3300- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكَ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الرَّجُلِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ".
3301- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِي أَهْلِ الْخَيْلِ وَالإِبِلِ وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ".
[الحديث 3302 – أطرافه في: 3499، 4388، 4389، 4390]
3302- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي قَيْسٌ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: "أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ فَقَالَ الإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا أَلاَ إِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ".
[الحديث 3302 – أطرافه في: 3498، 4387، 5303]
3303- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا".
3304- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَ مَا أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ وَلَمْ يَذْكُرْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ".
3305- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا إِلاَّ الْفَأرَ إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ
(6/350)
الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لِي مِرَارًا فَقُلْتُ: أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ".
3306- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْوَزَغِ الْفُوَيْسِقُ وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَزَعَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ".
3307- حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ أَخْبَرَتْهُ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِقَتْلِ الأَوْزَاغِ".
[الحديث 3307 – طرفه في: 3359]
3308- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ الْبَصَرَ وَيُصِيبُ الْحَبَلَ". تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ "أخبرنا أَبَا أُسَامَةَ".
[الحديث 3308 – طرفه في: 3309]
3309- حدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن هشام قال: حدثني أبي عن عائشة قالت: "أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الأبتر، وقالَ: إنه يُصِيبُ البصَرَ، ويُذهِبُ الحبَلَ".
3310- حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ أَبِي يُونُسَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ ثُمَّ نَهَى قَالَ: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدَمَ حَائِطًا لَهُ فَوَجَدَ فِيهِ سِلْخَ حَيَّةٍ فَقَالَ انْظُرُوا أَيْنَ هُوَ فَنَظَرُوا فَقَالَ اقْتُلُوهُ فَكُنْتُ أَقْتُلُهَا لِذَلِكَ ".
3311- "فَلَقِيتُ أَبَا لُبَابَةَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لاَ تَقْتُلُوا الْجِنَّانَ إِلاَّ كُلَّ أَبْتَرَ ذِي طُفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْوَلَدَ وَيُذْهِبُ الْبَصَرَ فَاقْتُلُوهُ".
3312- حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا جرير بن حازم عن نافع عن ابن عمر "أنه كان يقتل الحيات".
3313- فحدثه أبو لبابة "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل جنان البيوت، فأمسك عنها".
حديث أبي سعيد الخدري "يوشك أن يكون خير مال المسلم" الحديث، وقد تقدم في أوائل الإيمان، ويأتي شرحه في كتاب الفتن. "تنبيهان": الأول: ذكر المزي في "الأطراف" تبعا لأبي مسعود أن البخاري أورد الحديث من هذه الطريق في الجزية، وهو وهم، وإنما هو في بدء الخلق. الثاني: وقع في أكثر الروايات
(6/351)
قبل حديث أبي سعيد هذا "باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال" وسقطت هذه الترجمة من رواية النسفي ولم يذكرها الإسماعيلي أيضا، وهو اللائق بالحال، لأن الأحاديث التي تلي حديث أبي سعيد ليس فيها ما يتعلق بالغنم إلا حديث أبي هريرة المذكور بعده. حديث أبي هريرة. قوله: "رأس الكفر نحو المشرق" في رواية الكشميهني: "قبل المشرق" وهو بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهته، وفي ذلك إشارة إلى شدة كفر المجوس، لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة، وكانوا في غاية القسوة والتكبر والتجبر حتى مزق ملكهم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في موضعه، واستمرت الفتن من قبل المشرق كما سيأتي بيانه واضحا في الفتن. قوله: "والفخر" بالخاء المعجمة معروف، ومنه الإعجاب بالنفس، "والخيلاء" بضم المعجمة وفتح التحتانية والمد: الكبر واحتقار الغير. قوله: "الفدادين" بتشديد الدال عند الأكثر، وحكى أبو عبيد عن أبي عمرو الشيباني أنه خففها وقال: إنه جمع فدان، والمراد به البقر التي يحرت عليها. وقال الخطابي: الفدان آلة الحرث والسكة، فعلى الأول فالفدادون جمع فدان وهو من يعلو صوته في إبله وخيله وحرثه ونحو ذلك، والفديد هو الصوت الشديد، وحكى الأخفش ووهاه أن المراد بالفدادين من يسكن الفدافد جمع فدفد وهي البراري والصحاري، وهو بعيد. وحكى أبو عبيدة معمر بن المثنى أن الفدادين هم أصحاب الإبل الكثيرة من المائتين إلى الألف، وعلى ما حكاه أبو عمرو الشيباني من التخفيف فالمراد أصحاب الفدادين على حذف مضاف، ويؤيد الأول لفظ الحديث الذي بعده "وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل". وقال أبو العباس: الفدادون هم الرعاة والجمالون. وقال الخطابي: إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه عن أمور دينهم وذلك يفضي إلى قساوة القلب. قوله: "أهل الوبر" بفتح الواو والموحدة، أي ليسوا من أهل المدر، لأن العرب تعبر عن أهل الحضر بأهل المدر وعن أهل البادية بأهل الوبر، واستشكل بعضهم ذكر الوبر بعد ذكر الخيل وقال: إن الخيل لا وبر لها، ولا إشكال فيه لأن المراد ما بينته. وقوله في آخر الحديث: "في ربيعة ومضر" أي الفدادين منهم. قوله: "والسكينة" تطلق على الطمأنينة والسكون والوقار والتواضع. قال ابن خالويه لا نظير لها أي في وزنها إلا قولهم على فلان ضريبة أي خراج معلوم، وإنما خص أهل الغنم بذلك لأنهم غالبا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما من سبب الفخر والخيلاء، وقيل: أراد بأهل الغنم أهل اليمن لأن غالب مواشيهم الغنم، بخلاف ربيعة ومضر فإنهم أصحاب إبل، وروى ابن ماجه من حديث أم هانئ "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها اتخذي الغنم فإن فيها بركة". حديث أبي مسعود. قوله: "حدثنا يحيى" هو القطان، وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم. قوله: "أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال: ا لإيمان" فيه تعقب على من زعم أن المراد بقوله: "يمان" الأنصار، لكون أصلهم من أهل اليمن لأن في إشارته إلى جهة اليمن ما يدل على أن المراد به أهلها حينئذ لا الذين كان أصلهم منها، وسبب الثناء على أهل اليمن إسراعهم إلى الإيمان وقبولهم وقد تقدم قبولهم البشرى حين لم تقبلها بنو تميم في أول بدء الخلق، وسيأتي بقية شرحه في أول المناقب، وبيان الاختلاف بقوله: "الإيمان يمان" وقوله: "قرنا الشيطان" أي جانبا رأسه، قال الخطابي: ضرب المثل بقرني الشيطان فيما لا يحمد من الأمور، وقوله: "أرق أفئدة" أي إن غشاء قلب أحدهم رقيق، وإذا رق الغشاء أسرع نفوذ الشيء إلى ما وراءه. حديث أبي هريرة. قوله: "عن جعفر بن ربيعة" هذا الحديث مما اتفق الأئمة
(6/352)
الخمسة أصحاب الأصول على إخراجه عن شيخ واحد وهو قتيبة بهذا الإسناد. قوله: "إذا سمعتم صياح الديكة" بكسر المهملة وفتح التحتانية جمع ديك وهو ذكر الدجاج، وللديك خصيصة ليست لغيره من معرفة الوقت الليلي، فإنه يقسط أصواته قيها تقسيطا لا يكاد يتفاوت، ويوالي صياحه قبل الفجر وبعده لا يكاد يخطئ، سواء أطال الليل أم قصر، ومن ثم أفتى بعض الشافعية باعتماد الديك المجرب في الوقت، ويؤيده الحديث الذي سأذكره عن زيد بن خالد. قوله: "فإنها رأت ملكا" بفتح اللام، قال عياض: كان السبب فيه رجاء تأمين الملائكة على دعائه واستغفارهم له وشهادتهم له بالإخلاص، ويؤخذ منه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين تبركا بهم، وصحح ابن حبان - وأخرجه أبو داود وأحمد - من حديث زيد بن خالد رفعه: "لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة" وعند البزار من هذا الوجه سبب قوله صلى الله عليه وسلم ذلك وأن ديكا صرخ فلعنه رجل فقال ذلك، قال الحليمي: يؤخذ منه أن كل من استفيد منه الخير لا ينبغي أن يسب ولا أن يستهان به، بل يكرم ويحسن إليه. قال: وليس معنى قوله: "فإنه يدعو إلى الصلاة" أن يقول بصوته حقيقة صلوا أو حانت الصلاة، بل معناه أن العادة جرت بأنه يصرخ عند طلوع الفجر وعند الزوال فطرة فطره الله عليها. قوله: "وإذا سمعتم نهاق الحمير" زاد النسائي والحاكم من حديث جابر "ونباح الكلاب" قوله: "فإنها رأت شيطانا" روى الطبراني من حديث أبي رافع رفعه: "لا ينهق الحمار حتى يرى شيطانا أو يتمثل له شيطان، فإذا كان ذلك فاذكروا الله وصلوا علي" قال عياض: وفائدة الأمر بالتعوذ لما يخشى من شر الشيطان وشر وسوسته، فيلجأ إلى الله في دفع ذلك. قال الداودي: يتعلم من الديك خمس خصال: حسن الصوت، والقيام في السحر، والغيرة، والسخاء، وكثرة الجماع. حديث جابر أورده من وجه آخر، وسيأتي شرحه في أثناء هذا الباب، والقائل "قال وأخبرني عمرو" هو ابن جريج، وإسحاق المذكور في أوله هو ابن راهويه كما عند أبي نعيم، ويحتمل أن يكون ابن منصور، وقد أهمل المزي في الأطراف تبعا لخلف عزوه إلى هذا الموضع. حديث أبي هريرة. قوله: "عن خالد" هو الحذاء، ومحمد هو ابن سيرين، والإسناد كله بصريون إلى أبي هريرة. قوله: "وإني لا أراها إلا الفأر" بإسكان الهمزة، وعند مسلم من طريق أخرى عن ابن سيرين بلفظ: "الفأرة مسخ، وآية ذلك أنه يوضع بين يديها لبن الغنم فتشربه، ويوضع بين يديها لبن الإبل فلا تشربه". قوله: "فحدثت كعبا" قائل ذلك هو أبو هريرة، ووقع في رواية مسلم: "فقال له كعب أنت سمعت هذا". قوله: "فقلت أفأقرأ التوراة" هو استفهام إنكار. وفي رواية مسلم أفأنزلت علي التوراة، وفيه أن أبا هريرة لم يكن يأخذ عن أهل الكتاب، وأن الصحابي الذي يكون كذلك إذا أخبر بما لا مجال للرأي والاجتهاد فيه يكون للحديث حكم الرفع، وفي سكوت كعب عن الرد على أبي هريرة دلالة على تورعه، وكأنهما جميعا لم يبلغهما حديث ابن مسعود، قال: "وذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم القردة والخنازير فقال: إن الله لم يجعل للمسخ نسلا ولا عقبا، وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك" وعلى هذا يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا أراها إلا الفأر" وكأنه كان يظن ذلك ثم أعلم بأنها ليست هي، قال ابن قتيبة: إن صح هذا الحديث وآلا فالقردة والخنازير هي الممسوخ بأعيانها توالدت. قلت: الحديث صحيح، وسيأتي مزيد لذلك في أواخر أحاديث الأنبياء. حديث عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للوزع فويسق ولم أسمعه أمر بقتله" هو قول عائشة رضي الله عنها، قال ابن التين: هذا لا حجة فيه، لأنه لا يلزم من عدم سماعها عدم الوقوع، وقد حفظ غيرها كما ترى. قلت: قد جاء عن عائشة من وجه آخر عند أحمد وابن ماجه أنه
(6/353)
كان في بيتها رمح موضوع، فسئلت فقالت: نقتل به الوزع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن إبراهيم لما ألقى في النار لم يكن في الأرض دابة إلا أطفأت عنه النار، إلا الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها انتهى. والذي في الصحيح أصح، ولعل عائشة سمعت ذلك من بعض الصحابة. وأطلقت لفظ أخبرنا مجازا أي أخبر الصحابة، كما قال ثابت البناني "خطبنا عمران" وأراد أنه خطب أهل البصرة، فإنه لم يسمع منه، والله أعلم. قوله: "وزعم سعد بن أبي وقاص" قائل ذلك يحتمل أن يكون عروة فيكون متصلا فإنه سمع من سعد، ويحتمل أن تكون عائشة فيكون من رواية القرين عن قرينه، ويحتمل أن يكون من قول الزهري فيكون منقطعا، وهذا الاحتمال الأخير أرجح فإن الدار قطني أخرجه في الغرائب من طريق ابن وهب عن يونس ومالك معا عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للوزغ فويسق" وعن ابن شهاب عن سعد بن أبي وقاص "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ" وقد أخرج مسلم والنسائي وابن ماجه وابن حبان حديث عائشة من طريق ابن وهب، ليس عندهم حديث سعد، وقد أخرج مسلم وأبو داود وأحمد وابن حبان من طريق معمر عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقا" وكأن الزهري وصله لمعمر وأرسله ليونس، ولم أر من نبه على ذلك من الشراح ولا من أصحاب الأطراف فلله الحمد. حديث أم شريك "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأوزاغ" هكذا أورده مختصرا وسيأتي بأتم من هذا في قصة إبراهيم من أحاديث الأنبياء، وقد تقدم في الذي قبله حديث عائشة بأتم منه، وأم شريك اسمها غزية بالمعجمتين مصغر، وقيل: غزيلة، يقال هي عامرية قرشية، ويقال أنصارية ويقال دوسية. حديث عائشة في قتل ذي الطفيتين والأبتر، أورده بإسنادين إليها في كل واحد منهما قوله في أول طريقي حديث عائشة: "تابعه حماد بن سلمة" يريد أن حمادا تابع أبا أسامة في روايته إياه عن هشام، واسم أبي أسامة أيضا حماد، ورواية حماد بن سلمة وصلها أحمد عن عفان عنه. حديث ابن عمر في ذلك عن أبي لبابة أورده من وجهين، وقد تقدم من وجه آخر في أول الباب. قوله: "عن أبي يونس القشيري" هو حاتم بن أبي صغيرة، وهو بصري ومن دونه، وأما من فوقه فمدني. قوله: "أن ابن عمر كان يقتل الحيات ثم نهى" هو بفتح النون، وفاعل نهى هو ابن عمر، وقد بين بعد ذلك سبب نهيه عن ذلك. وكان ابن عمر أولا يأخذ بعموم آمره صلى الله عليه وسلم بقتل الحيات. وقد أخرج أبو داود من حديث عائشة مرفوعا: "اقتلوا الحيات، فمن تركهن مخافة ثأرهن فليس مني". قوله: "إن النبي صلى الله عليه وسلم هدم حائطا له فوجد فيه سلخ حية" هو بكسر السين المهملة وسكون اللام بعدها معجمة وهو جلدها، كذا وقع هنا مرفوعا، وأخرجه مسلم من وجه آخر موقوفا فأخرج من طريق الليث عن نافع "أن أبا لبابة كلم ابن عمر ليفتح له بابا في داره يستقرب بها إلى المسجد، فوجد الغلمان جلد جان. فقال ابن عمر: التمسوه فاقتلوه، فقال أبو لبابة: لا تقتلوه" ومن طريق يحيى بن سعيد وعمر بن نافع عن نافع نحوه. ويحتمل أن تكون القصة وقعت مرتين. ويدل لذلك قول ابن عمر في هذه الرواية: "وكنت أقتلها لذلك" وهو القائل "فلقيت أبا لبابة". قوله: "لا تقتلوا الجنان إلا كل ذي طفيتين" إن كان الاستثناء متصلا ففيه تعقب على من زعم أن ذا الطفيتين والأبتر ليس من الجنان، ويحتمل أن يكون منقطعا، أي لكن كل ذي طفيتين فاقتلوه والجنان بكسر الجيم وتشديد النون جمع جان وهي الحية الصغيرة، وقيل: الرقيقة الخفيفة، وقيل الدقيقة البيضاء، الحادي عشر حديث عائشة وابن عمر في الخمس التي لا جناح على المحرم في قتلهن، وقع في حديث عائشة "الحديا" وفي حديث ابن
(6/354)
عمر "الحدأة" والحديا بصيغة التصغير، وقد أنكر ثابت في الدلائل هذه الصيغة وقال الصواب الحديأة أو الحدية أي بهمزة وزيادة هاء أو بالتشديد بغير همز، قال: والصواب أن الحدياه ليس من هذا، وإنما هو من التحدي يقولون: فلان يتحدى فلانا أي ينازعه ويغالبه، وعن ابن أبي حاتم، أهل الحجاز يقولون لهذا الطائر الحديا ويجمعونه الحدادي، وكلاهما خطأ. وأما الأزهري فصوبه وقال: الحدياه تصغير الحدي. وقد تقدم شرح الحديث مستوفى في كتاب الحج.
(6/355)
باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء و في الآخر شفاء و خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم
...
3301- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِي أَهْلِ الْخَيْلِ وَالإِبِلِ وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ".
[الحديث 3302 – أطرافه في: 3499، 4388، 4389، 4390]
3302- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِي قَيْسٌ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: "أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ فَقَالَ الإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا أَلاَ إِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ".
[الحديث 3302 – أطرافه في: 3498، 4387، 5303]
3303- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا".
3304- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَ مَا أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ وَلَمْ يَذْكُرْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ".
3305- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا إِلاَّ الْفَأرَ إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ
(6/350)
الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لِي مِرَارًا فَقُلْتُ: أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ".
3306- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْوَزَغِ الْفُوَيْسِقُ وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَزَعَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ".
3307- حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ أَخْبَرَتْهُ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِقَتْلِ الأَوْزَاغِ".
[الحديث 3307 – طرفه في: 3359]
3308- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ الْبَصَرَ وَيُصِيبُ الْحَبَلَ". تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ "أخبرنا أَبَا أُسَامَةَ".
[الحديث 3308 – طرفه في: 3309]
3309- حدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن هشام قال: حدثني أبي عن عائشة قالت: "أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الأبتر، وقالَ: إنه يُصِيبُ البصَرَ، ويُذهِبُ الحبَلَ".
3310- حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ أَبِي يُونُسَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ ثُمَّ نَهَى قَالَ: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدَمَ حَائِطًا لَهُ فَوَجَدَ فِيهِ سِلْخَ حَيَّةٍ فَقَالَ انْظُرُوا أَيْنَ هُوَ فَنَظَرُوا فَقَالَ اقْتُلُوهُ فَكُنْتُ أَقْتُلُهَا لِذَلِكَ ".
3311- "فَلَقِيتُ أَبَا لُبَابَةَ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لاَ تَقْتُلُوا الْجِنَّانَ إِلاَّ كُلَّ أَبْتَرَ ذِي طُفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْوَلَدَ وَيُذْهِبُ الْبَصَرَ فَاقْتُلُوهُ".
3312- حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا جرير بن حازم عن نافع عن ابن عمر "أنه كان يقتل الحيات".
3313- فحدثه أبو لبابة "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل جنان البيوت، فأمسك عنها".
حديث أبي سعيد الخدري "يوشك أن يكون خير مال المسلم" الحديث، وقد تقدم في أوائل الإيمان، ويأتي شرحه في كتاب الفتن. "تنبيهان": الأول: ذكر المزي في "الأطراف" تبعا لأبي مسعود أن البخاري أورد الحديث من هذه الطريق في الجزية، وهو وهم، وإنما هو في بدء الخلق. الثاني: وقع في أكثر الروايات
(6/351)
قبل حديث أبي سعيد هذا "باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال" وسقطت هذه الترجمة من رواية النسفي ولم يذكرها الإسماعيلي أيضا، وهو اللائق بالحال، لأن الأحاديث التي تلي حديث أبي سعيد ليس فيها ما يتعلق بالغنم إلا حديث أبي هريرة المذكور بعده. حديث أبي هريرة. قوله: "رأس الكفر نحو المشرق" في رواية الكشميهني: "قبل المشرق" وهو بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهته، وفي ذلك إشارة إلى شدة كفر المجوس، لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة، وكانوا في غاية القسوة والتكبر والتجبر حتى مزق ملكهم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في موضعه، واستمرت الفتن من قبل المشرق كما سيأتي بيانه واضحا في الفتن. قوله: "والفخر" بالخاء المعجمة معروف، ومنه الإعجاب بالنفس، "والخيلاء" بضم المعجمة وفتح التحتانية والمد: الكبر واحتقار الغير. قوله: "الفدادين" بتشديد الدال عند الأكثر، وحكى أبو عبيد عن أبي عمرو الشيباني أنه خففها وقال: إنه جمع فدان، والمراد به البقر التي يحرت عليها. وقال الخطابي: الفدان آلة الحرث والسكة، فعلى الأول فالفدادون جمع فدان وهو من يعلو صوته في إبله وخيله وحرثه ونحو ذلك، والفديد هو الصوت الشديد، وحكى الأخفش ووهاه أن المراد بالفدادين من يسكن الفدافد جمع فدفد وهي البراري والصحاري، وهو بعيد. وحكى أبو عبيدة معمر بن المثنى أن الفدادين هم أصحاب الإبل الكثيرة من المائتين إلى الألف، وعلى ما حكاه أبو عمرو الشيباني من التخفيف فالمراد أصحاب الفدادين على حذف مضاف، ويؤيد الأول لفظ الحديث الذي بعده "وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل". وقال أبو العباس: الفدادون هم الرعاة والجمالون. وقال الخطابي: إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه عن أمور دينهم وذلك يفضي إلى قساوة القلب. قوله: "أهل الوبر" بفتح الواو والموحدة، أي ليسوا من أهل المدر، لأن العرب تعبر عن أهل الحضر بأهل المدر وعن أهل البادية بأهل الوبر، واستشكل بعضهم ذكر الوبر بعد ذكر الخيل وقال: إن الخيل لا وبر لها، ولا إشكال فيه لأن المراد ما بينته. وقوله في آخر الحديث: "في ربيعة ومضر" أي الفدادين منهم. قوله: "والسكينة" تطلق على الطمأنينة والسكون والوقار والتواضع. قال ابن خالويه لا نظير لها أي في وزنها إلا قولهم على فلان ضريبة أي خراج معلوم، وإنما خص أهل الغنم بذلك لأنهم غالبا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما من سبب الفخر والخيلاء، وقيل: أراد بأهل الغنم أهل اليمن لأن غالب مواشيهم الغنم، بخلاف ربيعة ومضر فإنهم أصحاب إبل، وروى ابن ماجه من حديث أم هانئ "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها اتخذي الغنم فإن فيها بركة". حديث أبي مسعود. قوله: "حدثنا يحيى" هو القطان، وإسماعيل هو ابن أبي خالد وقيس هو ابن أبي حازم. قوله: "أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال: ا لإيمان" فيه تعقب على من زعم أن المراد بقوله: "يمان" الأنصار، لكون أصلهم من أهل اليمن لأن في إشارته إلى جهة اليمن ما يدل على أن المراد به أهلها حينئذ لا الذين كان أصلهم منها، وسبب الثناء على أهل اليمن إسراعهم إلى الإيمان وقبولهم وقد تقدم قبولهم البشرى حين لم تقبلها بنو تميم في أول بدء الخلق، وسيأتي بقية شرحه في أول المناقب، وبيان الاختلاف بقوله: "الإيمان يمان" وقوله: "قرنا الشيطان" أي جانبا رأسه، قال الخطابي: ضرب المثل بقرني الشيطان فيما لا يحمد من الأمور، وقوله: "أرق أفئدة" أي إن غشاء قلب أحدهم رقيق، وإذا رق الغشاء أسرع نفوذ الشيء إلى ما وراءه. حديث أبي هريرة. قوله: "عن جعفر بن ربيعة" هذا الحديث مما اتفق الأئمة
(6/352)
الخمسة أصحاب الأصول على إخراجه عن شيخ واحد وهو قتيبة بهذا الإسناد. قوله: "إذا سمعتم صياح الديكة" بكسر المهملة وفتح التحتانية جمع ديك وهو ذكر الدجاج، وللديك خصيصة ليست لغيره من معرفة الوقت الليلي، فإنه يقسط أصواته قيها تقسيطا لا يكاد يتفاوت، ويوالي صياحه قبل الفجر وبعده لا يكاد يخطئ، سواء أطال الليل أم قصر، ومن ثم أفتى بعض الشافعية باعتماد الديك المجرب في الوقت، ويؤيده الحديث الذي سأذكره عن زيد بن خالد. قوله: "فإنها رأت ملكا" بفتح اللام، قال عياض: كان السبب فيه رجاء تأمين الملائكة على دعائه واستغفارهم له وشهادتهم له بالإخلاص، ويؤخذ منه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين تبركا بهم، وصحح ابن حبان - وأخرجه أبو داود وأحمد - من حديث زيد بن خالد رفعه: "لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة" وعند البزار من هذا الوجه سبب قوله صلى الله عليه وسلم ذلك وأن ديكا صرخ فلعنه رجل فقال ذلك، قال الحليمي: يؤخذ منه أن كل من استفيد منه الخير لا ينبغي أن يسب ولا أن يستهان به، بل يكرم ويحسن إليه. قال: وليس معنى قوله: "فإنه يدعو إلى الصلاة" أن يقول بصوته حقيقة صلوا أو حانت الصلاة، بل معناه أن العادة جرت بأنه يصرخ عند طلوع الفجر وعند الزوال فطرة فطره الله عليها. قوله: "وإذا سمعتم نهاق الحمير" زاد النسائي والحاكم من حديث جابر "ونباح الكلاب" قوله: "فإنها رأت شيطانا" روى الطبراني من حديث أبي رافع رفعه: "لا ينهق الحمار حتى يرى شيطانا أو يتمثل له شيطان، فإذا كان ذلك فاذكروا الله وصلوا علي" قال عياض: وفائدة الأمر بالتعوذ لما يخشى من شر الشيطان وشر وسوسته، فيلجأ إلى الله في دفع ذلك. قال الداودي: يتعلم من الديك خمس خصال: حسن الصوت، والقيام في السحر، والغيرة، والسخاء، وكثرة الجماع. حديث جابر أورده من وجه آخر، وسيأتي شرحه في أثناء هذا الباب، والقائل "قال وأخبرني عمرو" هو ابن جريج، وإسحاق المذكور في أوله هو ابن راهويه كما عند أبي نعيم، ويحتمل أن يكون ابن منصور، وقد أهمل المزي في الأطراف تبعا لخلف عزوه إلى هذا الموضع. حديث أبي هريرة. قوله: "عن خالد" هو الحذاء، ومحمد هو ابن سيرين، والإسناد كله بصريون إلى أبي هريرة. قوله: "وإني لا أراها إلا الفأر" بإسكان الهمزة، وعند مسلم من طريق أخرى عن ابن سيرين بلفظ: "الفأرة مسخ، وآية ذلك أنه يوضع بين يديها لبن الغنم فتشربه، ويوضع بين يديها لبن الإبل فلا تشربه". قوله: "فحدثت كعبا" قائل ذلك هو أبو هريرة، ووقع في رواية مسلم: "فقال له كعب أنت سمعت هذا". قوله: "فقلت أفأقرأ التوراة" هو استفهام إنكار. وفي رواية مسلم أفأنزلت علي التوراة، وفيه أن أبا هريرة لم يكن يأخذ عن أهل الكتاب، وأن الصحابي الذي يكون كذلك إذا أخبر بما لا مجال للرأي والاجتهاد فيه يكون للحديث حكم الرفع، وفي سكوت كعب عن الرد على أبي هريرة دلالة على تورعه، وكأنهما جميعا لم يبلغهما حديث ابن مسعود، قال: "وذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم القردة والخنازير فقال: إن الله لم يجعل للمسخ نسلا ولا عقبا، وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك" وعلى هذا يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا أراها إلا الفأر" وكأنه كان يظن ذلك ثم أعلم بأنها ليست هي، قال ابن قتيبة: إن صح هذا الحديث وآلا فالقردة والخنازير هي الممسوخ بأعيانها توالدت. قلت: الحديث صحيح، وسيأتي مزيد لذلك في أواخر أحاديث الأنبياء. حديث عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للوزع فويسق ولم أسمعه أمر بقتله" هو قول عائشة رضي الله عنها، قال ابن التين: هذا لا حجة فيه، لأنه لا يلزم من عدم سماعها عدم الوقوع، وقد حفظ غيرها كما ترى. قلت: قد جاء عن عائشة من وجه آخر عند أحمد وابن ماجه أنه
(6/353)
كان في بيتها رمح موضوع، فسئلت فقالت: نقتل به الوزع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن إبراهيم لما ألقى في النار لم يكن في الأرض دابة إلا أطفأت عنه النار، إلا الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها انتهى. والذي في الصحيح أصح، ولعل عائشة سمعت ذلك من بعض الصحابة. وأطلقت لفظ أخبرنا مجازا أي أخبر الصحابة، كما قال ثابت البناني "خطبنا عمران" وأراد أنه خطب أهل البصرة، فإنه لم يسمع منه، والله أعلم. قوله: "وزعم سعد بن أبي وقاص" قائل ذلك يحتمل أن يكون عروة فيكون متصلا فإنه سمع من سعد، ويحتمل أن تكون عائشة فيكون من رواية القرين عن قرينه، ويحتمل أن يكون من قول الزهري فيكون منقطعا، وهذا الاحتمال الأخير أرجح فإن الدار قطني أخرجه في الغرائب من طريق ابن وهب عن يونس ومالك معا عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للوزغ فويسق" وعن ابن شهاب عن سعد بن أبي وقاص "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ" وقد أخرج مسلم والنسائي وابن ماجه وابن حبان حديث عائشة من طريق ابن وهب، ليس عندهم حديث سعد، وقد أخرج مسلم وأبو داود وأحمد وابن حبان من طريق معمر عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقا" وكأن الزهري وصله لمعمر وأرسله ليونس، ولم أر من نبه على ذلك من الشراح ولا من أصحاب الأطراف فلله الحمد. حديث أم شريك "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأوزاغ" هكذا أورده مختصرا وسيأتي بأتم من هذا في قصة إبراهيم من أحاديث الأنبياء، وقد تقدم في الذي قبله حديث عائشة بأتم منه، وأم شريك اسمها غزية بالمعجمتين مصغر، وقيل: غزيلة، يقال هي عامرية قرشية، ويقال أنصارية ويقال دوسية. حديث عائشة في قتل ذي الطفيتين والأبتر، أورده بإسنادين إليها في كل واحد منهما قوله في أول طريقي حديث عائشة: "تابعه حماد بن سلمة" يريد أن حمادا تابع أبا أسامة في روايته إياه عن هشام، واسم أبي أسامة أيضا حماد، ورواية حماد بن سلمة وصلها أحمد عن عفان عنه. حديث ابن عمر في ذلك عن أبي لبابة أورده من وجهين، وقد تقدم من وجه آخر في أول الباب. قوله: "عن أبي يونس القشيري" هو حاتم بن أبي صغيرة، وهو بصري ومن دونه، وأما من فوقه فمدني. قوله: "أن ابن عمر كان يقتل الحيات ثم نهى" هو بفتح النون، وفاعل نهى هو ابن عمر، وقد بين بعد ذلك سبب نهيه عن ذلك. وكان ابن عمر أولا يأخذ بعموم آمره صلى الله عليه وسلم بقتل الحيات. وقد أخرج أبو داود من حديث عائشة مرفوعا: "اقتلوا الحيات، فمن تركهن مخافة ثأرهن فليس مني". قوله: "إن النبي صلى الله عليه وسلم هدم حائطا له فوجد فيه سلخ حية" هو بكسر السين المهملة وسكون اللام بعدها معجمة وهو جلدها، كذا وقع هنا مرفوعا، وأخرجه مسلم من وجه آخر موقوفا فأخرج من طريق الليث عن نافع "أن أبا لبابة كلم ابن عمر ليفتح له بابا في داره يستقرب بها إلى المسجد، فوجد الغلمان جلد جان. فقال ابن عمر: التمسوه فاقتلوه، فقال أبو لبابة: لا تقتلوه" ومن طريق يحيى بن سعيد وعمر بن نافع عن نافع نحوه. ويحتمل أن تكون القصة وقعت مرتين. ويدل لذلك قول ابن عمر في هذه الرواية: "وكنت أقتلها لذلك" وهو القائل "فلقيت أبا لبابة". قوله: "لا تقتلوا الجنان إلا كل ذي طفيتين" إن كان الاستثناء متصلا ففيه تعقب على من زعم أن ذا الطفيتين والأبتر ليس من الجنان، ويحتمل أن يكون منقطعا، أي لكن كل ذي طفيتين فاقتلوه والجنان بكسر الجيم وتشديد النون جمع جان وهي الحية الصغيرة، وقيل: الرقيقة الخفيفة، وقيل الدقيقة البيضاء، الحادي عشر حديث عائشة وابن عمر في الخمس التي لا جناح على المحرم في قتلهن، وقع في حديث عائشة "الحديا" وفي حديث ابن
(6/354)
عمر "الحدأة" والحديا بصيغة التصغير، وقد أنكر ثابت في الدلائل هذه الصيغة وقال الصواب الحديأة أو الحدية أي بهمزة وزيادة هاء أو بالتشديد بغير همز، قال: والصواب أن الحدياه ليس من هذا، وإنما هو من التحدي يقولون: فلان يتحدى فلانا أي ينازعه ويغالبه، وعن ابن أبي حاتم، أهل الحجاز يقولون لهذا الطائر الحديا ويجمعونه الحدادي، وكلاهما خطأ. وأما الأزهري فصوبه وقال: الحدياه تصغير الحدي. وقد تقدم شرح الحديث مستوفى في كتاب الحج.
(6/355)
باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء و في الآخر شفاء و خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم
...
عدد المشاهدات *:
477246
477246
عدد مرات التنزيل *:
152025
152025
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 13/07/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 13/07/2013