اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الثلاثاء 9 رمضان 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ??? ???????? ???? ??? ???? ????? ?????? ???????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

يفقهه

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
اللغة العربية
قواعد اللغة العربية
اللغة العربية
سلسلة شرح المقدمة الآجرومية للشيخ حسن الحفظي
ذكر أقسام الكلام
اللغة العربية


اللغة العربية

الدرس الثالث من سلسلة شرح المقدمة الآجرومية للشيخ حسن الحفظي

الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على من أرسله الله رحمةً للعالمين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحابته أجمعين.
أيها الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نواصل بإذن الله تعالى شرح
ما يتيسر من الآجرومية.
انتقل المصنف إلى بينان أقسام الكلام، فقال: ( وأقسامه ثلاثة: اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ جاء لمعنى ).
( أقسامه ) الضمير يعود إلى الكلام، لأنه قبل قليل كان يعرف الكلام، فهو هنا قسم بالنظر إلى الكلام، بعض النحويين يقسم بالنظر إلى الكلم، فيقول: الكلم اسم وفعل وحرف، بعضهم يقسمه بالنظر إلى الكلمة فيقول: الكلمة اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ، أو بعضهم يرى: اسمٌ أو فعلٌ أو حرفٌ، والمسألة في هذا سهلةٌ والحمد لله.
يقول ( وأقسامه ثلاثة )، لماذا لم تكن أربعة؟ لماذا لم تكن اثنين؟ لماذا لم تكن أكثر؟ اختلف الناس في السبب في الاقتصار على هذه الثلاثة، فناس نظروا إلى المعنى، وناس نظروا إلى الاستقراء، فمنهم من يرى أنه باستقراء كلام العرب لم يوجد إلا هذه الأقسام الثلاثة، وناس نظروا إلى أن المعنى في الكلمة إن كان لها معنى في ذاتها غير مرتبطٍ بزمن فهي الاسمٌ، وإن كان لها معنى في ذاتها مرتبطٌ بزمن فهي الفعلٌ، وإن كان معناها فيما تدخل عليه فهي الحرف، فهذان قولان في سبب الاقتصار على هذا، بعضهم يرى أن السبب هو أنه لم يوجد في كلام العرب سوى هذه الأنواع الثلاثة، ولذلك اكتفى النحويون بالنظر فيها بالاستقراء، بعضهم يقول لا، بل المعنى للكلمة، إن كان لها معنى في نفسها مرتبط بالزمن فهي الفعل، غير مرتبطبالزمن في الاسم، ليس لها معنى في نفسها وإنما معناها فيما تدخل عليه في الحرف، وسيتبين إن شاء الله تعالى الحديث في ذلك تمام التَبَيُّن بإذن الله تعالى.
أنت إذا قلت "بيت" فإن هذه تدل على معنًى في نفسها غير مقترن بزمن فهي اسمٌ، فإذا قلت "أكرم" هذه تدل على معنى وهو الإكرام، لكنه مقترنٌ بزمن، فإذا قلت "إنَّ" هذه لا تدل على معنىً حتى تدخل على شيءٍ، "إنَّ الله غفورٌ رحيمٌ" حينئذٍ تبين معنى التأكيد والمراد في أي شيءٍ تؤكده، فدل على أن هذه الكلمة حرفٌ وليست اسمًا وليست فعلا، سيأتينا إن شاء الله في الفصول القادمة بعض الكلام فيما يتعلق إذا جاء عندنا كلام، كيف نميز أن هذه الكلمة اسم أو هذه الكلمة فعل أو هذه الكلمة حرف، فلكلٍ علامات ستتبين إن شاء الله تعالى فيما يلي من الأمور.
قال المؤلف: ( فالاسم يُعرف بالخفض ) وهذه عبارةٌ كما يقول صاحبكم إنها من عبارات الكوفيين، البصريون يعبرون بالجر مكان الخفض، ولا مشاحة في الاصطلاح، فهو عبر بالخفض بناءً على ما يعتبره الكوفيون، وسنجد أن بعض المسائل الأخرى اعتمد فيها المصنف رحمه الله على أراء الكوفيين وعلى مصطلحاتهم، قال: ( فالاسم يُعرف الخفض، والتنوين، ودخول الألف واللام ).
الحق أن هذه الثلاثة أمور أعظم ما يتميز به الاسم، ابن مالك جعلها خمسة، وغيره أوصلها عشرة، وربما زاد بعضهم، ابن مالك ماذا يقول؟
بالجر والتنوين والندا وال        ومسندٍ للاسم تمييزٌ حصل
يعني حصل تمييز الاسم بواحدةٍ من هذه العلامات، إذا وجدت الكلمة مجرورة فاعلم أنها اسم لأن الأفعال لا تجر والحروف لا تُجر، إذا وجدت أن الكلمة منونةً فاعلم أنها اسم، ولا يوجد التنوين في غير الأسماء، إذا وجدت الألف واللام داخلتين على كلمة فاعلم أنها اسم، سواءٌ كانت الـ هذه معرِّفة أو موصولة أو نحو ذلك فإنها لا تدخل إلا على الأسماء، وسنستثني بعض الاستثناءات سنذكرها إن شاء الله، أما كلام ابن مالك الذي قاله وهو إدخاله على علمتين أخريين وهما النداء والإسناد، فالنداء نحو قولك "يا عمر"، بل "يا الله"، تنادي ذا العزة والجلال بـ يا، فهذه إذا وجدت الكلمة مناداةً، مناداةً لأنه قد يدخل حرف النداء على غير الأسماء، لكنه في الحقيقة داخلٌ على مقدر، قال الله عزّ وجلّ ﴿ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 26] ، فدخلت على "ليت"، في الواقع أنهم أولوا هذا فقالوا إنها داخلةٌ على مُنادى مُقدر "يا سامعون ليت قومي يعلمون"، أو أن نقول هذه ليست حرف نداء، وإنما هي حرفٌ للتنبيه فقط وليست للنداء حتى تستمر قاعدتنا على ما هي عليه، فالنداء علامة من علامات الأسماء.
نعود نأخذها واحدةً واحدةً، ( الخفض )، ما المراد بالخفض؟ الخفض هو أن يكون الاسم مجرورا، بم يكون الجر؟ يكون بواحدٍ من حروفٍ الجر، وسيأتي بيانها إن شاء الله، أو يكون بالإضافة، أو يكون بالتبعية، وقد ذكرت في الحلقة الماضية أنها مجموعة كلها في قولك بســم الله الرحمٰن الرحيم، فكلمة "اسم" مجرورة بالباء، ولفظ الجلالة مجرورٌ بالإضافة، و"الرحمن" مجرورٌ بالتبعية، لأنه صفة لفظ الجلالة.
هل يعني دخول حرف الجر على الكلمة أنه لابد أن تكون اسمًا؟ الجواب لا، لأن حرف الجر قد يدخل في ظاهر اللفظ على غير الأسماء، كقولك مثلا "عجبت من أن حضر عبد الله"، فـ "من" حرف جر وقد دخلت على "أن"، و"أن" حرف وليست اسمًا، فهل هذا صحيح في ظاهر اللفظ؟ نعم، هي دخلت على، و"أن" ليست اسمًا وإنما هي حرف، لكن الواقع أنها دخلت على اسم، كيف هذا؟ أين هذا الاسم الذي تتحدث عنه؟ "أن" وما دخلت عليه تؤول المصدر، والمصدر اسم، فكأنك قلت "عجبت من حضور عبد الله"، فهي في الحقيقة داخلة على الاسم، لكن الاسم هذا مؤول، ولولا الحذف والتقدير والتأويل لعرف النحو كل واحد، فلابد أن تتنبهوا إلى مثل هذا.
إذًا دخول حرف الجر على الكلمة ليس دليلا قاطعًا على أن هذه الكلمة اسم، ولكن هو في حقيقة الأمر لو تدبرت الموضوع لوجدت أنه لا يدخل فعلا إلا على أسماء، سواءٌ كانت أسماء ظاهرة مثل "مررت بالرجل"، أو كانت مؤولةً كما ذكرنا لكم قبل قليل في قولك "عجبت من أن حضر محمد"، فيكون التقدير "عجبت من حضور محمد"، هذا هو الخفض أو الجر كما يعبر به البصريون.
( والتنوين )، التنوين يا أيها الأحباب هو نون ساكنة تلحق الآخر لفظًا لا خطًا لغير توكيد، هذا هو تعريف التنوين، "محمدٌ صالحٌ مجتهدٌ" "حاضرٌ" غائبٌ" "مسافرٌ" "بيتٌ" "دارٌ" إلى آخره، هذه كلها أسماء لأنه دخلها التنوين. يقسم النحويون التنوين أربعة أقسام:
القسم الأول: وهو أعظم أنواع التنوين دلالةً على اسمية الكلمة، هو المسمى بتنوين التمكين، وهو الداخل على الأسماء المعربة المنصرفة، كالأمثلة التي ذكرتها قبل قليل، "بابٌ" "دارٌ"، وهكذا.
القسم الثاني: هو تنوين التنكير، وهو الداخل على الأسماء المبنية للدلالة على تنكيرها، كقولك مثلا "مررت بسيبويه وسيبويهٍ آخر"، الثاني مجهول لك، أما سيبويه الأول غير منون فهو معرفة، فإذا أدخلت التنوين على كلمة مبنية للدلالة على أن هذه الكلمة نكرة وليست معروفة فاعلم أن هذا التنوين يُسمى بتنوين التنكير.
يقولون إذا قلت "إيهِ" فمعناها زدني من هذا الحديث الذي تتحدث به، وإذا قلت "إيهٍ" بالتنوين معناه زدني من أي حديث، وإذا قلت "صهْ" فأنت تقول له اسكت عن هذا الحديث فقط، فإذا قلت "صهً" فمعناه لا تتكلم بكلمة، يعني ما تقصد معنًى معينًا وإنما تقصد النهي عن كل شيءٍ، فمتى ما رأيت التنوين داخلا على كلمة مبنية فاعلم أنه للتنكير.
القسم الثالث: هو التنوين المسمى بتنوين المقابلة، وهو اللاحق بجمع المؤنث السالم في مقابلةٍ النون في مع المذكر السالم، تقول "مسلماتٌ" و"نظرتُ إلى مسلماتٍ" و"مررتُ بمسلماتٍ"، يقولون هذا التنوين اللاحق بجمع المؤنث السالم هو في مقابلة النون في جمع المذكر السالم، ولذلك سموه بتنوين المقابلة، فهو يلحق جمع المؤنث السالم.
القسم الرابع: تنوين العوض، هو ثلاثة أقسام:
1- إما تنوين عوض عن جملة، كقول الله عزّ وجلّ ﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴿4﴾ بِنَصْرِ اللَّهِ ﴾ [الروم: 4، 5]، وقوله الله عزّ وجلّ ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات: 24]، إذ الأصل أنها تُضاف إلى الجمل، فإذا حذفت المضاف إليه تُعوض عنه بالتنوين.
2- وتنوين العوض عن جملة يلحق بكلمتين فقط هما "إذ" و"إذا"، ومنهم بالنسبة لـ"إذا" قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 76]، يقولون التقدير لهذه الآية الكريمة ـ والله أعلم  ـ: "وإذا حصل ذلك لا يلبثون خلافك إلا قليلا"، فحُذفت جملة "حصل ذلك" وعُوِّض عنها بالتنوين، هذا تنوين العوض عن جملة.
3- أو تنوين عوض عن كلمة واحدة ، ففي ثلاث كلمات هي : كل ، وبعض ، وأي ، قال الله عزّ وجلّ ﴿ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [النساء: 25]، التقدير والله أعلم "بعضكم من بعضكم".
أما "أي" فشاهدها قول الله عزّ وجلّ ﴿ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الإسـراء: 110]، حُذف المضاف إليه وهو كلمة واحدة، ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، وقوله عزّ وجلّ ﴿ أَيًّا مَا تَدْعُوا ﴾ [الإسراء: 110] أي مدعوٍ أو اسمٍ أو نحو ذلك، الله أعلم كيف يكون تأويلها، لابد أن تكون متعلقةً بسياق الآية. المهم أن التنوين هنا عوضٌ عن كلمة واحدة.
أما "كل" فقولك "كلٌ يجتهد"، فالتقدير "كلنا يجتهد" مثلا، أو "كل رجلٍ يجتهد"، فحُذف المضاف إليه وعوِّض عنه بالتنوين، وهذا تنوين عوض عن كلمة.
4- أما التنوين الذي يأتي عوضًا عن حرفٍ واحد: فهو في نحو "غواشٍ" و"جوارٍ"، يقولون كلمة "غواشٍ" كما قال الله عزّ وجلّ ﴿ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ﴾ [الأعـراف: 41]، أصلها "غواشيُ" لأنها على وزن فواعل، وفواعل صيغة منتهى الجموع فهي ممنوعة من الصرف لعلةٍ واحدة، فاستثقلت ـ كما يقولون ـ الضمة على الياء فسكنت، ثم حُذفت الياء هذه وعُوِّض عنها التنوين، قال الله عزّ وجلّ ﴿ وَالْفَجْرِ ﴿1﴾ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2]، أصلها ـ والله أعلم ـ "ولياليُ"، تُستثقل الضمة أيضًا على الياء فتُحذف ثم تُحذف الياء ثم يُعوض عنها التنوين.
هذا هو تنوين العوض عن حرف.
إذًا تنوين العوض ثلاثة أنواع، تنوين عوض عن جملة ﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴿4﴾ بِنَصْرِ اللَّهِ ﴾ [الروم: 4، 5]، تنوين عوض عن كلمة كقول الله عزّ وجلّ ﴿ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [النساء: 25]، وقوله عزّ وجلّ ﴿ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الإسـراء: 110]، وأما تنوين العوض عن حرفٍ واحد فهو في نحو قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَالْفَجْرِ ﴿1﴾ وَلَيَالٍ عَشْرٍ  ﴾ [الفجر: 1، 2].
هذا هو التنوين وقد انتهينا منه. فيه كلام طويل في التنوين لا نتعرض له من حيث أن
بعضهم زاد في التنوين، سمَّى واحدًا منهما بتنوين الترنم، وسمَّى الثاني بالتنوين الغالي، وكلا هذين التنوين ليسا مما يخص الأسماء، ولذلك تدخل على الأفعال وتدخل على الحروف، فلا نتحدث عنها لأنها ليست داخلةً معنا.
أما دخول الألف واللام، فمتى ما وجدت الكلمة يا أخي مُقترنةً بـ"الـ" سواءٌ كانت هذه "الـ" جنسية أو عهدية أو موصولية أو غيرها فاعلم أن هذه الكلمة التي دخلت عليها اسم، كـ "الرجل"، قال الله عزّ وجلّ ﴿ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ ﴾ [هـود: 24]، و﴿ وَالْفَجْرِ ﴿1﴾ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2]، وما شاكل ذلك. هذه كلها دخلت عليها "الـ" فهذا دليلٌ على أن الكلمة التي دخلت عليها "الـ" اسمٌ وليست فعلا ولا حرفًا.
قال الشاعر:
ما أنت بالحكم الترضي حكومته        ولا الأصيل ذي الرأي والجدل
دخلت "الـ" هنا على كلمة "تُرضى"، مع أن كلمة "تُرضى"، فماذا يُقال عنه؟ قال يُكتفى
بهذا الشاهد، وهي أولا لا تدخل على فعل ماض، ودخلت على الفعل المضارع لمشابهته لاسم الفاعل، فدخولها هنا خاصٌ بالشعر، ثم إنه لا يأتي في النثر أبدًا، لا يأتي إلا في ضرورة الشعر، ويُحفظ ولا يُقاس عليه، وقد ورد له عدة شواهد كلها داخلة على الفعل المضارع، ولكننا نقول يُكتفى بما ورد.
أما النداء فقد انتهيت منه قبل قليل، وهو دخول حرف النداء على الكلمة، وليس مجرد دخوله دليلا على أن الكلمة اسم، ومنه كما ذكرتُ لكم قبل قليلٌ قول الله عزّ وجلّ ﴿ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 26].
انتهينا من الحديث عن علامات الأسماء، الخفض والتنوين ودخول الألف واللام والنداء.
بقي مما ذكر ابن مالك الإسناد إلى الاسم، وهذا في الحقيقة علامة جيدة، لأن بعض الأسماء لم تُعرف اسميتها إلا بهذه العلامة، ولا يصح لها شيءٌ من العلامات الأخرى وهي الضمائر، الضمائر ليس عندنا دليلٌ على أنها أسماء إلا بهذه العلامة وهي الإسناد.
أولا: ما معنى الإسناد، الإسناد في اللغة هي الإمالة، تقول "أسندت الخشبة إلى الجدار" بمعنى "أملتها إليه"، هذا في اللغة، لكن الإسناد في اصطلاح النحويين هو الحديث عن الشيء، أو نسبة شيءٍ إليه، فأنت إذا قلت "قمتُ" فقد أسندت القيام إليك، أي نسبته إليك، التاء هذه ظاهرها أنها حرف لأنها مكونة من كلمةٍ واحدة، فليس عندنا دليلٌ على اسميتها إلا هذا الإسناد وهو الحديث عنه.
"أنت مخلصٌ"، ليس عندنا أيضًا دليلٌ على أن "أنت" اسم إلا بالإسناد إليه، لماذا؟ لأننا نقول الضمير لايصلح لدخول حرف الجر، ولا يصلح للتنوين، ولا يصلح للنداء، ولا يُنادى إلا شاذًّا وفي الشعر خاصةً، لا يُنادى الضمير إلا شذوذًا، ومنه قول الشاعر:
يا أبجر بن أبجر يا أنتَ        أنت الذي طلقت عام جُعْتَ
الشاهد دخول حرف النداء على الضمير، والشاهد أيضًا أن الضمائر لا يصلح لها شيءٌ من العلامات الأخرى، لا يصلح لها نداء، ولا تظهر عليها علامات الخفض حتى نقول إنه مخفوض، ولا يصلح للتنوين، ولا تدخل عليه "الـ"، فلا يبقى له إلا هذه العلامة الوحيدة وهي الإسناد كما ذكر بن مالك رحمه الله، مع أن مصنفنا رحمه الله اكتفى بهذه العلامات الثلاث، وهي أبرز العلامات في الحقيقة.
بعد هذا نتحدث عن بعض كلام المصنف رحمه الله وهو قوله ( وحروف الخفض وهي: من وإلى
وعن وعلى وفي ورب والكاف واللام وحروف القسم وهي: الواو والباء والتاء ).
هو لا يزال يتحدث عن علامات الأسماء، واستطرد فذكر لنا حروف الخفض أو حروف الجر، ابن مالك ذكر حروف الجر فعدها عشرين حرفًا، اشترك معه ابن آجروم في معظم هذه الحروف، نذكر لكم أبيات من ابن مالك في ألفيته، قال:
هاك حروف الجر وهي من إلى         حتى خلا حاشا عدا في عن على
مُذ منذ رُب اللام كي واو وتا          والكـاف والبـاء ولعـل ومتـى
هذه عشرون حرفًا، وبعض هذه الحروف في الحقيقة لا يُستعمل حرف جر إلا أحيانًا عند بعض القبائل، وأحيانًا شاذًّا، ومن هذه الحروف التي تُستعمل قليلا جدًا حروف جر "لعل" و"متى"، فالأصل في "لعل" أنها للترجي، وليست حرف جر، ولكن ورد منه في بعض لغات العرب قول الشاعر:
فقلت ادع أخرى وارفع الصوت جهرة        لعل أبي المغوار منك قريب
فـ"أبي" هنا جاءت مجرورةً ب"لعل"، وهذا قليلٌ جدًّا، ويختص بلغات بعض العرب. أيضًا "متى" لا تُستعمل إلا عند بعض العرب أيضًا، وهي بعض القبائل، ولعلها عُقيل أو هُذيل، يقولون "أخرجها متى كمه"، يعني من كمه، ومنه قول الشاعر "متى لجج خضر لهن نئيج" يعني من لجج، فهي تُستعمل بمعنى من، ولكنه أيضًا قليلٌ وخاصٌّ ببعض لغات العرب.
أما من وإلى وعن وعلى وفي والباء واللام فهذه كلها تجر الظاهر والمضمر، تدخل على الأسماء الظاهرة فتجرها، وتدخل على الأسماء المضمرة فتجرها، طبعًا الأسماء الظاهرة مبنية، ولكنها تكون في محل جر، قال الله عزّ وجلّ ﴿ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ﴾ [الأحـزاب: 7]، "من" دخلت على الكاف  ـوهو ضمير
ـ ونوح، وقال الله عزّ وجلّ ﴿ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [المائدة: 18]، وقال سبحانه وتعالى ﴿ وَإِلَى اللَّهِ
تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ [البقرة: 210]، فجرت مرةً الظاهر ومرةً المضمر، وقال الله عزّ وجلّ ﴿ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ﴾ [المطففين: 19]، فدخلت عن على اسمٍ ظاهر، وقال الله عزّ وجلّ ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [المائدة: 119]، دخلت على "هم" في الأول وعلى الهاء في الثاني، أما على نحو قول الله عزّ وجلّ ﴿ عَلَى
اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ [الأعـراف: 89]، ودخولها على الضمير نحو قولك "عليك أن تعمل كذا وكذا".
أما "في" نحو قول الشاعر:
وفي النفس حاجاتٌ وفيك فطانةٌ
وهو أشعر الناس أبو الطيب المتنبي، فالنفس هنا اسم ظاهر و"فيك" دخلت على الضمير.
و"رُبَّ"، هذه "رُبَّ" تختص بالدخول على الأسماء الظاهرة، وهي أيضًا حرفٌ يدل على التقليل غالبا، ويدل على التكثير أحيانًا، وبعضهم يرى العكس، المهم أنها خاصةٌ بالدخول على الأسماء الظاهرة، "رُبَّ رجلٍ لاقيته فأكرمته".
أما الباء فكقول الشاعر:
بالله يا ظبيات الحي قلن لنا        ليلاي منكن أم ليلى من البشر
وكقولك مثلا "مررتُ به أو بك أو بهم"، أو "مررتَ بنا"، إلى آخره، المهم أنها تجر الظاهر وتجر الضمير.
أما الكاف فخاصةٌ بالدخول على الأسماء الظاهرة، قال الله عزّ وجلّ ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11]، وهي حرفٌ يدل على التشبيه، "محمدٌ كعليٍّ" أو "زيدٌ كخالدٍ"، إلى آخره.
أما اللام فنحو قول الله عزّ وجلّ ﴿لله مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 284]، وكقول الله عزّ وجلّ ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 255]، فأحيانًا تدخل على الاسم الظاهر وأحيانًا تدخل على الضمير وتجرهما على السواء.
أما حروف القسم فهي بعض هذه الحروف، منها الباء، الباء حرف قسم، والواو تدخل على كل الأسماء الظاهرة ويُقسم بها، "والله" "ورب الكعبة" "والرحمن" "والرحيم"، وهذه طبعًا نحن بوصفنا مسلمين لا يجوز أن ندخلها للقسم إلا على ما يتعلق باسم الله عزّ وجلّ أو بصفةٍ من صفاته، أما لو قال واحدٌ وحياتك أو نحو ذلك فهو جائزٌ لغةً، أما شرعًا فإنه لا يجوز الإقسام إلا بالله عزّ وجلّ، ولا يجوز الإقسام بغيره أبدًا، لأن نفس القسم بالشيء دليلٌ على التعظيم، ولا يستحق التعظيم الحقيقيَّ إلا الله سبحانه وتعالى.
هذه الواو، وأما الباء فتدخل على لفظ الجلالة، فتقول "بالله أن تعمل كذا وكذا"، هذا إذا كانت للقسم، أما إذا كانت حرف جر لا يُراد به القسم فهي تدخل على كل شيءٍ، فتدخل هذه الباء على لفظ الجلالة وعلى غيرها من أسماء الله سبحانه وتعالى متى ما أردت القسم.
التاء، الغالب أنها تدخل على لفظ الجلالة، قال الله عزّ وجلّ ﴿ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ﴾ [الأنبياء: 57]، "تالله" فأقسم بالله سبحانه وتعالى، بعضهم يجيز الدخول على لفظ الرحمن، فيقول "تالرحمن"، بعضهم يجيز أيضًا ـ على قلة ـ دخولها على قولك "ربي" فتقول "تربي"، بعضهم يجيز دخولها على كلمة "رب الكعبة" فتقول "ترب الكعبة"، هذه التاء على ألفاظ محدودة، يعني ما يجوز أن تقول "تالرحيم" مثلا، ولم يرد، فهي خاصة بالأربعة ألفاظ التي ذكرتها لكم، والغالب أن تكون داخلةً على لفظ الجلالة وحده.
هذه بالنسبة لحروف الجر التي ذكرها ابن آجروم، بقيت بعض حروف الجر، وهي في باب الاستثناء، وهي مشتركة أحيانًا تصير أفعالا وأحيانًا تصير حروفًا، أحيانًا تصير حروف جر وأحيانًا تصير أفعالا، وهي ثلاثة خلا وعدا وحاشا، كيف تميز أنها فعل أو أنها حرف جر؟ انظر إلى الاسم الذي بعدها، فإن كان منصوبًا فهي فعل استثناء، وإن كان مجرورًا فهي حرف دالٌّ على الاستثناء فتكون حرف جر.
هذه الحروف الثلاثة، وطبعًا ابن آجروم لم يذكر هذه الحروف الثلاثة، خلا وعدا وحاشا.
تناوب حروف الجر، وقوع بعض حروف الجر موقع بعض للدلالة على المعنى أو تضمين الفعل الذي تعلق بحرف جر معنى فعلٍ آخر، هذا خلاف بين النحويين، ما المعتمد في فيه؟ هل تقع قال الله عزّ وجلّ ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ [طـه: 71]، هل "في" هنا تدل على الظرفية أو تدل على أنها بمعنى على؟ أو أنه تضمين "أصلبنكم" معنى فعلٍ يتعدى بـ"في"، هذا خلافٌ بين النحويين في ذلك، والمسألة في هذا سهلة، والذي أراه أن بعض الحروف لها معنًى أصلي يغلب أن يكون هو المقصود به، مثلا "من" تدل في الأصل على التبعيض، لكن يمكن أن تدل لابتداء الغاية سواءٌ في الزمان أو المكان، ويمكن أن تكون للتعليل، قال الشاعر:
يغضي حياءً ويُغضى من مهابته
وهكذا، المهم أن لها معنًى أصليٌّ، ولها معانٍ أخرى ليست بأصلية يمكن أن تكون عليها، هذا الذي أرجحه في هذه المسألة، وإلا بعضهم يقول لا، الحروف يمكن أن تضع أي حرف مكان أيِّ حرفٍ مطلقًا، ويمكن أن تقول لا، بل لكل حرفٍ معنًى واحدٌ فقط وإنما التغيير في الفعل الذي دخل عليه فتُضمنه معنًى يصح أن يكون داخلا على هذا الحرف المُستشهد به، فهذا بالنسبة لاستعمال حروف الجر من ناحية معناها، والله أعلم بالصواب.
الآن  نقف عند هذا الحد ونتلقى الأسئلة منكم إذا كان لديكم بعض الأسئلة، وأنا أسألكم فيما ما مر شرحه إن شاء الله.
سأل أحد الطلبة:
جزاكم الله خيرًا فضيلة الشيخ، قلتم في تعريف التنوين هو النون الداخلة على الاسم لفظًا تفارقه خطًّا لغير التوكيد، فهل إذا دخلت في التوكيد فلا يكون اسمًا؟
أجاب الشيخ:
بارك الله فيك ، هذا سؤالٌ جيدٌ ، وأنا ما شرحتُ تعريف التنوين شرحًا تامًّا ، وإلا فله مُحرزان، أن أعيد التعريف مرةً ثانية، التنوين: نونُ ساكنة تلحق الآخر لفظًا لا خطًّا لغير توكيد، أحيانًا تكون الكلمة نون ساكنة وفي الأخير ولكنها للتوكيد، فإذا كانت تدل على التوكيد فليست داخلة على الاسم بل هي داخلة على فعل، قال الله عزّ وجلّ ﴿ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ﴾ [العلق: 15] ، وقال الله عزّ وجلّ ﴿ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾ [يوسف: 32]، فالنون في ﴿ لَيَكُونً ﴾ صحيحٌ نون ساكنة وتلحق الأخير وتلفظ ولا تُكتب، لكن هذه النون وردت هنا للتوكيد، إذا كانت دالة على التوكيد فإنها لا تدخل على الأسماء، بل إن التوكيد علامة من علامات الأفعال، والله أعلم بالصواب.
سأل أحد الطلبة:
جزاكم الله خيرًا، نرجو من فضيلتكم أن تمثلوا لنا في خلا وحاشا وعدا.
أجاب الشيخ:
بار الله فيك، هذه أولا لا ترد إلا في الاستثناء، لا ترد بهذا المعنى إذا كنا نقصد بها حرف جر إلا في الاستثناء، فتقول "قام القوم خلا زيد وحاشا عمرٍو وعدا زيدٍ"، فإذا دخلت عليها "ما" تحولت، لا تصير حرف جر، ويصير ما بعدها منصوبًا، تصير فعل متى ما دخلت "ما"، تقول "دخل القوم ما خلا زيدًا" لابد أن تقول "زيدًا" ما تقول "زيدٍ"، لأن ما هذه تحولها إلى فعل وتصرفها عن الحروف، فهذا التمثيل بالنسبة لخلا وحاشا وعدا إذا كانت في الاستثناء خاصةً وإذا كانت حروف جر، ولا تكون حروف جر إلا في الاستثناء فقط.
سأل الشيخ:
أنا أريد منكم من يتحدث عن الحرف الذي يدل على التقليل غالبًا وعلى التكثير أحيانًا، وقال بعضهم بالعكس.
أجاب أحد الطلبة:
الحرف الذي يدل على التقليل غالبًا أو التكثير هو "رُبَّ".
سأل الشيخ:
تُمثل له؟
أجاب الطلبة:
"رُبَّ رجلٍ لاقيته فأكرمته".
أكمل الشيخ كلامه:
هذا كلامٌ صحيحٌ، بارك الله فيك. لكن أنا أريد أن أنبه على مسألة الاختلاف في الدلالة على التقليل وعلى التكثير، الذين يرون أنها دالةٌ على التكثير كثير، والذين يرون أنها دالة على التقليل قليل، ولذلك يستشهدون بقول الشاعر:
ألا رُبَّ مولودٍ وليس له أبٌ        وذي ولد لم ولده يلده أبوان
يقولون هذه لا يوجد إلا واحدٌ وواحد، مولود وليس له أبٌ وهو عيسى بن مريم، وذي ولدٍ شخص عنده أولاد وليس له أبوان، من هو؟ آدم عليه السلام، وهذا ما يوجد من كل واحدٍ منهما إلا واحد، لكن في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٍ يوم القيامة )، فـ"رُبَّ" على التكثير، فبعضهم وهو الغالب والكثير من النحويين أنهم يرون أنها تدل على التكثير، والقليل يرون أنها تدل على التقليل غالبًا.
هذه "رُبَّ"، أريد من حروف الجر التي تدخل على الظاهر والمُضمر مع التمثيل.
أجاب أحد الطلبة:
من الحروف التي تجر الظاهر والمضمر من وإلى وعن وعلى.
سأل الشيخ:
واحد منها مع تمثيله؟
أجاب الطلبة:
﴿ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ [البقرة: 210]، ﴿ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [المائدة: 18].
أكمل الشيخ كلامه:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونكتفي بهذا القدر اليوم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ.



عدد المشاهدات *:
127693
عدد مرات التنزيل *:
34392
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 22/06/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 22/06/2013

اللغة العربية

روابط تنزيل : ذكر أقسام الكلام
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  ذكر أقسام الكلام لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
اللغة العربية


@designer
1