اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم السبت 21 محرم 1446 هجرية
??? ????????????? ??????????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?????? ???????????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

غريب

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :

8 : 1544 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تحلم بحلم لم يره، كلف أن يعقد بين شعيرتين، ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، صب في أذنيه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة، عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ رواه البخاري. تحلم أي: قال أنه حلم في نومه ورأى كذا وكذا، وهو كاذب والآنك بالمد وضم النون وتخفيف الكاف: وهو الرصاص المذاب. 1545 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أفرى الفرى أن يري الرجل عينيه ما لم تريا رواه البخاري. ومع ناه: يقول: رأيت فيما لم يره. 1546 - وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحد منكم من رؤيا؟ فيقص عليه من شاء الله أن يقص وإنه قال لنا ذات غداة: إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه، فيثلغ رأسه، فيتدهده الحجر هاهنا. فيتبع الحجر فيأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه، فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى. قال: قلت لهما سبحان الله، ما هذان؟ قالا لي: انطلق، فانطلقنا. فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه. ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه، فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى. قال: قلت: سبحان الله، ما هذان. قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا. فأتينا على مثل التنور، فأحسب أنه قال: فإذا فيه لغط، وأصوات، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضئوا، قلت ما هؤلاء؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا. فأتينا على نهر - حسبت أنه كان يقول: أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة، فيغفر له فاه، فيلقمه حجرًا، فينطلق فيسبح، ثم يرجع إليه، كلما رجع إليه، فغر فاه له، فألقمه حجرًا، قلت لهما: ما هذان؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا. فأتينا على رجل كريه المرآة، أو كأكره ما أنت راء رجلاً مرأى، فإذا هو عنده نار يحشها ويسعى حولها، قلت لهما: ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا. فأتينا على روضة معتمة فيها من كل نور الربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان ما رأيتهم قط، قلت: ما هذا؟ وما هؤلاء؟ قالا لي: انطلق انطلق فانطلقنا. فأتينا إلى دوحة عظيمة لم أر دوحة قط أعظم منها، ولا أحسن، قالا لي: ارق فيها، فارتقينا فيها، إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة، فأتينا باب المدينة فاستفتحنا، ففتح لنا، فدخلناها، فتلقانا رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء، وشطر منهم كأقبح ما أنت راء، قالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر، وإذا هو نهر معترض يجري كأن ماءه المحض في البياض، فذهبوا فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم، فصاروا في أحسن صورة. قال: قالا لي: هذه جنة عدن، وهذا منزلك، فسما بصري صعدًا، فإذا قصر مثل الربابة البيضاء. قالا لي: هذا منزلك. قلت لهما: بارك الله فيكما، فذراني فأدخله. قالا: أما الآن فلا، وأنت داخله. قلت لهما: فإني رأيت منذ الليلة عجبًا؟ فما هذا الذي رأيت؟ قالا لي: إنا سنخبرك. أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة. وأما الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق. وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني. وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر، ويلقم الحجارة، فإنه آكل الربا. وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم. وأما الرجل الطويل الذي في الروضة، فإنه إبراهيم، وأما الولدان الذين حوله، فكل مولود مات على الفطرة وفي رواية البرقاني: ولد على الفطرة. فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأولاد المشركين وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فإنهم قوم خلطوا عملاً وآخر سيئاً تجاوز الله عنهم. رواه البخاري. وفي رواية له: رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة ثم ذكره. وقال: فانطلقنا إلى نقب مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع، يتوقد تحته نارًا، فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، وإذا خمدت، رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة. وفيها: حتى آتينا على نهر من دم، ولم يشك - فيه رجل قائم على وسط النهر، وعلى شط النهر رجل، وبين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج، رمى الرجل بحجر في فيه، فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج جعل يرمي في فيه بحجر، فيرجع كما كان. وفيها: فصعدا بي الشجرة، فأدخلاني داراً لم أر قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشباب. وفيها: الذي رأيته يشق شدقه فكذاب، يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة وفيها: الذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علمه الله القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل فيه بالنهار، فيفعل به إلى يوم القيامة. والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين، وأما هذه الدار فدار الشهداء، وأنا جبريل، وهذا ميكائيل، فارفع رأسك، فرفعت رأسي، فإذا فوقي مثل السحاب، قالا: ذاك منزلك، قلت: دعاني ادخل منزلي، قالا: إنه بقي لك عمر لم تستكمله، فلو استكملته، أتيت منزلك رواه البخاري. قوله: يثلغ رأسه وهو بالثاء المثلثة والغين المعجمة، أي: يشدخه ويشقه. قوله: يتهدهده أي: يتدحرج، والكلوب بفتح الكاف، وضم اللام المشددة، وهو معروف. قوله: فيشرشر أي: يقطع. قوله: ضوضئوا وهو بضادين معجمتين، أي صاحوا. قوله: فيغفر هو بالفاء والغين المعجمة، أي: يفتح. قوله: المرآة هو بفتح الميم، أي: المنظر. قوله: يحشها هو بفتح الياء وضم الحاء المهملة والشين المعجمة، أي: يوقدها، قوله روضة معتمة هو بضم الميم وإسكان العين وفتح التاء وتشديد الميم، أي: وافية النبات طويلته. قوله: دوحة وهي بفتح الدال، وإسكان الواو وبالحاء المهملة: وهي الشجرة الكبيرة، قوله المحض هو بفتح الميم وإسكان الحاء المهملة وبالضاد المعجمة: وهو اللبن. وقوله: فسما بصري أي: ارتفع. وصعدا: بضم الصاد والعين: أي: مرتفعا. والربابة: بفتح الراء وبالباء الموحدة مكررة، وهي السحابة.

Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد السادس
الأسماء والصفات
فصل: في الصفات الاختيارية
فصـــل المنازعون النفاة منهم من ينفي الصفات مطلقًا
مجموع فتاوى ابن تيمية
فصـــل
والمنازعون النفاة كذلك‏.‏ منهم من ينفي الصفات مطلقًا، فهذا يكون الكلام معه في الصفات مطلقًا، لا يختص بالصفات الاختيارية‏.‏ ومنهم من يثبت الصفات، ويقول‏:‏ لا يقوم بذاته شىء بمشيئته وقدرته، فيقول‏:‏ إنه لا يتكلم بمشيئته واختياره، ويقول‏:‏ لا يرضى ويسخط، ويحب، ويبغض، ويختار بمشيئته وقدرته، ويقول‏:‏ إنه لا يفعل فعلاً ـ هو الخلق ـ يخلق به المخلوق، ولا يقدر عنده على فعل يقوم بذاته، بل مقدوره لا يكون إلا منفصلاً منه، وهذا موضع تنازع فيه النفاة‏.‏
فقيل‏:‏ لا يكون مقدوره إلا بائنًا عنه، كما يقوله الجهمية والكُلاَّبية والمعتزلة، وقيل‏:‏ لا يكون مقدوره إلا ما يقوم بذاته، كما يقول‏:‏ السالمية والكرَّامية، والصحيح‏:‏ أن كليهما مقدور له‏.‏
أما الفعل، فمثل قوله تعالى‏:‏‏{‏قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏65‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى‏}‏ ‏[‏القيامة‏:‏40‏]‏، وقول الحواريين‏:‏‏{‏هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏112‏]‏، وقوله‏:‏‏{‏أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم‏}‏ ‏[‏يس‏:‏81‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏33‏]‏، إلى أمثال ذلك مما يبين أنه يقدر على الأفعال كالإحياء، والبعث، ونحو ذلك‏.‏
وأما القدرة على الأعيان ففي الصحيح عن أبي مسعود قال‏:‏ كنت أضرب غلامًا لي فرآني النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏(‏اعلم أبا مسعود، لله أقدر عليك منك على هذا‏)‏ فقوله‏:‏‏(‏لله أقدر عليك منك على هذا‏)‏‏:‏دليل على أن القدرة تتعلق بالأعيان المنفصلة؛ لقدرة الرب وقدرة العبد‏.‏ ومن الناس من يقول‏:‏ كلاهما يتعلق بالفعل كالكرامية، ومنهم من يقول‏:‏ قدرة الرب تتعلق بالمنفصل، وأما قدرة العبد فلا تتعلق إلا بفعل في محلها كالأشعري‏.‏
والنصوص تدل على أن كلا القدرتين تتعلق بالمتصل والمنفصل، فإن الله ـ تعالى ـ أخبر أن العبد يقدر على أفعاله، كقوله‏:‏ ‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏}‏ ‏[‏التغابن‏:‏16‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏25‏]‏، فدل على أن منا من يستطيع ذلك، ومنا من لم يستطع‏.‏
وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجَاء‏)‏‏.‏ أخرجاه في الصحيحين ‏[‏وجاء‏:‏ أي وقاية‏.‏ وأصل الوجاء أن تُرَض أُنثيا الفحل رضا شديدًا يذهب شهوة الجماع كالخصي، أراد‏:‏ أن الصوم يقطع النكاح كما يقطع الوجَاء الشهوة‏]‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏إن استطعت أن تعمل بالرضا مع اليقين فافعل‏)‏، وقوله في الحديث الذي في الصحيح‏:‏‏(‏إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم‏)‏‏.‏
وقد أخبر أنه قادر على عبده، وهؤلاء الذين يقولون‏:‏ لا تقوم به الأمور الاختيارية عمدتهم‏:‏ أنه لو قامت به الحوادث لم يخل منها، وما لم يخل من الحوادث فهو حادث، وقد نازعهم الناس في كلا المقدمتين وأصحابهم المتأخرون كالرازي، والآمدي قدحوا في المقدمة الأولى في نفس هذه المسألة، وقدح الرازي في المقدمة الثانية في غير موضع من كتبه، وقد بسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع‏.‏
وقولهم‏:‏ إنا عرفنا حدوث العالم بهذه الطريق، وبه أثبتنا الصانع، يقال لهم‏:‏ لاجرم ابتدعتم طريقًا لا يوافق السمع ولا العقل، فالعالمون بالشرع معترفون أنكم مبتدعون محدثون في الإسلام ما ليس منه، والذين يعقلون ما يقولون، يعلمون أن العقل يناقض ما قلتم، وأن ما جعلتموه دليلاً على إثبات الصانع، لا يدل على إثباته بل هو استدلال على نفي الصانع‏.‏ وإثبات الصانع حق، وهذا الحق يلزم من ثبوته إبطال استدلالكم، بأن ما لم يخل من الحوادث فهو حادث‏.‏
وأما كون طريقكم مبتدعة، ما سلكها الأنبياء ولا أتباعهم ولا سلف الأمة، فلأن كل من يعرف ما جاء به الرسول ـ وإن كانت معرفته متوسطة، لم يصل في ذلك إلى الغاية ـ يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدع الناس في معرفة الصانع وتوحيده، وصدق رسله إلى الاستدلال بثبوت الأعراض، وأنها حادثة، ولازمة للأجسام، وما لم يخل من الحوادث فهو حادث؛ لامتناع حوادث لا أول لها‏.‏
فعلم بالاضطرار أن هذه الطريق لم يتكلم بها الرسول، ولا دعا إليها ولا أصحابه، ولا تكلموا بها، ولا دعوا بها الناس‏.‏ وهذا يوجب العلم الضروري من دين الرسول، فإن عند الرسول والمؤمنين به أن الله يعرف ويعرف توحيده، وصدق رسله بغير هذه الطريق، فدل الشرع دلالة ضرورية على أنه لا حاجة إلى هذه الطريق، ودل ما فيها من مخالفة نصوص الكتاب والسنة على أنها طريق باطلة، فدل الشرع على أنه لا حاجة إليها، وأنها باطلة‏.‏
وأما العقل، فقد بسط القول في جميع ما قيل فيها، في غير هذه المواضع، وبين أن أئمة أصحابها قد يعترفون بفسادها من جهة العقل‏.‏ كما يوجد في كلام أبي حامد والرازي وغيرهما بيان فسادها‏.‏
ولما ظهر فسادها للعقل تسلط الفلاسفة على سالكيها، وظنت الفلاسفة أنهم إذا قدحوا فيها فقد قدحوا في دلالة الشرع ظنًا منهم أن الشرع جاء بموجبها؛ إذ كانوا أجهل بالشرع والعقل من سالكيها، فسالكوها لا للإسلام نصروا، ولا لأعدائه كسروا بل سلطوا الفلاسفة عليهم، وعلى الإسلام‏.‏ وهذا كله مبسوط في مواضع‏.‏
وإنما المقصود هنا أن يعرف أن نفيهم للصفات الاختيارية ـ التي يسمونها حلول الحوادث ـ ليس لهم دليل عقلي عليه، وحذاقهم يعترفون بذلك وأما السمع فلا ريب أنه مملوء بما ينقاضه، والعقل ـ أيضًا ـ يدل على نقيضه من وجوه نبهنا على بعضها‏.‏
ولما لم يكن مع أصحابها حجة ـ لا عقلية، ولا سمعية ـ من الكتاب والسنة، احتال متأخروهم فسلكوا طريقًا سمعية، ظنوا أنها تنفعهم، فقالوا‏:‏ هذه الصفات إن كانت صفات نقص وجب تنزيه الرب عنها، وإن كانت صفات كمال فقد كان فاقدًا لها قبل حدوثها، وعدم الكمال نقص، فيلزم أن يكون كان ناقصًا، وتنزيهه عن النقص واجب بالإجماع، وهذه الحجة من أفسد الحجج وذلك من وجوه‏:‏
أحدها‏:‏ أن هؤلاء يقولون‏:‏ نفي النقص عنه لم يعلم بالعقل وإنما علم بالإجماع ـ وعليه اعتمـدوا في نفي النقـص ـ فنعود إلى احتجاجهم بالإجماع، ومعلوم أن الإجماع لا يحتج به في موارد النزاع؛ فإن المنازع لهم يقول‏:‏ أنا لم أوافقكم على نفي هذا المعنى، وإن وافقتكم على إطلاق القول بأن الله منزه عن النقص؛ فهذا المعنى عندي ليس بنقص، ولم يدخل فيما سلمته لكم، فإن بينتم بالعقل أو بالسمع انتفائه، وإلا فاحتجاجكم بقولي ـ مع أني لم أرد ذلك ـ كذلك على؛ فإنكم تحتجون بالإجماع، والطائفة المثبتة من أهل الإجماع، وهم لم يسلموا هذا‏.‏
الثاني‏:‏ أن عدم هذه الأمور قبل وجودها نقص، بل لو وجدت قبل وجودها لكان نقصًا، مثال ذلك‏:‏ تكليم الله لموسى ـ عليه السلام ـ ونداؤه له فنداؤه حين ناداه صفة كمال، ولو ناداه قبل أن يجىء لكان ذلك نقصًا، فكل منها كمال حين وجوده، ليس بكمال قبل وجوده، بل وجوده قبل الوقت الذي تقتضي الحكمة وجوده فيه نقص‏.‏
الثالث‏:‏ أن يقال‏:‏ لا نسلم أن عدم ذلك نقص، فإن ما كان حادثًا امتنع أن يكون قديمًا، وما كان ممتنعًا لم يكن عدمه نقصاً؛ لأن النقص فوات ما يمكن من صفات الكمال‏.‏
الرابع‏:‏ أن هذا يرد في كل ما فعله الرب وخلقه‏.‏ فيقال‏:‏ خلق هذا إن كان نقصًا فقد اتصف بالنقص، وإن كان كمالاً فقد كان فاقدًا له، فإن قلتم‏:‏ صفات الأفعال عندنا ليست بنقص، ولا كمال‏.‏ قيل‏:‏ إذا قلتم ذلك أمكن المنازع أن يقول‏:‏ هذه الحوادث ليست بنقص ولا كمال‏.‏
الخامس‏:‏ أن يقال‏:‏ إذا عرض على العقل الصريح ذات يمكنها أن تتكلم بقدرتها وتفعل ما تشاء بنفسها، وذات لا يمكنها أن تتكلم بمشيئتها ولا تتصرف بنفسها البتة، بل هي بمنزلة الزمن الذي لا يمكنه فعل يقوم به باختياره، قضى العقل الصريح بأن هذه الذات أكمل، وحينئذ فأنتم الذين وصفتم الرب بصفة النقص، والكمال في اتصافه بهذه الصفات، لا في نفي اتصافه بها‏.‏
السادس‏:‏ أن يقال‏:‏ الحوادث التي يمتنع أن يكون كل منها أزليًا، ولا يمكن وجودها إلا شيئًا فشيئًا، إذا قيل‏:‏ أيما أكمل‏:‏ أن يقدر على فعلها شيئًا فشيئًا، أو لا يقدر على ذلك‏؟‏ كان معلومًا ـ بصريح العقل ـ أن القادر على فعلها شيئًا فشيئًا، أكمل ممن لا يقدر على ذلك‏.‏ وأنتم تقولون‏:‏ إن الرب لا يقدر على شىء من هذه الأمور، وتقولون‏:‏ إنه يقدر على أمور مباينة له، ومعلوم أن قدرة القادر على فعله المتصل به قبل قدرته على أمور مباينة له، فإذا قلتم‏:‏ لا يقدر على فعل متصل به، لزم ألاَّ يقدر على المنفصل، فلزم على قولكم ألا يقدر على شىء، ولا أن يفعل شيئًا، فلزم ألاَّ يكون خالقًا لشىء، وهذا لازم للنفاة لا محيد لهم عنه‏.‏
ولهذا قيل‏:‏ الطريق التي سلكوها في حدوث العالم، وإثبات الصانع، تناقض حدوث العالم وإثبات الصانع، ولا يصح القول بحدوث العالم وإثبات الصانع إلا بإبطالها، لا بإثباتها‏.‏ فكان ما اعتمدوا عليه وجعلوه أصولاً للدين ودليلاً عليه، هو في نفسه باطل شرعًا وعقلاً، وهو مناقض للدين ومناف له‏.‏
ولهذا كان السلف والأئمة يعيبون كلامهم هذا ويذمونه ويقولون‏:‏ من طلب العلم بالكلام تزندق، كما قال أبو يوسف، ويروي عن مالك‏.‏ ويقول الشافعي‏:‏ حكمى في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في العشائر ويقال‏:‏ هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام‏.‏ وقال الإمام أحمد بن حنبل‏:‏ علماء الكلام زنادقة، وما ارتدى أحد بالكلام فأفلح‏.‏
وقد صدق الأئمة في ذلك، فإنهم يبنون أمرهم على كلام مجمل، يروج على من لم يعرف حقيقته، فإذا اعتقد أنه حق، وتبين أنه مناقض للكتاب والسنة، بقى في قلبه مرض ونفاق، ورَيْب وشك، بل طعن فيما جاء به الرسول وهذه هي الزندقة‏.‏
وهو كلام باطل من جهة العقل، كما قال بعض السلف‏:‏ العلم بالكلام هو الجهل، فهم يظنون أن معهم عقليات، وإنما معهم جهليات‏:‏ ‏{‏كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏39‏]‏، هذا هو الجهل المركب؛ لأنهم كانوا في شك وحيرة، فهم في ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها، ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور‏.‏ أين هؤلاء من نور القرآن والإيمان، قال الله تعالى‏:‏‏{‏اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏35‏]‏‏.‏
فإن قيل‏:‏ أما كون الكلام والفعل يدخل في الصفات الاختيارية فظاهر‏.‏ فإنه يكون بمشيئة الرب وقدرته وأما الإرادة والمحبة والرضا والغضب ففيه نظر، فإن نفس الإرادة هي المشيئة، وهو ـ سبحانه ـ إذا خلق من يحبه كالخليل، فإنه يحبه ويحب المؤمنين ويحبونه، وكذلك إذا عمل الناس أعمالاً يراها، وهذا لازم لابد من ذلك، فكيف يدخل تحت الاختيار‏.‏
قيل‏:‏ كل ما كان بعد عدمه، فإنما يكون بمشيئة الله وقدرته، وهو ـ سبحانه ـ ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فما شاء وجب كونه، وهو تحت مشيئة الرب وقدرته، وما لم يشأه امتنع كونه مع قدرته عليه، كما قال تعالى‏:‏‏{‏وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا‏}‏ ‏[‏السجدة‏:‏13‏]‏، ‏{‏وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏253‏]‏، ‏{‏وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏‏]‏‏.‏
فكون الشىء واجب الوقوع، لكونه قد سبق به القضاء على أنه لابد من كونه، لا يمتنع أن يكون واقعًا بمشيئته وقدرته وإرادته، وإن كانت من لوازم ذاته كحياته وعلمه‏.‏ فإن إرادته للمستقبلات هي مسبوقة بإرادته للماضي‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏}‏ ‏[‏يس‏:‏ 82‏]‏، وهو إنما أراد هذا الثاني بعد أن أراد قبله ما يقتضى إرادته، فكان حصول الإرادة اللاحقة بالإرادة السابقة‏.‏
والناس قد اضطربوا في مسألة إرادة الله ـ سبحانه وتعالى ـ على أقوال متعددة، ومنهم من نفاها، ورجح الرازي هذا في ‏[‏مطالبه العالية‏]‏ لكن ـ ولله الحمد ـ نحن قررناها، وبينا فساد الشبه المانعة منها، وأن ما جاء به الكتاب والسنة هو الحق المحض الذي تدل عليه المعقولات الصريحة، وإن صريح المعقول موافق لصحيح المنقول‏.‏
وكنا قد بينا أولاً‏:‏ أنه يمتنع تعارض الأدلة القطعية، فلا يجوز أن يتعارض دليلان قطعيان، سواء كانا عقليين أو سمعيين، أو كان أحدهما عقلياً والآخر سمعيًا، ثم بينا بعد ذلك أنها متوافقة، متناصرة، متعاضدة‏.‏ فالعقل يدل على صحة السمع، والسمع يبين صحة العقل، وأن من سلك أحدهما أفضى به إلى الآخر‏.‏
وإن الذين يستحقون العذاب هم الذين لا يسمعون ولا يعقلون، كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا‏}‏ ‏[‏الفرقان‏:‏44‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِير‏}‏ ‏[‏الملك‏:‏ 8 ـ10‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏46‏]‏، وقال تعالى‏:‏‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ‏}‏ ‏[‏ق‏:‏37‏]‏‏.‏
فقد بين القرآن أن من كان يعقل، أو كان يسمع، فإنه يكون ناجيًا وسعيدًا، ويكون مؤمنًا بما جاءت به الرسل، وقد بسطت هذه الأمور في غير موضع، والله أعلم‏.‏

عدد المشاهدات *:
432063
عدد مرات التنزيل *:
259475
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : فصـــل المنازعون النفاة منهم من ينفي الصفات مطلقًا
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  فصـــل المنازعون النفاة منهم من ينفي الصفات مطلقًا
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  فصـــل المنازعون النفاة منهم من ينفي الصفات مطلقًا لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1