قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْمُدَبَّرِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَبِيعُهُ وَلَا
يُحَوِّلْهُ عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ وَأَنَّهُ إِنْ رَهَقَ سَيِّدَهُ دَيْنٌ فَإِنَّ غُرَمَاءَهُ لَا يَقْدِرُونَ
عَلَى بَيْعِهِ مَا عَاشَ سَيِّدُهُ فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي ثُلُثِهِ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى
عَلَيْهِ عَمَلَهُ مَا عَاشَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْدِمَهُ حَيَاتَهُ ثُمَّ يُعْتِقَهُ عَلَى وَرَثَتِهِ إِذَا مَاتَ مِنْ
رَأْسِ مَالِهِ
قَالَ ابو عمر روي عن بن عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُبَاعُ
وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ المسيب والزهري وبن سِيرِينَ
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الْحَجَّاجِ
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَا الْمُدَبَّرَةُ لَا
تُبَاعُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صالح وبن ابي ليلى وبن
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 447
شُبْرُمَةَ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ فِي دَيْنٍ وَلَا فِي غَيْرِ دَيْنٍ فِي الحياة ولا
بعد الممات وان بَاعَهُ سَيِّدُهُ فِي حَيَاتِهِ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَعْتِقْهُ فَإِنْ
مَاتَ سَيِّدُهُ خَرَجَ حُرًّا مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ أَعْتَقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَيَسْعَى
فِي بَاقِي قِيمَتِهَا لِلْوَرَثَةِ إِنْ لَمْ يُجِيزُوا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
وَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ وَأَعْتَقَهُ المشتري فالعتق جائز وينتقض
التَّدْبِيرُ
وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ وَأَعْتَقَهُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ وَلَا شَيْءَ لَهُ
عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فوطئها وحملت منه صارت ام ولد وبطل التَّدْبِيرُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ إِلَّا نفسه أَوْ مِنْ رَجُلٍ يُعَجِّلُ عِتْقَهُ وَوَلَاؤُهُ لِمَنِ
اشْتَرَاهُ مَا دَامَ الْأَوَّلُ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى رَجَعَ الْوَلَاءُ إِلَى وَرَثَتِهِ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَكْرَهُ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ بَاعَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي جَازَ عِتْقُهُ وَوَلَاؤُهُ
لِمَنْ أَعْتَقَهُ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَالشَّافِعِيُّ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ كَانَ لِصَاحِبِهِ مَالٌ غَيْرُهُ أَوْ لَمْ
يَكُنْ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَاحْتَاجَ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَاعَ مُدَبَّرًا
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا مَالَ لِصَاحِبِهِ غَيْرُهُ وَقَدْ يَكُونُ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِقُوتِهِ
وَكَسْبِهِ وَلِوُجُوهٍ غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ حَلَّ لَهُ بَيْعُ شَيْءٍ فِي الْحَاجَةِ حَلَّ لَهُ فِي غِنَاهُ وَالْمُدَبَّرُ
وَصِيَّةٌ
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ سَمِعَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ دَبَّرَ رَجُلٌ مِنَّا غُلَامًا لَهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ
فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ يَشْتَرِيهِ) فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ
قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ عَبْدٌ قِبْطِيٌّ مَاتَ عَامَ أَوَّلَ وَفِي امارة بن الزُّبَيْرِ يُقَالُ
لَهُ يَعْفُورُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 448
قَالَ وَبَاعَتْ عَائِشَةُ مُدَبَّرَةً لَهَا سَحَرَتْهَا
قَالَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ الْمُدَبَّرُ وَصِيَّةٌ يَرْجِعُ فِيهِ صَاحِبُهُ إِنْ شَاءَ
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ
بَاعَتْ عَائِشَةُ جَارِيَةً لَهَا كَانَتْ دَبَّرَتْهَا سَحَرَتْهَا وَأَمَرَتْ أَنْ يُجْعَلَ ثمنها في مثلها
وعن بن عيينة عن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الْمُدَبَّرُ وَصِيَّةٌ يَرْجِعُ فِيهَا صَاحِبُهَا
مَتَّى شَاءَ
قَالَ أَبُو عمر يقول الشافعي في بيع المدبر بقول أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ
وَهُوَ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَطَاءٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إِلَّا أَنْ يَحْتَاجَ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عُتِقَ ثُلُثُهُ وَكَانَ ثُلُثَاهُ لِوَرَثَتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وقد تقدم من قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ أَنَّ ثُلُثَهُ حُرٌّ وَيَسْعَى فِي
قِيمَةِ ثُلُثَيْهِ لِلْوَرَثَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا بَالِغِينَ لَا يُجِيزُوا وَالصَّوَابُ مَا قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ
لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الثُّلُثِ فِي قَوْلِهِمْ وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ إِلَّا مَنْ شَذَّ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ مَالٌ
سِوَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِ وَقَدْ مَلَّكَ اللَّهُ الْوَرَثَةَ ثُلُثَيْهِ بِالْمِيرَاثِ فَكَيْفَ يُحَالُ بَيْنَهُمْ
وَبَيْنَ مَا مَلَّكَهُمُ اللَّهُ إِيَّاهُ بِغَيْرِ طِيبٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ وَيُحَالُونَ عَلَى سَعْيٍ لَا يُرِيدُونَهُ
وَلَا يَدْرُونَ مَا يَحْصُلُونَ عَلَيْهِ مِنْهُ
قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِالْمُدَبَّرِ بِيعَ فِي دَيْنِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْتَقُ
فِي الثُّلُثِ
قَالَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَا يُحِيطُ إِلَّا بِنِصْفِ الْعَبْدِ بِيعَ نَصِفُهُ لِلدَّيْنِ ثُمَّ عَتَقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ
بَعْدَ الدَّيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهُ قَوْلِهِ وَمَعْنَاهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الثُّلُثِ
وَكُلَّ مَا كَانَ فِي الثُّلُثِ فَهُوَ يَجْرِي مَجْرَى الْوَصَايَا
وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ الميراث وان
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 449
الْوَصِيَّةَ لَا يُتَعَدَّى بِهَا الثُّلُثُ فَلِهَذَا قَالَ ان المدبر يباع كُلَّهُ فِي الدَّيْنِ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ
يُحِيطُ بِهِ أَوْ يُبَاعُ بَعْضُهُ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ فِي الْمِيرَاثِ تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي
ثُلُثِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ
وَمِنْ أَصْلِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ عِتْقٌ وَلَا تَدْبِيرٌ وَيُرَدُّ عِتْقُهُ وَتَدْبِيرُهُ لِأَنَّ
الدَّيْنَ أَدَاؤُهُ فَرْضٌ وَالْعِتْقَ تَطَوُّعٌ
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ يَقُولُونَ إِذَا
كَانَ الدَّيْنُ عَلَى سَيِّدِ الْمُدَبَّرِ مِثْلَ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ سَعَى فِي قِيمَتِهِ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ
فِي الدَّيْنِ
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَمَّا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ فِي الْحَيَاةِ مِنْ أَجْلِ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا
بِالْمَوْتِ كَانَ أَوْلَى أَلَّا يُبَاعَ فِي الْحَالِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ فِيهَا الْحُرِّيَّةَ وَهِيَ مَوْتُ سَيِّدِهِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَالْمُدَبَّرُ عِنْدَهُ وَصِيَّةٌ يَبِيعُهُ سَيِّدُهُ فِي حَيَاتِهِ إِنْ شَاءَ وَبَيْعُهُ لَهُ رُجُوعٌ فِيهِ
كَمَا يَرْجِعُ فِي وَصِيَّتِهِ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ كَمَا يُبَاعُ فِي غَيْرِ الْمُدَبَّرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ عِتْقًا بَتْلًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ
يُحِيطُ بِثَمَنِهِ بِيعَ فِي الدَّيْنِ وَلَمْ يُنَفَّذْ عِتْقُهُ
وهو قول مالك وبن أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَدَاوُدُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُنَفَّذُ عِتْقُهُ وَيَسْعَى فِي قيمته
وهو قول الثوري وبن شُبْرُمَةَ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ وَسَوَّارٍ وَهُوَ قَوْلُ
إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ هَذَا الْقَوْلِ فِي مَا تَقَدَّمَ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ
قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُدَبَّرُ
نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ أَوْ يُعْطِيَ أَحَدٌ سَيِّدَ الْمُدَبَّرِ مَالًا وَيُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ
الَّذِي دَبَّرَهُ فَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا
قَالَ مَالِكٌ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يَشْتَرِي الْمُدَبَّرُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ يُعْتِقُهُ
عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ وَعَلَى غَيْرِ مَالٍ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 450
وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ يُعْطِيَ أَحَدٌ سَيِّدَهُ مَالًا فَيُعْتِقُهُ فَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَحَدٍ مَالًا لِيُعْتِقَ
مُدَبَّرَةُ وَيَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ)
قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إِذْ لَا يُدْرَى كَمْ يَعِيشُ سَيِّدُهُ فَذَلِكَ
غَرَرٌ لَا يَصْلُحُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَيْضًا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ كَمَا أَنَّهُ
لَا خِلَافَ ان السيد المدبر يواجره أَيَّامًا مَعْلُومَةً أَوْ مُدَّةً يَجُوزُ فِي مِثْلِهَا اسْتِئْجَارُ
الْحُرِّ وَالْعَبْدِ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيُدَبِّرُ أَحَدَهُمَا حِصَّتَهُ أَنَّهُمَا يَتَقَاوَمَانِهِ فَإِنِ
اشْتَرَاهُ الَّذِي دَبَّرَهُ كَانَ مُدَبَّرًا كُلُّهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ انْتَقَضَ تَدْبِيرُهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الَّذِي
بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ أَنْ يُعْطِيَهُ شَرِيكُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ بِقِيمَتِهِ لَزِمَهُ
ذَلِكَ وَكَانَ مُدَبَّرًا كُلُّهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لَا بَأْسَ عِنْدَهُ أَنْ
يُدَبِّرَ الرَّجُلُ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَمَا لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ وَالْمُدَبَّرُ عِنْدَهُ
وَالْعَبْدُ غَيْرُ الْمُدَبَّرِ سَوَاءٌ وَيَبْقَى نَصِيبُ الَّذِي دَبَّرَ مُدَبَّرًا وَنَصِيبُ الَّذِي لَمْ يُدَبِّرْ عَلَى
حَالِهِ فَإِنْ مَاتَ الَّذِي دبر نصفه اعتق نِصْفَهُ وَلَمْ يُقَوَّمَ النِّصْفُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ
صَارَ إِلَى الْوَرَثَةِ
وَقَدْ أَلْزَمَ الشَّافِعِيُّ مَالِكًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ وَزَعَمَ أَنَّهُ قَدْ نَقَضَ فِيهَا قَوْلَهُ
(لَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ بِإِجَازَتِهِ الْمُقَاوَمَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِذَا وَقَعَ فِي مِلْكِ الَّذِي لَمْ يُدَبِّرِ انْتَقَضَ
التَّدْبِيرُ وَصَارَ بَيْعًا لِمَا كَانَ دَبَّرَ مِنْهُ)
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَقُولُ إِذَا دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ حِصَّتَهُ فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ فِي ذَلِكَ
خَمْسَ خِيَارَاتٍ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي قِيمَةِ الْحِصَّةِ الَّتِي
لَهُ فِيهَا وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا عَلَى شَرِيكِهِ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا
وَقَالَ فِي الْمُوسِرِ إِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَى
الْعَبْدُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْعِتْقِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي مُدَبَّرٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا إِذَا كَانَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 451
الْمُعْتِقُ مُوسِرًا فَشَرِيكُهُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا
وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ
وَقَالَ مَالِكٌ يُقَوَّمُ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ قِيمَةَ عَبْدٍ وَيَنْفَسِخُ التَّدْبِيرُ
وَقَالَ اللَّيْثُ لَا يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ وَنُصِيبُ الْآخَرِ عَلَى مِلْكِهِ يَخْدِمُ الْمُدَبَّرُ لِلشَّرِيكِ يَوْمًا
وَلِنَفْسِهِ يَوْمًا وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَرِثَهُ الَّذِي له في الرِّقُّ
وَقَالَ اللَّيْثُ فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا قَالَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَيَدْفَعُ إِلَى صَاحِبِهِ
نِصْفَ قِيمَتِهِ وَيَكُونُ مُدَبَّرًا كُلَّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سَعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ حَتَّى
يُؤَدِّيَهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَإِذَا أَدَّاهَا رَجَعَ إِلَى الَّذِي دَبَّرَ نِصْفَهُ فَكَانَ مُدَبَّرًا كُلُّهُ فَإِنْ مَاتَ
الْعَبْدُ فِي حَالِ سِعَايَتِهِ وَتَرَكَ مَالًا دَفَعَ إِلَى الَّذِي دَبَّرَ نِصْفَهُ فَكَانَ الَّذِي لَمْ يُدَبِّرْ مَا
بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ ثُمَّ كَانَ مَا بَقِيَ لِلَّذِي دَبَّرَهُ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَأَعْتَقَ الْآخَرُ
فَقَالَ مَالِكٌ يُقَوَّمُ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ كَانَ الَّذِي أَعْتَقَ مُوسِرًا فَالْعَبْدُ حُرٌّ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِلَّذِي
دَبَّرَهُ وَلَهُ وَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَنَصِيبُهُ منه حر ونصيب شريكه مدبر
وقال بن أَبِي لَيْلَى إِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا سَعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ الَّذِي دَبَّرَ
وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُعْتِقِ يَتْبَعُهُ بِهِ دَيْنًا وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ نِصْفَ
الْقِيمَةِ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ وَأُعْتِقَ كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتِقِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ شَاءَ الَّذِي دَبَّرَ ضِمْنَ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ وَإِنْ
شَاءَ أَعْتَقَ
هَذَا إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا اسْتَسْعَى الْعَبْدُ إِنْ شَاءَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ
وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا دَبَّرَ ثُمَّ أَعْتَقَ شَرِيكُهُ كَانَ عِتْقُهُ بَاطِلًا وَضَمِنَ الَّذِي دَبَّرَ
نِصْفَ قِيمَتِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا كَانَ مُدَبَّرًا كُلُّهُ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 452
قَالَ مَالِكٌ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَيُخَارَجُ عَلَى سَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ وَلَا يُبَاعُ عَلَيْهِ حَتَّى
يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ فَإِنْ هَلَكَ النَّصْرَانِيُّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قُضِيَ دَيْنُهُ مِنْ ثَمَنِ الْمُدَبَّرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
فِي مَالِهِ مَا يَحْمِلُ الدَّيْنَ فَيَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا كَقَوْلِ مَالِكٍ
وَالْآخَرُ يُبَاعُ عَلَيْهِ سَاعَةَ أَسْلَمَ
وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ وَصِيَّةٌ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ مُسْلِمٍ فِي مِلْكِ مُشْرِكٍ يُذِلُّهُ وَقَدْ
صَارَ بِالْإِسْلَامِ عَدُوًّا لَهُ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُبَاعُ عَلَى النَّصْرَانِيِّ مِنْ مُسْلِمٍ يُعْتِقُهُ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلَّذِي اشْتَرَاهُ
وَأَعْتَقَهُ وَيُدْفَعُ إِلَى النَّصْرَانِيِّ ثَمَنُهُ
وَقَالَ سُفْيَانُ وَالْكُوفِيُّونَ إِذَا أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ قُوِّمَ قِيمَتُهُ فَسَعَى فِي قِيمَتِهِ فَإِنْ مَاتَ
النَّصْرَانِيُّ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْمُدَبَّرُ مِنْ سِعَايَتِهِ عَتَقَ الْعَبْدُ وَبَطَلَتِ السِّعَايَةُ
يُحَوِّلْهُ عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ وَأَنَّهُ إِنْ رَهَقَ سَيِّدَهُ دَيْنٌ فَإِنَّ غُرَمَاءَهُ لَا يَقْدِرُونَ
عَلَى بَيْعِهِ مَا عَاشَ سَيِّدُهُ فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي ثُلُثِهِ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى
عَلَيْهِ عَمَلَهُ مَا عَاشَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْدِمَهُ حَيَاتَهُ ثُمَّ يُعْتِقَهُ عَلَى وَرَثَتِهِ إِذَا مَاتَ مِنْ
رَأْسِ مَالِهِ
قَالَ ابو عمر روي عن بن عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُبَاعُ
وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ المسيب والزهري وبن سِيرِينَ
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الْحَجَّاجِ
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَا الْمُدَبَّرَةُ لَا
تُبَاعُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صالح وبن ابي ليلى وبن
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 447
شُبْرُمَةَ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ فِي دَيْنٍ وَلَا فِي غَيْرِ دَيْنٍ فِي الحياة ولا
بعد الممات وان بَاعَهُ سَيِّدُهُ فِي حَيَاتِهِ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَعْتِقْهُ فَإِنْ
مَاتَ سَيِّدُهُ خَرَجَ حُرًّا مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ أَعْتَقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَيَسْعَى
فِي بَاقِي قِيمَتِهَا لِلْوَرَثَةِ إِنْ لَمْ يُجِيزُوا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
وَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ وَأَعْتَقَهُ المشتري فالعتق جائز وينتقض
التَّدْبِيرُ
وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ وَأَعْتَقَهُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ وَلَا شَيْءَ لَهُ
عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فوطئها وحملت منه صارت ام ولد وبطل التَّدْبِيرُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ إِلَّا نفسه أَوْ مِنْ رَجُلٍ يُعَجِّلُ عِتْقَهُ وَوَلَاؤُهُ لِمَنِ
اشْتَرَاهُ مَا دَامَ الْأَوَّلُ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى رَجَعَ الْوَلَاءُ إِلَى وَرَثَتِهِ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَكْرَهُ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ بَاعَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي جَازَ عِتْقُهُ وَوَلَاؤُهُ
لِمَنْ أَعْتَقَهُ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَالشَّافِعِيُّ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ كَانَ لِصَاحِبِهِ مَالٌ غَيْرُهُ أَوْ لَمْ
يَكُنْ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَاحْتَاجَ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَاعَ مُدَبَّرًا
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا مَالَ لِصَاحِبِهِ غَيْرُهُ وَقَدْ يَكُونُ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِقُوتِهِ
وَكَسْبِهِ وَلِوُجُوهٍ غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ حَلَّ لَهُ بَيْعُ شَيْءٍ فِي الْحَاجَةِ حَلَّ لَهُ فِي غِنَاهُ وَالْمُدَبَّرُ
وَصِيَّةٌ
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَنْ أَبِي
الزُّبَيْرِ سَمِعَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ دَبَّرَ رَجُلٌ مِنَّا غُلَامًا لَهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ
فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ يَشْتَرِيهِ) فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ
قَالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ عَبْدٌ قِبْطِيٌّ مَاتَ عَامَ أَوَّلَ وَفِي امارة بن الزُّبَيْرِ يُقَالُ
لَهُ يَعْفُورُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 448
قَالَ وَبَاعَتْ عَائِشَةُ مُدَبَّرَةً لَهَا سَحَرَتْهَا
قَالَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ الْمُدَبَّرُ وَصِيَّةٌ يَرْجِعُ فِيهِ صَاحِبُهُ إِنْ شَاءَ
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ
بَاعَتْ عَائِشَةُ جَارِيَةً لَهَا كَانَتْ دَبَّرَتْهَا سَحَرَتْهَا وَأَمَرَتْ أَنْ يُجْعَلَ ثمنها في مثلها
وعن بن عيينة عن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الْمُدَبَّرُ وَصِيَّةٌ يَرْجِعُ فِيهَا صَاحِبُهَا
مَتَّى شَاءَ
قَالَ أَبُو عمر يقول الشافعي في بيع المدبر بقول أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ
وَهُوَ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَطَاءٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ إِلَّا أَنْ يَحْتَاجَ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عُتِقَ ثُلُثُهُ وَكَانَ ثُلُثَاهُ لِوَرَثَتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وقد تقدم من قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ أَنَّ ثُلُثَهُ حُرٌّ وَيَسْعَى فِي
قِيمَةِ ثُلُثَيْهِ لِلْوَرَثَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا بَالِغِينَ لَا يُجِيزُوا وَالصَّوَابُ مَا قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ
لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الثُّلُثِ فِي قَوْلِهِمْ وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ إِلَّا مَنْ شَذَّ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ مَالٌ
سِوَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِ وَقَدْ مَلَّكَ اللَّهُ الْوَرَثَةَ ثُلُثَيْهِ بِالْمِيرَاثِ فَكَيْفَ يُحَالُ بَيْنَهُمْ
وَبَيْنَ مَا مَلَّكَهُمُ اللَّهُ إِيَّاهُ بِغَيْرِ طِيبٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ وَيُحَالُونَ عَلَى سَعْيٍ لَا يُرِيدُونَهُ
وَلَا يَدْرُونَ مَا يَحْصُلُونَ عَلَيْهِ مِنْهُ
قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِالْمُدَبَّرِ بِيعَ فِي دَيْنِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْتَقُ
فِي الثُّلُثِ
قَالَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَا يُحِيطُ إِلَّا بِنِصْفِ الْعَبْدِ بِيعَ نَصِفُهُ لِلدَّيْنِ ثُمَّ عَتَقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ
بَعْدَ الدَّيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهُ قَوْلِهِ وَمَعْنَاهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الثُّلُثِ
وَكُلَّ مَا كَانَ فِي الثُّلُثِ فَهُوَ يَجْرِي مَجْرَى الْوَصَايَا
وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ الميراث وان
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 449
الْوَصِيَّةَ لَا يُتَعَدَّى بِهَا الثُّلُثُ فَلِهَذَا قَالَ ان المدبر يباع كُلَّهُ فِي الدَّيْنِ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ
يُحِيطُ بِهِ أَوْ يُبَاعُ بَعْضُهُ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ فِي الْمِيرَاثِ تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِي
ثُلُثِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ
وَمِنْ أَصْلِهِ أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ عِتْقٌ وَلَا تَدْبِيرٌ وَيُرَدُّ عِتْقُهُ وَتَدْبِيرُهُ لِأَنَّ
الدَّيْنَ أَدَاؤُهُ فَرْضٌ وَالْعِتْقَ تَطَوُّعٌ
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ يَقُولُونَ إِذَا
كَانَ الدَّيْنُ عَلَى سَيِّدِ الْمُدَبَّرِ مِثْلَ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ سَعَى فِي قِيمَتِهِ وَلَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ
فِي الدَّيْنِ
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَمَّا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ فِي الْحَيَاةِ مِنْ أَجْلِ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا
بِالْمَوْتِ كَانَ أَوْلَى أَلَّا يُبَاعَ فِي الْحَالِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ فِيهَا الْحُرِّيَّةَ وَهِيَ مَوْتُ سَيِّدِهِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَالْمُدَبَّرُ عِنْدَهُ وَصِيَّةٌ يَبِيعُهُ سَيِّدُهُ فِي حَيَاتِهِ إِنْ شَاءَ وَبَيْعُهُ لَهُ رُجُوعٌ فِيهِ
كَمَا يَرْجِعُ فِي وَصِيَّتِهِ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ كَمَا يُبَاعُ فِي غَيْرِ الْمُدَبَّرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ عِتْقًا بَتْلًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ
يُحِيطُ بِثَمَنِهِ بِيعَ فِي الدَّيْنِ وَلَمْ يُنَفَّذْ عِتْقُهُ
وهو قول مالك وبن أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَدَاوُدُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُنَفَّذُ عِتْقُهُ وَيَسْعَى فِي قيمته
وهو قول الثوري وبن شُبْرُمَةَ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ وَسَوَّارٍ وَهُوَ قَوْلُ
إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ هَذَا الْقَوْلِ فِي مَا تَقَدَّمَ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ
قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُدَبَّرُ
نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ أَوْ يُعْطِيَ أَحَدٌ سَيِّدَ الْمُدَبَّرِ مَالًا وَيُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ
الَّذِي دَبَّرَهُ فَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا
قَالَ مَالِكٌ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يَشْتَرِي الْمُدَبَّرُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ يُعْتِقُهُ
عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ وَعَلَى غَيْرِ مَالٍ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 450
وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ يُعْطِيَ أَحَدٌ سَيِّدَهُ مَالًا فَيُعْتِقُهُ فَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَحَدٍ مَالًا لِيُعْتِقَ
مُدَبَّرَةُ وَيَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ)
قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إِذْ لَا يُدْرَى كَمْ يَعِيشُ سَيِّدُهُ فَذَلِكَ
غَرَرٌ لَا يَصْلُحُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَيْضًا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بُيُوعِ الْغَرَرِ كَمَا أَنَّهُ
لَا خِلَافَ ان السيد المدبر يواجره أَيَّامًا مَعْلُومَةً أَوْ مُدَّةً يَجُوزُ فِي مِثْلِهَا اسْتِئْجَارُ
الْحُرِّ وَالْعَبْدِ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيُدَبِّرُ أَحَدَهُمَا حِصَّتَهُ أَنَّهُمَا يَتَقَاوَمَانِهِ فَإِنِ
اشْتَرَاهُ الَّذِي دَبَّرَهُ كَانَ مُدَبَّرًا كُلُّهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ انْتَقَضَ تَدْبِيرُهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الَّذِي
بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ أَنْ يُعْطِيَهُ شَرِيكُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ بِقِيمَتِهِ لَزِمَهُ
ذَلِكَ وَكَانَ مُدَبَّرًا كُلُّهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لَا بَأْسَ عِنْدَهُ أَنْ
يُدَبِّرَ الرَّجُلُ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَمَا لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ وَالْمُدَبَّرُ عِنْدَهُ
وَالْعَبْدُ غَيْرُ الْمُدَبَّرِ سَوَاءٌ وَيَبْقَى نَصِيبُ الَّذِي دَبَّرَ مُدَبَّرًا وَنَصِيبُ الَّذِي لَمْ يُدَبِّرْ عَلَى
حَالِهِ فَإِنْ مَاتَ الَّذِي دبر نصفه اعتق نِصْفَهُ وَلَمْ يُقَوَّمَ النِّصْفُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ
صَارَ إِلَى الْوَرَثَةِ
وَقَدْ أَلْزَمَ الشَّافِعِيُّ مَالِكًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ وَزَعَمَ أَنَّهُ قَدْ نَقَضَ فِيهَا قَوْلَهُ
(لَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ بِإِجَازَتِهِ الْمُقَاوَمَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِذَا وَقَعَ فِي مِلْكِ الَّذِي لَمْ يُدَبِّرِ انْتَقَضَ
التَّدْبِيرُ وَصَارَ بَيْعًا لِمَا كَانَ دَبَّرَ مِنْهُ)
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَقُولُ إِذَا دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ حِصَّتَهُ فَإِنَّ لِشَرِيكِهِ فِي ذَلِكَ
خَمْسَ خِيَارَاتٍ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي قِيمَةِ الْحِصَّةِ الَّتِي
لَهُ فِيهَا وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا عَلَى شَرِيكِهِ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا
وَقَالَ فِي الْمُوسِرِ إِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَى
الْعَبْدُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْعِتْقِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي مُدَبَّرٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا إِذَا كَانَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 451
الْمُعْتِقُ مُوسِرًا فَشَرِيكُهُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا
وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ
وَقَالَ مَالِكٌ يُقَوَّمُ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ قِيمَةَ عَبْدٍ وَيَنْفَسِخُ التَّدْبِيرُ
وَقَالَ اللَّيْثُ لَا يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ وَنُصِيبُ الْآخَرِ عَلَى مِلْكِهِ يَخْدِمُ الْمُدَبَّرُ لِلشَّرِيكِ يَوْمًا
وَلِنَفْسِهِ يَوْمًا وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَرِثَهُ الَّذِي له في الرِّقُّ
وَقَالَ اللَّيْثُ فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا قَالَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَيَدْفَعُ إِلَى صَاحِبِهِ
نِصْفَ قِيمَتِهِ وَيَكُونُ مُدَبَّرًا كُلَّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سَعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ حَتَّى
يُؤَدِّيَهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَإِذَا أَدَّاهَا رَجَعَ إِلَى الَّذِي دَبَّرَ نِصْفَهُ فَكَانَ مُدَبَّرًا كُلُّهُ فَإِنْ مَاتَ
الْعَبْدُ فِي حَالِ سِعَايَتِهِ وَتَرَكَ مَالًا دَفَعَ إِلَى الَّذِي دَبَّرَ نِصْفَهُ فَكَانَ الَّذِي لَمْ يُدَبِّرْ مَا
بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ ثُمَّ كَانَ مَا بَقِيَ لِلَّذِي دَبَّرَهُ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَأَعْتَقَ الْآخَرُ
فَقَالَ مَالِكٌ يُقَوَّمُ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ كَانَ الَّذِي أَعْتَقَ مُوسِرًا فَالْعَبْدُ حُرٌّ كُلُّهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِلَّذِي
دَبَّرَهُ وَلَهُ وَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَنَصِيبُهُ منه حر ونصيب شريكه مدبر
وقال بن أَبِي لَيْلَى إِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا سَعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ الَّذِي دَبَّرَ
وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُعْتِقِ يَتْبَعُهُ بِهِ دَيْنًا وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ نِصْفَ
الْقِيمَةِ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ وَأُعْتِقَ كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتِقِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ شَاءَ الَّذِي دَبَّرَ ضِمْنَ نِصْفَ الْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ وَإِنْ
شَاءَ أَعْتَقَ
هَذَا إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا اسْتَسْعَى الْعَبْدُ إِنْ شَاءَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ
وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا دَبَّرَ ثُمَّ أَعْتَقَ شَرِيكُهُ كَانَ عِتْقُهُ بَاطِلًا وَضَمِنَ الَّذِي دَبَّرَ
نِصْفَ قِيمَتِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا كَانَ مُدَبَّرًا كُلُّهُ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 452
قَالَ مَالِكٌ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَيُخَارَجُ عَلَى سَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ وَلَا يُبَاعُ عَلَيْهِ حَتَّى
يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ فَإِنْ هَلَكَ النَّصْرَانِيُّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قُضِيَ دَيْنُهُ مِنْ ثَمَنِ الْمُدَبَّرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
فِي مَالِهِ مَا يَحْمِلُ الدَّيْنَ فَيَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا كَقَوْلِ مَالِكٍ
وَالْآخَرُ يُبَاعُ عَلَيْهِ سَاعَةَ أَسْلَمَ
وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ وَصِيَّةٌ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ مُسْلِمٍ فِي مِلْكِ مُشْرِكٍ يُذِلُّهُ وَقَدْ
صَارَ بِالْإِسْلَامِ عَدُوًّا لَهُ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُبَاعُ عَلَى النَّصْرَانِيِّ مِنْ مُسْلِمٍ يُعْتِقُهُ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلَّذِي اشْتَرَاهُ
وَأَعْتَقَهُ وَيُدْفَعُ إِلَى النَّصْرَانِيِّ ثَمَنُهُ
وَقَالَ سُفْيَانُ وَالْكُوفِيُّونَ إِذَا أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ قُوِّمَ قِيمَتُهُ فَسَعَى فِي قِيمَتِهِ فَإِنْ مَاتَ
النَّصْرَانِيُّ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْمُدَبَّرُ مِنْ سِعَايَتِهِ عَتَقَ الْعَبْدُ وَبَطَلَتِ السِّعَايَةُ
عدد المشاهدات *:
466962
466962
عدد مرات التنزيل *:
94382
94382
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018