اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 17 شوال 1445 هجرية
??????????? ?????????????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

شعارات المحجة البيضاء

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد الثامن عشر
علوم الحديث
شرح حديث ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي
فصل في قوله كلكم ضال إلا من هديته
مجموع فتاوى ابن تيمية
فصل
فلما ذكر في أول الحديث ما أوجبه من العدل وحرمه من الظلم على نفسه وعلى عباده- ذكر بعد ذلك إحسانه إلى عباده مع غناه عنهم وفقرهم إليه‏.‏ وأنهم لا يقدرون على جلب منفعة لأنفسهم ولا دفع مضرة إلا أن يكون هو الميسر لذلك‏.‏ وأمر العباد أن يسألوه ذلك، وأخبر /أنهم لا يقدرون على نفعه ولا ضره مع عظم ما يوصل إليهم من النعماء، ويدفع عنهم من البلاء‏.‏ وجلب المنفعة ودفع المضرة؛ إما أن يكون في الدين أو في الدنيا، فصارت أربعة أقسام‏:‏ الهداية والمغفرة، وهما‏:‏ جلب المنفعة ودفع المضرة في الدين‏.‏ والطعام والكسوة، وهما‏:‏ جلب المنفعة ودفع المضرة في الدنيا‏.‏ وإن شئت قلت‏:‏ الهداية والمغفرة يتعلقان بالقلب الذي هو ملك البدن، وهو الأصل في الأعمال الإرادية‏.‏ والطعام والكسوة يتعلقان بالبدن؛ الطعام لجلب منفعته، واللباس لدفع مضرته‏.‏
وفتح الأمر بالهداية فإنها، وإن كانت الهداية النافعة، هي المتعلقة بالدين، فكل أعمال الناس تابعة لهدي الله إياهم، كما قال سبحانه‏:‏ ‏{‏سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعلى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّي وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَي‏}‏ ‏[‏الأعلى‏:‏ 1‏:‏ 3‏]‏ ، وقال موسي‏:‏ ‏{‏رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَي كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَي‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 50‏]‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ‏}‏ ‏[‏البلد‏:‏ 10‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا‏}‏ ‏[‏الإنسان‏:‏ 3‏]‏ ‏.‏
ولهذا قيل‏:‏ الهدي أربعة أقسام‏:‏
أحدها‏:‏ الهداية إلى مصالح الدنيا؛ فهذا مشترك بين الحيوان الناطق والأعجم ، وبين المؤمن والكافر‏.‏
/والثاني‏:‏ الهدي بمعني دعاء الخلق إلى ما ينفعهم وأمرهم بذلك، وهو نصب الأدلة وإرسال الرسل وإنزال الكتب، فهذا أيضًا يشترك فيه جميع المكلفين، سواء آمنوا أو كفروا، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَي على الْهُدَي‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏ 17‏]‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ‏}‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 7‏]‏ ، وقال تعالى‏:‏‏{‏وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏}‏ ‏[‏الشوري‏:‏ 52‏]‏ ، فهذا مع قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ‏}‏ ‏[‏القصص‏:‏ 65‏]‏ ، يبين أن الهدي الذي أثبته هو البيان والدعاء، والأمر والنهي، والتعليم وما يتبع ذلك، ليس هو الهدي الذي نفاه، وهو القسم الثالث الذي لا يقدر عليه إلا الله‏.‏
والقسم الثالث‏:‏ الهدي الذي هو جعل الهدي في القلوب‏.‏ وهو الذي يسميه بعضهم بالإلهام والإرشاد، وبعضهم يقول‏:‏ هو خلق القدرة على الإيمان؛ كالتوفيق عندهم، ونحو ذلك، وهو بناء على أن الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل‏.‏ فمن قال ذلك من أهل الإثبات جعل التوفيق والهدي، ونحو ذلك خلق القدرة على الطاعة‏.‏
وأما من قال‏:‏ إنهما استطاعتان‏:‏
إحداهما‏:‏ قبل الفعل، وهي الاستطاعة المشروطة في التكليف، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلِلّهِ على النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سَبِيلًا‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 97‏]‏ ،/ وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين‏:‏ ‏(‏صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب‏)‏ وهذه الاستطاعة يقترن بها الفعل تارة، والترك أخري، وهي الاستطاعة التي لم تعرف القدرية غيرها، كما أن أولئك المخالفين لهم من أهل الإثبات لم يعرفوا إلا المقارنة‏.‏ وأما الذي عليه المحققون من أئمة الفقه والحديث والكلام وغيرهم فإثبات النوعين جميعًا، كما قد بسطناه في غير هذا الموضع؛ فإن الأدلة الشرعية والعقلية تثبت النوعين جميعًا‏.‏
والثانية‏:‏ المقارنة للفعل، وهي الموجبة له، وهي المنفية عمن لم يفعل في مثل قوله‏:‏ ‏{‏مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ‏}‏ ‏[‏هود‏:‏ 20‏]‏ ، وفي قوله‏:‏ ‏{‏لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 101‏]‏ ‏.‏ وهذا الهدي الذي يكثر ذكره في القرآن في مثل قوله‏:‏ ‏{‏اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ‏}‏ ‏[‏الفاتحة‏:‏ 6‏]‏ ، وقوله‏:‏ ‏{‏فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 125‏]‏ ، وفي قوله‏:‏ ‏{‏مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 17‏]‏ ، وأمثال ذلك‏.‏
وهذا هو الذي تنكر القدرية أن يكون الله هو الفاعل له، ويزعمون أن العبد هو الذي يهدي نفسه‏.‏ وهذا الحديث وأمثاله حجة عليهم، حيث قال‏:‏ ‏(‏يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم‏)‏ ، فأمر العباد بأن يسألوه الهداية، كما أمرهم بذلك في أم/الكتاب في قوله‏:‏ ‏{‏اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ‏}‏ ‏[‏الفاتحة‏:‏ 6‏]‏ ،وعند القدرية أن الله لا يقدر من الهدي إلا على ما فعله من إرسال الرسل، ونصب الأدلة، وإزاحة العلة، ولا مزية عندهم للمؤمن على الكافر في هداية الله -تعالى، ولا نعمة له على المؤمن أعظم من نعمته على الكافر في باب الهدي‏.‏
وقد بين الاختصاص في هذه بعد عموم الدعوة في قوله‏:‏ ‏{‏وَاللّهُ يَدْعُو إلى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 25‏]‏ ، فقد جمع الحديث تنزيهه عن الظلم الذي يجوزه عليه بعض المثبتة، وبيان أنه هو الذي يهدي عباده، ردًا على القدرية‏.‏ فأخبر هناك بعدله الذي يذكره بعض المثبتة، وأخبر هنا بإحسانه وقدرته الذي تنكره القدرية، وإن كان كل منهما قصده تعظيمًا لا يعرف ما اشتمل عليه قوله‏.‏
والقسم الرابع‏:‏ الهدي في الآخرة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إلى صِرَاطِ الْحَمِيدِ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 23، 24‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 9‏]‏ ، فقوله‏:‏ ‏{‏يّهًدٌيهٌمً رّبٍَهٍمً بٌإيمّانٌهٌمً‏}‏ كقوله‏:‏/‏{‏وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ‏}‏ ‏[‏الطور‏:‏ 21‏]‏ ، على أحد القولين في الآية‏.‏ وهذا الهدي ثواب الاهتداء في الدنيا، كما أن ضلال الآخرة جزاء ضلال الدنيا، وكما أن قصد الشر في الدنيا جزاؤه الهدي إلى طريق النار، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إلى صِرَاطِ الْجَحِيمِ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 22، 23‏]‏ ‏.‏
وقال‏:‏ ‏{‏وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَي فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَي وَأَضَلُّ سَبِيلًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 72‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًي فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَيوَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَي قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَي وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ اليوْمَ تُنسَي‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 123‏:‏ 126‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أولياء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ على وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا‏}‏ الآية ‏[‏الإسراء‏:‏ 97‏]‏ ، فأخبر أن الضالين في الدنيا يحشرون يوم القيامة عميًا وبكما وصما، فإن الجزاء - أبدًا - من جنس العمل، كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء‏)‏، وقال‏:‏ ‏(‏من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا/ والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه‏)‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏(‏من سئل عن علم يعلمه فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار‏)‏‏.‏
وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 22‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 149‏]‏ ، وأمثال هذا كثير في الكتاب والسنة‏.‏
ولهذا -أيضًا- يجزي الرجل في الدنيا على ما فعله من خير الهدي بما يفتح عليه من هدي آخر؛ ولهذا قيل‏:‏ من عمل بما علم وَرَّثه الله علم ما لم يعلم‏.‏ وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏مُّسْتَقِيمًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 66‏:‏ 68‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 15، 16‏]‏ ‏.‏ وقال‏:‏‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏الحديد‏:‏ 28‏]‏ ‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 29‏]‏ ، فسروه بالنصر والنجاة، كقوله‏:‏ ‏{‏يَوْمَ الْفُرْقَانِ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 41‏]‏ ‏.‏ وقد قيل‏:‏ نور يفرق به بين الحق والباطل‏.‏ ومثله قوله‏:‏ ‏{‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ‏}‏ ‏[‏الطلاق‏:‏2، 3‏]‏ ، وعد المتقين بالمخارج من الضيق وبرزق المنافع‏.‏
ومن هذا الباب قوله‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًي وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ‏}‏ ‏[‏محمد‏:‏ 17‏]‏ ، وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًي‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 13‏]‏ ‏.‏ ومنه قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عليكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا‏}‏ ‏[‏الفتح‏:‏ 1‏:‏ 3‏]‏ ‏.‏
وبإزاء ذلك أن الضلال والمعاصي تكون بسبب الذنوب المتقدمة، كما قال الله‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ‏}‏ ‏[‏الصف‏:‏ 5‏]‏ ،‏{‏وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 88‏]‏ ، ‏{‏بَلْ طَبَعَ اللّهُ عليها بِكُفْرِهِمْ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 155‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 13‏]‏ ‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏لاَ يُؤْمِنُونَ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏يَعْمَهُونَ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 109، 110‏]‏ ‏.‏ وهذا باب واسع‏.‏
ولهذا قال من قال من السلف‏:‏ إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وإن من عقوبة السيئة السيئة بعدها‏.‏ وقد شاع في لسان العامة أن قوله‏:‏ ‏{‏وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 282‏]‏ ، من ال
باب الأول؛ حيث يستدلون بذلك على أن التقوي سبب تعليم الله، وأكثر الفضلاء يطعنون في هذه الدلالة؛ لأنه لم يربط الفعل الثاني بالأول ربط الجزاء بالشرط، فلم يقل؛ واتقوا الله ويعلمكم، ولا قال‏:‏ فيعلمكم‏.‏ وإنما أتي بواو العطف، وليس من العطف ما يقتضي أن الأول سبب الثاني، وقد يقال‏:‏ العطف قد يتضمن معني الاقتران والتلازم، كما يقال‏:‏ زرني وأزورك، وسلم علينا ونسلم/ عليك، ونحو ذلك مما يقتضي اقتران الفعلين والتعاوض من الطرفين، كما لو قال لسيده‏:‏ اعتقني ولك على ألف، أو قالت المرأة لزوجها‏:‏ طلقني ولك ألف، أو اخلعني ولك ألف، فإن ذلك بمنزلة قولها‏:‏ بألف أو على ألف‏.‏
وكذلك - أيضًا - لو قال‏:‏ أنت حر وعليك ألف، أو أنت طالق وعليك ألف، فإنه كقوله‏:‏ على ألف أو بألف عند جمهور الفقهاء‏.‏ والفرق بينهما قول شاذ‏.‏ ويقول أحد المتعاوضين للآخر‏:‏ أعطيك هذا وآخذ هذا، ونحو ذلك من العبارات، فيقول الآخر‏:‏ نعم وإن لم يكن أحدهما هو السبب للآخر دون العكس‏.‏ فقوله‏:‏ ‏{‏وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 282‏]‏ ، قد يكون من هذا الباب، فكل من تعليم الرب وتقوي العبد يقارن الآخر ويلازمه ويقتضيه، فمتي علمه الله العلم النافع اقترن به التقوي بحسب ذلك، ومتي اتقاه زاده من العلم، وهَلُمَّ جَرّا‏.‏

عدد المشاهدات *:
360540
عدد مرات التنزيل *:
250609
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : فصل في قوله كلكم ضال إلا من هديته
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  فصل في قوله كلكم ضال إلا من هديته
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  فصل في قوله كلكم ضال إلا من هديته  لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1