اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم السبت 12 شوال 1445 هجرية
???? ??????????? ??????????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ??????????????? ??? ???????? ???? ??? ???? ????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

بسم

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
الأداب و مكارم الأخلاق
كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي
الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :وَأَمَّا الْمُؤَاخَاةُ بِالْمَوَدَّة ـ تتمة ـ
الكتب العلمية

بسم الله الرحمن الرحيم

َ وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: مَا وَدَّكَ مَنْ أَهْمَلَ وُدَّك، وَلاَ أَحَبَّك مَنْ أَبْغَضَ حُبَّك. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: وَكُلُّ أَخٍ عِنْدَ الْهُوَيْنَا مُلاَطِفٌ وَلَكِنَّمَا الاخْوَانُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَقَالَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ: شَرُّ الاخْوَانِ مَنْ كَانَتْ مَوَدَّتُهُ مَعَ الزَّمَانِ إذَا أَقْبَلَ، فَإِذَا أَدْبَرَ الزَّمَانُ أَدْبَرَ عَنْك. فَأَخَذَ هَذَا الْمَعْنَى الشَّاعِرُ فَقَالَ: شَرُّ الاخِلاَءِ مَنْ كَانَتْ مَوَدَّتُهُ مَعَ الزَّمَانِ إذَا مَا خَافَ أَوْ رَغِبَا إذَا وَتَرْت امْرَأً فَاحْذَرْ عَدَاوَتَهُ مَنْ يَزْرَعْ الشَّوْكَ لاَ يَحْصُدْ بِهِ عِنَبًا إنَّ الْعَدُوَّ وَإِنْ أَبْدَى مُسَالَمَةً إذَا رَأَى مِنْك يَوْمًا فُرْصَةً وَثَبَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّى الافْرَاطَ فِي مَحَبَّتِهِ، فَإِنَّ الافْرَاطَ دَاعٍ إلَى التَّقْصِيرِ. وَلَئِنْ تَكُونَ الْحَالُ بَيْنَهُمَا نَامِيَةً أَوْلَى مِنْ أَنْ تَكُونَ مُتَنَاهِيَةً.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {أَحْبِبْ حَبِيبَك هَوْنًا مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَك يَوْمًا مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَك هَوْنًا مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَك يَوْمًا مَا}. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: لاَ يَكُنْ حُبُّك كَلَفًا، وَلاَ بُغْضُك تَلَفًا. وَقَالَ أَبُو الاسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ: وَكُنْ مَعْدِنًا لِلْخَيْرِ وَاصْفَحْ عَنْ الاذَى فَإِنَّك رَاءٍ مَا عَلِمْت وَسَامِعُ وَأَحْبِبْ إذَا أَحْبَبْت حُبًّا مُقَارِبًا فَإِنَّك لاَ تَدْرِي مَتَى أَنْتَ نَازِعُ وَأَبْغِضْ إذَا أَبْغَضْت غَيْرَ مُبَايِنٍ فَإِنَّك لاَ تَدْرِي مَتَى أَنْتَ رَاجِعُ وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ: لاَ تَأْمَنَنَّ مِنْ مُبْغِضٍ قُرْبَ دَارِهِ وَلاَ مِنْ مُحِبٍّ أَنْ يَمَلَّ فَيَبْعُدَا وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ حَقِّ الاخَاءِ بَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي النُّصْحِ، وَالتَّنَاهِي فِي رِعَايَةِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْحَقِّ، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إفْرَاطٌ وَإِنْ تَنَاهَى، وَلاَ مُجَاوَزَةُ حَدٍّ وَإِنْ كَثُرَ وَأَوْفَى، فَتَسْتَوِي حَالَتَاهُمَا فِي الْمَغِيبِ وَالْمَشْهَدِ وَلاَ يَكُونُ مَغِيبُهُمَا أَفْضَلَ مِنْ مَشْهَدِهِمَا وَأَوْلَى، فَإِنَّ فَضْلَ الْمَشْهَدِ عَلَى الْمَغِيبِ لُؤْمٌ، وَفَضْلَ الْمَغِيبِ عَلَى الْمَشْهَدِ كَرْمٌ، وَاسْتِوَاؤُهُمَا حِفَاظٌ.

وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: عَلَيَّ لِإِخْوَانِي رَقِيبٌ مِنْ الصَّفَا تَبِيدُ اللَّيَالِي وَهُوَ لَيْسَ يَبِيدُ يُذَكِّرُنِيهِمْ فِي مَغِيبِي وَمَشْهَدِي فَسِيَّانِ مِنْهُمْ غَائِبٌ وَشَهِيدُ وَإِنِّي لاَسْتَحْيِي أَخِي أَنْ أَبِرَّهُ قَرِيبًا وَأَنْ أَجْفُوَهُ وَهُوَ بَعِيدُ وَهَكَذَا يَقْصِدُ التَّوَسُّطَ فِي زِيَارَتِهِ وَغَشَيَانِهِ، غَيْرَ مُقَلِّلٍ وَلاَ مُكْثِرٍ. فَإِنَّ تَقْلِيلَ الزِّيَارَةِ دَاعِيَةُ الْهِجْرَانِ، وَكَثْرَتَهَا سَبَبُ الْمَلاَلِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: {يَا أَبَا هُرَيْرَةَ زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا}. وَقَالَ لَبِيدٌ: تَوَقَّفْ عَنْ زِيَارَةِ كُلِّ يَوْمٍ إذَا أَكْثَرْت مَلَّكَ مَنْ تَزُورُ وَقَالَ آخَرُ: أَقْلِلْ زِيَارَتَك الصَّدِيقَ وَلاَ تُطِلْ هِجْرَانَهُ فَيَلِجَّ فِي هِجْرَانِهِ إنَّ الصَّدِيقَ يَلِجُّ فِي غَشَيَانِهِ لِصَدِيقِهِ فَيَمَلُّ مِنْ غَشَيَانِهِ حَتَّى يَرَاهُ بَعْدَ طُولِ سُرُورِهِ بِمَكَانِهِ مُتَثَاقِلًا بِمَكَانِهِ وَإِذَا تَوَانَى عَنْ صِيَانَةِ نَفْسِهِ رَجُلٌ تُنُقِّصَ وَاسْتُخِفَّ بِشَانِهِ وَبِحَسَبِ ذَلِكَ فَلْيَكُنْ فِي عِتَابِهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْعِتَابِ سَبَبٌ لِلْقَطِيعَةِ وَإِطْرَاحَ جَمِيعِهِ دَلِيلٌ عَلَى قِلَّةِ الاكْتِرَاثِ بِأَمْرِ الصَّدِيقِ.

وَقَدْ قِيلَ: عِلَّةُ الْمُعَادَاةِ قِلَّةُ الْمُبَالاةِ. بَلْ تُتَوَسَّطُ حَالَتَا تَرْكِهِ وَعِتَابِهِ فَيُسَامِحُ بِالْمُتَارَكَةِ وَيُسْتَصْلَحُ بِالْمُعَاتَبَةِ، فَإِنَّ الْمُسَامَحَةَ وَالاسْتِصْلاَحَ إذَا اجْتَمَعَا لَمْ يَلْبَثْ مَعَهُمَا نُفُورٌ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُمَا وَجْدٌ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: لاَ تُكْثِرَنَّ مُعَاتَبَةَ إخْوَانِك، فَيَهُونَ عَلَيْهِمْ سَخَطُك. وَقَالَ مَنْصُورٌ النَّمَرِيُّ: أَقْلِلْ عِتَابَ مَنْ اسْتَرَبْت بِوُدِّهِ لَيْسَتْ تُنَالُ مَوَدَّةٌ بِعِتَابِ وَقَالَ بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ: إذَا كُنْت فِي كُلِّ الامُورِ مُعَاتِبًا صَدِيقَك لَمْ تَلْقَ الَّذِي لاَ تُعَاتِبُهْ وَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَشْرَبْ مِرَارًا عَلَى الْقَذَى ظَمِئْتَ وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ فَعِشْ وَاحِدًا أَوْ صِلْ أَخَاك فَإِنَّهُ مُقَارِفُ ذَنْبٍ مَرَّةً وَمُجَانِبُهْ ثُمَّ إنَّ مِنْ حَقِّ الاخْوَانِ أَنْ تَغْفِرَ هَفْوَتَهُمْ، وَتَسْتُرَ زَلَّتَهُمْ؛ لِأَنَّ مَنْ رَامَ بَرِيئًا مِنْ الْهَفَوَاتِ، سَلِيمًا مِنْ الزَّلاَتِ، رَامَ أَمْرًا مُعْوِزًا، وَاقْتَرَحَ وَصْفًا مُعْجِزًا. وَقَدْ قَالَتْ الْحُكَمَاءُ: أَيُّ عَالِمٍ لاَ يَهْفُو، وَأَيُّ صَارِمٍ لاَ يَنْبُو، وَأَيُّ جَوَادٍ لاَ يَكْبُو. وَقَالُوا: مَنْ حَاوَلَ صَدِيقًا يَأْمَنُ زَلَّتَهُ وَيَدُومُ اغْتِبَاطُهُ بِهِ، كَانَ كَضَالِّ الطَّرِيقِ الَّذِي لاَ يَزْدَادُ لِنَفْسِهِ إتْعَابًا الا ازْدَادَ مِنْ غَايَتِهِ بُعْدًا. وَقِيلَ لِخَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ: أَيُّ إخْوَانِك أَحَبُّ إلَيْك ؟ قَالَ: مَنْ غَفَرَ زَلَلِي، وَقَطَعَ عِلَلِي، وَبَلَّغَنِي أَمَلِي.

وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: مَا كِدْتُ أَفْحَصُ عَنْ أَخِي ثِقَةٍ الا نَدِمْتُ عَوَاقِبَ الْفَحْصِ وَأَنْشَدْت عَنْ الرَّبِيعِ لِلشَّافِعِيِّ رضي الله عنه: أُحِبُّ مِنْ الاخْوَانِ كُلَّ مَوَاتِي وَكُلَّ غَضِيضِ الطَّرْفِ عَنْ عَثَرَاتِي يُوَافِقُنِي فِي كُلِّ أَمْرٍ أُرِيدُهُ وَيَحْفَظُنِي حَيًّا وَبَعْدَ وَفَاتِي فَمَنْ لِي بِهَذَا لَيْتَ أَنِّي أَصَبْته فَقَاسَمْته مَا لِي مِنْ الْحَسَنَاتِ تَصَفَّحْت إخْوَانِي وَكَانَ أَقَلُّهُمْ عَلَى كَثْرَةِ الاخْوَانِ أَهْلَ ثِقَاتِي وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ: إذَا أَنْتَ لَمْ تَسْتَقْلِلْ الامْرَ لَمْ تَجِدْ بِكَفَّيْك فِي إدْبَارِهِ مُتَعَلِّقَا إذَا أَنْتَ لَمْ تَتْرُكْ أَخَاك وَزَلَّةً إذَا زَلَّهَا أَوْشَكْتُمَا أَنْ تَفَرَّقَا وَحَكَى الاصْمَعِيُّ عَنْ بَعْضِ الاعْرَابِ أَنَّهُ قَالَ: تَنَاسَ مَسَاوِئَ الاخْوَانِ يَدُمْ لَك وُدُّهُمْ. وَوَصَّى بَعْضُ الادَبَاءِ أَخًا لَهُ فَقَالَ: كُنْ لِلْوُدِّ حَافِظًا وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مُحَافِظًا، وَلِلْخَلِّ وَاصِلًا وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مُوَاصِلًا. وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ إيَادٍ لِيَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ: إذَا لَمْ تَجَاوَزْ عَنْ أَخٍ عِنْدَ زَلَّةٍ فَلَسْت غَدًا عَنْ عَثْرَتِي مُتَجَاوِزَا وَكَيْفَ يُرَجِّيكَ الْبَعِيدُ لِنَفْعِهِ إذَا كَانَ عَنْ مَوْلاَك خَيْرُك عَاجِزَا ظَلَمْت أَخًا كَلَّفْته فَوْقَ وُسْعِهِ وَهَلْ كَانَتْ الاخْلاَقُ الا غَرَائِزَا وَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ، كَاتِب الرَّضِيِّ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ الرَّضِيِّ فَشَكَا رَجُلٌ مِنْ أَخِيهِ، فَأَنْشَدَ الرَّضِيُّ: اُعْذُرْ أَخَاك عَلَى ذُنُوبِهِ وَاسْتُرْ وَغَطِّ عَلَى عُيُوبِهِ وَاصْبِرْ عَلَى بَهْتِ السَّفِيهِ وَلِلزَّمَانِ عَلَى خُطُوبِهِ وَدَعْ الْجَوَابَ تَفَضُّلًا وَكِلِ الظَّلُومَ إلَى حَسِيبِهِ وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْحِلْمَ عِنْدَ الْغَيْظِ أَحْسَنُ مِنْ رُكُوبِهِ وَحُكِيَ عَنْ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ أَنَّهَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيَّ، وَكَانَ أَجْوَدَ قُرَيْشٍ فِي زَمَانِهِ: مَا رَأَيْت قَوْمًا الامَ مِنْ إخْوَانِك، قَالَ مَهْ وَلِمَ ذَلِكَ ؟ قَالَتْ: أَرَاهُمْ إذَا أَيْسَرْت لَزِمُوك، وَإِذَا أَعْسَرْت تَرَكُوك. قَالَ: هَذَا وَاَللَّهِ مِنْ كَرَمِهِمْ، يَأْتُونَنَا فِي حَالِ الْقُوَّةِ بِنَا عَلَيْهِمْ، وَيَتْرُكُونَنَا فِي حَالِ الضَّعْفِ بِنَا عَنْهُمْ. فَانْظُرْ كَيْفَ تَأَوَّلَ بِكَرْمِهِ هَذَا التَّأْوِيلَ حَتَّى جَعَلَ قَبِيحَ فِعْلِهِمْ حَسَنًا، وَظَاهِرَ غَدْرِهِمْ وَفَاءً. وَهَذَا مَحْضُ الْكَرَمِ وَلُبَابُ الْفَضْلِ، وَبِمِثْلِ هَذَا يَلْزَمُ ذَوِي الْفَضْلِ أَنْ يَتَأَوَّلُوا الْهَفَوَاتِ مِنْ إخْوَانِهِمْ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: إذَا مَا بَدَتْ مِنْ صَاحِبٍ لَك زَلَّةٌ فَكُنْ أَنْتَ مُحْتَالا لِزَلَّتِهِ عُذْرَا أُحِبُّ الْفَتَى يَنْفِي الْفَوَاحِشَ سَمْعُهُ كَأَنَّ بِهِ عَنْ كُلِّ فَاحِشَةٍ وَقْرَا سَلِيمُ دَوَاعِي الصَّبْرِ لاَ بَاسِطٌ أَذًى وَلاَ مَانِعٌ خَيْرًا وَلاَ قَائِلٌ هَجْرَا وَالدَّاعِي إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ شَيْئَانِ: التَّغَافُلُ الْحَادِثُ عَنْ الْفَطِنَةِ، وَالتَّأَلُّفُ الصَّادِرُ عَنْ الْوَفَاءِ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: وَجَدْت أَكْثَرَ أُمُورِ الدُّنْيَا لاَ تَجُوزُ الا بِالتَّغَافُلِ. وَقَالَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ: مَنْ شَدَّدَ نَفَّرَ، وَمَنْ تَرَاخَى تَأَلَّفَ، وَالشَّرَفُ فِي التَّغَافُلِ. وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ الادِيبُ: الْعَاقِلُ هُوَ الْفَطِنُ الْمُتَغَافِلُ. وَقَالَ الطَّائِيُّ: لَيْسَ الْغَبِيُّ بِسَيِّدٍ فِي قَوْمِهِ لَكِنَّ سَيِّدَ قَوْمِهِ الْمُتَغَابِي وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ: إنَّ فِي صِحَّةِ الاخَاءِ مِنْ النَّاسِ وَفِي خُلَّةِ الْوَفَاءِ لَقِلَّهْ فَالْبَسْ النَّاسَ مَا اسْتَطَعْت عَلَى النَّقْصِ وَالا لَمْ تَسْتَقِمْ لَك خُلَّهْ عِشْ وَحِيدًا إنْ كُنْت لاَ تَقْبَلُ الْعُذْرَ وَإِنْ كُنْت لاَ تَجَاوَزُ زَلَّهْ مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ خُلِقْنَا غَيْرَ أَنَّا فِي الْمَالِ أَوْلاَدُ عِلَّهْ وَمِمَّا يَتْبَعُ هَذَا الْفَصْلَ تَأَلُّفُ الاعْدَاءِ بِمَا يُنْئِيهِمْ عَنْ الْبَغْضَاءِ وَيَعْطِفُهُمْ عَلَى الْمَحَبَّةِ. وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بِصُنُوفٍ مِنْ الْبِرِّ وَيَخْتَلِفُ بِسَبَبِ اخْتِلاَفِ الاحْوَالِ.

فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ سِمَاتِ الْفَضْلِ وَشُرُوطِ السُّؤْدُدِ، فَإِنَّهُ مَا أَحَدٌ يَعْدَمُ عَدُوًّا وَلاَ يَفْقِدُ حَاسِدًا. وَبِحَسَبِ قَدْرِ النِّعْمَةِ تَكْثُرُ الاعْدَاءُ وَالْحَسَدَةُ، كَمَا قَالَ الْبُحْتُرِيُّ: وَلَنْ تَسْتَبِينَ الدَّهْرَ مَوْقِعَ نِعْمَةٍ إذَا أَنْتَ لَمْ تَدْلُلْ عَلَيْهَا بِحَاسِدِ فَإِنْ أَغْفَلَ تَأَلُّفَ الاعْدَاءِ مَعَ وُفُورِ النِّعْمَةِ وَظُهُورِ الْحَسَدَةِ، تَوَالَى عَلَيْهِ مِنْ مَكْرِ حَلِيمِهِمْ، وَبَادِرَةِ سَفِيهِهِمْ، مَا تَصِيرُ بِهِ النِّعْمَةُ غَرَامًا وَالزَّعَامَةُ مَلاَمًا. وَرَوَى ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الايمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوَدُّدُ إلَى النَّاسِ}. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد عليهما السلام، لِابْنِهِ: لاَ تَسْتَكْثِرْ أَنْ يَكُونَ لَك أَلْفُ صَدِيقٍ، فَالالْفُ قَلِيلٌ. وَلاَ تَسْتَقِلَّ أَنْ يَكُونَ لَك عَدُوٌّ وَاحِدٌ، فَالْوَاحِدُ كَثِيرٌ. فَنَظَّمَ ابْنُ الرُّومِيِّ هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ: فَكَثِّرْ مِنْ الاخْوَانِ مَا اسْتَطَعْت إنَّهُمْ بُطُونٌ إذَا اسْتَنْجَدْتَهُمْ وَظُهُورُ وَلَيْسَ كَثِيرًا أَلْفُ خِلٍّ وَصَاحِبٍ وَإِنَّ عَدُوًّا وَاحِدًا لَكَثِيرُ وَقِيلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: مَا أَفَدْت فِي مِلْكِك هَذَا ؟ قَالَ: مَوَدَّةَ الرِّجَالِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مِنْ عَلاَمَةِ الاقْبَالِ اصْطِنَاعُ الرِّجَالِ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: مَنْ اسْتَصْلَحَ عَدُوَّهُ زَادَ فِي عَدَدِهِ، وَمَنْ اسْتَفْسَدَ صَدِيقَهُ نَقَصَ مِنْ عَدَدِهِ. وَقَالَ بَعْضُ الادَبَاءِ: الْعَجَبُ مِمَّنْ يَطْرَحُ عَاقِلًا كَافِيًا لِمَا يُضْمِرُهُ مِنْ عَدَاوَتِهِ، وَيَصْطَنِعُ عَاجِزًا جَاهِلًا لِمَا يُظْهِرُهُ مِنْ مَحَبَّتِهِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى اسْتِصْلاَحِ مَنْ يُعَادِيهِ بِحُسْنِ صَنَائِعِهِ وَأَيَادِيهِ. وَأَنْشَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ثَلاَثَةَ أَبْيَاتٍ جَامِعَةً لِكُلِّ مَا قَالَتْهُ الْعَرَبُ، وَهِيَ لِلْأَفْوَهِ وَاسْمُهُ صَلاَءَةُ بْنُ عَمْرٍو حَيْثُ يَقُولُ: بَلَوْتُ النَّاسَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ فَلَمْ أَرَ غَيْرَ خَتَّالٍ وَقَالِي وَذُقْتُ مَرَارَةَ الاشْيَاءِ جَمْعًا فَمَا طَعْمٌ أَمَرُّ مِنْ السُّؤَالِ وَلَمْ أَرَ فِي الْخُطُوبِ أَشَدَّ هَوْلًا وَأَصْعَبَ مِنْ مُعَادَاةِ الرِّجَالِ وَقَالَ الْقَاضِي التَّنُوخِيُّ: إلْقَ الْعَدُوَّ بِوَجْهٍ لاَ قُطُوبَ بِهِ يَكَادُ يَقْطُرُ مِنْ مَاءِ الْبَشَاشَاتِ فَأَحْزَمُ النَّاسِ مَنْ يَلْقَى أَعَادِيهِ فِي جِسْمِ حِقْدٍ وَثَوْبٍ مِنْ مَوَدَّاتِ الرِّفْقُ يُمْنٌ وَخَيْرُ الْقَوْلِ أَصْدَقُهُ وَكَثْرَةُ الْمَزْحِ مِفْتَاحُ الْعَدَاوَاتِ وَأَنْشَدْت عَنْ الرَّبِيعِ، لِلشَّافِعِيِّ رضي الله عنه: لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أَحْقِدْ عَلَى أَحَدٍ أَرَحْتُ نَفْسِي مِنْ هَمِّ الْعَدَاوَاتِ إنِّي أُحَيِّي عَدُوِّي عِنْدَ رُؤْيَتِهِ لِأَدْفَعَ الشَّرَّ عَنِّي بِالتَّحِيَّاتِ وَأُظْهِرُ الْبِشْرَ لِلْإِنْسَانِ أَبْغَضُهُ كَأَنَّمَا قَدْ حَشَى قَلْبِي مَحَبَّاتِ النَّاسُ دَاءٌ دَوَاءُ النَّاسِ قُرْبُهُمْ وَفِي اعْتِزَالِهِمْ قَطْعُ الْمَوَدَّاتِ وَلَيْسَ - وَإِنْ كَانَ بِتَأَلُّفِ الاعْدَاءِ مَأْمُورًا، وَإِلَى مُقَارِبَتِهِمْ مَنْدُوبًا - يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُمْ رَاكِنًا، وَبِهِمْ وَاثِقًا، بَلْ يَكُونَ مِنْهُمْ عَلَى حَذَرٍ، وَمِنْ مَكْرِهِمْ عَلَى تَحَرُّزٍ، فَإِنَّ الْعَدَاوَةَ إذَا اسْتَحْكَمَتْ فِي الطِّبَاعِ صَارَتْ طَبْعًا لاَ يَسْتَحِيلُ، وَجِبِلَّةً لاَ تَزُولُ. وَإِنَّمَا يُسْتَكْفَى بِالتَّأَلُّفِ إظْهَارُهَا، وَيُسْتَدْفَعُ بِهِ أَضْرَارُهَا، كَالنَّارِ يُسْتَدْفَعُ بِالْمَاءِ إحْرَاقُهَا، وَيُسْتَفَادُ بِهِ إنْضَاجُهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُحْرِقَةً بِطَبْعٍ لاَ يَزُولُ وَجَوْهَرٍ لاَ يَتَغَيَّرُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ: وَإِذَا عَجَزْت عَنْ الْعَدُوِّ فَدَارِهِ وَامْزَحْ لَهُ إنَّ الْمِزَاحَ وِفَاقُ فَالنَّارُ بِالْمَاءِ الَّذِي هُوَ ضِدُّهَا تُعْطِي النِّضَاجَ وَطَبْعُهَا الاحْرَاقُ.

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :وَأَمَّا الْمُؤَاخَاةُ بِالْمَوَدَّة ـ1بدايةـ

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لِنَافِذِ قُدْرَتِهِ وَبَالِغِ حِكْمَتِهِ

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :سُلْطَانٌ قَاهِرٌ تَتَأَلَّفُ مِنْ رَهْبَتِهِ الاهْوَاءُ الْمُخْتَلِفَةُ

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا : عَدْلٌ شَامِلٌ يَدْعُو إلَى الالْفَةِ

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :أَمْنٌ عَامٌّ و خِصْبُ دَار و أَمَلٌ فَسِيحٌ

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :مَا يَصْلُحُ بِهِ حَالُ الانْسَانِ

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :وَأَمَّا النَّسَبُ

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :وَأَمَّا الْمُصَاهَرَةُ مِنْهَا

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :وَأَمَّا الْمُؤَاخَاةُ بِالْمَوَدَّةِ

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :وَأَمَّا الْمُؤَاخَاةُ بِالْمَوَدَّة ـ تتمة ـ ة

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :وَأَمَّا الْبِرُّ وَعَلَيْك

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :الْبَذْلُ وَالْعَطَاءُ

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا : الْمَعْرُوفُ وَعَلَيْك

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :الْمَادَّةُ الْكَافِيَةُ

الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :أَفَادَتْنِي الْقَنَاعَةُ كُلَّ عِزٍّ


عدد المشاهدات *:
466696
عدد مرات التنزيل *:
94343
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 12/05/2007 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 12/05/2007

الكتب العلمية

روابط تنزيل : الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :وَأَمَّا الْمُؤَاخَاةُ بِالْمَوَدَّة ـ تتمة ـ
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  الْبَابُ الرَّابِعُ أَدَبُ الدُّنْيَا :وَأَمَّا الْمُؤَاخَاةُ بِالْمَوَدَّة ـ تتمة ـ لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
الكتب العلمية


@designer
1