مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَطْعَ لِبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرْعُ فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا يُؤْخَذُ مِنَهَا إِلَى الْيَوْمَ إِلَّا الزَّكَاةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْخَبَرُ مُنْقَطِعٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَدْ رُوِيَ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ الدَّرَاوَرْدِيِّ أَيْضًا وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّ الْمَعَادِنَ مُخَالِفَةٌ الرِّكَازَ لِأَنَّهَا لَا يُنَالُ مَا فِيهَا إِلَّا بِالْعَمَلِ بَخِلَافِ الرِّكَازِ وَلَا خُمْسَ فِيهَا وَإِنَّمَا فِيهَا الزَّكَاةُ وَهِيَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا حَصَلَ النِّصَابُ وَلَا يُسْتَأْنِفُ بِهِ الْحَوْلُ وَلَا زَكَاةَ عِنْدَهُ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعْدِنِ إِنْ كَانَ ذَهَبًا حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَمَا زَادَ فَعَلَى حِسَابِ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 وَفَرَّقَ مَالِكَ بَيْنَ مَعَادِنِ أَهْلِ الصُّلْحِ وَمَعَادِنِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَالَ الْمَعَادِنُ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ لأهلها يصنعون فيها ما شاؤوا ويصالحون فيها على ما شاؤوا مِنْ خُمْسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً فَهُوَ لِلسُّلْطَانِ يَصْنَعُ فِيهِ مَا شَاءَ وَعَلَى الْعَامِلِ فِيهِ الطَّالِبِ لِفَائِدَتِهِ زَكَاةُ مَا يَحْصُلُ بِيَدِهِ مِنْهُ إِذَا كَانَ نِصَابًا عَلَى سُنَّةِ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَمِنْ حُجَّةٍ مَالِكٍ أَيْضًا فِي تَفْرِيقِهِ بَيْنَ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمَعْدِنِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنَ الرِّكَازِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ فَرَّقَ بَيْنَ المعدن والركاز ب وفاصلة فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْخُمْسَ فِي الرِّكَازِ لَا فِي الْمَعْدِنِ وَقَالَ أَشَهَبٌ عَنْ مَالِكٍ الذَّهَبُ الثَّابِتُ فِي الْأَرْضِ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ عَمَلٍ هُوَ رِكَازٌ وَفِيهِ الْخُمْسُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي ذهب المعدن وفضته الخمس ولا شيء فيم يَخْرُجُ مِنْهُ غَيْرُهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَةِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ الْخَارِجِ مِنَ الْمَعْدِنِ الْخُمْسُ كَالرِّكَازِ قَالُوا وَمَا كَانَ فِي الْمَعْدِنِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْخُمْسِ اعْتُبِرَ كُلُّ وَاحِدٍ فِيمَا حَصَلَ بِيَدِهِ مِنْهُ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَزَكَّاهُ لِتَمَامِ الْحَوْلِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ فَائِدَةٌ تُضَمُّ فِي الْحَوْلِ إِلَى النِّصَابِ مِنْ جِنْسِهَا وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ قَالُوا وَكُلُّ مَا ارْتَكَزَ بِالْأَرْضِ مِنْ ذَهَبٍ أو فضة وغيرها من الجواهر فَهُوَ رِكَازٌ وَفِيهِ الْخُمْسُ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ قَالُوا وَقَوْلُهُ الْمَعْدِنُ جُبَارٌ إِنَّمَا هُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَعْدِنُ رِكَازًا لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا هُوَ جُبَارٌ ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا يَجِبُ فِيهِ الخمس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الزِّئْبَقِ يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ فَمَرَّةً قَالَ فِيهِ الْخُمْسُ وَمَرَّةً قَالَ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ كَالْقِيرِ وَالنَّفْطِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ فَقَالَ مرة بقول مالك وهو قوله الْعِرَاقِيِّ وَقَالَ بِمِصْرَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ فَهُوَ فَائِدَةٌ يُسْتَأْنَفُ فِيهَا الْحَوْلُ وَهُوَ قَوْلُ الليث بن سعد وبن أَبِي ذِئْبٍ وَمَرَّةً قَالَ الشَّافِعِيُّ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي الْمَعَادِنِ وَخَيَّرَ عَلَى الْقَوْلِ فِيهَا وَاخْتَارَ الْمُزْنِي أَنْ يَكُونَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعْدِنِ فَائِدَةً يُسْتَأْنَفُ بِهَا حَوْلٌ وَأَمَّا الْإِقْطَاعُ فَهُوَ جَائِزَ لِلْإِمَامِ فِيمَا لَا مِلْكَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ مِنْ مَوَاتِ الْأَرْضِ يُقْطِعُهُ مَنْ رَآهُ مِنْ أَهْلِ الْغِنَى وَالنَّفْعِ لِلْمُسْلِمِينَ بِنَفْسِهِ أَوْ عَمَلِهِ وَهُوَ كَالْفَيْءِ يَضَعُهُ حَيْثُ رَآهُ فِيمَا هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ أَعَمُّ نَفْعًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يَقُومُ بِهِ الْمَرْءُ وَعُمَّالُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَنَّهُ قَالَ لِبِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ أَقْطَعَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا تُطِيقُهُ فَانْظُرْ مَا تُطِيقُ مِنْهُ فَأَمْسِكْهُ وَأْذَنْ لِي فِي إِقْطَاعِ الْبَاقِي مَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ فَأَقْطَعَ مَا أَخَذَ مِنْهُ غَيْرَهُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ رَدًّا لِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ رَأَى أَنَّ لَهُ رَدُّهُ ما استأذن بلال بن الحارث ولكنه رَأَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقِفْ فِي حِينِ الْإِقْطَاعِ عَلَى قَدْرِ مَا أَقْطَعَ وَلَوْ عَلِمَ مِنْ ذَلِكَ مَا عَلِمَهُ أَبُو بَكْرٍ مَا أَقْطَعَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ اسْتَأْذَنَ بِلَالًا وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ مَا أَخْبَرَهُ وَإِنَّمَا أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسِهِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجُوزُ لَهُ إِقْطَاعُ مَا قَدْ مُلِكَ بِإِحْيَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَصِحُّ بِهِ الْمِلْكُ وَمَسَارِحُ الْقَوْمِ الَّتِي لَا غِنَى لَهُمْ عَنْهَا لِإِبِلِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يقطعها أحدا لأنها تجري الْمِلْكِ الْمُعَيَّنِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَقْطَعَ الدَّهْنَاءَ رَجُلًا قَالَتْ لَهُ قَيْلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ مُقَيَّدُ إِبِلِ بَنِي تَمِيمٍ وَهَذِهِ نِسَاءُ بَنِي تَمِيمٍ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ فَارْتَجَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إِقْطَاعُ مَا فِيهِ الرَّغْبَةُ وَالتَّنَافُسُ وَالْغِبْطَةُ يَخْتَصُّ بِهِ وَاحِدًا وَهُوَ يُفْصَلُ عَنْهُ وَلِلنَّاسِ فِيهِ مَنَافِعُ لِحَدِيثِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ أقطع رجلا ماء لَيْسَ بِالْكَثِيرِ فَقِيلَ لَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَقَطَعْتُهُ الْمَاءَ الْعِدَّ - يَعْنِي الْكَثِيرَ - فَارْتَجَعَهُ رَسُولُ اللَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عدد المشاهدات *: 743249 عدد مرات التنزيل *: 116063 حجم الخط : 10 12 14 16 18 20 22 24 26 28 30 32 * : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة - تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018 الكتب العلمية