اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الأربعاء 16 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?????? ???????????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

الأعمال

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمهم الله تعالى
المجلد الأول
الإخلاص وإحضار النية
باب الصَّبر
30- وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إليَّ غلاما أُعلمه السحر؛ فبعث إليه غلاما يعلمه ، وكان في طريقه إذا سلك راهب، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر. فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجراً فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب : أي بُنَيَّ أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستُبْتَلَى فإن ابتليت فلا تدل عليَّ؛ وكان الغلام يبرئ الأكمة والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء . فسمع جليس للملك كان قد عمي ، فأتاه بهدايا كثيرة فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك ، فآمن بالله تعالى فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي قال: أَوَ لكَ ربٌ غيري؟! قال ربي وربك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فجيء بالغلام فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمة والأبرص وتفعل وتفعل، فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله تعالى، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب؛ فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بجليس الملك، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فوُضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذِرْوَتَهُ فإن رجع عن دينه وإلا فاطرَحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك: ما فُعل بأصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قُرْقور وتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه ، فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ، وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك : ما فُعل بأصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: ما هو ؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني . فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: بسم رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صُدغِهِ، فوضع يده في صدغه فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام، فأُتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تَحْذَرُ؟ قد والله نزل بك حذرك. قد آمن الناس. فأمر بالأخدود بأفواه السِّكَكِ فخُدَّت، وأُضرم فيها النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، أو قيل له: اقتحم ، ففعلوا ، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق))(118) [ رواه مسلم]. ((ذِرْوة الجبل)) : أعلاه، وهي بكسر الذال المعجمة وضمها، و(( القُرْقُور)) بضم القافين: نوع من السفن، و(( الصعيد)) هنا: الأرض البارزة، و (( الأخدود)) الشقوق في الأرض كالنهر الصغير، و((أضرم)) أوقد، و(( انكفأت)) أي: انقلبت، و(( تقاعست )): توقفت وجبنت)).
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمهم الله تعالى
هذا الحديث الذي ذكره المؤلف - رحمه الله تعالى- في باب الصبر فيه قصة عجيبة: وهي أن رجلاً من الملوك فيمن سبق كان عنده ساحر اتخذه الملك بطانة؛ من أجل أن يستخدمه في مصالحه ولو على حساب الدين، لأن هذا الملك لا يهتم إلا بما فيه مصلحته، وهو ملك مُستبِد قد عبَّد الناس لنفسه كما سيأتي إن شاء الله تعالى في آخر الحديث.
هذا الساحر لما كبر قال للملِك: إني قد كبرت فابعث إلي غُلاما أعلمه السحر.
واختار الغلام لأن الغلام أقبل للتعليم، ولأن التعليم للغلام الشاب هو الذي يبقى، ولا ينسى، ولهذا كان التعلم في الصغر خيرا بكثير من التعلم في الكبر، وفي كل خير، لكن التعلم في الصغر فيه فائدتان عظيمتان بل أكثر:
الفائدة الأولى: أن الشاب في الغالب أسرع حفظاً من الكبير، لأن الشاب فارغ البال ليست عنده مشاكل توجب انشغاله.
وثانياً: أن ما يحفظه الشاب يبقى، وما يحفظه الكبير ينسى، ولهذا كان من الحكمة الشائعة بين الناس: (( إن العلم في الصغر كالنقش في الحجر)) لا يزول.
وفيه فائدة ثالثة: وهي أن الشاب إذا ثُقِّفَ العلم من أول الأمر صار العلم كالسجية له والطبيعة له، وصار كأنه غريزة قد شبَّ عليه فيشيبُ عليه.
فهذا الساحر ساحر كبير قد تقدمت به السن وجرب الحياة وعرف الأشياء . فطلب من الملك أن يختار له شاباً غلاماً يعلمه السحر، فبعث إليه غلاماً، فعلَّمه ما علَّمه، ولكن الله تعالى قد أراد بهذا الغلام خيراً‍ !
مرَّ هذا الغلام يوماً من الأيام براهب، فسمع منه فأعجبه كلامه، لأن هذا الراهب- يعني العابد- عابد لله عز وجل، لا يتكلم إلا بالخير، وقد يكون راهباً عالماً لكن تغلب عليه العبادة فسُمِّي بما يغلب عليه من الرهبانية، فصار هذا الغلام إذا خرج من أهله جلس عند الراهب فتأخر على الساحر، فجعل الساحر يضربه، لماذا تتأخر؟ فشكا الغلام إلى الراهب ما يجده من الساحر من الضرب إذا تأخر , فلقَّنَه الراهب أمر يتخلص به، قال: إذا ذهبت إلى الساحر وخشيت أن يعاقبك فقل:إن أهلي حبسوني , يعني : تأخر عند أهله , وإذا أتيت إلى أهلك فقل : إن الساحر أخرني ؛ حتى تنجو من هذا ومن هذا.
وكأن الراهب- والله أعلم- أمره بذلك- مع أنه كذب - لعله رأى أن المصلحة في هذا تَرْبو على مفسدة الكذب، مع أنه يمكن أن يتأوَّل !!
ففعل، فصار الغلام يأتي إلى الراهب ويسمع منه، ثم يذهب إلى الساحر، فإذا أراد أن يعاقبه على تأخره قال: إن أهلي أخَّروني، وإذا رجع إلى أهله وتأخر عند الراهب قال: إن الساحر أخرني. فمرَّ ذات يوم بدابَّةٍ عظيمة، ولم يعيِّن في الحديث ما هذه الدابة، قد حبست الناس عن التجاوز، فلا يستطيعون أن يتجاوزها ، فأراد هذا الغلام أن يختبر: هل الراهب خير له أم الساحر ، فأخذ حجراً، ودعا الله سبحانه وتعالى إن كان أمر الراهب خير أن يقتل هذا الحجر الدابة، فرمى بالحجر ، فقتل الدابة، فمشى الناس.
فعرف الغلام أن أمر الراهب خير من أمر الساحر، وهذا أمر لا شك فيه؛ لأن الساحر إما معتدٍ ظالم، وإما كافر مشرك، فإن كان يستعين على سحره بالشياطين يتقرَّب إليهم ويعبدهم ويدعوهم ويستغيث بهم فهو كافر مشرك. وإن كان لا يفعل هذا لكن يعتدي على الناس بأدْوية فيها سحر فهذا ظالم معتد.
أما الراهب، فإن كان يعبد الله على بصيرة فهو مهتد ، وإن كان عنده شيء من الجهل والضلال فنيته طيِّبه، وإن كان عمله سيِّئاً.
المهم أن الغلام أخبر الراهب بما جرى فقال له الراهب: أنت اليوم خير مني، وذلك لأن الغلام دعا الله فاستجاب الله له.
وهذا من نعمة الله على العبد، أن الإنسان إذا شك في الأمر ثم طلب من الله آيةً تبيَّن له شأن هذا الأمر فبيَّنه الله له، فإن هذا من نعمة الله عليه.
ومن ثم شُرعت الاستخارة، للإنسان إذا همَّ بالأمر وأشكل عليه: هل في إقدامه خير أم في إحجامه خير، فإنه يستخير الله، وإذا استخار الله بصدق وإيمان فإن الله تعالى يعطيه ما يستدل به على أن الخير في الإقدام أو الإحجام. إما بشيء يلقيه في قلبه ينشرح صدره لهذا أو لهذا، وإما برؤيا يراها في المنام، وإما بمشورة أحد من الناس، وإما بغير ذلك.
وكان من كرامات هذا الغلام أنه يبرئ الأكمة والأبرص ، يعني أنه يدعو لهم فيبرأون ، وهذا من كرامات الله له.
وليس كقصة عيسى بن مريم يمسح صاحب العاهة فيبرأ، بل هذا يدعو الله فيستجيب الله تعالى دعاءه، فيُبرئ بدعائه الأكمة والأبرص.
وقد أخبر الراهب هذا الغلام بأنه سيُبتلى يعني سيكون له محنة واختبار، وطلب منه أن لا يخبر به إن هو ابتلي بشيء.
وكأن هذا الغلام- والله أعلم- مستجاب الدعوة، إذا دعا الله تعالى قَبِلَ منه.
وكان للملك جليس أعمى- لا يبصر- فأتى بهدايا كثيرة لهذا الغلام حينما سمع عنه ما سمع وقال: لك ما هنا هنا أجمع- أي كله- إن أنت شفيتني، فقال، إنما يشفيك الله.
انظر إلى الإيمان ! لم يغترَّ بنفسه وادَّعى أنه هو الذي يشفي المرضى، بل قال: إنما يشفيك الله عز وجل، وهذا يشبه من بعض الوجوه ما جرى لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمة الله عليه-، حينما جيء إليه برجل مصروع قد صرعه الجنيّ، فقرأ عليه شيخ الإسلام ابن تيمية ولكنه لم يخرج، فجعل شيخ الإسلام يضربه على رقبته ضرباً شديداً، حتى إن يد شيخ الإسلام أوجعته من الضرب .فتكلَّم الجني الذي في الرجل وقال له: أخرج كرامة للشيخ، فقال له الشيخ رحمه الله: لا تخرج كرامة لي ولكن أخرج طاعة لله ولرسوله. لا يريد أن يكون له فضل ، بل الفضل لله عز وجل أولاً وآخرا. فخرج الجني. فلما خرج الجني استيقظ الرجل فقال: ما الذي جاء بي إلى حضرة الشيخ؟ لأنه حينما صُرع يمكن أنه كان في بيته أو سوقه، قال: ما الذي جاء بي إلى حضرة الشيخ؟ فقالوا: سبحان الله! ألم تحسَّ بالضرب الذي كان يضربك؟ قال: ما أحسست به ولا أوجعني.فأخبروه ، فبريء الرجل!
الشاهد أن أهل العلم والإيمان لا ينسبون نعمة الله إليهم، وإنما ينسبونها إلى موليها عز وجل وهو الله.
وقال له: (( فإن أنت آمنت دعوت الله لك)) فآمن الرجل، فدعا الغلام ربه أن يشفيه، فشفاه الله، فأصبح مبصراً.
فجاء هذا الجليس إلى الملك وجلس عنده على العادة ، فسأله الملك: من ردَّ عليك بصرك؟ قال: ربي. قال: ولك رب غيري؟ قال:ربي وربك الله .فأخذه , فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ,وأتى بالغلام وأخبره بالخبر وعذَّبه تعذيبا شديدا , قال من الذي علَّمك بهذا الشيء ؟ وكان الراهب قد قال له: إنك ستُبتلى، فإن ابتُليت فلا تخبر عني. ولكن لعله عجز عن الصبر، فأخبر عن الراهب.
وكان هذا الملك الجبار- والعياذ بالله- لما دلوا على الراهب، جيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك ولكنه أبى أن يرجع عن دينه.
فأتوا بالمنشار فشذبوه من مفرق رأسه- من نصف الجسم- فبدأوا بالرأس ، ثم الرقبة، ثم الظهر حتى انقسم قسمين - شقَّين: سقط شق هنا وشق هنا- ولكنه لم يُثنه ذلك عن دينه. أبى أن يرجع، ورضِيَ أن يقتل هذه القتلة ولا يرجع عن دينه- ما شاء الله-!! ثم جيء بالرجل الأعمى الذي كان جليساً عند الملك وآمن بالله، وكفر بالملك ، فدُعي أن يرجع عن دينه فأبى، ففُعلَ به كما فعل بالراهب ، ولم يردَّه ذلك عن دينه. وهذا يدل على أن الإنسان يجب عليه أن يصبر.
ولكن هل يجب على الإنسان أن يصبر على القتل، أو يجوز أن يقول كلمة الكفر ولا تضره إذا كان مكرها ؟ هذا فيه تفصيل: إن كانت المسألة تتعلق بنفسه فله الخيار : إن شاء قال كلمة الكفر دفعا للإكراه مع طمأنينة القلب بالإيمان وإن شاء أصر وأبى ولو قُتل، هذا إذا كان الأمر عائداً إلى الإنسان بنفسه يعني مثلاً قيل له: اسجد للصنم، فلم يسجد، فقتل، أو سجد دفعاً للإكراه ولم يقتل.
أما إذا كان الأمر يتعلق بالدين ، بمعنى أنه لو كفر ولو ظاهرا أمام الناس لكفر الناس , فإنه لا يجوز له أن يقول كلمة الكفر، بل يجب أن يصبر ولو قُتل، كالجهاد في سبيل الله. المجاهد يقدمُ على القتل ولو قتل، لأنه يريد أن تكون كلمة الله هي العليا، فإذا كان إماماً للناس وأُجبر على أن يقول كلمة الكفر فإنه لا يجوز أن يقول كلمة الكفر، لاسيما في زمن الفتنة، بل عليه أن يصبر ولو قُتل.
ومثل ذلك ما وقع للإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله - حين امتُحن المحنة العظيمة المشهورة، على أن يقول إن القرآن مخلوق وليس كلام الله، فأبى، فأُوذي وعُزِّر، حتى إنه يجر بالبغلة بالأسواق-إمام أهل السنة- يجر بالبغلة بالأسواق ويضرب بالسوط حتى يغشى عليه ولكنه كلما أفاق قال: القرآن كلام ربي غير مخلوق.
وإنما لم يجز لنفسه أن يقول كلمة الكفر مع الإكراه، لأن الناس ينتظرون ماذا يقول الإمام أحمد، فلو قال: القرآن مخلوق، لصار كل الناس يقولون: القرآن مخلوق، وفسد الدين.
ولكنه- رضي الله عنه- جعل نفسه فداء للدين ومع هذا صبر واحتسب، وكانت العاقبة له ولله الحمد. مات الخليفة ، ومات الخليفة الثاني الذي بعده، وأتى الله بخليفة صالح أكرمَ الإمام أحمد إكراماً عظيماً، فما مات الإمام أحمد حتى أقرَّ الله عينه بأن يقول الحق عالياً مرتفع الصوت، ويقول الناسُ الحقَّ معه.
وخُذل أعداؤه الذين كانوا يحدثون الخلفاء عليه. ولله الحمد. وهذا دليل على أن العاقبة للصابرين، وهو كذلك، والله الموفق.
لما قتل الملك الراهب، وقتل جليسه ، جيء بالغلام فطُلب منه أن يرجع عن دينه إلى دين الملك، ودين الملك دين شرك؛ لأنه- والعياذ بالله - يدعو الناس إلى عبادته وتأليهه.
فأبى الغلام أن يرجع عن دينه ، فدفعه الملك إلى نفر من أصحابه- أي جماعة من الناس- وقال لهم: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، جبل معروف عندهم شاهق رفيع، وقال لهم إذا بلغوا ذروته: فاطرحوه ، يعني على الأرض، ليقع من رأس الجبل فيموت، بعد أن تَعرِضوا عليه أن يرجع عن دينه، فإن رجع وإلا فاطرحوه.
فلما بلغوا به قمة الجبل طلبوا منه ان يرجع عن دينه فأبى؛ لأن الإيمان قد وقَر في قلبه، ولا يمكن أن يتحول أو يتزحزح، فلما همُّوا أن يطرحوه قال: ((اللهم اكفنيهم بما شئت)).
دعوة مضطر مؤمن: ((اللهم اكفينهم بما شئت)) أي: بالذي تشاء، ولم يُعيِّن. فرجف الله بهم الجبل فسقطوا وهلكوا، وجاء الغلام إلى الملك فقال: ما الذي جاء بك؟ أين أصحابك؟ فقال: قد كفانيهم الله عز وجل.
ثم دفعه إلى جماعة آخرين، وأمرهم أن يركبوا البحر في قرقور- أي سفينة- فإذا بلغوا لـجَّةَ البحر عرضوا عليه أن يرجع عن دينه، فإن لم يفعل رَمَوه في البحر. فلما توسطوا من البحر عرضوا عليه أن يرجع عن دينه - وهو الإيمان بالله- عز وجل- فقال: لا! أبى، ثم قال: ((اللهم اكفنيهم بما شئت)) فانقلبت السفينة وغرقوا وأنجاه الله. ثم جاء إلى الملك فقال له: أين أصحابك؟ فأخبره بالخبر.
ثم قال له: إنك لست قاتلي حتى تفعل ما آمرك به! قال: وما هو؟ قال تجمع الناس في صعيد واحد، كل أهل البلد تجمعهم في مكان واحد، ثم تصلبني على جذع ، ثم تأخذ سهماً من كنانتي فتضعه في كبد القوس، ثم ترميني به وتقول: بسم الله رب الغلام، فإنك إن فعلت ذلك قتلتني!
فجمع الملك الناس في صعيد واحد، وصلب الغلام، وأخذ سهما من كنانته فوضعها في كبد القوس، ثم رماه وقال: بسم الله رب الغلام، ثم رماه فأصابه السهم في صدغه، فوضع يده عليه ومات، فأصبح الناس يقولون: بسم الله رب الغلام. وآمنوا بالله وكفروا بالملك. وهذا هو الذي كان يريده هذا الغلام.
ففي هذه القطعة من الحديث دليل على مسائل:
أولا: قوة إيمان هذا الغلام، وأنه لم يتزحزح عن إيمانه ولم يتحوَّل .
ثانياً: فيه آية من آيات الله، حيث أكرمه الله عز وجل بقبول دعوته، فزلزَلَ الجبل بالقوم الذين يريدون أن يطرحوه من رأس الجبل حتى سقطوا.
ثالثاً: أن الله عز وجل يجيب دعوة المضطر إذا دعاه، فإذا دعا الإنسان ربه في حال ضرورة مُوقناً أن الله يجيبه، فإن الله تعالى يجيبه، حتى الكفار إذا دعوا الله في حال الضرورة أجابهم الله، مع أنه يعلم أنهم سيرجعون إلى الكفر، إذا غشيهم موج كالظُّلل في البحر دعوا الله مخلصين له الدين ، فإذا نجَّاهم أشركوا ، فينجيهم لأنهم صدقوا في الرجوع إلى الله عند دعائهم ، وهو سبحانه يجيب المضطر ولو كان كافراً.
رابعاً: أن الإنسان يجوز أن يغرِّرَ بنفسه في مصلحة عامة للمسلمين، فإن هذا الغلام دل الملك على أمر يقتله به ويهلك به نفسه، وهو أن يأخذ سهماً من كنانته ويضعه في كبد القوس ويقول : باسم الله ربِّ الغلام.
قال شيخ الإسلام: ((لأن هذا جهاد في سبيل الله، آمنت أمةٌ وهو لم يفتقد شيئا،لأنه مات وسيموت إن آجلاً أو عاجلاً)).
فأما ما يفعله بعض الناس من الانتحار، بحيث يحمل آلات متفجرة ويتقدم بها إلى الكفار ثم يفجرها إذا كان بينهم، فإن هذا من قتل النفس والعياذ بالله.
ومن قتل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم أبد الآبدين ، كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام (119).
لأن هذا قتل نفسه لا في مصلحة الإسلام، لأنه إذا قتل نفسه وقتل عشرة أو مائة أو مائتين ، لم ينتفع الإسلام بذلك، فلم يُسلم الناس، بخلاف قصة الغلام، فإن فيها إسلام كثير من الناس، فكل من حضر في هذا الصعيد أسلموا، أما أن يموت عشرة أو عشرون أو مائة أو مائتان من العدو ، فهذا لا يقتضي أن يسلم، بل ربما يتعنت العدو أكثر ويُوغرُ صدره هذا العمل حتى يفتك بالمسلمين أشد فتك ، كما يوجد من صنع اليهود مع أهل فلسطين، فإن أهل فلسطين إذا مات الواحد منهم بهذه المتفجرات وقتل ستة أو سبعة أخذوا من جراء ذلك ستين نفرا أو أكثر، فلم يحصل في ذلك نفع للمسلمين، ولا انتفاع للذين فُجِّرَت هذه المتفجرات في صفوفهم.
ولهذا نرى أن ما يفعله بعض الناس من هذا الانتحار ، نرى أنه قتلٌ للنفس بغير حق، وأنه موجب لدخول النار والعياذ بالله، وأن صحابه ليس بشهيد . لكن إذا فعل الإنسان هذا متأولا ظانا أنه جائز، فإننا نرجو أن يَسْلَم من الإثم، وأما أن تكتب له الشهادة فلا؛ لأنه لم يسلك طريقة الشهادة، لكنه يسلم من الإثم لأنه متأول، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر.
في خاتمة هذا الحديث العظيم الذي فيه العبرة لمن أعتبر، فيها أن الملك الكافر الذي يدعو الناس إلى عبادته، لما آمن الناس وقالوا آمنا بالله رب الغلام، جاءه أهل الشر وأهل الحقد على الإيمان وأهله ، وقالوا له: أيها الملك إنه وقع ما كنت تحذر منه، وهو الإيمان بالله، وكان يحذر ذلك ؛لأنه - والعياذ بالله - قد جعل نفسه إلها كما فعل فرعون , وكان ملكا طاغياً ظالماً ، فأمر بالأخدود على أفواه السكك فخدت، الأخدود يعني حفر عميق مثل السواقي على أفواه السكك، يعني على أطراف الأزقَّة والشوارع ، وقال لجنوده: من جاء ولم يرجع عن دينه فأقحموه فيها؛ لأنه أضرم فيها النيران_ والعياذ بالله- فكان الناس يأتون ولكنهم لا يرتدون عن دينهم وإيمانهم، فيقحمونهم في النار، فكل من لم يرجع عن دينه الحقيقي- وهو الإيمان بالله- قذفوه في النار، ولكنهم إذا قذفوهم في النار واحترقوا بها فإنهم ينتقلون من دار الغرور والبوار إلى دار النعيم والاستقرار، لأن الملائكة تتوفاهم طيبين يقولون: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل:32] ، ولا أعظم من هذا الصبر، أن يرى الإنسان النار تتأجج فيقتحم فيها خوفا على إيمانٍ وصبرًا عليه. فجاءت امرأة ومعها صبي رضيع ، فلما رأت النيران كأنها تقاعست أن تقتحتم النار هي وطفلها، فقال لها الطفل : يا أماه اصبري فإنك على الحق، يقوله وهو صغير لا يتكلم ، لكن أنطقه الله الذي أنطق كل شيء، وهو كرامة لهذه الأم ، أن الله أنطق ابنها من أجل أن تقوى على أن تقتحم النار وتبقى على إيمانها ، لأن تكلم هذا الصبي في المهد آية عظيمة ، وقد شهد هذا الصبي بأن أمه على الحق، فصبرت واقتحمت النار، وهذا من آيات الله ، وهو دليل على أن الله تعالى ﴿يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الزمر:61] .
ومريم بنت عمران- رضي الله عنها- خرجت من أهلها وذهبت مكانا قصيَّا وهي حامل بابنها عيسى الذي خلقه الله تعالى بكلمة كُنْ فكان ﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ [مريم:23]، يعني الطلق، فوضعت تحت جذع النخلة، وجعل الله تحتها نهرا يمشي ، فقيل لها:﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً﴾ [مريم:25]، رطب يقع من فرع النخلة، جنيَّا لم يتأثَّر بسقوطه على الأرض، وهذا من آيات الله، لأن من المعروف أن الرطب لو سقطت من يد الإنسان- ولو كان واقفا فقط- تمزَّقت، لكن هذه الرطب لم تتمزق، مع أنها تسقط من فرع النخلة. ثم إن هذه المرأة امرأة ضعيفة ماخض، لم تلد إلا الآن، ومع ذلك تهزُّ النخلة من جذعها فتهتز النخلة، فهذا أيضا من آيات الله، لأن العادة أن النخلة لا تهتز من الجذع إلا إذا هزَّها أحد قوي من فرعها، فقيل لها ﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنا﴾ [مريم: 26] ، ثم أتت به قومها تحمله، هذا الطفل ، فصاحوا بها ﴿يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً﴾[مريم:27]، يعني شيئا عظيماً، لأنهم أيقنوا بأنها زنت- والعياذ بالله- كيف يأتيها ولد من دون زوج؟﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً﴾ [مريم:28] ، يعني أن أباك ليس امرأ سوء، وكذلك أمك ليست بغيَّا، ليست زانية، فمن أين جاءك هذا؟ وهذا تعريض لها بالقذف،فأشارت إليه؟ يعني: اسألوه قالوا: ﴿كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً﴾[مريم: 29]، فظنوا أنها تسخر بهم، فأنطق الله هذا الصبي﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾ - كلام فصيح- ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾[مريم:30 -33] .
عشر جمل تكلم بها هذا الصبي الذي في المهد بأبلغ ما يكون من الفصاحة فانظر إلى قدرة الله عز وجل-، حيث ينطق هؤلاء الصبيان بكلام من أفصح الكلام، بكلام يصدر من ذي عقل، كل ذلك دلالة على قدرة الله، وفيه أيضاً إنقاذُ لمريم- رضي الله عنها- من التهمة التي قد تلحقها بسبب هذا الحمل بدون زوج. وهكذا أيضاً هذا الطفل مع المرأة التي تقاعست أن تقتحم النار، أكرمها الله إنطاق هذا الطفل من أجل أن تقتحم النار وتبقى على إيمانها. وفي هذه القصص وأمثالها دليل على أن الله- سبحانه وتعالى- برحمته ينجي كلَّ مؤمن في مفازته، وكل متق في مفازته، يعني في موطنٍ يكون فيه هلاكه ولكن الله تعالى ينقذه لما سبق له من التقوى، وشاهد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (( تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفْكَ في الشدة)) والله الموفق.



(118) أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق ، باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام ، رقم (3005).

(119) وهو قوله صلى الله عليه وسلم (( … ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً)) أخرجه البخاري، كتاب الطب، باب شرب السم والدواء به، رقم ( 5778) ، مسلم، كتاب الإيمان ، باب بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، رقم (109).


عدد المشاهدات *:
418774
عدد مرات التنزيل *:
177141
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 12/04/2015

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمهم الله تعالى

روابط تنزيل : 30- وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إليَّ غلاما أُعلمه السحر؛ فبعث إليه غلاما يعلمه ، وكان في طريقه إذا سلك راهب، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر. فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجراً فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب : أي بُنَيَّ أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستُبْتَلَى فإن ابتليت فلا تدل عليَّ؛ وكان الغلام يبرئ الأكمة والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء . فسمع جليس للملك كان قد عمي ، فأتاه بهدايا كثيرة فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك ، فآمن بالله تعالى فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي قال: أَوَ لكَ ربٌ غيري؟! قال ربي وربك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فجيء بالغلام فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمة والأبرص وتفعل وتفعل، فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله تعالى، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب؛ فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بجليس الملك، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فوُضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذِرْوَتَهُ فإن رجع عن دينه وإلا فاطرَحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك: ما فُعل بأصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قُرْقور وتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه ، فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ، وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك : ما فُعل بأصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: ما هو ؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني . فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: بسم رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صُدغِهِ، فوضع يده في صدغه فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام، فأُتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تَحْذَرُ؟ قد والله نزل بك حذرك. قد آمن الناس. فأمر بالأخدود بأفواه السِّكَكِ فخُدَّت، وأُضرم فيها النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، أو قيل له: اقتحم ، ففعلوا ، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق))(118) [ رواه مسلم]. ((ذِرْوة الجبل)) : أعلاه، وهي بكسر الذال المعجمة وضمها، و(( القُرْقُور)) بضم القافين: نوع من السفن، و(( الصعيد)) هنا: الأرض البارزة، و (( الأخدود)) الشقوق في الأرض كالنهر الصغير، و((أضرم)) أوقد، و(( انكفأت)) أي: انقلبت، و(( تقاعست )): توقفت وجبنت)).
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  30- وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إليَّ غلاما أُعلمه السحر؛ فبعث إليه غلاما يعلمه ، وكان في طريقه إذا سلك راهب، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر.
        فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجراً فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب : أي بُنَيَّ أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستُبْتَلَى فإن ابتليت فلا تدل عليَّ؛ وكان الغلام يبرئ الأكمة والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء . فسمع جليس للملك كان قد عمي ، فأتاه بهدايا كثيرة فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك ، فآمن بالله تعالى فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي قال: أَوَ  لكَ ربٌ غيري؟! قال ربي وربك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فجيء بالغلام فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمة والأبرص وتفعل وتفعل، فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله تعالى، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب؛ فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بجليس الملك، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فوُضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذِرْوَتَهُ فإن رجع عن دينه وإلا فاطرَحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك: ما فُعل بأصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قُرْقور وتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه ، فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ، وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك : ما فُعل بأصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: ما هو ؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني . فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: بسم رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صُدغِهِ، فوضع يده في صدغه فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام، فأُتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تَحْذَرُ؟ قد والله نزل بك حذرك. قد آمن الناس. فأمر بالأخدود بأفواه السِّكَكِ فخُدَّت، وأُضرم فيها النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، أو قيل له: اقتحم ، ففعلوا ، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق))(118) [ رواه مسلم].
        ((ذِرْوة الجبل)) : أعلاه، وهي بكسر الذال المعجمة وضمها، و(( القُرْقُور)) بضم القافين: نوع من السفن، و(( الصعيد)) هنا: الأرض البارزة، و (( الأخدود)) الشقوق في الأرض كالنهر الصغير، و((أضرم)) أوقد، و(( انكفأت)) أي: انقلبت، و(( تقاعست )):  توقفت وجبنت)).
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  30- وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إليَّ غلاما أُعلمه السحر؛ فبعث إليه غلاما يعلمه ، وكان في طريقه إذا سلك راهب، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر.
        فبينما هو على ذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجراً فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب : أي بُنَيَّ أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستُبْتَلَى فإن ابتليت فلا تدل عليَّ؛ وكان الغلام يبرئ الأكمة والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء . فسمع جليس للملك كان قد عمي ، فأتاه بهدايا كثيرة فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك ، فآمن بالله تعالى فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي قال: أَوَ  لكَ ربٌ غيري؟! قال ربي وربك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فجيء بالغلام فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمة والأبرص وتفعل وتفعل، فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله تعالى، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب؛ فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بجليس الملك، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فوُضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذِرْوَتَهُ فإن رجع عن دينه وإلا فاطرَحوه فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك: ما فُعل بأصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قُرْقور وتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه ، فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ، وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك : ما فُعل بأصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: ما هو ؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني . فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: بسم رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صُدغِهِ، فوضع يده في صدغه فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام، فأُتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تَحْذَرُ؟ قد والله نزل بك حذرك. قد آمن الناس. فأمر بالأخدود بأفواه السِّكَكِ فخُدَّت، وأُضرم فيها النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، أو قيل له: اقتحم ، ففعلوا ، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق))(118) [ رواه مسلم].
        ((ذِرْوة الجبل)) : أعلاه، وهي بكسر الذال المعجمة وضمها، و(( القُرْقُور)) بضم القافين: نوع من السفن، و(( الصعيد)) هنا: الأرض البارزة، و (( الأخدود)) الشقوق في الأرض كالنهر الصغير، و((أضرم)) أوقد، و(( انكفأت)) أي: انقلبت، و(( تقاعست )):  توقفت وجبنت)). لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
تبادل
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمهم الله تعالى


@designer
1