(وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بالله والْيَوْمِ الآخَر فلا يُؤْذِ جَارَهُ واسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْراً فإنّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ) بكسر الضاء المعجمة وفتح اللام وإسكانها واحد الأضلاع (وإنَّ أعْوَجَ شْيءٍ مِنَ الضِّلَعِ أَعْلاهُ فإنْ ذَهَبَتْ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فاسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْراً) أي اقبلوا الوصية فيهن والمعنى أني أوصيكم بهن خيراً أو المعنى يوصي بعضكم بعضاً فيهن خيراً (متفق عليه واللفظ للبخاري، ولمسلم "فإنِ اسْتَمْتَعْتَ بها اسْتَمْتَعْتَ بها وبها عِوَجٌ) هو بكسر أوله على الأرجح (وإنّ ذَهَبْتَ تُقيمُهَا كَسَرْتها وكَسْرُهَا طَلاقُهَا).
الحديث دليل على عظم حق الجار وأن من آذى الجار فليس بمؤمن بالله واليوم الآخر وهذا إن كان يلزم منه كفر من آذى جاره إلا أنه محمول على المبالغة لأن من حق الإيمان ذلك فلا ينبغي لمؤمن الاتصاف به.
وقد عدّ أذى الجار من الكبائر فالمراد من كان يؤمن إيماناً كاملاً وقد وصى الله على الجار في القرآن.
وحدّ الجار إلى أربعين داراً كما أخرج الطبراني أنه: "أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: يا رسول الله إني نزلت في محل بني فلان وإن أشدهم لي أذى أقربهم إليَّ داراً فبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكراً وعمر وعلياً رضي الله عنهم يأتون في المسجد فيصيحون على أن أربعين داراً جار ولا يدخل الجنة من خاف جاره بوائقه".
وأخرج الطبراني في الكبير والأوسط: "إن الله ليدفع بالمؤمن الصالح عن مائة بيت من جيرانه" وهذا فيه زيادة على الأول والأذية للمؤمن مطلقاً محرمة قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا وإثماً مبيناً} ولكنه في حق الجار أشدّ تحريماً فلا يغتفر منه شيء وهو كل ما يعد في العرف أذى حتى ورد في الحديث: "أنه لا يؤذيه بقتار قدره إلا أن يغرف له من مرقته ولا يحجز عنه الريح إلا بإذنه وإن اشترى فاكهة أهدى إليه منها".
وحقوق الجار مستوفاة في الإحياء للغزالي.
وقوله: "واستوصوا" تقدّم بيان معناه وعلله بقوله: فإنهن خلقن من ضلع يريد خلقن خلقاً فيه اعوجاج لأنهن خلقن من أصل معوج والمراد أن حواء أصلها خلقت من ضلع آدم كما قال تعالى: {وخلق منها زوجها} بعد قوله: {خلقكم من نفس واحدة}.
وأخرج ابن إسحاق من حديث[اث] ابن عباس[/اث]: "إن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم".
وقوله: "وإن أعوج ما في الضلع" إخبار بأنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن.
وضمير قوله: "تقيمه وكسرته" للضلع وهو يذكر ويؤنث وكذا جاء في لفظ البخاري: تقيمها وكسرتها، ويحتمل أنه للمرأة ورواية مسلم صريحة في ذلك حيث قال: "وكسرها طلاقها".
والحديث فيه الأمر بالوصية بالنساء والاحتمال لهن والصبر على عوج أخلاقهن وأنه لا سبيل إلى إصلاح أخلاقهن بل لا بد من العوج فيها وأنه من أصل الخلقة وتقدم ضبط العوج هنا.
وقد قال أهل اللغة؛ العوج: بالفتح في كل منتصب كالحائط والعود وشبههما وبالكسر ما كان في بساط أو معاش أو دين ويقال: فلان في دينه عوج بالكسر.
عدد المشاهدات *:
410746
410746
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013