اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الثلاثاء 15 شوال 1445 هجرية
???? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ????????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????????? ??????????? ???????? ?????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

تزوجوا

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد السابع والعشرون
كتاب الزيارة وشد الرحال إليها
فصل في النهي عن اتخاذ القبور مساجد
فَصــل: متى بنيت المساجد الثلاثة
مجموع فتاوى ابن تيمية
فَصــل
والمسجد الأقصي صلت فيه الأنبياء من عهد الخليل، كما في الصحيحين عن أبي ذر قال‏:‏ قلت يا رسول اللّه، أي مسجد وضع أولا‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏المسجد الحرام‏)‏‏.‏ قلت‏:‏ ثم أي‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏المسجد الأقصي‏)‏‏.‏ قلت‏:‏ كم بينهما ‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏أربعون سنة، ثم حيثما أدركتك الصلاة فَصَلِّ، فإنه مسجد‏)‏، وصلى فيه من أولياء اللّه ما لا يحصيه إلا اللّه، وسليمان بناه هذا البناء، وسأل ربه ثلاثا‏:‏ سأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وسأله حكما يوافق حكمه، وسأله أنه لا يؤم هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا غفر له ‏.‏
ولهذا كان ابن عمر يأتي من الحجاز، فيدخل، فيصلى فيه، ثم يخرج ولا يشرب فيه ماء، لتصيبه دعوة سليمان‏.‏ وكان الصحابة ثم التابعون يأتون، ولا يقصدون شيئاً مما حوله من البقاع، ولا يسافرون إلي قرية الخليل، ولا غيرها‏.‏
وكذلك مسجد نبينا، بناه أفضل الأنبياء، ومعه المهاجرون /والأنصار، وهو أول مسجد أذن فيه في الإسلام ، وفيه كان الرسول يصلى بالمسلمين الجمعة والجماعة، ويعلمهم الكتاب والحكمة، وفيه كان يأمرهم بما يأمرهم به من المغازي، وغير المغازي‏.‏ وفيه سنت السنة، والإسلام منه خرج، وكانت الصلاة فيه بألف، والسفر إليه مشروعا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس عنده قبر، لا قبره ولا قبر غيره، ثم لما دفن الرسول دفن في حجرته وبيته، لم يدفن في المسجد‏.‏
والفرق بين البيت والمسجد مما يعرفه كل مسلم؛ فإن المسجد يعتكف فيه والبيت لا يعتكف فيه، وكان إذا اعتكف يخرج من بيته إلي المسجد، ولا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان، والمسجد لا يمكث فيه جنب ولا حائض، وبيته كانت عائشة تمكث فيه وهي حائض، وكذلك كل بيت مرسوم تمكث فيه المرأة وهي حائض، وكانت تصيبه فيه الجنابة فيمكث فيه جنباً حتى يغتسل، وفيه ثيابه، وطعامه، وسكنه، وراحته، كما جعل اللّه البيوت‏.‏
وقد ذكر اللّه ‏[‏بيوت النبي‏]‏ في كتابه، وأضافها تارة إلي الرسول، وتارة إلي أزواجه، وليس لتلك البيوت حرمة المسجد وفضيلته، وفضيلة الصلاة فيه، ولا تشد الرحال إليها، ولا الصلاة في شيء منها بألف صلاة‏.‏ ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم في حال /حياته كان هو وأصحابه أفضل ممن جاء بعدهم، وعبادتهم أفضل من عبادة من جاء بعدهم، وهم لما ماتوا لم تكن قبورهم أفضل من بيوتهم التي كانوا يسكنونها في حال الحياة، ولا أبدانهم بعد الموت أكثر عبادة للّه وطاعة مما كانت في حال الحياة‏.‏
واللّه تعالى قد أخبر أنه جعل الأرض كفاتا، أحياء وأمواتا‏.‏ تكفت الناس أحياء على ظهرها، وأمواتا في بطنها، وليس كفتهم أمواتا بأفضل من كفتهم أحياء؛ ولهذا تستحب زيارة أهل البقيع وأحد وغيرهم من المؤمنين‏.‏ فيدعي لهم ، ويستغفر لهم، ولا يستحب أن تقصد قبورهم لما تقصد له المساجد من الصلاة، والاعتكاف، ونحو ذلك، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏أحب البقاع إلي اللّه المساجد‏)‏، فليس في البقاع أفضل منها، وليست مساكن الأنبياء لا أحياء ولا أمواتا بأفضل من المساجد‏.‏ هذا هو الثابت بنص الرسول، واتفاق علماء أمته‏.‏
وما ذكره بعضهم من أن قبور الأنبياء والصالحين أفضل من المساجد، وأن الدعاء عندها أفضل من الدعاء في المساجد، حتى في المسجد الحرام والمسجد النبوي، فقول يعلم بطلانه بالاضطرار من دين الرسول، ويعلم إجماع علماء الأمة على بطلانه إجماعا ضروريا، كإجماعهم على أن الاعتكاف في المساجد أفضل منه عند القبور‏.‏ والمقصود / بالاعتكاف‏:‏ العبادة والصلاة، والقراءة، والذكر، والدعاء‏.‏
وما ذكره بعضهم من الإجماع على تفضيل قبر من القبور على المساجد كلها، فقول محدث في الإسلام، لم يعرف عن أحد من السلف، ولكن ذكره بعض المتأخرين، فأخذه عنه آخر وظنه إجماعا؛ لكون أجساد الأنبياء أنفسها أفضل من المساجد‏.‏ فقولهم يعم المؤمنين كلهم، فأبدانهم أفضل من كل تراب في الأرض، ولا يلزم من كون أبدانهم أفضل أن تكون مساكنهم أحياء وأمواتا أفضل، بل قد علم بالاضطرار من دينهم أن مساجدهم أفضل من مساكنهم‏.‏
وقد يحتج بعضهم بما روي من‏:‏ ‏(‏أن كل مولود يذر عليه من تراب حفرته‏)‏، فيكون قد خلق من تراب قبره‏.‏ وهذا الاحتجاج باطل لوجهين‏:‏
أحدهما‏:‏ أن هذا لا يثبت، وما روي فيه كله ضعيف، والجنين في بطن أمه يعلم قطعا أنه لم يذر عليه تراب، ولكن آدم نفسه هو الذي خلق من تراب، ثم خلقت ذريته من سلالة من ماء مهين‏.‏ ومعلوم أن ذلك التراب لا يتميز بعضه لشخص وبعضه لشخص آخر، فإنه إذا استحال وصار بدنا حيا لما نفخ في آدم الروح فلم يبق ترابا‏.‏ وبسط هذا له موضع آخر‏.‏
/والمقصود هنا التنبيه على مثل هذه الإجماعات التي يذكرها بعض الناس، ويبنون عليها ما يخالف دين المسلمين؛ الكتاب والسنة والإجماع‏.‏
الوجه الثاني‏:‏ أنه لو ثبت أن الميت خلق من ذلك التراب، فمعلوم أن خلق الإنسان من مني أبويه أقرب من خلقه من التراب، ومع هذا فاللّه يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي؛ يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن، فيخلق من الشخص الكافر مؤمنا نبيا وغير نبي، كما خلق الخليل من آزر، وإبراهيم خير البرية هو أفضل الأنبياء بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، وآزر من أهل النار، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏يلقي إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، فيقول إبراهيم‏:‏ ألم أقل لك لا تعصني‏؟‏ فيقول له‏:‏ فإليوم لا أعصيك‏.‏ فيقول إبراهيم‏:‏ يا رب، ألم تعدني ألا تخزيني، وأي خزي أخزي من أبي الأبعد‏؟‏‏!‏ فيقال له‏:‏ التفت، فيلتفت، فإذا هو بذيخ عظيم، والذيخ ذكر الضباع، فيمسخ آزر في تلك الصورة، ويؤخذ بقوائمه فيلقي في النار، فلا يعرف أنه أبو إبراهيم‏)‏‏.‏ وكما خلق نبينا صلى الله عليه وسلم من أبويه، وقد نهي عن الاستغفار لأمه، وفي الصحيح‏:‏ أن رجلا قال له‏:‏ أين أبي‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏إن أباك في النار‏)‏، فلما أدبر دعاه فقال‏:‏ ‏(‏إن أبي وأباك في النار‏)‏‏.‏ وقد أخرج من نوح وهو /رسول كريم ابنه الكافر الذي حق عليه القول، وأغرقه، ونهي نوحا عن الشفاعة فيه‏.‏ والمهاجرون والأنصار مخلوقون من آبائهم وأمهاتهم الكفار‏.‏
فإذا كانت المادة القريبة التي يخلق منها الأنبياء والصالحون لا يجب أن تكون مساوية لأبدانهم في الفضيلة؛ لأن اللّه يخرج الحي من الميت فأخرج البدن المؤمن من مني كافر، فالمادة البعيدة وهي التراب أولي ألا تساوي أبدان الأنبياء والصالحين ، وهذه الأبدان عبدت اللّه وجاهدت فيه، ومستقرها الجنة‏.‏ وأما المواد التي خلقت منها هذه الأبدان فما استحال منها وصار هو البدن فحكمه حكم البدن، وأما ما فضل منها فذاك بمنزلة أمثاله‏.‏
ومن هنا غلط من لم يميز بين ما استحال من المواد فصار بدنا، وبين ما لم يستحل، بل بقي ترابا أو ميتا‏.‏ فتراب القبور إذا قدر أن الميت خلق من ذلك التراب فاستحال منه وصار بدن الميت، فهو بدنه، وفضله معلوم‏.‏ وأما ما بقي في القبر فحكمه حكم أمثاله، بل تراب كان يلاقي جباههم عند السجود ـ وهو أقرب ما يكون العبد من ربه المعبود ـ أفضل من تراب القبور واللحود‏.‏ وبسط هذا له موضع آخر‏.‏
والمقصود هنا أن مسجد الرسول وغيره من المساجد فضيلتها بكونها بيوت اللّه التي بنيت لعبادته، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا‏}‏ ‏[‏الجن‏:‏ 18‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 29‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ على أَنفُسِهِمْ‏}‏ إلي قوله‏:‏‏{‏إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَإليوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَي الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَي أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏17، 18‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 36‏:‏ 38‏]‏‏.‏
والمساجد الثلاثة لها فضل على ما سواها، فإنها بناها أنبياء، ودعوا الناس إلي السفر إليها‏.‏ فالخليل دعا إلي المسجد الحرام، وسليمان دعا إلي بيت المقدس، ونبينا دعا إلي الثلاثة، إلي مسجده، والمسجدين، ولكن جعل السفر إلي المسجد الحرام فرضا، والآخرين تطوعا‏.‏ وإبراهيم وسليمان لم يوجبا شيئا، ولا أوجب الخليل الحج؛ ولهذا لم يكن بنو إسرائيل يحجون،ولكن حج موسي ويونس وغيرهما؛ولهذا لم يكن / الحج واجبا في أول الإسلام؛ وإنما وجب في سورة آل عمران بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلِلّهِ على النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 97‏]‏‏.‏ هذا هو الذي اتفق عليه المسلمون، أنه يفيد إيجابه‏.‏ وأما قوله‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 196‏]‏ فقيل‏:‏ إنه يفيد إيجابهما ابتداء، وإتمامهما بعد الشروع‏.‏ وقيل‏:‏ إنما يفيد وجوب إتمامهما بعد الشروع، لا إيجابهما ابتداء‏.‏ وهذا هو الصحيح، فإن هذه الآية نزلت عام الحديبية بإجماع الناس بعد شروع النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة ـ عمرة الحديبيةـ لما صده المشركون، وأبيح فيها التحلل للمحصر، فحل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما صدهم المشركون، ورجعوا، والحج والعمرة يجب على الشارع فيهما إتمامهما باتفاق الأئمة‏.‏ وتنازعوا في الصيام والصلاة والاعتكاف، على قولين مشهورين‏.‏ ومذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه‏:‏ أنه لا يجب الإتمام، ومذهب مالك وأبي حنيفة‏:‏ أنه يجب ، كما هو مبسوط في غير هذا الموضع‏.‏
والمقصود أن مسجد الرسول فضيلة السفر إليه لأجل العبادة فيه، والصلاة فيه بألف صلاة؛ وليس شيء من ذلك لأجل القبر بإجماع المسلمين‏.‏ وهذا من الفروق بين مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره، وبين قبره وغيره، فقد ظهر الفرق من وجوه‏.‏
/وهذا المعترض وأمثاله جعلوا السفر إلي قبور الأنبياء نوعًا‏.‏ثم لما رأوا ما ذكره العلماء من استحباب زيارة قبر نبينا ظنوا أن سائر القبور يسافر إليها كما يسافر إليه‏.‏فضلوا من وجوه‏:‏
أحدها‏:‏ أن السفر إليه إنما هو سفر إلي مسجده، وهو مستحب بالنص والإجماع‏.‏
الثاني‏:‏ أن هذا السفر هو للمسجد في حياة الرسول وبعد دفنه، وقبل دخول الحجرة، وبعد دخول الحجرة فيه‏.‏ فهو سفر إلي المساجد، سواء كان القبر هناك أو لم يكن‏.‏ فلا يجوز أن يشبه به السفر إلي قبر مجرد‏.‏
الثالث‏:‏ أن من العلماء من يكره أن يسمي هذا زيارة لقبره‏.‏ والذين لم يكرهوه يسلمون لأولئك الحكم، وإنما النزاع في الاسم‏.‏ وأما غيره، فهو زيارة لقبره بلا نزاع‏.‏ فللمانع أن يقول‏:‏ لا أسلم أنه يمكن أن يسافر إلي زيارة قبره أصلاً، وكل ما سمي زيارة قبر فإنه لا يسافر إليه،والسفر إلي مسجد نبينا ليس سفرًا إلي زيارة قبره، بل هو سفر لعبادة في مسجده‏.‏
الرابع‏:‏ أن هذا السفر مستحب بالنص والإجماع والسفر إلي قبور سائر الأنبياء والصالحين ليس مستحبًا لا بنص ولا إجماع بل /هو منهي عنه عند الأئمة الكبار، كما دل عليه النص‏.‏
الخامس‏:‏ أن المسجد الذي عند قبره مسجده الذي أسس على التقوي، وهو أفضل المساجد غير المسجد الحرام، والصلاة فيه بألف صلاة، والمساجد التي على قبور الأنبياء والصالحين نهي عن اتخاذها مساجد والصلاة فيها، كما تقدم‏.‏ فكيف عن السفر إليها‏.‏
السادس‏:‏ أن السفر إلي مسجده ـ الذي يسمي السفر لزيارة قبره ـ هو ما أجمع عليه المسلمون جيلاً بعد جيل، وأما السفر إلي سائر القبور فلا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، بل ولا عن أتباع التابعين، ولا استحبه أحد من الأئمة الأربعة، ولا غيرهم‏.‏ فكيف يقاس هذا بهذا‏؟‏‏!‏ ومازال المسلمون من عهده وإلي هذا الوقت يسافرون إلي مسجده؛ إما مع الحج، وإما بدون الحج‏.‏ فعلى عهد الصحابة لم يكونوا يأتونه مع الحج ـ كما يسافرون إلي مكة ـ فإن الطرقات كانت آمنة، وكان إنشاء السفر إليه أفضل من أن يجعل تبعًا لسفر الحج‏.‏ وعمر بن الخطاب قد أمرهم أن يفرد للعمرة سفرًا وللحج سفرًا، وهذا أفضل باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم ـ من التمتع والقِران؛ فإن الذين فضلوا التمتع والقران كما فضل أحمد التمتع لمن لم يسق الهدي والقران لمن ساق الهدي ـ في المنصوص عنه ـ وصرح في غير موضع بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنًا ـ / هو مع ذلك يقول‏:‏ إن إفراد العمرة بسفر والحج بسفر أفضل من التمتع والقران، وكذلك مذهب أبي حنيفة ـ فيما ذكره محمد ابن الحسن ـ أن عمرة كوفية أفضل من التمتع والقران‏.‏ وبسط هذا له موضع آخر‏.‏
والمقصود أن المسلمين ما زالوا يسافرون إلي مسجده ولا يسافرون إلي قبور الأنبياء؛ كقبر موسي، وقبر الخليل ـ عليه السلام ـ ولم يعرف عن أحد من الصحابة أنه سافر إلي قبر الخليل مع كثرة مجيئهم إلي الشام والبيت المقدس‏.‏ فكيف يجعل السفر إلي مسجد الرسول الذي يسميه بعض الناس زيارة لقبره مثل السفر إلي قبور الأنبياء‏؟‏‏!‏
السابع‏:‏ أن السفر المشروع إلي مسجده يتضمن أن يفعل في مسجده ما كان يفعل في حياته وحياة خلفائه الراشدين؛ من الصلاة والسلام عليه والثناء والدعاء، كما يفعل ذلك في سائر المساجد، وسائر البقاع؛ وإن كان مسجده أفضل، فالمشروع فيه عبادة لله مأمور بها، وأما الذي يفعله من سافر إلي قبر غيره فإنما هو من نوع الشرك، كدعائهم وطلب الحوائج منهم، واتخاذ قبورهم مساجد، وأعيادًا، وأوثانًا‏.‏ وهذا محرم بالنص والإجماع‏.‏
فإن قلت‏:‏ فقد يفعل بعض الناس عند قبره مثل هذا‏.‏
/قلت لك‏:‏ أما عند القبر فلا يقدر أحد على ذلك؛ فإن الله أجاب دعوته حيث قال‏:‏ ‏(‏اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد‏)‏‏.‏ وأما في مسجده فإنما يفعل ذلك بعض الناس الجهال، وأما من يعلم شرع الإسلام فإنما يفعل ما شرع، وهؤلاء ينهون أولئك بحسب الإمكان فلا يجتمع الزوار على الضلال، وأما قبر غيره فالمسافرون إليه كلهم جهال ضالون مشركون، ويصيرون عند نفس القبر، ولا أحد هناك ينكر عليهم‏.‏
الوجه الثامن‏:‏ أن يقال‏:‏ قبره معلوم متواتر، بخلاف قبر غيره‏.‏
ومما ينبغي أن يعلم أن الله تعالى حفظ عامة قبور الأنبياء ببركة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يتمكن الناس مع ظهور دينه أن يتخذوا قبور الأنبياء مساجد، كما أظهر من الإيمان بنبوة الأنبياء وما جاؤوا به؛ من إعلان ذكرهم ومحبتهم، وموالاتهم، والتصديق لأقوالهم، والاتباع لأعمالهم، ما لم يكن هذا لأمة أخري‏.‏ وهذا هو الذي ينتفع به من جهة الأنبياء، وهو تصديقهم فيما أخبروا، وطاعتهم فيما أمروا، والاقتداء بهم فيما فعلوا، وحب ما كانوا يحبونه، وبغض ما كانوا يبغضونه، وموالاة من يوالونه، ومعاداة من يعادونه ونحو ذلك مما لا يحصل إلا بمعرفة أخبارهم‏.‏ والقرآن والسنة مملوء من ذكر الأنبياء‏.‏ وهذا أمر ثابت في القلوب، مذكور بالألسنة، وأما نفس القبر فليس / في رؤيته شيء من ذلك، بل أهل الضلال يتخذونها أوثانًا، كما كانت اليهود والنصاري يتخذون قبور الأنبياء والصالحين مساجد‏.‏ فببركة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم أظهر الله من ذكرهم ومعرفة أحوالهم ما يجب الإيمان به، وتنتفع به العباد‏.‏ وأبطل ما يضر الخلق من الشرك بهم واتخاذ قبورهم مساجد، كما كانوا يتخذونها في زمن من قبلنا‏.‏
ولم يكن على عهد الصحابة قبر نبي ظاهر يزار، لا بسفر ولا بغير سفر، لا قبر الخليل، ولا غيره‏.‏ ولما ظهر بتُسْتَر ‏[‏قبر دانيالي وكانوا يستسقون به، كتب فيه أبو موسي الأشعري إلي عمر بن الخطاب، فكتب إليه يأمره أن يحفر بالنهار ثلاثة عشر قبرًا، ويدفنه بالليل في واحد منها، ويعفي القبور كلها لئلا يفتتن به الناس‏.‏ وهذا قد ذكره غير واحد‏.‏
وممن رواه يونس بن بكر في ‏[‏زيادات مغازي بن إسحاق‏]‏ عن أبي خلدة خالد بن دينار‏.‏ حدثنا أبو العإلية، قال‏:‏ لما فتحنا ‏[‏تستر‏]‏ وجدنا في بيت مال الهرمزان سريرًا عليه رجل ميت، عند رأسه مصحف له، فأخذنا المصحف فحملناه إلي عمر بن الخطاب ، فدعا له كعبا فنسخه بالعربية، فأنا أول رجل من العرب قرأه، قرأته مثلما أقرأ القرآن هذا‏.‏ فقلت‏:‏ لأبي العإلية‏:‏ ما كان فيه‏؟‏ قال‏:‏ سيرتكم، وأموركم، ولحون كلامكم، وما هو كائن بعد‏.‏ /قلت‏:‏ فما صنعتم بالرجل‏؟‏ قال‏:‏ حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبرًا متفرقة، فلما كان بالليل دفناه، وسوينا القبور كلها لنعميه على الناس لا ينبشونه‏.‏ قلت‏:‏ وما يرجون فيه‏؟‏ قال‏:‏ كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون‏.‏ فقلت‏:‏ من كنتم تظنون الرجل‏؟‏ قال‏:‏ رجل يقال له‏:‏ ‏[‏دانيال‏]‏ فقلت‏:‏ منذ كم وجدتموه مات‏؟‏ قال‏:‏ منذ ثلاثمائة سنة‏.‏ قلت‏:‏ ما كان تغير منه شيء‏؟‏ قال‏:‏ لا، إلا شعيرات من قفاه؛ إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض، ولا تأكلها السباع‏.‏

عدد المشاهدات *:
359324
عدد مرات التنزيل *:
250456
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : فَصــل: متى بنيت المساجد الثلاثة
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  فَصــل: متى بنيت المساجد الثلاثة
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  فَصــل: متى بنيت المساجد الثلاثة لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1