اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الجمعة 19 رمضان 1445 هجرية
?? ??? ????? ??? ??? ???? ????? ??????????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

لا اله الا الله

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد السابع والعشرون
كتاب الزيارة وشد الرحال إليها
فصل في الصلاة و السلام على النبي
والمقصود هنا أن سلام التحية عند اللقاء في المحيا
مجموع فتاوى ابن تيمية
/والمقصود هنا أن سلام التحية عند اللقاء في المحيا، وفي الممات إذا زار قبر مسلم مشروع في حق كل مسلم لكل من لقيه حيا أو زار قبره أن يسلم عليه‏.‏ فالصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ كانوا يعرفون أن هذا السلام عليه عند قبره الذي قال فيه‏:‏ ‏(‏ما من أحد يسلم على إلا رد الله على روحي، حتى أرد عليه السلام‏)‏، ليس من خصائصه، ولا فيه فضيلة له على غيره‏.‏ بل هو مشروع في حق كل مسلم حي وميت‏.‏ وكل مؤمن يرد السلام على من سلم عليه‏.‏ وهذا ليس مقصودًا بنفسه، بل إذا لقيه سلم عليه‏.‏ وهكذا إذا زار القبر يسلم على الميت‏.‏ لا أنه يتكلف قطع المسافة واللقاء لمجرد ذلك‏.‏ والسلام عليه في الصلاة، وعند دخول المسجد والخروج منه، فهو من خصائصه، هو من السلام الذي أمر الله به في القرآن أن يسلم عليه، ومن سلم يسلم الله عليه عشرًا، كما يصلى عليه إذا صلى عليه عشرًا‏.‏ فهو المشروع المأمور به الأفضل الأنفع الأكمل الذي لا مفسدة فيه‏.‏ وذاك جهد لا يختص به ولا يؤمر بقطع المسافة لمجرده، بل قصد نية الصلاة والسلام والدعاء هو اتخاذ له عيدًا، وقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تتخذوا بيتي عيدًا‏)‏‏.‏
فلهذا كان العمل الشائع في الصحابة ـ الخلفاء الراشدين والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ـ أنهم يدخلون مسجده ويصلون عليه /في الصلاة، ويسلمون عليه كما أمرهم الله ورسوله، ويدعون لأنفسهم في الصلاة مما اختاروا من الدعاء المشروع كما في الصحيح من حديث ابن مسعود لما علمه التشهد قال‏:‏ ‏(‏ثم ليتخير بعد ذلك من الدعاء أعجبه إليه‏)‏‏.‏ ولم يكونوا يذهبون إلى القبر لا من داخل الحجرة ولا من خارجها، لا لدعاء ولا صلاة ولا سلام ولا غير ذلك من حقوقه المأمور بها في كل مكان فضلاً عن أن يقصدوها لحوائجهم، كما يفعله أهل الشرك والبدع، فإن هذا لم يكن يعرف في القرون الثلاثة، لا عند قبره ولا قبر غيره، لا في زمن الصحابة ولا التابعين ولا تابعيهم‏.‏
فهذه الأمور إذا تصورها ذو الإيمان والعلم عرف دين الإسلام في هذه الأمور‏.‏ وفرق بين من يعرف التوحيد والسنة والإيمان، ومن يجهل ذلك‏.‏ وقد تبين أن الخلفاء الراشدين وجمهور الصحابة كانوا يدخلون المسجد ويصلون فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يسلمون عليه عند الخروج من المدينة وعند القدوم من السفر، بل يدخلون المسجد فيصلون فيه ويسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يأتون القبر، ومقصود بعضهم التحية‏.‏
وأيضًا، فقد استحب لكل من دخل المسجد أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول‏:‏ بسم الله، والسلام على رسول الله‏.‏ اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك‏.‏ وكذلك إذا خرج يقول‏:‏/ بسم الله، والسلام على رسول الله‏.‏ اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك‏.‏ فهذا السلام عند دخول المسجد كلما يدخل يغني عن السلام عليه عند القبر‏.‏ وهو من خصائصه، ولا مفسدة فيه وهو يفعل ذلك في الصلاة، فيصلون ويسلمون عليه في الصلاة، ويصلون عليه إذا سمعوا الأذان ويطلبون له الوسيلة لما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا على، فإنه من صلى على مرة صلى الله عليه عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم القيامة‏)‏‏.‏
وقد علموا أن الذي يستحب عند قبره المكرم من السلام عليه هو سلام التحية عند اللقاء، كما يستحب ذلك عند قبر كل مسلم وعند لقائه، فيشاركه فيه غيره كما قال‏:‏ ‏(‏ما من رجل يسلم على إلا رد الله على روحي، حتى أرد عليه السلام‏)‏، وقال‏:‏ ‏(‏ما من رجل يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه، إلا عرفه ورد عليه السلام‏)‏‏.‏ وكان إذا أتي المقابر قال‏:‏ ‏(‏السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع، أسأل الله العافية لنا ولكم‏)‏، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا‏:‏/‏(‏السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين‏)‏‏.‏ والسلام عليه في الصلاة أفضل من السلام عليه عند القبر، وهو من خصائصه، وهو مأمور به‏.‏ والله يسلم على صاحبه كما يصلى على من صلى عليه، فإنه من صلى عليه واحدة صلى الله عليه بها عشرًا، ومن سلم عليه واحدة سلم الله عليه عشرًا‏.‏ وقد حصل مقصودهم ومقصوده من السلام عليه والصلاة عليه في مسجده وغير مسجده، فلم يبق في إتيان القبر فائدة لهم ولا له، بخلاف إتيان مسجد قباء فإنهم كانوا يأتونه كل سبت فيصلون فيه اتباعًا له صلى الله عليه وسلم‏.‏ فإن الصلاة فيه كعمرة‏.‏ ويجمعون بين هذا وبين الصلاة في مسجده يوم الجمعة، إذ كان أحد هذين لا يغني عن الآخر، بل يحصل بهذا أجر زائد‏.‏ وكذلك إذا خرج الرجل إلى البقيع وأهل أحد كما كان يخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لهم كان حسنًا؛ لأن هذا مصلحة لا مفسدة فيها وهم لا يدعون لهم في كل صلاة حتى يقال‏:‏هذا يغني عن هذا‏.‏
ومع هذا فقد نقل عن مالك كراهة اتخاذ ذلك سنة‏.‏ ولم يأخذ في هذا بفعل ابن عمر، كما لم يأخذ بفعله في التمسح بمقعده على المنبر، ولا باستحباب قصد الأماكن التي صلى فيها لكون الصلاة أدركته فيها، فكان ابن عمر يستحب قصدها للصـلاة فيها، وكـان جمهور الصحابة لا يسستحبون ذلك، بل يستحبون ما كان صلى الله عليه وسلم يسـتحبه / وهـو أن يصلى حيث أدركته الصـلاة، وكـان أبوه عمـر بن الخطاب ينـهي مـن يقصدها للصلاة فيها، ويقول‏:‏ إنما هلك من كان قبلكم بهذا، فإنهم اتخذوا آثار أنبيائهم مساجـد، مـن أدركتـه الصلاة فـيه فليصل وإلا فليذهب‏.‏ فأمرهم عمر بن الخطاب بما سنه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان عمـر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ مـن الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم، وله خصوص الأمر بالاقتداء به وبأبي بكر حيث قال‏:‏ ‏(‏اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر‏)‏‏.‏ فالأمر بالاقتداء أرفع من الأمر بالسنة، كما قد بسط في مواضع‏.‏
وكذلك نقل عن مالك كراهة المجيء إلى بيت المقدس؛ خشية أن يتخذ السفر إليه سنة، فإنه كره ذلك لما جعل لهذا وقت معين كوقت الحج الذي يذهب إليه جماعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا، لا في قباء ولا في قبور الشهداء وأهل البقيع ولا غيرهم، كما فعل مثل ذلك في الحج وفي الجمع والأعياد‏.‏ فيجب الفرق بين هذا وبين هذا‏.‏ مع أنه صلى التطوع في جماعة مرات في قيام الليل ووقت الضحي وغيره، ولكن لم يجعل الاجتماع مثل تطوع في وقت معين سنة كالصلوات الخمس وكصلاة الكسوف والعيدين والجمعة‏.‏ وأما إتيان القبر للسلام عليه فقد استغنوا عنه بالسلام عليه في الصلاة، وعند دخول المسجد والخروج منه، وفي إتيانه بعد الصلاة مرة بعد مرة ذريعة إلى أن يتخذ عيدًا ووثنًا، /وقد نهو عن ذلك‏.‏
وهو صلى الله عليه وسلم مدفون في حجرة عائشة، وكانت حجرة عائشة وسائر حجر أزواجه من جهة شرقي المسجد وقبلته، لم تكن داخلة في مسجده، بل كان يخرج من الحجرة إلى المسجد، ولكن في خلافة الوليد وسع المسجد، وكان يحب عمارة المساجد، وعمر المسجد الحرام ومسجد دمشق وغيرهما، فأمر نائبه عمر بن عبد العزيز أن يشتري الحجر من أصحابها الذين ورثوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ويزيدها في المسجد‏.‏ فمن حينئذ دخلت الحجر في المسجد، وذلك بعد موت الصحابة‏.‏ بعد موت ابن عمر، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وبعد موت عائشة، بل بعد موت عامة الصحابة، ولم يكن بقي في المدينة منهم أحد‏.‏ وقد روي أن سعيد بن المسيب كره ذلك‏.‏ وقد كره كثير من الصحابة والتابعبن ما فعله عثمان ـ رضي الله عنه ـ من بناء المسجد بالحجارة والقصة والساج، وهؤلاء لما فعله الوليد أكره‏.‏ وأما عمر? ـ رضي الله عنه ـ فإنه وسعه، لكن بناه على ما كان من بنائه من اللبن وعمده جذوع النخل وسقفه الجريد‏.‏ ولم ينقل أن أحدًا كره ما فعل عمر، وإنما وقع النزاع فيما فعله عثمان والوليد‏.‏
وكان من أراد السلام عليه على عهد الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ يأتيه صلى الله عليه وسلم من غربي الحجرة فيسلم عليه، إما مستقبل الحجرة، /وإما مستقبل القبلة‏.‏ والآن يمكنه أن يأتي من جهة القبلة‏.‏ فلهذا كان أكثر العلماء يستحبون أن يستقبل الحجرة ويسلم عليه، ومنهم من يقول‏:‏ بل يستقبل القبلة ويسلم عليه كقول أبي حنيفة‏.‏
فإن الوليد بن عبد الملك تولي بعد موت أبيه عبد الملك سنة بضع وثمانين من الهجرة، وكان قد مات هؤلاء الصحابة كلهم، وتوفي عامة الصحابة في جميع الأمصار‏.‏ ولم يكن بقي بالأمصار إلا قليل جدًا؛ مثل أنس بن مالك بالبصرة، فإنه توفي في خلافة الوليد سنة بضع وتسعين، وجابر بن عبد الله مات سنة ثمان وسبعين بالمدينة، وهو آخر من مات بها‏.‏ والوليد أدخل الحجرة بعد ذلك بمدة طويلة نحو عشر سنين‏.‏ وبناء المسجد كان بعد موت جابر فلم يكن قد بقي بالمدينة أحد‏.‏ وأما عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ فزاد في المسجد والصحابة كثيرون، ولم يدخل فيه شيئًا من الحجرة بل ترك الحجرة النبوية على ما كانت عليه خارجة عن المسجد متصلة به من شرقيه، كما كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، وكانت عائشة ـ رضي الله عنها ـ فيها‏.‏ ولم تزل عائشة فيها إلى أواخر خلافة معاوية، وتوفيت بعد موت الحسن بن على‏.‏ وكان الحسن قد استأذنها في أن يدفن في الحجرة فأذنت له، لكن كره ذلك ناس آخرون، ورأوا أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ لما لم يدفن فيها فلا يدفن غيره‏.‏ وكادت تقوم فتنة‏.‏ ولما احتضرت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أوصت أن تدفـن مع /صـواحباتها بالبقيـع، ولا تدفـن هناك‏.‏ فعلت هـذا تواضعًا أن تزكي بـه صلى الله عليه وسلم‏.‏
فلهذا لم يتكلم فيما فعله الوليد ـ هل هو جائز أو مكروه ـ إلا التابعون؛ كسعيد بن المسيب وأمثاله‏.‏ وكان سعيد إذ ذاك من أجل التابعين، قيل لأحمد بن حنبل‏:‏ أي التابعين أفضل‏؟‏ قال‏:‏ سعيد بن المسيب‏.‏ فقيل له‏:‏ فعلقمة والأسود‏؟‏ فقال‏:‏ سعيد بن المسيب‏.‏ وعلقمة والأسود هذان كان قد ماتا قبل ذلك بمدة‏.‏ ومن ذلك الوقت دخلت في المسجد‏.‏ وكان المسجد قبل دخول الحجرة فيه فاضلا، وكانت فضيلة المسجد بأن النبي صلى الله عليه وسلم بناه لنفسه وللمؤمنين، يصلى فيه هو والمؤمنون إلى يوم القيامة، ففضل ببنائه له‏.‏ قلت‏:‏ قال مالك‏:‏ بلغني أن جبريل هو الذي أقام قبلته للنبي صلى الله عليه وسلم، وبأنه كان هو الذي يقصد فيه الجمعة والجماعة إلى أن مات، وما صلى جمعة بغيره قط لا في سفره ولا في مقامه‏.‏ وأما الجماعة فكان يصليها حيث أدركته‏.‏
ونحن مأمورون باتباعه صلى الله عليه وسلم، وذلك بأن نصدقه في كل ما أخبر به، ونطيعه في كل ما أوجبه وأمر به، لا يتم الإيمان به إلا بهذا وهذا‏.‏ ومن ذلك أن نقتدي به في أفعاله التي يشرع لنا أن نقتدي به، فما فعله على وجه الوجوب أو الاستحباب أو الإباحة نفعله على وجه الوجوب أو الاستحباب أو الإباحة، وهو مذهب جماهير العلماء،/ إلا ما ثبت اختصاصه به‏.‏ فإذا قصد عبادة في مكان شرع لنا أن نقصد تلك العبادة في ذلك المكان‏.‏ فلما قصد السفر إلى مكة وقصد العبادة بالمسجد الحرام والصلاة فيه، والطواف به، وبين الصفا والمروة، والصعود على الصفا والمروة، والوقوف بعرفة وبالمشعر الحرام، ورمى الجمار، والوقوف للدعاء عند الجمرتين الأوليين دون الثالثة التي هي جمرة العقبة، كان ذلك كله مشروعًا لنا، إما واجبًا وإما مستحبًا‏.‏ ولم يذهب بمكة إلى غير المسجد الحرام، ولا سافر إلى الغار الذي مكث فيه لما سافر سفر الهجرة، ولا صعد إلى غار حراء الذي كان يتحنث فيه قبل أن يأتيه الوحي، وكان ذلك عبادة لأهل مكة، قيل‏:‏ إنه سنها لهم عبد المطلب، وصلى عقب الطواف ركعتين، ولم يصل عقب الطواف بالصفا والمروة شيئًا‏.‏ وحين دخل المسجد الحرام طاف بالبيت، وكان الطواف تحية المسجد، لم يصل قبله تحية، كما تصلى في سائر المساجد، كما أنه افتتح برمى جمرة العقبة حين أتي مني، وتلك هي العبادة، وبعدها نحر هديه، ثم حلق رأسه، ثم طاف بالبيت‏.‏
ولهذا صارت السنة أن أهل مني يرمون ثم يذبحون، والرمى لهم بمنزلة صلاة العيد لغيرهم، وليس بمني صلاة عيد ولا جمعة، لا بها ولا بعرفة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل بهما صلاة عيد، ولا صلى يوم عرفة جمعة، ولا كان في أسفاره يصلى جمعة ولا عيدًا‏.‏ ولهذا /كان عامة العلماء على أن الجمعة لا تصلى في السفر، وليس في ذلك إلا نزاع شاذ‏.‏ وجمهور العلماء على أن العيد ـ أيضًا ـ لا يكون إلا حيث تكون الجمعة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عيدًا في السفر، ولا كان يصلى في المدينة على عهده إلا عيدًا واحدًا‏.‏ ولم يكن أحد يصلى العيد منفردًا‏.‏ وهذا قول جمهور العلماء، وفيه نزاع مشهور‏.‏ ولهذا صار المسلمون بمني يرمون، ثم يذبحون النسك، اتباعًا لسنته صلى الله عليه وسلم‏.‏
فما فعله على وجه التقرب كان عبادة تفعل على وجه التقرب، وما أعرض عنه ولم يفعله مع قيام السبب المقتضي لم يكن عبادة ولا مستحبًا‏.‏ وما فعله على وجه الإباحة من غير قصد التعبد به كان مباحًا‏.‏ ومن العلماء من يستحب مشابهته في هذا في الصورة كما كان ابن عمر يفعل، وأكثرهم يقول‏:‏ إنما تكون المتابعة إذا قصدنا ما قصد، وأما المشابهة في الصورة من غير مشاركة في القصد والنية فلا تكون متابعة‏.‏ فما فعله على غير العبادة فلا يستحب أن يفعل على وجه العبادة، فإن ذلك ليس بمتابعة، بل مخالفة‏.‏ وقد ثبت في الصحيح أنه كان يصلى حيث أدركته الصلاة‏.‏ وثبت في الصحيح أنه قال لأبي ذر ـ حين سأله‏:‏ أي مسجد وضع في الأرض أول‏؟‏ فقال ـ‏:‏ ‏(‏المسجد الحرام، ثم المسجد الأقصى، ثم حيثما أدركتك الصلاة فصل، فإنه مسجد‏)‏‏.‏ وروي في /الصحيح‏:‏ ‏(‏فإن فيه الفضل‏)‏‏.‏ فمن أدركته الصلاة هو وأصحابه بمكان، فتركوا الصلاة فيه، وذهبوا إلى مكان آخر؛ لكونه فيه أثر لبعض الأنبياء، فقد خالفوا السنة‏.‏ وقد رأي عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قومًا ينتابون مكانًا صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ما هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ هذا مكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ ومكان صلى فيه رسول الله‏؟‏‏!‏ أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد‏؟‏ إنما هلك بنو إسرائيل بمثل هذا، فمن أدركته الصلاة فيه فليصل فيه، وإلا فليذهب‏.‏
فمسجده المفضل لما كان يفضل الصلاة فيه كان مستحبًا، فكيف وقد قال‏:‏ ‏(‏صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام‏)‏، وقال‏:‏ ‏(‏لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد‏:‏ المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا‏)‏‏.‏ وهذه الفضيلة ثابتة له قبل أن تدخل فيه الحجرة‏.‏ بل كان حينئذ الذين يصلون فيه أفضل ممن صلى فيه إلى يوم القيامة‏.‏ ولا يجوز أن يظن أنه بعد دخول الحجرة فيه صار أفضل مما كان في حياته وحياة خلفائه الراشدين، بل الفضيلة إن اختلفت الأزمنة والرجال، فزمنه وزمن الخلفاء الراشدين أفضل، ورجاله أفضل‏.‏ فالمسجد حينئذ قبل دخول الحجرة فيه كان أفضل إن اختلفت الأمور، وإن لم تختلف /فلا فرق‏.‏ وبكل حال فلا يجوز أن يظن أنه صار بدخول الحجرة فيه أفضل مما كان‏.‏ وهم لم يقصدوا دخول الحجرة فيه، وإنما قصدوا توسيعه بإدخال حجـر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلت فيه الحجرة ضرورة، مع كراهة من كره ذلك من السلف‏.‏
والمقصود أن ما بني الله من المساجد فضيلتها بعبادة الله فيها وحده لا شريك له، وبمن عبد الله فيها من الأنبياء والصالحين وببنائها لذلك‏.‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ على التَّقْوَي مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ على تَقْوَي مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ على شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 108، 109‏]‏‏.‏

عدد المشاهدات *:
345560
عدد مرات التنزيل *:
248669
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : والمقصود هنا أن سلام التحية عند اللقاء في المحيا
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  والمقصود هنا أن سلام التحية عند اللقاء في المحيا
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  والمقصود هنا أن سلام التحية عند اللقاء في المحيا لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1