اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 10 شوال 1445 هجرية
????????????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ????????????????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

مصرف

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد الخامس والثلاثون
كتاب حكم المرتد
بَـاب احكام الردة
سئل:هل يجوز لمسلم أن يزوجهم أو يتزوج منهم‏؟‏ وهل يحل أكل ذبائحهم والحالة هذه أم لا‏؟‏
مجموع فتاوى ابن تيمية
فهل يجوز لمسلم أن يزوجهم، أو يتزوج منهم‏؟‏ وهل يحل أكل ذبائحهم والحالة هذه، أم لا‏؟‏ وما حكم الجبن المعمول من أنفحة ذبيحتهم‏؟‏ وما حكم أوانيهم وملابسهم‏؟‏ وهل يجوز دفنهم بين المسلمين، أم لا‏؟‏ وهل يجوز استخدامهم في ثغور المسلمين وتسليمها إليهم‏؟‏ أم يجب علي ولي الأمر قطعهم واستخدام غيرهم من رجال المسلمين الكفاة، وهل يأثم إذا أخر طردهم‏؟‏ أم يجوز له التمهل مع أن في عزمه ذلك‏؟‏ وإذا استخدمهم وأقطعهم أو لم يقطعهم هل يجوز له صرف أموال بيت المال عليهم، وإذا صرفها وتأخر لبعضهم بقية من معلومه المسمي، فأخره ولي الأمر عنه وصرفه علي غيره من المسلمين أو المستحقين، أو أرصده لذلك‏:‏ هل يجوز له فعل هذه الصور‏؟‏ أم يجب عليه‏؟‏ وهل دماء النصيرية المذكورين مباحة وأموالهم حلال، أم لا‏؟‏ وإذا جاهدهم ولي الأمر أيده اللّه تعالي بإخماد باطلهم، وقطعهم من حصون المسلمين، وحذر أهل الإسلام من مناكحتهم، وأكل ذبائحهم، وألزمهم بالصوم والصلاة، ومنعهم من إظهار دينهم الباطل وهم الذين يلونه من الكفار‏:‏ هل ذلك أفضل وأكثر أجرا من التصدي والترصد لقتال التتار في بلادهم وهدم بلاد / سيس وديار الإفرنج علي أهلها‏؟‏ أم هذا أفضل من كونه يجاهد النصيرية المذكورين مرابطا‏؟‏ ويكون أجر من رابط في الثغور علي ساحل البحر خشية قصد الفرنج أكبر، أم هذا أكبر أجرا‏؟‏ وهل يجب علي من عرف المذكورين ومذاهبهم أن يشهر أمرهم ويساعد علي إبطال باطلهم وإظهار الإسلام بينهم، فلعل الله تعالي أن يهدي بعضهم إلي الإسلام، وأن يجعل من ذريتهم وأولادهم مسلمين بعد خروجهم من ذلك الكفر العظيم، أم يجوز التغافل عنهم والإهمال‏؟‏ وما قدر المجتهد علي ذلك، والمجاهد فيه، والمرابط له والملازم عليه‏؟‏ ولتبسطوا القول في ذلك مثابين مأجورين إن شاء اللّه تعالي، إنه علي كل شيء قدير، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل‏؟‏
فأجاب شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية‏:‏
الحمد للّه رب العالمين، هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود النصاري، بل وأكفر من كثير من المشركين وضررهم علي أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم؛ فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع، وموالاة أهل البيت، وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا بكتابه، ولا بأمر ولا نهي، ولا ثواب ولا عقاب، ولا جنة ولا نار، ولا بأحد من المرسلين قبل محمد صلى الله عليه وسلم، ولا بملة من الملل السالفة، بل يأخذون كلام الله ورسوله المعروف عند علماء المسلمين يتأولونه علي أمور/ يفترونها،يدعون أنها علم الباطن،
من جنس ما ذكره السائل، ومن غير هذا الجنس، فإنه ليس لهم حد محدود فيما يدعونه من الإلحاد في أسماء اللّه تعالي وآياته، وتحريف كلام الله تعالي ورسوله عن مواضعه؛ إذ مقصودهم إنكار الإيمان وشرائع الإسلام بكل طريق مع التظاهر بأن لهذه الأمور حقائق يعرفونها من جنس ما ذكر السائل، ومن جنس قولهم‏:‏ إن ‏[‏الصلوات الخمس‏]‏ معرفة أسرارهم، و ‏[‏الصيام المفروض‏]‏ كتمان أسرارهم، و ‏[‏حج البيت العتيق‏]‏ زيارة شيوخهم، وأن ‏[‏يدا أبي لهب‏]‏ هما أبو بكر وعمر، وأن ‏[‏النبأ العظيم‏]‏ والإمام المبين هو علي بن أبي طالب، ولهم في معاداة الإسلام وأهله وقائع مشهورة وكتب مصنفة، فإذا كانت لهم مكنة سفكوا دماء المسلمين؛ كما قتلوا مرة الحجاج وألقوهم في بئر زمزم، وأخذوا مرة الحجر الأسود وبقي عندهم مدة،وقتلوا من علماء المسلمين ومشايخهم ما لا يحصي عدده إلا الله تعالي وصنفوا كتبا كثيرة مما ذكره السائل وغيره، وصنف علماء المسلمين كتبا في كشف أسرارهم وهتك أستارهم، وبينوا فيها ماهم عليه من الكفر والزندقة والإلحاد، الذي هم به أكفر من اليهود والنصاري، ومن براهمة الهند الذين يعبدون الأصنام‏.‏ وما ذكره السائل في وصفهم قليل من الكثير الذي يعرفه العلماء في وصفهم‏.‏
ومن المعلوم عندنا أن السواحل الشامية إنما استولي عليها النصاري من جهتهم، وهم دائما مع كل عدو للمسلمين، فهم مع النصاري علي المسلمين‏.‏ ومن/ أعظم المصائب عندهم فتح المسلمين للسواحل، وانقهار النصاري، بل ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين علي التتار، ومن أعظم أعيادهم إذا استولي ـ والعياذ باللّه تعالي ـ النصاري علي ثغور المسلمين؛ فإن ثغور المسلمين مازالت بأيدي المسلمين، حتي جزيرة قبرص يسر اللّه فتحها عن قريب، وفتحها المسلمون في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ـ رضي اللّه عنه ـ فتحها معاوية بن أبي سفيان إلي أثناء المائة الرابعة‏.‏
فهؤلاء المحادون للّه ورسوله كثروا حينئذ بالسواحل وغيرها فاستولي النصاري علي الساحل، ثم بسببهم استولوا علي القدس الشريف وغيره؛ فإن أحوالهم كانت من أعظم الأسباب في ذلك، ثم لما أقام اللّه ملوك المسلمين المجاهدين في سبيل اللّه تعالي كنور الدين الشهيد، وصلاح الدين وأتباعهما، وفتحوا السواحل من النصاري، وممن كان بها منهم، وفتحوا ـ أيضاً ـ أرض مصر، فإنهم كانوا مستولين عليها نحو مائتي سنة، واتفقوا هم والنصاري، فجاهدهم المسلمون حتي فتحوا البلاد، ومن ذلك التاريخ انتشرت دعوة الإسلام بالديار المصرية والشامية‏.‏
ثم إن التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازرتهم؛ فإن منجم هولاكو الذي كان وزيرهم وهو ‏[‏النصير / الطوسي‏]‏ كان وزيرا لهم بالألموت، وهو الذي أمر بقتل الخليفة وبولاية هؤلاء‏.‏
ولهم ‏[‏ألقاب‏]‏ معروفة عند المسلمين، تارة يسمون ‏[‏الملاحدة‏]‏، وتارة يسمون ‏[‏القرامطة‏]‏، وتارة يسمون ‏[‏الباطنية‏]‏، وتارة يسمون ‏[‏الإسماعيلية‏]‏، وتارة يسمون ‏[‏النصيرية‏]‏، وتارة يسمون ‏[‏الخُرَّمِيَّة‏]‏، وتارة يسمون ‏[‏المحمرة‏]‏‏.‏ وهذه الأسماء منها ما يعمهم، ومنها ما يخص بعض أصنافهم، كما أن الإسلام والإيمان يعم المسلمين ولبعضهم اسم يخصه‏:‏ إما لنسب، وإما لمذهب، وإما لبلد، وإما لغير ذلك‏.‏
وشرح مقاصدهم يطول، وهم كما قال العلماء فيهم‏:‏ ظـاهر مذهبهم الرفض، وباطنه الكفر المحض‏.‏ وحقيقة أمرهم‏:‏ أنهم لا يؤمنون بنبي من الأنبياء والمرسلين؛ لا بنوح، ولا إبراهيم، ولا موسي، ولا عيسي ولا محمد ـ صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين ـ ولا بشيء من كتب اللّه المنزلة؛ لا التورة، ولا الإنجيل، ولا القرآن‏.‏ ولا يقرون بأن للعالم خالقا خلقه، ولا بأن له دينا أمر به، ولا أن له دارا يجزي الناس فيها علي أعمالهم غير هذه الدار‏.‏
/وهم تارة يبنون قولهم علي مذاهب الفلاسفة الطبيعيين أو الإلهيين، وتارة يبنونه علي قول المجوس الذين يعبدون النور، ويضمون إلي ذلك الرفض‏.‏
ويحتجون لذلك من كلام النبوات، إما بقول مكذوب ينقلونه، كما ينقلون عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏ أول ما خلق اللّه العقل ‏)‏ والحديث موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث، ولفظه‏:‏ ‏(‏ إن اللّه لما خلق العقل، قال له‏:‏ أقبل، فأقبل‏.‏ فقال له‏:‏ أدبر، فأدبر ‏)‏ فيحرفون لفظه فيقولون‏:‏ ‏(‏ أول ما خلق اللّه العقل ‏)‏ ليوافقوا قول المتفلسفة أتباع أرسطو في أن أول الصادرات عن واجب الوجود هو العقل‏.‏ وإما بلفظ ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيحرفونه عن مواضعه، كما يصنع أصحاب ‏[‏رسائل إخوان الصفا‏]‏ ونحوهم، فإنهم من أئمتهم‏.‏
وقد دخل كثير من باطلهم علي كثير من المسلمين ، وراج عليهم حتي صار ذلك في كتب طوائف من المنتسبين إلي العلم والدين، وإن كانـوا لا يوافقونهـم علي أصـل كفرهم؛ فإن هؤلاء لهم في إظهار دعوتهم الملعونة التي يسمونهــا ‏[‏الدعـوة الهادية‏]‏ درجات متعــددة، ويسمون النهاية ‏[‏البلاغ الأكبر والناموس الأعظم‏]‏، ومضمون البلاغ الأكبر جحـد الخالق تعالي، والاستهزاء به، وبمن يقر به، حتي قد يكتب أحدهم اسم الله في أسفل رجله وفيه ـ أيضًا ـ جحد شرائعه ودينه وما جاء به الأنبياء ، ودعوي أنهم كانوا من جنسهم طالبين للرئاسة، فمنهم من أحسن في طلبها،ومنهم من أساء في/ طلبها حتي قتل، ويجعلون محمدًا وموسي من القسم الأول،ويجعلون المسيح من القسم الثاني‏.‏ وفيه من الاستهزاء بالصلاة، والزكاة والصوم، والحج، ومن تحليل نكاح ذوات المحارم، وسائر الفواحش، ما يطول وصفه‏.‏ ولهم إشارات ومخاطبات يعرف بها بعضهم بعضًا، وهم إذا كانوا في بلاد المسلمين التي يكثر فيها أهل الإيمان فقد يخفون علي من لا يعرفهم، وأما إذا كثروا فإنه يعرفهم عامة الناس فضلاً عن خاصتهم‏.‏
وقد اتفق علماء المسلمين علي أن هؤلاء لا تجوز مناكحتهم، ولا يجوز أن ينكح الرجل مولاته منهم، ولا يتزوج منهم امرأة، ولا تباح ذبائحهم‏.‏
وأما ‏[‏الجبن المعمول بأنفحتهم‏]‏ ففيه قولان مشهوران للعلماء، كسائر أنفحة الميتة، وكأنفحة ذبيحة المجوس، وذبيحة الفرنج الذين يقال عنهم أنهم لايذكون الذبائح‏.‏ فمذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدي الروايتين‏:‏ أنه يحل هذا الجبن؛ لأن أنفحة الميتة طاهرة علي هذا القول؛ لأن الأنفحة لا تموت بموت البهيمة، وملاقاة الوعاء النجس في الباطن لا ينجس‏.‏ ومذهب مالك والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى‏:‏ أن هذا الجبن نجس؛ لأن الأنفحة عند هؤلاء نجسة؛ لأن لبن الميتة وأنفحتها عندهم نجس‏.‏ ومن لا تؤكل ذبيحته فذبيحته كالميتة‏.‏ وكل من أصحاب القولين يحتج بآثار ينقلها عن الصحابة، فأصحاب القول الأول نقلوا أنهم أكلوا جبن المجوس‏.‏ وأصحاب القول الثاني / نقلوا أنهم أكلوا ما كانوا يظنون أنه من جبن النصاري‏.‏ فهذه مسألة اجتهاد؛ للمقلد أن يقلد من يفتي بأحد القولين‏.‏
وأما ‏[‏أوانيهم وملابسهم‏]‏ فكأواني المجوس وملابس المجوس، علي ما عرف من مذاهب الأئمة‏.‏ والصحيح في ذلك أن أوانيهم لا تستعمل إلا بعد غسلها؛ فإن ذبائحهم ميتة، فلابد أن يصيب أوانيهم المستعملة ما يطبخونه من ذبائحهم فتنجس بذلك، فأما الآنية التي لا يغلب علي الظن وصول النجاسة إليها فتستعمل من غير غسل كآنية اللبن التي لا يضعون فيها طبيخهم، أو يغسلونها قبل وضع اللبن فيها، وقد توضأ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ من جرة نصرانية فما شك في نجاسته لم يحكم بنجاسته بالشك‏.‏
ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين، ولا يصلي علي من مات منهم؛ فإن الله ـ سبحانه وتعالي ـ نهي نبيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة علي المنافقين؛ كعبد الله بن أبي، ونحوه، وكانوا يتظاهرون بالصلاة والزكاة والصيام والجهاد مع المسلمين، ولا يظهرون مقالةتخالف دين الإسلام، لكن يسرون ذلك، فقال الله‏:‏ ‏{‏وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 84‏]‏، فكيف بهؤلاء الذين هم مع الزندقة والنفاق يظهرون الكفر، والإلحاد‏.‏
وأما استخدام مثل هؤلاء في ثغور المسلمين أو حصونهم أو جندهم، فإنه من الكبائر، وهو بمنزلة مـن يستخدم الذئاب لرعي الغنم، فإنهم مـن أغش الناس / للمسلمين ولولاة أمورهم، وهم أحرص الناس علي فساد المملكة والدولة وهم شر من المخامر الذي يكون في العسكر؛ فإن المخامر قد يكون له غرض؛ إما مع أمير العسكر، وإما مع العدو‏.‏ وهؤلاء مع الملة‏.‏ ونبيها ودينها، وملوكها، وعلمائها، وعامتها، وخاصتها، وهم أحرص الناس علي تسليم الحصون إلي عدو المسلمين، وعلي إفساد الجند علي ولي الأمر، وإخراجهم عن طاعته‏.‏
والواجب علي ولاة الأمور قطعهم من دواوين المقاتلة فلا يتركون في ثغر، ولا في غير ثغر؛ فإن ضررهم في الثغر أشد، وأن يستخدم بدلهم من يحتاج إلي استخدامه من الرجال المأمونين علي دين الإسلام، وعلي النصح لله ورسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، بل إذا كان ولي الأمر لا يستخدم من يغشه وإن كان مسلمًا، فكيف بمن يغش المسلمين كلهم‏؟‏‏!‏
ولا يجوز له تأخير هذا الواجب مع القدرة عليه، بل أي وقت قدر علي الاستبدال بهم وجب عليه ذلك‏.‏
وأما إذا استخدموا وعملوا العمل المشروط عليهم، فلهم إما المسمي وإما أجرة المثل؛ لأنهم عوقدوا علي ذلك‏.‏ فإن كان العقد صحيحًا وجب المسمي، وإن كان فاسدًا وجبت أجرة المثل، وإن لم يكن استخدامهم من جنس / الإجارة اللازمة فهي من جنس الجعالة الجائزة، لكن هؤلاء لا يجوز استخدامهم، فالعقد عقد فاسد، فلا يستحقون إلا قيمة عملهم، فإن لم يكونوا عملوا عملاً له قيمة فلا شيء لهم، لكن دماؤهم وأموالهم مباحة‏.‏
وإذا أظهروا التوبة ففي قبولها منهم نزاع بين العلماء، فمن قبل توبتهم إذا التزموا شريعة الإسلام أقر أموالهم عليهم‏.‏ ومن لم يقبلها لم تنقل إلي ورثتهم من جنسهم، فإن مالهم يكون فيئًا لبيت المال؛ لكن هؤلاء إذا أخذوا فإنهم يظهرون التوبة؛ لأن أصل مذهبهم التقية وكتمان أمرهم، وفيهم من يعرف، وفيهم من قد لا يعرف‏.‏ فالطريق في ذلك أن يحتاط في أمرهم، فلا يتركون مجتمعين، ولا يمكنون من حمل السلاح، ولا أن يكونوا من المقاتلة، ويلزمون شرائع الإسلام، من الصلوات الخمس، وقراءة القرآن‏.‏ ويترك بينهم من يعلمهم دين الإسلام، ويحال بينهم وبين معلمهم‏.‏
فإن أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وسائر الصحابة لما ظهروا علي أهل الردة، وجاؤوا إليه، قال لهم الصديق‏:‏ اختاروا إما الحرب المجلية، وإما السلم المخزية‏.‏ قالوا‏:‏ يا خليفة رسول الله، هذه الحرب المجلية قد عرفناها فما السلم المخزية‏.‏ قال‏:‏ تدون قتلانا، ولا ندي قتلاكم، وتشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، ونقسم ما أصبنا من أموالكم، وتردون ما أصبتم من أموالنا، وتنزع منكم الحلقة والسلاح، وتمنعون من ركوب /الخيل،وتتركون تتبعون أذناب الإبل حتي يري الله خليفة رسوله والمؤمنين أمرًا بعد ردتكم‏.‏ فوافقه الصحابة علي ذلك، إلا في تضمين قتلي المسلمين، فإن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال له‏:‏ هؤلاء قتلوا في سبيل الله فأجورهم علي الله، يعني‏:‏ هم شهداء فلا دية لهم، فاتفقوا علي قول عمر في ذلك‏.‏
وهذا الذي اتفق الصحابة عليه هو مذهب أئمة العلماء، والذي تنازعوا فيه تنازع فيه العلماء‏.‏ فمذهب أكثرهم أن من قتله المرتدون المجتمعون المحاربون لا يضمن، كما اتفقوا عليه آخرًا‏.‏ وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدي الروايتين‏.‏ ومذهب الشافعي وأحمد في الرواية الأخري هو القول الأول‏.‏ فهذا الذي فعله الصحابة بأولئك المرتدين بعد عودهم إلي الإسلام يفعل بمن أظهر الإسلام والتهمة ظاهرة فيه، فيمنع أن يكون من أهل الخيل والسلاح والدرع التي تلبسها المقاتلة، ولا يترك في الجند من يكون يهوديا ولا نصرانيا‏.‏ ويلزمون شرائع الإسلام حتي يظهر ما يفعلونه من خير أو شر‏.‏ ومن كان من أئمة ضلالهم وأظهر التوبة أخرج عنهم، وسير إلي بلاد المسلمين التي ليس لهم فيها ظهور‏.‏ فإما أن يهديه الله تعالي، وإما أن يموت علي نفاقه من غير مضرة للمسلمين‏.‏
ولا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات، وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب؛ فإن جهاد هؤلاء من جنس جهاد المرتدين، والصديق / وسائر الصحابة بدؤوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب؛ فإن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين، وأن يدخل فيه من أراد الخروج عنه‏.‏ وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين وأهل الكتاب من زيادة إظهار الدين‏.‏ وحفظ رأس المال مقدم علي الربح‏.‏
وأيضًا فضرر هؤلاء علي المسلمين أعظم من ضرر أولئك، بل ضرر هؤلاء من جنس ضرر من يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب، وضررهم في الدين علي كثير من الناس أشد من ضرر المحاربين من المشركين وأهل الكتاب‏.‏
ويجب علي كل مسلم أن يقوم في ذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب، فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه من أخبارهم، بل يفشيها ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم، ولا يحل لأحد أن يعاونهم علي بقائهم في الجند والمستخدمين، ولا يحل لأحد السكوت عن القيام عليهم بما أمر الله به ورسوله، ولا يحل لأحد أن ينهي عن القيام بما أمر الله به ورسوله؛ فإن هذا من أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالي، وقد قال الله تعالي لنبيه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ‏}‏ ‏[‏التحريم‏:‏ 9‏]‏، وهؤلاء لا يخرجون عن الكفار والمنافقين‏.‏
والمعاون علي كف شرهم وهدايتهم بحسب الإمكان له من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالي؛ فإن المقصود بالقصد الأول هو هدايتهم؛ كما قال الله / تعالي‏:‏ ‏{‏كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏110‏]‏، قال أبو هريرة‏:‏ كنتم خير الناس للناس تأتون بهم في القيود والسلاسل حتي تدخلوهم الإسلام‏.‏ فالمقصود بالجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر‏:‏ هداية العباد لمصالح المعاش والمعاد بحسب الإمكان، فمن هداه الله سعد في الدنيا والآخرة، ومن لم يهتد كف الله ضرره عن غيره‏.‏
ومعلوم أن الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو أفضل الأعمال، كما قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله تعالي‏)‏‏.‏ وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏ إن في الجنة لمائة درجة ما بين الدرجة إلي الدرجة كما بين السماء إلي الأرض، أعدها الله عز وجل للمجاهدين في سبيله‏)‏، وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه‏)‏، ومن مات مرابطًا مات مجاهدًا، وجري عليه عمله، وأجري عليه رزقه من الجنة، وأمن الفتنة‏.‏ والجهاد أفضل من الحج والعمرة، كما قال تعالي‏:‏ ‏{‏أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏19‏:‏ 22‏]‏، والحمدلله رب العالمين، وصلاته وسلامه علي خير خلقه سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين‏.

عدد المشاهدات *:
355966
عدد مرات التنزيل *:
249940
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : سئل:هل يجوز لمسلم أن يزوجهم أو يتزوج منهم‏؟‏ وهل يحل أكل ذبائحهم والحالة هذه أم لا‏؟‏
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  سئل:هل يجوز لمسلم أن يزوجهم أو يتزوج منهم‏؟‏ وهل يحل أكل ذبائحهم والحالة هذه أم لا‏؟‏
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  سئل:هل يجوز لمسلم أن يزوجهم أو يتزوج منهم‏؟‏ وهل يحل أكل ذبائحهم والحالة هذه أم لا‏؟‏  لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1