اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الجمعة 11 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ???????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ??? ???????? ???? ??? ???? ????? ?????? ??????????? ??????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

غريب

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد التاسع عشر
فَصـــل في الإعتصام بالعروة الوثقى
فصل:في عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم للثقلين‏‏‏‏
فَصـل في الذب عن المظلوم ونصرته
مجموع فتاوى ابن تيمية
فَصـل
إذا عرف الأصل في هذا الباب فنقول‏:‏ يجوز ـ بل يستحب، وقد يجب ـ أن يُذَبَّ عن المظلوم وأن يُنْصَرَ؛ فإن نصر المظلوم مأمور به بحسب الإمكان، وفي الصحيحين حديث البراء بن عازب قال‏:‏ أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بسبعٍ، ونهانا عن سبع؛ أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار القسم أو المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام، ونهانا عن خواتيم أو تختم الذهب، وعن شُرْب بالفضة، وعن المَيَاثِر، وعن القِسِيِّ، ولبس الحرير، والإستبرق، والديباج‏.‏ وفي الصحيح عن أنس قال‏:‏ قال رسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏انصر أخاك ظالمًا أو مظلوما‏)‏ قلت‏:‏ يارسول اللّه، أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه‏)‏‏.‏
وأيضًا، ففيه تفريج كربة هذا المظلوم‏.‏ وفي صحيح مسلم، عن أبي/ هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏من نَفَّسَ عن مؤمن كُرْبَة من كُرَبِ الدنيا نفس اللّه عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر اللّه عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره اللّه في الدنيا والآخـرة، واللّه في عَوْن العبد ما كان العبد في عون أخيه‏)‏‏.‏ وفي صحيح مسلم ـ أيضًا ـ عن جابر أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ـ لما سئل عن الرقى ـ قال‏:‏ ‏(‏من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل‏)‏‏.‏
لكن ينصر بالعدل كما أمر اللّه ورسوله، مثل‏:‏ الأدعية والأذكار الشرعية، ومثل‏:‏ أمر الجنى ونهيه، كما يؤمر الإنسى وينهى، ويجوز من ذلك ما يجوز مثله في حق الإنسى، مثل‏:‏ أن يحتاج إلى انتهار الجنى وتهديده ولعنه وسبه، كما ثبت في صحيح مسلم، عن أبي الدرداء قال‏:‏ قام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول‏:‏ ‏(‏أعوذ باللّه منك ثم قال‏:‏ ألعنك بلعنة اللّه ثلاثًا‏)‏ وبسط يده كأنه يتناول شيئًا، فلما فرغ من الصلاة قلنا‏:‏ يارسول اللّه، قد سمعناك تقول في الصلاة شيئًا لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك‏!‏ قال‏:‏ ‏(‏إن عدو اللّه إبليس جاء بِشِهَاب من نار ليجعله في وجهى فقلت‏:‏ أعوذ باللّه منك ثلاث مرات، ثم قلت‏:‏ ألعنك بلعنة اللّه التامة، فلم يستأخر ثلاث مرات، ثم أردت أخذه، وواللّه لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقًا يلعب به ولدان أهل المدينة‏)‏ ففي هذا الحديث الاستعاذة منه /ولعنته بلعنة اللّه، ولم يستأخر بذلك فمد يده إليه‏.‏ وفي الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن الشيطان عَرَضَ لي فَشَدَّ على ليقطع الصلاة على، فأمكننى اللّه منه فَذَعَتُّه، ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه، فذكرت قول أخى سليمان‏:‏‏{‏قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 35‏]‏ فرده اللّه خاسئًا‏)‏‏.‏
فهذا الحديث يوافق الأول ويفسره، وقوله‏:‏ ‏[‏ذَعَتُّه‏]‏ أى‏:‏ خنقته، فبين أن مد اليد كان لخنقه، وهذا دفع لعدوانه بالفعل وهو الخنق، وبه اندفع عدوانه فرده اللّه خاسئًا‏.‏
وأما الزيادة ـ وهو ربطه إلى السارية ـ فهو من باب التصرف الملكى الذي تركه لسليمان، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يتصرف في الجن كتصرفه في الإنس تصرف عَبْد رسول، يأمرهم بعبادة اللّه وطاعته لا يتصرف لأمر يرجع إليه وهو التصرف الملكي؛ فإنه كان عبدًا رسولا وسليمان نبي ملك، والعبد الرسول أفضل من النبي الملك، كما أن السابقين المقربين أفضل من عموم الأبرار أصحاب إلىمين، وقد روى النسائي ـ على شرط البخاري ـ عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فأتاه الشيطان، فأخذه فصرعه فخنقه، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏حتى وجدت بَرْدَ لسانه على يدى، ولولا دعوة سليمان لأصبح موثقًا حتى يراه الناس‏)‏‏.‏ ورواه أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد، وفيه‏:‏‏(‏فأهويت بيدى، فما زلت أخنقه حتى وجدت بَرْدَ لعابه بين أصبعي هاتين‏:‏ الإبهام والتي تليها‏)‏، وهذا فعله في الصلاة، وهذا مما احتج به العلماء على جواز مثل هذا في الصلاة، وهو كدفع المارّ، وقتل الأسودين، والصلاة حال المُسَايَفَة‏.‏
وقد تنازع العلماء في شيطان الجن إذا مر بين يدي المصلي، هل يقطع‏؟‏ على قولين هما قولان في مذهب أحمد، كما ذكرهما ابن حامد وغيره‏:‏
أحدهما‏:‏ يقطع لهذا الحديث؛ ولقوله لما أخبر أن مرور الكلب الأسود يقطع للصلاة‏:‏ ‏(‏الكلب الأسود شيطان‏)‏، فعلل بأنه شيطان‏.‏ وهو كما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم؛ فإن الكلب الأسود شيطان الكلاب، والجن تتصور بصورته كثيرًا، وكذلك بصورة القط الأسود؛ لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وفيه قوة الحرارة‏.‏
ومما يتقرب به إلى الجن الذبائح، فإن من الناس من يذبح للجن وهو من الشرك الذي حـرمـه اللّه ورسوله، ورُوى أنه نهى عن ذبائح الجن، وإذا برئ المصاب بالدعاء والذكر وأمـر الجـن ونهيهم وانتهارهم /وسـبهم ولعنهم، ونحـو ذلك مـن الكلام حصل المقصود، وإن كـان ذلك يتضمن مـرض طائفـة مـن الجـن أو مـوتهم فهم الظالمـون لأنفسهـم، إذا كان الراقى الداعى المعالج لم يتعـد عليهم كما يتعـدى عليهم كثير من أهل العزائم، فيأمرون بقتل من لا يجوز قتله، وقد يحبسون من لا يحتاج إلى حبسه؛ ولهذا قد تقاتلهم الجن على ذلك، ففيهم من تقتله الجن أو تمرضه، وفيهم من يفعل ذلك بأهله وأولاده أو دوابه‏.‏
وأما من سلك في دفع عداوتهم مسلك العدل الذي أمر اللّه به ورسوله فإنه لم يظلمهم، بل هو مطيع للّه ورسوله في نصر المظلوم وإغاثة الملهوف، والتنفيس عن المكروب بالطـريق الشرعى التي ليس فيها شرك بالخالق ولا ظلم للمخلوق، ومثل هذا لا تؤذيه الجـن؛ إما لمعرفتهم بأنه عادل، وإما لعجزهم عنه‏.‏ وإن كان الجن من العفاريت وهو ضعيف فقد تؤذيه، فينبغى لمثل هذا أن يحترز لقراءة العوذ، مثل آية الكرسي والمعوذات، والصلاة، والدعاء، ونحو ذلك مما يقوى الإيمان ويجنب الذنوب التي بها يسلطون عليه، فإنه مجاهد في سبيل اللّه، وهذا من أعظم الجهاد، فليحذر أن ينصر العدو عليه بذنوبه، وإن كان الأمر فوق قدرته فلا يكلف اللّه نفسًا إلا وسعها، فلا يتعرض من البلاء لما لا يطيق‏.‏
ومـن أعظم ما ينتصر به عليهـم آية الكرسي، فقد ثبت في صحيح / البخاري حديث أبي هـريرة قال‏:‏ وَكَّلَنى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتأني آتٍ فجعل يَحْثُو من الطعام، فأخذته وقلت‏:‏ لأرفعنك إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ أني محتاج وعلى عيال ولي حاجـة شـديدة، قال‏:‏ فخليت عنـه، فأصبحت فقال رسـول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يا أبا هريرة، مافعل أسيرك البارحة‏؟‏‏)‏ قلت‏:‏ يارسول اللّه، شكى حاجة شديدة وعيالًا فرحمته وخليت سبيلـه، قال‏:‏ ‏(‏أما إنه قد كذبك وسيعود‏)‏ فعرفت أنه سيعود لقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فرصدته، فجاء يحثو من الطعام فأخذته، فقلت‏:‏ لأرفعنك إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ دعنى فـأني محتاج وعلى عيال لا أعـود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسـول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يا أبا هـريرة، مـا فعل أسيرك‏؟‏‏)‏ قلت‏:‏ يارسول اللّه، شكى حاجة وعيالًا فرحمته فخليت سبيله قال‏:‏ ‏(‏أما إنه قد كذبك وسيعود‏)‏ فرصدته الثالثة، فجاء يحثو مـن الطعام فأخذته، فقلت‏:‏ لأرفعنك إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهذا آخر ثلاث مرات، تزعم أنك لا تعـود ثم تعـود، قال‏:‏ دعنى أعلمك كلمات ينفعك اللّه بها، قلت‏:‏ ماهن‏؟‏ قال‏:‏ إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي‏:‏ ‏{‏اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 255‏]‏ حتى تختم الآية، فإنك لن يزال علىك من اللّه حافظ، ولا يقربك شيطان حتى/ تصبح، فخليـت سـبيله، فأصبحـت فقـال لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏مافعل أسـيرك البارحـة‏؟‏‏)‏ قلـت‏:‏ يا رسـول اللّه، زعم أنه يعلمنى كلمات ينفعنى اللّه بها فخليت سـبيله، قـال‏:‏ ما هى‏؟‏ قلت‏:‏ قال لي‏:‏ إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية‏:‏‏{‏اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏255‏]‏، وقال لي‏:‏ لن يزال علىك من اللّه حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح‏.‏ وكانوا أحرص شيء على الخير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة‏؟‏‏)‏ قلت‏:‏لا‏.‏ قال‏:‏‏(‏ذاك شيطان‏)‏‏.‏
ومع هذا فقد جرب المجربون الذين لا يحصون كثرة أن لها من التأثير في دفع الشياطين وإبطال أحوالهم ما لا ينضبط من كثرته وقوته، فإن لها تأثيرًا عظيمًا في دفع الشيطان عن نفس الإنسان وعن المصروع وعن من تعينه الشياطين، مثل‏:‏ أهل الظلم والغضب، وأهل الشهوة والطرب، وأرباب السماع المُكَاء والتَّصْدِية، إذا قرئت عليهم بصدق دفعت الشياطين، وبطلت الأمور التي يخيلها الشيطان، ويبطل ما عند إخوان الشياطين من مكاشفة شيطانية وتصرف شيطأني، إذ كانت الشياطين يوحون إلى أوليائهم بأمور يظنها الجهال من كرامات أولياء اللّه / المتقين، وإنما هى من تلبيسات الشياطين على أوليائهم المغضوب عليهم والضالين‏.‏والصَّائِل المعتدى يستحق دفعه سواء كان مسلمًا أو كافرًا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد‏)‏، فإذا كان المظلوم له أن يدفع عن مال المظلوم ولو بقتل الصائل العادى، فكيف لا يدفع عن عقله وبدنه وحرمته‏؟‏‏!‏ فإن الشيطان يفسد عقله ويعاقبه في بدنه، وقد يفعل معه فاحشة إنسى بإنسى، وإن لم يندفع إلا بالقتل جاز قتله‏.‏
وأمـا إسـلام صاحبـه والتخلي عنه فهو مثل إسلام أمثاله من المظلومين، وهذا فرض على الكفايـة مع القدرة، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمـه‏)‏، فـإن كان عـاجزًا عن ذلك أو هو مشغول بما هو أوجب منه أو قام به غيره لم يجب، وإن كان قادرًا وقد تعين عليه ولا يشغله عما هو أوجب منه وجب عليه‏.‏
وأمـا قـول السائل‏:‏ هل هـذا مشروع‏؟‏ فهـذا مـن أفضل الأعمال، وهو من أعمال الأنبياء والصالحين؛ فإنه ما زال الأنبياء والصالحون / يدفعون الشياطين عن بنى آدم بما أمر اللّه به ورسـوله، كما كان المسـيح يفعل ذلك، وكما كـان نبينا صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، فقد روى أحمـد في مسنده، وأبو داود في سننه من حديث مطر بن عبد الرحمن الأعنق قال‏:‏ حـدثتني أم أَبَان بنت الوازع بن زارع بن عامـر العبدي، عن أبيها؛ أن جدها الزارع انطلق إلى رسـول اللّه صلى الله عليه وسلم، فانطلق معه بابن له مجنون ـ أو ابن أخت له ـ قال جدى‏:‏ فلما قـدمنا على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قلت‏:‏ إن معي ابنًا لي ـ أو ابن أخت لي ـ مجنون، أتيتك به تدعو اللّه له‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ائتني به‏)‏ قال‏:‏ فانطلقت به إليه وهو في الركاب، فأطلقت عنه وألقيت عنه ثياب السفر وألبسته ثوبين حسنين، وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ ‏(‏ادْنُهُ مني، اجعل ظهره مما يليني‏)‏ قال‏:‏ بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله، فجعل يضرب ظهره حتى رأيت بياض إبطيه، ويقول‏:‏ ‏(‏اخرج عدو اللّه‏!‏ اخرج عدو اللّه ‏!‏‏)‏ فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الأول، ثم أقعده رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين يديه، فدعا له بماء فمسح وجهه ودعا له، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يفضل عليه‏.‏
وقال أحمد في المسند‏:‏ ثنا عبد اللّه بن نُمَيْرٍ، عن عثمان بن حكيم، أنا عبد الرحمن ابن عبد العزيز، عن يعلى بن مرة قال‏:‏ لقد رأيت من / رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثلاثًا ما رآها أحد قبلي، ولا يراها أحد بعدي، لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها، فقالت‏:‏ يا رسول اللّه، هذا صبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء، يؤخذ في اليوم ما أدري كم مرة، قال‏:‏ ‏(‏ناولينيه‏)‏، فرفعته إليه، فجعله بينه وبين واسطة الرَّحْل، ثم فَغَرَ فَاهُ فنفث فيه ثلاثًا، وقال‏:‏ ‏(‏بسم اللّه أنا عبد اللّه اخْسَأ عدو اللّه‏)‏ ثم ناولها إياه، فقال‏:‏ القينا في الرجعة في هذا المكان فأخبرينا ما فعل، قال‏:‏ فذهبنا ورجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث، فقال‏:‏ ‏(‏ما فعل صبيك‏؟‏‏)‏ فقالت‏:‏ والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئًا حتى الساعة فاجْتَرِر هذه الغنم، قال‏:‏ ‏(‏انزل خذ منها واحدة ورد البقية‏)‏‏.‏ وذكر الحديث بتمامه‏)‏‏.‏
ثنا وكيع قال‏:‏ ثنا الأعمش، عن المِنْهَال بن عمرو، عن يعلى بن مرة، عن أبيه قال وَكِيع‏:‏ مرة يعنى الثقفي، ولم يقل‏:‏ مرة عن أبيه؛ أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم معها صبي لها به لمم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اخرج عدو اللّه أنا رسول اللّه‏)‏ قال‏:‏ فبرأ، قال‏:‏ فأهدت إليه كبشين، وشيئًا من أقط، وشيئًا من سمن‏.‏ قال‏:‏ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏خذ الأقْطَ والسمن، وخذ أحد الكبشين ورد عليها الآخر‏)‏‏.‏
/ ثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن عطاء بن السائب، عن عبد اللّه بن حفص، عن يعلى بن مـرة الثقفي قـال‏:‏ ثلاثة أشياء رأيتهن من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وذكر الحـديث، وفيه قال‏:‏ ثم سـرنا فمـررنا بماء فأتته امرأة بابن لها به جِنَّةٌ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنخره فقال‏:‏ ‏(‏اخـرج إني محمد رسـول اللّه‏)‏ قـال‏:‏ ثم سرنا فلما رجعنا من سفرنا مررنا بذلك الماء فأتتـه المرأة بجـزر ولبن، فأمـرها أن تـرد الجـزر، وأمر أصحابه فشربوا من اللبن، فسألها عن الصبي فقالت‏:‏ والذي بعثك بالحق ما رأينا منه ريبًا بعدك‏.‏ ولو قدر أنه لم ينقل ذلك لكون مثله لم يقع عند الأنبياء؛ لكون الشياطين لم تكن تقدر تفعل ذلك عند الأنبياء وفعلت ذلك عندنا، فقد أمرنا اللّه ورسوله من نصر المظلوم والتنفيس عن المكروب ونفع المسلم بما يتناول ذلك‏.‏
وقـد ثبت في الصحيحـين حـديث الذين رَقَوا بالفاتحة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏وما أدراك أنها رقيـة‏)‏، وأذن لهم في أخذ الجعل على شفاء اللديغ بالرقية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للشيطان الذي أراد قطـع صلاته‏:‏‏(‏أعوذ باللّه منك، ألعنك بلعنة اللّه التامة ثلاث مرات‏)‏‏.‏ وهذا كدفع ظالمي الإنس من الكفار والفجار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وإن كانوا لم يـروا الترك ولم يكـونوا يرمـون بالقِسِيِّ الفارسية ونحـوهـا مما يحتاج إليه في قتال، فقـد / ثبت عـن النبي صلى الله عليه وسلم أنـه أمـر بقتالهم، وأخبر أن أمـتـه ستقاتلهم‏)‏، ومعلـوم أن قتالهم النافـع إنما هـو بالقسي الفارسية، ولو قوتلوا بالقسي العربية التي تشبه قوس القـطن لم تغـن شيئًا، بل استطالوا على المسلمين بقوة رميهم، فلابد من قتالهم بما يقهرهم‏.‏
وقد قال بعض المسلمين لعمر بن الخطاب‏:‏ إن العدو إذا رأيناهم قد لبسوا الحرير وجدنا في قلوبنا روعة، فقال‏:‏ وأنتم فالبسوا كما لبسوا‏.‏ وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في عمرة القضية بالرَّمَل والاضْطِبَاع؛ لِيُرِىَ المشركين قوتهم، وإن لم يكن هذا مشروعـًا قبل هذا، ففعل لأجل الجهاد مالم يكن مشروعـًا بدون ذلك‏.‏
ولهذا قد يحتاج في إبراء المصروع ودفع الجن عنه إلى الضرب، فيضرب ضربـًا كثيرًا جدًا، والضرب إنما يقع على الجنى ولا يحس به المصروع، حتى يفيق المصروع ويخبر أنه لم يحس بشيء من ذلك، ولا يؤثر في بدنه، ويكون قد ضرب بعصا قوية على رجليه نحو ثلاثمائة أو أربعمائة ضربة وأكثر وأقل، بحيث لو كان على الإنسى لقتله، وإنما هو على الجنى، والجنى يصيح ويصرخ، ويحدث الحاضرين بأمور متعددة، كما قد فعلنا نحن هذا وجربناه مرات كثيرة يطول وصفها بحضرة خلق كثيرين‏.‏
/ وأما الاستعانة عليهم بما يقال ويكتب مما لا يعرف معناه فلا يشرع، لا سيما إن كان فيه شرك؛ فإن ذلك محرم‏.‏ وعامة ما يقوله أهل العزائم فيه شرك، وقد يقرؤون مع ذلك شيئًا من القرآن ويظهرونه، ويكتمون ما يقولونه من الشرك، وفي الاستشفاء بما شرعه الله ورسوله ما يغني عن الشرك وأهله‏.‏
والمسلمون وإن تنازعوا في جواز التداوي بالمحرمات كالميتة والخنزير، فلا يتنازعون في أن الكفر والشرك لا يجوز التداوي به بحال؛ لأن ذلك محرم في كل حال، وليس هذا كالتكلم به عند الإكراه؛ فإن ذلك إنما يجوز إذا كان قلبه مطمئنًا بالإيمان، والتكلم به إنما يؤثر إذا كان بقلب صاحبه، ولو تكلم به مع طمأنينة قلبه بالإيمان لم يؤثر‏.‏ والشيطان إذا عرف أن صاحبه مستخف بالعزائم لم يساعده ـ وأيضًا ـ فإن المكره مضطر إلى التكلم به ولا ضرورة إلى إبراء المصاب به لوجهين‏:‏
أحدهما‏:‏ أنه قد لا يؤثر أكثر مما يؤثر من يعالج بالعزائم، فلا يؤثر بل يزيده شرًا‏.‏
والثأني‏:‏ أن في الحق ما يغني عن الباطل‏.‏
/ والناس في هذا الباب ثلاثة أصناف‏:‏ قوم يكذبون بدخول الجني في الإنس، وقوم يدفعون ذلك بالعزائم المذمومة، فهؤلاء يكذبون بالموجود، وهؤلاء يعصون، بل يكفرون بالمعبود‏.‏ والأمة الوسط تصدق بالحق الموجود، وتؤمن بالإله الواحد المعبود، وبعبادته ودعائه وذكره وأسمائه وكلامه، فتدفع شياطين الإنس والجن‏.‏
وأما سؤال الجن وسؤال من يسألهم، فهذا إن كان على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسؤول فهو حرام، كما ثبت في صحيح مسلم وغيره، عن معاوية ابن الحكم السلمى قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه، أمورًا كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتي الكهان، قال‏:‏ ‏(‏فلا تأتوا الكهان‏)‏، وفي صحيح مسلم ـ أيضًا ـ عن عبيد اللّه، عن نافع، عن صفية، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا‏)‏‏.‏
وأما إن كان يسأل المسؤول ليمتحن حاله ويختبر باطن أمره وعنده ما يميز به صدقه من كذبه فهذا جائز، كما ثبت في الصحيحين‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ابن صَيَّاد فقال‏:‏ ‏(‏ما يأتيك‏؟‏‏)‏ فقال‏:‏ يأتيني صادق وكاذب، قـال‏:‏ ‏(‏مـا ترى‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ أرى عرشـًا على الماء، قال‏:‏ ‏(‏فأني قد خبأت لك خبيئًا‏)‏، قال‏:‏ الدُّخُّ الدُّخُّ ‏[‏والدُّخُّ ـ بضم الدال وفتحها ـ‏:‏ الدُّخان‏]‏، قال‏:‏ ‏(‏اخسأ فلن / تعدو قدرك، فإنما أنت من إخوان الكهان‏)‏‏.‏
وكذلك إذا كان يسمع ما يقولونه ويخبرون به عن الجن، كما يسمع المسلمون ما يقول الكفار والفجار ليعرفوا ما عندهم فيعتبروا به، وكما يسمع خبر الفاسق ويتبين ويتثبت فلا يجزم بصدقه ولا كذبه إلا ببينة، كما قـال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا‏}‏ ‏[‏الحجرات‏:‏ 6‏]‏، وقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة‏:‏ أن أهل الكتاب كانوا يقرؤون التوراة ويفسرونها بالعربية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا حدثكم أهل الكتاب فـلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه، وقولوا‏:‏ ‏{‏وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏}‏ ‏[‏العنكبوت‏:‏ 46‏]‏ ، فقد جاز للمسلمين سماع ما يقولونه ولم يصدقوه ولم يكذبوه‏.‏
وقد روى عن أبي موسى الأشعرى أنه أبطأ عليه خبر عمر، وكان هناك امرأة لها قرين من الجن، فسأله عنه فأخبره أنه ترك عمر يَسِمُ إبل الصدقة‏.‏ وفي خبر آخر أن عمر أرسل جيشًا فقدم شخص إلى المدينة فأخبر أنهم انتصروا على عدوهم، وشاع الخبر، فسأل عمر عن ذلك فذكر له، فقال‏:‏ هذا أبو الهيثم بريد المسلمين من الجن، وسيأتى بريد الإنس بعد ذلك، فجاء بعد ذلك بعدة أيام‏.‏

عدد المشاهدات *:
356671
عدد مرات التنزيل *:
250012
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : فَصـل في الذب عن المظلوم ونصرته
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل   فَصـل في الذب عن المظلوم ونصرته
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط   فَصـل في الذب عن المظلوم ونصرته  لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1