قال المؤلف فيما نقله عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها : إن أمها قدمت عليها المدينة وهي راغبة فاستفتت النبي صلى الله عليه وسلم هل تصلها أم لا ؟ وقالت: يا رسول الله ، إني أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها ؟ فأمرها أن تصلها .
وقولها : (( وهي راغبة )) قال بعض العلماء معناه : وهي راغبة في الإسلام ؛ فيكون الأمر بصلتها من أجل تأليفها على الإسلام ، وقيل : بل معنى قولها : وهي راغبة في أن أصلها ، ومتطلعة إلى ذلك ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تصلها ، وهذا هو الأقرب أنها جاءت تتشوق وتتطلع إلى أن تعطيها ابنتها ما شاء الله .
ففي هذا دليل على أن الإنسان يصل أقاربه ولو كانوا على غير الإسلام ؛ لأن لهم حق القرابة ، ويدل لهذا قوله تعالى في سورة لقمان : (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) [لقمان: 15] ، يعني إن أمرك والداك وألحا في الطلب على أن تشرك بالله فلا تطعهما ؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولكن صاحبهما في الدنيا معروفاً ، أي أعطهم من الدنيا ما يجب لهم من الصلة ، ولو كانا كافرين أو فاسقين ؛ لأن لهما حق القرابة .
وهذا الحديث يدل على ما دلت عليه الآية ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها أن تصل أمها مع أنها كافرة .
ثم إن صلة الأقارب بالصدقة يحصل بها أجران : أجر الصدقة ، وأجر الصلة ، ودليل ذلك حديث زينب بنت مسعود الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالصدقة ، فرجعت إلى بيتها وكان زوجها عبد الله بن مسعود خفيف ذات اليد يعني أنه ليس عنده مال ، فأخبرته ، فطلب منها أن تتصدق عليه ، وعلى أيتام كانوا في حاجتها ، ولكنه أشكل عليها الأمر فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه ، فلما وصلت إلى بيته وجدت عنده امرأة من الأنصار ، حاجتها كحاجة زينب ، تريد أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن تتصدق على زوجها ومن في بيتها .
فخرج بلال وكان النبي صلى الله قد أعطاه الله المهابة العظيمة ، وكل من رآه هابه ، لكنه من خالطه معاشرةً أحبه وزالت عنه الهيبة ، لكن أول ما يراه الإنسان يهابه هيبة عظيمة ، فإذا خالطه وعاشره أحبه وألفه صلى الله عليه وسلم ، فخرج بلال فسألهما عن حاجتهما فأخبرتاه أنهما يسألان النبي صلى الله عليه وسلم : هل تجوز الصدقة على أزواجهما ومن في بيتهما ؟ ولكنهما قالتا له : لا تخبر الرسول صلى الله عليه وسلم من هما ؛ أحبتا أن تختفيا.
فدخل بلال على النبي صلى الله وأخبره وقال : إن بالباب امرأتين حاجتهما كذا وكذا ، فقال : من هما ؟ وحينئذٍ وقع بلال بين أمرين بين أمانة ائتمنتاه عليها المرأتان ؛ حيث قالتا : لا تخبره من نحن ، ولكن الرسول قال من هما ؟ قال : امرأة من الأنصار ، وزينب .
فقال : أي الزيانب ؟ حيث اسم زينب كثير ، فقال : امرأة عبد الله ، وكان عبد الله بن مسعود خادماً للرسول صلى الله عليه وسلم يدخل بيته حتى بلا استئذان ، وقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم أهله وعرف حاله .
وهو إنما أخبره مع قولهما له لا تخبره ؛ لأن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة مقدمة على طاعة كل أحد .
فقال :إن صدقتهما على هؤلاء صدقة وصلة ، يعني فيها أجران : أجر الصدقة ، وأجر الصلة ؛ فدل ذلك على أنه يجوز للإنسان أن يتصدق على أولاده عند الحاجة ، ويتصدق على زوجته ، وكذلك الزوجة تتصدق على زوجها ، وأن الصدقة عليهم صدقة وصلة .
أما الزكاة فإن كان مما يجب على الإنسان أن يدفعه فإنه لا يصح أن يدفع إليهم الزكاة ، مثل لو كانت الزكاة لدفع حاجتهما من نفقة ، وهو ممن تجب عليه النفقة ، وماله يتحمل ، فإنه لا يجوز له أن يعطيهما من الزكاة ، أما إذا كان ممن لا يجب عليه ، كما لو قضى ديناً عن أبيه أو عن ابنه أو زوجته ، أو قضت ديناً على زوجها فإن ذلك لا بأس به إذا كان المدين حياً ، أما إذا كان المدين ميتاً فلا يقضي عنه إلا تبرعاً ، أو من التركة ، ولا يقضي عنه من الزكاة .
(146) رواه البخاري ، كتاب الهبة ، باب الهبة للمشركين ، رقم ( 2620 ) ، ومسلم ، كتاب الزكاة ، باب فضل النفقة والصدقة . . . ، رقم ( 1003 ) .
(147) رواه البخاري ، كتاب الزكاة ، باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر ، رقم ( 1466 ) ، ومسلم ، كتاب الزكاة ، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج ، رقم ( 1000 ) .
وقولها : (( وهي راغبة )) قال بعض العلماء معناه : وهي راغبة في الإسلام ؛ فيكون الأمر بصلتها من أجل تأليفها على الإسلام ، وقيل : بل معنى قولها : وهي راغبة في أن أصلها ، ومتطلعة إلى ذلك ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تصلها ، وهذا هو الأقرب أنها جاءت تتشوق وتتطلع إلى أن تعطيها ابنتها ما شاء الله .
ففي هذا دليل على أن الإنسان يصل أقاربه ولو كانوا على غير الإسلام ؛ لأن لهم حق القرابة ، ويدل لهذا قوله تعالى في سورة لقمان : (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) [لقمان: 15] ، يعني إن أمرك والداك وألحا في الطلب على أن تشرك بالله فلا تطعهما ؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولكن صاحبهما في الدنيا معروفاً ، أي أعطهم من الدنيا ما يجب لهم من الصلة ، ولو كانا كافرين أو فاسقين ؛ لأن لهما حق القرابة .
وهذا الحديث يدل على ما دلت عليه الآية ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها أن تصل أمها مع أنها كافرة .
ثم إن صلة الأقارب بالصدقة يحصل بها أجران : أجر الصدقة ، وأجر الصلة ، ودليل ذلك حديث زينب بنت مسعود الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالصدقة ، فرجعت إلى بيتها وكان زوجها عبد الله بن مسعود خفيف ذات اليد يعني أنه ليس عنده مال ، فأخبرته ، فطلب منها أن تتصدق عليه ، وعلى أيتام كانوا في حاجتها ، ولكنه أشكل عليها الأمر فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه ، فلما وصلت إلى بيته وجدت عنده امرأة من الأنصار ، حاجتها كحاجة زينب ، تريد أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن تتصدق على زوجها ومن في بيتها .
فخرج بلال وكان النبي صلى الله قد أعطاه الله المهابة العظيمة ، وكل من رآه هابه ، لكنه من خالطه معاشرةً أحبه وزالت عنه الهيبة ، لكن أول ما يراه الإنسان يهابه هيبة عظيمة ، فإذا خالطه وعاشره أحبه وألفه صلى الله عليه وسلم ، فخرج بلال فسألهما عن حاجتهما فأخبرتاه أنهما يسألان النبي صلى الله عليه وسلم : هل تجوز الصدقة على أزواجهما ومن في بيتهما ؟ ولكنهما قالتا له : لا تخبر الرسول صلى الله عليه وسلم من هما ؛ أحبتا أن تختفيا.
فدخل بلال على النبي صلى الله وأخبره وقال : إن بالباب امرأتين حاجتهما كذا وكذا ، فقال : من هما ؟ وحينئذٍ وقع بلال بين أمرين بين أمانة ائتمنتاه عليها المرأتان ؛ حيث قالتا : لا تخبره من نحن ، ولكن الرسول قال من هما ؟ قال : امرأة من الأنصار ، وزينب .
فقال : أي الزيانب ؟ حيث اسم زينب كثير ، فقال : امرأة عبد الله ، وكان عبد الله بن مسعود خادماً للرسول صلى الله عليه وسلم يدخل بيته حتى بلا استئذان ، وقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم أهله وعرف حاله .
وهو إنما أخبره مع قولهما له لا تخبره ؛ لأن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة مقدمة على طاعة كل أحد .
فقال :إن صدقتهما على هؤلاء صدقة وصلة ، يعني فيها أجران : أجر الصدقة ، وأجر الصلة ؛ فدل ذلك على أنه يجوز للإنسان أن يتصدق على أولاده عند الحاجة ، ويتصدق على زوجته ، وكذلك الزوجة تتصدق على زوجها ، وأن الصدقة عليهم صدقة وصلة .
أما الزكاة فإن كان مما يجب على الإنسان أن يدفعه فإنه لا يصح أن يدفع إليهم الزكاة ، مثل لو كانت الزكاة لدفع حاجتهما من نفقة ، وهو ممن تجب عليه النفقة ، وماله يتحمل ، فإنه لا يجوز له أن يعطيهما من الزكاة ، أما إذا كان ممن لا يجب عليه ، كما لو قضى ديناً عن أبيه أو عن ابنه أو زوجته ، أو قضت ديناً على زوجها فإن ذلك لا بأس به إذا كان المدين حياً ، أما إذا كان المدين ميتاً فلا يقضي عنه إلا تبرعاً ، أو من التركة ، ولا يقضي عنه من الزكاة .
(146) رواه البخاري ، كتاب الهبة ، باب الهبة للمشركين ، رقم ( 2620 ) ، ومسلم ، كتاب الزكاة ، باب فضل النفقة والصدقة . . . ، رقم ( 1003 ) .
(147) رواه البخاري ، كتاب الزكاة ، باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر ، رقم ( 1466 ) ، ومسلم ، كتاب الزكاة ، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج ، رقم ( 1000 ) .
عدد المشاهدات *:
404451
404451
عدد مرات التنزيل *:
175468
175468
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 19/04/2015