بسم الله الرحمن الرحيم
حكم الصوم و فوائده
من أسماء الله تعالى (الحكيم )و الحكيم من اتصف بالحكمة و الحكمة اتقان الأمور ووضعها في مواضعها و مقتضى هذا الإسم من أسمائه تعالى أن كل ما خلقه الله تعالى أو شرعه فهو لحكمة بالغة علمها من علمها و جهلها من جهلها .ـ
و للصيام الذي شرعه الله و فرضه على عباده حكم عظيمة و فوائد جمة : فمن حكم الصيام أنه عبادة يتقرب بها العبد الى ربه بترك محبوباته المجبول على محبتها من طعام و شراب و نكاح لينال بذلك رضا ربه و الفوز بدار كرامته فيتبين بذلك ايثاره لمحبوبات ربه على محبوبات نفسه و للدار الأخرة على الدنيا . و من حكم الصيام أنه سبب للتقوى اذا قام الصاءم بواجب صيامه قال الله تعالى :ـ
يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون
فالصائم مأمور بتقوى الله عز وجل و هي امتثال أمره و اجتناب نهيه و ذلك هو المقصود الأعظم بالصيام و ليس المقصود تعذيب الصائم بترك الأكل و الشرب و النكاح ،قال النبي صلى الله عليه و سلم : من لم يدع قول الزور و العمل به و الجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه ـ رواه البخاري . قول الزور كل قول محرم من الكذب و الغيبة و الشتم و غيرها من الأقوال المحرمة . و العمل بالزور العمل بكل فعل محرم من العدواتن على الناس بخيانة و غش وضرب الأبدان و أخذ الأموال و نحوها ، و يدخل فيه الإستماع الى ما يحرم الإستماع اليه من الأغاني المحرمة و المعازف و هي الات اللهو . و الجهل هو السفه و مجانبة الرشد في القول و العمل فاذا تمشى الصائم بمقتضى هذه الأية و الحديث كان الصيام تربية نفسه و تهذيب أخلاقه و استقامة سلوكه و لم يخرج رمضان الا و قد تأثر تأثرا بالغا يظهر في نفسه و أخلاقه و سلوكه. و من حكم الصيام أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بالغنى حيث أن الله تعالى قد يسر له الحصول على ما يشتهي من طعام و شراب و نكاح مما أباح الله له شرعا و يسره له قدرا فيشكر ربه على هذه النعمة و يذكر أخاه الفقير الذي لا يتيسر له الحصول على ذلك فيجود عليه بالصدقة و الإحسان . و من حكم الصيام التمرن على ضبط النفس و السيطرة عليها حتى يتمكن من قيادتها لما فيه خيرها و سعادتها في الدنيا و الأخرة و يبتعد عن أن يكون انسانا بهيميا لا يتمكن من منع نفسه عن لذاتها و شهواتها لما فيه مصلحتها . و من حكم الصيام ما يحصل من الفوائد الصحية الناتجة عن تقليل الطعام و اراحة الجهاز الهضمي لفترة معينة و ترسب بعض الفضلات و الرطوبات الضارة بالجسم و غير ذلك .
فتاوي الصيام لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله