في يوم الخميس العشرين من ربيع الاخر دخل الامير سيف الدين تنكز بن عبد الله المالكي الناصري نائبا على دمشق بعد مسك نائب الكرك ومعه جماعة من مماليك السلطان منهم الحاج ارقطاي على حيز بيبرس العلائي وخرج الناس لتلقيه وفرحوا به كثيرا ونزل بدار السعادة ووقع عند قدومه مصر فرح عظيم وكان ذلك اليوم يوم الرابع والعشرين من آب وحضر يوم الجمعة الخطبة بالمقصورة وأشعلت له الشموع في طريقه وجاء توقيع لابن صصرى باعادة قضاء العسكر إليه وأن ينظر الأوقاف فلا يشاركه احد في الاستنابة في البلاد الشامية على عادة من تقدمه من قضاة الشافعية وجاء مرسوم لشمس الدين ابي طالب بن حميد بنظر الجيش عوضا عن ابن شيخ السلامية بحكم إقامته بمصر ثم بعد أيام وصل الصدر معين الدين هبة الله بن خشيش ناظر الجيش وجعل ابن حميد بوظيفة ابن البدر وسافر ابن البدر على نظر جيش طرابلس وتولى ارغون نيابة مصر وعاد فخر الدين كاتب المماليك الى وظيفته مع استمرار قطب الدين بن شيخ السلامية مباشرا معه
وفي هذا الشهر قام الشيخ محمد بن قوام ومعه جماعة من الصالحين على ابن زهرة المغربي الذي كان يتكلم بالكلاسة وكتبوا عليه محضرا يتضمن استهانته بالمصحف وانه يتكلم في أهل العلم فأحضر إلى دار العدل فاستسلم وحقن دمه وعزر تعزيرا بليغا عنيفا وطيف به في البلد باطنه وظاهره وهو مكشوف الرأس ووجهه مقلوب وظهره مضروب ينادي عليه هذا جزاء من يتكلم في العلم بغير معرفة ثم حبس وأطلق فهرب الى القاهرة ثم عاد على البريد في شعبان ورجع الى ما كان عليه وفيها قدم بهادراص من نيابة صعد الى دمشق وهنأه الناس وفيها قدم كتاب من السلطان الى دمشق ان لا يولي أحد بمال ولا برشوة فإن ذلك يفضي إلى ولاية من لا يستحق الولاية وإلى ولاية غير الاهل فقرأه ابن الزملكاني على السدة وبلغه عنه ابن حبيب المؤذن وكان سبب ذلك الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله
وفي رجب وشعبان حصل للناس خوف بدمشق بسبب أن التتر قد تحركوا للمجيء الى الشام فانزعج الناس من ذلك وخافوا وتجول كثير منهم الى البلد وازدحموا في الابواب وذلك في شهر رمضان وكثرت الأراجيف بأنهم قد وصلوا الى الرحبة وكذلك جرى واشتهر بأن ذلك باشارة قراسنقر وذويه فالله أعلم وفي رمضان جاء كتاب السلطان ان من قتل لا يجني أحد عليه بل يتبع القاتل حتى يقتص منه بحكم الشرع الشريف فقرأه ابن الزملكاني على السدة بحضرة نائب السلطنة ابن تنكز وسببه ابن تيمية هو أمر بذلك وبالكتاب الاول قبله وفي أول رمضان وصل التتر الى الرحبة فحاصروها عشرين يوما وقاتلهم نائبها الأمير بد الدين موسى الازدكشي خمسة أيام قتالا عظيما ومنعهم منها فأشار رشيد الدولة بأن ينزلوا الى خدمة السلطان خربندا ويهدوا له هدية ويطلبون منه العفو فنزل القاضي نجم الدين إسحاق وأهدوا له خمسة رؤس خيل وعشرة أباليج سكر فقبل ذلك ورجع الى بلاده وكانت بلاد حلب وحماة وحمص قد أجلوا منها وخرب أكثرها ثم رجعوا اليها لما تحققوا رجوع التتر عن الرحبة وطابت الاخبار وسكنت النفوس ودقت البشائرة وتركت الائمة القنوت وخطب الخطيب يوم العيد وذكر الناس بهذه النعمة وكان سبب رجوع التتر قلة العلف وغلاء الاسعار وموت كثير منهم واشار على سلطانهم بالرجوع الرشيد وجوبان
وفي ثامن شوال دقت البشائر بدمشق بسبب خروج السلطان من مصر لأجل ملاقاة التتر وخرج الركب في نصف شوال وأميرهم حسام الدين لاجين الصغير الذي كان والى البر وقدمت العساكر المصرية أرسالا وكان قدوم السلطان ودخوله دمشق ثالث عشرين شوال واحتفل الناس لدخوله ونزل القلعة وزينت البلد وضربت البشائر ثم انتقل بعد ليلتئذ الى القصر وصلى الجمعة بالجامع بالمقصورة وخلع على الخطيب وجلس في دار العدل يوم الاثنين وقدم وزيره أمين الملك يوم الثلاثاء عشرين الشهر وقدم صحبة السلطان الشيخ الامام العالم العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الى دمشق يوم الاربعاء مستهل ذي القعدة وكانت غيبته عنها سبع سنين ومعه أخواه وجماعة من أصحابه وخرج خلق كثير لتلقيه وسروا بقدومه وعافيته ورؤيته واستبشروا به حتى خرج خلق من السناء أيضا لرؤيته وقد كان السلطان صحبه معه من مصر فخرج معه بنية الغزاة فلما تحقق عدم الغزاة وأن التتر رجعوا الى بلادهم فارق الجيش من غزة وزار القدس وأقام به أياما ثم سافر على عجلون وبلاد السواد وزرع ووصل دمشق في أول يوم من ذي القعدة فدخلها فوجد السطان قد توجه إلى الحجاز الشريف في أربعين أميرا من خواصه يوم الخميس ثاني ذي القعدة ثم إن الشيخ بعد وصوله الى دمشق واستقراره بها لم يزل ملازما لاشتغال الناس في سائر العلوم ونشر العلم وتصنيف الكتب وإفتاء الناس بالكلام والكتابة المطولة والاجتهاد في الاحكام الشرعية ففي بعض الأحكام يفتي بما أدى إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الاربعة وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور في مذاهبهم وله اختيارات كثيرة مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهادة واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف
فلما سار السلطان الى الحج فرق العساكر والجيوش بالشام وترك أرغون بدمشق وفي يوم الجمعة لبس الشيخ كمال الدين الزملكاني خلعة ! وكلة بيت المال عوضا عن ابن الشريشي وحضر بها الشباك وتكلم وزير السلطان في البلد وطلب أموالا كثيرة وصادر وضرب بالمقارع وأهان جماعة من الرؤساء منهم ابن فضل الله محيي الدين وفيه عين شهاب الدين بن جهبل لتدريس الصلاحية بالمقدس عوضا عن نجم الدين داود الكردي توفي وقد كان مدرسا بها من نحو ثلاثين سنة فسافر ابن جهبل الى القدس بعد عيد الاضحى
وفيها مات ملك القفجاق المسمى طغطاي خان وكان له في الملك ثلاث وعشرون سنة وكان عمره ثمانا وثلاثين سنة وكان شهما شجاعا على دين التتر في عبادة الاصنام والكواكب يعظم المجسمة والحكماء والاطباء ويكرم المسلمين أكثر من جميع الطوائف كان جيشه هائلا لا يجسر أحد على قتاله لكثرة جيشه وقوتهم وعددهم وعددهم ويقال إنه جرد مرة تجريدة من كل عشرة من جيشه واحدا فبلغت التجريدة مائتي ألف وخمسين ألفا توفي في رمضان منها وقام في الملك من بعده ابن أخيه أزبك خان وكان مسلما فأظهر دين الاسلام ببلاده وقتل خلقا من أمراء الكفرة وعلت الشرائع المحمدية على سائر الشرائع هناك ولله الحمد والمنة على الاسلام والسنة وممن توفي فيها من الاعيان :
وفي هذا الشهر قام الشيخ محمد بن قوام ومعه جماعة من الصالحين على ابن زهرة المغربي الذي كان يتكلم بالكلاسة وكتبوا عليه محضرا يتضمن استهانته بالمصحف وانه يتكلم في أهل العلم فأحضر إلى دار العدل فاستسلم وحقن دمه وعزر تعزيرا بليغا عنيفا وطيف به في البلد باطنه وظاهره وهو مكشوف الرأس ووجهه مقلوب وظهره مضروب ينادي عليه هذا جزاء من يتكلم في العلم بغير معرفة ثم حبس وأطلق فهرب الى القاهرة ثم عاد على البريد في شعبان ورجع الى ما كان عليه وفيها قدم بهادراص من نيابة صعد الى دمشق وهنأه الناس وفيها قدم كتاب من السلطان الى دمشق ان لا يولي أحد بمال ولا برشوة فإن ذلك يفضي إلى ولاية من لا يستحق الولاية وإلى ولاية غير الاهل فقرأه ابن الزملكاني على السدة وبلغه عنه ابن حبيب المؤذن وكان سبب ذلك الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله
وفي رجب وشعبان حصل للناس خوف بدمشق بسبب أن التتر قد تحركوا للمجيء الى الشام فانزعج الناس من ذلك وخافوا وتجول كثير منهم الى البلد وازدحموا في الابواب وذلك في شهر رمضان وكثرت الأراجيف بأنهم قد وصلوا الى الرحبة وكذلك جرى واشتهر بأن ذلك باشارة قراسنقر وذويه فالله أعلم وفي رمضان جاء كتاب السلطان ان من قتل لا يجني أحد عليه بل يتبع القاتل حتى يقتص منه بحكم الشرع الشريف فقرأه ابن الزملكاني على السدة بحضرة نائب السلطنة ابن تنكز وسببه ابن تيمية هو أمر بذلك وبالكتاب الاول قبله وفي أول رمضان وصل التتر الى الرحبة فحاصروها عشرين يوما وقاتلهم نائبها الأمير بد الدين موسى الازدكشي خمسة أيام قتالا عظيما ومنعهم منها فأشار رشيد الدولة بأن ينزلوا الى خدمة السلطان خربندا ويهدوا له هدية ويطلبون منه العفو فنزل القاضي نجم الدين إسحاق وأهدوا له خمسة رؤس خيل وعشرة أباليج سكر فقبل ذلك ورجع الى بلاده وكانت بلاد حلب وحماة وحمص قد أجلوا منها وخرب أكثرها ثم رجعوا اليها لما تحققوا رجوع التتر عن الرحبة وطابت الاخبار وسكنت النفوس ودقت البشائرة وتركت الائمة القنوت وخطب الخطيب يوم العيد وذكر الناس بهذه النعمة وكان سبب رجوع التتر قلة العلف وغلاء الاسعار وموت كثير منهم واشار على سلطانهم بالرجوع الرشيد وجوبان
وفي ثامن شوال دقت البشائر بدمشق بسبب خروج السلطان من مصر لأجل ملاقاة التتر وخرج الركب في نصف شوال وأميرهم حسام الدين لاجين الصغير الذي كان والى البر وقدمت العساكر المصرية أرسالا وكان قدوم السلطان ودخوله دمشق ثالث عشرين شوال واحتفل الناس لدخوله ونزل القلعة وزينت البلد وضربت البشائر ثم انتقل بعد ليلتئذ الى القصر وصلى الجمعة بالجامع بالمقصورة وخلع على الخطيب وجلس في دار العدل يوم الاثنين وقدم وزيره أمين الملك يوم الثلاثاء عشرين الشهر وقدم صحبة السلطان الشيخ الامام العالم العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الى دمشق يوم الاربعاء مستهل ذي القعدة وكانت غيبته عنها سبع سنين ومعه أخواه وجماعة من أصحابه وخرج خلق كثير لتلقيه وسروا بقدومه وعافيته ورؤيته واستبشروا به حتى خرج خلق من السناء أيضا لرؤيته وقد كان السلطان صحبه معه من مصر فخرج معه بنية الغزاة فلما تحقق عدم الغزاة وأن التتر رجعوا الى بلادهم فارق الجيش من غزة وزار القدس وأقام به أياما ثم سافر على عجلون وبلاد السواد وزرع ووصل دمشق في أول يوم من ذي القعدة فدخلها فوجد السطان قد توجه إلى الحجاز الشريف في أربعين أميرا من خواصه يوم الخميس ثاني ذي القعدة ثم إن الشيخ بعد وصوله الى دمشق واستقراره بها لم يزل ملازما لاشتغال الناس في سائر العلوم ونشر العلم وتصنيف الكتب وإفتاء الناس بالكلام والكتابة المطولة والاجتهاد في الاحكام الشرعية ففي بعض الأحكام يفتي بما أدى إليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الاربعة وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور في مذاهبهم وله اختيارات كثيرة مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إليه اجتهادة واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والسلف
فلما سار السلطان الى الحج فرق العساكر والجيوش بالشام وترك أرغون بدمشق وفي يوم الجمعة لبس الشيخ كمال الدين الزملكاني خلعة ! وكلة بيت المال عوضا عن ابن الشريشي وحضر بها الشباك وتكلم وزير السلطان في البلد وطلب أموالا كثيرة وصادر وضرب بالمقارع وأهان جماعة من الرؤساء منهم ابن فضل الله محيي الدين وفيه عين شهاب الدين بن جهبل لتدريس الصلاحية بالمقدس عوضا عن نجم الدين داود الكردي توفي وقد كان مدرسا بها من نحو ثلاثين سنة فسافر ابن جهبل الى القدس بعد عيد الاضحى
وفيها مات ملك القفجاق المسمى طغطاي خان وكان له في الملك ثلاث وعشرون سنة وكان عمره ثمانا وثلاثين سنة وكان شهما شجاعا على دين التتر في عبادة الاصنام والكواكب يعظم المجسمة والحكماء والاطباء ويكرم المسلمين أكثر من جميع الطوائف كان جيشه هائلا لا يجسر أحد على قتاله لكثرة جيشه وقوتهم وعددهم وعددهم ويقال إنه جرد مرة تجريدة من كل عشرة من جيشه واحدا فبلغت التجريدة مائتي ألف وخمسين ألفا توفي في رمضان منها وقام في الملك من بعده ابن أخيه أزبك خان وكان مسلما فأظهر دين الاسلام ببلاده وقتل خلقا من أمراء الكفرة وعلت الشرائع المحمدية على سائر الشرائع هناك ولله الحمد والمنة على الاسلام والسنة وممن توفي فيها من الاعيان :
عدد المشاهدات *:
415883
415883
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013