مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يُرَاجِعُهَا وَلَا
حَاجَةَ لَهُ بِهَا وَلَا يُرِيدُ إِمْسَاكَهَا كَيْمَا يُطَوِّلَ بِذَلِكَ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ لِيُضَارَّهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) الْبَقَرَةِ
231 يَعِظُهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَفَادَ هَذَانَ الْخَبِرَانِ أَنَّ نُزُولَ الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ كَانَ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ
مُتَقَارِبٍ وَذَلِكَ حَبْسُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ وَمُرَاجَعَتُهُ لها قاصدا إلى الإضرار به
وأجمع العلماء على أنه قوله عَزَّ وَجَلَّ (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) الْبَقَرَةِ 229 هِيَ الطلقة
الثالثة بعد الطلقتين وإياها عني بقوله تَعَالَى (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى
تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) الْبَقَرَةِ 230
وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ لَمْ تَحِلَّ
لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ
فَكَانَ هَذَا مِنْ مُحْكَمِ الْقُرْآنِ الَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِي تَأْوِيلِهِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ
الْعُدُولِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 204
وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ
بْنُ سُمَيْعٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ جاء رجل إلى النبي فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ قَوْلَ
اللَّهِ تعالى (الطلق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسن) الْبَقَرَةِ 229 فَأَيْنَ
الثَّالِثَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ
بإحسان))
ورواه الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ مِثْلَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ التَّسْرِيحُ وَالْفِرَاقُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ سَرَاحِ الطَّلَاقِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) الطَّلَاقِ 2
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) الْبَقَرَةِ 231
وَهَذَا عِنْدَهُمْ كَمَا لَوْ قَالَ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ طَلِّقُوهُنَّ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ قَدْ سَرَّحْتُكِ أَنَّهُ يَنْوِي
مَا أَرَادَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِثْلَ الإفصاح بالطلاق
وقد احتج بعض أهل الزيع مِمَّنْ لَا يَرَى وُقُوعَ الثَّلَاثِ مُجْتَمِعَاتٍ لِقَوْلِ الله تعالى
(الطلق مَرَّتَانِ) الْبَقَرَةِ 229 فَقَالُوا قَوْلُهُ مَرَّتَانِ يَقْتَضِي مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فِي وَقْتَيْنِ فَلَا
يَكُونُ إِلَّا مُفْتَرِقًا وَالثَّلَاثُ كَذَلِكَ
وَهَذَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ هُوَ الطَّلَاقُ الْمُخْتَارُ لِلْعِدَّةِ وَالسُّنَّةِ وَمَنْ خَالَفَهُ لَزِمَهُ فِعْلُهُ وَعَصَى
رَبَّهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا مُجْتَمِعَاتٍ فَهِيَ ثَلَاثٌ وَمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً
فهي واحدة ومن طلق اثنتين فهي اثنتين فَقَوْلٌ لَا يَصِحُّ فِي أَثَرٍ وَلَا نَظَرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
حَاجَةَ لَهُ بِهَا وَلَا يُرِيدُ إِمْسَاكَهَا كَيْمَا يُطَوِّلَ بِذَلِكَ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ لِيُضَارَّهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) الْبَقَرَةِ
231 يَعِظُهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَفَادَ هَذَانَ الْخَبِرَانِ أَنَّ نُزُولَ الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ كَانَ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ
مُتَقَارِبٍ وَذَلِكَ حَبْسُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ وَمُرَاجَعَتُهُ لها قاصدا إلى الإضرار به
وأجمع العلماء على أنه قوله عَزَّ وَجَلَّ (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) الْبَقَرَةِ 229 هِيَ الطلقة
الثالثة بعد الطلقتين وإياها عني بقوله تَعَالَى (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى
تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) الْبَقَرَةِ 230
وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ لَمْ تَحِلَّ
لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ
فَكَانَ هَذَا مِنْ مُحْكَمِ الْقُرْآنِ الَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِي تَأْوِيلِهِ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ
الْعُدُولِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 204
وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ
بْنُ سُمَيْعٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ جاء رجل إلى النبي فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ قَوْلَ
اللَّهِ تعالى (الطلق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسن) الْبَقَرَةِ 229 فَأَيْنَ
الثَّالِثَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ
بإحسان))
ورواه الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ مِثْلَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ التَّسْرِيحُ وَالْفِرَاقُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ سَرَاحِ الطَّلَاقِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) الطَّلَاقِ 2
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) الْبَقَرَةِ 231
وَهَذَا عِنْدَهُمْ كَمَا لَوْ قَالَ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ طَلِّقُوهُنَّ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ قَدْ سَرَّحْتُكِ أَنَّهُ يَنْوِي
مَا أَرَادَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِثْلَ الإفصاح بالطلاق
وقد احتج بعض أهل الزيع مِمَّنْ لَا يَرَى وُقُوعَ الثَّلَاثِ مُجْتَمِعَاتٍ لِقَوْلِ الله تعالى
(الطلق مَرَّتَانِ) الْبَقَرَةِ 229 فَقَالُوا قَوْلُهُ مَرَّتَانِ يَقْتَضِي مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فِي وَقْتَيْنِ فَلَا
يَكُونُ إِلَّا مُفْتَرِقًا وَالثَّلَاثُ كَذَلِكَ
وَهَذَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ هُوَ الطَّلَاقُ الْمُخْتَارُ لِلْعِدَّةِ وَالسُّنَّةِ وَمَنْ خَالَفَهُ لَزِمَهُ فِعْلُهُ وَعَصَى
رَبَّهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا مُجْتَمِعَاتٍ فَهِيَ ثَلَاثٌ وَمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً
فهي واحدة ومن طلق اثنتين فهي اثنتين فَقَوْلٌ لَا يَصِحُّ فِي أَثَرٍ وَلَا نَظَرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
عدد المشاهدات *:
453615
453615
عدد مرات التنزيل *:
93331
93331
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018