وسئل ـ رحمه الله تعالى ـ عن رجل قال لزوجته وهو ساكن بها في غير منزل سكنها: إن قعدت عندكم فأنت طالق، وإن سكنت عندكم فأنت طالق، ثم قال ـ أيضًا ـ: أنت علي حرام، ثم انتقل بنفسه ومتاعه دون زوجته إلى مكان آخر، وعادت زوجته إلى مكانها الأول، فإذا عاد وقعد عند زوجته يقع عليه طلقة واحدة، أم طلقتان؟ وهل السكن هو القعود، أو بينهما عموم وخصوص؟ وإذا لم ينو بالحرام الطلاق: هل يقع عليه كما لو نوى؟ وهل إذا كان مذهب تزول به هذه الصورة مخالفاً لمذهبه هل يجوز له التقليد أم لا؟
/فأجاب:
الحمد لله، أما قوله: إن قعدت عندكم وإن سكنت عندكم، فإن كان نية الحالف بالقعود إذا انتقض سبب تلك الحال، بمنزلة من دعي إلى غداء فحلف أنه لا يتغدي، فإن سبب اليمين أنه أراد بذلك الغداء المعين، ولهذا كان الصحيح، أنه لا يحنث بغداء غير ذلك، وهكذا إذا كان قد زار هو وامرأته قومًا فرأى من الأحوال ما كره أن تقيم تلك المرأة عندهم فحلف أنه لا يقيم، ولا يسكن، وقصد على تلك الحال، أو كان سبب اليمين يدل على ذلك.
وأما إن كان قد نوى العموم بحيث قصد أنه لا يقعد عندهم ولا يساكنهم بحال، فإنه لا يحنث بالقعود. وإن أطلق اليمين ففيه نزاع مشهور بين العلماء. وحيث يحنث بالقعود فإنه إذا كان القعود الذي قصده هو السكنى لم يحنث بأكثر من طلقة، إلا أن يقصد أكثر من ذلك، كما لو كرر اليمين بالله على فعل واحد لم يلزمه إلا كفارة واحدة على الصحيح.
وإن كان القعود داخلاً في ضمن السكنى ـ كما هو ظاهر اللفظ المطلق ـ فهذه المسألة تداخل الصفات، كما لو قال: إن أكلت تفاحة واحدة، فقد قيل: تقع طلقتان؛ لوجود الصفتين. وقيل: لا يقع إلا طلقة واحدة أيضًا. وهو أقوى، فإن المفهوم من هذا الكلام أنك طالق سواء أكلت تفاحة كاملة أو نصفها، وكذلك إذا قال: إن قعدت. فالقعود لفظ مشترك يراد به السكنى مشتملاً على العقود، ويكون /أولاً حلف أنه لا يقعد، ثم حلف على ما هو أعم من ذلك وهو السكنى فإذا سكن كان الأول بعض الثاني، فلا يقع أكثر من طلقة إذا قيل بوقوع الطلاق عليه على أقوى القولين.
وأما قوله: [أنت علي حرام]، فإن حلف ألا يفعل شيئًا ففعله؛ فعليه كفارة يمين. وإن لم يحلف بل حرمها تحريماً، فهذا عليه كفارة ظهار، ولا يقع به طلاق في الصورتين. وهذا قول جمهور أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة المسلمين، يقولون: إن الحرام لا يقع به طلاق إذا لم ينوه، كما روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم. وإن كان من متأخرى أتباع بعض الأئمة من زعم أن هذا اللفظ قد صار بحكم العرف صريحاً في الطلاق، فهذا ليس من قول هؤلاء الأئمة المتبوعين.
وقد كانوا في أول الإسلام يرون لفظ الظهار صريحاً في الطلاق وهو قوله: أنت على كظهر أمي، حتى تظاهر أوس بن الصامت من امرأته المجادلة، التي ثبت حكمها فيما أنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1]، وأفتاها النبي صلى الله عليه وسلم أولاً بالطلاق، حتى نسخ الله ذلك، وجعل الظهار موجباً للكفارة، ولو نوى به الطلاق.
/والحرام نظير الظهار؛ لأن ذلك تشبيه لها بالمحرمة، وهذا نطق بالتحريم، وكلاهما منكر من القول وزور، فقد دل كتاب الله على أن تحريم الحلال يمين بقوله: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 1، 2]، مع أن هذا ليس موضع بسط ذلك.
وأما تقليد المستفتي للمفتي فالذي عليه الأئمة الأربعة وسائر أئمة العلم أنه ليس على أحد ولا شرع له التزام قول شخص معين في كل ما يوجبه ويحرمه ويبيحه، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن منهم من يقول: على المستفتي أن يقلد الأعلم الأروع ممن يمكنه استفتاؤه. ومنهم من يقول: بل يخير بين المفتين. وإذا كان له نوع تمييز، فقد قيل: يتبع أي القولين أرجح عنده بحسب تمييزه، فإن هذا أولى من التخيير المطلق. وقيل: لا يجتهد إلا إذا صار من أهل الاجتهاد. والأول أشبه. فإذا ترجح عند المستفتي أحد القولين؛ إما لرجحان دليله بحسب تمييزه، وإما لكون قائله أعلم وأروع، فله ذلك، وإن خالف قوله المذهب.
/فأجاب:
الحمد لله، أما قوله: إن قعدت عندكم وإن سكنت عندكم، فإن كان نية الحالف بالقعود إذا انتقض سبب تلك الحال، بمنزلة من دعي إلى غداء فحلف أنه لا يتغدي، فإن سبب اليمين أنه أراد بذلك الغداء المعين، ولهذا كان الصحيح، أنه لا يحنث بغداء غير ذلك، وهكذا إذا كان قد زار هو وامرأته قومًا فرأى من الأحوال ما كره أن تقيم تلك المرأة عندهم فحلف أنه لا يقيم، ولا يسكن، وقصد على تلك الحال، أو كان سبب اليمين يدل على ذلك.
وأما إن كان قد نوى العموم بحيث قصد أنه لا يقعد عندهم ولا يساكنهم بحال، فإنه لا يحنث بالقعود. وإن أطلق اليمين ففيه نزاع مشهور بين العلماء. وحيث يحنث بالقعود فإنه إذا كان القعود الذي قصده هو السكنى لم يحنث بأكثر من طلقة، إلا أن يقصد أكثر من ذلك، كما لو كرر اليمين بالله على فعل واحد لم يلزمه إلا كفارة واحدة على الصحيح.
وإن كان القعود داخلاً في ضمن السكنى ـ كما هو ظاهر اللفظ المطلق ـ فهذه المسألة تداخل الصفات، كما لو قال: إن أكلت تفاحة واحدة، فقد قيل: تقع طلقتان؛ لوجود الصفتين. وقيل: لا يقع إلا طلقة واحدة أيضًا. وهو أقوى، فإن المفهوم من هذا الكلام أنك طالق سواء أكلت تفاحة كاملة أو نصفها، وكذلك إذا قال: إن قعدت. فالقعود لفظ مشترك يراد به السكنى مشتملاً على العقود، ويكون /أولاً حلف أنه لا يقعد، ثم حلف على ما هو أعم من ذلك وهو السكنى فإذا سكن كان الأول بعض الثاني، فلا يقع أكثر من طلقة إذا قيل بوقوع الطلاق عليه على أقوى القولين.
وأما قوله: [أنت علي حرام]، فإن حلف ألا يفعل شيئًا ففعله؛ فعليه كفارة يمين. وإن لم يحلف بل حرمها تحريماً، فهذا عليه كفارة ظهار، ولا يقع به طلاق في الصورتين. وهذا قول جمهور أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة المسلمين، يقولون: إن الحرام لا يقع به طلاق إذا لم ينوه، كما روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم. وإن كان من متأخرى أتباع بعض الأئمة من زعم أن هذا اللفظ قد صار بحكم العرف صريحاً في الطلاق، فهذا ليس من قول هؤلاء الأئمة المتبوعين.
وقد كانوا في أول الإسلام يرون لفظ الظهار صريحاً في الطلاق وهو قوله: أنت على كظهر أمي، حتى تظاهر أوس بن الصامت من امرأته المجادلة، التي ثبت حكمها فيما أنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1]، وأفتاها النبي صلى الله عليه وسلم أولاً بالطلاق، حتى نسخ الله ذلك، وجعل الظهار موجباً للكفارة، ولو نوى به الطلاق.
/والحرام نظير الظهار؛ لأن ذلك تشبيه لها بالمحرمة، وهذا نطق بالتحريم، وكلاهما منكر من القول وزور، فقد دل كتاب الله على أن تحريم الحلال يمين بقوله: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 1، 2]، مع أن هذا ليس موضع بسط ذلك.
وأما تقليد المستفتي للمفتي فالذي عليه الأئمة الأربعة وسائر أئمة العلم أنه ليس على أحد ولا شرع له التزام قول شخص معين في كل ما يوجبه ويحرمه ويبيحه، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن منهم من يقول: على المستفتي أن يقلد الأعلم الأروع ممن يمكنه استفتاؤه. ومنهم من يقول: بل يخير بين المفتين. وإذا كان له نوع تمييز، فقد قيل: يتبع أي القولين أرجح عنده بحسب تمييزه، فإن هذا أولى من التخيير المطلق. وقيل: لا يجتهد إلا إذا صار من أهل الاجتهاد. والأول أشبه. فإذا ترجح عند المستفتي أحد القولين؛ إما لرجحان دليله بحسب تمييزه، وإما لكون قائله أعلم وأروع، فله ذلك، وإن خالف قوله المذهب.
عدد المشاهدات *:
464580
464580
عدد مرات التنزيل *:
263368
263368
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013