فصــل
وقد قـال اللّه ـ تعالى ـ في آية الخمس: {فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [الأنفال: 41]؛ ومثل ذلك في آية الفيء. وقال في آية الصدقات: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} الآية [التوبة: 60]، فأطلق اللّه ذكر الأصناف، وليس في اللفظ ما يدل على التسوية، بل على خلافها، فمن أوجب باللفظ التسوية فقد قال ما يخالف الكتاب والسنة، ألا ترى أن اللّه لما قال: {وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [البقرة: 177]، وقال تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: 26]، وقال تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ} [النساء: 8]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24، 25]، وقال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]، وأمثال ذلك، لم تكن التسوية في شيء من هذه المواضع واجبة، بل ولا مستحبة في أكثر هذه المواضع. سواء كان الإعطاء واجبًا أو مستحبًا، بل بحسب المصلحة.
ونحن إذا قلنا في الهَدْي والأُضْحية: يستحب أن يأكل ثلثًا ويتصدق بثلث، فإنما ذلك إذا لم يكن هناك سبب يوجب التفضيل، وإلا فلو قدر كثرة الفقراء لاستحببنا الصدقة بأكثر من الثلث، وكذلك إذا قدر كثرة من يهدى إليه على الفقراء، وكذلك الأكل، فحيث كان الأخذ بالحاجة أو المنفعة كان الاعتبار بالحاجة والمنفعة بحسب ما يقع، بخلاف المواريث فإنها قسمت بالأنساب التي لا يختلف فيها أهلها، فإن اسم الابن يتناول الكبير والصغير والقوى والضعيف، ولم يكن الأخذ لا لحاجته ولا لمنفعته، بل لمجرد نَسَبه؛ فلهذا سوى فيها بين الجنس الواحد.
وأما هذه المواضع، فالأخذ فيها بالحاجة والمنفعة، فلا يجوز أن تكون التسوية بين الأصناف لا واجبة ولا مستحبة، بل العطاء بحسب الحاجة والمنفعة، كما كان أصل الاستحقاق معلقًا بذلك، والواو تقتضى/ التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه في الحكم المذكور، والمذكور أنه لا يستحق الصدقة إلا هؤلاء، فيشتركون في أنها حلال لهم، وليس إذا اشتركوا في الحكم المذكور ـ وهو مطلق الْحِل ـ يشتركون في التسوية، فإن اللفظ لا يدل على هذا بحال.
ومثله يقال في كلام الوَاقِفِ والموصِي، وكان بعض الواقفين قد وقف على المدرس والمعيد والقَيِّم والفقهاء والمتفقهة، وجرى الكلام في ذلك فقلنا: يعطى بحسب المصلحة، فطلب المدرس الخمس بناء على هذا الظن؛ فقيل له: فأعطى القيم أيضًا الخمس؛ لأنه نظير المدرس، فظهر بطلان حجته.
آخره والحمد للّه رب العالمين.
وقد قـال اللّه ـ تعالى ـ في آية الخمس: {فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [الأنفال: 41]؛ ومثل ذلك في آية الفيء. وقال في آية الصدقات: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} الآية [التوبة: 60]، فأطلق اللّه ذكر الأصناف، وليس في اللفظ ما يدل على التسوية، بل على خلافها، فمن أوجب باللفظ التسوية فقد قال ما يخالف الكتاب والسنة، ألا ترى أن اللّه لما قال: {وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [البقرة: 177]، وقال تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: 26]، وقال تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ} [النساء: 8]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24، 25]، وقال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]، وأمثال ذلك، لم تكن التسوية في شيء من هذه المواضع واجبة، بل ولا مستحبة في أكثر هذه المواضع. سواء كان الإعطاء واجبًا أو مستحبًا، بل بحسب المصلحة.
ونحن إذا قلنا في الهَدْي والأُضْحية: يستحب أن يأكل ثلثًا ويتصدق بثلث، فإنما ذلك إذا لم يكن هناك سبب يوجب التفضيل، وإلا فلو قدر كثرة الفقراء لاستحببنا الصدقة بأكثر من الثلث، وكذلك إذا قدر كثرة من يهدى إليه على الفقراء، وكذلك الأكل، فحيث كان الأخذ بالحاجة أو المنفعة كان الاعتبار بالحاجة والمنفعة بحسب ما يقع، بخلاف المواريث فإنها قسمت بالأنساب التي لا يختلف فيها أهلها، فإن اسم الابن يتناول الكبير والصغير والقوى والضعيف، ولم يكن الأخذ لا لحاجته ولا لمنفعته، بل لمجرد نَسَبه؛ فلهذا سوى فيها بين الجنس الواحد.
وأما هذه المواضع، فالأخذ فيها بالحاجة والمنفعة، فلا يجوز أن تكون التسوية بين الأصناف لا واجبة ولا مستحبة، بل العطاء بحسب الحاجة والمنفعة، كما كان أصل الاستحقاق معلقًا بذلك، والواو تقتضى/ التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه في الحكم المذكور، والمذكور أنه لا يستحق الصدقة إلا هؤلاء، فيشتركون في أنها حلال لهم، وليس إذا اشتركوا في الحكم المذكور ـ وهو مطلق الْحِل ـ يشتركون في التسوية، فإن اللفظ لا يدل على هذا بحال.
ومثله يقال في كلام الوَاقِفِ والموصِي، وكان بعض الواقفين قد وقف على المدرس والمعيد والقَيِّم والفقهاء والمتفقهة، وجرى الكلام في ذلك فقلنا: يعطى بحسب المصلحة، فطلب المدرس الخمس بناء على هذا الظن؛ فقيل له: فأعطى القيم أيضًا الخمس؛ لأنه نظير المدرس، فظهر بطلان حجته.
آخره والحمد للّه رب العالمين.
عدد المشاهدات *:
360048
360048
عدد مرات التنزيل *:
250559
250559
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013