اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 10 شوال 1445 هجرية
? ?????? ???????? ??? ???????? ???? ??? ???? ??????? ??????????? ??? ????? ??? ??? ???? ????? ????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

الجنة

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد السابع والعشرون
كتاب الزيارة وشد الرحال إليها
فصل في الصلاة و السلام على النبي
والأعمال تفضل بنيات أصحابها
مجموع فتاوى ابن تيمية
والأعمال تفضل بنيات أصحابها، وطاعتهم لله تعالى، وما في قلوبهم من الإيمان بطاعتهم لله، كما ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم‏)‏‏.‏ وبذلك يثابون، وعلى ترك ما فرضه الله يعاقبون، وبذلك يندفع عنهم بلاء الدنيا والآخرة‏.‏ وما أصابهم من المصائب فبذنوبهم‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 7‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 79‏]‏، قال العلماء‏:‏ أي ما أصابك من نصر ورزق وعافية فهو من نعم الله عليك، وما أصابك من المصائب فبذنوبك‏.‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ‏}‏ ‏[‏الشوري‏:‏ 30‏]‏، كما أنهم متفقون كلهم على أنه لا تكون العبادة إلا لله وحده، ولا يكون التوكل إلا عليه وحده، ولا تكون الخشية والتقوي إلا لله وحده‏.‏
والرسول صلى الله عليه وسلم له حق لا يشركه فيه أحد من الأمة، مثل وجوب طاعته في كل ما يوجب ويأمر، قال تعالى‏:‏ ‏{‏مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 80‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 64‏]‏‏.‏ ولهذا كانت مبايعته مبايعة لله، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ‏}‏ ‏[‏الفتح‏:‏10‏]‏، فإنهم عاقدوه على أن يطيعوه في الجهاد ولا يفروا وإن ماتوا‏.‏ وهذه الطاعة له هي طاعة الله‏.‏
وعلينا أن يكون الرسول أحب إلىنا من أنفسنا وآبائنا وأبنائنا وأهلينا وأموالنا، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين‏)‏ رواه البخاري ومسلم، وفي لفظ لمسلم‏:‏ ‏(‏وأهله وماله‏)‏‏.‏ وفي البخاري عن عبد الله بن هشام أنه قال‏:‏ كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، /فقال له عمر‏:‏ يا رسول الله، لأنت أحب إلى من كل شيء إلا من نفسي‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك‏)‏‏.‏ فقال له عمر‏:‏ فإنك الآن والله لأنت أحب إلى من نفسي‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الآن يا عمر‏)‏‏.‏ وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إليكم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حتى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 24‏]‏، وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏النَّبِيُّ أَوْلَي بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 6‏]‏، وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏أنا أولي بكل مؤمن من نفسه‏)‏‏.‏
وذلك أنه لا نجاة لأحد من عذاب الله، ولا وصول له إلى رحمة الله، إلا بواسطة الرسول؛ بالإيمان به ومحبته وموالاته واتباعه‏.‏ وهو الذي ينجيه الله به من عذاب الدنيا والآخرة‏.‏ وهو الذي يوصله إلى خير الدنيا والآخرة‏.‏ فأعظم النعم وأنفعها نعمة الإيمان، ولا تحصل إلا به صلى الله عليه وسلم، وهو أنصح وأنفع لكل أحد من نفسه وماله‏.‏فإنه الذي يخرج الله به من الظلمات إلى النور،لا طريق له إلا هو،وأما نفسه وأهله فلا يغنون عنه من الله شيئًا‏.‏
وهو دعا الخلق إلى الله بإذن الله، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 45، 46‏]‏، والمخالف له يدعو إلى غير الله بغير إذن الله‏.‏ ومن اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه إنما يدعو إلى الله ورسوله‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏بِإِذْنِهِ‏}‏ أي‏:‏ بأمره وما أنزله من العلم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلى اللّهِ على بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏ 108‏]‏، فمن اتبع الرسول دعا إلى الله على بصيرة، أي على بينة وعلم يدعو إليه بمنزل من الله، بخـلاف الذي يأمر بما لا يعلم، أو بما لم ينزل به وحيًا، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 71‏]‏‏.‏ط
وكل ما أمر الله به أو ندب إليه من حقوقه صلى الله عليه وسلم فإنه لا يختص بحجرته لا من داخل ولا من خارج، بل يفعل في جميع الأمكنة التي شرع فيها‏.‏ فليس فعل شيء من حقوقه صلى الله عليه وسلم كالإيمان به، ومحبته، وموالاته، وتبليغ العلم عنه، والجهاد على ما جاء به، وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه، والصلاة والسلام عليه، وكل ما يحبه الله ويتقرب إليه، ليس شيء من ذلك عند حجرته أفضل منه فيما بعد عن الحجرة، لا الصلاة والسلام عليه ولا غير ذلك من حقوقه، بل قد نهى هو صلى الله عليه وسلم أن يجعل بيته عيدًا‏.‏ فنهى أن يقصد بيته بتخصيص شيء من ذلك‏.‏ فمن قصد أو اعتقد أن /فعل ذلك عند الحجرة أفضل فهو مخالف له صلى الله عليه وسلم‏.‏ وهذا مما كان مشروعا كالإيمان به‏.‏ والشهادة له بأنه رسول الله والصلاة والسلام عليه‏.‏ وأما ما لم يشرعه الله ولم ينزل به سلطانا إليه، بل نهى عنه صلى الله عليه وسلم، كدعاء غير الله وعبادتهم من جميع المخلوقات، الملائكة والأنبياء وغيرهم، والحج إلى المخلوقين وإلى قبورهم ـ فهذه إنما يأمر بها من ليس معهم بذلك علم ولا وحي منزل من الله، فهم يضاهون الذين يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا، وما ليس لهم به علم، أو هم نوع منهم‏.‏
وقد ميز الله بين حقه وحق الرسول في مثل قوله‏:‏ ‏{‏وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 52‏]‏، فالطاعة لله والرسول، والخشية لله وحده، والتقوي لله وحده، لا يخشي مخلوق ولا يتقي مخلوق، لا ملك ولا نبي ولا غيرهما‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏51، 52‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَإلىوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَي الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَي أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 18‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 44‏]‏‏.‏
وكذلك ميز بين النوعين في قوله تعالى‏:‏‏{‏وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إلى اللّهِ رَاغِبُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 59‏]‏، ففي الإيتاء قال‏:‏ ‏(‏آتاهم الله ورسوله‏)‏؛ لأن الرسول هو الواسطة بيننا وبين الله في تبليغ أمره ونهىه وتحليله وتحريمه ووعده ووعيده‏.‏ فالحلال ما حلله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 7‏]‏، فلهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 59‏]‏، ولم يقل هنا‏:‏ ‏(‏ورسوله‏)‏؛ لأن الله وحده حسب جميع عباده المؤمنين، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 64‏]‏، أي‏:‏ هو حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين‏.‏
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّي الصَّالِحِينَ ‏[‏الأعراف‏:‏ 196‏]‏ ذكر هذا بعد قوله‏:‏ ‏{‏إ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ‏}‏ إلى قوله ‏:‏‏{‏قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّي الصَّالِحِينَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏194‏:‏ 196‏]‏‏.‏ عن ابن عباس قال‏:‏ هم الذين لا يعدلون بالله فيتولاهم وينصرهم، ولا تضرهم عداوة من عاداهم‏.‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏ 51‏]‏‏.‏ ثم قال تعالى مما يأمرهم‏:‏ ‏{‏سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إلى اللّهِ رَاغِبُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 59‏]‏، فأمرهم أن / يجعلوا الرغبة لله وحده كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإلى رَبِّكَ فَارْغَبْ‏}‏ ‏[‏الشرح‏:‏ 7، 8‏]‏؛ وهذا لأن المخلوق لا يملك للمخلوق نفعا ولا ضرا‏.‏ وهذا عام في أهل السموات وأهل الأرض، قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 56، 57‏]‏‏.‏
قال طائفة من السلف؛ ابن عباس وغيره‏:‏ هذه الآية في الذين عبدوا الملائكة والأنبياء كالمسيح وعزير‏.‏ وقال عبد الله بن مسعود‏:‏ كان قوم من الإنس يعبدون قوما من الجن فأسلم الجن وبقي أولئك على عبادتهم‏.‏ فالآية تتناول كل من دعا من دون الله من هو صالح عند الله من الملائكة والإنس والجن، قال تعالى‏:‏ هؤلاء الذين دعوتموهم ‏{‏فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 56، 57‏]‏‏.‏ قال أبو محمد عبد الحق ابن عطية في تفسيره‏:‏ أخبر الله تعالى أن هؤلاء المعبودين يطلبون التقرب إليه، والتزلف إليه، وأن هذه حقيقة حالهم‏.‏ والضمير في ‏{‏ربهم‏}‏ للمبتغين أو للجميع‏.‏ و‏{‏الوسيلة‏}‏ هي القربة وسبب الوصول إلى البغية، وتوسل الرجل إذا طلب الدنو والنيل لأمر ما، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ /‏(‏من سأل الله لي الوسيلة‏)‏ الحديث، وهذا الذي ذكره ذكر سائر المفسرين نحوه إلا أنه برز به على غيره فقال‏:‏ و ‏{‏أيهم‏}‏ ابتداء، وخبره ‏{‏أقرب‏}‏ و‏{‏أولئك‏}‏ يراد بهم المعبودون، وهو ابتداء، وخبره ‏{‏يبتغون‏}‏‏.‏ والضمير في ‏{‏يدعون‏}‏ للكفار وفي يبتغون للمعبودين‏.‏ والتقدير نظرهم وذكرهم أيهم أقرب‏.‏ وهذا كما قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في حديث الراية بخيبر‏:‏ فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، أي يتبارون في طلب القرب‏.‏ قال ـ رحمه الله ـ‏:‏ وطفف الزجاج في هذا الموضع فتأمله‏.‏
ولقد صدق في ذلك، فإن الزجاج ذكر في قوله‏:‏ ‏{‏أيهم أقرب‏}‏ وجهين كلاهما في غاية الفساد‏.‏ وقد ذكر ذلك عنه ابن الجوزي وغيره وتابعه المهدوي والبغوي وغيرهما‏.‏ ولكن ابن عطية كان أقعد بالعربية والمعاني من هؤلاء، وأخبر بمذهب سيبويه والبصريين، فعرف تطفيف الزجاج مع علمه ـ رحمه الله ـ بالعربية وسبقه ومعرفته بما يعرفه من المعاني والبيان‏.‏ وأولئك لهم براعة وفضيلة في أمور يبرزون فيها على ابن عطية‏.‏ لكن دلالة الألفاظ من جهة العربية هو بها أخبر، وإن كانوا هم أخبر بشيء آخر من المنقولات أو غيرها‏.‏
وقد بين ـ سبحانه وتعالى ـ أن المسيح وإن كان رسولا كريما، فإنه عبد الله، فمن عبده فقد عبد ما لا ينفعه ولا يضره، قال تعالى‏:‏ ‏{‏لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عليه الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ إلىمٌ أَفَلاَ يَتُوبُونَ إلى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّي يُؤْفَكُونَ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعلىمُ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 72‏:‏ 76‏]‏‏.‏
وقد أمر تعالى أفضل الخلق أن يقول‏:‏إنه لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعا، ولا يملك لغيره ضرا ولا رشدا، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 188‏]‏ وقال‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا‏}‏ ‏[‏الجن‏:‏ 21‏:‏ 23‏]‏، يقول‏:‏ لن يجيرني من الله أحد إن عصيته كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 15 ولن أجد من دونه ملتحدا، أي‏:‏ ملجأ ألجأ إليه، إلا بلاغا من الله ورسالاته، أي لا يجيرني منه أحد إلا طاعته أن أبلغ ما أرسلت به إليكم، فبذلك تحصل الإجارة والأمن‏.‏ وقيل أيضا‏:‏ لا / أملك لكم ضرا ولا رشدا‏:‏ لا أملك إلا تبليغ ما أرسلت به منه‏.‏ ومثل هذا في القرآن كثير‏.‏

عدد المشاهدات *:
356642
عدد مرات التنزيل *:
250006
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : والأعمال تفضل بنيات أصحابها
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  والأعمال تفضل بنيات أصحابها
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  والأعمال تفضل بنيات أصحابها لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1