بسم الله الرحمن الرحيم

لقد ابتلي كثير من الناس في هذه السنين المتأخرة بما يعرف بالسجارة أو التدخين بأشكاله المتعددة و كيف ما كان الحال فان التدخين يعتبر جزءا لا يتجزء من المخدرات الذهنية و البدنية التي كشف الله لنا أضراره الجسيمة بما توصل اليه العلم الحديث

غالبا ما يقر مستهلكي السجائر بأن تعاطيهم للتدخين بدأ مع رفقاء السوء في المدرسة اذ كان بعضهم لسخافة عقله يظن أن التدخين يمييزه عن الأخرين بحيث يرى أنه اذا أمسك بالسجارة و هو غلام حدث أن الناس سينظرون اليه بعين العظمة و يرون فيه الحكمة والرجولة ، و على هذه الفكرة يلتقي قرناء السوء و يتعارفون بها بينهم ....ـ

ان الشباب التائه المنحرف لا يجد ما يملأ به فراغ شأنه الا بالمشاغبات و لذا فانه عندما يترك للشارع فان أبناء الأزقة من الذين لا خلق لهم و لا دين يقومون بتربيته على النهج المألوف لديهم و هو سبيل الإنحراف، سبيل الإنحلال و سبيل الرذيلة ، و عليه فانهم يزينون لضعيف الإيمان و الهمة التدخين عند أول لقاء بل انهم يشعرونه لجهله أنهم يقدمون له هدية ثمينة و يوهمونه أن كبار السن لم تكبر أجسامهم الا بمذاق السجائر، فيهوى ذاك المسكين أن يكون رجلا و يعمل على اكتساب الرجولة الزائفة فيتباهى أمام الفتيات يالتدخين و رائحته ، فيضطر أحيانا الى أن يمد يده ،لأنه كالمتشبه بما لم يعطى ، يسأل الناس السجارة و يريق ماء الوجه من ناحية ، و من ناحية أخرى يفتخر لأن ذل السؤال قد كسبه عزا

و اذا أبى أن يقبل هديتهم فان الفسقة يجعلونه موضع السخرية و الإزدارء لأنهم يودون دائما أن يكون الناس على شاكلتهم ، يفعلون ما يفعلون ، حتى لا يستطيع أحد أن ينكر على أحد ، كما قال ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه : ودت الزانية لو أن الناس كلهم زنوا ، و كما يقول المثل الطيور على أشكالها تقع

و الذي يعصم الإنسان من الوقوع في حبائل اولئك هو الله تعالى اذا جعل عبده يستعمل عقلا راجحا يمييز به بين الخير و الشر دون الميل الى العواطف و دون الرغبة في ارضاء خلق الله في سخط الله ، فاذا ما وجد هذا في المرء فقد نجى بفضل الله ، أما اذا كان امعة يسئ كما أساوء فحتما سينالون منه مرادهم و سيشرب معهم المسكر الحرام و يلهو معهم كما يلهون الى أن يستفيق من غفلته و عندها يكون قد فات الأوان في معالجة الضرر الا أن يشاء الله و ما ذلك على الله بعزيز

ان وراء كل زينة محرمة ضررا جسيما يناله العبد بما كسبت يداه ، و ان اضرار التدخين جد متعددة قد لا تحصر فهي الدليل على أن المدخن سخيف العقل ، لأن العقل السليم لا يشرب السم القاتل الذي يؤدي بحياته الى الهلاك ، و التدخين بأنواعه يعتبر مصنع الجراثيم المتنوعة التي تصيب الإنسان ماديا و معنويا .

ان الحياة من أعز شيء على الإنسان في الوجود و لذا فقد وصف الله عز و جل كثيرا من الناس بقوله : و لتجدنهم أحرص الناس على حياة

و كان ينبغي على الحريص على حياته أن يقيها من كل ما يؤدي بها الى الهلاك الا أن معصية بعض الناس لله تجعل ساعة لذة بداية لأوقات عصيبة كلها ألم كما قال تعالى : ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا و نحشره يوم القيامة أعمى

لقد تبينت أضرار التدخين للحاضر و الباد الا ان من طبائع الشيطان أنه يزين للناس سوء ما عملوا حتى يراه بعضهم حسنا ، و المدخن لا يرى عيبا في ذلك بل ان منهم من يتبجخ على الناس برائحته الكريهة و أذيته للناس

عجبا للمرء يكد يومه ليجمع نصيبا من المال ينفقه في سم قاتل يفتك رئتيه ، عجبا له ترا ه و كأنه يمسك بين أصبعيه و رقة نقدية ، 20 درهما ، يلفها جيدا ثم يضعها في فمه ثم بناره يكوي بها جوفه ، عجبا لمن كان هذا أمره ، يتمضمض بالسجائر في كل حين و لا يتوضأ لله مرة ، ويل له ثم و يله من ديان الأرض و السماء

عجبا لهذا الإنسان الذي يشكو رزق الله ثم بنفسه يقطعه على ذاته و ما ملك ، و بعدها يزعم أن السجارة سوف تذهب الهموم و المشاكل و زرع لها في جيبه صندوقا يطلب المزيد كنار الجحيم حتى اعتاد جوفه منها المزيد و صدق الله اذ يقول : ليس لهم طعام الا من ضريع لا يسمن و لا يغني من جوع

ثم اذا قلت له اتق الله : ان التدخين حرام ، أخذته العزة بالإثم و قال لك : انها مكروه

ان الله تعالى هدانا للتي هي أقوم و جعل نبينا هاديا يحل الطيبات و يحرم الخبائث ، و اذا ما قلت له أترضاه لزوجتك أجابك بكل صراحة و وضوح و دونما غموض : ان الدخان عليهن حرام

فكيف بالله عليك تحرمه على النساء و تجعله مكروها على الرجال :هل تجدون في الأطعمة نوعا منها يحرم على النساء دون الرجال ؟ـ

فان لم تجدوا فاعلموا علم اليقين أن الدخان حرام

ـ