي في الغنائم في عهد عثمان بن عفان:

عن تميم بن المهري قال: شهدت فتح الإسكندرية في المرة الثانية، فلم يسهم لي حتى كاد أن يقع بين قومي وبين قريش منازعة، فقال بعض القوم: أرسلوا إلى بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني، فإنهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسألوهما عن هذا، فأرسلوا إليهما فسألوهما فقالا: انظروا فإن كان أنبت([41]) فأسهموا له، فنظر إليَّ بعض القوم فوجدوني قد أنبت فأسهموا لي([42]).

ومعنى ذلك أنه لا يسهم للصبي ولا للمرأة، إنما يرضخ لهم؛ أي يعطون شيئا قليلا لمساعدتهم في غزوات المسلمين، وهذا ما كان يطبق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم([43]).

2- السلب للقاتل في عهد عثمان كما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:

السلب هو ما كان على القتيل في الحرب وما كان من سلاح، وما كان تحته من فرس، وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلب للقاتل؛ فعن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: «من قتل قتيلا له بينة فله سلبه». ([44]) ومفاد هذا الحديث أنه لا يستحق للقاتل السلب إلا بعد أن يقيم البينة على أنه هو الذي قتله، حتى إذا تنازع اثنان كل منهما يدعى أنه قتله فالسلب لمن يقيم البينة منهما([45]).

وقد حدث بعد انتقاض الإسكندرية وجاءت الروم وعليهم منويل الحصى وأرسوا بالإسكندرية، وتركهم عمرو حتى يسيروا إليه فيصيبوا من مروا به في البلاد فخزي الله بعضهم ببعض، فخرجوا من الإسكندرية ومعهم من نقض من أهل القرى، فجعلوا ينزلون القرية فيشربون خمورهم، ويأكلون أطعمتها وينتهبون ما مروا به، فلم يعرض عمرو حتى بلغوا نفيوس فلقوهم في البر والبحر، فحاربوا بالنشاب ثم خرجوا من البحر، فاجتمعوا هم والذين في البر واستمروا في حرب النشاب، وبرز بطريق ممن جاء من أرض الروم على فرس له عليه سلاح مذهب، فدعا إلى البراز فبرز له رجل من زبيد يقال له (حومل) يكنى أبا مذجح، فاقتتلا طويلا برمحين يتطاردان، ثم ألقى البطريق الرمح وأخذ السيف، وألقى حومل رمحه وأخذ بسيفه، وجعل عمرو يصيح: أبا مذجح فيجيبه: لبيك، والناس على شاطئ النيل في البر على تعبئتهم وصفوفهم، فتجاولا ساعة بالسيفين ثم حمل عليه البطريق فاحتمله، ثم أخذ حومل خنجرا كان في منطقته أو في ذراعه فضرب به نحر عدوه فأوتر قوته فأثبته ووقع عليه فأخذ سلبه، ثم مات حومل بعد ذلك بأيام رحمة الله عليه، ثم شد المسلمون حتى ألحقوهم بالإسكندرية، ففتح الله عليهم وقتل منويل الحصى([46]).

3- قيمة الغنائم ونصيب بيت المال في أحد فتوحات عثمان:

من حديث عبد الملك بن مسلمة عن غيره قال: غزونا مع عبد الله بن سعد إفريقية فقسم بيننا الغنائم بعد إخراج الخمس، فبلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار، للفرس ألفا دينار ولفارسه ألف دينار، وللراجل ألف دينار، فقسم لرجل من الجيش توفى بذات الحمام فدفع لأهله بعد موته ألف دينار.([47]) ومن حديث لعثمان بن صالح وغيره قال: فكان جيش عبد الله بن سعد ذلك عشرين ألفا، ومن المعروف أن يؤول الخمس لبيت المال، استنادا إلى قول الله تعالى: "وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [الأنفال: 41] وقد رفع نصيب الرسول صلى الله عليه وسلم وذي القربى في عهد أبي بكر بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ووجِّه إلى السلاح والكراع، وسايره عمر بن الخطاب من بعده في التطبيق، وكذا عثمان بن عفان t، والأربعة أخماس الباقية من الغنائم توزع على الفاتحين بنسبة 3 للفارس وفرسه، 1 للراجل. فمن الحديثين السابقين يمكن حساب قيمة الخمس الذي آل لبيت المال وكذلك قيمة الغنائم كلها، فبافتراض أن الفوارس عشر الجيش الذي بلغ عشرين ألفا، وأن الباقين من الراجلين يكون الحساب كالآتي:

2000 فارس صلى الله عليه وسلم 3000 دينار = 6000.000 دينار.

18000 راجل صلى الله عليه وسلم 1000 دينار = 18000.000 دينار.

مجموع ما خص المحاربين = 24 مليون دينار، وهو ما يمثل أربعة أخماس قيمة الغنائم، ويكون نصيب بيت المال خمس الغنائم؛ أي = 6 ملايين دينار، ويكون مجموع ما غنمه المسلمون = 30 مليون دينار([48]).

4- الإنفاق العام من خمس الغنائم:

ينفق خمس الغنائم طبقا لنص الآية للرسول صلى الله عليه وسلم ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل بحق الخمس لكل منهم، وأنه بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم آل نصيبه ونصيب ذي القربى إلى بيت المال لينفق منها على الكراع والسلاح، وقد استنفد الخليفة الراشد عثمان نصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذي القربى الذي آل إلى بيت المال على الإنفاق على الكراع والسلاح لكثرة الفتوحات التي تمت في عهده وما استلزمته من أسلحة وخيول.([49])

5- نجاح السياسة المالية في تمويل فتوحات الإسلام في عهد عثمان:

من ضمن التحديات التي واجهها عثمان انتكاس بعض البلاد المفتوحة، واستطاع عثمان إجبار البلاد التي نقضت العهد على الالتزام بعهودهم مع الدولة الإسلامية والانصياع لحكمها.

وفي ضوء ما تم من فتوحات جديدة فإنه يمكن القول: إن تنفيذ السياسة المالية فيما يتعلق بهذه الفتوح قد أسفر عن قيام المالية العامة في عهد عثمان بن عفان بالمطلوب منها، سواء من ناحية تمويلها لهذه الفتوح أو بما حققته الانتصارات من غنائم كثيرة حصل بيت المال على نصيبه منها أو من موارد أخرى، وهي زكاة من أسلم من أهل الأمصار، وجزية من أبى الإسلامَ من أهل الكتاب وخراج أراضيهم([50]).

رابعًا: الإيرادات العامة من الجزية في عهد عثمان :

1- استقرار المسائل الفنية للجزية في عهد عثمان :

استقرت أحكام الجزية وقواعدها ونظام تطبيقها وتحصيلها في عهد عمر بن الخطاب، ولذلك كان دور بيت المال في عهد عثمان أن يتلقى ما يتم تحصيله من جزية بعد الاتفاق على قيمتها، وأن تقر الدولة ما تم عقده من صلح في عهود سابقة أو إقرار صلح جديد، وأن تتكفل الدولة لمن أدوا الجزية بالحقوق التي تترتب على هذا الأداء([51]).

2- نماذج مما آل لبيت المال من إيرادات الجزية:

أ- غزا الوليد بن عقبة في إمارته على الكوفة في عهد عثمان أذربيجان، وصالح أهلها على ثمانمائة ألف درهم حبسوها عند وفاة عمر، فوطئهم بالجيش وانقادوا له وقبض
منهم المال([52]).

ب- لما وجه عثمانُ عبدَ الله بن سعد إلى إفريقية كان الذي صالحهم عليه بطريق إفريقية جرجير ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين ألف دينار، وكان الذي صالحهم عليه عبد الله ثلثمائة قنطار ذهب (ولعل ذلك يعادل المبلغ الأول). ([53])

ج- صلح قبرص وقع على جزية سبعة آلاف دينار يؤدونها إلى المسلمين([54]).

ح- صالح سعيد بن صالح أهل جرجان وكان يجبون أحيانا مائة ألف، ويقولون: هذا صلحنا، وأحيانا مائتي ألف وأحيانا ثلاثمائة ألف([55]).

د- غلب عبد الله بن عامر على نيسابور وخرج إلى سرخس، فأرسل إليه أهل مرو يطلبون الصلح، فبعث إليهم ابن حاتم فصالح مرزبان مرو على ألفي ألف، وقال آخر: صالحهم على ستين ألف درهم([56]).

و- سار الأحنف بن قيس إلى بلخ فحاصرهم، فصالحه أهلها على أربعمائة ألف، فرضي منهم بذلك، واستعلم ابن عمه وهو أسيد بن المتشمس ليأخذ منهم ما صالحوه عليه([57]).

3- عثمان بن عفان ينفذ كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل نجران:

كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أقر أهل نجران على شروط اشترطها عليهم واشترطوها هم، وكتب لهم بذلك كتابا يوضح هذه الشروط ومنها دفعهم الجزية ومقدارها، ثم جاءوا بعد الرسول صلى الله عليه وسلم فكتب لهم أبو بكر كتابا بهذه الشروط، ثم جاءوا من بعد أن استخلف عمر إليه، وكان عمر قد أجلاهم عن نجران اليمن وأسكنهم بنجران العراق؛ لأنه خافهم على المسلمين وكتب لهم كتابا،([58]) فلما قُبض عمر واستخلف عثمان بن عفان أتوه إلى المدينة، فكتب لهم إلى الوليد بن عقبة وهو عامله الكتاب التالي: (بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عثمانَ أميرِ المؤمنين إلى الوليد بن عقبة سلام الله عليك، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإن الأسقف والعاقب وسراة أهل نجران الذين بالعراق أتوني، فشكوا إليَّ وأروني شرط عمر لهم، وقد علمت ما أصابهم من المسلمين، وإني قد خففت عنهم ثلاثين حلة من جزيتهم وتركتها لوجه الله تعالى جل ثناؤه، وإني وفيت لهم بكل أرضهم التي تصدق عليهم عمر عقبى مكان أرضهم باليمن، فاستوصِ بهم خيرا فإنهم أقوام لهم ذمة. وكانت بيني وبينهم معرفة، وانظر صحيفة كان عمر كتبها لهم فأوفهم ما فيها، وإذا قرأت صحيفتهم فارددها عليهم، والسلام.([59]) وكان ذلك في النصف من شعبان سنة سبع وعشرين. ([60])

 

سيرَة عُثمَان بْنُ عَفان رضيَ اللهُ عَنه شخصيّته وعَصْره للشيخ علي محمد الصلابي


عدد المشاهدات *:
470593
عدد مرات التنزيل *:
94731
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2011 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2011

الكتب العلمية

روابط تنزيل : الفصل الثالث المؤسسة المالية والقضائية في عهد عثمان
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  الفصل الثالث المؤسسة المالية والقضائية في عهد عثمان لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
الكتب العلمية


@designer
1