مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلًا فِي إِمَارَةِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ
أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ كُلَّهُمْ جَمِيعًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غيرهم فأمر ابان بن عثمان بتلك الرقيق
فقسمت أَثْلَاثًا ثُمَّ أَسْهَمَ عَلَى أَيِّهِمْ يَخْرُجُ سَهْمُ الْمَيِّتِ فَيَعْتِقُونَ فَوَقَعَ السَّهْمُ عَلَى أَحَدِ
الْأَثْلَاثِ فَعَتَقَ الثُّلُثُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ السَّهْمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ سُنَّةً وَعَمَلًا بِالْمَدِينَةِ فَالسُّنَّةُ فِي ذَلِكَ رَوَاهَا
عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَحَدِيثُ عِمْرَانَ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ طُرُقًا وَهِيَ سُنَّةٌ انْفَرَدَ بِهَا أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَاحْتَاجَ فِيهَا
إِلَيْهِمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَغَيْرُهُمْ
رواها عن عمران بن حصين الحسن وبن سِيرِينَ وَأَبُو الْمُهَلَّبِ الْجِرْمِيُّ وَرَوَاهَا عَنِ
الْحَسَنِ عن عمران بن حصين جماعة مِنْهُمْ قَتَادَةُ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 321
وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ
وَرَوَاهَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَهِشَامُ بْنُ
حَسَّانَ وَيَحْيَى بْنُ عَتِيقٍ وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَرَوَى هَذَا الحديث يزيد التستري عن الحسن وبن سِيرِينَ جَمِيعًا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ
حُصَيْنٍ
وَرَوَاهُ أَيُّوبُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى كُلُّهُمْ سَمِعُوا مَكْحُولًا
يَقُولُ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ أَعْتَقَتِ امْرَأَةٌ وَفِي رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ اعتقت
امراته أَوْ رَجُلٌ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَيْسَ لَهَا مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَقْرَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ
اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً
وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ بِالْأَسَانِيدِ فِي (التَّمْهِيدِ) وَنَذْكُرُ هُنَا مِنْهَا طَرَفًا
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ
حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْحَسَنِ وبن سيرين عن
عمران بن حصين (أن رجلا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ فِي مَرَضِهِ فَأَقْرَعُ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً)
لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ غَيْرُ
وَاحِدٍ مِنَ الثِّقَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَعَنْ قَتَادَةَ وَحُمَيْدٍ
وَسِمَاكٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ (أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ
مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَقْرَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ
وَتَرَكَ أَرْبَعَةً فِي الرِّقِّ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 322
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ بَكْرٍ
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ
قَالَ حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ وَأَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ (أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ
فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً)
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرَّجُلِ يَعْتِقُ فِي مَرَضِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ عَبِيدًا لَهُ وَلَا
مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا بِهَذَا الْأَثَرِ الصَّحِيحِ وَذَهَبُوا إِلَيْهِ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ والحديث
ذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ
قُسِّمُوا أَثْلَاثًا ثُمَّ يُسْهَمُ بَيْنَهُمْ فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُمْ بِالسَّهْمِ وَيُرَقُّ مَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ فَضْلٌ
رُدَّ السَّهْمُ عَلَيْهِمْ فَأَعْتَقَ الْفَضْلُ وَسَوَاءٌ تَرَكَ مَالًا غَيْرَهُمْ أَوْ لَمْ يَتْرُكْ
قَالَ وَمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِنِصْفِهِمْ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَعْتِقَ
مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ
قَالَ وَمَنْ قَالَ ثُلُثُ رَقِيقِي حُرٌّ أُسْهِمَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ أَعْتَقَ كُلَّهُمْ أَسْهَمَ بَيْنَهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ
مَالٌ غَيْرُهُمْ
وَإِنْ قَالَ ثُلُثُ كُلِّ رَأْسٍ حُرٌّ وَنِصْفُهُ لَمْ يسهم بينهم
وقال بن الْقَاسِمِ كُلُّ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبِيدِهِ أَوْ بَتْلِ عِتْقِهِمْ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَدَعْ
غَيْرَهُمْ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِالسَّهْمِ ثُلُثَهُمْ
وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ مَالًا وَالثُّلُثُ لَا يَسَعُهُمْ لَأَعْتَقَ مَبْلَغَ الثُّلُثِ مِنْهُمْ بِالسَّهْمِ
وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ مِنْهُمْ جُزْءًا سَمَّاهُ أَوْ عَدَدًا سَمَّاهُ
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ راس منهم حر فَالسَّهْمُ يَعْتِقُ مِنْهُمْ مَنْ يَعْتِقُ إِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَخُمُسُهُمْ
وَإِنْ كَانُوا سِتَّةً فَسُدُسُهُمْ خَرَجَ لِذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرُ
وَقَالَ لَوْ قَالَ عُشْرَهُمْ وَهُمْ سِتُّونَ عَتَقَ سُدُسُهُمْ أَخْرَجَ السَّهْمُ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةٍ أَوْ أَقَلَّ
وهذا كُلُّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 323
وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي الَّذِي يُوصِي بِعِتْقِ عَبِيدِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ
غَيْرُهُمْ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَيَعْتِقُ ثُلُثَهُمْ بِالسَّهْمِ
وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ أَنَّ هَذَا حُكْمُ الَّذِي أَعْتَقَ عَبِيدَهُ فِي مَرَضِهِ عِتْقًا بَتْلًا
وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ
وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ إِنَّمَا الْقُرْعَةُ فِي الْوَصِيَّةِ وَأَمَّا الْبَتْلُ فَهُمْ كَالْمُدَبَّرِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُكْمُ الْمُدَبَّرِينَ عِنْدَهُمْ إِذَا دَبَّرَهُمْ سَيِّدُهُمْ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّهُ لَا يُبْدِي
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَيُقْضَى الثُّلُثُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بِالْقِيمَةِ فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا غَيْرَهُمْ عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ وَإِنْ دَبَّرَ
فِي مَرَضِهِ واحدا بعد واحد بدىء بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ كَمَا دَبَّرَهُمْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي
مَرَضِهِ ثُمَّ صَحَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَصْبَغَ خِلَافُ السُّنَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ وَخِلَافُ
أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ العراق ولم يرد السُّنَّةُ إِلَّا فِيمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ
عِتْقًا بَتْلًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ لَا فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ فَحَكَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْوَصَايَا فَأَرَقَّ ثُلُثَيْهِمْ وَأَعْتَقَ ثُلُثَهُمْ فَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ
بِالْحَدِيثِ فِي الْوَصِيَّةِ دُونَ الْعِتْقِ الْبَتْلِ فَيُخَالِفُهُمْ نَصُّهُ وَيَقُولُ بِمَعْنَاهُ
وَذَكَرَ بن حبيب عن بن القاسم وبن كنانة وبن الْمَاجِشُونَ وَمُطَرِّفٍ قَالُوا إِذَا عَتَقَ
الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ عَبِيدًا لَهُ عِتْقًا بَتْلًا أَوْ أَوْصَى لَهُمْ بِالْعَتَاقَةِ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ سَمَّاهُمْ
أَوْ لَمْ يُسَمِّهِمْ إِلَّا أَنَّ الثُّلُثَ لَا يَحْمِلُهُمْ أَنَّ السَّهْمَ يُجْزِئُ فِيهِمْ كَانَ لَهُ مَالٌ سواهم او
لم يكن
قال بن حبيب وقال بن نَافِعٍ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ لَمْ يُسْهِمْ بَيْنَهُمْ وَأَعْتَقَ مِنْ كُلِّ
وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ تَافِهٌ فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ عَبِيدًا لَهُ عِتْقَ بَتَاتٍ انْتُظِرَ بِهِمْ فَإِنْ صَحَّ
عَتَقُوا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ وَأَعْتَقَ ثُلُثُهُمْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحُجَّةُ فِي أَنَّ الْعِتْقَ الْبَتَاتَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَعَ بَيْنَ سِتَّةِ مَمْلُوكِينَ أَعْتَقَهُمُ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ وَأَنْزَلَ عِتْقَهُمْ
وَصِيَّةً فَأَعْتَقَ ثُلُثَهُمْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا لَهُ عِتْقَ بَتَاتٍ وَلَهُ مُدَبِّرُونَ وَعَبِيدٌ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 324
اوصى بعتقهم بعد موته بدىء بِالَّذِينِ بَتَّ عِتْقَهُمْ فِي مَرَضِهِ لِأَنَّهُمْ يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ إِنْ
صَحَّ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِمْ بِحَالٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْقُرْعَةُ أَنْ تُكْتَبَ رِقَاعٌ ثُمَّ يُكْتَبُ أَسْمَاءُ الْعَبِيدِ ثُمَّ يُبَنْدَقُ بَنَادِقُ مِنْ
طِينٍ ثُمَّ يُجْعَلُ فِي كُلِّ بُنْدُقَةٍ رُقْعَةٌ وَيُجْرَى الرَّقِيقُ أَثْلَاثًا ثُمَّ يُؤْمَرُ رَجُلٌ مِنْهُمْ لَمْ
يَحْضُرِ الرِّقَاعَ فَيُخْرِجُ رُقْعَةً عَلَى كُلِّ جُزْءٍ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوُوا فِي الْقِيمَةِ عُدِّلُوا وَضُمَّ
قَلِيلُ الثَّمَنِ إِلَى كَثِيرِ الثَّمَنِ وَجَعَلُوهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا إِلَّا أَنْ يَكُونُوا عَبْدَيْنِ
فَإِنْ وَقَعَ الْعِتْقُ عَلَى جُزْءٍ فِيهِ عِدَّةُ رَقِيقٍ أَقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ أُعِيدَتِ الرُّقْعَةُ بَيْنَ السَّهْمَيْنِ
الْبَاقِيَيْنِ فَأَيُّهُمْ وَقَعَ عَلَيْهِ أَعْتَقَ مِنْهُ بَاقِي الثُّلُثِ
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي هَذَا كُلِّهِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سواء
وذكر عبد الرزاق قال اخبرنا بن جريج قال اخبرني سليمان بن مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ
مَكْحُولًا يَقُولُ أَعْتَقَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَبِيدًا لَهَا سِتَّةً لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ غَيْرُهُمْ فَلَمَّا
بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ وَقَالَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا شَدِيدًا ثُمَّ دَعَا بِسِتَّةِ قِدَاحٍ
فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى كُنْتُ أُرَاجِعُ مَكْحُولًا فَأَقُولُ إِنْ كَانَ عَبْدٌ ثمن أَلْفُ دِينَارٍ
أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ ذَهَبَ الْمَالُ فَقَالَ قِفْ عِنْدَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال
بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِسُلَيْمَانَ الْأَمْرُ يَسْتَقِيمُ عَلَى مَا قَالَ مَكْحُولٌ قَالَ كَيْفَ قُلْتُ يُقَيَّمُونَ
قِيمَةً فَإِنْ زَادَ اللَّذَانِ أُعْتِقَا عَلَى الثُّلُثِ أُخِذَ مِنْهُمَا الثُّلُثُ وَإِنْ نَقَصَا عَتَقَ مَا بَقِيَ أَيْضًا
بِالْقُرْعَةِ فَإِنْ فَضَلَ عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْهُمْ
قَالَ ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَهُمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قد روي في حديث بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَهُمْ وَعَدَلَهُمْ بِالْقِيمَةِ وَلَا
يُمْكِنُ غَيْرُ ذَلِكَ فِي إِخْرَاجِ الثُّلُثِ
قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بن
ابي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامِ بْنِ
حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ ستة اعبد ولم
يكن له مال غيرهم فَأَعْتَقَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً
وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا معهم
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 325
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ عَتَقَ مِنْ كُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ وَسَعَوْا فِي الْبَاقِي
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَقَالَ أَبُو حنيفة حكم كل واحد منهم ما دام يَسْعَى حُكْمُ الْمُكَاتَبِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ هُمْ أَحْرَارٌ وَثُلْثَا قِيمَتِهِمْ دَيْنٌ عَلَيْهِمْ يَسْعَوْنَ فِي ذَلِكَ حَتَّى
يُؤَدُّوهُ إِلَى الْوَرَثَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَدَّ الْكُوفِيُّونَ السُّنَّةَ الْمَأْثُورَةَ فِي هَذَا الْبَابِ إِمَّا بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ أَوْ بِأَنْ
لَمْ تَصِحَّ عَنْهُمْ وَمِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ عَرْضُ أَخْبَارِ الْآحَادِ عَلَى الْأُصُولِ
الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا أَوِ الْمَشْهُورَةِ الْمُنْتَشِرَةِ
وَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ عَلَى مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْجَامِعِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَيْسَ
الْجَهْلُ بِالسُّنَّةِ وَلَا الْجَهْلُ بِصِحَّتِهَا عِلَّةٌ يَصِحُّ لِعَاقِلٍ الِاحْتِجَاجُ بِهَا وَقَدْ أَنْكَرَهَا قَبْلَهُمْ
شَيْخُهُمْ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ
وَرَوَى مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ أَنَّهُ سَمِعَ حَمَّادَ
بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي جَاءَ فِي الْقُرْعَةِ بَيْنَ الْأَعْبُدِ السِّتَّةِ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ
سَيِّدُهُمْ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ
قَالَ هَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ يَعْنِي إِبْلِيسَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ لَهُ وُضِعَ الْقَلَمُ عَنِ الْمَجْنُونِ
حَتَّى يُفِيقَ فَقَالَ لَهُ حَمَّادٌ مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ وَأَنْتَ مَا دَعَاكَ
إِلَى هَذَا قَالَ وَكَانَ حَمَّادُ رُبَّمَا صُرِعَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ بَنَى الْكُوفِيُّونَ مَذْهَبَهُمْ عَلَى أَنَّ الْعَبِيدَ الْمُعْتَقِينَ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي
مَرَضِ الْمَوْتِ قَدِ اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْعِتْقَ لَوْ كَانَ لِسَيِّدِهِمْ مَالٌ يُخْرَجُونَ مِنْ ثُلُثِهِ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَحَقَّ بِالْعِتْقِ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ عَتَقَ مَنْ كُلِّ
وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَسَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ لِقَوْلِهِمْ بِالسِّعَايَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي
مُعْسِرٍ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي مَا مَضَى مِنْ
هَذَا الْكِتَابِ
وَهَذَا عِنْدَنَا لَا يَجُوزُ أَنْ تُرَدَّ سُنَّةٌ بِمَعْنَى مَا فِي أُخْرَى إِذَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا بِوَجْهٍ مَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالصَّوَابُ لَا شَرِيكَ لَهُ
وَفِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ لِغَيْرِ الْوَالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ لِأَنَّ عِتْقَهُمْ فِي الْعَبِيدِ لِمَرَضِهِمْ وَصِيَّةٌ لَهُمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بِوَالِدَيْنِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 326
لِمَالِكِهِمُ الْمُعْتِقِ لَهُمْ وَلَا بِأَقْرَبِينَ لَهُ وَقَدْ قَالَ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَجُوزُ إِلَّا لِلْأَقْرَبِينَ غَيْرِ
الْوَارِثِينَ وَلَا تَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ وَلَا عِنْدَ عَدَمِهِمْ طَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ
وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الْوَصَايَا
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْمَرِيضِ كُلُّهَا مِنْ عِتْقٍ وَهِبَةٍ وَعَطِيَّةٍ كَالْوَصِيَّةِ لَا يَجُوزُ
فِيهَا أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ
وَقَدْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ قَوْمٌ زَعَمُوا أَنَّ أَفْعَالَ الْمَرِيضِ فِي رَأْسِ مَالِهِ كَأَفْعَالِ الصَّحِيحِ
وَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ كَالْوَصَايَا وَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْوَصَايَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَفِيهِ أَيْضًا إِبْطَالُ السعاية مع دليل حديث بن عُمَرَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ كُلَّهُمْ جَمِيعًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غيرهم فأمر ابان بن عثمان بتلك الرقيق
فقسمت أَثْلَاثًا ثُمَّ أَسْهَمَ عَلَى أَيِّهِمْ يَخْرُجُ سَهْمُ الْمَيِّتِ فَيَعْتِقُونَ فَوَقَعَ السَّهْمُ عَلَى أَحَدِ
الْأَثْلَاثِ فَعَتَقَ الثُّلُثُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ السَّهْمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ سُنَّةً وَعَمَلًا بِالْمَدِينَةِ فَالسُّنَّةُ فِي ذَلِكَ رَوَاهَا
عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَحَدِيثُ عِمْرَانَ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ طُرُقًا وَهِيَ سُنَّةٌ انْفَرَدَ بِهَا أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَاحْتَاجَ فِيهَا
إِلَيْهِمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَغَيْرُهُمْ
رواها عن عمران بن حصين الحسن وبن سِيرِينَ وَأَبُو الْمُهَلَّبِ الْجِرْمِيُّ وَرَوَاهَا عَنِ
الْحَسَنِ عن عمران بن حصين جماعة مِنْهُمْ قَتَادَةُ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 321
وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ
وَرَوَاهَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَهِشَامُ بْنُ
حَسَّانَ وَيَحْيَى بْنُ عَتِيقٍ وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ
وَرَوَى هَذَا الحديث يزيد التستري عن الحسن وبن سِيرِينَ جَمِيعًا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ
حُصَيْنٍ
وَرَوَاهُ أَيُّوبُ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى كُلُّهُمْ سَمِعُوا مَكْحُولًا
يَقُولُ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ أَعْتَقَتِ امْرَأَةٌ وَفِي رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ اعتقت
امراته أَوْ رَجُلٌ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَيْسَ لَهَا مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَقْرَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ
اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً
وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ بِالْأَسَانِيدِ فِي (التَّمْهِيدِ) وَنَذْكُرُ هُنَا مِنْهَا طَرَفًا
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ
حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْحَسَنِ وبن سيرين عن
عمران بن حصين (أن رجلا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ فِي مَرَضِهِ فَأَقْرَعُ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً)
لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ غَيْرُ
وَاحِدٍ مِنَ الثِّقَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَعَنْ قَتَادَةَ وَحُمَيْدٍ
وَسِمَاكٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ (أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ
مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَأَقْرَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ
وَتَرَكَ أَرْبَعَةً فِي الرِّقِّ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 322
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ بَكْرٍ
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ
قَالَ حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ وَأَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ (أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ
فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً)
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرَّجُلِ يَعْتِقُ فِي مَرَضِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ عَبِيدًا لَهُ وَلَا
مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا بِهَذَا الْأَثَرِ الصَّحِيحِ وَذَهَبُوا إِلَيْهِ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ والحديث
ذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ
قُسِّمُوا أَثْلَاثًا ثُمَّ يُسْهَمُ بَيْنَهُمْ فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُمْ بِالسَّهْمِ وَيُرَقُّ مَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ فَضْلٌ
رُدَّ السَّهْمُ عَلَيْهِمْ فَأَعْتَقَ الْفَضْلُ وَسَوَاءٌ تَرَكَ مَالًا غَيْرَهُمْ أَوْ لَمْ يَتْرُكْ
قَالَ وَمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِنِصْفِهِمْ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَعْتِقَ
مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ
قَالَ وَمَنْ قَالَ ثُلُثُ رَقِيقِي حُرٌّ أُسْهِمَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ أَعْتَقَ كُلَّهُمْ أَسْهَمَ بَيْنَهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ
مَالٌ غَيْرُهُمْ
وَإِنْ قَالَ ثُلُثُ كُلِّ رَأْسٍ حُرٌّ وَنِصْفُهُ لَمْ يسهم بينهم
وقال بن الْقَاسِمِ كُلُّ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبِيدِهِ أَوْ بَتْلِ عِتْقِهِمْ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَدَعْ
غَيْرَهُمْ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِالسَّهْمِ ثُلُثَهُمْ
وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ مَالًا وَالثُّلُثُ لَا يَسَعُهُمْ لَأَعْتَقَ مَبْلَغَ الثُّلُثِ مِنْهُمْ بِالسَّهْمِ
وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ مِنْهُمْ جُزْءًا سَمَّاهُ أَوْ عَدَدًا سَمَّاهُ
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ راس منهم حر فَالسَّهْمُ يَعْتِقُ مِنْهُمْ مَنْ يَعْتِقُ إِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَخُمُسُهُمْ
وَإِنْ كَانُوا سِتَّةً فَسُدُسُهُمْ خَرَجَ لِذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرُ
وَقَالَ لَوْ قَالَ عُشْرَهُمْ وَهُمْ سِتُّونَ عَتَقَ سُدُسُهُمْ أَخْرَجَ السَّهْمُ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةٍ أَوْ أَقَلَّ
وهذا كُلُّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 323
وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي الَّذِي يُوصِي بِعِتْقِ عَبِيدِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ
غَيْرُهُمْ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَيَعْتِقُ ثُلُثَهُمْ بِالسَّهْمِ
وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ أَنَّ هَذَا حُكْمُ الَّذِي أَعْتَقَ عَبِيدَهُ فِي مَرَضِهِ عِتْقًا بَتْلًا
وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ
وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ إِنَّمَا الْقُرْعَةُ فِي الْوَصِيَّةِ وَأَمَّا الْبَتْلُ فَهُمْ كَالْمُدَبَّرِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُكْمُ الْمُدَبَّرِينَ عِنْدَهُمْ إِذَا دَبَّرَهُمْ سَيِّدُهُمْ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّهُ لَا يُبْدِي
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَيُقْضَى الثُّلُثُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بِالْقِيمَةِ فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنَ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا غَيْرَهُمْ عَتَقَ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ وَإِنْ دَبَّرَ
فِي مَرَضِهِ واحدا بعد واحد بدىء بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ كَمَا دَبَّرَهُمْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي
مَرَضِهِ ثُمَّ صَحَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَصْبَغَ خِلَافُ السُّنَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ وَخِلَافُ
أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ العراق ولم يرد السُّنَّةُ إِلَّا فِيمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ
عِتْقًا بَتْلًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ لَا فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ فَحَكَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْوَصَايَا فَأَرَقَّ ثُلُثَيْهِمْ وَأَعْتَقَ ثُلُثَهُمْ فَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ
بِالْحَدِيثِ فِي الْوَصِيَّةِ دُونَ الْعِتْقِ الْبَتْلِ فَيُخَالِفُهُمْ نَصُّهُ وَيَقُولُ بِمَعْنَاهُ
وَذَكَرَ بن حبيب عن بن القاسم وبن كنانة وبن الْمَاجِشُونَ وَمُطَرِّفٍ قَالُوا إِذَا عَتَقَ
الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ عَبِيدًا لَهُ عِتْقًا بَتْلًا أَوْ أَوْصَى لَهُمْ بِالْعَتَاقَةِ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ سَمَّاهُمْ
أَوْ لَمْ يُسَمِّهِمْ إِلَّا أَنَّ الثُّلُثَ لَا يَحْمِلُهُمْ أَنَّ السَّهْمَ يُجْزِئُ فِيهِمْ كَانَ لَهُ مَالٌ سواهم او
لم يكن
قال بن حبيب وقال بن نَافِعٍ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ لَمْ يُسْهِمْ بَيْنَهُمْ وَأَعْتَقَ مِنْ كُلِّ
وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ تَافِهٌ فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ عَبِيدًا لَهُ عِتْقَ بَتَاتٍ انْتُظِرَ بِهِمْ فَإِنْ صَحَّ
عَتَقُوا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ وَأَعْتَقَ ثُلُثُهُمْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحُجَّةُ فِي أَنَّ الْعِتْقَ الْبَتَاتَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَعَ بَيْنَ سِتَّةِ مَمْلُوكِينَ أَعْتَقَهُمُ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ وَأَنْزَلَ عِتْقَهُمْ
وَصِيَّةً فَأَعْتَقَ ثُلُثَهُمْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا لَهُ عِتْقَ بَتَاتٍ وَلَهُ مُدَبِّرُونَ وَعَبِيدٌ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 324
اوصى بعتقهم بعد موته بدىء بِالَّذِينِ بَتَّ عِتْقَهُمْ فِي مَرَضِهِ لِأَنَّهُمْ يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ إِنْ
صَحَّ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِمْ بِحَالٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْقُرْعَةُ أَنْ تُكْتَبَ رِقَاعٌ ثُمَّ يُكْتَبُ أَسْمَاءُ الْعَبِيدِ ثُمَّ يُبَنْدَقُ بَنَادِقُ مِنْ
طِينٍ ثُمَّ يُجْعَلُ فِي كُلِّ بُنْدُقَةٍ رُقْعَةٌ وَيُجْرَى الرَّقِيقُ أَثْلَاثًا ثُمَّ يُؤْمَرُ رَجُلٌ مِنْهُمْ لَمْ
يَحْضُرِ الرِّقَاعَ فَيُخْرِجُ رُقْعَةً عَلَى كُلِّ جُزْءٍ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوُوا فِي الْقِيمَةِ عُدِّلُوا وَضُمَّ
قَلِيلُ الثَّمَنِ إِلَى كَثِيرِ الثَّمَنِ وَجَعَلُوهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا إِلَّا أَنْ يَكُونُوا عَبْدَيْنِ
فَإِنْ وَقَعَ الْعِتْقُ عَلَى جُزْءٍ فِيهِ عِدَّةُ رَقِيقٍ أَقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ أُعِيدَتِ الرُّقْعَةُ بَيْنَ السَّهْمَيْنِ
الْبَاقِيَيْنِ فَأَيُّهُمْ وَقَعَ عَلَيْهِ أَعْتَقَ مِنْهُ بَاقِي الثُّلُثِ
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي هَذَا كُلِّهِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سواء
وذكر عبد الرزاق قال اخبرنا بن جريج قال اخبرني سليمان بن مُوسَى قَالَ سَمِعْتُ
مَكْحُولًا يَقُولُ أَعْتَقَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَبِيدًا لَهَا سِتَّةً لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ غَيْرُهُمْ فَلَمَّا
بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ وَقَالَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا شَدِيدًا ثُمَّ دَعَا بِسِتَّةِ قِدَاحٍ
فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى كُنْتُ أُرَاجِعُ مَكْحُولًا فَأَقُولُ إِنْ كَانَ عَبْدٌ ثمن أَلْفُ دِينَارٍ
أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ ذَهَبَ الْمَالُ فَقَالَ قِفْ عِنْدَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال
بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِسُلَيْمَانَ الْأَمْرُ يَسْتَقِيمُ عَلَى مَا قَالَ مَكْحُولٌ قَالَ كَيْفَ قُلْتُ يُقَيَّمُونَ
قِيمَةً فَإِنْ زَادَ اللَّذَانِ أُعْتِقَا عَلَى الثُّلُثِ أُخِذَ مِنْهُمَا الثُّلُثُ وَإِنْ نَقَصَا عَتَقَ مَا بَقِيَ أَيْضًا
بِالْقُرْعَةِ فَإِنْ فَضَلَ عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْهُمْ
قَالَ ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَهُمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قد روي في حديث بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَهُمْ وَعَدَلَهُمْ بِالْقِيمَةِ وَلَا
يُمْكِنُ غَيْرُ ذَلِكَ فِي إِخْرَاجِ الثُّلُثِ
قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بن
ابي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامِ بْنِ
حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لَهُ ستة اعبد ولم
يكن له مال غيرهم فَأَعْتَقَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً
وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا معهم
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 325
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ عَتَقَ مِنْ كُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ وَسَعَوْا فِي الْبَاقِي
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَقَالَ أَبُو حنيفة حكم كل واحد منهم ما دام يَسْعَى حُكْمُ الْمُكَاتَبِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ هُمْ أَحْرَارٌ وَثُلْثَا قِيمَتِهِمْ دَيْنٌ عَلَيْهِمْ يَسْعَوْنَ فِي ذَلِكَ حَتَّى
يُؤَدُّوهُ إِلَى الْوَرَثَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَدَّ الْكُوفِيُّونَ السُّنَّةَ الْمَأْثُورَةَ فِي هَذَا الْبَابِ إِمَّا بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ أَوْ بِأَنْ
لَمْ تَصِحَّ عَنْهُمْ وَمِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ عَرْضُ أَخْبَارِ الْآحَادِ عَلَى الْأُصُولِ
الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا أَوِ الْمَشْهُورَةِ الْمُنْتَشِرَةِ
وَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ عَلَى مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمْ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْجَامِعِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَيْسَ
الْجَهْلُ بِالسُّنَّةِ وَلَا الْجَهْلُ بِصِحَّتِهَا عِلَّةٌ يَصِحُّ لِعَاقِلٍ الِاحْتِجَاجُ بِهَا وَقَدْ أَنْكَرَهَا قَبْلَهُمْ
شَيْخُهُمْ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ
وَرَوَى مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ أَنَّهُ سَمِعَ حَمَّادَ
بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي جَاءَ فِي الْقُرْعَةِ بَيْنَ الْأَعْبُدِ السِّتَّةِ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ
سَيِّدُهُمْ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ
قَالَ هَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ يَعْنِي إِبْلِيسَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ لَهُ وُضِعَ الْقَلَمُ عَنِ الْمَجْنُونِ
حَتَّى يُفِيقَ فَقَالَ لَهُ حَمَّادٌ مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ وَأَنْتَ مَا دَعَاكَ
إِلَى هَذَا قَالَ وَكَانَ حَمَّادُ رُبَّمَا صُرِعَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ بَنَى الْكُوفِيُّونَ مَذْهَبَهُمْ عَلَى أَنَّ الْعَبِيدَ الْمُعْتَقِينَ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي
مَرَضِ الْمَوْتِ قَدِ اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْعِتْقَ لَوْ كَانَ لِسَيِّدِهِمْ مَالٌ يُخْرَجُونَ مِنْ ثُلُثِهِ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَحَقَّ بِالْعِتْقِ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ عَتَقَ مَنْ كُلِّ
وَاحِدٍ ثُلُثُهُ وَسَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ لِقَوْلِهِمْ بِالسِّعَايَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي
مُعْسِرٍ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي مَا مَضَى مِنْ
هَذَا الْكِتَابِ
وَهَذَا عِنْدَنَا لَا يَجُوزُ أَنْ تُرَدَّ سُنَّةٌ بِمَعْنَى مَا فِي أُخْرَى إِذَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا بِوَجْهٍ مَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَالصَّوَابُ لَا شَرِيكَ لَهُ
وَفِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ لِغَيْرِ الْوَالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ لِأَنَّ عِتْقَهُمْ فِي الْعَبِيدِ لِمَرَضِهِمْ وَصِيَّةٌ لَهُمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بِوَالِدَيْنِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 326
لِمَالِكِهِمُ الْمُعْتِقِ لَهُمْ وَلَا بِأَقْرَبِينَ لَهُ وَقَدْ قَالَ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَجُوزُ إِلَّا لِلْأَقْرَبِينَ غَيْرِ
الْوَارِثِينَ وَلَا تَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ وَلَا عِنْدَ عَدَمِهِمْ طَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ
وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الْوَصَايَا
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْمَرِيضِ كُلُّهَا مِنْ عِتْقٍ وَهِبَةٍ وَعَطِيَّةٍ كَالْوَصِيَّةِ لَا يَجُوزُ
فِيهَا أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ
وَقَدْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ قَوْمٌ زَعَمُوا أَنَّ أَفْعَالَ الْمَرِيضِ فِي رَأْسِ مَالِهِ كَأَفْعَالِ الصَّحِيحِ
وَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ كَالْوَصَايَا وَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْوَصَايَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَفِيهِ أَيْضًا إِبْطَالُ السعاية مع دليل حديث بن عُمَرَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ
عدد المشاهدات *:
623170
623170
عدد مرات التنزيل *:
108676
108676
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018