اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الأربعاء 23 شوال 1445 هجرية
????????????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?????? ???????????? ????????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

زواج

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
مجموع فتاوى ابن تيمية
المجلد الخامس والثلاثون
كتاب القضاء
باب المقصود من القضاء تحقيق العدل بين الناس
فَصْــل: فيما جعل الله للحاكم أن يحكم فيه
مجموع فتاوى ابن تيمية
/وقال شيخ الإسلام ـ قدس الله روحهُ ‏:‏
فَصْــل
فيما جعل الله للحاكم أن يحكم فيه، وما لم يجعل لواحد من المخلوقين الحكم فيه، بل الحكم فيه على جميع الخلق لله ـ تعالى ـ ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ليس لأحد من الحكام أن يحكم فيه على غيره، ولو كان ذلك الشخص من آحاد العامة‏.‏ وهذا مثل الأمور العامة الكلية التي أمر الله جميع الخلق أن يؤمنوا بها ويعملوا بها، وقد بينها في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بما أجمعت عليه الأمة، أو تنازعت الأمة فيه إذا وقع فيه نزاع بين الحكام وبين آحاد المسلمين، من العلماء أو الجند أو العامة، أو غيرهم، لم يكن للحاكم أن يحكم فيها على من ينازعه ويلزمه بقوله ويمنعه من القول الآخر، فضلاً عن أن يؤذيه أو يعاقبه‏.‏
مثل أن يتنازع حاكم أو غير حاكم في قوله‏:‏ ‏{‏أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 6‏]‏ هل المراد به الجماع كما فسره ابن عباس وغيره‏؟‏ وقالوا‏:‏ إن مس المرأة لا ينقض الوضوء لا لشهوة ولا لغير شهوة‏.‏ أو المراد به اللمس بجميع البشرة إما لشهوة وإما مطلقًا، كما نقل الأول عن ابن عمر‏.‏ والثالث قاله بعض العلماء، وللعلماء في هذا ثلاثة أقوال‏.‏
/والأظهر هو القول الأول، وأن الوضوء لا ينتقض بمس النساء مطلقًا، وما زال المسلمون يمسون نساءهم ولم ينقل أحد قط عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يأمر المسلمين بالوضوء من ذلك، ولا نقل عن الصحابة على حياته أنه توضأ من ذلك، ولا نقل عنه قط أنه توضأ من ذلك، بل قد نقل عنه في السنن أنه كان يقبل بعض نسائه ولا يتوضأ، وقد اختلف في صحة هذا الحديث، لكن لا خلاف أنه لم ينقل عنه أنه توضأ من المس‏.‏
وكذلك تنازع المسلمون في الوضوء من خروج الدم بالفصاد والحجامة، والجرح، والرعاف، وفي القيء وفيه قولان مشهوران، وقد نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ من ذلك، وعن كثير من الصحابة، لكن لم يثبت قط أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب الوضوء من ذلك، بل كان أصحابه يخرجون في المغازي فيصلون ولا يتوضؤون؛ ولهذا قال طائفة من العلماء‏:‏ إن الوضوء من ذلك مستحب غير واجب، وكذلك قال في الوضوء من مس الذكر ومس المرأة لشهوة‏:‏ إنه يستحب الوضوء من ذلك ولا يجب، وكذلك قالوا في الوضوء من القهقهة ومما مست النار‏:‏ إن الوضوء من ذلك يستحب ولا يجب، فمن توضأ فقد أحسن، ومن لم يتوضأ فلا شيء عليه، وهذا أظهر الأقوال‏.‏
وليس المقصود ذكر هذه المسائل، بل المقصود ضرب المثل بها‏.‏
/وكذلك تنازعوا في كثير من مسائل الفرائض كالجد والمشركة وغيرهما وفي كثير من مسائل الطلاق والإيلاء وغير ذلك، وفي كثير من مسائل العبادات في الصلاة والصيام والحج، وفي مسائل زيارات القبور، منهم من كرهها مطلقًا، ومنهم من أباحها، ومنهم من استحبها إذا كانت على الوجه المشروع، وهو قول أكثرهم‏.‏
وتنازعوا في السلام على النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل يسلم عليه في المسجد وهو مستقبل القبلة، أو مستقبل الحجرة‏؟‏ وهل يقف بعد السلام يدعو له، أم لا‏؟‏
وتنازعوا أي المسجدين أفضل‏:‏ المسجد الحرام، أو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، واتفقوا على أنهما أفضل من المسجد الأقصى، واتفقوا على أنه لا يستحب السفر إلى بقعة للعبادة فيها غير المساجد الثلاثة، واتفقوا على أنه لو نذر الحج أو العمرة لزمه الوفاء بنذره، واتفق الأئمة الأربعة والجمهور على أنه لو نذر السفر إلى غير المساجد الثلاثة لم يلزمه الوفاء بنذره، وتنازعوا فيما إذا نذر السفر إلى المسجدين إلى أمور أخرى يطول ذكرها، وتنازعوا في بعض تفسير الآيات، وفي بعض الأحاديث‏:‏ هل ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو لم تثبت‏؟‏
/فهذه الأمور الكلية ليس لحاكم من الحكام ـ كائنًا من كان ولو كان من الصحابة ـ أن يحكم فيها بقوله على من نازعه في قوله، فيقول‏:‏ ألزمته ألا يفعل ولا يفتي إلا بالقول الذي يوافق لمذهبي، بل الحكم في هذه المسائل لله ورسوله، والحاكم واحد من المسلمين، فإن كان عنده علم تكلم بما عنده، وإذا كان عند منازعه علم تكلم به، فإن ظهر الحق في ذلك وعرف حكم الله ورسوله وجب على الجميع اتباع حكم الله ورسوله، وإن خفي ذلك أقر كل واحد على قوله ـ أقر قائل هذا القول على مذهبه وقائل هذا القول على مذهبه ـ ولم يكن لأحدهما أن يمنع الآخر إلا بلسان العلم والحجة والبيان فيقول ما عنده من العلم‏.‏
وأما باليد والقهر، فليس له أن يحكم إلا في المعينة التي يتحاكم فيها إليه مثل ميت مات وقد تنازع ورثته في قسم تركته فيقسمها بينهم إذا تحاكموا إليه وإذا حكم هنا بأحد قولي العلماء ألزم الخصم بحكمه، ولم يكن له أن يقول‏:‏ أنا لا أرضي حتى يحكم بالقول الآخر‏.‏ وكذلك إذا تحاكم إليه اثنان في دعوى يدعيها أحدهما فصل بينهما كما أمر الله ورسوله، وألزم المحكموم عليه بما حكم به، وليس له أن يقول‏:‏ أنت حكمت على بالقول الذي لا أختاره، فإن الحاكم عليه أن يجتهد ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر‏)‏، وقد يخص الله بعض الأنبياء والعلماء /والحكام بعلم دون غيره، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 78، 79‏]‏
وعلى الحكام ألا يحكموا إلا بالعدل‏.‏ والعدل هو ما أنزل الله، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ‏}‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏58، 59‏]‏، فأوجب الله طاعة أولى الأمر مع طاعة الرسول، وأوجب على الأمة إذا تنازعوا أن يردوا ما تنازعوا إلى الله ورسوله إلى كتاب الله وسنة رسوله‏.‏
فإن الله ـ سبحانه وتعالى ـ هو الحكم الذي يحكم بين عباده،والحكم له وحده وقد أنزل الله الكتب وأرسل الرسل ليحكم بينهم، فمن أطاع الرسول كان من أوليائه المتقين، وكانت له سعادة الدنيا والآخرة، ومن عصى الرسول كان من أهل الشقاء والعذاب، قال تعالى‏:‏ ‏{‏كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 213‏]‏، وفي صحيح مسلم عن عائشة‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي من الليل يقول‏:‏ ‏(‏اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم‏)‏‏.‏
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 19‏]‏، فبين ـ سبحانه وتعالى ـ أنه هداهم وبين لهم الحق، لكن بعضهم يبغي على بعض مع معرفته بالحق فيتبع هواه ويخالف أمر الله، وهو الذي يعرف الحق ويزيغ عنه، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ الى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عليه يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏175،176‏]‏، فقد بين ـ سبحانه وتعالى ـ أنه بعث الرسل وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ الى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عليه تَوَكَّلْتُ وَاليه أُنِيبُ ‏}‏ ‏[‏الشوري‏:‏ 10‏]‏، وقال يوسف‏:‏ ‏{‏يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏39،40‏]‏، فالحكم لله وحده ورسله يبلغون عنه، فحكمهم حكمه، وأمرهم أمره وطاعتهم طاعته، فما حكم به الرسول وأمرهم به وشرعه من الدين وجب على جميع الخلائق اتباعه وطاعته؛ فإن ذلك هو حكم الله على خلقه‏.‏
والرسول يبلغ عن الله، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّي يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 64،65‏]‏، فعلى جميع الخلق أن يحكموا رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وأفضل المرسلين وأكرم الخلق على الله، ليس لأحد أن يخرج عن حكمه في شيء سواء كان من العلماء أو الملوك أو الشيوخ أو غيرهم‏.‏ ولو أدركه موسي أو عيسي وغيرهما من الرسل كان عليهم اتباعه، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ على ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 81‏]‏، وروي عن غير واحد من السلف ـ علي وابن عباس وغيرهما ـ قالوا‏:‏ لم / يبعث الله نبيًا من عهد نوح إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه‏.‏
وهو ـ سبحانه ـ أخذ الميثاق على النبي المتقدم أن يصدق من يأتي بعده وعلى النبي المتأخر أن يصدق من كان قبله؛ ولهذا لم تختلف الأنبياء، بل دينهم واحد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏إنا معشر الأنبياء ديننا واحد‏)‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عليمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏51، 52‏]‏، أي‏:‏ ملتكم ملة واحدة كقولهم‏:‏ ‏{‏إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا على أُمَّةٍ ‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 22‏]‏، أي‏:‏ ملة‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّي بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا اليكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَي وَعِيسَي أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ على الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ اليه‏}‏ ‏[‏الشوري‏:‏ 13‏]‏‏.‏
فدين الأنبياء واحد، وهو دين الإسلام، كلهم مسلمون مؤمنون، كما قد بين الله في غير موضع من القرآن، لكن بعض الشرائع تتنوع، فقد يشرع في وقت أمرًا لحكمة، ثم يشرع في وقت آخر أمرًا آخر لحكمة، كما شرع في أول الإسلام / الصلاة الى بيت المقدس ثم نسخ ذلك وأمر بالصلاة الى الكعبة، فتنوعت الشريعة والدين واحد، وكان استقبال الشام ذلك الوقت من دين الإسلام، وكذلك السبت لموسي من دين الإسلام، ثم لما نسخ صار دين الإسلام هو الناسخ وهو الصلاة الى الكعبة، فمن تمسك بالمنسوخ دون الناسخ فليس هو على دين الإسلام ولا هو متبع لأحد من الأنبياء، ومن بدل شرع الأنبياء وابتدع شرعًا فشرعه باطل لا يجوز اتباعه، كما قال‏:‏ ‏{‏أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ‏}‏ ‏[‏الشوري‏:‏21‏]‏؛ ولهذا كفر اليهود والنصاري؛ لأنهم تمسكوا بشرع مبدل منسوخ، والله أوجب على جميع الخلق أن يؤمنوا بجميع كتبه ورسله، ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل، فعلى جميع الخلق اتباعه واتباع ما شرعه من الدين وهو ما أتي به من الكتاب والسنة، فما جاء به الكتاب والسنة وهو الشرع الذي يجب على جميع الخلق اتباعه، وليس لأحد الخروج عنه، وهو الشرع الذي يقاتل عليه المجاهدون، وهو الكتاب والسنة‏.‏
وسيوف المسلمين تنصر هذا الشرع وهو الكتاب والسنة، كما قال جابر بن عبد الله‏:‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نضرب بهذا ـ يعني السيف ـ من خرج عن هذا ـ يعني المصحف، قال تعالى‏:‏ ‏{‏لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ‏}‏ ‏[‏الحديد‏:‏ 25‏]‏، فبين ـ سبحانه وتعالى ـ أنه أنزل الكتاب وأنزل العدل وما به يعرف العدل ليقوم الناس بالقسط، وأنزل الحديد‏.‏ فمن خرج عن الكتاب والميزان قوتل بالحديد‏.‏ فالكتاب والعدل متلازمان، والكتاب هو المبين للشرع، فالشرع هو العدل، والعدل هو الشرع، ومن حكم بالعدل فقد حكم بالشرع، ولكن كثيرًا من الناس ينسبون ما يقولونه الى الشرع وليس من الشرع، بل يقولون ذلك إما جهلاً وإما غلطاً وإما عمدًا وافتراء، وهذا هو الشرع المبدل الذي يستحق أصحابه العقوبة، ليس هو الشرع المنزل الذي جاء به جبريل من عند الله الى خاتم المرسلين فإن هذا الشرع المنزل كله عدل ليس فيه ظلم ولا جهل، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 42‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏49‏]‏، فالذي أنزل الله هو القسط، والقسط، هو الذي أنزل الله وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ الى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 58‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَنزَلْنَا اليكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 105‏]‏، فالذي أراه الله في كتابه هو العدل‏.‏
وقد يقول كثير من علماء المسلمين ـ أهل العلم والدين من الصحابة والتابعين وسائر أئمة المسلمين كالأربعة وغيرهم ـ أقوالا باجتهادهم، فهذه يسوغ / القول بها، ولا يجب على كل مسلم أن يلتزم إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا شرع دخل فيه التأويل والاجتهاد، وقد يكون في نفس الأمر موافقًا للشرع المنزل فيكون لصاحبه أجران، وقد لا يكون موافقًا له، لكن لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فإذا اتقي العبد الله ما استطاع آجره الله على ذلك، وغفر له خطأه‏.‏
ومن كان هكذا لم يكن لأحد أن يذمه ولا يعيبه ولا يعاقبه ولكن إذا عرف الحق بخلاف قوله، لم يجز ترك الحق الذي بعث الله به رسوله لقول أحد من الخلق، وذلك هو الشرع المنزل من عند الله، وهو الكتاب والسنة وهو دين الله ورسوله لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله لا يجاهدون على قول عالم ولا شيخ متأول، بل يجاهدون ليعبد الله وحده ويكون الدين له، كما في المسند عن ابن عمر قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتي يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقـوم فهو منهم‏)‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّي لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 39‏]‏، وفي الصحيحين عن أبي موسي الأشعري قال‏:‏ قيل‏:‏ يا رسول الله، الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله‏)‏‏.‏
/فالمقصود بالجهاد ألا يعبد أحد إلا الله، فلا يدعو غيره، ولا يصلي لغيره ولا يسجد لغيره، ولا يصوم لغيره، ولا يعتمر ولا يحج إلا الى بيته، ولا يذبح القرابين إلا له، ولا ينذر إلا له، ولا يحلف إلا به، ولا يتوكل إلا عليه ، ولا يخاف إلا إياه، ولا يتقي إلا إياه، فهو الذي لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو، ولا يهدي الخلق إلا هو، ولا ينصرهم إلا هو، ولا يرزقهم إلا هو، ولا يغنيهم إلا هو، ولا يغفر ذنوبهم إلا هو، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَاليه تَجْأَرُونَ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُواْ بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 51‏:‏ 55‏]‏‏.‏
والله ـ تعالى ـ قد حرم الشرك كله وأن يجعل له ندًا، فلا يدعي غيره لا الملائكة ولا الأنبياء ولا الصالحون ولا الشمس ولا القمر ولا الكواكب ولا الأوثان، ولا غير ذلك، بل قد بين أن من اتخذ الملائكة والنبيين أربابًا فهو كافر، قال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 79، 80‏]‏،/ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ الى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 56، 57‏]‏، ذم ‏[‏من‏]‏ الله ـ سبحانه وتعالى ـ لمن يدعو الملائكة والأنبياء وغيرهم من الصالحين، وبين أن هؤلاء الذين يدعونهم لا يملكون كشف الضر عنهم ولا تحويله، وأنهم يتقربون الى الله بالوسيلة وهي الأعمال الصالحة، ويرجون رحمته ويخافون عذابه فكيف يدعون المخلوقين ويذرون الخالق‏؟‏‏!‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا ‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 102‏]‏‏.‏
وهو ـ سبحانه وتعالى ـ عليم بأحوال عباده، رحيم بهم؛ كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأي امرأة من السبي إذا رأت ولدًا ألصقته ببطنها فقال‏:‏ أترون هذه واضعة ولدها في النار‏؟‏ قالوا‏:‏ لا يا رسول الله، قال‏:‏ ‏(‏لله أرحم بعباده من هذه بولدها‏)‏ وهو ـ سبحانه ـ سميع قريب قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ على نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي الي رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ‏}‏ ‏[‏سبأ‏:‏ 50‏]‏، وهو ـ تعالى ـ رحيم ودود‏.‏ والود‏:‏ اللطف والمحبة، فهو يود عباده المؤمنين، ويجعل لهم الود في القلوب، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 96‏]‏، قال ابن عباس وغيره‏:‏ يحبهم ويحببهم الى عباده‏.‏
/وهو ـ سبحانه ـ لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين، بل يحب من يدعوه ويتضرع اليه، ويبغض من لا يدعوه قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من لا يسأل الله يغضب عليه‏)‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏ 60‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 681‏]‏، قال بعض الصحابة‏:‏ يا رسول الله، ربنا قريب فنناجيه، أو بعيد فنناديه‏؟‏ فأنزل الله هذه الآية‏.‏
وهو ـ سبحانه وتعالى ـ ليس كالمخلوقين الذين ترفع اليهم الحوائج بالحجاب، بل في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏يقول الله‏:‏ قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد‏:‏ ‏{‏الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‏}‏، قال الله‏:‏ حمدني عبدي‏.‏ فإذا قال‏:‏ ‏{‏الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ‏}‏، قال الله‏:‏ أثني علي عبدي‏.‏ فإذا قال‏:‏ ‏{‏مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ‏}‏، قال الله‏:‏ مجدني عبدي، فإذا قال‏:‏ ‏{‏إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ‏}‏، قال الله‏:‏ هذه الآية بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل‏.‏ فإذا قال‏:‏ ‏{‏اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عليهمْ غَيرِ المَغضُوبِ عليهمْ وَلاَ الضَّالينَ ‏}‏، قال‏:‏ هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل‏.‏
/وهو ـ سبحانه ـ يتولي كلام عباده يوم القيامة، كما جاء في الصحيح، عن عدي بن حاتم أنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ـ عز وجل ـ ليس بينه وبينه حاجب ولا ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يري إلا شيئًا قدمه، وينظر أشأم منه فلا يري إلا شيئًا قدمه، وينظر أمامه فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل، فإن لم يجد فبكلمة طيبة‏)‏‏.‏ وهو ـ سبحانه ـ قريب ممن دعاه يتقرب ممن عبده وأطاعه، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏يقول الله تعالى‏:‏ أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب الى شبرًا تقربت منه ذراعًا، وإن تقرب إلى ذراعًا تقربت منه باعًا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة‏)‏‏.‏
والله ـ سبحانه ـ يولي عباده إحسانًا وجودًا وكرمًا، لا لحاجة اليهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏111‏]‏،ولا يحاسب العباد إلا هو وحده،وهو الذي يجازيهم بأعمالهم ‏{‏فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ‏}‏ ‏[‏الزلزلة‏:‏ 7، 8‏]‏‏.‏
وهو الذي يرزقهم ويعافيهم وينصرهم ويهديهم، لا أحد غيره يفعل ذلك قال تعالى‏:‏ ‏{‏أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ‏}‏ ‏[‏الملك‏:‏ 20، 21‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 42‏]‏، وأصح القولين في الآية أن معناه من ذا الذي يكلؤكم بدلاً من الله‏؟‏ من الذي يدفع الآفات عنكم التي تخافونها من الإنس والجن‏؟‏
والرسول هو الواسطة والسفير بينهم وبين الله ـ عز وجل ـ فهو الذي يبلغهم أمر الله ونهيه ووعده ووعيده، وتحليله وتحريمه، فالحلال ما حلله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله، وليس لأحد أن يخرج عن شيء مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الشرع الذي يجب على ولاة الأمر إلزام الناس به، ويجب على المجاهدين الجهاد عليه، ويجب على كل واحد اتباعه ونصره‏.‏
وليس المراد بالشرع اللازم لجميع الخلق حكم الحاكم ولو كان الحاكم أفضل أهل زمانه، بل حكم الحاكم العالم العادل يلزم قومًا معينين تحاكموا اليه في قضية معينة، لا يلزم جميع الخلق، ولا يجب على عالم من علماء المسلمين أن يقلد حاكمًا لا في قليل ولا في كثير إذا كان قد عرف ما أمر الله به ورسوله، بل لا يجب على آحاد العامة تقليد الحاكم في شيء، بل له أن يستفتي من يجوز له استفتاؤه وإن لم يكن حاكمًا، ومتي ترك العالم ما عَلِمَه من /كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدًا كافرًا، يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة، قال تعالى‏:‏ ‏{‏المص كِتَابٌ أُنزِلَ اليكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَي لِلْمُؤْمِنِينَ اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ اليكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏1، 3‏]‏
ولو ضرب وحبس وأوذي بأنواع الأذي ليدع ما علمه من شرع الله ورسوله الذي يجب اتباعه واتبع حكم غيره، كان مستحقًا لعذاب الله بل عليه أن يصبر‏.‏ وإن أوذي في الله فهذه سنة الله في الأنبياء وأتباعهم‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ‏}‏ ‏[‏العنكبوت‏:‏ 1، 3‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّي نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ‏}‏ ‏[‏محمد‏:‏13‏]‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 214‏]‏‏.‏
وهذا إذا كان الحاكم قد حكم في مسألة اجتهادية قد تنازع فيها الصحابة والتابعون فحكم الحاكم بقول بعضهم وعند بعضهم سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تخالف ما حكم به فعلى هذا أن يتبع / ما علم من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأمر بذلك، ويفتي به ويدعو اليه، ولا يقلد الحاكم‏.‏ هذا كله باتفاق المسلمين‏.‏
وإن ترك المسلم عالمًا كان أو غير عالم ما علم من أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لقول غيره كان مستحقًا للعذاب، قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ اليمٌ ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 63‏]‏، وإن كان ذلك الحاكم قد خفي عليه هذا النص ـ مثل كثير من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم تكلموا في مسائل باجتهادهم وكان في ذلك سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تخالف اجتهادهم ـ فهم معذورون لكونهم اجتهدوا، و‏{‏لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 286‏]‏، ولكن من علم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز له أن يعدل عن السنة الى غيرها قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَي اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 36‏]‏
ومن اتبع ما بعث الله به رسوله كان مهديًا منصورًا بنصرة الله في الدينا والآخرة كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏ 51‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 171‏:‏ 173‏]‏، وإذا أصابت العبد مصيبة كانت بذنبه لا باتباعه للرسول صلى الله عليه وسلم، بل باتباعه للرسول صلى الله عليه وسلم / يرحم وينصر، وبذنوبه يعذب ويخذل، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ‏}‏ ‏[‏الشوري‏:‏ 30‏]‏‏.‏
ولهذا لما انهزم المسلمون يوم أحد وكانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم واستظهر عليهم العدو بين الله لهم أن ذلك بذنوبهم، قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 155‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّي هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 165]‏، وبين ـ سبحانه ـ حكمة ابتلائهم، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًي وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 137‏:‏ 141‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 79‏]‏، والله قدرها، وقدر كل شيء‏.‏
لكن ما أصاب العبد من عافية ونصر ورزق فهو من إنعام الله عليه وإحسانه اليه، فالخير كله من الله، وليس للعبد من نفسه شيء، بل هو فقير لا يملك / لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، وما أصابه من مصيبة فبذنوبه والله ـ تعالى ـ يكفر ذنوب المؤمنين بتلك المصائب، ويؤجرهم على الصبر عليها، ويغفر لمن استغفر، ويتوب على من تاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب، ولا هم ولا غم ولا حزن ولا أذي حتي الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه‏)‏، ولما أنزل الله ـ تعالى ـ قوله‏:‏ ‏{‏مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 123‏]‏، قال أبو بكر‏:‏ يا رسول الله، قد جاءت قاصمة الظهر‏!‏ وأينا لم يعمل سوءًا‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏يا أبا بكر، ألست تنصب‏؟‏ ألست تحزن‏؟‏ ألست تصيبك اللأواء‏؟‏ فذلك ما تجزون به‏)‏‏.‏
وقد قص الله علينا في القرآن أخبار الأنبياء وما أصابهم وما أصاب أتباعهم المؤمنين من الأذي في الله، ثم إنه ـ تعالى ـ نصرهم، وجعل العاقبة لهم، وقص علينا ذلك لنعتبر به قال تعالى‏:‏ ‏{‏لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَي وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًي وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏ 111‏]‏‏.‏
فالشرع الذي يجب على كل مسلم أن يتبعه ويجب على ولاة الأمر نصره والجهاد عليه هو الكتاب والسنة‏.‏ وأما حكم الحاكم فذاك يقال له قضاء القاضي، ليس هو الشرع الذي فرض الله على جميع الخلق طاعته، بل القاضي العالم العادل يصيب تارة ويخطئ تارة، ولو حكم الحاكم لشخص بخلاف /الحق في الباطن لم يجز له أخذه، ولو كان الحاكم سيد الأولين والآخرين كما في الصحيحين عن أم سلمة، قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنكم تختصمون الى، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه‏.‏ فإنما أقطع له قطعة من النار‏)‏، فهذا سيد الحكام والأمراء والملوك يقول‏:‏ إذا حكمت لشخص بشيء يعلم أنه لا يستحقه فلا يأخذه‏.‏
وقد أجمع المسلمون على أن حكم الحاكم بالأملاك المرسلة لا ينفذ في الباطن فلو حكم لزيد بمال عمرو وكان مجتهدًا متحريًا للحق لم يجز له أخذه‏.‏
وأما في العقود والفسوخ، مثل أن يحكم بنكاح أو طلاق أو بيع أو فسخ بيع ففيه نزاع معروف، وجمهورهم يقولون‏:‏ لا ينفذ أيضًا، وهي مسألة معروفة، وهذا إذا كان الحاكم عالمًا عادلاً وقد حكم في أمر دنيوي‏.‏

عدد المشاهدات *:
366852
عدد مرات التنزيل *:
252119
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

مجموع فتاوى ابن تيمية

روابط تنزيل : فَصْــل: فيما جعل الله للحاكم أن يحكم فيه
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  فَصْــل: فيما جعل الله للحاكم أن يحكم فيه
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  فَصْــل: فيما جعل الله للحاكم أن يحكم فيه  لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
مجموع فتاوى ابن تيمية


@designer
1