اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 17 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ??? ???????? ???? ??? ???? ???????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ???????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

تزوجوا

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد الثامن عشر
علوم الحديث
شرح حديث حديث عمران بن حصين
فصل: شرح حديث حديث عمران بن حصين
مجموع فتاوى ابن تيمية
وقال شيخ الإسلام ـ رَحِمهُ الله‏:‏
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له‏.‏ ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليمًا‏.‏
فصل
في صحيح البخاري وغيره من حديث عمران بن حصين ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏يا بني تميم، اقبلوا البشري‏)‏ قالوا‏:‏ قد بشرتنا فأعطنا، فأقبل على أهل إلىمن فقال‏:‏ ‏(‏يا أهل/اليمن اقبلوا البشري؛ إذ لم يقبلها بنو تميم‏)‏، فقالوا‏:‏ قد قبلنا يا رسول الله‏.‏ قالوا‏:‏ جئناك لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر، فقال‏:‏ ‏(‏كان الله ولم يكن شيء قبله‏)‏، وفي لفظ ‏(‏معه‏)‏، وفي لفظ ‏(‏غيره‏)‏، ‏(‏وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض‏)‏، وفي لفظ‏:‏ ‏(‏ثم خلق السموات والأرض‏)‏، ثم جاءني رجل فقال‏:‏ أدرك ناقتك، فذهبت فإذا السراب ينقطع دونها، فوالله لوددت أني تركتها ولم أقم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كتب في الذكر‏)‏ يعني‏:‏ اللوح المحفوظ، كما قال‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 105‏]‏ أي‏:‏ من بعد اللوح المحفوظ، يسمي ما يكتب في الذكر ذكرًا كما يسمي ما يكتب فيه كتابًا، كقوله ـ عز وجل ـ‏:‏ ‏{‏إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ‏}‏ ‏[‏الواقعة‏:‏ 77، 78‏]‏ ‏.‏
والناس في هذا الحديث على قولين‏:‏ منهم من قال‏:‏ إن مقصود الحديث إخباره بأن الله كان موجودًا وحده، ثم إنه ابتدأ إحداث جميع الحوادث، وإخباره بأن الحوادث لها ابتداء بجنسها، وأعيانها مسبوقة بالعدم، وأن جنس الزمان حادث لا في زمان، وجنس الحركات والمتحركات حادث، وأن الله صار فاعلًا بعد أن لم يكن يفعل شيئًا من الأزل إلى حين ابتدأ، الفعل ولا كان الفعل ممكنًا‏.‏
ثم هؤلاء على قولين‏:‏ منهم من يقول‏:‏ وكذلك صار متكلمًا بعد/أن لم يكن يتكلم بشيء، بل ولا كان الكلام ممكنًا له‏.‏ ومنهم من يقول‏:‏ الكلام أمر يوصف به بأنه يقدر عليه، لا أنه يتكلم بمشيئته وقدرته، بل هو أمر لازم لذاته بدون قدرته ومشيئته‏.‏
ثم هؤلاء منهم من يقول‏:‏ هو المعني دون اللفظ المقروء، عَبَّر عنه بكل من التوراة والإنجيل والزبور والفرقان‏.‏ ومنهم من يقول‏:‏ بل هو حروف وأصوات لازمة لذاته لم تزل ولا تزال، وكل ألفاظ الكتب التي أنزلها، وغير ذلك‏.‏
والقول الثاني في معني الحديث‏:‏ أنه ليس مراد الرسول هذا، بل إن الحديث يناقض هذا، ولكن مراده إخباره عن خلق هذا العالم المشهود الذي خلقه الله في ستة أيام ثم استوي على العرش، كما أخبر القرآن العظيم بذلك في غير موضع، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء‏}‏ ‏[‏هود‏:‏ 7‏]‏ ، وقد ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء‏)‏، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن تقدير خلق هذا العالم المخلوق في ستة أيام، وكان حينئذ عرشه على الماء‏.‏ كما أخبر بذلك القرآن والحديث المتقدم الذي رواه البخاري في صحيحه؛ عن عمران ـ رضي الله عنه‏.‏
/ومن هذا‏:‏ الحديثُ الذي رواه أبو داود والترمذي وغيرهما،عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏‏(‏أول ما خلق الله القلم، فقال له‏:‏ اكتب‏.‏ قال‏:‏ وما أكتب‏؟‏ قال‏:‏ ما هو كائن إلى يوم القيامة‏)‏، فهذا القلم خلقه لما أمره بالتقدير المكتوب قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان مخلوقًا قبل خلق السموات والأرض، وهو أول ما خلق من هذا العالم، وخلقه بعد العرش كما دلت عليه النصوص، وهو قول جمهور السلف، كما ذكرت أقوال السلف في غير هذا الموضع‏.‏
والمقصود هنا بيان ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة‏.‏
والدليل على هذا القول الثاني وجوه‏:‏
أحدها‏:‏ أن قول أهل اليمن‏:‏ ‏(‏جئناك لنسألك عن أول هذا الأمر‏)‏، إما أن يكون الأمر المشار إليه هذا العالم، أو جنس المخلوقات، فإن كان المراد هو الأول كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أجابهم؛ لأنه أخبرهم عن أول خلق هذا العالم، وإن كان المراد الثاني لم يكن قد أجابهم؛ لأنه لم يذكر أول الخلق مطلقًا، بل قال‏:‏ ‏(‏كان الله ولا شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السموات والأرض‏)‏، فلم يذكر إلا خلق السموات والأرض،/لم يذكر خلق العرش، مع أن العرش مخلوق أيضًا، فإنه يقول‏:‏ ‏(‏وهو رب العرش العظيم‏)‏ وهو خالق كل شيء؛ العرش وغيره، ورب كل شيء؛ العرش وغيره‏.‏ وفي حديث أبي رُزَيْن قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخلق العرش‏.‏ وأما في حديث عمران فلم يخبر بخلقه، بل أخبر بخلق السموات والأرض، فعلم أنه أخبر بأول خلق هذا العالم، لا بأول الخلق مطلقـًا‏.‏
وإذا كان إنما أجابهم بهذا علم أنهم إنما سألوه عن هذا، لم يسألوه عن أول الخلق مطلقًا، فإنه لا يجوز أن يكون أجابهم عما لم يسألوه عنه ولم يجبهم عما سألوا عنه، بل هو صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك، مع أن لفظه إنما يدل على هذا، لا يدل على ذكره أول الخلق، وإخباره بخلق السموات والأرض بعد أن كان عرشه على الماء يقصد به الإخبار عن ترتيب بعض المخلوقات على بعض، فإنهم لم يسألوه عن مجرد الترتيب، وإنما سألوه عن أول هذا الأمر، فعلم أنهم سألوه عن مبدأ خلق هذا العالم فأخبرهم بذلك، كما نطق في أولها في أول الأمر‏:‏‏(‏خلق الله السموات والأرض‏)‏‏.‏ وبعضهم يشرحها في البدء، أو في الابتداء خلق الله السموات والأرض‏.‏
والمقصود أن فيها الإخبار بابتداء خلق السموات والأرض، وأنه كان الماء غامرًا للأرض، وكانت الريح تهب على الماء، فأخبر أنه/حينئذ كان هذا ماءً وهواءً وترابا، وأخبر في القرآن العظيم أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء، وفي الآية الأخري‏:‏ ‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏ 11‏]‏ ، وقد جاءت الآثار عن السلف بأن السماء خلقت من بخار الماء وهو الدخان‏.‏
والمقصود هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أجابهم عما سألوه عنه ولم يذكر إلا ابتداء خلق السموات والأرض، فدل على أن قولهم‏:‏ ‏(‏جئنا لنسألك عن أول هذا الأمر‏)‏ كان مرادهم خلق هذا العالم‏.‏ واللّه أعلم‏.‏
الوجه الثاني‏:‏ أن قولهم‏:‏ ‏(‏هذا الأمر‏)‏ إشارة إلى حاضر موجود، والأمر يراد به المصدر، ويراد به المفعول به وهو المأمور الذي كونه الله بأمره، وهذا مرادهم، فإن الذي هو قوله‏:‏ كن ليس مشهودًا مشارًا إليه، بل المشهود المشار إليه هذا المأمور به، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 38‏]‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَتَى أَمْرُ اللّهِ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 1‏]‏ ، ونظائره متعددة‏.‏ ولو سألوه عن أول الخلق مطلقا لم يشيروا إليه بهذا، فإن ذاك لم يشهدوه فلا يشيرون إليه بهذا، بل لم يعلموه أيضًا، فإن ذاك لا يعلم إلا بخبر الأنبياء، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبرهم بذلك، ولو كان قد أخبرهم به لما سألوه عنه، فعلم أن سؤالهم كان/عن أول هذا العالم المشهود‏.‏
الوجه الثالث‏:‏ أنه قال‏:‏ ‏(‏كان اللّه ولم يكن شيء قبله‏)‏، وقد روي‏:‏ ‏(‏معه‏)‏، وروي‏:‏ ‏(‏غيره‏)‏، والألفاظ الثلاثة في البخاري، والمجلس كان واحدًا، وسؤالهم وجوابه كان في ذلك المجلس، وعمران الذي روي الحديث لم يقم منه حين انقضي المجلس، بل قام لما أخبر بذهاب راحلته قبل فراغ المجلس، وهو المخبر بلفظ الرسول، فدل على أنه إنما قال أحد الألفاظ، والآخران رُوِيَا بالمعني‏.‏ وحينئذ فالذي ثبت عنه لفظ ‏(‏القَبْل‏)‏، فإنه قد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في دعائه‏:‏ ‏(‏أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء‏)‏، وهذا موافق ومفسر لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ‏}‏ ‏[‏الحديد‏:‏ 3‏]‏ ‏.‏
وإذا ثبت في هذا الحديث لفظ القَبْل فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله، واللفظان الآخران لم يثبت واحد منهما أبدًا، وكان أكثر أهل الحديث إنما يروونه بلفظ القبل‏:‏ ‏(‏كان اللّه ولا شيء قبله‏)‏، مثل الحميدي، والبغوي، وابن الأثير، وغيرهم‏.‏ وإذا كان إنما قال‏:‏ ‏(‏كان اللّه ولم يكن شيء قبله‏)‏ لم يكن في هذا اللفظ تعرض لابتداء الحوادث، ولا لأول مخلوق‏.‏
/الوجه الرابع‏:‏ أنه قال فيه‏:‏ ‏(‏كان اللّه ولم يكن شيء قبله، أو معه، أو غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء‏)‏، فأخبر عن هذه الثلاثة بلفظ الواو، لم يذكر في شيء منها ثم، وإنما جاء ثم في قوله‏:‏‏(‏خلق السموات والأرض‏)‏‏.‏ وبعض الرواة ذكر فيه خلق السموات والأرض بثم، وبعضهم ذكرها بالواو‏.‏
فأما الجمل الثلاث المتقدمة، فالرواة متفقون على أنه ذكرها بلفظ الواو، ومعلوم أن لفظ الواو لا يفيد الترتيب على الصحيح الذي عليه الجمهور، فلا يفيد الإخبار بتقديم بعض ذلك على بعض، وإن قدر أن الترتيب مقصود، إما من ترتيب الذكر لكونه قَدَّم بعض ذلك على بعض، وإما من الواو عند من يقول به، فإنما فيه تقديم كونه على كون العرش على الماء، وتقـديم كون العرش على الماء على كتابته في الذكر كل شيء، وتقديم كتابته في الذكر كل شيء على تقديم خلق السموات والأرض، وليس في هذا ذكر أول المخلوقات مطلقًا، بل ولا فيه الإخبار بخلق العرش والماء، وإن كان ذلك كله مخلوقا، كما أخبر به في مواضـع أخـر، لكن في جـواب أهل اليمن إنما كان مقصوده إخباره إياهم عن بدء خلـق السموات والأرض ومـا بينهما، وهي المخلوقـات التي خلقت في ستة أيام، لا بابتداء ما خلقه اللّه قبل ذلك‏.‏
الوجه الخامس‏:‏ أنه ذكر تلك الأشياء بما يدل على كونها ووجودها / ولم يتعرض لابتداء خلقها، وذكر السموات والأرض بما يدل على خلقها، وسواء كان قوله‏:‏ ‏(‏وخلق السموات والأرض‏)‏ أو ‏(‏ثم خلق السموات والأرض‏)‏ فعلى التقديرين أخبر بخلق ذلك، وكل مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن، وإن كان قد خلق من مادة، كما في صحيح مسلم، عن عائشة ـ رضي اللّه عنها ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏خلق اللّه الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وُصِفَ لكم‏)‏‏.‏
فإن كان لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏‏(‏ثم خلق‏)‏ فقد دل على أن خلق السموات والأرض بعد ما تقدم ذكره من كون عرشه على الماء ومن كتابته في الذكر، وهذا اللفظ أولى بلفظ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم؛ لما فيه من تمام البيان وحصول المقصود بلفظة الترتيب، وإن كان لفظه الواو فقد دل سياق الكلام على أن مقصوده أنه خلق السموات والأرض بعد ذلك، وكما دل على ذلك سائر النصوص، فإنه قد علم أنه لم يكن مقصوده الإخبار بخلق العرش ولا الماء، فضلا عن أن يقصد أن خلق ذلك كان مقارنًا لخلق السموات والأرض، وإذا لم يكن في اللفظ ما يدل على خلق ذلك إلا مقارنة خلقه لخلق السموات والأرض ـ وقد أخبر عن خلق السموات مع كون ذلك ـ علم أن مقصوده أنه خلق السموات والأرض حين كان /العرش على الماء، كما أخبر بذلك في القرآن،وحينئذ يجب أن يكون العرش كان على الماء قبل خلق السموات والأرض، كما أخبر بذلك في الحديث الصحيح حيث قال‏:‏ ‏(‏قدر اللّه مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء‏)‏، فأخبر أن هذا التقدير السابق لخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة حين كان عرشه على الماء‏.‏
الوجه السادس‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إما أن يكون قد قال‏:‏ ‏(‏كان ولم يكن قبله شيء‏)‏، وإما أن يكون قد قال‏:‏ ‏(‏ولا شيء معه‏)‏، أو ‏(‏غيره‏)‏‏.‏ فإن كان إنما قال اللفظ الأول لم يكن فيه تعرض لوجوده تعالى قبل جميع الحوادث‏.‏ وإن كان قد قال الثاني، أو الثالث فقوله‏:‏ ‏(‏ولم يكن شيء معه، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر‏)‏؛ إما أن يكون مراده أنه حين كان لا شيء معه كان عرشه على الماء، أو كان بعد ذلك كان عرشه على الماء‏.‏ فإن أراد الأول كان معناه لم يكن معه شيء من هذا الأمر المسؤول عنه، وهو هذا العالم، ويكون المراد أنه كان اللّه قبل هذا العالم المشهود، وكان عرشه على الماء‏.‏
وأما القسم الثالث، وهو أن يكون المراد به كان لا شيء معه، وبعد ذلك كان عرشه على الماء، وكتب في الذكر، ثم خلق السموات/ والأرض، فليس في هذا إخبار بأول ما خلقه اللّه مطلقًا، بل ولا فيه إخباره بخلق العرش والماء، بل إنما فيه إخباره بخلق السموات والأرض، ولا صرح فيه بأن كون عرشه على الماء كان بعد ذلك، بل ذكره بحرف الواو، والواو للجمع المطلق، والتشريك بين المعطوف والمعطوف عليه‏.‏ وإذا كان لم يبين الحديث أول المخلوقات، ولا ذكر متى كان خلق العرش الذي أخبر أنه كان على الماء مقرونًا بقوله‏:‏‏(‏كان اللّه ولا شيء معه‏)‏، دل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد الإخبار بوجود اللّه وحده قبل كل شيء، وبابتداء المخلوقات بعد ذلك؛ إذ لم يكن لفظه دالا على ذلك، وإنما قصد الإخبار بابتداء خلق السموات والأرض‏.‏
الوجه السابع‏:‏ أن يقال‏:‏ لا يجوز أن يجزم بالمعني الذي أراده الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بدليل يدل على مراده، فلو قدر أن لفظه يحتمل هذا المعني، وهذا المعني لم يجز الجزم بأحدهما إلا بدليل، فيكون إذا كان الراجح هو أحدهما، فمن جَزَمَ بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد ذلك المعني الآخر فهو مخطئ‏.‏
الوجه الثامن‏:‏ أن يقال‏:‏ هذا المطلوب لو كان حقًا لكان أَجَلُّ من أن يحتج عليه بلفظ محتمل في خبر لم يروه إلا واحدًا، ولكان ذكر هذا في القرآن والسنة من أهم الأمور؛ لحاجة الناس إلى معرفة/ذلك؛ لما وقع فيه من الاشتباه والنزاع واختلاف الناس‏.‏ فلما لم يكن في السنة ما يدل على هذا المطلوب، لم يجز إثباته بما يظن أنه معني الحديث بسياقه، وإنما سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏كان اللّه ولا شيء معه‏)‏ فظنوه لفظًا ثابتًا مع تجرده عن سائر الكلام الصادر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وظنوا معناه الإخبار بتقدمه تعالى على كل شيء، وبنوا على هذين الظنين نسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وليس عندهم بواحدة من المقدمتين علم، بل ولا ظن يستند إلى إمارة‏.‏
وهَبْ أنهم لم يجزموا بأن مراده المعني الآخر، فليس عندهم ما يوجب الجزم بهذا المعني وجاء بينهم الشك، وهم ينسبون إلى الرسول ما لا علم عندهم بأنه قاله، وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 36‏]‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ على اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 33‏]‏ ‏.‏ وهذا كله لا يجوز‏.‏
الوجه العاشر‏:‏ أنه قد زاد فيه بعض الناس‏:‏ ‏(‏وهو الآن على ما عليه كان‏)‏، وهذه الزيادة إنما زادها بعض الناس من عنده، وليست في شيء من الروايات‏.‏ ثم إن منهم من يتأولها على أنه ليس معه الآن موجود، بل وجوده عين وجود المخلوقات، كما يقوله أهل/ وحدة الوجود الذين يقولون‏:‏ عين وجود الخالق هو عين وجود المخلوق، كما يقوله ابن عربي، وابن سبعين، والقَوْنَوِي، والتلمساني، وابن الفارض، ونحوهم‏.‏ وهذا القول مما يعلم بالاضطرار شرعا وعقلا أنه باطل‏.‏
الوجه الحادي عشر‏:‏ أن كثيرًا من الناس يجعلون هذا عمدتهم من جهة السمع، أن الحوادث لها ابتداء، وأن جنس الحوادث مسبوق بالعدم إذ لم يجدوا في الكتاب والسنة ما ينطق به، مع أنهم يحكون هذا عن المسلمين وإليهود والنصاري، كما يوجد مثل هذا في كتب أكثر أهل الكلام المبتدع في الإسلام الذي ذمه السلف، وخالفوا به الشرع والعقل‏.‏ وبعضهم يحكيه إجماعًا للمسلمين، وليس معهم بذلك نقل؛ لا عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا عن الكتاب والسنة، فضلا عن أن يكون هو قول جميع المسلمين‏.‏

عدد المشاهدات *:
361030
عدد مرات التنزيل *:
250706
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : فصل: شرح حديث حديث عمران بن حصين
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  فصل: شرح حديث حديث عمران بن حصين
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  فصل: شرح حديث حديث عمران بن حصين  لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1