وقال شيخ الإسلام ـ رحمه الله:
فصل
مختصر جامع في مسائل الأيمان والطلاق، وما بينهما من اتفاق وافتراق؛ فإن المسألة قد تكون من مسائل الأيمان دون الطلاق، وقد تكون من مسائل الطلاق دون الأيمان، وقد تكون من مسائل النوعين.
فإن الكلام المتعلق بالطلاق ثلاثة أنواع. والأيمان ثلاثة أنواع، أما الكلام المتعلق بالطلاق فهو، إما صيغة تنجيز، وإما صيغة تعليق. وإما صيغة قسم.
أما صيغة التنجيز فهو إيقاع الطلاق مطلقا مرسلا من غير تقييد بصفة ولا يمين، كقوله: أنت طالق. أو مطلقة. أو: فلانة طالق. أو أنت الطلاق. أو: طلقتك، ونحو ذلك مما يكون بصيغة الفعل، أو المصدر، أو اسم الفاعل، أو اسم المفعول، فهذا يقال له: طلاق منجز. ويقال طلاق مرسل. ويقال: طلاق مطلق. أي غير معلق بصفة، فهذا إيقاع للطلاق، وليس هذا /بيمين يخير فيه بين الحنث وعدمه، ولا كفارة في هذا باتفاق المسلمين والفقهاء في عرفهم المعروف بينهم لا يسمون هذا يمينا ولا حلفا، ولكن الناس من يقول: حلفت بالطلاق، ومراده أنه أوقع الطلاق.
وأما صيغة القسم فهو أن يقول: الطلاق يلزمنى لأفعلن كذا، أو لا أفعل كذا. فيحلف به على حض لنفسه أو لغيره، أو منع لنفسه أو لغيره، أو على تصديق خبر أو تكذيبه، فهذا يدخل في مسائل الطلاق والأيمان، فإن هذا يمين باتفاق أهل اللغة، فإنها صيغة قسم، وهو يمين ـ أيضًا ـ في عرف الفقهاء، لم يتنازعوا في أنها تسمي يمينا، ولكن تنازعوا في حكمها. فمن الفقهاء من غلب عليها جانب الطلاق فأوقع به الطلاق إذا حنث. ومنهم من غلب عليه جانب اليمين فلم يوقع به الطلاق، بل قال: عليه كفارة يمين. أو قال: لا شيء عليه بحال.
وكذلك تنازعوا فيما إذا حلف بالنذر فقال: إذا فعلت كذا فعلى الحج أو صوم شهر، أو مالي صدقة، لكن هذا النوع اشتهر الكلام فيه عن السلف من الصحابة وغيرهم. وقالوا: إنه أيمان تجزي فيه كفارة يمين؛ لكثرة وقوع هذا في زمن الصحابة، بخلاف الحلف بالطلاق، فإن الكلام فيه إنما عرف عن التابعين ومن بعدهم، وتنازعوا فيه على القولين.
/والثالث: صيغة تعليق كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق. ويسمي هذا طلاقا بصفة. فهذا إما أن يكون قصد صاحبه الحلف وهو يكره وقوع الطلاق إذا وجدت الصفة. وإما أن يكون قصده إيقاع الطلاق عند تحقق الصفة.
فالأول: حكمه حكم الحلف بالطلاق باتفاق الفقهاء. ولو قال: إن حلفت يمينا فعلى عتق رقبة، وحلف بالطلاق حنث بلا نزاع نعلمه بين العلماء المشهورين، وكذلك سائر ما يتعلق بالشرط لقصد اليمين، كقوله: إن فعلت كذا فعلى عتق رقبة، أو فعبيدي أحرار، أو فعلى الحج، أو على صوم شهر، أو ف مالي صدقة أو هدي، ونحو ذلك؛ فإن هذا بمنزلة أن يقول: العتق يلزمنى لا أفعل كذا، وعلى الحج لا أفعل كذا، ونحو ذلك، لكن المؤخر في صيغة الشرط مقدم في صيغة القسم، والمنفي في هذه الصيغة مثبت في هذه الصيغة.
والثاني: وهو أن يكون قصد إيقاع الطلاق عند الصفة، فهذا يقع به الطلاق إذا وجدت الصفة، كما يقع المنجز عند عامة السلف والخلف، وكذلك إذا وقت الطلاق بوقت، كقوله: أنت طالق عند رأس الشهر، وقد ذكر غير واحد الإجماع على وقوع هذا الطلاق المعلق، ولم يعلم فيه خلافا قديما، لكن ابن حزم زعم أنه لا يقع به الطلاق، وهو قول الإمامية، مع أن ابن حزم ذكر في كتاب الإجماع إجماع العلماء على أنه يقع به الطلاق، /وذكر أن الخلاف إنما هو فيما إذا أخرجه مخرج اليمين: هل يقع الطلاق؟ أو لا يقع ولا شيء عليه؟ أو يكون يمينا مكفرة؟ على ثلاثة أقوال، كما أن نظائر ذلك من الأيمان فيها هذه الأقوال الثلاثة.
وهذا الضرب وهو الطلاق المعلق بصفة يقصد إيقاع الطلاق عندها وليس فيها معني الحض والمنع، كقوله: إن طلعت الشمس فأنت طالق. هل هو يمين؟ فيه قولان. أحدهما: هو يمين، كقول أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب أحمد. والثاني: أنه ليس بيمين، كقول الشافعي، والقول الآخر في مذهب أحمد. وهذا القول أصح شرعا ولغة، وأما العرف فيختلف.
فصل
مختصر جامع في مسائل الأيمان والطلاق، وما بينهما من اتفاق وافتراق؛ فإن المسألة قد تكون من مسائل الأيمان دون الطلاق، وقد تكون من مسائل الطلاق دون الأيمان، وقد تكون من مسائل النوعين.
فإن الكلام المتعلق بالطلاق ثلاثة أنواع. والأيمان ثلاثة أنواع، أما الكلام المتعلق بالطلاق فهو، إما صيغة تنجيز، وإما صيغة تعليق. وإما صيغة قسم.
أما صيغة التنجيز فهو إيقاع الطلاق مطلقا مرسلا من غير تقييد بصفة ولا يمين، كقوله: أنت طالق. أو مطلقة. أو: فلانة طالق. أو أنت الطلاق. أو: طلقتك، ونحو ذلك مما يكون بصيغة الفعل، أو المصدر، أو اسم الفاعل، أو اسم المفعول، فهذا يقال له: طلاق منجز. ويقال طلاق مرسل. ويقال: طلاق مطلق. أي غير معلق بصفة، فهذا إيقاع للطلاق، وليس هذا /بيمين يخير فيه بين الحنث وعدمه، ولا كفارة في هذا باتفاق المسلمين والفقهاء في عرفهم المعروف بينهم لا يسمون هذا يمينا ولا حلفا، ولكن الناس من يقول: حلفت بالطلاق، ومراده أنه أوقع الطلاق.
وأما صيغة القسم فهو أن يقول: الطلاق يلزمنى لأفعلن كذا، أو لا أفعل كذا. فيحلف به على حض لنفسه أو لغيره، أو منع لنفسه أو لغيره، أو على تصديق خبر أو تكذيبه، فهذا يدخل في مسائل الطلاق والأيمان، فإن هذا يمين باتفاق أهل اللغة، فإنها صيغة قسم، وهو يمين ـ أيضًا ـ في عرف الفقهاء، لم يتنازعوا في أنها تسمي يمينا، ولكن تنازعوا في حكمها. فمن الفقهاء من غلب عليها جانب الطلاق فأوقع به الطلاق إذا حنث. ومنهم من غلب عليه جانب اليمين فلم يوقع به الطلاق، بل قال: عليه كفارة يمين. أو قال: لا شيء عليه بحال.
وكذلك تنازعوا فيما إذا حلف بالنذر فقال: إذا فعلت كذا فعلى الحج أو صوم شهر، أو مالي صدقة، لكن هذا النوع اشتهر الكلام فيه عن السلف من الصحابة وغيرهم. وقالوا: إنه أيمان تجزي فيه كفارة يمين؛ لكثرة وقوع هذا في زمن الصحابة، بخلاف الحلف بالطلاق، فإن الكلام فيه إنما عرف عن التابعين ومن بعدهم، وتنازعوا فيه على القولين.
/والثالث: صيغة تعليق كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق. ويسمي هذا طلاقا بصفة. فهذا إما أن يكون قصد صاحبه الحلف وهو يكره وقوع الطلاق إذا وجدت الصفة. وإما أن يكون قصده إيقاع الطلاق عند تحقق الصفة.
فالأول: حكمه حكم الحلف بالطلاق باتفاق الفقهاء. ولو قال: إن حلفت يمينا فعلى عتق رقبة، وحلف بالطلاق حنث بلا نزاع نعلمه بين العلماء المشهورين، وكذلك سائر ما يتعلق بالشرط لقصد اليمين، كقوله: إن فعلت كذا فعلى عتق رقبة، أو فعبيدي أحرار، أو فعلى الحج، أو على صوم شهر، أو ف مالي صدقة أو هدي، ونحو ذلك؛ فإن هذا بمنزلة أن يقول: العتق يلزمنى لا أفعل كذا، وعلى الحج لا أفعل كذا، ونحو ذلك، لكن المؤخر في صيغة الشرط مقدم في صيغة القسم، والمنفي في هذه الصيغة مثبت في هذه الصيغة.
والثاني: وهو أن يكون قصد إيقاع الطلاق عند الصفة، فهذا يقع به الطلاق إذا وجدت الصفة، كما يقع المنجز عند عامة السلف والخلف، وكذلك إذا وقت الطلاق بوقت، كقوله: أنت طالق عند رأس الشهر، وقد ذكر غير واحد الإجماع على وقوع هذا الطلاق المعلق، ولم يعلم فيه خلافا قديما، لكن ابن حزم زعم أنه لا يقع به الطلاق، وهو قول الإمامية، مع أن ابن حزم ذكر في كتاب الإجماع إجماع العلماء على أنه يقع به الطلاق، /وذكر أن الخلاف إنما هو فيما إذا أخرجه مخرج اليمين: هل يقع الطلاق؟ أو لا يقع ولا شيء عليه؟ أو يكون يمينا مكفرة؟ على ثلاثة أقوال، كما أن نظائر ذلك من الأيمان فيها هذه الأقوال الثلاثة.
وهذا الضرب وهو الطلاق المعلق بصفة يقصد إيقاع الطلاق عندها وليس فيها معني الحض والمنع، كقوله: إن طلعت الشمس فأنت طالق. هل هو يمين؟ فيه قولان. أحدهما: هو يمين، كقول أبي حنيفة وأحد القولين في مذهب أحمد. والثاني: أنه ليس بيمين، كقول الشافعي، والقول الآخر في مذهب أحمد. وهذا القول أصح شرعا ولغة، وأما العرف فيختلف.
عدد المشاهدات *:
345471
345471
عدد مرات التنزيل *:
248656
248656
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013