اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 18 رمضان 1445 هجرية
?? ??? ????? ??? ??? ???? ????? ????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ????????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ??????????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????? ??????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

يفقهه

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
سيرة الخلفاء
سيرَة عُثمَان بْنُ عَفان رضيَ اللهُ عَنه شخصيّته وعَصْره للشيخ علي محمد الصلابي
المبحث الثالث حقيقة ولاة عثمان
الكتب العلمية
الفصل الخامس مؤسسة الولاة في عهد عثمان

المبحث الثالث حقيقة ولاة عثمان t

يكثر المؤرخون من الحديث عن محاباة عثمان أقاربه وسيطرتهم على أزِمَّة الحكم في عهده، حتى أثاروا عليه نقمة كثير من الناس، فثاروا ناقمين عليه إطلاقه يد ذوي قرباه في شئون الدولة.([1]) وأقارب عثمان الذين ولاهم t: أولهم معاوية، والثاني عبد الله بن أبي السرح، الثالث الوليد بن عقبة، الرابع سعيد بن العاص، الخامس عبد الله بن عامر، هؤلاء خمسة ولاهم عثمان وهم من أقاربه، وهذا في زعمهم مطعن عليه فلننظر أولا من هم ولاة عثمان t، هم: أبو موسى الأشعري، القعقاع بن عمرو، جابر المزني، حبيب بن مسلمة، عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، أبو الأعور السلمي، حكيم بن سلامة، الأشعث بن قيس، جرير بن عبد الله البجلي، عيينة بن النهاس، مالك بن حبيب، النسير العجلي، السائب بن الأقرع، سعيد بن قيس، سلمان بن ربيعة، خنيس بن حبيش، الأحنف بن قيس، وعبد الرحمن بن ربيعة، ويعلى بن مُنَية([2])، وعبد الله بن عمرو الحضرمي، وعلي بن ربيعة بن عبد العزى. هؤلاء هم ولاة عثمان t، يعني لو أخذنا إحصائية لوجدنا أن عدد الولاة ثمانية عشر واليا، ألا يصح أن يكون خمسة من بني أمية يستحقون الولاية، وبخاصة إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يولي بني أمية أكثر من غيرهم، ثم يقال بعد ذلك: إن هؤلاء الولاة لم يكونوا كلهم في وقت واحد، بل كان عثمان قد ولى الوليد بن عقبة ثم عزله فولى مكانه سعيد بن العاص، فلم يكونوا خمسة في وقت واحد، وأيضا لم يتوف عثمان إلا وقد عزل أيضا سعيد بن العاص، فعندما توفي عثمان لم يكن من بني أمية من الولاة إلا ثلاثة وهم: معاوبة وعبد الله بن سعد بن أبي السرح، وعبد الله بن عامر بن كريز فقط، عزل عثمان الوليد بن عقبة وسعيد بن العاص، ولكنه عزلهما من أين؟ من الكوفة التي عزل منها عمر سعد بن أبي وقاص، الكوفة التي لم ترضَ بوال أبدا؛ إذ عزل عثمان لأولئك الولاة لا يعتبر مطعنا فيهم بل مطعن في المدينة التي ولوا عليها ([3]).

إن بني أمية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعملهم في حياته واستعملهم بعده من لا يتهم بقرابة فيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ولا نعرف قبيلة من قبائل قريش فيها عمال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من بني عبد شمس؛ لأنهم كانوا كثيرين، وكان فيهم شرف وسؤدد، فاستعمل النبي صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد بن أبي العاص على مكة، وأبا سفيان بن حرب على نجران، وخالد ابن سعيد على صدقات بني مذجح، وأبان بن سعيد على بعض السرايا ثم على البحرين، فعثمان لم يستعمل إلا من استعمله النبي صلى الله عليه وسلم ومن جنسهم وقبيلتهم، وكذلك أبو بكر وعمر بعده؛ فقد ولى أبو بكر يزيد بن أبي سفيان في فتوح الشام، وأقره عمر، ثم ولى عمر بعده أخاه معاوية([4]).

والسؤال الذي يطرح نفسه أأثبت هؤلاء كفاءتهم أم لا؟ وستأتي شهادات أهل العلم في أولئك الولاة الذين ولاهم عثمان بإذن الله تعالى.

إن عثمان خليفة راشد يقتدى به، وأفعاله تشكل سوابق دستورية في هذه الأمة، فكما أن عمر سن لمن بعده التحرج عن تقريب الأقربين فإن عثمان سن لمن بعده تقريب الأقربين إذا كانوا أهل كفاءة، ومن تتبع سيرة عثمان لا يشك في كفاءتهم الإدارية، وكل ما أنكر على عثمان لا يخرج عن دائرة المباح([5]).

إن الولاة الذين ولاهم عثمان من أقاربه قد أثبتوا الكفاية والمقدرة في إدارة شئون ولاياتهم، وفتح الله على أيديهم الكثير من البلدان، وساروا في الرعية سيرة العدل والإحسان, ومنهم من تقلد مهام الولاية قبل ذلك في عهد الصديق والفاروق رضي الله عنهما.([6]) ولننظر إلى أقوال أهل العلم في أولئك الولاة:

أولاً: معاوية بن أبي سفيان بن حرب الأموي:

ذكر المترجمون لهذا الصحابي الكريم فضائل جمة، وإليك شيئا منها:

1- من القرآن الكريم:

اشترك معاوية في غزوة حنين، قال تعالى: "ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ" [التوبة: 26].

فمعاوية من الذين شهدوا غزوة حنين، وكان من المؤمنين الذين أنزل الله سكينته عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم([7]).

2- من السنة:

دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاوية t، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اجعله هاديا ([8]) مهديا ([9]) واهد به». ([10]) وقوله عليه الصلاة والسلام: «اللهم علِّم معاوية الكتاب والحساب، وقِهِ العذاب». ([11]) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا». ([12]) قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله، أنا فيهم؟ قال: «أنت فيهم»، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر([13]) مغفور لهم»، فقلت -أي أم حرام-: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: لا.([14]) قال المهلب([15]): في هذا الحديث منقبة لمعاوية؛ لأنه أول من غزا البحر.([16])

3- ثناء أهل العلم على معاوية :

أ- ثناء عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عليه:

قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية، فإنه ما أوتر إلا بواحدة، قال: إنه فقيه.([17]) ومما يناسب المقام ذكر بعض المسائل الفقهية التي أثرت عن معاوية ومن تلك المسائل ما يلي:

* أثر عنه أنه أوتر بركعة.

* أثر عنه الاستسقاء بمن ظهر صلاحه([18]).

* أنه يجزئ إخراج نصف صاع من البُرِّ في زكاة الفطر([19]).

* استحباب تطييب البدن لمن أراد الإحرام([20]).

* جواز بيع وشراء دور مكة([21]).

* التفريق بين الزوجين بسبب([22]) العُنَّة([23]).

* وقوع طلاق السكران.

* عدم قتل المسلم بالكافر قصاصا.

* حبس القاتل حتى يبلغ ابن القتيل([24]).

ب- ثناء عبد الله بن المبارك على معاوية t:

قال عبد الله بن المبارك: معاوية عندنا محنة، فمن رأيناه ينظر إليه شذرا اتهمناه على القوم؛ يعني الصحابة([25]).

ج- ثناء أحمد بن حنبل:

سئل الإمام أحمد: ما تقول - رحمك الله- فيمن قال: لا أقول إن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول إنه خال المؤمنين فإنه أخذها بالسيف غصبا([26])؟ قال أبو عبد الله: هذا قول سوء رديء، يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون، ونبين أمرهم للناس([27]).

د- ثناء القاضي ابن العربي على معاوية t:

تحدث ابن العربي عن الخصال التي اجتمعت في معاوية فذكر منها: قيامه بحماية البيضة، وسد الثغور، وإصلاح الجند، والظهور على العدو، وسياسة الخلق.([28]) وقد علق محب الدين الخطيب على هذا النص بقوله: وقد بلغ من همته -يعني معاوية- وعظيم عنايته بذلك أن أرسل يهدد ملك الروم وهو في معمعة القتال مع علي في صفين، وقد بلغه أن ملك الروم اقترب من الحدود في جنود عظيمة.([29]) وفي ذلك يقول ابن كثير: وطمع في معاوية ملك الروم بعد أن كان قد أخشاه وأذله، وقهر جنده ودحاهم، فلما رأى ملك الروم اشتغال معاوية بحرب عليٍّ تدانى إلى بعض البلاد في جنود عظيمة وطمع فيه، فكتب معاوية إليه: والله لئن لم تنته وترجع إلى بلادك يا لعين، لاصطلحن أنا وابن عمي عليك، ولأخرجنك من جميع بلادك، ولأضيقن عليك الأرض بما رحبت، فعند ذلك خاف ملك الروم، وبعث يطلب الهدنة([30]).

هـ- ثناء ابن تيمية على معاوية t:

قال عنه ابن تيمية: «... فإن معاوية ثبت عنه بالتواتر أنه أمَّرَه النبي صلى الله عليه وسلم كما أمر غيره، وجاهد معه، وكان أمينا عنده يكتب له الوحي، وما اتهمه النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الوحي، وولاه عمر بن الخطاب الذي كان من أخبر الناس بالرجال، وقد ضرب الله الحق على لسانه وقلبه، ولم يتهمه في ولايته».([31])

و- ثناء ابن كثير عليه:

قال عنه ابن كثير: وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين، فلم يزل مستقلا بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم، وكلمة الله عالية، والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحة وعدل، وصفح وعفو. وقال أيضا: كان حليما([32]), وقورا، رئيسا، سيدا في الناس، كريما، عادلا, شهما.([33]) وقال عنه أيضا: كان جيد السيرة، حسن التجاوز، جميل العفو، كثير الستر، رحمه الله تعالى([34]).

4- روايته للحديث:

يعد معاوية من الذين نالوا شرف الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومرد ذلك إلى ملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة، لكونه صهره وكاتبه صلى الله عليه وسلم. هذا وقد روى معاوية مائة وثلاثة وستين حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اتفق له البخاري ومسلم على أربعة أحاديث، وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بخمسة.([35]) وكانت سيرة معاوية مع الرعية في ولايته من خير سير الولاة، مما جعل الناس يحبونه، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيار أئمتكم - حكامكم - الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم – تدعون لهم - ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم» ([36]).

وأختم حديثي عن معاوية بما قاله القاضي أبو بكر بن العربي: فعمر ولاه وجمع له الشامات كلها وأقره عثمان، بل إنما ولاه أبو بكر الصديق لأنه ولى أخاه يزيد واستخلفه، فأقره عمر، لتعلقه بولاية أبي بكر لأجل استخلاف واليه له، فتعلق عثمان بعمر وأقره، فانظر إلى هذه السلسلة ما أوثق عراها.([37]) وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استكتبه، فيكون سند ولايته الأعمال في الدولة الإسلامية، لم يكن لأحد قبله ولم يكن لأحد بعده؛ حيث اجتمع على توليته رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بعده خلفاؤه الثلاثة، ثم صالحه وأقر له بالخلافة الحسن بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم([38]).

ثانيًا: عبد الله بن عامر بن كريز:

هو عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي([39]).

ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في السنة الرابعة للهجرة.([40]) وعندما اعتمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة للهجرة عمرة القضاء، ودخل مكة حمل إليه عبد الله بن عامر، قال ابن حجر: «... فتلمظ وتثاءب، فتفل رسول الله في فيه، وقال: «هذا ابن السلمية؟» قالوا: نعم، فقال: «هذا أشبهنا» وجعل يتفل في فيه ويعوذه، فجعل يبتلع ريق النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه لمسقى، فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء([41]).

لم يتول عبد الله بن عامر منصبا إداريا أو عسكريا إلى أن أصبح واليا على البصرة سنة 29هـ/649م، وهو ابن خال الخليفة عثمان بن عفان t؛ لأن أم عثمان هي أروى بنت كريز بن ربيعة، وكانت أم عبد الله بن عامر من بني سُليم([42]).

ولما عُين لولاية البصرة كان عمره أربعا أو خمسا وعشرين([43])، وظل واليا على البصرة حتى مقتل الخليفة عثمان عندما تجهز بجيش كبير، وحمل ما عنده من الأموال فسار إلى مكة حيث وافى الزبير، ورجع منها إلى البصرة فشهد موقعة الجمل، ولم يحضر موقعة صفين، على الرغم من أن القلقشندي ذكر أنه كان في التحكيم مع معاوية بصفين.([44]) وفي خلافة معاوية تولى إمارة البصرة لمدة ثلاث سنوات ثم عزله عنها، فأقام بالمدينة، ومات بها سنة سبع وخمسين للهجرة.([45]) وفي رواية ابن قتيبة: أنه توفى بمكة ودفن بعرفات عام تسع وخمسين.([46]) وأشاد ابن سعد به قائلا: كان عبد الله شريفا، سخيا كريما كثير المال، والولد، محبا للعمران([47]). وقال عنه ابن حجر: كان جوادا كريما ميمونا.. جريئا شجاعا([48]), وكان يعتبر من أجود أهل البصرة([49]), ومن أجود أهل الإسلام.([50]) وكان لعبد الله بن عامر أثر حميد في الفتوحات؛ فقد تمكن من القضاء على آمال الفرس بشكل تام، عندما قضى على آخر رمق من الأمل الفارسي القديم، وذلك بقضائه على آخر ملوكهم يزدجر بن شهريار بن كسرى، وخرزاد مهر أخي رستم اللذين تزعما المعارضة الفارسية ضد المسلمين.

وإضافة إلى براعة عبد الله بن عامر في الشئون الإدارية العسكرية، فإنه كان مهتما بالمعارف الإسلامية، ويروى أنه روى حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن قتيبة: لم يروِ عن رسول الله إلا حديثا واحدا([51])، غير أنه لم يكن له رواية في الكتب الستة.([52]) أما الحديث النبوي الذي رواه فقد أورده ابن قانع، وابن منده عن طريق مصعب الزبيري: حدثني أبي عن جدي مصعب بن ثابت، عن حنظلة بن قيس، عن عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل دون ماله فهو شهيد». ([53])

إصلاحاته الاقتصادية في البصرة:

يقترن باسم عبد الله بن عامر عدد من الإصلاحات في البصرة، لا تقل أهمية عن إنجازاته العسكرية الفذة المتمثلة في انتصاراته العديدة على المجوس، وتتبعه لفلولهم المنهزمة وقضائه على آمال يزدجر، فقد كانت إصلاحاته الاقتصادية ممثلة في عنايته بسوق البصرة، فقد اشترى هذا السوق من ماله ووهبه لأهلها([54])، وكان السوق يتوسط البصرة، بدليل ما ذكره خليفة بن خياط من أن السوق قائم على ضفاف النهر الذي يتوسط البصرة، وهذا اختيار جيد؛ لأنه يجعل السوق مركزا مهما في وسط المدينة. ولعل أبرز أعماله الإصلاحية في البصرة في ميدان الري، وقد اهتم ابن عامر بهذه المسألة اهتماما كبيرا، وذكر ابن قتيبة أن ابن عامر احتفر بالبصرة نهرين أحدهما في الشرق والآخر يعرف بأم عبد الله وهو منسوب إلى أم عبد الله بن عامر([55])، وأمر عبد الله بن عامر، زياد بن أبي سفيان بحفر الأبلة، وكان زياد واليا على الديوان وبيت المال من قبل عبد الله بن عامر، وكان يستخلفه في مكانه عند توجهه للفتوح.([56]) وذكر خليفة بن خياط أن زياد احتفر نهر الأبلة حتى انتهى إلى موضع الجبل، والذي تولى حفره لزياد عبد الرحمن بن أبي بكرة([57]), فلما فتح عبد الرحمن الماء جعل يركض فرسه والماء يكاد يسبقه.([58]) وحفر عبد الله بن عامر حوضا نسب إلى أمه، وهو حوض أم عبد الله بن عامر بالبصرة منسوب إليها.([59]) وذكر البلاذري أن عبد الله بن عامر حفر نهرا، تولى أمر حفره له نافذ مولاه فغلب عليه، فقيل: نهر نافذ.([60]) وهناك نهر مُرَّة لابن عامر، تولى حفره له مرة مولى أبي بكر الصديق فغلب على ذكره([61])، وهناك نهر الأساورة الذي حفره لهم عبد الله بن عامر. ويذكر البلاذري قنطرة قرة بالبصرة فيقول: قنطرة قرة نسبة إلى قرة بن حيان الباهلي، وكان عندها نهر قديم ثم اشترته أم عبد الله بن عامر([62]) فتصدقت به مغيثا لأهل البصرة([63]).

مما تقدم، يتبين لنا أن عبد الله بن عامر كان مهتما بحفر الأنهار من أجل ازدهار الزراعة التي هي عماد الحياة الاقتصادية، إضافة إلى موقع البصرة الإستراتيجي بالنسبة إلى طرق التجارة، وأهميتها العسكرية كقاعدة للفتوحات الإسلامية في المشرق. ويمكن أن نلاحظ مدى رغبة عبد الله بن عامر في الإصلاح، من خلال قوله: لو تُركت لخرجت المرأة في حاجتها على دابتها، ترد كل يوم على ماء وسوق حتى توافي مكة([64]).

وفي الحقيقة أن إصلاحاته هذه لا تقل أهمية عن الفتوحات في المشرق التي قام بها، فقد كانت البصرة هي القاعدة العسكرية للخلافة في فتوحاتها ببلاد المشرق. وأشار الدكتور صالح العلي إلى أن الفتوح الواسعة أدت إلى ازدياد دخل البصرة وانتشار الرخاء الاقتصادي فيها، مما شجع التجار ورجال الأعمال على التقاطر إليها، وبذلك بدأت الحياة المدنية تنمو سريعا في البصرة.([65])

لقد كانت الحالة المالية لإمارة البصرة جيدة جدا، نتيجة للفتوح الواسعة في المشرق، والنشاط الاقتصادي التجاري للبصرة واستقرار الأمن فيها، وكان عبد الله بن عامر رجلا متواضعا فاتحا بابه لجميع الناس، حتى إنه عاقب الحاجب وأمره ألا يغلق بابه ليلا ولا نهارا.([66]) وفي الحقيقة أصبح ابن عامر ذا شهرة واسعة بالبصرة, قال ابن سعد: كان الناس يقولون: قال ابن عامر وفعل ابن عامر.([67]) ونتيجة لأعماله الإصلاحية وسيرته الحميدة فقد ازداد حب الأمة له([68]). وظل ابن عامر عليها إلى أن قتل الخليفة عثمان t([69]).

فهذا عبد الله بن عامر أحد ولاة عثمان، فهو الذي شق نهر البصرة، وأول من اتخذ الحياض بعرفات وأجرى إليها العين([70])، وهو الرجل الذي له من الحسنات والمحبة في قلوب الناس ما لا ينكر كما يقول ابن تيمية.([71]) وقال فيه الذهبي: وكان من كبار أمراء العرب وشجعانهم وأجوادهم، وكان فيه رفق وحلم([72]).

ثالثـًا: الوليد بن عقبة:

هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، الأمير أبو وهب الأموي، له صحبة قليلة([73]), وهو أخو عثمان لأمه.

كان الوليد بن عقبة من رجال الدولة الإسلامية على عهد أبي بكر وعمر اللذين كانا يتخيران للأعمال ذوي الكفاءة والأمانة من الرجال، وكان ذلك من أعظم أسباب ذلك الانتشار السريع على أوسع نطاق للإسلام في عهدهما، وأنه كان محل ثقة واعتماد الخليفتين، وممن وسد إليه الأمور المهمة لما كان يريان فيه من الكفاءة وصدق الإيمان.([74]) وأول عمل له في خلافة الصديق أنه كان موضع السر في الرسائل الحربية التي دارت بين الخليفة وقائده خالد بن الوليد في وقعة المذار مع الفرس([75]) 12هـ، ثم وجهه مددا إلى قائده عياض بن غنم الفهري.([76]) وفي سنة 13هـ كان الوليد يلي لأبي بكر صدقات قضاعة، ثم لما عزم الصديق على فتح الشام كان الوليد عنده بمنزلة عمرو بن العاص في الحرمة والثقة والكرامة، فكتب إلى عمرو بن العاص وإلى الوليد بن عقبة يدعوهما لقيادة فيالق الجهاد، فسار ابن العاص بلواء الإسلام نحو فلسطين، وسار الوليد بن عقبة قائدا إلى شرق الأردن.([77]) ثم رأينا الوليد في سنة 15هـ على عهد عمر أميرا على بلاد بني تغلب وعرب الجزيرة([78])، وكان في ولايته هذه يحمي ظهور المجاهدين في بلاد الشام لئلا يؤتوا من خلفهم, وانتهز الوليد فرصة ولايته على هذه الجهة التي كانت لا تزال مليئة بالنصارى، فكانت من جهاده الحربي وعمله الإداري داعيا إلى الله يستعمل أساليب الحكمة والموعظة الحسنة لحمل نصارى إياد وتغلب على الدخول في الإسلام.([79]) وبهذا الماضي المجيد جاء الوليد في خلافة عثمان، فتولى الكوفة له وكان من خير ولاتها عدلا ورفقا وإحسانا، وكانت جيوشه مدة ولايته على الكوفة تسير في آفاق الشرق فاتحة ظاهرة موفقة، كما شهد له بذلك بظهر الغيب قاضي من أعظم قضاة الإسلام في التاريخ علما وفضلا وإنصافا، وهو التابعي الجليل الإمام الشعبي([80])؛ فقد أثنى على غزوه وإمارته بقوله حين ذكر له غزو مسلمة بن عبد الملك([81]): كيف لو أدركتم الوليد وغزوه وإمارته، إنه كان ليغزو فينتهي إلى كذا وكذا، ما نقص ولا انتقص عليه أحد حتى عزل عن عمله.([82]) وقد كان الوليد أحب الناس في الناس وأرفقهم بهم، وقد أمضى خمس سنين وليس في داره باب.([83]) وقد قال عثمان: ما وليت الوليد لأنه أخي وإنما وليته لأنه ابن أم حكيم البيضاء عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوأمة أبيه، والولاية اجتهاد، وقد عزل عمر سعد بن أبي وقاص وقدم أقل منه درجة([84]).

والمستعرض لسيرة هذا الصحابي الجليل والبطل الإسلامي العظيم الذي كان محل ثقة الخلفاء الراشدين الثلاثة لا يرتاب؛ فإنه أهل للولاية، وإنما تساوره الشكوك في ثبوت ما قيل فيه من نزول الآية فيه وتسميته فاسقا وشربه للخمر، والأمر يحتاج إلى تحقيق، وإليك بحث هذين الأمرين([85]):

هل ثبت بأن الوليد نزلت فيه الآية "إِن جَاءَكُمْ فَاسِقُ"؟

قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" [الحجرات: 6].

يتناقل الرواة في ذلك قصة تقول: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق مصدقا، فأخبر عنهم أنهم ارتدوا، وأبوا في أداء الصدقة، وذلك أنهم خرجوا إليه فهابهم ولم يعرف ما عندهم، فانصرف عنهم، وأخبر بارتدادهم، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد وأمره أن يتثبت فيهم، فأخبروه أنهم متمسكون بالإسلام، ونزلت الآية.([86]) وقد جاءت روايات عديدة وليس للقصة سند موصول صحيح([87])، وأقل ما يوصف به سند القصة أنه ضعيف، وإذا قبلوا الأسانيد الضعيفة في فضائل الأعمال التي لا تحل حراما ولا تحرم حلالا، فإننا لا نقبل السند الضعيف في قصة الوليد؛ لأنه يحل حراما، وهو وصف رجل صحب الرسول عليه السلام -ولو يوما- بأنه فاسق.. وكيف نقبل السند الضعيف والآية نفسها تحث على التثبت في قبول الأخبار، فهذه الآية وضعت أصل علم الرواية([88]).

إن قصة الوليد بن عقبة فيما نسبوه إليه لا تقبل فيها إلا الأخبار الصحيحة السند والمتن؛ لأنها تصفه بالفسق، وهذا مطعن لا يتساهل في قبوله إذا وُصف به رجل من عرض الناس في العصر الحديث بعد خمسة عشر قرنا من عصر الدعوة، فكيف نتساهل في نسبتها إلى رجل عاش في العهد النبوي، وفي عهد الخلفاء الراشدين، وأوكلوا إليه أعمالا ذات خطر؟!.

والقصة تمثل جزءا من تاريخ صدر الإسلام، وتتصل أجزاء القصة وحوادثها بالعقيدة الإسلامية، وأخبار هذا الجانب من التاريخ الإسلامي لا يتساهل في قبولها، كما يتساهل في قبول الأخبار التي تتصل بالعمران المدني، ثم إن الوليد بن عقبة من مسلمة الفتح، وكثيرا ما توجه المطاعن إلى إسلام هذه الفئة من الناس، ويزعم بعض المؤرخين أنهم أسلموا مكرهين، ولم يدخل الإيمان إلى قلوبهم، وهو زعم باطل بلا ريب.([89]) وأخبار الوليد بن عقبة تزيَّد الرواة فيها، ولعبت بها الأهواء المذهبية والسياسية، ودخلها الوضع، وكانت ميدانا لتسابق أهل القصة في اختبار القدرة على الوضع وإثبات عبقريتهم الأدبية المجنحة([90]).

ومما يعكر على رواية إرسال الوليد بن عقبة لجمع صدقات بني المصطلق ويعارضها حديث موصول السند إلى رجال ثقات، أن الوليد بن عقبة كان يوم الفتح صغيرا ومن كان في سنه لا يرسله النبي صلى الله عليه وسلم عاملا، فعن فياض بن محمد الرقي، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج الكلابي، عن عبد الله الهمداني (أبي موسى) عن الوليد بن عقبة قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم فيمسح على رؤوسهم ويدعو لهم فجيء بي إليه، وإني مطيب بالخلوق، ولم يمسح على رأسي، ولم يمنعه من ذلك إلا أن أمي خلقتني بالخلوق، فلم يمسني من أجل الخلوق([91]).

إن القصة لعبت بها الأهواء المذهبية؛ فالوليد أموي عثماني، والذي أقحم اسم الوليد في قصة سبب نزول الآية شيعي رافضي (محمد بن السائب الكلبي)، قال عنه ابن حجر: كان يعد من شيعة أهل الكوفة، وقال ابن حجر: كان بالكوفة كذابان، أحدهما الكلبي، والآخر السدي.([92]) واختاره لهذه القصة؛ لأنها تتصل بجمع الصدقات، والوليد عمل على صدقات قضاعة في عهد أبي بكر، وعمل على صدقات تغلب في الجزيرة في زمن عمر، وكتب الشيعة تعيب عثمان بن عفان بسبب قصة الوليد.([93]) ونحن لا ننكر أن تكون الآية نزلت في سياق قصة بني المصطلق، ولكن الذي ننكره أن يكون الوليد هو الموصوف بالفاسق في الآية، ذلك أن منطوق "إِن جَاءَكُمْ فَاسِقُ" بصيغة التنكير يدل على الشمول؛ لأن النكرة إذا وقعت في سياق الشرط عمت كما تعم إذا وقعت في سياق النفي([94])

حد الوليد بن عقبة في الخمر:

وأما حد الوليد في الخمر فقد ثبت في الصحيحين أن عثمان حده بعدما شهدت عليه الشهود، فهو ليس مأخذا على عثمان، بل كان من مناقب عثمان أن أقام عليه الحد وعزله عن الكوفة؛ حيث ذكر البخاري هذه الحادثة في باب (مناقب عثمان) ([95]), وكان علي يقول: إنكم وما تعيرون به عثمان كالطاعن نفسه ليقتل رِدْءَه.([96]) ما ذنب عثمان في رجل قد ضربه بفعله وعزله عن عمله، وما ذنب عثمان فيما صنع عن أمرنا.([97]) ثم إن تلك الحادثة لم تطرأ في عهد عثمان فحسب، بل لها سابقة في عهد عمر بن الخطاب t؛ حيث ذكر أن قدامة بن مظعون له صحبة شرب الخمر، وهو أمير على البحرين من قبل عمر فحده وعزله([98]).

وقد ذكر بعض المؤرخين أنه لم يثبت على الوليد شربه الخمر، قال الحافظ في الإصابة: ويقال إن بعض أهل الكوفة تعصبوا عليه فشهدوا عليه بغير الحق.([99]) وقد أشار إلى هذا ابن خلدون فقال: وما زالت الشائعات -أي على عمال عثمان- من قبل المشاغبين تنمو، ورمى الوليد بن عقبة - وهو على الكوفة - بشرب الخمر وشهد عليه جماعة منهم وحده عثمان وعزله.([100]) وما حكاه الطبري ببعض تفاصيل: إن أبناءً لأبي زينب وأبي مورع وجندب بن زهير نقبوا على ابن الحيسمان داره وقتلوه، فشهد عليهم بذلك أبو شريح الخزاعي الصحابي وابنه، -وكان جارا لابن الحيسمان- فاقتص منهم الوليد، فأخذ الآباء على أنفسهم أن يكيدوا للوليد، وأخذوا يترقبون حركاته فنزل به أبو زبيد الشاعر، وكان نصرانيا من أخواله بني تغلب، وأسلم على يد الوليد, وكان الضيف متهما بشرب الخمر، فأخذ بعض السفهاء يتحدثون بذلك في الوليد لملازمته أبا زبيد، ووجد أبو زينب وأبو مورع خير فرصة يغتنمانها، فسافرا إلى المدينة وتقدما إلى عثمان شاهدين على الوليد بشرب الخمر، وأنهما وجداه يقئ الخمر، فقال عثمان: ما يقئ الخمر إلا شاربها، فجيء بالوليد من الكوفة فحلف لعثمان وأخبره خبرهم، فقال عثمان: نقيم حدود الله ويبوء شاهد الزور بالنار، فاصبر يا أخي([101]).

قال محب الدين الخطيب: وأما الزيادة التي وردت في رواية مسلم من أنه أتى بالوليد وقد صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم، وفي بعض طرق أحمد أن صلى أربعا، فلم تثبت في شيء من شهادة الشهود، فهي من كلام حضين الراوي للقصة، ولم يكن حضين من الشهود ولم يروها عن شاهد ولا عن إنسان معروف، ولا كان في الكوفة في وقت الحادث المزعوم، فلا اعتداد بهذا الجزء من كلامه([102]).

هذا هو والي عثمان على الكوفة الوليد بن عقبة، المجاهد الفاتح، العادل المظلوم الذي كان منه لأمته كل ما استطاعه من عمل طيب، ثم رأى بعينه كيف يبغي المبطلون على الصالحين, وينفذ باطلهم فيهم, فاعتزل الناس بعد مقتل عثمان في ضيعة له منقطعة عن صخب المجتمع، وهي تبعد خمسة عشر ميلا عن بلدة الرقة من أرض الجزيرة التي كان يجاهد فيها ويدعو الناس للإسلام في خلافة عمر([103])، واعتزل جميع الحروب التي كانت أيام علي ومعاوية -رضي الله عنهما- إلى أن توفي بضيعته ودفن بها في عام 61هـ، وقيل إنه توفي في أيام معاوية([104]).

رابعًا: سعيد بن العاص.

هو سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي الأموي.([105]) وقال أبو حاتم: له صحبة، ولي الكوفة بعد الوليد بن عقبة، كان من فصحاء قريش, ولهذا ندبه عثمان فيمن ندب لكتابة القرآن؛ فعن أنس بن مالك قال: «... فأمر عثمان زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها (أي الصحف) في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش».([106]) وقد أقيمت عربية القرآن على لسان سعيد بن العاص؛ لأنه كان أشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم. أدرك من الحياة النبوية تسع سنين، وقتل أبوه يوم بدر مشركا، قتله علي بن أبي طالب.([107])

واقرأ معي هذا الخبر الذي يدل على قوة إيمانه: حيث روي أن عمر بن الخطاب قال لسعيد بن العاص: لم أقتل أباك، وإنما قتلت خالي العاص بن هشام، فقال سعيد: لو قتلته لكنت على الحق، وكان على الباطل، فأعجب عمر بجوابه. وفي أيام ولايته الكوفة غزا طبرستان ففتحها وغزا جرجان، وكان في عسكره حذيفة وغيره من الصحابة.([108]) وكان مشهورا بالكرم والبر، حتى سأله السائل -وليس عنده ما يعطيه- فكتب له بما يريد أن يعطيه، مسطورا.([109]) وكان رحمه الله يحب جمع شمل المسلمين ويكره الفتنة ويفر منها، ولاه عثمان الكوفة بعد الوليد بن عقبة ووفد إلى المدينة مرة، وعندما عاد إلى الكوفة جند أهل الشغب جنودهم ومنعوه من دخولها، فعاد ولزم المدينة. وهؤلاء الذين منعوه من العودة إلى الإمارة كان منهم قتلة عثمان، ومع ذلك اعتزل الجمل وصفين وحث أهل الجمل على القعود عن الخروج.([110]) هذه هي سيرته؛ كرم وشجاعة، وبر، وجهاد، وفصاحة أشبه ما تكون بفصاحة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد أملى على زيد بن ثابت هذا المصحف الذي نقرؤه اليوم، فتأمل هذه المناقب الثابتة له بالرواية الصحيحة، وقارنها بما يذكرون من مثالبه التي لا سند لها، وتأمل فيمن أشاعها، فتظن أنها ملفقة لأنها تجمع في الرجل النقيضين؛ الكرم والبخل، والبر والتوحش، والفهم والجهل، والجهاد والنكوص، وهذا لا يعقل اجتماعه في رجل سوى.([111]) يزعم الرواة بلا إسناد أنه عندما ولي سعيد الكوفة بعد الوليد كان بعض الموالي يقول رجزا:

يا ويلنا قد عُزِل الوليـد     وجاءنــا مجوِّعًا ســـــعيد
ينقص في الصاع ولا يزيد([112]).

وهذا رجز مصنوع، وقصة موضوعة بلا شك([113])؛ لأن الموالي في سنة 30 هـ - أي العبيد من أسرى الحروب- لم يكونوا يحسنون العربية بله قول الشعر، ولأن سعيد بن العاص المشهور بالكرم والبر لا يمكن أن يوصف بأنه (مجوِّع)، وإذا مدح الناس والشعراء الوليد لكرمه فإن سعيدا ضرب المثل بكرمه([114])، فكان يقال له: عكة العسل، وقال فيه الفرزدق يذكر كرمه:

ترى الغُرَّ الجحاجح من قريش      إذا ما الأمر في الحدثان عالا
قياما ينظرون إلى سعيد     كأنهم يرون به هلالا([115])


وإذا قال الموالي هذا الرجز في أول مجيء سعيد إلى الكوفة, فكيف عرف الموالي سياسة سعيد، وهل جاء مجوعا أم جاء مشبعا، والغريب أن الرواة يسوقون هذا الخبر في سياق ينقض بعضه بعضا؛ حيث يقولون: فولى عثمان سعيد بن العاص الكوفة فسار فيهم سيرة عادلة، فكان بعض الموالي يقول... الرجز([116])! فكيف تكون السيرة عادلة، ويوصف بأنه جوع الموالي؟! فقد كان الخير كثيرا يسع الجميع، ويفيض, والسيرة العادلة تجعل الخير يعم.([117]) ورحم الله المؤرخين القدماء، فقد كانوا حسني الظن بالقراء، فجمعوا في كتبهم الروايات المتناقضة، وحسبوا أن القراء في جميع العصور يستطيعون تمييز الغث من السمين، وعذرهم بأنهم كانوا يؤلفون لأهل عصرهم، وما عرفوا أن القرون التالية ستحفل بمن يحتطب بليل.([118]) فقد روى ابن سعد في ترجمة سعيد بلا إسناد يقول: قالوا: فلما قدم سعيد الكوفة واليا قدمها شابا مترفا ليست له سابقة، فقال: لا أصعد المنبر حتى يطهر، فأمر به فغسل، وقال على المنبر: إنما هذا السواد بستان لأغُيْلمة من قريش، فشكوه إلى عثمان.([119]) وهذا كلام لا يصح لأنه غير مسند؛ ولأن سعيد بن العاص الذي قاد جيوش الجهاد وفتح الفتوح لا يكون كما وصف القائلون. ثم إن ابن سعد يروي قولة سعيد هذه على لسان الأشتر مالك بن الحارث عندما منع سعيد بن العاص من دخول الكوفة بعد سنوات من ولايته؛ حيث قال الأشتر: هذا سعيد بن العاص قد أتاكم يزعم أن هذا السواد بستان لأغيلمة من قريش، والسواد مساقط رؤوسكم, ومراكز رماحكم، وفيئكم وفئ آبائكم([120]).

ومالك بن الحارث الملقب بـ(الأشتر) صاحبة فتنة؛ كان من رؤساء الخوارج الذين حاصروا عثمان وقتلوه، ولا يستغرب من هؤلاء أن يختلقوا الأقوال لإثارة كره الناس، وإذا كانت هذه الجملة قد قيلت، فإن الذين قالوها هم الخارجون على الخلافة؛ لأنهم فهموا هذا الفهم السقيم بسبب تتابع الأمراء على العراق -وبخاصة الكوفة- من قريش، ولأن العصبية القبلية واضحة في هذه المقولة.([121]) وقد قال الإمام الذهبي فيه: وكان أميرا شريفا جوادا، ممدَّحا، حليما، وقورا، ذا حزم وعقل، يصلح للخلافة (الولاية).([122]) وأما قول المخالفين والذين طعنوا في عثمان بأنه استعمل سعيد بن العاص على الكوفة وظهر منه ما أدى إلى أن أخرجه أهل الكوفة([123]), فمجرد إخراج أهل الكوفة له لا يدل على ذنب يوجب ذلك، فمن عرف الكوفة وسبر أحوالها عرف كثرة تشكي أهلها من ولاتهم بلا مبرر شرعي ولأتفه الأسباب، حتى قال فيهم عمر بن الخطاب t: أعياني وأعضل بي أهل الكوفة، ما يرضون أحدا ولا يرضى بهم، ولا يصلحون ولا يصلح عليهم.([124]) وفي رواية: أعياني أهل الكوفة؛ فإن استعملت عليهم ليِّنا استضعفوه، وإن استعملت عليهم شديدا شكوه.([125]) بل إنه دعا عليهم فقال: اللهم إنهم قد لبسوا عليَّ فلبِّس عليهم([126]).

وقد كان سعيد بن العاص رجلا حكيما، فقد قال: لجليسي علىَّ ثلاث؛ إذا دنا رحبت به، وإذا جلس أوسعت له، وإذا حدث أقبلت عليه. وقال لابنه: يا بني، أجرِ لله المعروف إذا لم يكن ابتداء من غير مسألة، فأما إذا أتاك الرجل تكاد ترى دمه في وجهه، أو جاءك مخاطرا لا يدري أتعطيه أم تمنعه، فوالله لو خرجت له من جميع مالك ما كافأته. وقال أيضا: يا بني، لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا الدنيء فتهون عليه. ودخلت عليه ذات يوم امرأة من العابدات وهو أمير الكوفة فأكرمها وأحسن إليها، فقالت: لا جعل الله لك إلى لئيم حاجة، ولا زالت المنة في أعناق الكرام، وإذا أزال عن كريم نعمة جعلك سببا لردها عليه.

ولما حضرت سعيدًا الوفاة جمع بنيه وقال لهم: لا يفقدن أصحابي غير وجهي، وصلوهم بما كنت أصلهم به، وأجروا عليهم ما كنت أجري عليهم، واكفوهم مؤنة الطلب، فإن الرجل إذا طلب الحاجة اضطربت أركانه، وارتعدت فرائصه مخافة أن يرد، فوالله لرجل يتململ على فراشه يراكم موضعا لحاجته أعظم منة عليكم مما تعطونه. ثم أوصاهم بوصايا كثيرة، وكانت وفاته 58هـ، وقيل 57هـ، وقيل 59هـ([127]).

خامسًا: عبد الله بن سعد بن أبي السرح:

درج المؤرخون في الغالب إذا ذكروا اسم عبد الله بن أبي السرح وتولية عثمان له على ولاية مصر على أن يقولوا: لقد ولى عثمان على مصر عبد الله بن أبي السرح أخاه من الرضاعة.([128]) وإيراد عبارة (أخاه من الرضاعة) مقرونة بالتولية تعتبر إيحاء من بعض المؤرخين باتهام عثمان t, وأنه لهذه الأخوة من الرضاعة ولاه على مصر، وهذا الذي يراه المؤرخ غير صحيح، ولكي نرد على هؤلاء وعلى ما يغمزون به أمير المؤمنين عثمان بن عفان نستعرض جهود فارس بني عامر بن لؤى([129]) -عبد الله بن سعد-؛ فقد كان على خبرة ودراية تامة بأحوال مصر ونواحيها نتيجة اشتراكه مع جيش عمرو في فتحها، ونتيجة ولايته على بعض النواحي أثناء خلافة عمر، فقد كان على صعيد مصر([130]), وكذلك أول خلافة عثمان، مما أهله لأن يصبح واليا عاما على مصر، فكان أقوى المرشحين لتلك الولاية بعد عمرو بن العاص نتيجة لتلك الخبرات، ويبدو أن عبد الله بن سعد تمكن من ضبط خراج مصر حتى زاد ما كان يجمعه من الخراج على ما كان يجمعه عمرو بن العاص قبله، ولعل مرد ذلك إلى اتباع عبد الله بن سعد لسياسة جديدة في المصروفات اختلفت عن سياسة عمرو، وبالتالي زادت أموال الخراج المتوافرة في مصر.([131])

وقد قام عبد الله بن سعد أثناء ولايته بالجهاد في عدة مواقع، فكانت له فتوح مختلفة لها شأن عظيم، فكان من غزواته غزوة أفريقية سنة 27هـ وفتوحه فيها, وقتله ملكها جرجير، وكان يصاحبه في تلك الغزوات مجموعة من الصحابة، منهم: عبد الله بن الزبير، وعبد الله ابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرهم، وانتهت الغزوة بصلح مع بطريرك أفريقيا على تأدية الجزية للمسلمين.([132]) وقد عاد ابن أبي السرح إلى أفريقية مرة أخرى ووطد فيها الإسلام وذلك في سنة 33هـ([133])، كما كان من أهم أعمال عبد الله بن سعد بن أبي السرح غزوه لبلاد النوبة وتسمى غزوة الأساودة أو غزوة الحبشة عند بعض المؤرخين، وقد وقعت هذه الغزوة سنة إحدى وثلاثين للهجرة، وقد دار قتال شديد بين أجناد المسلمين وجنود النوبة، وأصيب مجموعة من المسلمين نظرا لإجادة أهالي النوبة للرمي، وقد انتهت تلك الغزوة بصلح وقعه عبد الله بن سعد مع أهالي النوبة بوضع جزية محددة عليهم.([134]) ويعتبر عبد الله بن سعد بحق أول قائد مسلم تمكن من اقتحام النوبة، وقاتل أهلها وفرض عليهم الجزية، واستقرت الحال على ذلك في أيامه بين أهل النوبة والمسلمين.

كذلك من أهم أعمال عبد الله بن سعد العسكرية غزوة ذات الصواري، وقد انتصر فيها المسلمون على الروم، وقد كانت ولاية عبد الله بن سعد على مصر محمودة على العموم لدى المصريين ولم يروا منه ما يكرهون، يقول عنه المقريزي: ومكث أميرا مدة ولاية عثمان كلها محمودا في ولايته.([135]) وقال فيه الذهبي: ولم يتعد ولا فعل ما ينقم عليه، وكان أحد عقلاء الرجال وأجوادهم.([136]) وقد كانت ولاية مصر في أول أمرها هادئة مستقرة إلى أن تمكن مثيرو الفتنة من أمثال عبد الله بن سبأ من الوصول إليها وإثارة الناس فيها، فكان لهم وللمتأثرين بهم دور كبير في مقتل عثمان t، كما أن الأحوال في مصر نفسها اضطربت نتيجة طرد الوالي الشرعي لها واستيلاء أقوام آخرين على الأمور بطريقة غير شرعية، وقد تمكنوا خلال تلك الفترة من بث الكراهية في قلوب الناس لخليفتهم عثمان نتيجة مكائد قاموا بها وأكاذيب لفقوها ونشروها([137]) -سيأتي الحديث عنها بإذن الله تعالى-. ولما وقعت الفتنة بمقتل عثمان اعتزلها عبد الله بن سعد وسكن عسقلان، أو الرملة في فلسطين. وروى البغوي بإسناد صحيح عن يزيد بن أبي حبيب قال: خرج ابن أبي السرح إلى الرملة بفلسطين، فلما كان عند الصبح قال: اللهم اجعل آخر عملي الصبح، فتوضأ ثم صلى، فسلم عن يمينه ثم ذهب يسلم عن يساره فقبض الله روحه([138]).

سادسًا: مروان بن الحكم ووالده:

كان مروان بن الحكم من أخص أقرباء عثمان به، وأوثقهم صلة بمركز الخلافة وألصقهم بالأحداث التي عصفت بالوحدة الإسلامية في عهد عثمان t، فكان منه بمنزلة كاتم سر الدولة، أو حامل ختم الملك.([139]) ولم يكن مروان بالتأكيد المستشار الأوحد للخليفة الذي كان يستشير كبار الصحابة وصغارهم، ولم يكن بمعزل عن قادة الرأي في مجتمع الإسلام، وكذلك لم يكن مروان الوزير الذي تجمعت تحت يده سلطات الدولة، إنما كان كاتبا للخليفة، وهي وظيفة تستمد أهميتها من قرب صاحبها من إذن الخليفة وخاتمه، أما ادعاء توريطه عثمان وإثارة الناس عليه لتنقل الخلافة بعد ذلك إلى بني أمية، فافتراض لا دليل عليه، ولم تنتقل الخلافة إلى بني أمية إلا بعد أهوال جسام لم يكن لمروان فيها دور خطير، ثم إن عثمان لم يكن ضعيف الشخصية حتى يتمكن منه كاتبه إلى الحد الذي يتصوره الرواة.([140]) ولا ذنب لمروان بن الحكم إن كان في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الحلم باتفاق أهل العلم، بل غايته أن يكون له عشر سنين أو قريب منها، وكان مسلما يقرأ القرآن ويتفقه في الدين، ولم يكن قبل الفتنة معروفا بشيء يعاب فيه، فلا ذنب لعثمان في استكتابه، وأما الفتنة فأصابت من هو أفضل من مروان.([141]) بل إن خبر طرد النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه ضعيف سندا ومتنا، وتعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية فأوضح تهافته وضعفه.([142]) وعُرف عن مروان بن الحكم العلم والفقه والعدل، فقد كان سيدا من سادات شباب قريش لما علا نجمه أيام عثمان بن عفان، وقد شهد له الإمام مالك بالفقه، واحتج بقضائه وفتاواه في مواطن عديدة من كتاب الموطأ, كما وردت في غيره من كتب السنة المتداولة في أيدي الأئمة المسلمين يعملون بها.([143]) وكان الإمام أحمد يقول: يقال: كان عند مروان قضاء، وكان يتتبع قضايا عمر بن الخطاب.([144]) وكان مروان من أقرأ الناس للقرآن كما كان له رواية للحديث الشريف؛ حيث روى عن بعض مشاهير الصحابة، وروى عنه بعضهم، وكما روى عنه بعض التابعين.([145]) وكان حريصا على تحري السنة والعمل بها؛ روى الليث بن سعد -فقيه مصر- بسنده قال: شهد مروان جنازة، فلما صلى عليها انصرف، فقال أبو هريرة: أصاب قيراطا وحرم قيراطا (أي الأجر والثواب، كما ورد في حديث شريف).([146]) فأخبر بذلك مروان فأقبل يجري حتى بدت ركبتاه، فقعد حتى أذن له.([147])

وجاء في مقدمة فتح الباري: مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ابن عم عثمان بن عفان، يقال له رؤية، يعني رؤية الرسول عليه الصلاة والسلام، فإن ثبتت، فلا يعرج على من تكلم فيه.([148]) وكان يقول ابن كثير: وهو صحابي عند طائفة كثيرة؛ لأنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.([149]) وقد ولى مروان المدينة لمعاوية بن أبي سفيان، فكان شديدا على أهل الفسوق بها، حربا على مظاهر الترف والتخنث([150])، عادلا مع رعيته، حذرا من مجاملة ذوي قرباه، أو من يحاول منهم استغلال نفوذه؛ فقد لطم أخوه عبد الرحمن مولى لأهل المدينة يعمل حناطا أثناء فترة ولاية مروان على المدينة، فشكا الحناط إلى مروان، فأتى بأخيه عبد الرحمن، وأجلسه بين يدي الحناط وقال له: الطمه، فقال الحناط: والله ما أردت هذا، وإنما أردت أن أعلمه أن فوقه سلطانا ينصرني عليه، وقد وهبتها لك، فقال: لست أقبلها منك، فخذ حقك، فقال: والله لا ألطمه، ولكن أهبها لك، ولست والله لاطمه، فقال مروان: لست والله قابلها، فإن وهبتها فهبها لمن لطمك أو لله عز وعلا، قال: قد وهبتها لله تعالى، فقال عبد الرحمن شعرا يهجو أخاه مروان لذلك([151]).

إن هذه الصورة المشرقة عن علم مروان وعدله وفقهه وتدينه تكاد تختلف تماما عن تلك الصورة الكريهة التي يقدمها عنه معظم المؤرخين والرواة الذين اجتهدوا لتشويه حياة الرجل، فلما حانت وفاته اجتهدوا أيضا لتشويهها, فزعموا أن امرأته أم خالد بن يزيد بن معاوية، خنقته بوسادتها، أو دست له السم لما سب ابنها -بزعمهم- أمام جماعة من الناس، وهذه القصة -ومع ما تحتويه من عناصر متناقضة- تبدو لأول وهلة وكأنها أسطورة اخترعتها مخيلات عجائز القوم، ثم رددتها الألسن، إما حبًّا في الثرثرة، أو لتنال من سمعة هذه الأسرة الرفيعة المكانة حسدا لما وصلت إليه من مجد.([152]) فهل كان موته طبيعيا، أم مات بإصابة الطاعون، أم خنقته زوجته؟ إن تناقض الروايات دليل على أن الحقيقة غير معروفة، والروايات التي تزعم أن زوجته هي التي اغتالته مباشرة أو بالواسطة (عن طريق بعض جواريها) غير مقبولة أو معقولة، فهذه الزوجة سيدة شريفة من بيت عبد شمس وزوجها قريبها، وهو خليفة، وهي كانت زوجة خليفة وأم خليفة (وهو معاوية بن يزيد بن معاوية)، وهو عمل لا تقدم النساء الشريفات عليه، ثم إننا لم نر أي أثر لهذا الاغتيال، فلم يحدث في الأسرة أي خلاف، ولا مطالبة بالثأر، وظل خالد على مكانته عند عبد الملك، كما أن الدافع لا يكفي بحال لارتكاب جريمة القتل.([153]) وذكر عن بعض أهل العلم أنه قال: كان آخر كلام تكلم به مروان: وجبت الجنة لمن خاف النار، وكان نقش خاتمه العزة لله، وقيل: آمنت بالعزيز الرحيم.([154]) وقال ابن القيم: أحاديث ذم الوليد، وذم مروان بن الحكم كذب([155]).

 

سيرَة عُثمَان بْنُ عَفان رضيَ اللهُ عَنه شخصيّته وعَصْره للشيخ علي محمد الصلابي


عدد المشاهدات *:
453255
عدد مرات التنزيل *:
93312
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 02/05/2011 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 02/05/2011

الكتب العلمية

روابط تنزيل : المبحث الثالث حقيقة ولاة عثمان
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  المبحث الثالث حقيقة ولاة عثمان لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
الكتب العلمية


@designer
1