اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 17 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?????? ???????????????????? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

يحب

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى
الجزء الثامن
خلافة يزيد بن معاوية
قصة الحسين بن على وسبب خروجه من مكة فى طلب الإمارة وكيفية مقتله
البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى
ولنبدأ قبل ذلك بشىء من ترجمته ثم نتبع الجميع بذكر مناقبه وفضائله
هو الحسين بن على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم أبو عبد الله القرشى الهاشمى السبط الشهيد بكربلاء ابن بنت رسول الله ص فاطمة الزهراء وريحانته من الدنيا ولد بعد أخيه الحسن وكان مولد الحسن فى سنة ثلاث من الهجرة وقال بعضهم إنما كان بينهما طهر واحد ومدة الحمل وولد لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع وقال قتادة ولد الحسين لست سنين وخمسة أشهر ونصف من التاريخ وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء فى المحرم سنة إحدى وستين وله
أربع وخمسون سنة وستة أشهر ونصف رضى الله عنه وروى عن النبى ص أنه حنكة وتفل فى فيه ودعا له وسماه حسينا وقد كان سماه أبوه قبل ذلك حربا وقيل جعفرا وقيل إنما سماه يوم سابعه وعق عنه وقال جماعة عن إسرائيل عن أبى إسحاق عن هانىء بن هانىء عن على رضى الله عنه قال الحسن أشبه برسول الله ص ما بين الصدر إلى الرأس والحسين أشبه به ما بين أسفل من ذلك وقال الزبير بن بكار حدثنى محمد بن الضحاك الحزامى قال كان وجه الحسن يشبه وجه رسول الله ص وكان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله ص وروى محمد بن سيرين وأخته حفصة عن أنس قال كنت عند ابن زياد فجىء برأس الحسين فجعل يقول بقضيب فى أنفه ويقول ما رأيت مثل هذا حسنا فقلت له إنه كان من أشبههم برسول الله ص وقال سفيان قلت لعبيد الله بن أبى زياد رأيت الحسين قال نعم أسود الرأس واللحية إلا شعرات ههنا فى مقدم لحيته فلا ادرى أخضب وترك ذلك المكان تشبها برسول الله ص أولم يكن شاب منه غير ذلك وقال ابن جريج سمعت عمر بن عطاء قال رأيت الحسين بن على يصبغ بالوشمة أما هو فكان ابن ستين سنة وكان رأسه ولحيته شديدى السواد فأما الحديث الذى روى من طريقين ضعيفين أن فاطمة سألت رسول الله ص فى مرض الموت أن ينحل ولديها شيئا فقال أما الحسن فله هيبتى وسؤددى وأما الحسين فله جرأتى وجودى فليس بصحيح ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب المعتبرة وقد أدرك الحسين من حياة النبى ص خمس سنين او نحوها وروى عنه أحاديث وقال مسلم بن الحجاج له رؤية من النبى ص وقد روى صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه أنه قال فى الحسن بن على إنه تابعى ثقة وهذا غريب فلأن يقول فى الحسين إنه تابعى بطريق الأولى
وسنذكر ما كان رسول الله ص يكرمهما به وما كان يظهر من محبتهما والحنو عليهما والمقصود أن الحسين عاصر رسول الله ص وصحبه إلى أن توفى وهو عنه راض ولكنه كان صغيرا ثم كان الصديق يكرمه ويعظمه وكذلك عمر وعثمان وصحب أباه وروى عنه وكان معه فى مغازيه كلها فى الجمل وصفين وكان معظما موقرا ولم يزل فى طاعة أبيه حتى قتل فلما آلت الخلافة إلى أخيه وأراد أن يصالح شق ذلك عليه ولم يسدد رأى أخيه فى ذلك بل حثه على قتال أهل الشام فقال له أخوه والله لقد هممت أن أسجنك فى بيت وأطبق عليك بابه حتى أفرغ من هذا الشأن ثم أخرجك فلما رأى الحسين ذلك سكت وسلم فلما استقرت الخلافة لمعاوية كان الحسين يتردد إليه مع أخيه الحسن فيكرمهما معاوية إكراما زائدا ويقول لهما مرحبا وأهلا ويعطيهما عطاء جزيلا وقد أطلق لهما فى يوم واحد مائتى ألف وقال خذاها وأنا ابن هند والله
لا يعطيكماها أحد قبلى ولا بعدى فقال الحسين والله لن تعطى أنت ولا أحد قبلك ولا بعدك رجلا أفضل منا ولما توفى الحسن كان الحسين يفد إلى معاوية فى كل عام فيعطيه ويكرمه وقد كان فى الجيش الذين غزوا القسطنطينية مع ابن معاوية يزيد فى سنة إحدى وخمسين ولما أخذت البيعة ليزيد فى حياة معاوية كان الحسين ممن امتنع من مبايعته هو وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبى بكر وابن عمر وابن عباس ثم مات ابن أبى بكر وهو مصمم على ذلك فلما مات معاوية سنة ستين وبويع ليزيد بايع ابن عمر وابن عباس وصمم على المخالفة الحسين وابن الزبير وخرجا من المدينة فارين إلى مكة فأقاما بها فعكف الناس على الحسين يفدون إليه ويقدمون عليه ويجلسون حواليه ويستمعون كلامه حين سمعوا بموت معاوية وخلافة يزيد واما ابن الزبير فانه لزم مصلاه عند الكعبة وجعل يتردد فى غبون ذلك إلى الحسين فى جملة الناس ولا يمكنه أن يتحرك بشىء مما فى نفسه مع وجود الحسين لما يعلم من تعظيم الناس له وتقديمهم إياه عليه غير أنه قد تعينت السرايا والبعوث إلى مكة بسببه ولكن أظفره الله بهم كما تقدم آنفا فانقشعت السرايا عن مكة مفلولين وانتصر عبد الله بن الزبير على من أراد هلاكه من اليزيديين وضرب أخاه عمرا وسجنه واقتص منه وأهانه وعظم شأن ابن الزبير عند ذلك ببلاد الحجاز واشتهر أمره وبعد صيته ومع هذا كله ليس هو معظما عند الناس مثل الحسين بل الناس إنما ميلهم إلى الحسين لانه السيد الكبير وابن بنت رسول الله ص فليس على وجه الأرض يومئذ احد يساميه ولا يساويه ولكن الدولة اليزيدية كانت كلها تناوئه
وقد كثر ورود الكتب عليه من بلاد العراق يدعونه إليهم وذلك حين بلغهم موت معاوية وولاية يزيد ومصير الحسين إلى مكة فرارا من بيعة يزيد فكان أول من قدم عليه عبد الله بن سبع الهمذانى وعبد الله بن وال معمها كتاب فيه السلام والتهنئة بموت معاوية فقدما على الحسين لعشر مضين من رمضان من هذه السنة ثم بعثوا بعدهما نفرا منهم قيس بن مسهر الضدائى وعبد الرحمن بن عبد الله بن الكوا الأرحبى وعمارة بن عبد الله السلولى ومعهم نحو من مائة وخمسين كتابا إلى الحسين ثم بعثوا هانىء بن هانىء السبيعى وسعيد بن عبد الله الحنفى ومعهما كتاب فيه الاستعجال فى السير إليهم وكتب إليه شيث بن ربعى وحجار بن أبجر ويزيد بن الحارث ابن رويم وعمرو بن حجاج الزبيدى ومحمد بن عمر بن يحيى التميمى اما بعد فقد أخضرت الجنان وأينعت الثمار ولطمت الجمام فاذا شئت فأقدم على جند لك مجندة والسلام عليك فاجتمعت الرسل كلها بكتبها عند الحسين وجعلوا يستحثونه ويستقدمونه عليهم ليبايعوه عوضا عن يزيد بن معاوية ويذكرون فى كتبهم أنهم فرحوا بموت معاوية وينالون منه ويتكلمون فى دولته وانهم
لما يبايعوا أحدا إلى الآن وأنهم ينتظرون قدومك إليهم ليقدموك عليهم فعند ذلك بعث ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبى طالب إلى العراق ليكشف له حقيقة هذا الأمر والاتفاق فان كان متحتما وامرا حازما محكما بعث إليه ليركب فى أهله وذويه ويأتى الكوفة ليظفر بمن يعاديه وكتب معه كتابا إلى أهل العراق بذلك فلما سار مسلم من مكة اجتاز بالمدينة فأخذ منها دليلين فسارا به على برارى مهجورة المسالك فكان أحد الدليلين منهما أول هالك وذلك من شدة العطش وقد أضلوا الطريق فهلك الدليل الواحد بمكان يقال له المضيق من بطن خبت فتطير به مسلم بن عقيل فتلبث مسلم على ما هنالك ومات الدليل الآخر فكتب إلى الحسين يستشيره فى أمره فكتب إليه يعزم عليه ان يدخل العراق وأن يجتمع بأهل الكوفة ليستعلم أمرهم ويستخبر خبرهم
فلما دخل الكوفة نزل على رجل يقال له مسلم بن عوسجة الأسدى وقيل نزل فى دار المختار ابن أبى عبيد الثقفى فالله أعلم فتسامع أهل الكوفة بقدومه فجاؤا إليه فبايعوه على إمرة الحسين وحلفوا له لينصرنه بأنفسهم وأموالهم فاجتمع على بيعته من أهلها اثنا عشر ألفا ثم تكاثروا حتى بلغوا ثمانية عشر ألفا فكتب مسلم إلى الحسين ليقدم عليها فقد تمهدت له البيعة والأمور فتجهز الحسين من مكة قاصدا الكوفة كما سنذكره وانتشر خبرهم حتى بلغ أمير الكوفة النعمان بن بشير خبره رجل بذلك فجعل يضرب عن ذلك صفحا ولا يعبأ به ولكنه خطب الناس ونهاهم عن الاختلاف والفتنة وأمرهم بالائتلاف والسنة وقال إنى لا أقاتل من لا يقاتلنى ولا أثب على من لا يثب على ولا آخذكم بالظنة ولكن والله الذى لا إله إلا هو لئن فارقتم إمامكم ونكثتم بيعته لأقاتلنكم ما دام فى يدى من سيفى قائمته فقام إليه رجل يقال له عبد الله بن مسلم بن شعبة الحضرمى فقال له إن هذا الأمر لا يصلح إلا بالغشمة وإن الذى سلكته أيها الأمير مسلك المستضعفين فقال له النعمان لأن أكون من المستضعفين فى طاعة الله أحب إلى من أن أكون من الأقوياء الأعزين فى معصية الله ثم نزل فكتب ذلك الرجل إلى يزيد يعلمه بذلك وكتب إلى يزيد عمارة ابن عقبة وعمرو بن سعد بن أبى وقاص فبعث يزيد فعزل النعمان عن الكوفة وضمها إلى عبيد الله ابن زياد مع البصرة وذلك باشارة سرجون مولى يزيد بن معاوية وكان يزيد يستشيره فقال سرجون أكنت قابلا من معاوية ما أشار به لو كان حيا قال نعم قال فاقبل منى فانه ليس الكوفة إلا عبيد الله بن زياد فوله إياها وكان يزيد يبغض عبيد الله بن زياد وكان يريد أن يعزله عن البصرة فولاه البصرة والكوفة معا لما يريده الله به وبغيره
ثم كتب يزيد إلى ابن زياد إذا قدمت الكوفة فاطلب مسلم بن عقيل فان قدرت عليه فاقتله أو أنفه وبعث الكتاب مع العهد مع مسلم بن عمرو الباهلى فسار ابن زياد من البصرة إلى
الكوفة فلما دخلها متلثما بعمامة سوداء فجعل لا يمر بملأ من الناس إلا قال سلام عليكم فيقولون وعليكم السلام مرحبا بابن رسول الله يظنون أنه الحسين وقد كانوا ينتظرون قدومه وتكاثر الناس عليه ودخلها فى سبعة عشر راكبا فقال لهم مسلم بن عمرو من جهه يزيد تأخروا هذا الأمير عبيد الله بن زياد فلما علموا ذلك علتهم كآبة وحزن شديد فتحقق عبيد الله الخبر ونزل قصر الأمارة ؟ ؟ من الكوفة فلما استقر امره أرسل مولى أبى رهم وقيل كان مولى له يقال له معقل ومعه ثلاثة آلاف درهم في صورة قاصد من بلاد حمص وأنه إنما جاء لهذه البيعة فذهب ذلك المولى فلم يزل يتلطف ويستدل على الدار التى يبايعون بها مسلم بن عقيل حتى دخلها وهى دار هانىء بن عروة التى تحول إليها من الدار الأولى فبايع وأدخلوه على مسلم بن عقيل فلزمهم أياما حتى اطلع على جلية أمرهم فدفع المال إلى أبى ثمامة العامرى بأمر مسلم بن عقيل وكان هو الذى يقبض ما يؤتى به من الأموال ويشترى السلاح وكان من فرسان العرب فرجع ذلك المولى وأعلم عبيد الله بالدار وصاحبها وقد تحول مسلم بن عقيل إلى دار هانىء بن حميد بن عروة المرادى ثم إلى دار شريك بن الأعور وكان من الأمراء الأكابر وبلغه أن عبيد الله يريد عيادته فبعث إلى هانىء يقول له بعث مسلم بن عقيل حتى يكون فى دارى ليقتل عبيد الله إذا جاء يعودنى فبعثه إليه فقال له شريك كن أنت فى الخباء فاذا جلس عبيد الله فأنى أطلب الماء وهى إشارتى إليك فاخرج فاقتله فلما جاء عبيد الله جلس على فراش شريك وعنده هانىء بن عروة وقام من بين يديه غلام يقال له مهران فتحدث عنده ساعة ثم قال شريك اسقونى فتجبن مسلم عن قتله وخرجت جارية بكوز من ماء فوجدت مسلما فى الخباء فاستحيت ورجعت بالماء ثلاثا ثم قال اسقونى ولو كان فيه ذهاب نفسى أتحموننى من الماء ففهم مهران الغدر فغمز ملاه فنهض سريعا وخرج فقال شريك أيها الأمير إنى أريد أن أوصى إليك فقال سأعود فخرج به مولاه فأركبه وطرد به أى ساق به وجعل يقول له مولاه إن القوم أرادوا قتلك فقال ويحك إنى بهم لرفيق فما بالهم وقال شريك لمسلم ما منعك أن تخرج فتقتله قال حديث بلغنى عن رسول الله ص أنه قال الايمان ضد الفتك لا يفتك مؤمن وكرهت أن أقتله فى بيتك فقال أم لو قتلته لجلست فى القصر لم يستعد منه أحد وليكفينك أمر البصرة ولو قتلته لقتلت ظالما فاجرا ومات شريك بعد ثلاث
ولما انتهى ابن زياد إلى باب القصر وهو متلثم ظنه النعمان بن بشير الحسين قد قدم فأغلق باب القصر وقال ما أنا بمسلم إليك أمانتى فقال له عبيد الله افتح لافتحته ففتح وهو يظنه الحسين فلما تحقق أنه عبيد الله أسقط فى يده فدخل عبيد الله إلى قصر الامارة وامر مناديا فنادى إن الصلاة جامعة فاجتمع الناس فخرج إليهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فان
امير المؤمنين قد ولانى امركم وثغركم وفيأكم وامرنى بأنصاف مظلومكم وإعطاء محرومكم والاحسان إلى سامعكم ومطيعكم والشدة على مريبكم وعاصيكم وإنما أنا ممتثل فيكم أمره ومنفذ عهده ثم نزل وامر العرفاء أن يكتبوا من عندهم من الزورية وأهل الريب والخلاف والشقاق وأيما عريف لم يطلعنا على ذلك صلب أو نفى واسقطت عرافته من الديوان وكان هانىء أحد الامراء الكبار ولم يسلم على عبيد الله منذ قدم وتمارض فذكره عبيد الله وقال ما بال هانىء لم يأتنى مع الامراء فقالوا أيها الامير إنه يشتكى فقال إنه بلغنى أنه يجلس على باب داره وزعم بعضهم أنه عاده قبل شريك بن الأعور ومسلم بن عقيل عنده وقد هموا بقتله فلم يمكنهم هانىء لكونه فى داره فجاء الامراء إلى هانىء بن عروة فلم يزالوا به حتى أدخلوه على عبيد الله بن زياد فالتفت عبيد الله إلى القاضى فقال متمثلا بقول الشاعر
أريد حياته ويريد قتلى * عذيرك من خليلك من مراد
فلما سلم هانىء على عبيد الله قال يا هانىء أين مسلم بن عقيل قال لا أدرى فقام ذلك المولى التميمى الذى دخل دار هانىء في صورة قاصد من حمص فبايع فى داره ودفع الدراهم بحضرة هانىء إلى مسلم فقال أتعرف هذا قال نعم فلما رآه هانىء قطع وأسقط فى يده فقال أصلح الله الامير والله ما دعوته إلى منزلى ولكنه جاء فطرح نفسه على فقال عبيد الله فأتنى به فقال والله لو كان تحت قدمى ما رفعتها عنه فقال أدنوه منى فأدنوه فضربه بحربة على وجهه فشجه على حاجبه وكسر أنفه وتناول هانىء سيف شرطى ليسله فدفع عن ذلك وقال عبيد الله قد أحل الله لى دمك لانك حرورى ثم أمر به فحبسه فى جانب الدار وجاء قومه من بنى مذحج مع عمرو بن الحجاج فوقفوا على باب القصر يظنون أنه قد قتل فسمع عبيد الله لهم جلبة فقال لشريح القاضى وهو عنده اخرج إليهم فقل لهم إن الامير لم يحبسه إلا ليسأله عن مسلم بن عقيل فقال لهم إن صاحبكم حى وقد ضربه سلطاننا ضربا لم يبلغ نفسه فانصرفوا ولا تحلوا بأنفسكم ولا بصاحبكم فتفرقوا إلى منازلهم وسمع مسلم بن عقيل الخبر فركب ونادى بشعاره يا منصور امت وفاجتمع ؟ ؟ إليه أربعة آلاف من أهل الكوفة وكان معه المختار بن أبى عبيد ومعه راية خضراء عبد الله بن نوفل بن الحارث براية حمراء فرتبهم ميمنة وميسرة وسار هو فى القلب إلى عبيد الله وهو يخطب الناس فى أمر هانىء ويحذرهم من الاختلاف وأشراف الناس وأمراؤهم تحت منبره فبينما هو كذلك إذ جاءت النظارة يقولون جاء مسلم بن عقيل فبادر عبيد الله فدخل القصر ومن معه وأغلقوا عليهم الباب فلما انتهى مسلم إلى باب القصر وقف بجيشه هناك فأشرف أمراء القبائل الذين عند عبيد الله فى القصر فأشاروا إلى قومهم الذين مع مسلم بالانصراف وتهددوهم وتوعدوهم
وأخرج عبيد الله بعض الامراء وامرهم أن يركبوا فى الكوفة يخذلون الناس عن مسلم بن عقيل ففعلوا ذلك فجعلت المرأة تجىء إلى ابنها وأخيها وتقول له ارجع إلى البيت الناس يكفونك ويقول الرجل لابنه وأخيه كأنك غدا بجنود الشام قد أقبلت فماذا تصنع معهم فتخاذل الناس وقصروا وتصرموا وانصرفوا عن مسلم بن عقيل حتى لم يبق إلا فى خمسمائة نفس ثم تقالوا حتى بقى فى ثلاثمائة ثم تقالوا حتى بقى معه ثلاثون رجلا فصلى بهم المغرب وقصد أبواب كندة فخرج منها فى عشرة ثم انصرفوا عنه فبقى وحده ليس معه من يدله على الطريق ولا من يؤانسه بنفسه ولا من يأويه إلى منزله فذهب على وجهه واختلط الظلام وهو وحده يتردد فى الطريق لا يدرى أين يذهب فأتى بابا فنزل عنده وطرقه فخرجت منه امرأة يقال لها طوعة كانت أم ولد للأشعث بن قيس وقد كان لها ابن من غيره يقال له بلال بن أسيد خرج من الناس وأمه قائمة بالباب تنتظره فقال لها مسلم بن عقيل اسقنى ماء فسقته ثم دخلت وخرجت فوجدته فقالت ألم تشرب قال بلى قالت فاذهب إلى أهلك عافاك الله فانه لا يصلح لك الجلوس على بابى ولا أجمله لك فقام فقال يا أمة الله ليس لى فى هذا البلد منزل ولا عشيرة فهل إلى أجر ومعروف وفعل نكافئك به بعد اليوم فقالت يا عبد الله وما هو قال أنا مسلم بن عقيل كذبنى هؤلاء القوم وغرونى فقالت أنت مسلم قال نعم قالت ادخل فأدخلته بيتا من دارها غير البيت الذى يكون فيه وفرشت له وعرضت عليه العشاء فلم يتعش فلم يكن بأسرع من أن جاء ابنها فرآها تكثر الدخول والخروج فسألها عن شأنها فقالت يا بنى اله عن هذا فألح عليها فأخذت عليه أن لا يحدث أحدا فأخبرته خبر مسلم فاضطجع إلى الصباح ساكتا لا يتكلم وأما عبيد الله بن زياد فانه نزل من القصر بمن معه من الامراء والاشراف بعد العشاء الآخرة فصلى بهم العشاء فى المسجد الجامع ثم خطبهم وطلب منهم مسلم بن عقيل وحث على طلبه ومن وجد عنده ولم يعلم به فدمه هدر ومن جاء به فله ديته وطلب الشرط وحثهم على ذلك وتهددهم فلما أصبح ابن تلك العجوز ذهب إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فأعلمه بأن مسلم بن عقيل فى دارهم فجاء عبد الرحمن فسار أباه بذلك وهو عند ابن زياد فقال ابن زياد ما الذى سارك به فأخبره الخبر فنخس بقضيب فى جنبه وقال قم فأتنى به الساعة وبعث ابن زياد عمر بن حريث المخزومى وكان صاحب شرطته ومعه عبد الرحمن ومحمد بن الأشعث فى سبعين أو ثمانين فارسا فلم يشعر مسلم إلا وقد أحيط بالدار التى هو فيها فدخلوا عليه فقام إليهم بالسيف فأخرجهم من الدار ثلاث مرات وأصيبت شفته العليا والسفلى ثم جعلوا يرمونه بالحجارة ويلهبون النار فى أطناب القصب فضاق بهم ذرعا فخرج إليهم بسيفه فقاتلهم فأعطاه عبد الرحمن الأمان فأمكنه من يده وجاؤا ببغلة فأركبوه عليها وسلبوا عنه سيفه فلم يبق يملك من نفسه شيئا فبكى عند ذلك وعرف أنه مقتول
فيئس من نفسه وقال إنا لله وإنا إليه راجعون فقال بعض من حوله إن من يطلب مثل الذى تطلب لا يبكى إذا نزل به هذا فقال أما والله لست أبكى على نفسى ولكن أبكى على الحسين وآل الحسين إنه قد خرج إليكم اليوم أو أمس من مكة ثم التفت إلى محمد بن الأشعث فقال إن استطعت أن تبعث إلى الحسين على لسانى تأمره بالرجوع فافعل فبعث محمد بن الأشعث إلى الحسين يأمره بالرجوع فلم يصدق الرسول فى ذلك وقال كل ما حم الاله واقع قالوا ولما انتهى مسلم بن عقيل الى باب القصر إذا على بابه جماعة من الامراء من أبناء الصحابة ممن يعرفهم ويعرفونه ينتظرون أن يؤذن لهم على ابن زياد ومسلم مخضب بالدماء فى وجهه وثيابه وهو مثخن بالجراح وهو فى غاية العطش وإذا قلة من ماء بارد هنالك فأراد أن يتناولها ليشرب منها فقال له رجل من أولئك والله لا تشرب منها حتى تشرب من الحميم فقال له ويلك يا ابن ناهلة أنت أولى بالحميم والخلود فى نار الجحيم منى ثم جلس فتساند إلى الحائط من التعب والكلال واالعطش فبعث عمارة بن عقبة بن أبى معيط مولى له إلى داره فجاء بقلة عليها منديل ومعه قدح فجعل يفرغ له فى القدح ويعطيه فيشرب فلا يستطيع أن يسيغه من كثرة الدماء التى تعلو على الماء مرتين أو ثلاثا فلما شرب سقطت ثناياه مع الماء فقال الحمد لله لقد كان بقى لى من الرزق المقسوم شربة ماء ثم ادخل على ابن زياد فلما وقف بين يديه لم يسلم عليه فقال له الحرسى ألا تسلم على الأمير فقال لا إن كان يريد قتلى فلا حاجة لى بالسلام عليه وإن لم يرد قتلى فسأسلم عليه كثيرا فأقبل ابن زياد عليه فقال أيه يا ابن عقيل أتيت الناس وأمرهم جميع وكلمتهم واحدة لتشتتهم وتفرق كلمتهم وتحمل بعضهم على قتل بعض قال كلا لست لذلك أتيت ولكن أهل المصر زعموا أن أباك قتل خيارهم وسفك دماءهم وعمل فيهم أعمال كسرى وقيصر فأتيناهم لنأمر بالعدل وندعو إلى حكم الكتاب قال وما أنت وذاك يا فاسق لم لا كنت تعمل بذلك فيهم إذ أنت بالمدينة تشرب الخمر فقال أنا أشرب الخمر والله إن الله ليعلم أنك غير صادق وأنك قلت بغير علم وأنت أحق بذلك منى فانى لست كما ذكرت وإن أولى بها منى من يلغ فى دماء المسلمين ولغا ويقتل النفس التى حرم الله بغير نفس ويقتل على الغضب والظن وهو يلهو ويلعب كأنه لم يصنع شيئا فقال له ابن زياد يا فاسق إن نفسك تمنيك ما حال الله دونك ودونه ولم يرك أهله قال فمن أهله يا ابن زياد قال أمير المؤمنين يزيد قال الحمد لله على كل حال رضينا بالله حكما بيننا وبينكم قال كأنك تظن أن لكم فى الامر شيئا قال لا والله ما هو بالظن ولكنه اليقين قال له قتلنى الله إن لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد فى الاسلام من الناس قال أما إنك أحق من أحدث فى الاسلام ما لم يكن فيه
أما إنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السيرة المكتسبة عن كتابكم وجهالكم وأقبل ابن زياد يشتمه ويشتم حسينا وعليا ومسلم ساكت لا يكلمه رواه ابن جرير عن أبى مخنف وغيره من رواة الشيعة ثم قال له ابن زياد إنى قاتلك قال كذلك قال نعم قال فدعنى أوصى إلى بعض قومى قال أوص فنظر فى جلسائه وفيهم عمر بن سعد بن أبى وقاص فقال يا عمر إن بينى وبينك قرابة ولى إليك حاجة وهى سر فقم معى إلى ناحية القصر حتى أقولها لك فأبى أن يقوم معه حتى أذن له ابن زياد فقام فتنحى قريبا من ابن زياد فقال له مسلم إن على دينا فى الكوفة سبعمائة درهم فاقضها عنى واستوهب جثتى من ابن زياد فوارها وابعث إلى الحسين فانى كنت كتبت إليه أن الناس معه ولا أراه إلا مقبلا فقام عمر فعرض على ابن زياد ما قال له فأجاز ذلك له كله وقال أما الحسين فانه لم يردنا لا نرده وإن أرادنا لم نكف عنه ثم أمر ابن زياد بمسلم بن عقيل فأصعد إلى أعلا القصر وهو يكبر ويهلل ويسبح ويستغفر ويصلى على ملائكة الله ويقول اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وخذلونا ثم ضرب عنقه رجل يقال له بكير ابن حمران ثم ألقى رأسه إلى أسفل القصر وأتبع رأسه بجسده ثم أمر بهانىء بن عروة المذحجى فضربت عنقه بسوق الغنم وصلب بمكان من الكوفة يقال له الكناسة فقال رجل شاعر فى ذلك قصيدة
فان كنت لا تدرين ما الموت فانظرى * إلى هانىء فى السوق وابن عقيل
أصابهما أمر الامام فأصبحا * أحاديث من يغشى بكل سبيل
إلى بطل قد هشم السيف وجهه * وآخر يهوى فى طمار قتيل
ترى جسدا قد غير الموت لونه * ونضح دم قد سال كل مسيل
فان أنتم لم تثأروا بأخيكم * فكونوا بغيا أرضيت بقليل
ثم إن ابن زياد قتل معهما أناسا آخرين ثم بعث برؤسهما إلى يزيد بن معاوية إلى الشام وكتب له كتابا صورة ما وقع من أمرهما
وقد كان عبيد الله قبل أن يخرج من البصرة بيوم خطب أهلها خطبة بليغة ووعظهم فيها وحذرهم وأنذرهم من الاختلاف والفتنة والتفرق وذلك لما رواه هشام بن الكلبى وأبو مخنف عن الصقعب بن زهير عن أبى عثمان النهدى قال بعث الحسين مع مولى له يقال له سلمان كتابا إلى أشراف أهل البصرة فيه أما بعد فان الله اصطفى محمدا على خلقه واكرمه بنبوته واختاره لرسالته ثم قبضه إليه وقد نصح لعباده وبلغ ما أرسل به وكنا أهله واولياءه وورثته وأحق الناس به وبمقامه
فى الناس فاستأثر علينا قومنا بذلك فرضينا وكرهنا الفرقة وأحببنا العافية ونحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه وقد أحسنوا وأصلحوا وتحروا الحق فرحمهم الله وغفر لنا ولهم وقد بعثت إليكم بهذا الكتاب وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه فان السنة قد أميتت وإن البدعة قد أحييت فتسمعوا قولى وتطيعوا أمرى فان فعلتم أهدكم سبيل الرشاد والسلام عليكم ورحمة الله وعندى فى صحة هذا عن الحسين نظر والظاهر أنه مطرز بكلام مريد من بعض رواة الشيعة قال فكل من قرأ ذلك من الأشراف كتمه إلا المنذر بن الجارود فانه ظن أنه دسيسة من ابن زياد فجاء به إليه فبعث خلف الرسول الذى جاء به من حسين فضرب عنقه وصعد عبيد الله ابن زياد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فوالله ما بى تقرن الصعبة وما يقعقع لى بالشنان وإنى لنكال لمن عادانى وسهام لمن حاربنى أنصف القارة من رماها يا أهل البصرة إن أمير المؤمنين ولانى الكوفة وأنا غاد إليها الغداة وقد استخلفت عليكم عثمان بن زياد بن أبى سفيان وإياكم والخلاف والارجاف فوالذى لا إله غيره لئن بلغنى عن رجل منكم خلاف لأقتلنه وعريفه ووليه ولآخذن الأدنى بالأقصى حتى يستقيم لى الأمر ولا يكن فيكم مخالف ولا مشاقق أنا ابن زياد أشتهته من بين وطىء الحصى ولم يتنزعنى شبه خال ولا عم ثم خرج من البصرة ومعه مسلم ابن عمرو الباهلى فكان من أمره ما تقدم
قال أبو مخنف عن الصقعب بن زهير عن عون بن جحيفة قال كان مخرج مسلم بن عقيل بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذى الحجة وقتل يوم الأربعاء لتسع مضين من ذى الحجة وذلك يوم عرفة سنة ستين وكان ذلك بعد مخرج الحسين من مكة قاصدا أرض العراق بيوم واحد وكان خروج الحسين من المدينة إلى مكة يوم الأحد لليلتين بقيتا من رجب سنة ستين ودخل مكة ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان فأقام بمكة بقية شعبان ورمضان وشوال والقعدة وخرج من مكة لثمان مضين من ذى الحجة يوم الثلاثاء يوم التروية وفى رواية ذكرها ابن جرير أن مسلم بن عقيل لما بكى قال له عبيد الله بن عباس السلمى إن من يطلب مثل ما تطلب لا يبكى إذ انزل به مثل الذى نزل بك قال إنى والله ما لنفسى أبكى ومالها من القتل أرثى وإن كنت لم أحب لها طرفة عين تلفا ولكننى أبكى لأهلى المقبلين إلى الكوفة أبكى الحسين وآل حسين ثم أقبل على محمد بن الأشعث فقال يا عبد الله إنى والله أراك ستعجز عن أمانى فهل عندك خير تستطيع أن تبعث رجلا على لسانى يبلغ حسينا عنى رسالة فانى لا أراه إلا قد خرج إليكم اليوم أو غدا هو واهل بيته وإن ما تراه من جزعى لذلك فتقول له إن ابن عقيل بعثنى إليك وهو فى أيدى القوم
أسير لا يدرى أيصبح أم يمسى حتى يقتل وهو يقول لك ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة فانهم أصحاب أبيك الذى كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل أن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبونى وليس لكاذب رأى فقال ابن الاشعث والله لأفعلن ولأعلمن ابن زياد أنى قد أمنتك قال أبو مخنف فدعا محمد بن الأشعث إياس بن العباس الطائى من بنى مالك بن ثمامة وكان شاعرا فقال له اذهب فالق حسينا فأبلغه هذا الكتاب وكتب فيه الذى أمره به ابن عقيل ثم أعطاه راحلة وتكفل له بالقيام بأهله وداره فخرج حتى لقى الحسين بزبالة لأربع ليال من الكوفة فأخبره الخبر وأبلغه الرسالة فقال الحسين كل ما حم نازل عند الله نحتسب وأنفسنا وفساد أئمتنا ولما انتهى مسلم إلى باب القصر وأراد شرب الماء قال له مسلم بن عمرو الباهلى أتراها ما أبردها والله لا تذوقها أبدا حتى تذوق الحميم فى نار جهنم فقال ابن عقيل ويحك من أنت قال أنا من عرف الحق إذ أنكرته ونصح لامامه إذ غششته وسمع وأطاع إذ عصيت أنا مسلم بن عمرو الباهلى فقال له مسلم لأمك الويل ما أجفاك وأفظك وأغلظك يا ابن ناهلة أنت والله أولى بالحميم ونار الجحيم

عدد المشاهدات *:
307643
عدد مرات التنزيل *:
0
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى

روابط تنزيل : قصة الحسين بن على وسبب خروجه من مكة فى طلب الإمارة وكيفية مقتله
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  قصة الحسين بن على وسبب خروجه من مكة فى طلب الإمارة وكيفية مقتله لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى


@designer
1