اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الثلاثاء 15 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?????? ???????????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ????????? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

شعارات المحجة البيضاء

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد السابع
كتاب الإيمان
فصل: في الإسلام ، الإيمان و الإحسان
فصــل: الاستثناء في الإيمان ـ الجزء الأول ـ
مجموع فتاوى ابن تيمية
فصــل
وأما الاستثناء في الإيمان بقول الرجل‏:‏ أنا مؤمن إن شاء الله، فالناس فيه على ثلاثة أقوال‏:‏
منهم من يوجبه‏.‏
ومنهم من يحرمه‏.‏
ومنهم من يجوز الأمرين باعتبارين، وهذا أصح الأقوال‏.‏
فالذين يحرمونه هم المرجئة والجهمية ونحوهم، ممن يجعل الإيمان شيئًا واحدًا يعلمه الإنسان من نفسه، كالتصديق بالرب ونحو ذلك مما في قلبه، فيقول أحدهم‏:‏ أنا أعلم أني مؤمن، كما أعلم أني تكلمت بالشهادتين، وكما أعلم أني قرأت الفاتحة، وكما أعلم أني أحب رسول الله، وأني أبغض اليهود والنصارى، فقولي‏:‏أنا مؤمن، كقولي‏:‏ أنا مسلم، وكقولي‏:‏ تكلمت بالشهادتين، وقرأت الفاتحة، وكقولي‏:‏ أنا أبغض اليهود والنصارى، ونحو ذلك من الأمور الحاضرة التي أنا أعلمها وأقطع بها، وكما أنه لا يجوز أن يقال‏:‏ أنا قرأت الفاتحة إن شاء الله، كذلك لا يقول‏:‏ أنا مؤمن إن شاء الله، لكن إذا كان يشك في ذلك فيقول‏:‏ فعلته إن شاء الله، قالوا‏:‏ فمن استثنى في إيمانه فهو شاك فيه وسموهم الشكاكة‏.‏
والذين أوجبوا الاستثناء لهم مأخذان‏:‏
أحدهما‏:‏ أن الإيمان هو ما مات عليه الإنسان، والإنسان إنما يكون/ عند الله مؤمنًا وكافرًا، باعتبار الموافاة، وما سبق في علم الله أنه يكون عليه، وما قبل ذلك لا عبرة به‏.‏ قالوا‏:‏ والإيمان الذي يتعقبه الكفر، فيموت صاحبه كافرًا، ليس بإيمان، كالصلاة التي يفسدها صاحبها قبل الكمال، وكالصيام الذي يفطر صاحبه قبل الغروب، وصاحب هذا هو عند الله كافر لعلمه بما يموت عليه، وكذلك قالوا في الكفر، وهذا المأخذ مأخذ كثير من المتأخرين من الكلابية وغيرهم ممن يريد أن ينصر ما اشتهر عن أهل السنة والحديث، من قولهم‏:‏ أنا مؤمن إن شاء الله، ويريد مع ذلك أن الإيمان لا يتفاضل، ولا يشك الإنسان في الموجود منه، وإنما يشك في المستقبل، وانضم إلى ذلك أنهم يقولون‏:‏ محبة الله ورضاه وسخطه وبغضه قديم، ثم هل ذلك هو الإرادة أم صفات أخر‏؟‏ لهم في ذلك قولان‏:‏
وأكثر قدمائهم يقولون‏:‏ إن الرضى والسخط والغضب ونحوذلك، صفات ليست هي الإرادة، كما أن السمع والبصر ليس هو العلم، وكذلك الولاية والعداوة‏.‏ هذه كلها صفات قديمة أزلية عند أبى محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب ومن اتبعه من المتكلمين، ومن أتباع المذاهب من الحنبلية والشافعية والمالكية وغيرهم‏.‏
قالوا‏:‏ والله يحب في أزله من كان كافرًا إذا علم أنه يموت مؤمنًا‏.‏ فالصحابة ما زالوا محبوبين لله وإن كانوا قد عبدوا الأصنام مدة من الدهر، وإبليس ما زال الله يبغضه وإن كان لم يكفر بعد‏.‏ وهذا على أحد القولين لهم، فالرضى والسخط/ يرجع إلى الإرادة، والإرادة تطابق العلم‏.‏ فالمعنى‏:‏ ما زال الله يريد أن يثيب هؤلاء بعد إيمانهم، ويعاقب إبليس بعد كفره، وهذا معنى صحيح، فإن الله يريد أن يخلق كل ما علم أن سيخلقه، وعلى قول من يثبتها صفات أخر، يقول هو ـ أيضًا ـ حبه تابع لمن يريد أن يثيبه، فكل من أراد إثابته فهو يحبه وكل من أراد عقوبته فإنه يبغضه، وهذا تابع للعلم‏.‏ وهؤلاء عندهم لا يرضى عن أحد بعد أن كان ساخطًا عليه، ولا يفرح بتوبة عبد بعد أن تاب عليه، بل ما زال يفرح بتوبته‏.‏ والفرح عندهم إما الإرادة وإما الرضى، والمعنى ما زال يريد إثابته أو يرضى عما يريد إثابته‏.‏ وكذلك لا يغضب عندهم يوم القيامة دون ما قبله، بل غضبه قديم، إما بمعنى الإرادة، وإما بمعنى آخر‏.‏
فهؤلاء يقولون‏:‏ إذا علم أن الإنسان يموت كافرا، لم يزل مريدًا لعقوبته، فذاك الإيمان الذي كان معه باطل لا فائدة فيه، بل وجوده كعدمه‏.‏ فليس هذا بمؤمن أصلاً، وإذا علم أنه يموت مؤمنًا، لم يزل مريدًا لإثابته، وذاك الكفر الذي فعله وجوده كعدمه‏.‏ فلم يكن هذا كافرًا عندهم أصلا‏.‏ فهؤلاء يستثنون في الإيمان بناء على هذا المأخذ، وكذلك بعض محققيهم يستثنون في الكفر، مثل أبي منصور الماتريدي، فإن ما ذكروه مطرد فيهما‏.‏ ولكن جماهير الأئمة على أنه لا يستثنى في الكفر، والاستثناء فيه بدعة لم يعرف عن أحد من السلف، ولكن هو لازم لهم‏.‏
والذين فرقوا من هؤلاء قالوا‏:‏ نستثنى في الإيمان رغبة إلى الله في أن/ يثبتنا عليه إلى الموت، والكفر لا يرغب فيه أحد‏.‏لكن يقال‏:‏ إذا كان قولك‏:‏ مؤمن، كقولك‏:‏ في الجنة، فأنت تقول عن الكافر‏:‏ هو كافر‏.‏ ولا تقول‏:‏ هو في النار، إلا معلقًا بموته على الكفر، فدل على أنه كافر في الحال قطعًا‏.‏ وإن جاز أن يصير مؤمنًا، كذلك المؤمن‏.‏ وسواء أخبر عن نفسه أو عن غيره‏.‏
فلو قيل عن يهودي أو نصراني‏:‏ هذا كافر، قال‏:‏ إن شاء الله، إذا لم يعلم أنه يموت كافرًا، وعند هؤلاء لا يعلم أحد أحدًا مؤمنًا إلا إذا علم أنه يموت عليه، وهذا القول قاله كثير من أهل الكلام أصحاب ابن كلاب، ووافقهم على ذلك كثير من أتباع الأئمة، لكن ليس هذا قول أحد من السلف، لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا كان أحد من السلف الذين يستثنون في الإيمان، يعللون بهذا، لا أحمد ولا من قبله‏.‏
ومأخذ هذا القول،طرده طائفة ممن كانوا في الأصل يستثنون في الإيمان اتباعًا للسلف، وكانوا قد أخذوا الاستثناء عن السلف، وكان أهل الشام شديدين على المرجئة، وكان محمد بن يوسف الفريابي صاحب الثوري مرابطًا بعسقلان لما كانت معمورة، وكانت من خيار ثغور المسلمين، ولهذا كان فيها فضائل لفضيلة الرباط في سبيل الله، وكانوا يستثنون في الإيمان اتباعًا للسلف، واستثنوا ـ أيضًا ـ في الأعمال الصالحة، كقول الرجل‏:‏ صليت إن شاء الله ونحو ذلك، بمعنى القبول، لما في ذلك من الآثار عن السلف‏.‏ ثم صار كثير من هؤلاء بآخرة يستثنون في كل شيء،فيقول‏:‏هذا ثوبي إن شاء الله، وهذا حبل/ إن شاء الله، فإذا قيل لأحدهم‏:‏ هذا لا شك فيه، قال‏:‏ نعم، لا شك فيه، لكن إذا شاء الله أن يغيره غيره، فيريدون بقولهم‏:‏ إن شاء الله جواز تغييره في المستقبل، وإن كان في الحال لا شك فيه، كأن الحقيقة عندهم التي لا يستثنى فيها ما لم تتبدل، كما يقوله أولئك في الإيمان‏:‏ إن الإيمان ما علم الله أنه لا يتبدل حتى يموت صاحبه عليه‏.‏
لكن هذا القول قاله قوم من أهل العلم والدين باجتهاد ونظر، وهؤلاء الذين يستثنون في كل شيء تلقوا ذلك عن بعض أتباع شيخهم، وشيخهم الذي ينتسبون إليه يقال له‏:‏ أبو عمرو عثمان بن مرزوق، لم يكن ممن يرى هذا الاستثناء، بل كان في الاستثناء على طريقة من كان قبله؛ ولكن أحدث ذلك بعض أصحابه بعده، وكان شيخهم منتسبًا إلى الإمام أحمد، وهو من أتباع عبد الوهاب بن الشيخ أبي الفرج المقدسي، وأبو الفرج من تلامذة القاضي أبي يعلى‏.‏ وهؤلاء كلهم ـ وإن كانوا منتسبين إلى الإمام أحمد ـ فهم يوافقون ابن كلاب على أصله الذي كان أحمد ينكره على الكلابية، وأمر بهجر الحارث المحاسبي من أجله، كما وافقه على أصله طائفة من أصحاب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، كأبي المعالي الجويني، وأبي الوليد الباجي، وأبي منصور الماتريدي وغيرهم، وقول هؤلاء في مسائل متعددة من مسائل الصفات، وما يتعلق بها كمسألة القرآن‏.‏ هل هو ـ سبحانه ـ يتكلم بمشيئته وقدرته‏؟‏ أم القرآن لازم لذاته وقولهم في ‏[‏الاستثناء‏]‏ مبني على ذلك الأصل‏.‏
/وكذلك بناه الأشعري وأتباعه عليه؛ لأن هؤلاء كلهم كلابية، يقولون‏:‏ إن الله لم يتكلم بمشيئته وقدرته، ولا يرضى ولا يغضب على أحد بعد إيمانه وكفره ولا يفرح بتوبة التائب بعد توبته‏.‏ ولهذا وافقوا السلف على أن القرآن كلام الله غير مخلوق‏.‏ ثم قالوا‏:‏ إنه قديم لم يتكلم به بمشيئته وقدرته‏.‏ ثم اختلفوا بعد هذا في القديم، أهو معنى واحد‏؟‏ أم حروف قديمة مع تعاقبها ‏؟‏ كما بسطت أقوالهم وأقوال غيرهم في مواضع أخر‏.‏
وهذه الطائفة المتأخرة تنكر أن يقال‏:‏ قطعًا في شيء من الأشياء، مع غلوهم في الاستثناء، حتى صار هذا اللفظ منكرًا عندهم، وإن قطعوا بالمعنى فيجزمون بأن محمدًا رسول الله، وأن الله ربهم ولا يقولون‏:‏ قطعًا‏.‏ وقد اجتمع بي طائفة منهم، فأنكرت عليهم ذلك، وامتنعت من فعل مطلوبهم حتى يقولوا‏:‏ قطعًا، وأحضروا لي كتابًا فيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يقول الرجل‏:‏ قطعًا وهي أحاديث موضوعة مختلقة، قد افتراها بعض المتأخرين‏.‏
والمقصود هنا أن الاستثناء في الإيمان لما علل بمثل تلك العلة، طرد أقوام تلك العلة في الأشياء التي لا يجوز الاستثناء فيها بإجماع المسلمين، بناء على أن الأشياء الموجودة الآن إذا كانت في علم الله تتبدل أحوالها؛ فيستثنى في صفاتها الموجودة في الحال،ويقال‏:‏ هذا صغير إن شاء الله؛ لأن الله قد يجعله كبيرًا ويقال‏:‏ هذا مجنون إن شاء الله؛ لأن الله قد يجعله عاقلاً، ويقال للمرتد‏:‏/ هذا كافر إن شاء الله لإمكان أن يتوب، وهؤلاء الذين استثنوا في الإيمان بناء على هذا المأخذ، ظنوا هذا قول السلف‏.‏
وهؤلاء وأمثالهم من أهل الكلام، ينصرون ما ظهر من دين الإسلام، كما ينصر ذلك المعتزلة والجهمية وغيرهم من المتكلمين، فينصرون إثبات الصانع والنبوة والمعاد ونحو ذلك‏.‏ وينصرون مع ذلك ما ظهر من مذاهب أهل السنة والجماعة، كما ينصر ذلك الكلابية والكرامية والأشعرية ونحوهم، ينصرون أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الله يُرى في الآخرة وأن أهل القبلة لا يكفرون بالذنب ولا يخلدون في النار، وأن النبي صلى الله عليه وسلم له شفاعة في أهل الكبائر وأن فتنة القبر حق وعذاب القبر حق، وحوض نبينا صلى الله عليه وسلم في الآخرة حق، وأمثال ذلك من الأقوال التي شاع أنها من أصول أهل السنة والجماعة، كما ينصرون خلافة الخلفاء الأربعة، وفضيلة أبي بكر وعمر ونحو ذلك‏.‏
وكثير من أهل الكلام في كثير مما ينصره لا يكون عارفًا بحقيقة دين الإسلام في ذلك، ولا ما جاءت به السنة، ولا ما كان عليه السلف‏.‏ فينصر ما ظهر من قولهم، بغير المآخذ التي كانت مآخذهم في الحقيقة بل بمآخذ أخر قد تلقوها عن غيرهم من أهل البدع، فيقع في كلام هؤلاء من التناقض والاضطراب والخطأ ما ذم به السلف مثل هذا الكلام وأهله، فإن كلامهم في ذم مثل هذا الكلام كثير‏.‏ والكلام المذموم هو المخالف للكتاب والسنة، وكل ما خالف/ الكتاب والسنة فهو باطل وكذب، فهو مخالف للشرع والعقل، ‏{‏وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏115‏]‏‏.‏
فهؤلاء لما اشتهر عندهم عن أهل السنة أنهم يستثنون في الإيمان، ورأوا أن هذا لا يمكن إلا إذا جعل الإيمان هو ما يموت العبد عليه، وهو ما يوافي به العبد ربه، ظنوا أن الإيمان عند السلف هو هذا، فصاروا يحكون هذا عن السلف، وهذا القول لم يقل به أحد من السلف، ولكن هؤلاء حكوه عنهم بحسب ظنهم لما رأوا أن قولهم لا يتوجه إلاّ على هذا الأصل، وهم يدعون أن ما نصروه من أصل جهم في الإيمان، هو قول المحققين والنظار من أصحاب الحديث‏.‏ ومثل هذا يوجد كثيرًا في مذاهب السلف التي خالفها بعض النظار، وأظهر حجته في ذلك ولم يعرف حقيقة قول السلف، فيقول ـ من عرف حجة هؤلاء دون السلف، أو من يعظمهم، لما يراه من تميزهم عليه‏:‏ هذا قول المحققين‏.‏ وقال المحققون‏:‏ ويكون ذلك من الأقوال الباطلة، المخالفة للعقل مع الشرع، وهذا كثيرًا ما يوجد في كلام بعض المبتدعين وبعض الملحدين، ومن آتاه الله علمًا وإيمانًا، علم أنه لا يكون عند المتأخرين من التحقيق، إلا ما هو دون تحقيق السلف لا في العلم ولا في العمل، ومن كان له خبرة بالنظريات والعقليات، وبالعمليات، علم أن مذهب الصحابة دائمًا أرجح من قول من بعدهم، وأنه لا يبتدع أحد قولاً في الإسلام إلا كان خطأ، وكان الصواب قد سبق إليه من قبله‏.‏
/قال أبو القاسم الأنصاري، فيما حكاه عن أبي إسحاق الإسفرائيني، لما ذكر قول أبي الحسن وأصحابه في الإيمان، وصحح أنه تصديق القلب قال‏:‏ ومن أصحابنا من قال بالموافاة، وشرط في الإيمان الحقيقي أن يوافي ربه به، ويختم عليه‏.‏ ومنهم من لم يجعل ذلك شرطًا فيه في الحال‏.‏
قال الأنصاري‏:‏ لما ذكر أن معظم أئمة السلف، كانوا يقولون‏:‏ الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، قال‏:‏الأكثرون من هؤلاء على القول بالموافاة، ومن قال بالموافاة، فإنما يقوله فيمن لم يرد الخبر بأنه من أهل الجنة، وأما من ورد الخبر بأنه من أهل الجنة، فإنه يقطع على إيمانه، كالعشرة من الصحابة‏.‏ ثم قال‏:‏ والذي اختاره المحققون‏:‏ أن الإيمان هو التصديق، وقد ذكرنا اختلاف أقوالهم في الموافاة، وأن ذلك هل هو شرط في صحة الإيمان وحقيقته في الحال، وكونه معتدًا عند الله به وفي حكمه،فمن قال‏:‏ إن ذلك شرط فيه، يستثنون في الإطلاق في الحال، لا أنهم يشكون في حقيقة التوحيد والمعرفة، لكنهم يقولون‏:‏ لا يدري أي الإيمان الذي نحن موصوفون به في الحال، هل هو معتد به عند الله‏؟‏ على معنى أنا ننتفع به في العاقبة، ونجتني من ثماره‏.‏
فإذا قيل لهم‏:‏أمؤمنون أنتم حقًا، أو تقولون إن شاء الله‏؟‏ أو تقولون نرجو‏؟‏ فيقولون‏:‏ نحن مؤمنون إن شاء الله، يعنون بهذا الاستثناء، تفويض الأمر في العاقبة إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ وإنما يكون الإيمان إيمانًا معتدًا به في حكم/ الله، إذا كان ذلك علم الفوز وآية النجاة، وإذا كان صاحبه ـ والعياذ بالله ـ في حكم الله من الأشقياء، يكون إيمانه الذي تحلى به في الحال عارية، قال‏:‏ ولا فرق عند الصائرين إلى هذا المذهب، بين أن يقول‏:‏ أنا مؤمن من أهل الجنة قطعًا، وبين أن يقول‏:‏ أنا مؤمن حقًا‏.‏
قلت‏:‏ هذا إنما يجيء على قول من يجعل الإيمان متناولاً لأداء الواجبات وترك المحرمات، فمن مات على هذا كان من أهل الجنة، وأما على قول الجهمية والمرجئة، وهو القول الذي نصره هؤلاء الذين نصروا قول جهم، فإنه يموت على الإيمان قطعًا، ويكون كامل الإيمان عندهم، وهو مع هذا عندهم من أهل الكبائر الذين يدخلون النار، فلا يلزم إذا وافي بالإيمان، أن يكون من أهل الجنة‏.‏ وهذا اللازم لقولهم يدل على فساده؛ لأن الله وعد المؤمنين بالجنة، وكذلك قالوا‏:‏ لا سيما والله سبحانه وتعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ‏}‏ الآية ‏[‏التوبة‏:‏72‏]‏‏.‏ قال‏:‏ فهؤلاء ـ يعني القائلين بالموافاة ـ جعلوا الثبات على هذا التصديق،والإيمان الذي وصفناه إلى العاقبة والوفاء به في المآل شرطًا في الإيمان شرعًا،لا لغة،ولا عقلاً‏.‏قال‏:‏وهذا مذهب سلف أصحاب الحديث والأكثرين، قال‏:‏ وهو اختيار الإمام أبي بكر بن فُورَك، وكان الإمام محمد بن إسحاق ابن خزيمة يغلو فيه، وكان يقول‏:‏ من قال‏:‏ أنا مؤمن حقًا فهو مبتدع‏.‏
وأما مذهب سلف أصحاب الحديث؛ كابن مسعود وأصحابه، والثوري/ وابن عيينة، وأكثر علماء الكوفة، ويحيى بن سعيد القطان فيما يرويه عن علماء أهل البصرة، وأحمد ابن حنبل وغيره من أئمة السنة، فكانوا يستثنون في الإيمان‏.‏ وهذا متواتر عنهم، لكن ليس في هؤلاء من قال‏:‏ أنا أستثنى لأجل الموافاة، وأن الإيمان إنما هو اسم لما يوافي به العبد ربه، بل صرح أئمة هؤلاء بأن الاستثناء إنما هو لأن الإيمان يتضمن فعل الواجبات، فلا يشهدون لأنفسهم بذلك، كما لا يشهدون لها بالبر والتقوى، فإن ذلك مما لا يعلمونه وهو تزكية لأنفسهم بلا علم، كما سنذكر أقوالهم إن شاء الله في ذلك‏.‏
وأما الموافاة، فما علمت أحدًا من السلف علل بها الاستثناء، ولكن كثير من المتأخرين يعلل بها، من أصحاب الحديث من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وغيرهم، كما يعلل بها نظارهم كأبي الحسن الأشعري وأكثر أصحابه، لكن ليس هذا قول سلف أصحاب الحديث‏.‏ ثم قال‏:‏
فإن قال قائل‏:‏ إذا قلتم‏:‏ إن الإيمان المأمور به في الشريعة، هو ما وصفتموه بشرائطه، وليس ذلك متلقى من اللغة، فكيف يستقيم قولكم‏:‏ إن الإيمان لغوي‏؟‏ قلنا‏:‏ الإيمان هو التصديق لغة وشرعًا، غير أن الشرع ضم إلى التصديق أو صافًا وشرائط، مجموعها يصير مجزيًا مقبولاً، كما قلنا في الصلاة والصوم والحج ونحوها، والصلاة في اللغة‏:‏ هي الدعاء، غير أن الشرع ضم إليها شرائط‏.‏
فيقال‏:‏ هذا يناقض ما ذكروه في مسمى الإيمان، فإنهم لما زعموا أنه في اللغة التصديق، والشرع لم يغيره، أو ردوا على أنفسهم‏.‏
/فإن قيل‏:‏ أليس الصلاة والحج والزكاة معدولة عن اللغة، مستعملة في غير مذهب أهلها‏.‏ قلنا‏:‏ قد اختلف العلماء في ذلك، والصحيح أنها مقررة على استعمال أهل اللغة، ومبقاة على مقتضياتها، وليست منقولة إلا أنها زيد فيها أمور‏.‏ فلو سلمنا للخصم كون هذه الألفاظ منقولة، أو محمولة على وجه من المجاز بدليل مقطوع به، فعليه إقامة الدليل على وجود ذلك في الإيمان‏.‏ فإنه لا يجب إزالة ظواهر القرآن بسبب إزالة ظاهر منها‏.‏
فيقال‏:‏ أنتم في الإيمان جعلتم الشرع زاد فيه وجعلتموه كالصلاة والزكاة، مع أنه لا يمكن أحدًا أن يذكر شيئًا من الشرع دليلاً على أن الإيمان لا يسمى به، إلا الموافاة به وبتقدير ذلك،فمعلوم أن دلالة الشرع على ضم الأعمال إليه أكثر وأشهر،فكيف لم تدخل الأعمال في مسماه شرعًا‏؟‏ وقوله‏:‏ لابد من دليل مقطوع به عنه جوابان‏:‏
أحدهما‏:‏ النقض بالموافاة، فإنه لا يقطع فيه‏.‏
الثاني‏:‏ لا نسلم، بل نحن نقطع بأن حب الله ورسوله وخشية الله ونحو ذلك، داخل في مسمى الإيمان في كلام الله ورسوله أعظم مما نقطع ببعض أفعال الصلاة والصوم والحج، كمسائل النزاع، ثم أبو الحسن، وابن فُورَك وغيرهما من القائلين بالموافاة، هم لا يجعلون الشرع ضم إليه شيئًا، بل عندهم كل من سلبه الشرع اسم الإيمان، فقد فُقِدَ من قلبه التصديق‏.‏
قال‏:‏ومن أصحابنا لم يجعل الموافاة على الإيمان شرطًا في كونه إيمانًا/حقيقيًا في الحال،وإن جعل ذلك شرطًا في استحقاق الثواب عليه، وهذا مذهب المعتزلة والكرامية، وهو اختيار أبي إسحاق الإسفرائيني، وكلام القاضي يدل عليه، قال‏:‏ وهو اختيار شيخنا أبي المعالي، فإنه قال‏:‏ الإيمان ثابت في الحال قطعًا لا شك فيه، ولكن الإيمان الذي هو علم الفوز وآية النجاة إيمان الموافاة، فاعتنى السلف به وقرنوه بالاستثناء، ولم يقصدوا الشك في الإيمان الناجز‏.‏
قال‏:‏ ومن صار إلى هذا يقول‏:‏ الإيمان صفة يشتق منها اسم المؤمن، وهو المعرفة والتصديق، كما أن العالم مشتق من العلم، فإذا عرفت ذلك من نفسي قطعت به كما قطعت بأني عالم وعارف ومصدق، فإن ورد في المستقبل ما يزيله، خرج إذ ذاك عن استحقاق هذا الوصف، ولا يقال‏:‏ تبينا أنه لم يكن إيمانًا مأمورًا به، بل كان إيمانًا مجزيًا، فتغير وبطل، وليس كذلك قوله‏:‏ أنا من أهل الجنة، فإن ذلك مغيب عنه، وهو مرجو‏.‏ قال‏:‏ ومن صار إلى القول الأول يتمسك بأشياء‏.‏ منها أن يقال‏:‏ الإيمان عبادة العمر، وهو كطاعة واحدة فيتوقف صحة أولها على سلامة آخرها‏.‏ كما نقول في الصلاة والصيام والحج‏.‏ قالوا‏:‏ ولا شك أنه لا يسمى في الحال وليًا، ولا سعيدًا، ولا مرضيًا عند الله‏.‏ وكذلك الكافر لا يسمى في الحال عدوًا لله، ولا شقيًا، إلا على معنى أنه تجري عليه أحكام الأعداء في الحال لإظهاره من نفسه علامتهم‏.‏
قلت‏:‏ هذا الذي قالوه، إنه لا شك فيه، هو قول ابن كلاب والأشعري/ وأصحابه، ومن وافقهم من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وغيرهم‏.‏ وأما أكثر الناس فيقولون‏:‏ بل هو إذا كان كافرًا فهو عدو لله، ثم إذا آمن واتقى صار وليًا لله، قال الله تعالى‏:‏‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم‏}‏ إلى قوله‏:‏‏{‏عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏}‏ ‏[‏الممتحنة‏:‏1‏:‏ 7‏]‏ وكذلك كان، فإن هؤلاء أهل مكة الذين كانوا يعادون الله ورسوله قبل الفتح، آمن أكثرهم، وصاروا من أولياء الله ورسوله، وابن كلاب وأتباعه بنوا ذلك على أن الولاية صفة قديمة لذات الله، وهي الإرادة والمحبة والرضا ونحو ذلك‏.‏ فمعناها‏:‏ إرادة إثابته بعد الموت، وهذا المعنى تابع لعلم الله، فمن علم أنه يموت مؤمنًا، لم يزل وليًا لله، لأنه لم يزل الله مريدًا لإدخاله الجنة، وكذلك العداوة‏.‏
وأما الجمهور فيقولون‏:‏الولاية والعداوة وإن تضمنت محبة الله ورضاه وبغضه وسخطه، فهو ـ سبحانه ـ يرضى عن الإنسان ويحبه، بعد أن يؤمن ويعمل صالحًا، وإنما يسخط عليه ويغضب، بعد أن يكفر، كما قال تعالى‏:‏‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ‏}‏ ‏[‏محمد‏:‏28‏]‏، فأخبر أن الأعمال أسخطته، وكذلك قال‏:‏‏{‏فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏55‏]‏ قال المفسرون‏:‏ أغضبونا، وكذلك قال الله تعالى‏:‏‏{‏وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏7‏]‏، وفي الحديث الصحيح الذي في البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ يقول الله تعالى‏:‏‏(‏من عادى لي وليًا فقد بارزني بالمحاربة، وما تَقَرَّبَ إليَّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي/ يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله تَرَدُّدِي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، ولابد له منه‏)‏‏.‏
فأخبر أنه‏:‏ لا يزال يتقرب إليه بالنوافل حتى يحبه، ثم قال‏:‏ فإذا أحببته‏:‏ كنت كذا، وكذا‏.‏ وهذا يبين أن حبه لعبده إنما يكون بعد أن يأتي بمحابه، والقرآن قد دل على مثل ذلك، قال تعالى‏:‏‏{‏قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏31‏]‏، فقوله‏:‏ ‏{‏يُحْبِبْكُمُ‏}‏جواب الأمر في قوله‏:‏‏{‏فَاتَّبِعُونِي‏}‏ وهو بمنزلة الجزاء مع الشرط، ولهذا جزم، وهذا ثواب عملهم، وهو اتباع الرسول، فأثابهم على ذلك بأن أحبهم، وجزاء الشرط وثواب العمل، ومسبب السبب لا يكون إلا بعده، لا قبله، وهذا كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏60‏]‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 31‏]‏، وقوله تعالى‏:‏‏{‏اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 70،71‏]‏، ومثل هذا كثير، وكذلك قوله‏:‏ ‏{‏فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏4‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ ‏}‏ ‏[‏الصف‏:‏2‏:‏ 4‏]‏،وكانوا قد سألوه‏:‏ لو علمنا أي العمل أحب إلى الله لعملناه‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏10‏]‏، فهذا يدل على أن حبه ومقته، جزاء لعملهم وأنه يحبهم إذا التقوا وقاتلوا؛ ولهذا رغبهم في العمل بذلك،كما يرغبهم بسائر ما يعدهم به، وجزاء العمل بعد العمل، وكذلك قوله‏:‏‏{‏إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ‏}‏ فإنه ـ سبحانه ـ يمقتهم إذ يدعون إلى الإيمان فيكفرون،ومثل هذا قوله‏:‏‏{‏لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ‏}‏ ‏[‏الفتح‏:‏18‏]‏، فقوله‏:‏‏{‏لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ‏}‏،بين أنه رضي عنهم هذا الوقت، فإن حرف‏[‏إذ‏]‏ ظرف لما مضى من الزمان،فعلم أنه ذاك الوقت رضي عنهم بسبب ذلك العمل، وأثابهم عليه، والمسبب لا يكون قبل سببه، والموقت بوقت لا يكون قبل وقته، وإذا كان راضيا عنهم من جهة، فهذا الرضى الخاص الحاصل بالبيعة لم يكن إلا حينئذ، كما ثبت في الصحيح أنه يقول لأهل الجنة‏:‏‏(‏يا أهل الجنة، هل رضيتم ‏؟‏ فيقولون‏:‏ يا ربنا وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك، فيقول‏:‏ ألا أعطيكم ما هو أفضل من ذلك‏؟‏ فيقولون‏:‏ يا ربنا وأي شيءٍ أفضل من ذلك‏؟‏ فيقول‏:‏ أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا‏)‏، وهذا يدل على أنه في ذلك الوقت حصل لهم هذا الرضوان، الذي لا يتعقبه سخط أبدًا، ودل على أن غيره من الرضوان قد يتعقبه سخط‏.‏
وفي الصحيحين ـ في حديث الشفاعة ـ يقول كل من الرسل‏:‏ ‏(‏إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله‏)‏، وفي الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه/ أنه قال‏:‏‏(‏لَلَّهُ أشد فرحًا بتوبة عبده، من رجل أضل راحلته بأرض دَوِّيَّةٍ مُهْلِكَةٍ، عليها طعامه وشرابه، فطلبها فلم يجدها، فاضطجع ينتظر الموت فلما استيقظ،إذا دابته عليها طعامه وشرابه‏)‏ وفي رواية ‏(‏كيف تجدون فرحه بها‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ عظيمًا يا رسول الله، قال‏:‏‏(‏لله أشد فرحًا بتوبة عبده من هذا براحلته‏)‏،وكذلك ضحكه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر،كلاهما يدخل الجنة،وضحكه إلى الذي يدخل الجنة آخر الناس،ويقول‏:‏أتسخر بي وأنت رب العالمين، فيقول‏:‏‏(‏ لا،ولكني على ما أشاء قادر‏)‏، وكل هذا في الصحيح‏.‏

عدد المشاهدات *:
359188
عدد مرات التنزيل *:
250446
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : فصــل: الاستثناء في الإيمان ـ الجزء الأول ـ
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  فصــل: الاستثناء في الإيمان  ـ الجزء الأول ـ
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  فصــل: الاستثناء في الإيمان  ـ الجزء الأول ـ لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1