مالك عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ
قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلُ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ تَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ
فَرُوِيَ عَنِ بن عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ
وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَإِبْرَاهِيمُ وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَنَافِعٌ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ لَا
مُتْعَةَ لِلَّتِي طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ كَانَ فُرِضَ لَهَا صَدَاقٌ وَيَقُولُونَ حَسْبُهَا نِصْفُ
الصَّدَاقِ
وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي الَّتِي طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَقَدْ كَانَ فُرِضَ لَهَا
وَقَالَ آخَرُونَ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ دُخِلَ بِهَا أَوْ لَمْ يُدْخَلْ بِهَا فُرِضَ لَهَا أَوْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا
مِنْهُمُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَأَبُو قِلَابَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ
إِلَّا أَنَّ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ إِذَا لَمْ يُفْرَضْ لَهَا وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ وَإِنْ
فُرِضَ لَهَا وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْمُتْعَةُ - حِينَئِذٍ - يُنْدَبُ إِلَيْهَا
وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ
ذكره عبد الرزاق عن معمر وبن جريج عن بن شِهَابٍ
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ
فَكَانَ شُرَيْحٌ يُجْبِرُ عَلَيْهَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ
رَوَى وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّ
رَجُلًا طَلَّقَ وَلَمْ يَفْرِضْ وَلَمْ يَدْخُلْ فَأَجْبَرَهُ شُرَيْحٌ عَلَى الْمُتْعَةِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 120
وقد روى معمر عن أيوب عن بن سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ لِرَجُلٍ طَلَّقَ
مَتِّعْ فَلَمْ أَدْرِ مَا رَدَّ عَلَيْهِ فَسَمِعْتُ شُرَيْحًا يَقُولُ مَتِّعْ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ لَا تَأْبَ
أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَاهُ فِي الَّتِي فُرِضَ لَهَا وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدخول
كقول بن شِهَابٍ وَغَيْرِهِ فَلَا يُعَدُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَنْهُ خِلَافًا
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ إِنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى الْمُتْعَةِ مَنْ طَلَّقَ وَلَمْ يَفْرِضْ وَلَمْ يَدْخُلْ
وَكَذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ - أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ
فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى الْمُتْعَةِ سَمَّى لَهَا أَوْ لَمْ يُسَمِّ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ
وَإِنَّمَا هِيَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَيْسَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا
قَالَ وَلَيْسَ لِلْمُلَاعِنَةِ مُتْعَةٌ عَلَى حَالٍ من الأحوال
وقال أبو الزناد وبن أَبِي لَيْلَى الْمُتْعَةُ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَى أَحَدٍ - إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ
شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَيْهَا
وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَيْنَ مَنْ سَمَّى لَهَا وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُسَمِّ
لَهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُتْعَةَ لَوْ كَانَتْ فَرْضًا وَاجِبًا يُقْضَى بِهِ لَكَانَتْ
مَقَدَّرَةً مَعْلُومَةً كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ فِي الْأَمْوَالِ فَلَمَّا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ خَرَجَتْ مِنْ حَدِّ
الْفُرُوضِ إِلَى حَدِّ النَّدْبِ وَالْإِرْشَادِ وَالِاخْتِيَارِ وَصَارَتْ كَالصِّلَةِ وَالْهَدِيَّةِ
هَذَا أَحْسَنُ مَا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُهُ لَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ وَلِكُلِّ زَوْجَةٍ إِذَا كَانَ الْفِرَاقُ مِنْ قِبَلِهِ أَوْ لَمَ
يَتِمَّ إِلَّا بِهِ إِلَّا الَّتِي سَمَّى لَهَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهَا قَدْ جَعَلَ لَهَا نِصْفَ الصداق ولم يستمتع منها بشيء
قال ولا مرأة الْعِنِّينِ مُتْعَةٌ
وَقَالَ بِهِ سَائِرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي امْرَأَةِ الْعِنِّينِ لِأَنَّ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ دَاءِ الْعُنَّةِ كَانَ
سَبَبَ الْفُرْقَةِ إِلَّا الْمُزَنِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ لَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ قِبَلِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ الشافعي عموم قول الله عز وجل (وللمطلقت متع بِالْمَعْرُوفِ)
الْبَقَرَةِ 241 فَلَمْ يَخُصَّ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 121
ومثله قوله عز وجل (إذا نكحتم المؤمنت ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكَمْ
عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ) الْأَحْزَابِ 49
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ
وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعَيْنِ قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هذه المسألة هو قول بن عُمَرَ نَصًّا
وَيَحْتَمِلُهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ
وَحُجَّتُهُمْ لِلشَّافِعِيِّ أَيْضًا فِي إِيجَابِ الْمُتْعَةِ أَنَّ اللَّهَ تعالى أمر بها الأزواج وقال تعالى
(وللمطلقت متع بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) الْبَقَرَةِ 241
وَفِي آيَةٍ أُخْرَى (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) الْبَقَرَةِ 236
وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَوْجَبَ عَلَى الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ وَجَبَ على الفجار والمسيئين ليس
فِي تَرْكِ تَحْدِيدِهَا مَا يُسْقِطُ وُجُوبَهَا كَنَفَقَاتِ الْبَنِينَ وَالزَّوْجَاتِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) الْبَقَرَةِ 233
وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا مُقَدَّرًا فِيمَا أَوْجَبَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ
سَعَتِهِ) الطَّلَاقِ 7 الْآيَةَ كَمَا قَالَ فِي الْمُتْعَةِ (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ)
الْبَقَرَةِ 236
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ إِذْ شَكَتْ إِلَيْهِ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَا
سُفْيَانَ لَا يُعْطِيهَا نَفَقَةً لَهَا وَلَا لَبَنِيهَا ((خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ))
فَلَمْ يُقَدِّرْ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ لِلَّتِي طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا هَذِهِ
وَحْدَهَا الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ لَهَا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يُمَتِّعُهَا وَلَا يُجْبَرُ على المتعة ها هنا
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ
إِلَّا أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ إِنْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَمْلُوكًا لَمْ تَجِبِ الْمُتْعَةُ وإن طلقها قبل
الدخول ولم يسم له مهرا
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 122
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ
وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنْ لَا مُتْعَةَ وَاجِبَةً إِلَّا لِلْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا
وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَلَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ وُجُوبُ مُتْعَةٍ وَوُجُوبُ شَيْءٍ مِنَ الْمَهْرِ
وَأَدْنَى الْمُتْعَةِ عِنْدَهُمْ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَإِزَارٌ وَهِيَ لِكُلِّ حُرَّةٍ وَذِمِّيَّةٍ وَمَمْلُوكَةٍ إِذَا وَقَعَ
الطَّلَاقُ مِنْ جِهَتِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلُ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ تَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ
فَرُوِيَ عَنِ بن عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ
وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَإِبْرَاهِيمُ وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَنَافِعٌ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ لَا
مُتْعَةَ لِلَّتِي طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ كَانَ فُرِضَ لَهَا صَدَاقٌ وَيَقُولُونَ حَسْبُهَا نِصْفُ
الصَّدَاقِ
وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي الَّتِي طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَقَدْ كَانَ فُرِضَ لَهَا
وَقَالَ آخَرُونَ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ دُخِلَ بِهَا أَوْ لَمْ يُدْخَلْ بِهَا فُرِضَ لَهَا أَوْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا
مِنْهُمُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَأَبُو قِلَابَةَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ
إِلَّا أَنَّ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ إِذَا لَمْ يُفْرَضْ لَهَا وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ وَإِنْ
فُرِضَ لَهَا وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْمُتْعَةُ - حِينَئِذٍ - يُنْدَبُ إِلَيْهَا
وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ
ذكره عبد الرزاق عن معمر وبن جريج عن بن شِهَابٍ
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ
فَكَانَ شُرَيْحٌ يُجْبِرُ عَلَيْهَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ
رَوَى وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّ
رَجُلًا طَلَّقَ وَلَمْ يَفْرِضْ وَلَمْ يَدْخُلْ فَأَجْبَرَهُ شُرَيْحٌ عَلَى الْمُتْعَةِ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 120
وقد روى معمر عن أيوب عن بن سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ لِرَجُلٍ طَلَّقَ
مَتِّعْ فَلَمْ أَدْرِ مَا رَدَّ عَلَيْهِ فَسَمِعْتُ شُرَيْحًا يَقُولُ مَتِّعْ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ لَا تَأْبَ
أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَاهُ فِي الَّتِي فُرِضَ لَهَا وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدخول
كقول بن شِهَابٍ وَغَيْرِهِ فَلَا يُعَدُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَنْهُ خِلَافًا
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ إِنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى الْمُتْعَةِ مَنْ طَلَّقَ وَلَمْ يَفْرِضْ وَلَمْ يَدْخُلْ
وَكَذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ - أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ
فَقَالَ مَالِكٌ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى الْمُتْعَةِ سَمَّى لَهَا أَوْ لَمْ يُسَمِّ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ
وَإِنَّمَا هِيَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَيْسَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا
قَالَ وَلَيْسَ لِلْمُلَاعِنَةِ مُتْعَةٌ عَلَى حَالٍ من الأحوال
وقال أبو الزناد وبن أَبِي لَيْلَى الْمُتْعَةُ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عَلَى أَحَدٍ - إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ
شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَيْهَا
وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَيْنَ مَنْ سَمَّى لَهَا وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُسَمِّ
لَهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُتْعَةَ لَوْ كَانَتْ فَرْضًا وَاجِبًا يُقْضَى بِهِ لَكَانَتْ
مَقَدَّرَةً مَعْلُومَةً كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ فِي الْأَمْوَالِ فَلَمَّا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ خَرَجَتْ مِنْ حَدِّ
الْفُرُوضِ إِلَى حَدِّ النَّدْبِ وَالْإِرْشَادِ وَالِاخْتِيَارِ وَصَارَتْ كَالصِّلَةِ وَالْهَدِيَّةِ
هَذَا أَحْسَنُ مَا احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُهُ لَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ وَلِكُلِّ زَوْجَةٍ إِذَا كَانَ الْفِرَاقُ مِنْ قِبَلِهِ أَوْ لَمَ
يَتِمَّ إِلَّا بِهِ إِلَّا الَّتِي سَمَّى لَهَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهَا قَدْ جَعَلَ لَهَا نِصْفَ الصداق ولم يستمتع منها بشيء
قال ولا مرأة الْعِنِّينِ مُتْعَةٌ
وَقَالَ بِهِ سَائِرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي امْرَأَةِ الْعِنِّينِ لِأَنَّ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ دَاءِ الْعُنَّةِ كَانَ
سَبَبَ الْفُرْقَةِ إِلَّا الْمُزَنِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ لَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ قِبَلِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ الشافعي عموم قول الله عز وجل (وللمطلقت متع بِالْمَعْرُوفِ)
الْبَقَرَةِ 241 فَلَمْ يَخُصَّ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 121
ومثله قوله عز وجل (إذا نكحتم المؤمنت ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكَمْ
عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ) الْأَحْزَابِ 49
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ
وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعَيْنِ قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هذه المسألة هو قول بن عُمَرَ نَصًّا
وَيَحْتَمِلُهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ
وَحُجَّتُهُمْ لِلشَّافِعِيِّ أَيْضًا فِي إِيجَابِ الْمُتْعَةِ أَنَّ اللَّهَ تعالى أمر بها الأزواج وقال تعالى
(وللمطلقت متع بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) الْبَقَرَةِ 241
وَفِي آيَةٍ أُخْرَى (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) الْبَقَرَةِ 236
وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَوْجَبَ عَلَى الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ وَجَبَ على الفجار والمسيئين ليس
فِي تَرْكِ تَحْدِيدِهَا مَا يُسْقِطُ وُجُوبَهَا كَنَفَقَاتِ الْبَنِينَ وَالزَّوْجَاتِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) الْبَقَرَةِ 233
وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا مُقَدَّرًا فِيمَا أَوْجَبَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ
سَعَتِهِ) الطَّلَاقِ 7 الْآيَةَ كَمَا قَالَ فِي الْمُتْعَةِ (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ)
الْبَقَرَةِ 236
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ إِذْ شَكَتْ إِلَيْهِ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَا
سُفْيَانَ لَا يُعْطِيهَا نَفَقَةً لَهَا وَلَا لَبَنِيهَا ((خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ))
فَلَمْ يُقَدِّرْ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ لِلَّتِي طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا هَذِهِ
وَحْدَهَا الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ لَهَا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يُمَتِّعُهَا وَلَا يُجْبَرُ على المتعة ها هنا
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ
إِلَّا أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ إِنْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَمْلُوكًا لَمْ تَجِبِ الْمُتْعَةُ وإن طلقها قبل
الدخول ولم يسم له مهرا
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 122
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ
وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنْ لَا مُتْعَةَ وَاجِبَةً إِلَّا لِلْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا
وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَلَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ وُجُوبُ مُتْعَةٍ وَوُجُوبُ شَيْءٍ مِنَ الْمَهْرِ
وَأَدْنَى الْمُتْعَةِ عِنْدَهُمْ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَإِزَارٌ وَهِيَ لِكُلِّ حُرَّةٍ وَذِمِّيَّةٍ وَمَمْلُوكَةٍ إِذَا وَقَعَ
الطَّلَاقُ مِنْ جِهَتِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
عدد المشاهدات *:
466213
466213
عدد مرات التنزيل *:
94291
94291
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018