اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الجمعة 18 شوال 1445 هجرية
??? ?????????? ??? ???????? ???? ??? ???? ????????????????? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????? ???????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

شعارات المحجة البيضاء

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :

8 : 54 ـ بـاب فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقا إليه قال الله تعالى : ( وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) [الإسراء: 109] . وقال تعالى: ( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ ) [لنجم: 59 ، 60] . 1/446 ـ وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : اقرأ علي القرآن )) قلت: يا رسول الله أقرأ عليك ، وعليك أنزل ؟ ! قال : (( إني أحب أن أسمعه من غيري )) فقرأت عليه سورة النساء ، حتى جئت إلى هذه الآية : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً )[النساء:41] قال : (( حسبك الآن )) فالتفت إليه ، فإذا عيناه تذرفان . متفق عليه(299) . 2/447 ـ وعن أنس رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط : (( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً )) قال فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين . متفق عليه (300) ، وسبق بيانه في باب الخوف . 3/448 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم)) رواه الترمذي(301). وقال حديث حسن صحيح . 4/449 ـ وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه ، وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله تعالى ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه )) متفق عليه(302) .

Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد السابع والعشرون
كتاب الزيارة وشد الرحال إليها
فصل في الصلاة و السلام على النبي
السلام على النبي نوعان
مجموع فتاوى ابن تيمية
وكان الصحابة إذا أراد أحدهم أن يدعو لنفسه استقبل القبلة ودعا في مسجده، كما كانوا يفعلون في حياته‏.‏لا يقصدون الدعاء عند الحجرة ولا يدخل أحدهم إلى القبر‏.‏ والسلام عليه قد شرع للمسلمين في كل صلاة، وشرع للمسلمين إذا دخل أحدهم المسجد أي مسجد كان‏.‏
فالنوع الأول‏:‏ كل صلاة يقول المصلى‏:‏ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ثم يقول‏:‏ السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين‏.‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏فإذا قلتم ذلك أصابت كل عبد صالح لله في السماء والأرض‏)‏‏.‏ وقد شرع للمسلمين في كل صلاة أن يسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم خصوصا وعلى عباد الله الصالحين من الملائكة والإنس والجن عموما‏.‏ وفي الصحيحين عن ابن مسعود أنه قال‏:‏ كنا نقول خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة‏:‏ السلام على فلان وفلان‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الله / هو السلام، فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل‏:‏ التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‏)‏‏.‏ وقد روي عنه التشهد بألفاظ أخر، كما رواه مسلم من حديث ابن عباس، وكما كان ابن عمر يعلم الناس التشهد‏.‏ ورواه مسلم من حديث أبي موسي، لكن هو تشهد ابن مسعود‏.‏ ولكن لم يخرج البخاري إلا تشهد ابن مسعود، وكل ذلك جائز، فإن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فالتشهد أولي‏.‏
والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم ذكر أن المصلى إذا قال‏:‏ السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أصابت كل عبد صالح لله في السماء والأرض‏.‏ وهذا يتناول الملائكة وصالحي الإنس والجن، كما قال تعالى عنهم‏:‏ ‏{‏وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ‏}‏ ‏[‏الجن‏:‏ 11‏]‏‏.‏
والنوع الثاني‏:‏ السلام عليه عند دخول المسجد، كما في المسند والسنن عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ورضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إذا دخل أحدكم المسجد فليقل‏:‏ بسم الله، والسلام على رسول الله‏.‏ اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك‏.‏ وإذا خرج قال‏:‏ بسم الله، والسلام على رسول الله‏.‏/ اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك‏)‏‏.‏ وقد روي مسلم في صحيحه الدعاء عند دخول المسجد بأن يفتح له أبواب رحمته، وعند خروجه يسأل الله من فضله‏.‏ وهذا الدعاء مؤكد في دخول مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا ذكره العلماء فيما صنفوه من المناسك لمن أتي إلى مسجده صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك‏.‏ فكان السلام عليه مشروعا عند دخول المسجد والخروج منه، وفي نفس كل صلاة‏.‏ وهذا أفضل وأنفع من السلام عليه عند قبره وأدوم‏.‏ وهذا مصلحة محضة لا مفسدة فيها تخشي، فبها يرضي الله ويوصل نفع ذلك إلى رسوله وإلى المؤمنين‏.‏ وهذا مشروع في كل صلاة وعند دخول المسجد والخروج منه، بخلاف السلام عند القبر‏.‏
مع أن قبره من حين دفن لم يمكن أحد من الدخول إليه، لا لزيارة ولا لصلاة ولا لدعاء ولا غير ذلك‏.‏ ولكن كانت عائشة فيه لأنه بيتها‏.‏ وكانت ناحية عن القبور؛ لأن القبور في مقدم الحجرة، وكانت هي في مؤخر الحجرة‏.‏ ولم يكن الصحابة يدخلون إلى هناك‏.‏ وكانت الحجرة على عهد الصحابة خارجة عن المسجد متصلة به، وإنما أدخلت فيه في خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان بعد موت العبادلة، ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وابن عمرو، بل بعد موت جميع الصحابة الذين كانوا بالمدينة، فإن آخر من مات بها جابر ابن عبد الله في بضع / وسبعين سنة‏.‏ ووسع المسجد في بضع وثمانين سنة‏.‏ ولم يكن الصحابة يدخلون إلى عند القبر، ولا يقفون عنده خارجا، مع أنهم يدخلون إلى مسجده ليلا ونهارا‏.‏ وقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏صلاة في مسجدي هذا خير مـن ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام‏)‏‏.‏ وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد‏:‏ المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى‏)‏‏.‏ وكانوا يقدمون من الأسفار للاجتماع بالخلفاء الراشدين وغير ذلك فيصلون في مسجده، ويسلمون عليه في الصلاة، وعند دخول المسجد والخروج منه‏.‏ ولا يأتون القبر، إذ كان هذا عندهم مما لم يأمرهم به، ولم يسنه لهم‏.‏ وإنما أمرهم وسن لهم الصلاة والسلام عليه في الصلاة، وعند دخولهم المساجد، وغير ذلك‏.‏
ولكن ابن عمر كان يأتيه فيسلم عليه وعلى صاحبيه عند قدومه من السفر‏.‏ وقد يكون فعله غير ابن عمر أيضا‏.‏ فلهذا رأي من رأي من العلماء هذا جائزا اقتداء بالصحابة ـ رضوان الله عليهم‏.‏ وابن عمر كان يسلم ثم ينصرف، ولا يقف، يقول‏:‏ السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت‏.‏ ثم ينصرف‏.‏ ولم يكن جمهور الصحابة يفعلون كما فعل ابن عمر، بل كان الخلفاء وغيرهم يسافرون للحج وغيره ويرجعون ولا يفعلون ذلك، إذ لم يكن هذا /عندهم سنة سنها لهم‏.‏ وكذلك أزواجه كن على عهد الخلفاء وبعدهم يسافرون إلى الحج، ثم ترجع كل واحدة إلى بيتها كما وصاهن بذلك‏.‏ وكانت أمداد اليمن الذين قال الله تعالى فيهم‏:‏ ‏{‏فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 54‏]‏، على عهد أبي بكر الصديق وعمر يأتون أفواجًا من اليمن للجهاد في سبيل الله، ويصلون خلف أبي بكر وعمر في مسجده، ولا يدخل أحد منهم إلى داخل الحجرة، ولا يقف في المسجد خارجًا، لا لدعاء ولا لصلاة ولا سلام ولا غير ذلك‏.‏ وكانوا عالمين بسنته كما علمتهم الصحابة والتابعون، وأن حقوقه لازمة لحقوق الله عز وجل، وأن جميع ما أمر الله به وأحبه من حقوقه وحقوق رسوله فإن صاحبها يؤمر بها في جميع المواضع والبقاع‏.‏ فليست الصلاة والسلام عند قبره المكرم بأوكد من ذلك في غير ذلك المكان‏.‏ بل صاحبها مأمور بها حيث كان‏:‏ إما مطلقًا وإما عند الأسباب المؤكدة لها، كالصلاة والدعاء والأذان‏.‏ ولم يكن شيء من حقوقه ولا شيء من العبادات هو عند قبره أفضل منه في غير تلك البقعة، بل نفس مسجده له فضيلة لكونه مسجده‏.‏
ومن اعتقد أنه قبل القبر لم تكن له فضيلة إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى فيه والمهاجرون والأنصار، وإنما حدثت له الفضيلة في خلافة الوليد بن عبد الملك لما أدخل الحجرة في مسجده، فهذا لا يقوله /إلا جاهل مفرط في الجهل، أو كافر، فهو مكذب لما جاء به مستحق للقتل‏.‏ وكان الصحابة يدعون في مسجده كما كانوا يدعون في حياته‏.‏ لم تحدث لهم شريعة غير الشريعة التي علمهم إياها في حياته‏.‏ وهو لم يأمرهم إذا كان لأحدهم حاجة أن يذهب إلى قبر نبي أو صالح فيصلى عنده ويدعوه، أو يدعو بلا صلاة، أو يسأل حوائجه، أو يسأله أن يسأل ربه‏.‏ فقد علم الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يأمرهم بشيء من ذلك، ولا أمرهم أن يخصوا قبره أو حجرته لا بصلاة ولا دعاء، لا له ولا لأنفسهم، بل قد نهاهم أن يتخذوا بيته عيدًا‏.‏ فلم يقل لهم كما يقول بعض الشيوخ الجهال لأصحابه‏:‏ إذا كان لكم حاجة فتعالوا إلى قبري، بل نهاهم عما هو أبلغ من ذلك أن يتخذوا قبره أو قبر غيره مسجدًا يصلون فيه لله عز وجل، ليسد ذريعة الشرك‏.‏ فصلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا، وجزاه أفضل ما جزي نبيا عن أمته، قد بلغ الرسالة، وأدي الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربه‏.‏ وكان إنعام الله به أفضل نعمة أنعم بها على العباد‏.‏
وقد دلهم صلى الله عليه وسلم على أفضل العبادات وأفضل البقاع، كما في الصحيحين عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال‏:‏ قلت‏:‏ / يا رسول الله، أي العمل أفضل‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏الصلاة على مواقيتها‏)‏‏.‏ قلت‏:‏ ثم أي‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏بر الوالدين‏)‏‏.‏ قلت‏:‏ ثم أي‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏الجهاد في سبيل الله‏)‏‏.‏ قال‏:‏ سألته عنهن ولو استزدته لزادني‏.‏ وفي المسند وسنن ابن ماجه عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن‏)‏‏.‏ والصلاة قد شرع للأمة أن تتخذ لها مساجد، وهي أحب البقاع إلى الله كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم وغيره أنه قال‏:‏ ‏(‏أحب البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق‏)‏‏.‏
ومع هذا فقد لعن من يتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد وهو في مرض موته، نصيحة للأمة، وحرصًا منه على هداها‏.‏ كما نعته الله بقوله‏:‏ ‏{‏لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عليه مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عليكم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 128‏]‏‏.‏ ففي الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه‏:‏ ‏(‏لعن الله اليهود والنصاري، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‏)‏‏.‏ قالت عائشة‏:‏ ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدًا‏.‏ وفي رواية‏:‏ ولكن خشي أن يتخذ مسجدًا‏.‏ وفي رواية للبخاري‏:‏ ‏(‏غير أني أخشي أن يتخذ مسجدًا‏)‏‏.‏ وعن عائشة وابن عباس قالا‏:‏ لما نزل برسول الله / صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك‏:‏ ‏(‏لعنة الله على اليهود والنصاري، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‏)‏ ـ يحذر ما صنعوا‏.‏ ومن حكمة الله أن عائشة أم المؤمنين ـ صاحبة الحجرة التي دفن فيها صلى الله عليه وسلم ـ تروي هذه الأحاديث، وقد سمعتها منه، وإن كان غيرها من الصحابة ـ أيضًا ـ يرويها؛ كابن عباس، وأبي هريرة، وجندب بن عبد الله، وابن مسعود ـ رضي الله تعالى عنهم‏.‏
وفي الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏قاتل الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‏)‏‏.‏ وفي الصحيحين عن عائشة‏:‏ أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة‏)‏‏.‏
وفي صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول‏:‏ ‏(‏إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذًا من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً‏.‏ ألا وإن من /كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك‏)‏‏.‏ وفي صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها‏)‏‏.‏ وفي المسند وصحيح أبي حاتم‏:‏ أنه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد‏)‏‏.‏ وقد تقدم نهيه أن يتخذوا قبره عيدًا‏.‏
فلما علم الصحابة أنه قد نهاهم عن أن يتخذوه مصلى للفرائض التي يتقرب بها إلى الله عز وجل، لئلا يتشبهوا بالمشركين الذين يدعونها ويصلون لها وينذرون لها، كان نهيهم عن دعائها أعظم وأعظم‏.‏ كما أنه لما نهاهم عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها لئلا يتشبهوا بمن يسجد للشمس، كان نهيهم عن السجود للشمس أولي وأحري‏.‏ فكان الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ يقصدون الصلاة والدعاء والذكر في المساجد التي بنيت لله دون قبور الأنبياء والصالحين التي نهوا أن يتخذوها مساجد، وإنما هي بيوت المخلوقين‏.‏ وكانوا يفعلون بعد موته ما كانوا يفعلون في حياته صلى الله عليه وآله وسلم تسليما‏.‏
ومما يدل على ما ذكره مالك وغيره من علماء المسلمين من الكراهة لأهل المدينة قصدهم القبر إذا دخلوا أو خرجوا منه ونحو ذلك / ـ وإن كـان قصدهم مجرد السلام عليه والصلاة ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء راكبًا وماشيا كل سبت، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث ابن عمر، قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي قباء كل سبت راكبًا وماشيا‏.‏ وكان ابن عمر يفعله‏.‏ زاد نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ فيصلى فيه ركعتين‏.‏ وهذا الحديث الصحيح يدل على أنه كان يصلى في مسجده يوم الجمعة، ويذهب إلى مسجد قباء فيصلى فيه يوم السبت، وكلاهما أسس على التقوي، وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ على التَّقْوَي مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 108‏]‏، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه أنه سأل أهل قباء عن هذا الطهور الذي أثني الله عليهم، فذكروا أنهم يستنجون بالماء‏.‏ وفي سنن أبي داود وغيره قال‏:‏ نزلت هذه الآية في مسجد أهل قباء ‏{‏فٌيهٌ رٌجّالِ يحٌبٍَونّ أّن يتّطّهَّرٍوا‏}‏‏.‏ قال‏:‏ كانوا يستنجون بالماء، فنزلت فيهم هذه الآية‏.‏ وقد ثبت في الصحيح عن سعد أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المسجد الذي أسس على التقوي وهو في بيت بعض نسائه، فأخذ كفًا من حصي، فضرب به الأرض ثم قال‏:‏ ‏(‏هو مسجدكم هذا‏)‏، لمسجد المدينة‏.‏ فتبين أن كلا المسجدين أسس على التقوي، لكن مسجد المدينة أكمل في هذا النعت، فهو أحق بهذا الاسم‏.‏ ومسجد قباء كان سبب نزول الآية؛ لأنه / مجاور لمسجد الضرار الذي نهي عن القيام فيه‏.‏
والمقصود أن إتيان قباء كل أسبوع للصلاة فيه كان ابن عمر يفعله اتباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن ابن عمر ولا غيره إذا كانوا مقيمين بالمدينة يأتون قبر النبي صلى الله عليه وسلم لا في الأسبوع ولا في غير الأسبوع‏.‏ وإنما كان ابن عمر يأتي القبر إذا قدم من سفر‏.‏ وكثير من الصحابة أو أكثرهم كانوا يقدمون من الأسفار ولا يأتون القبر لا لسلام ولا لدعاء ولا غير ذلك‏.‏ فلم يكونوا يقفون عنده خارج الحجرة في المسجد، كما كان ابن عمر يفعل‏.‏ ولم يكن أحد منهم يدخل الحجرة لذلك، بل ولا يدخلونها إلا لأجل عائشة ـ رضي الله عنها ـ لما كانت مقيمة فيها‏.‏ وحينئذ فكان من يدخل إليها يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، كما كانوا يسلمون عليه إذا حضروا عنده‏.‏ وأما السلام الذي لا يسمعه فذلك سلام الله عليهم به عشرًا، كالسلام عليه في الصلاة، وعند دخول المسجد، والخروج منه‏.‏ وهذا السلام مأمور به في كل مكان وزمان‏.‏ وهو أفضل من السلام المختص بقبره‏.‏ فإن هذا المختص بقبره من جنس تحية سائر المؤمنين أحياء وأمواتًا‏.‏
وأما السلام المطلق العام فالأمر به من خصائصه كما أن الأمر بالصلاة من خصائصه‏.‏ وإن كان في الصلاة والسلام على غيره عمومًا وفي الصلاة على غيره خصوصًا نزاع‏.‏ وقد عدي بعضهم ذلك إلى السلام /فجعله مختصًا به، كما اختص بالصلاة‏.‏ وحكي هذا عن أبي محمد الجويني، لكن جمهور العلماء على أن السلام لا يختص به‏.‏ وأما الصلاة ففيها نزاع مشهور‏.‏ وذلك أن الله تعالى أمر في كتابه بالصلاة والسلام عليه مخصوصًا بذلك، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عليه وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 56‏]‏، فهنا أخبر وأمر‏.‏ وأما في حق عموم المؤمنين فأخبر ولم يأمر، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏هُوَ الَّذِي يُصلى عليكمْ وَمَلَائِكَتُهُ ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 43‏]‏؛ ولهذا إذا ذكر الخطباء ذلك قالوا‏:‏ إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثني بملائكته، وأيه بالمؤمنين من بريته، أي قال ‏{‏يا أيها الذين آمنوا‏}‏‏.‏ فإن صلاته تعالى على المؤمنين بدأ فيها بنفسه، وثني بملائكته، لكن لم يؤيه فيها بالمؤمنين من بريته‏.‏ وقد جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏إن الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير‏)‏‏.‏

عدد المشاهدات *:
361883
عدد مرات التنزيل *:
250896
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : السلام على النبي نوعان
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  السلام على النبي نوعان
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  السلام على النبي نوعان لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1