مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وسليمان بن يسار سئلا عن طَلَاقِ السَّكْرَانِ فَقَالَا إِذَا طَلَّقَ السَّكْرَانُ جَازَ طَلَاقُهُ وَإِنْ قَتَلَ قُتِلَ بِهِ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا قَالَ أبو عمر اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَغَيْرُهُمْ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ فَأَجَازَهُ عَلَيْهِ وَأَلْزَمَهُ إِيَّاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ومجاهد وإبراهيم والحسن وبن سِيرِينَ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُمَيْدِيُّ وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَالْحَكَمُ بن عيينة الجزء: 6 ¦ الصفحة: 205 وَأَمَّا بَلَاغُ مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَرَوَاهُ عَنْهُ قَتَادَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ طَلَّقَ جَارٌ لِي سَكْرَانُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَسَالَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلْتُهُ فقال يفرق بينه وبين امرأته ويجلد ثمانون جَلْدَةً قَالَ وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِذَا طَلَّقَ السَّكْرَانُ أَوْ أَعْتَقَ جَازَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ إِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وأصحابهما والثوري وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي أَنَّ طَلَاقَهُ لَازِمٌ فِي حَالِ سُكْرِهِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ عَنْهُ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ طَلَاقُهُ فِي حَالِ سُكْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَذَهَبَ إِلَيْهِ وَخَالَفَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَأَلْزَمُوهُ طَلَاقَهُ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَجَازَ طَلَاقَ السَّكْرَانِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَعُقُودُهُ وَأَفْعَالُهُ جَائِزَةٌ عَلَيْهِ كَأَفْعَالِ الصَّاحِي إِلَّا الرِّدَّةَ فَإِنَّهُ إِنِ ارْتَدَّ لَا تَبِينُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ اسْتِحْسَانًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَكُونُ مُرْتَدًّا فِي سُكْرِهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِنْ قَذَفَ السَّكْرَانُ حد وإن قتل قتل وإن زنا أَوْ سَرَقَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ فِي الْحُدُودِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنِ ارْتَدَّ سَكْرَانٌ فَمَاتَ كَانَ مَالُهُ فَيْئًا وَلَا نَقْتُلُهُ فِي سُكْرِهِ وَلَا نَسْتَتِيبُهُ فِيهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَعِتْقُهُ جَائِزٌ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَلْزَمَهُ مَالِكٌ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ وَالْقَوَدَ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ وَلَمْ يُلْزِمْهُ النِّكَاحَ وَالْبَيْعَ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ أَنَّهُ أَجَازَهُ عَلَيْهِ وَإِسْنَادُهُ فِيهِ لِينٌ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ عَنْ أَبِي لَبِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجَازَ طَلَاقَ السَّكْرَانِ بِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 206 وَأَمَّا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَالْحَدِيثُ عَنْهُ صَحِيحٌ أَنَّهُ كَانَ لَا يُجِيزُ طَلَاقَ السَّكْرَانِ وَلَا يَرَاهُ شَيْئًا وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا مُخَالِفَ لِعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي كَمَا زَعَمَ لِمَا ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ وَلِمَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْهُ أَيْضًا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ وَمَنْ قَالَ إِنَّ عُثْمَانَ لَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ تَأَوَّلَ قَوْلَ عَلِيٍّ أَنَّ السَّكْرَانَ مَعْتُوهٌ بِالسُّكْرِ كَمَا أَنَّ الْمُوَسْوَسَ مَعْتُوهٌ بِالْوَسْوَاسِ وَالْمَجْنُونَ مَعْتُوهٌ بِالْجُنُونِ وحديث عثمان رواه وكيع وغيره عن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُجِيزُ طَلَاقَ السَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ قَالَ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُجِيزُ طَلَاقَهُ وَيُوجِعُ ظَهْرَهُ حَتَّى حَدَّثَهُ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي أَبَانٌ وَهُوَ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَرَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيِّ وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الطَّحَاوِيُّ وَخَالَفَ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ الْكُوفِيِّينَ وَقَالَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ شَرِبَ الْبَنْجَ فَذَهَبَ عَقْلُهُ أَنَّ طَلَاقَهُ غَيْرُ جَائِزٍ فَكَذَلِكَ مَنْ سَكِرَ مِنَ الشَّرَابِ قَالَ وَلَا يَخْتَلِفُ فُقْدَانُ الْعَقْلِ بِسَبَبٍ مِنَ اللَّهِ أَوْ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ مَنْ عَجَزَ عَنِ الصَّلَاةِ بِسَبَبٍ مِنَ اللَّهِ أَوْ مَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فِي بَابِ سُقُوطِ فَرْضِ الْقِيَامِ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ تَشْبِيهُ فِعْلِ السَّكْرَانِ بِالْعَجْزِ عَنِ الصَّلَاةِ بِقِيَاسٍ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ يَعْجِزُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ آثِمٌ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا عَلَى حَسَبِ طَاقَتِهِ وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَجَبُنَ عَنِ الْقَوْلِ فِي طَلَاقِ السَّكْرَانِ وَأَبَى أَنْ يُجِيبَ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ السَّكْرَانِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 207 وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ السَّكْرَانُ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْنُونِ لَا يَجُوزُ طَلَاقُهُ وَلَا عِتْقُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا نِكَاحُهُ وَلَا يُحَدُّ فِي قَذْفٍ وَلَا زِنًا وَلَا سَرِقَةٍ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ كُلُّ مَا جَاءَ مِنْ مَنْطِقِ السَّكْرَانِ فَهُوَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا بَيْعٌ وَلَا نِكَاحٌ وَلَا يُحَدُّ فِي الْقَذْفِ وَيُحَدُّ فِي الشُّرْبِ وَفِي كُلِّ مَا جَنَتْهُ يَدُهُ وَعَمِلَتْهُ جَوَارِحُهُ مِثْلَ الْقَتْلِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ اللَّيْثِ حَسَنٌ جِدًّا لِأَنَّ السَّكْرَانَ يَلْتَذُّ بِأَفْعَالِهِ وَيَشْفِي غَيْظَهُ وَتَقَعُ أفعاله قصدا إلى ما يقصده مِنْ لَذَّةٍ بِزِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قَتْلٍ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَعْقِلُ أَكْثَرَ مَا يَقُولُ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (لَا تقربوا الصلوة وأنتم سكرى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) النِّسَاءِ 43 فَإِذَا تَبَيَّنَ عَلَى الشَّارِبِ التَّخْلِيطُ الْبَيِّنُ بِالْمَنْطِقِ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ تَغَيَّرَ عَقْلُهُ وَصَحَّ سُكْرُهُ وَبِاللَّهِ التوفيق لا شَرِيكَ لَهُ عدد المشاهدات *: 782013 عدد مرات التنزيل *: 119299 حجم الخط : 10 12 14 16 18 20 22 24 26 28 30 32 * : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة - تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018 الكتب العلمية