اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 17 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ????????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????????? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????????? ??? ???????? ???? ??? ???? ????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

أمرنا

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :

6 : 1/360 وعن أنس رضي الله عنه قال : قال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم : انطلق بنا إلى أم أيمن رضي الله عنها نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها ، فلما انتهيا إليها ، بكت ، فقالا لها : ما يبكيك أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : إني لا أبكي أني لا أعلم أن ما عند الله تعالى خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء ، فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها . رواه مسلم (195) . 2/361 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى ، فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكاً ، فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال : أريد أخا لي في هذه القرية . قال . هل لك عليه من نعمة تربها عليه ؟ قال : لا ، غير أنى أحببته في الله تعالى ، قال فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه )) رواه مسلم (196) . يقال: ((أرصده)) لكذا : إذا وكله بحفظه، و((المدرجة)) بفتح الميم والراء : الطريق ، ومعنى(( تربّها )) تقوم بها ،وتسعى في صلاحها . 3/363 ـ وعنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من عاد مريضاً أو زار أخاً في الله، ناداه منادٍ : بأن طبت، وطاب معشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً))رواه الترمذي وقال: حديث حسن ، وفي بعض النسخ غريب.. 4/363 ـ وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ، ونافخ الكير ، فحامل المسك ، إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ، ونافخ الكير ، إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة )) متفق عليه(198) . (( يحذيك )) : يعطيك .

Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد الحادي والعشرون
كتاب الطهـــارة
باب المياه
باب المياه فصـــل: في الطهارة
مجموع فتاوى ابن تيمية

الجزء الأول
الطهارة
بسم الله الرحمن الرحيم
باب المياه
وقـال الشيخ الإمام العالم العامل القـدوة، رباني الأمة، ومحيي السنة العـلامة شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العباس، أحمد بن عبدالحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني ـ قدس الله روحه ونور ضريحه‏:‏
الحمد لله رب العالمين، وصلي الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد خاتم المرسلين، وإمام المهتدين، وعلى آله أجمعين‏.‏
فصـل في الطهارة
أما العبادات، فأعظمها الصلاة‏.‏ والناس إما أن يبتدئوا مسائلها بالطُّهور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏مفتاح الصلاة الطُّهور‏)‏ كما رتبه أكثرهم، وإما بالمواقيت التي تجب بها الصلاة، كما فعله مالك وغيره‏.‏
فأما الطهارة والنجاسة فنوعان‏:‏ من الحلال والحرام ـ في اللباس ونحوه ـ تابعان للحلال والحرام في الأطعمة والأشربة‏.‏
ومذهب أهل الحديث في هذا الأصل العظيم الجامع‏:‏ وسط بين مذهب العراقيين والحجازيين؛ فإن أهل المدينة - مالكًا وغيره - يحرمون من الأشربة كل مسكر - كما صحت بذلك النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة - وليسوا في الأطعمة كذلك، بل الغالب عليهم فيها عدم التحريم فيبيحون الطيور مطلقًا - وإن كانت من ذات المخالب - ويكرهون كل ذي ناب من السباع‏.‏ وفي تحريمها عن مالك روايتان‏.‏ وكذلك في الحشرات عنه‏:‏ هل هي محرمة أو مكروهة‏؟‏ روايتان‏.‏
وكذلك البغال والحمير‏.‏ وروي عنه أنها مكروهة أشد من كراهة السباع، وروي عنه أنها محرمة بالسنة، دون تحريم الحمير، والخيل ـ أيضًا ـ‏:‏ يكرهها، لكن دون كراهة السباع‏.‏
وأهل الكوفة في باب الأشربة مخالفون لأهل المدينة ولسائر الناس، ليست الخمر عندهم إلا من العنب، ولا يحرمون القليل من المسكر، إلا أن يكون خمرًا من العنب، أو أن يكون من نبيذ التمر أو الزبيب النيئ، أو يكون من مطبوخ عصير العنب إذا لم يذهب ثلثاه‏.‏ وهم في الأطعمة في غاية التحريم، حتى حرموا الخيل والضباب، وقيل‏:‏ إن أبا حنيفة يكره الضب والضباع ونحوها‏.‏
فأخذ أهل الحديث في الأشربة بقول أهل المدينة وسائر أهل الأمصار - موافقة للسنة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في التحريم - وزادوا عليهم في متابعة السنة‏.‏
وصنف الإمام أحمد كتابًا كبيرًا في الأشربة ما علمت أحدًا صنف أكبر منه، وكتابًا أصغر منه‏.‏ وهو أول من أظهر في العراق هذه السنة، حتى إنه دخل بعضهم بغداد فقال‏:‏ هل فيها من يحرم النبيذ‏؟‏ فقالوا‏:‏ لا، إلا أحمد بن حنبل دون غيره من الأئمة، وأخذ فيه بعامة السنة، حتى إنه حرم العصير والنبيذ بعد ثلاث‏.‏ وإن لم يظهر فيه شدة، متابعة للسنة المأثورة في ذلك؛ لأن الثلاث مظنة ظهور الشدة غالبًا‏.‏ والحكمة هنا مما تخفي، فأقيمت المظنة مقام الحكمة، حتى إنه كره الخليطين، إما كراهة تنزيه أو تحريم، على اختلاف الروايتين عنه‏.‏ وحتى اختلف قوله في الانتباذ في الأوعية‏:‏ هل هو مباح، أو محرم، أو مكروه؛ لأن أحاديث النهي كثيرة جدًا، وأحاديث النسخ قليلة، فاختلف اجتهاده‏:‏ هل تنسخ الأخبار المستفيضة بمثل هذه الأخبار التي لا تخرج عن كونها أخبار آحاد ولم يخرج البخاري منها شيئًا‏؟‏
وأخذوا في الأطعمة بقول أهل الكوفة؛ لصحة السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، وتحريم لحوم الحمر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على من تمسك في هذا الباب بعدم وجود نص التحريم في القرآن حيث قال‏:‏ ‏(‏لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول‏:‏ بيننا وبينكم هذا القرآن، فما وجدنا فيه من حلال أحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه‏)‏، ‏(‏ألا وإني وتيت الكتاب ومثله معه‏)‏،‏ (‏وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله تعالى‏)‏، وهذا المعني محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه‏.‏
وعلموا أن ما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما هو زيادة تحريم، ليس نسخًا للقرآن؛ لأن القرآن إنما دل على أن الله لم يحرم إلا الميتة والدم ولحم الخنزير، وعدم التحريم ليس تحليلاً، وإنما هو بقاء للأمر على ما كان، وهذا قد ذكره الله في سورة الأنعام التي هي مكية باتفاق العلماء، ليس كما ظنه أصحاب مالك والشافعي أنها من آخر القرآن نزولا، وإنما سورة المائدة هي المتأخرة، وقد قال الله فيها‏:‏ ‏{أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} ‏[‏المائدة‏:‏ 5‏]‏، فعلم أن عدم التحريم المذكور في سورة الأنعام ليس تحليلاً، وإنما هو عفو، فتحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع للعفو ليس نسخًا للقرآن‏.‏
لكن لم يوافق أهل الحديث الكوفيين على جميع ما حرموه، بل أحلوا الخيل؛ لصحة السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحليلها يوم خيبر، وبأنهم ذبحوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسًا وأكلوا لحمه‏.‏ وأحلوا الضب؛ لصحة السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه قال‏:‏ ‏(‏لا أحرمه‏)‏، وبأنه أكل على مائدته وهو ينظر، ولم ينكر على من أكله، وغير ذلك مما جاءت فيه الرخصة‏.‏
فنقصوا عما حرمه أهل الكوفة من الأطعمة، كما زادوا على أهل المدينة في الأشربة؛ لأن النصوص الدالة على تحريم الأشربة المسكرة أكثر من النصوص الدالة على تحريم الأطعمة‏.‏
ولأهل المدينة سلف من الصحابة والتابعين في استحلال ما أحلوه، أكثر من سلف أهل الكوفة في استحلال المسكر‏.‏ والمفاسد الناشئة من المسكر أعظم من مفاسد خبائث الأطعمة؛ ولهذا سميت الخمر أم الخبائث كما سماها عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وغيره، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بجلد شاربها، وفعله هو وخلفاؤه، وأجمع عليه العلماء، دون المحرمات من الأطعمة، فإنه لم يحد فيها أحد من أهل العلم إلا ما بلغنا عن الحسن البصري، بل قد أمر صلى الله عليه وسلم بقتل شارب الخمر في الثالثة أو الرابعة، وإن كان الجمهور على أنه منسوخ‏.‏ ونهي النبي صلى الله عليه وسلم ـ فيما صح عنه ـ عن تخليل الخمر، وأمر بشق ظروفها وكسر دِنَانِها، وإن كان قد اختلفت الرواية عن أحمد‏:‏ هل هذا باق، أو منسوخ‏؟‏
ولما كان الله -سبحانه وتعالى- إنما حرم الخبائث لما فيها من الفساد؛ إما في العقول، أو الأخلاق أو غيرها، ظهر على الذين استحلوا بعض المحرمات من الأطعمة أو الأشربة من النقص بقدر ما فيها من المفسدة، ولولا التأويل لاستحقوا العقوبة‏.‏
ثم إن الإمام أحمد وغيره من علماء الحديث زادوا في متابعة السنة على غيرهم بأن أمروا بما أمر الله به ورسوله مما يزيل ضرر بعض المباحات، مثل لحوم الإبل، فإنها حلال بالكتاب والسنة والإجماع، ولكن فيها من القوة الشيطانية ما أشار اليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله‏:‏ ‏(‏إنها جن خلقت من جن‏)‏‏. ‏وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود‏: ‏(الغضب من الشيطان، وإن الشيطان من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ‏)‏، فأمر بالتوضؤ من الأمر العارض من الشيطان، فأكل لحمها يورث قوة شيطانية تزول بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الوضوء من لحمها، كما صح ذلك عنه من غير وجه من حديث جابر بن سمرة، والبراء بن عازب، وأسيد بن الحضير، وذي الغُرَّة، وغيرهم فقال مرة‏:‏ ‏(‏توضؤوا من لحوم الإبل ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم، وصلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في معاطن الإبل‏)‏، فمن توضأ من لحومها اندفع عنه ما يصيب المدمنين ـ لأكلها من غير وضوء كالأعراب ـ من الحقد، وقسوة القلب، التي أشار اليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله المخرج عنه في الصحيحين‏:‏ ‏(‏إن الغلظة وقسوة القلوب في الفدَّاِدين أصحاب الإبل، وإن السكينة في أهل الغنم‏)‏‏.‏
واختلف عن أحمد‏:‏ هل يتوضأ من سائر اللحوم المحرمة‏؟‏ على روايتين، بناء على أن الحكم مختص بها، أو أن المحرم أولي بالتوضؤ منه من المباح الذي فيه نوع مضرة‏.‏
وسائر المصنفين - من أصحاب الشافعي وغيره - وافقوا أحمد على هذا الأصل، وعلموا أن من اعتقد أن هذا منسوخ بترك الوضوء مما مست النار فقد أبعد؛ لأنه فرق في الحديث بين اللحمين، ليتبين أن العلة هي الفارقة بينهما لا الجامع‏.‏
وكذلك قالوا بما اقتضاه الحديث‏:‏ من أنه يتوضأ منه نيئًا ومطبوخًا، ولأن هذا الحديث كان بعد النسخ؛ ولهذا قال في لحم الغنم‏:‏ ‏(‏وإن شئت فلا تتوضأ‏)‏، ولأن النسخ لم يثبت إلا بالترك من لحم غنم، فلا عموم له، وهذا معني قول جابر‏:‏ كان آخر الأمرين منه، ترك الوضوء مما مست النار فإنه رآه يتوضأ، ثم رآه أكل لحم غنم ولم يتوضأ، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم صيغة عامة في ذلك، ولو نقلها لكان فيه نسخ للخاص بالعام الذي لم يثبت شموله لذلك الخاص عينًا، وهو أصل لا يقول به أكثر المالكية والشافعية والحنبلية‏.‏
هذا، مع أن أحاديث الوضوء مما مست النار لم يثبت أنها منسوخة، بل قد قيل‏:‏ إنها متأخرة، ولكن أحد الوجهين في مذهب أحمد‏:‏ أن الوضوء منها مستحب ليس بواجب‏.‏ والوجه الآخر‏:‏ لا يستحب‏.‏
فلما جاءت السنة بتجنب الخبائث الجسمانية والتطهر منها، كذلك جاءت بتجنب الخبائث الروحانية والتطهر منها، حتى قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا قام أحدكم من الليل فليستنشق بمنخريه من الماء؛ فإن الشيطان يبيت على خيشومه‏)‏، وقال‏:‏ ‏(‏إذا قام أحدكم من نوم الليل فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده‏؟‏‏)‏، فعلل الأمر بالغسل بمبيت الشيطان على خيشومه، فعلم أن ذلك سبب للطهارة من غير النجاسة الظاهرة، فلا يستبعد أن يكون هو السبب لغسل يد القائم من نوم الليل‏.‏
وكذلك نهي عن الصلاة في أعطان الإبل، وقال‏:‏ ‏(‏إنها جن خلقت من جن‏)‏، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام‏)‏، وقد روي عنه‏:‏ إن الحمام بيت الشيطان، وثبت عنه‏:‏ أنه لما ارتحل عن المكان الذي ناموا فيه عن صلاة الفجر قال‏:‏ ‏(‏إنه مكان حضرنا فيه الشيطان‏)‏‏.‏
فعلل صلى الله عليه وسلم الأماكـن بالأرواح الخبيثـة، كما يعلل بالأجسام الخبيثـة، وبهـذا يقـول أحمـد وغيره من فقهاء الحديث، ومذهبه الظاهر عنه‏:‏ إن ما كان مأوي للشياطين - كالمعاطن والحمامات - حرمت الصلاة فيه‏.‏ وما عرض الشيطان فيه - كالمكان الذي ناموا فيه عن الصلاة - كرهت فيه الصلاة‏.‏
والفقهاء الذين لم ينهوا عن ذلك‏:‏ إما لأنهم لم يسمعوا هذه النصوص سماعا تثبت به عندهم، أو سمعوها ولم يعرفوا العلة، فاستبعدوا ذلك عن القياس فتأولوه‏.‏
وأما من نقل عن الخلفاء الراشدين أو جمهور الصحابة خلاف هذه المسائل، وأنهم لم يكونوا يتوضؤون من لحوم الإبل، فقد غلط عليهم، وإنما توهم ذلك لما نقل عنهم‏:‏ أنهم لم يكونوا يتوضؤون مما مست النار‏.‏ وإنما المراد‏:‏ أن أكل ما مس النار ليس هو سببًا عندهم لوجوب الوضوء، والذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الوضوء من لحوم الإبل ليس سببه مس النار، كما يقال‏:‏ كان فلان لا يتوضأ من مس الذكر‏.‏ وإن كان يتوضأ منه إذا خرج منه مذي‏.‏
ومن تمام هذا‏:‏ أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي ذر وأبي هريرة - رضي الله عنهما - وجاء من حديث غيرهما – (أنه يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة والحمار‏)‏‏.‏ وفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الكلب الأسود والأحمر والأبيض؛ بأن الأسود شيطان‏.‏ وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إن الشيطان تفلت على البارحة ليقطع صلاتي، فأخذته فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد‏)‏ ـ الحديث، فأخبر أن الشيطان أراد أن يقطع عليه صلاته‏.‏ فهذا - أيضًا - يقتضي أن مرور الشيطان يقطع الصلاة؛ فلذلك أخذ أحمد بذلك في الكلب الأسود، واختلف قوله في المرأة والحمار؛ لأنه عارض هذا الحديث حديث عائشة لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهي في قبلته، وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - لما اجتاز على أتانه بين يدي بعض الصف، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه بمنى، مع أن المتوجه أن الجميع يقطع، وأنه يفرق بين المار واللابث، كما فرق بينهما في الرجل في كراهة مروره، دون لبثه في القبلة إذا استدبره المصلي ولم يكن متحدثًا وأن مروره ينقص ثواب الصلاة دون اللبث‏.‏
واختلف المتقدمون من أصحاب أحمد في الشيطان الجني إذا علم بمروره‏:‏ هل يقطع الصلاة‏؟‏ والأوجه أنه يقطعها بتعليل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبظاهر قوله‏:‏ ‏(‏يقطع صلاتي‏)‏؛ لأن الأحكام التي جاءت بها السنة في الأرواح الخبيثة من الجن وشياطين الدواب في الطهارة والصلاة في أمكنتهم وممرهم، ونحو ذلك قوية في الدليل نصًا وقياسًا؛ ولذلك أخذ بها فقهاء الحديث، ولكن مدرك علمها أثرًا هو لأهل الحديث، ومدركه قياسًا هو في باطن الشريعة وظاهرها، دون التفقه في ظاهرها فقط‏.‏
ولو لم يكن في الأئمة من استعمل هذه السنن الصحيحة النافعة، لكان وصمة على الأمة ترك مثل ذلك، والأخذ بما ليس بمثله لا أثرًا ولا رأيًا‏.‏
ولقد كان أحمد - رحمه الله - يَعْجَبُ ممن يدع حديث ‏(‏الوضوء من لحوم الإبل‏)‏ ـ مع صحته التي لا شك فيها، وعدم المعارض له ـ ويتوضأ من مس الذكر ـ مع تعارض الأحاديث فيه، وأن أسانيدها ليست كأحاديث الوضوء من لحوم الإبل؛ ولذلك أعرض عنها الشيخان‏:‏ البخاري ومسلم، وإن كان أحمد - على المشهور عنه - يرجح أحاديث الوضوء من مس الذكر، لكن غرضه أن الوضوء من لحوم الإبل أقوي في الحجة من الوضوء من مس الذكر‏.‏
وقد ذكرت ما يبين أنه أَظْهر في القياس منه، فإن تأثير المخالطة أعظم من تأثير الملامسة؛ ولهذا كان كل نجس محرم الأكل، وليس كل محرم الأكل نجسًًا‏.‏
وكان أحمد يعجب ـ أيضًا ـ ممن لا يتوضأ من لحوم الإبل ويتوضأ من الضحك في الصلاة، مع أنه أبعد عن القياس والأثر، والأثر فيه مرسل، قد ضعفه أكثر الناس، وقد صح عن الصحابة ما يخالفه‏.‏
والذين خالفوا أحاديث القطع للصلاة لم يعارضوها إلا بتضعيف بعضهم، وهو تضعيف من لم يعرف الحديث كما ذكر أصحابه، أو بأن عارضوها بروايات ضعيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏لا يقطع الصلاة شيء‏)‏ أو بما روي في ذلك عن الصحابة - وقد كان الصحابة مختلفين في هذه المسألة - أو برأي ضعيف لو صح لم يقاوم هذه الحجة، خصوصًا مذهب أحمد‏.‏
فهذا أصل في الخبائث الجسمانية والروحانية‏.‏
وأصل آخر، وهو‏:‏ أن الكوفيين قد عرف تخفيفهم في العفو عن النجاسة، فيعفون من المغلظة عن قدر الدرهم البغلي، ومن المخففة عن ربع المحل المتنجس‏.‏
والشافعي بإزائهم في ذلك، فلا يعفو عن النجاسات إلا عن أثر الاستنجاء، وونيم الذباب ونحوه، ولا يعفو عن دم ولا عن غيره، إلا عن دم البراغيث ونحوه، مع أنه ينجس أرواث البهائم وأبوالها وغير ذلك‏!‏ فقوله في النجاسات نوعًا وقدرًا أشد أقوال الأئمة الأربعة‏.‏
ومالك متوسط في نوع النجاسة وفي قدرها، فإنه لا يقول بنجاسة الأرواث والأبوال مما يؤكل لحمه، ويعفو عن يسير الدم وغيره‏.‏
وأحمد كذلك، فإنه متوسط في النجاسات، فلا ينجس الأرواث والأبوال، ويعفو عن اليسير من النجاسات التي يشق الاحتراز عنها، حتى إنه - في إحدي الروايتين عنه - يعفو عن يسير روث البغل والحمار وبول الخفاش، وغير ذلك مما يشق الاحتراز عنه، بل يعفو - في إحدي الروايتين - عن اليسير من الروث والبول من كل حيوان طاهر، كما ذكر ذلك القاضي أبويعلى في شرح المذهب، وهو مع ذلك يوجب اجتناب النجاسة في الصلاة في الجملة من غير خلاف عنه، لم يختلف قوله في ذلك كما اختلف مالك، ولو صلي بها جاهلاً أو ناسيًا لم تجب عليه الإعادة في أصح الروايتين، كقول مالك، كما دل عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم لما خلع نعليه في أثناء الصلاة لأجل الأذي الذي فيهما، ولم يستقبل الصلاة، ولما صلي الفجر فوجد في ثوبه نجاسة أمر بغسلها ولم يعد الصلاة‏.‏ والرواية الأخري‏:‏ تجب الإعادة، كقول أبي حنيفة والشافعي‏.‏
وأصل آخر في إزالتها‏:‏ فمذهب أبي حنيفة‏:‏ تزال بكل مزيل من المائعات والجامدات‏.‏
والشافعي لا يري إزالتها إلا بالماء، حتى ما يصيب أسفل الخف والحذاء والذيل لايجزئ فيه إلا الغسل بالماء، وحتى نجاسة الأرض‏.‏
ومذهب أحمد فيه متوسط، فكل ما جاءت به السنة قال به‏:‏ يجوز - في الصحيح عنه - مسحها بالتراب ونحوه من النعل ونحوه، كما جاءت به السنة، كما يجوز مسحها من السبيلين؛ فإن السبيلين بالنسبة إلى سائر الأعضاء كأسفل الخف بالنسبة إلى سائر الثياب في تكرر النجاسة على كل منها‏.‏
واختلف أصحابه في أسفل الذيل‏:‏ هل هو كأسفل الخف كما جاءت به السنة واستوائها للأثر في ذلك‏؟‏
والقياس‏:‏ إزالتها عن الأرض بالشمس والريح‏.‏‏.‏‏.‏ يجب التوسط فيه‏.‏
فإن التشديد في النجاسات جنسًا وقدرًا، هو دين اليهود، والتساهل هو دين النصاري، ودين الإسلام هو الوسط‏.‏ فكل قول يكون فيه شيء من هذا الباب يكون أقرب إلى دين الإسلام‏.‏
وأصل آخر‏:‏
وهو اختلاط الحلال بالحرام، كاختلاط المائع الطاهر بالنجس، فقول الكوفيين فيه من الشدة ما لا خفاء به‏.‏
وسر قولهم‏:‏ إلحاق الماء بسائر المائعات، وأن النجاسة إذا وقعت في مائع لم يمكن استعماله إلا باستعمال الخبث، فيحرم الجميع، مع أن تنجيس المائع - غير الماء - الآثار فيه قليلة‏.‏
وبإزائهم مالك وغيره من أهل المدينة؛ فإنهم - في المشهور - لا ينجسون الماء إلا بالتغير، ولا يمنعون من المستعمل ولا غيره، مبالغة في طهورية الماء، مع فرقهم بينه وبين غيره من المائعات‏.‏
ولأحمد قول كمذهبهم، لكن المشهور عنه التوسط بالفرق بين قليله وكثيره كقول الشافعي‏.‏
واختلف قوله في المائعات غير الماء‏:‏ هل يلحق بالماء، أو لا يلحق به كقول مالك والشافعي‏؟‏ أو يفرق بين الماء وغير الماء إلا بالتغير، ولا يمنعون من المستعمل ولا غيره، مبالغة في طهورية الماء، مع فرقهم بينه وبين غيره من المائعات‏.‏
ولأحمد قول كمذهبهم المشهور عنه التوسط بالفرق بين قليله وكثيره كقول الشافعي‏.‏
واختلف قوله في المائعات غير الماء‏:‏ هل يلحق بالماء، أو لا يلحق به كقول مالك والشافعي‏؟‏ أو يفرق بين الماء وغير الماء كخل العنب‏؟‏ على ثلاث روايات‏.‏
وفي هذه الأقوال من التوسط ـ أثرًا ونظرًا ـ ما لا خفاء به، مع أن قول أحمد الموافق لقول مالك راجح في الدليل‏.‏
وأصل آخـر‏:‏ وهو أن للناس في أجزاء الميتة التي لا رطوبة فيها ـ كالشعر والظفر والريش ـ مذاهب‏:‏ هل هو طاهر، أو نجس‏؟‏ ثلاثة أقوال‏:‏
أحدها‏:‏ نجاستها مطلقًا كقول الشافعي ورواية عن أحمد؛ بناء على أنها جزء من الميتة‏.‏
والثاني‏:‏ طهارتها مطلقًا، كقول أبي حنيفة وقول في مذهب أحمد؛ بناء على أن الموجب للنجاسة هو الرطوبات وهي إنما تكون فيما يجري فيه الدم؛ ولهذا حكم بطهارة ما لا نفس له سائلة، فما لا رطوبة فيه من الأجزاء بمنزلة ما لا نفس له سائلة‏.‏
والثالث‏:‏ نجاسة ما كان فيه حس، كالعظم؛ إلحاقًا له باللحم اليابس، وعدم نجاسة ما لم يكن فيه إلا النماء كالشعر؛ إلحاقًا له بالنبات‏.‏
وأصل آخر‏:‏ وهو طهارة الأحداث التي هي الوضوء والغسل فإن مذهب فقهاء الحديث‏:‏ استعملوا فيها من السنن ما لا يوجد لغيرهم،ويكفي المسح على الخفين وغيرهما من اللباس والحوائل‏.‏ فقد صنف الإمام أحمد كتاب ‏[‏المسح على الخفين‏]‏، وذكر فيه من النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المسح على الخفين والجوربين وعلى العمامة، بل على خُمر النساء ـ كما كانت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها تفعله ـ وعلى القلانس ـ كما كان أبو موسي وأنس يفعلانه ـ ما إذا تأمله العالم علم فضل علم أهل الحديث على غيرهم، مع أن القياس يقتضي ذلك اقتضاء ظاهرًا‏.‏ وإنما توقف عنه من توقف من الفقهاء؛ لأنهم قالوا بما بلغهم من الأثر، وجبنوا عن القياس ورعًا‏.‏
ولم يختلف قول أحمد فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، كأحاديث المسح على العمائم والجوربين، والتوقيت في المسح، وإنما اختلف قوله فيما جاء عن الصحابة، كخمُر النساء، وكالقلانس الدنيات‏.‏
ومعلوم أن في هذا الباب من الرخصة التي تشبه أصول الشريعة وتوافق الآثار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏.‏
واعلم أن كل من تأول في هذه الأخبار تأويلاً ـ مثل كون المسح على العمامة مع بعض الرأس هو المجزئ ونحو ذلك ـ لم يقف على مجموع الأخبار، وإلا فمن وقف على مجموعها أفادته علمًا يقينًا بخلاف ذلك‏.‏
وأصل آخر في التيمم‏:‏ فإن أصح حديث فيه، حديث عمار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ المصرح بأنه يجزئ ضربة واحدة للوجه والكفين، وليس في الباب حديث يعارضه من جنسه، وقد أخذ به فقهاء الحديث ـ أحمد وغيره‏.‏ وهذا أصح من قول من قال‏:‏ يجب ضربتان وإلى المرفقين؛ كقول أبي حنيفة والشافعي في الجديد، أو ضربتان إلى الكوعين‏.‏
وأصل آخر في الحيض والاستحاضة‏:‏ فإن مسائل الاستحاضة من أشكل أبواب الطهارة، وفي الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنن‏:‏ سنة في المعتادة‏:‏ أنها ترجع إلى عادتها‏.‏ وسنة في المميزة‏:‏ أنها تعمل بالتمييز‏.‏ وسنة في المتحيزة ـ التي ليست لها عادة ولا تمييز ـ بأنها تتحيض غالب عادات النساء‏:‏ ستًا أو سبعًا، وأن تجمع بين الصلاتين إن شاءت‏.‏
فأما السُّـنَّتان الأولتان ففي الصحيح‏.‏ وأما الثالثة‏:‏ فحديث حَمْنَة بنت جحش، رواه أهل السنن، وصححه الترمذي‏.‏ وكذلك قد روي أبو داود وغيره في سهلة بنت سهيل بعض معناه‏.‏
وقد استعمل أحمد هذه السنن الثلاث في المعتادة المميزة والمتحيرة‏.‏ فإن اجتمعت العادة والتمييز، قدم العادة ـ في أصح الروايتين ـ كما جاء في أكثر الأحاديث‏.‏
فأما أبو حنيفة، فيعتبر العادة إن كانت، ولا يعتبر التمييز ولا الغالب، بل إن لم تكن عادة إن كانت مبتدأة حيضها حيضة الأكثر، وإلا حيضة الأقل‏.‏
ومالك يعتبر التمييز ولا يعتبر العادة ولا الأغلب، فإن لم يعتبر العادة ولا الأغلب فلا يحضها، بل تصلي أبدًا إلا في الشهر الأول، فهل تحيض أكثر الحيض، أو عادتها وتستظهر ثلاثة أيام‏؟‏ على روايتين‏.‏
والشافعي يستعمل التمييز والعادة دون الأغلب، فإن اجتمع قَدَّم التمييز، وإن عُدِم صلت أبدًا‏.‏ واستعمل من الاحتياط في الإيجاب والتحريم والإباحة ما فيه مشقة عظيمة علمًا وعملا‏.‏
فالسنن الثلاث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحالات الفقهية، استعملها فقهاء الحديث، ووافقهم في كل منها طائفة من الفقهاء‏.‏

عدد المشاهدات *:
360616
عدد مرات التنزيل *:
250627
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : باب المياه فصـــل: في الطهارة
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  باب المياه فصـــل: في الطهارة
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  باب المياه فصـــل: في الطهارة لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1