اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 18 رمضان 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????? ?????????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ???????? ?????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

سم الله

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى
الجزء الثاني
قصة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام
باب بيان أن الله تعالى منزه عن الولد
البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى
قال تعالى في آخر هذه السورة وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا ادا أي شيئا عظيما ومنكرا من القول وزورا تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا فبين أنه تعالى لا ينبغي له الولد لأنه خالق كل شيء ومالكه وكل شيء فقير إليه خاضع ذليل لديه وجميع سكان السموات والأرض عبيده وهو ربهم لا إله إلا هو ولا رب سواه كما قال تعالى وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهواللطيف الخبير فبين أنه خالق كل شيء فكيف يكون له ولد والولد لا يكون إلا بين شيئين متناسبين والله تعالى لا نظير له ولا شبيه له ولا عديل له فلا صاحبة له فلا يكون له ولد كما قال تعالى قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد تقرر أنه الأحد الذي لا نظير له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله الصمد وهو السيد الذي كمل في علمه وحكمته ورحمته وجميع صفاته لم يلد أي لم يوجد منه ولد
ولم يولد أي ولم يتولد عن شيء قبله ولم يكن له كفوا أحدا أي وليس له عدل ولا مكافىء ولا مساو فقطع النظير المداني الأعلى والمساوي فانتفى أن يكون له ولد إذ لا يكون الولد إلا متولدا بين شيئين متعادلين أو متقاربين تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وقال تبارك وتعالى وتقدس يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم اليه جميعا فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا
ينهى تعالى أهل الكتاب ومن شابههم عن الغلو والاطراء في الدين وهو مجاوزة الحد فالنصارى لعنهم الله غلوا وأطروا المسيح حتى جاوزوا الحد فكان الواجب عليهم أن يعتقدوا أنه عبدالله ورسوله وابن أمته العذراء البتول التي أحصنت فرجها فبعث الله الملك جبريل اليها فنفخ فيها عن أمر الله نفخة حملت منها بولدها عيسى عليه السلام والذي اتصل بها من الملك هي الروح المضافة إلى الله اضافة تشريف وتكريم وهي مخلوقة من مخلوقات الله تعالى كما يقال بيت الله وناقة الله وعبدالله وكذا روح الله أضيفت اليه تشريفا لها وتكريما وسمي عيسى بها لأنه كان بها من غير اب وهي الكلمة أيضا التي عنها خلق وبسببها وجد كما قال تعالى إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون وقال تعالى وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل له ما في السموات والأرض كل له قانتون بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وقال تعالى وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهؤن قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون فأخبر تعالى أن اليهود والنصارى عليهم لعائن الله كل من الفريقين ادعوا على الله شططا وزعموا أن له ولدا تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا وأخبر أنهم ليس لهم مستند فيما زعموه ولا فيما ائتفكوه الا مجرد القول ومشابهة من سبقهم إلى هذه المقالة الضالة تشابهت قلوبهم وذلك أن الفلاسفة عليهم لعنة الله زعموا أن العقل الأول صدر عن واجب الوجود الذي يعبرون عنه بعلة العلل والمبدأ الأول وأنه صدر عن العقل الأول عقل ثان ونفس وفلك ثم صدر عن الثاني كذلك حتى تناهت العقول إلى عشرة والنفوس إلى تسعة والأفلاك إلى تسعة باعتبارات فاسدة ذكروها واختيارات باردة أوردوها ولبسط الكلام معهم وبيان جهلهم وقلة عقلهم موضع آخر وهكذا طوائف من مشركي العرب زعموا لجهلهم أن الملائكة بنات الله وانه صاهر سروات الجن فتولد منهما الملائكة تعالى الله عما
يقولون وتنزه عما يشركون كما قال تعالى وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون وقال تعالى فاستفتهم الربك البنات ولهم البنون أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون الا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وانهم لكاذبون اصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون أفلا تذكرون أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون سبحان الله عما يصفون الا عباد الله المخلصين وقال تعالى وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين وقال تعالى في أول سورة الكهف وهي مكية الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين قالوا يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون الا كذبا وقال تعالى قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السموات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم الينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون فهذه الآيات المكيات الكريمات تشمل الرد على سائر فرق الكفرة من الفلاسفة ومشركي العرب واليهود والنصارى الذين ادعوا وزعموا بلا علم أن لله ولدا سبحانه وتعالى عما يقولون الظالمون المعتدون علوا كبيرا
ولما كانت النصارى عليهم لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة من أشهر من قال بهذه المقالة ذكروا في القرآن كثيرا للرد عليهم وبيان تناقضهم وقلة علمهم وكثرة جهلهم وقد تنوعت أقوالهم في كفرهم وذلك أن الباطل كثير التشعب والاختلاف والتناقض وأما الحق فلا يختلف ولا يضطرب قال الله تعالى ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فدل على أن الحق يتحد ويتفق والباطل يختلف ويضطرب فطائفة من ضلالهم وجهالهم زعموا أن المسيح هو الله تعالى وطائفة قالوا هو ابن الله عز الله وطائفة قالوا هو ثالث ثلاثة جل الله قال الله تعالى في سورة المائدة لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير فأخبر تعالى عن كفرهم وجهلهم وبين أنه الخالق القادر على كل شيء المتصرف في كل شيء وأنه رب كل شيء ومليكه والهه وقال في أواخرها لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يا بني اسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين
من أنصار لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا الله واحد وان لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب اليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ما المسيح بن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون حكم تعالى بكفرهم شرعا وقدرا فأخبر أن هذا صدر منهم مع أن الرسول اليهم هو عيسى بن مريم قد بين لهم أنه عبد مربوب مخلوق مصور في الرحم داع إلى عبادة الله وحده لا شريك له وتوعدهم على خلاف ذلك بالنار وعدم الفوز بدار القرار والخزي في الدار الآخرة والهوان والعار ولهذا قال إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ثم قال لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد قال ابن جرير وغيره المراد بذلك قولهم بالأقانيم الثلاثة أقنوم الأب وأقنوم الابن وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب إلى الابن على اختلافهم في ذلك ما بين الملكية واليعقوبية والنسطورية عليهم لعائن الله كما سنبين كيفية اختلافهم في ذلك ومجامعهم الثلاثة في زمن قسطنطين بن قسطس وذلك بعد المسيح بثلاثمائة سنة وقبل البعثة المحمدية بثلاثمائة سنة ولهذا قال تعالى وما من إله إلا إله واحد أي وما من إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نظير له ولا كفوء له ولا صاحبة له ولا ولد ثم توعدهم وتهددهم فقال وان لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ثم دعاهم برحمته ولطفه إلى التوبة والاستغفار من هذه الأمور الكبار والعظائم التي توجب النار فقال أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ثم بين حال المسيح وامه وانه عبد رسول وأمه صديقة أي ليست بفاجرة كما يقوله اليهود لعنهم الله وفيه دليل على أنها ليست بنبية كما زعمه طائفة من علمائنا وقوله كانا يأكلان الطعام كناية عن خروجه منهما كما يخرج من غيرهما أي ومن كان بهذه المثابة كيف يكون الها تعالى الله عن قولهم وجهلهم علوا كبيرا وقال السدي وغيره المراد بقوله لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة زعمهم في عيسى وأمه أنهما الالهان مع الله يعني كما بين تعالى كفرهم في ذلك بقوله في آخر هذه السورة الكريمة وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك انك أنت علام الغيوب ما قلت لهم الا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وانت على كل شيء شهيد إن تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم يخبر تعالى أنه يسأل عيسى بن مريم يوم القيامة على سبيل الاكرام له والتقريع والتوبيخ لعابديه عمن كذب عليه وافترى وزعم أنه ابن الله أو أنه الله أو أنه شريكه تعالى الله عما يقولون فيسأله وهو يعلم أنه لم يقع منه ما يسأله عنه ولكن لتوبيخ من كذب عليه فيقول له أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله قال سبحانك أي تعاليت أن يكون معك شريك
ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق أي ليس هذا يستحقه أحد سواك وان كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك انك أنت علام الغيوب وهذا تأدب عظيم في الخطاب والجواب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به حين أرسلتني اليهم وأنزلت على الكتاب الذي كان يتلى عليهم ثم فسر ما قال لهم بقوله أن اعبدوا الله ربي وربكم أي خالقي وخالقكم ورازقي ورازقكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني أي رفعتني اليك حين أرادوا قتلي وصلبي فرحمتني وخلصتني منهم والقيت شبهي على أحدهم حتى انتقموا منه فلما كان ذلك كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ثم قال على وجه التفويض إلى الرب عز وجل والتبري من أهل النصرانية إن تعذبهم فإنهم عبادك أي وهم يستحقون ذلك وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم وهذا التفويض والاسناد إلى المشيئة بالشرط لا يقتضي وقوع ذلك ولهذا قال فإنك أنت العزيز الحكيم ولم يقل الغفور الرحيم
وقد ذكرنا في التفسير ما رواه الإمام أحمد عن أبي ذران رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بهذه الآية الكريمة ليلة حتى أصبح إن تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم وقال إني سألت ربي عز وجل الشفاعة لأمتي فاعطانيها وهي نائلة إن شاء الله تعالى لمن لا يشرك بالله شيئا وقال وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون وله من في السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون وقال تعالى لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار خلق السموات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار وقال تعالى قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون وقال تعالى وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا وقال تعالى قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا وثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يقول الله تعالى شتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك يزعم أن لي ولدا وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد وفي الصحيح أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله إنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم ولكن ثبت في الصحيح أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة ان أخذه اليم شديد وهكذا قوله تعالى وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها والي المصير وقال تعالى نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ وقال تعالى قل ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون
متاع في الدنيا ثم الينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون وقال تعالى فمهل الكافرين أمهلهم رويدا
منشأ عيسى بن مريم عليهما السلام وبيان بدء الوحي اليه من الله تعالى
قد تقدم أنه ولد ببيت لحم قريبا من بيت المقدس وزعم وهب بن منبه أنه ولد بمصر وان مريم سافرت هي ويوسف بن يعقوب النجار وهي راكبة على حمار ليس بينهما وبين الاكاف شيء وهذا لا يصح والحديث الذي تقدم ذكره دليل على أن مولده كان ببيت لحم كما ذكرنا ومهما عارضه فباطل
وذكر وهب بن منبه أنه لما ولد خرت الأصنام يومئذ في مشارق الأرض ومغاربها وأن الشياطين حارت في سبب ذلك حتى كشف لهم ابليس الكبير أمر عيسى فوجدوه في حجر أمه والملائكة محدقة به وأنه ظهر نجم عظيم في السماء وأن ملك الفرس اشفق من ظهوره فسأل الكهنة عن ذلك فقالوا هذا لمولد عظيم في الأرض فبعث رسله ومعهم ذهب ومرو لبان هدية إلى عيسى فلما قدموا الشام سألهم ملكها عما أقدمهم فذكروا له ذلك فسأل عن ذلك الوقت فإذا قد ولد فيه عيسى بن مريم ببيت المقدس واشتهر أمره بسبب كلامه في المهد فأرسلهم إليه بما معهم وأرسل معهم من يعرفه له ليتوصل إلى قتله إذا انصرفوا عنه فلما وصلوا إلى مريم بالهدايا ورجعوا قيل لها ان رسل ملك الشام انما جاؤا ليقتلوا ولدك فاحتملته فذهبت به إلى مصر فأقامت به حتى بلغ عمره اثنتي عشرة سنة وظهرت عليه كرامات ومعجزات في حال صغره فذكر منها أن الدهقان الذي نزلوا عنده افتقد مالا من داره وكانت داره لا يسكنها الا الفقراء والضعفاء والمحاويج فلم يدر من أخذه وعز ذلك على مريم عليها السلام وشق على الناس وعلى رب المنزل وأعياهم أمرها فلما رأى عيسى عليه السلام ذلك عمد إلى رجل أعمى وآخر مقعد من جملة من هو منقطع اليه فقال للأعمى احمل هذا المقعد وانهض به فقال إني لا أستطيع ذلك فقال بلى كما فعلت أنت وهو حين أخذتما هذا المال من تلك الكوة من الدار فلما قال ذلك صدقاه فيما قال وأتيا بالمال فعظم عيسى في أعين الناس وهو صغير جدا
ومن ذلك أن ابن الدهقان عمل ضيافة للناس بسبب طهور أولاده فلما اجتمع الناس وأطعمهم ثم أراد أن يسقيهم شرابا يعني خمرا كما كانوا يصنعون في ذلك الزمان لم يجد في جراره شيئا فشق ذلك عليه فلما رأى عيسى ذلك منه قام فجعل يمر على تلك الجرار ويمر يده على أفواهها فلا يفعل بجرة منها ذلك إلا امتلأت شرابا من خيار الشراب فتعجب الناس من ذلك جدا وعظموه وعرضوا عليه
وعلى أمه مالا جزيلا فلم يقبلاه وارتحلا قاصدين بيت المقدس والله أعلم
وقال إسحاق بن بشر أنبأنا عثمان بن ساج وغيره عن موسى بن وردان عن أبي نضرة عن أبي سعيد وعن مكحول عن أبي هريرة قال إن عيسى بن مريم أول ما أطلق الله لسانه بد الكلام الذي تكلم به وهو طفل فمجد الله تمجيدا لم تسمع الآذان بمثله لم يدع شمسا ولا قمرا ولا جبلا ولا نهرا ولا عينا إلا ذكره في تمجيده فقال اللهم أنت القريب في علوك المتعال في دنوك الرفيع على كل شيء من خلقك أنت الذي خلقت سبعا في الهواء بكلماتك مستويات طباقا أجبن وهن دخان من فرقك فاتين طائعات لامرك فيهن ملائكتك يسبحون قدسك لتقديسك وجعلت فيهن نورا على سواد الظلام وضياء من ضوء الشمس بالنهار وجعلت فيهن الرعد المسبح بالحمد فبعزتك يجلو ضوء ظلمتك وجعلت فيهن مصابيح يهتدي بهن في الظلمات الحيران فتباركت اللهم في مفطور سمواتك وفيما دحوت من أرضك دحوتها على الماء فسمكتها على تيار الموج الغامر فأذللتها إذلال التظاهر فذل لطاعتك صعبها واستحيى لأمرك أمرها وخضعت لعزتك أمواجها ففجرت فيها بعد البحور الأنهار ومن بعد الأنهار الجداول الصغار ومن بعد الجداول ينابيع العيون الغزار ثم أخرجت منها والأنهار الأشجار والثمار ثم جعلت على ظهرها الجبال فوتدتها أوتادا على ظهر الماء فأطاعت أطوادها وجلمودها فتباركت اللهم فمن يبلغ بنعته نعتك أمن يبلغ بصفته صفتك تنشر السحاب وتفك الرقاب وتقضي الحق وأنت خير الفاصلين لا إله إلا أنت سبحانك أمرت أن نستغفرك من كل ذنب لا إله إلا أنت سبحانك سترت السموات عن الناس لا إله إلا أنت سبحانك إنما يغشاك من عبادك الأكياس نشهد أنك لست باله استحدثناك ولا رب يبيد ذكره ولا كان معك شركاء فندعوهم ونذكرك ولا أعانك على خلقنا أحد فنشك فيك نشهد أنك أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن لك كفوا أحد
وقال إسحاق بن بشر عن جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس إن عيسى بن مريم أمسك عن الكلام بعد أن كلمهم طفلا حتى بلغ ما يبلغ الغلمان ثم أنطقه الله بعد ذلك الحكمة والبيان فأكثر اليهود فيه وفي أمه من القول وكانوا يسمونه ابن البغية وذلك قوله تعالى وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما قال فلما بلغ سبع سنين أسلمته أمه في الكتاب فجعل لا يعلمه المعلم شيئا إلا بدره إليه فعلمه أبا جاد فقال عيسى ما أبو جاد فقال المعلم لا أدري فقال عيسى كيف تعلمني مالا تدري فقال المعلم إذا فعلمني فقال له عيسى فقم من مجلسك فقام فجلس عيسى محلسه فقال سلني فقال المعلم ما أبو جاد فقال عيسى الألف آلاء الله والباء بهاء الله والجيم بهجة الله وجماله فعجب المعلم من ذلك فكان أول من فسر أبا جاد ثم ذكر أن عثمان سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابه على كل كلمة بحديث طويل موضوع
لا يسأل ولا يتمادى وهكذا روى ابن عدي من حديث إسماعيل بن عياش عن إسمعيل بن يحيى عن ابن مليكة عمن حدثه عن ابن مسعود وعن مسعر بن كدام عن عطية عن أبي سعيد رفع الحديث في دخول عيسى إلى الكتاب وتعليمه المعلم معنى حروف أبي جاد وهو مطول لا يفرح به ثم قال ابن عدي وهذا الحديث باطل بهذا الإسناد لا يرويه غير إسمعيل وروى ابن لهيعة عن عبدالله بن هبيرة قال كان عبدالله بن عمر يقول كان عيسى بن مريم وهو غلام يلعب مع الصبيان فكان يقول لأحدهم تريد أن أخبرك ما خبأت لك أمك فيقول نعم فيقول خبأت لك كذا وكذا فيذهب الغلام منهم إلى أمه فيقول لها أطعميني ما خبأت لي فتقول وأي شيء خبأت لك فيقول كذا وكذا فتقول له من أخبرك فيقول عيسى بن مريم فقالوا والله لئن تركتم هؤلاء الصبيان مع ابن مريم ليفسدنهم فجمعوهم في بيت وأغلقوا عليهم فخرج عيسى يلتمسهم فلم يجدهم فسمع ضوضاءهم في بيت فسأل عنهم فقالوا إنما هؤلاء قردة وخنازير فقال اللهم كذلك فكانوا كذلك رواه ابن عساكر
وقال إسحق بن بشر عن جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال وكان عيسى يرى العجائب في صباه الهاما من الله ففشا ذلك في اليهود وترعرع عيسى فهمت به بنو إسرائيل فخافت أمه عليه فأوحى الله إلى أمه أن تنطلق به إلى أرض مصر فذلك قوله تعالى وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين
وقد اختلف السلف والمفسرون في المراد بهذه الربوة التي ذكر الله من صفتها أنها ذات قرار ومعين وهذه صفة غريبة الشكل وهي أنها ربوة وهو المكان المرتفع من الأرض الذي أعلاه مستو يقر عليه وارتفاعه متسع ومع علوه فيه عيون الماء معين وهو الجاري السارح على وجه الارض فقيل المراد المكان الذي ولدت فيه المسيح وهو نخلة بيت المقدس ولهذا ناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهو النهر الصغير في قول جمهور السلف وعن ابن عباس بإسناد جيد أنها أنهار دمشق فلعله أراد تشبيه ذلك المكان بأنهار دمشق وقيل ذلك بمصر كما زعمه من زعمه من أهل الكتاب ومن تلقاه عنهم والله أعلم وقيل هي الرملة وقال إسحق بن بشر قال لنا إدريس عن جده وهب بن منبه قال إن عيسى لما بلغ ثلاث عشرة سنة أمر الله أن يرجع من بلاد مصر إلى بيت ايليا قال فقدم عليه يوسف بن خال أمه فحملهما على حمار حتى جاء بهما إلى ايليا وأقام بها حتى أحدث الله له الإنجيل وعلمه التوراة وأعطاء إحياء الموتى وإبراء الأسقام والعلم بالغيوب مما يدخرون في بيوتهم وتحدث الناس بقدومه وفزعوا لما كان يأتي من العجائب فجعلوا يعجبون منه فدعاهم إلى الله ففشا فيهم أمره
بيان نزول الكتب الأربعة ومواقيتها
قال أبو زرعة الدمشقي حدثنا عبدالله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عمن حدثه قال أنزلت التوراة على موسى في ست ليال خلون من شهر رمضان ونزل الزبور على داود في اثنتي عشر ليلة خلت من شهر رمضان وذلك بعد التوراة بأربعمائة سنة واثنتين وثمانين سنة وأنزل الإنجيل على عيسى بن مريم في ثمانية عشرة ليلة خلت من رمضان بعد الزبور بألف عام وخمسين عاما وأنزل الفرقان على محمد صلى الله عليه وسلم في أربع وعشرين من شهر رمضان وقد ذكرنا في التفسير عند قوله شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن الأحاديث الواردة في ذلك وفيها أن الإنجيل أنزل على عيسى بن مريم عليه السلام في ثماني عشرة ليلة خلت من شهر رمضان
وذكر ابن جرير في تأريخه أنه أنزل عليه وهو ابن ثلاثين سنة ومكث حتى رفع إلى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى وقال إسحاق بن بشر وأنبأنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ومقاتل عن قتادة عن عبدالرحمن بن آدم عن أبي هريرة قال أوحى الله عز وجل إلى عيسى بن مريم يا عيسى جد في أمري ولا تهن واسمع وأطع يا ابن الطاهرة البكر البتول إنك من غير فحل وأنا خلقتك آية للعالمين إياي فاعبد وعلي فتوكل خذ الكتاب بقوة فسر لأهل السريانية بلغ من بين يديك إني أنا الحق الحي القائم الذي لا أزول صدقوا النبي الامي العربي صاحب الجمل والتاج وهي العمامة والمدرعة والنعلين والهراوة وهي القضيب الأنجل العينين الصلت الجبين الواضح الخدين الجعد الرأس الكث اللحية المقرون الحاجبين الاقنى الأنف المفلج الثنايا البادي العنفقة الذي كان عنقه ابريق فضة وكأن الذهب يجري في تراقيه له شعرات من لبته إلى سرته تجري كالقضيب ليس على بطنه ولا على صدره شعر غيره شثن الكف والقدم إذا التفت التفت جميعا وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر وينحدر من صبب عرقه في وجهه كاللؤلؤ وريح المسك تنفح منه ولم ير قبله ولا بعده مثله الحس القامة الطيب الريح نكاح النساء ذا النسل القليل إنما نسله من مباركة لها بيت يعني في الجنة من قصب لا نصب فيه ولا صخب تكفله يا عيسى في آخر الزمان كما كفل زكريا أمك له منها فرخان مستشهدان وله عندي منزلة ليست لاحد من البشر كلامه القرآن ودينه الإسلام وأنا السلام طوبى لمن ادرك زمانه وشهد أيامه وسمع كلامه

عدد المشاهدات *:
295584
عدد مرات التنزيل *:
0
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى

روابط تنزيل : باب بيان أن الله تعالى منزه عن الولد
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  باب بيان أن الله تعالى منزه عن الولد لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى


@designer
1