السعادة بالعلم و العقل
ـــ على أن العلم و العقل سعادة و اقبال ، و ان قل معهما المال و ضاقت معهما الحال .و الجهل و الحمق حرمان و ادبار ،و ان كثر معهما المال ، و اتسعت معهما الحال ، لأن السعادة ليست بكثرة المال ، فكم من مكثر شقي ، و مقل سعيد ، و كيف يكون الجاهل الغني سعيدا و الجهل يضعه ،أم كيف يكون العالم الفقير شقيا و العلم يرفعه ؟ـ
و قد قيل في منثور الحكم : كم من ذليل أعزه علمه، و من عزيز أذله جهله ، و قال عبد الله المعتز :ـ
نعمة الجاهل كروضة على مزبلة .و قال بعض الحكماء : كلما حسنت نعمة الجاهل ازداد قبحا .و قال بعض العلماء لبنيه :ـ
يا بني ، تعلموا العلم ، فان لم تنالوا به من الدنيا حظا ، فلأن يذم الزمان لكم ، أحب الي من أن يذم الزمان بكم .و قال بعض الأدباء : من لم يفد بالعلم مالا ، كسب به جمالا .و أنشد بعض الأدباء لابن طباطبا :ـ
حسود مريض يخفي أنينه ... و يضحي كئيب البال عند حزينه
يلوم على أن رحت للعلم طالبا ... أجمع من عندى الرواة فنونه
فأعرف أبكار الكلام و عونه ... و أحفظ مما أستفيد عيونه
و يزعم أن العلم لا يكسب الغنى ... و يحسن بالجهل الذميم ظنونه
فيا لائمي دعني أغالي بقيمتي ... فقيمة كل الناس ما يحسنونه
و أنا أستعيذ بالله من خدع الجهل المذلة ، و بوادر الحمق المضلة ، و أسأله السعادة بعقل رادع يستقيم به من زل و علم نافع يسستهدي به من ضل .فقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ـ
اذا استرذل الله عبدا حظر عليه العلم
كتاب أدب الدنيا و الدين للماوردي
1078
0
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 27/05/2007 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 27/05/2007