وسئل رحمه الله هل يسوغ تقليد هؤلاء الأئمة: كحماد بن أبي سليمان وابن المبارك وسفيان الثوري والأوزاعي وقد قال عنهم رجل - أعني هؤلاء الأئمة المذكورين - هؤلاء لا يلتفت إليهم. فصاحب هذا الكلام ما حكمه؟ . فأجاب: وأما الأئمة المذكورون فمن سادات أئمة الإسلام ; فإن الثوري إمام أهل العراق وهو عند أكثرهم أجل من أقرانه كابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وأبي حنيفة وغيره وله مذهب باق إلى اليوم بأرض خراسان. والأوزاعي إمام أهل الشام وما زالوا على مذهبه إلى المائة الرابعة بل أهل المغرب كانوا على مذهبه قبل أن يدخل إليهم مذهب مالك وحماد بن أبي سليمان هو شيخ أبي حنيفة. ومع هذا فهذا القول هو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهما. ومذهبه باق إلى اليوم وهو مذهب داود بن على وأصحابه. ومذهبهم باق إلى اليوم فلم يجمع الناس اليوم على خلاف هذا القول ; بل القائلون به كثير في المشرق والمغرب ليس في الكتاب والسنة فرق في الأئمة المجتهدين بين شخص وشخص. فمالك والليث بن سعد والأوزاعي والثوري: هؤلاء أئمة في زمانهم وتقليد كل منهم كتقليد الآخر ; لا يقول مسلم إنه يجوز تقليد هذا دون هذا ولكن من منع من تقليد أحد هؤلاء في زماننا فإنما يمنعه لأحد شيئين.
أحدهما اعتقاده أنه لم يبق من يعرف مذاهبهم وتقليد الميت فيه نزاع مشهور. فمن منعه قال هؤلاء موتى ومن سوغه قال لا بد أن يكون في الأحياء من يعرف قول الميت.
والثاني أن يقول: الإجماع اليوم قد انعقد على خلاف هذا القول وينبني ذلك على مسألة معروفة في أصول الفقه وهي أن الصحابة مثلا أو غيرهم من أهل الأعصار إذا اختلفوا في مسألة على قولين ثم أجمع التابعون أو أهل العصر الثاني على أحدهما فهل يكون هذا إجماعا يرفع ذلك الخلاف؟ وفي المسألة نزاع مشهور في مذهب أحمد وغيره من العلماء. فمن قال: إن مع إجماع أهل العصر الثاني لا يسوغ الأخذ بالقول الآخر واعتقد أن أهل العصر أجمعوا على ذلك يركب من هذين الاعتقادين المنع.
ومن علم أن الخلاف القديم حكمه باق ; لأن الأقوال لا تموت بموت قائلها: فإنه يسوغ الذهاب إلى القول الآخر للمجتهد الذي وافق اجتهاده وأما التقليد فينبني على مسألة تقليد الميت وفيها قولان مشهوران أيضًا في مذهب الشافعي و أحمد وغيرهما.
وأما إذا كان القول الذي يقول به هؤلاء الأئمة أو غيرهم قد قال به بعض العلماء الباقية مذاهبهم فلا ريب أن قوله مؤيد بموافقة هؤلاء ويعتضد به ويقابل بهؤلاء من خالفه من أقرانهم: فيقابل بالثوري والأوزاعي أبا حنيفة ومالكا ; إذ الأمة متفقة على أنه إذا اختلف مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة لم يجز أن يقال قول هذا هو صواب دون هذا إلا بحجة. والله أعلم.
آخر المجلد العشرين
أحدهما اعتقاده أنه لم يبق من يعرف مذاهبهم وتقليد الميت فيه نزاع مشهور. فمن منعه قال هؤلاء موتى ومن سوغه قال لا بد أن يكون في الأحياء من يعرف قول الميت.
والثاني أن يقول: الإجماع اليوم قد انعقد على خلاف هذا القول وينبني ذلك على مسألة معروفة في أصول الفقه وهي أن الصحابة مثلا أو غيرهم من أهل الأعصار إذا اختلفوا في مسألة على قولين ثم أجمع التابعون أو أهل العصر الثاني على أحدهما فهل يكون هذا إجماعا يرفع ذلك الخلاف؟ وفي المسألة نزاع مشهور في مذهب أحمد وغيره من العلماء. فمن قال: إن مع إجماع أهل العصر الثاني لا يسوغ الأخذ بالقول الآخر واعتقد أن أهل العصر أجمعوا على ذلك يركب من هذين الاعتقادين المنع.
ومن علم أن الخلاف القديم حكمه باق ; لأن الأقوال لا تموت بموت قائلها: فإنه يسوغ الذهاب إلى القول الآخر للمجتهد الذي وافق اجتهاده وأما التقليد فينبني على مسألة تقليد الميت وفيها قولان مشهوران أيضًا في مذهب الشافعي و أحمد وغيرهما.
وأما إذا كان القول الذي يقول به هؤلاء الأئمة أو غيرهم قد قال به بعض العلماء الباقية مذاهبهم فلا ريب أن قوله مؤيد بموافقة هؤلاء ويعتضد به ويقابل بهؤلاء من خالفه من أقرانهم: فيقابل بالثوري والأوزاعي أبا حنيفة ومالكا ; إذ الأمة متفقة على أنه إذا اختلف مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة لم يجز أن يقال قول هذا هو صواب دون هذا إلا بحجة. والله أعلم.
آخر المجلد العشرين
عدد المشاهدات *:
496164
496164
عدد مرات التنزيل *:
266974
266974
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013