تسجيل
البريد الإلكتروني
الرقم السري
بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ;   آخر المواضيع :   كتاب "عقيدة الإسلام "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري * * *  كتاب "عقيدة الإسلام "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري. * * *  كتاب "أصول الفقه وقواعده "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري * * *  كتاب "علم الحديث "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري. * * *  كتاب"معرفة إسم الله الأعظم "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري " * * *  كتاب"معرفة إسم الله الأعظم "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري * * *  وجوب اجتماع كلمة المسلمين على الصيام و الإفطار * * *  القول السديد في صلاة جمعتين في مسجد واحد * * *  مناظرة في علو الله تعالى و استوائه على عرشه * * *  مناظرة في علو الله تعالى و استوائه على عرشه * * *
الشريعة الإسلامية
العقائد و الفرق
الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
40
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 7120
22 - الأدلة العقلية و النقلية في إثبات وجود الله سبحانه و تعالى
التاريخ : 07/05/2013
الساعة : 21:09:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • لخليل الرحمن ابراهيم صلى الله عليه و سلم  معجزات متعددة منها قصة الطير ، كبش عيد الأضحى ، نجاته من النار و هلاك النمروذ ...

    و أكتفي هنا  بذكر  ما قاله الإمام الطبري عن نجاته  من النار  و هنا لطيفة فما كان الله ليعذب الله نبيا من أنبيائه بما توعد به  مكذبيه

    قال الإمام الطبري رحمه الله :

    القول في تأويل قوله تعالى : ( قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين ( 68 ) قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ( 69 ) وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين ( 70 ) )

    يقول تعالى ذكره : قال بعض قوم إبراهيم لبعض : حرقوا إبراهيم بالنار ( وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين ) يقول : إن كنتم ناصريها ، ولم تريدوا ترك عبادتها .

    وقيل : إن الذي قال ذلك رجل من أكراد فارس .

    ذكر من قال ذلك :

    حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية عن ليث عن مجاهد في قوله : ( حرقوه وانصروا آلهتكم ) قال : قالها رجل من أعراب فارس ، يعني الأكراد .

    حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج [ ص: 465 ] قال : أخبرني وهب بن سليمان عن شعيب الجبئي قال : إن الذي قال حرقوه " هيزن " فخسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة .

    حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة عن ابن إسحاق قال : أجمع نمرود وقومه في إبراهيم فقالوا ( حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين ) أي لا تنصروها منه إلا بالتحريق بالنار إن كنتم ناصريها .

    حدثنا ابن حميد قال : ثنا سلمة قال : ثني محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال : تلوت هذه الآية على عبد الله بن عمر فقال : أتدري يا مجاهد من الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار ؟ قال : قلت : لا ، قال : رجل من أعراب فارس . قلت : يا أبا عبد الرحمن أوهل للفرس أعراب ؟ قال : نعم . الكرد هم أعراب فارس ، فرجل منهم هو الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار .

    وقوله ( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) في الكلام متروك اجتزئ بدلالة ما ذكر عليه منه ، وهو : فأوقدوا له نارا ليحرقوه ثم ألقوه فيها ، فقلنا للنار : يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ، وذكر أنهم لما أرادوا إحراقه بنوا له بنيانا ، كما حدثنا موسى قال : ثنا عمرو قال : ثنا أسباط عن السدي قال ( قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم ) قال : فحبسوه في بيت ، وجمعوا له حطبا ، حتى إن كانت المرأة لتمرض فتقول : لئن عافاني الله لأجمعن حطبا لإبراهيم ، فلما جمعوا له ، وأكثروا من الحطب حتى إن الطير لتمر بها فتحترق من شدة وهجها ، فعمدوا إليه فرفعوه على رأس البنيان ، فرفع إبراهيم صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء ، فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة : ربنا ، إبراهيم يحرق فيك ، فقال : أنا أعلم به ، وإن دعاكم فأغيثوه ، وقال إبراهيم حين رفع رأسه إلى السماء : اللهم أنت الواحد في السماء ، وأنا الواحد في الأرض ليس في الأرض أحد يعبدك غيري ، حسبي الله ونعم الوكيل ، فقذفوه في النار ، فناداها فقال ( يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) فكان جبريل عليه السلام هو الذي ناداها .

    [ ص: 466 ] وقال ابن عباس : لو لم يتبع بردها سلاما لمات إبراهيم من شدة بردها ، فلم يبق يومئذ نار في الأرض إلا طفئت ، ظنت أنها هي تعنى ، فلما طفئت النار نظروا إلى إبراهيم ، فإذا هو رجل آخر معه ، وإذا رأس إبراهيم في حجره يمسح عن وجهه العرق ، وذكر أن ذلك الرجل هو ملك الظل ، وأنزل الله نارا فانتفع بها بنو آدم ، وأخرجوا إبراهيم ، فأدخلوه على الملك ، ولم يكن قبل ذلك دخل عليه .

    حدثني إبراهيم بن المقدام أبو الأشعث قال : ثنا المعتمر قال : سمعت أبي ، قال : ثنا قتادة عن أبي سليمان عن كعب قال : ما أحرقت النار من إبراهيم إلا وثاقه .

    حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) قال : ذكر لنا أن كعبا كان يقول : ما انتفع بها يومئذ أحد من الناس ، وكان كعب يقول : ما أحرقت النار يومئذ إلا وثاقه .

    حدثنا محمد بن بشار قال : ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان عن الأعمش عن شيخ ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله ( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) قال : بردت عليه حتى كادت تقتله ، حتى قيل : وسلاما ، قال : لا تضريه .

    حدثنا أبو كريب قال : ثنا جابر بن نوح قال : أخبرنا إسماعيل عن المنهال بن عمرو قال : قال إبراهيم خليل الله : ما كنت أياما قط أنعم مني من الأيام التي كنت فيها في النار .

    حدثنا ابن حميد قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد قال : لما ألقي إبراهيم خليل الله صلى الله عليه وسلم في النار ، قال الملك خازن المطر : رب ! خليلك إبراهيم ، رجا أن يؤذن له فيرسل المطر ، قال : فكان أمر الله أسرع من ذلك فقال ( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) فلم يبق في الأرض نار إلا طفئت .

    حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير عن مغيرة عن الحارث عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال : إن أحسن شيء قاله أبو إبراهيم لما رفع عنه الطبق [ ص: 467 ] وهو في النار ، وجده يرشح جبينه ، فقال عند ذلك : نعم الرب ربك يا إبراهيم .

    حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج قال : أخبرني وهب بن سليمان عن شعيب الجبسئ قال : ألقي إبراهيم في النار وهو ابن ست عشرة سنة ، وذبح إسحاق وهو ابن سبع سنين ، وولدته سارة وهي ابنة تسعين سنة ، وكان مذبحه من بيت إيلياء على ميلين ، ولما علمت سارة بما أراد بإسحاق بطنت يومين ، وماتت اليوم الثالث ، قال ابن جريج : قال كعب الأحبار : ما أحرقت النار من إبراهيم شيئا غير وثاقه الذي أوثقوه به .

    حدثنا الحسن قال : ثنا الحسين قال : ثنا معتمر بن سليمان التيمي عن بعض أصحابه قال : جاء جبريل إلى إبراهيم عليهما السلام وهو يوثق أو يقمط ليلقى في النار ، قال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ قال : أما إليك فلا .

    قال : ثنا معتمر قال : ثنا ابن كعب عن أرقم : أن إبراهيم قال حين جعلوا يوثقونه ليلقوه في النار : لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين ، لك الحمد ، ولك الملك لا شريك لك .

    حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله ( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) قال : السلام لا يؤذيه بردها ، ولولا أنه قال : وسلاما لكان البرد أشد عليه من الحر .

    حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج قوله ( بردا ) قال : بردت عليه ( وسلاما ) لا تؤذيه .

    حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة ( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) قال : قال كعب : ما انتفع أحد من أهل الأرض يومئذ بنار ، ولا أحرقت النار يومئذ شيئا إلا وثاق إبراهيم .

    وقال قتادة : لم تأت يومئذ دابة إلا أطفأت عنه النار ، إلا الوزغ .

    وقال الزهري : أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله ، وسماه فويسقا .

    وقوله ( وأرادوا به كيدا ) يقول تعالى ذكره : وأرادوا بإبراهيم كيدا ( فجعلناهم الأخسرين ) يعني الهالكين .

    [ ص: 468 ] وقد حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج ( وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين ) قال : ألقوا شيخا منهم في النار لأن يصيبوا نجاته ، كما نجي إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، فاحترق

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
41
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 7120
22 - الأدلة العقلية و النقلية في إثبات وجود الله سبحانه و تعالى
التاريخ : 07/05/2013
الساعة : 21:09:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • لكليم الله موسى عليه الصلاة و السلام أكثر من معجزة و أعظمها هلاك فرعون و نجاة موسى و من معه عندما فلق الله البحر فجعله طريقا يبسا سلكه موسى و من معه من بني اسرائيل الى بر الأمان ثم انطباق ماء البحر على فرعون وجنده .

     

    لكن ما أعجبني في قصة موسى عليه الصلاة و السلام هو عظمة الله تعالى التي تجلت في جمع النقيظين فقد كانت ارادة فرعون استئصال الذكور من بني اسرائيل و كانت ارادة الله تعالى توفير فرعون لموسى مستلزمات الحياة ، فقد اراد فرعون قتل موسى لكن الله أراد أن يكبر موسى في بيت فرعون فانظر الى عظمة الله تعالى في هذه القصة البليغة التي تبرهن على غلبة مشيئة الله تعالى و ارادته.

    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى :

    ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ( 7 ) فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين ( 8 ) وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون ( 9 ) ) .

    ذكروا أن فرعون لما أكثر من قتل ذكور بني إسرائيل ، خافت القبط أن يفني بني إسرائيل فيلون هم ما كانوا يلونه من الأعمال الشاقة . فقالوا لفرعون : إنه يوشك - إن استمر هذا الحال - أن يموت شيوخهم ، وغلمانهم لا يعيشون ، ونساؤهم لا يمكن أن يقمن بما يقوم به رجالهم من الأعمال ، فيخلص إلينا ذلك . فأمر بقتل الولدان عاما وتركهم عاما ، فولد هارون ، عليه السلام ، في السنة التي يتركون فيها الولدان ، وولد موسى ، عليه السلام ، في السنة التي يقتلون فيها الولدان ، وكان لفرعون أناس موكلون بذلك ، وقوابل يدرن على النساء ، فمن رأينها قد حملت [ ص: 222 ] أحصوا اسمها ، فإذا كان وقت ولادتها لا يقبلها إلا نساء القبط ، فإذا ولدت المرأة جارية تركنها وذهبن ، وإن ولدت غلاما دخل أولئك الذباحون ، بأيديهم الشفار المرهفة ، فقتلوه ومضوا قبحهم الله . فلما حملت أم موسى به ، عليه السلام ، لم يظهر عليها مخايل الحمل كغيرها ، ولم تفطن لها الدايات ، ولكن لما وضعته ذكرا ضاقت به ذرعا ، وخافت عليه خوفا شديدا وأحبته حبا زائدا ، وكان موسى ، عليه السلام ، لا يراه أحد إلا أحبه ، فالسعيد من أحبه طبعا وشرعا قال الله تعالى : ( وألقيت عليك محبة مني ) [ طه : 39 ] . فلما ضاقت ذرعا به ألهمت في سرها ، وألقي في خلدها ، ونفث في روعها ، كما قال الله تعالى : ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) . وذلك أنه كانت دارها على حافة النيل ، فاتخذت تابوتا ، ومهدت فيه مهدا ، وجعلت ترضع ولدها ، فإذا دخل عليها أحد ممن تخاف جعلته في ذلك التابوت ، وسيرته في البحر ، وربطته بحبل عندها . فلما كان ذات يوم دخل عليها من تخافه ، فذهبت فوضعته في ذلك التابوت ، وأرسلته في البحر وذهلت عن أن تربطه ، فذهب مع الماء واحتمله ، حتى مر به على دار فرعون ، فالتقطه الجواري فاحتملنه ، فذهبن به إلى امرأة فرعون ، ولا يدرين ما فيه ، وخشين أن يفتتن عليها في فتحه دونها . فلما كشفت عنه إذا هو غلام من أحسن الخلق وأجمله وأحلاه وأبهاه ، فأوقع الله محبته في قلبها حين نظرت إليه ، وذلك لسعادتها وما أراد الله من كرامتها وشقاوة بعلها ; ولهذا قال ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا [ وحزنا ] ) .

    قال محمد بن إسحاق وغيره : " اللام " هنا لام العاقبة لا لام التعليل ; لأنهم لم يريدوا بالتقاطه ذلك . ولا شك أن ظاهر اللفظ يقتضي ما قالوه ، ولكن إذا نظر إلى معنى السياق فإنه تبقى اللام للتعليل ; لأن معناه أن الله تعالى ، قيضهم لالتقاطه ليجعله لهم عدوا وحزنا فيكون أبلغ في إبطال حذرهم منه ; ولهذا قال : ( إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين ) .

    وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه كتب كتابا إلى قوم من القدرية ، في تكذيبهم بكتاب الله وبأقداره النافذة في علمه السابق : وموسى في علم الله السابق لفرعون عدو وحزن ، قال الله تعالى : ( ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) ، وقلتم أنتم : لو شاء فرعون أن يكون لموسى وليا ونصيرا ، والله يقول : ( ليكون لهم عدوا وحزنا ) .

    وقوله تعالى : ( وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون ) يعني : أن فرعون لما رآه هم بقتله خوفا من أن يكون من بني إسرائيل فجعلت امرأته آسية بنت مزاحم تحاج عنه وتذب دونه ، وتحببه إلى فرعون ، فقالت : ( قرة عين لي ولك ) فقال : أما لك فنعم ، وأما لي فلا . فكان كذلك ، وهداها الله به ، وأهلكه الله على يديه ، وقد تقدم في حديث الفتون في سورة " طه " هذه القصة بطولها ، من رواية ابن عباس مرفوعا عن النسائي وغيره .

    [ ص: 223 ]

    وقوله " : ( عسى أن ينفعنا ) ، وقد حصل لها ذلك ، وهداها الله به ، وأسكنها الجنة بسببه . وقولها : ( أو نتخذه ولدا ) أي : أرادت أن تتخذه ولدا وتتبناه ، وذلك أنه لم يكن لها ولد منه .

    وقوله تعالى : ( وهم لا يشعرون ) أي : لا يدرون ما أراد الله منه بالتقاطهم إياه ، من الحكمة العظيمة البالغة ، والحجة القاطعة .

     

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
42
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 7120
22 - الأدلة العقلية و النقلية في إثبات وجود الله سبحانه و تعالى
التاريخ : 07/05/2013
الساعة : 21:09:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • لنبي الله عيسى ابن مريم معجزات متعددة منها أن الله خلقه من غير أب،  و قد خلق الله آدم عليه السلام من غير أب ومن غير  أم،  و خلق حواء عليها السلام من أب بغير أم و خلق الباقين من اب و أم

     

     

    و من معجزاته أنه تكلم في المهد و أوتي معجزات الشفاء من العلل و أكبر معجزاته هو رفعه الى السماء

    1ـ ربنا في محكم تنزيله أخبرنا أنه شبه لهم، و هذا أمر ممكن يقبله العقل، و أكبر دليل عليه وجود مختبرات عيادة التجميل في عصرنا هذا، لكن معجزة نبي الله عيسى ابن مريم في اللذي حل فيه الشبه  وقعت دون عملية تجميل و كانت آنية

    2- رفع المسيح  عيسى ابن مريم الى السماء الثانية  : قيل إن إدريس عليه السلام رفع الى السماء الرابعة

    لا يشك المؤمن في قدرة الله تعالى فأرواح العباد كلها تحت قبضته،  و قد دل الحديث على  :  أن الملائكة تقبض روح العبد المؤمن، وترقى به إلى السماء، فتقول الملائكة: ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض، فيأتون به أرواح المؤمنين، فلهم أشدُّ فرحاً من أحدكم بغائبه يقدم عليه، فيسألونه: ماذا فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟ فيقولون: دعوه، فإنه كان في غم الدنيا، فيقول: قد مات، أما أتاكم؟ قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية  

    و قد دلت الشرائع على أن الملائكة تعرج و تنزل من السماء و هي مخلوقات من مخلوقات الله تعالى ، و عيسى ابن مريم مخلوق من مخلوقات الله تعالى رفعه الله اليه يقينا  و سينزل آخر الزمان ليقتل الأعور الدجال و يكسر الصليب ثم يموت كغيره من المخلوقين،  فما هو بإلاه و ليس من سلالة الإلاه، فما اتخذ الله من صاحبة و ما كان له من ولد .

    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى :

    ( فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ( 155 ) وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ( 156 ) وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا ( 157 ) بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ( 158 ) وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا ( 159 ) )

    وهذه من الذنوب التي ارتكبوها ، مما أوجب لعنتهم وطردهم وإبعادهم عن الهدى ، وهو نقضهم المواثيق والعهود التي أخذت عليهم ، وكفرهم بآيات الله ، أي : حججه وبراهينه ، والمعجزات التي شاهدوها على أيدي الأنبياء ، عليهم السلام .

    قوله ( وقتلهم الأنبياء بغير حق ) وذلك لكثرة إجرامهم واجترائهم على أنبياء الله ، فإنهم قتلوا جما غفيرا من الأنبياء [ بغير حق ] عليهم السلام .

    وقولهم : ( قلوبنا غلف ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والسدي ، وقتادة ، وغير واحد : أي في غطاء . وهذا كقول المشركين : ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه [ وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون ] ) [ فصلت : 5 ] . وقيل : معناه أنهم ادعوا أن قلوبهم غلف للعلم ، أي : أوعية للعلم قد حوته وحصلته . رواه الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس . وقد تقدم نظيره في سورة البقرة .

    [ ص: 449 ]

    قال الله تعالى : ( بل طبع الله عليها بكفرهم ) فعلى القول الأول كأنهم يعتذرون إليه بأن قلوبهم لا تعي ما يقول ; لأنها في غلف وفي أكنة ، قال الله [ تعالى ] بل هو مطبوع عليها بكفرهم . وعلى القول الثاني عكس عليهم ما ادعوه من كل وجه ، وقد تقدم الكلام على مثل هذا في سورة البقرة .

    ( فلا يؤمنون إلا قليلا ) أي : مردت قلوبهم على الكفر والطغيان وقلة الإيمان .

    ( وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " يعني أنهم رموها بالزنا " . وكذا قال السدي ، وجويبر ، ومحمد بن إسحاق وغير واحد . وهو ظاهر من الآية : أنهم رموها وابنها بالعظائم ، فجعلوها زانية ، وقد حملت بولدها من ذلك - زاد بعضهم : وهي حائض - فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة .

    وقولهم : ( إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ) أي هذا الذي يدعي لنفسه هذا المنصب قتلناه . وهذا منهم من باب التهكم والاستهزاء ، كقول المشركين : ( يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ) [ الحجر : 6 ] .

    وكان من خبر اليهود - عليهم لعائن الله وسخطه وغضبه وعقابه - أنه لما بعث الله عيسى ابن مريم بالبينات والهدى ، حسدوه على ما آتاه الله من النبوة والمعجزات الباهرات ، التي كان يبرئ بها الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ، ويصور من الطين طائرا ثم ينفخ فيه فيكون طائرا يشاهد طيرانه بإذن الله ، عز وجل ، إلى غير ذلك من المعجزات التي أكرمه الله بها وأجراها على يديه ، ومع هذا كذبوه وخالفوه ، وسعوا في أذاه بكل ما أمكنهم ، حتى جعل نبي الله عيسى ، عليه السلام ، لا يساكنهم في بلدة ، بل يكثر السياحة هو وأمه ، عليهما السلام ، ثم لم يقنعهم ذلك حتى سعوا إلى ملك دمشق في ذلك الزمان - وكان رجلا مشركا من عبدة الكواكب ، وكان يقال لأهل ملته : اليونان - وأنهوا إليه : أن ببيت المقدس رجلا يفتن الناس ويضلهم ويفسد على الملك رعاياه . فغضب الملك من هذا ، وكتب إلى نائبه بالقدس أن يحتاط على هذا المذكور ، وأن يصلبه ويضع الشوك على رأسه ، ويكف أذاه على الناس . فلما وصل الكتاب امتثل متولي بيت المقدس ذلك ، وذهب هو وطائفة من اليهود إلى المنزل الذي فيه عيسى ، عليه السلام ، وهو في جماعة من أصحابه ، اثنا عشر أو ثلاثة عشر - وقيل : سبعة عشر نفرا - وكان ذلك يوم الجمعة بعد العصر ليلة السبت ، فحصروه هنالك . فلما أحس بهم وأنه لا محالة من دخولهم عليه ، أو خروجه عليهم قال لأصحابه : أيكم يلقى عليه شبهي ، وهو رفيقي في الجنة ؟ فانتدب لذلك شاب منهم ، فكأنه استصغره عن ذلك ، فأعادها ثانية وثالثة وكل ذلك لا ينتدب إلا ذلك الشاب - فقال : أنت هو - وألقى الله عليه شبه عيسى ، حتى كأنه هو ، [ ص: 450 ] وفتحت روزنة من سقف البيت ، وأخذت عيسى عليه السلام سنة من النوم ، فرفع إلى السماء وهو كذلك ، كما قال [ الله ] تعالى : ( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي [ ومطهرك من الذين كفروا ] ) الآية [ آل عمران : 55 ] .

    فلما رفع خرج أولئك النفر فلما رأى أولئك ذلك الشاب ظنوا أنه عيسى ، فأخذوه في الليل وصلبوه ، ووضعوا الشوك على رأسه ، فأظهر اليهود أنهم سعوا في صلبه وتبجحوا بذلك ، وسلم لهم طوائف من النصارى ذلك لجهلهم وقلة عقلهم ، ما عدا من كان في البيت مع المسيح ، فإنهم شاهدوا رفعه ، وأما الباقون فإنهم ظنوا كما ظن اليهود أن المصلوب هو المسيح ابن مريم ، حتى ذكروا أن مريم جلست تحت ذلك المصلوب وبكت ، ويقال : إنه خاطبها ، والله أعلم .

    وهذا كله من امتحان الله عباده ; لما له في ذلك من الحكمة البالغة ، وقد أوضح الله الأمر وجلاه وبينه وأظهره في القرآن العظيم ، الذي أنزله على رسوله الكريم ، المؤيد بالمعجزات والبينات والدلائل الواضحات ، فقال تعالى - وهو أصدق القائلين ، ورب العالمين ، المطلع على السرائر والضمائر ، الذي يعلم السر في السماوات والأرض ، العالم بما كان وما يكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون - : ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) أي : رأوا شبهه فظنوه إياه ; ولهذا قال : ( وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن [ وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه ] ) يعني بذلك : من ادعى قتله من اليهود ، ومن سلمه من جهال النصارى ، كلهم في شك من ذلك وحيرة وضلال وسعر . ولهذا قال : ( وما قتلوه يقينا ) أي : وما قتلوه متيقنين أنه هو ، بل شاكين متوهمين . ( بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ) أي منيع الجناب لا يرام جنابه ، ولا يضام من لاذ ببابه ( حكيما ) أي : في جميع ما يقدره ويقضيه من الأمور التي يخلقها وله الحكمة البالغة ، والحجة الدامغة ، والسلطان العظيم ، والأمر القديم .

    قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء ، خرج على أصحابه - وفي البيت اثنا عشر رجلا من الحواريين - يعني : فخرج عليهم من عين في البيت ، ورأسه يقطر ماء ، فقال : إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة مرة ، بعد أن آمن بي . ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي ، فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب من أحدثهم سنا ، فقال له : اجلس . ثم أعاد عليهم فقام ذلك الشاب ، فقال : اجلس . ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : أنا . فقال : أنت هو ذاك . فألقي عليه شبه عيسى ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء . قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ، ثم صلبوه وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة ، بعد أن آمن به ، [ ص: 451 ] وافترقوا ثلاث فرق ، فقالت طائفة : كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء . وهؤلاء اليعقوبية ، وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ، ثم رفعه الله إليه . وهؤلاء النسطورية ، وقالت فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ، ثم رفعه الله إليه . وهؤلاء المسلمون ، فتظاهرت الكافرتان على المسلمة ، فقتلوها ، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم .

    وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ، ورواه النسائي عن أبي كريب ، عن أبي معاوية ، بنحوه وكذا ذكر غير واحد من السلف أنه قال لهم : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ، وهو رفيقي في الجنة ؟

    وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن هارون بن عنترة ، عن وهب بن منبه قال : أتي عيسى وعنده سبعة عشر من الحواريين في بيت وأحاطوا بهم . فلما دخلوا عليه صورهم الله ، عز وجل ، كلهم على صورة عيسى ، فقالوا لهم : سحرتمونا . ليبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعا . فقال عيسى لأصحابه : من يشري نفسه منكم اليوم بالجنة ؟ فقال رجل منهم : أنا . فخرج إليهم وقال : أنا عيسى - وقد صوره الله على صورة عيسى - فأخذوه وقتلوه وصلبوه . فمن ثم شبه لهم ، فظنوا أنهم قد قتلوا عيسى ، وظنت النصارى مثل ذلك أنه عيسى ، ورفع الله عيسى من يومه ذلك . وهذا سياق غريب جدا . قال ابن جرير : وقد روي عن وهب نحو هذا القول ، وهو ما حدثني به المثنى ، حدثنا إسحاق ، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، حدثني عبد الصمد بن معقل : أنه سمع وهبا يقول : إن عيسى ابن مريم لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا ، جزع من الموت وشق عليه ، فدعا الحواريين فصنع لهم طعاما ، فقال : احضروني الليلة ، فإن لي إليكم حاجة . فلما اجتمعوا إليه من الليل عشاهم وقام يخدمهم . فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده ، ويمسح أيديهم بثيابه ، فتعاظموا ذلك وتكارهوه ، فقال : ألا من رد علي شيئا الليلة مما أصنع ، فليس مني ولا أنا منه . فأقروه ، حتى إذا فرغ من ذلك قال : أما ما صنعت بكم الليلة ، مما خدمتكم على الطعام ، وغسلت أيديكم بيدي ، فليكن لكم بي أسوة ، فإنكم ترون أني خيركم ، فلا يتعظم بعضكم على بعض ، وليبذل بعضكم نفسه لبعض ، كما بذلت نفسي لكم . وأما حاجتي الليلة التي أستعينكم عليها فتدعون لي الله ، وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي . فلما نصبوا أنفسهم للدعاء ، وأرادوا أن يجتهدوا ، أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء ، فجعل يوقظهم ويقول : سبحان الله ! أما تصبرون لي ليلة واحدة تعينونني فيها ؟ قالوا : والله ما ندري ما لنا . لقد كنا نسمر فنكثر السمر ، وما نطيق الليلة سمرا ، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه . فقال : يذهب بالراعي وتفرق الغنم . وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعي به نفسه . ثم قال : الحق ، ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات ، وليبيعني أحدكم بدراهم يسيرة ، وليأكلن [ ص: 452 ] ثمني ، فخرجوا وتفرقوا ، وكانت اليهود تطلبه ، وأخذوا شمعون أحد الحواريين ، وقالوا : هذا من أصحابه . فجحد وقال : ما أنا بصاحبه فتركوه ، ثم أخذه آخرون ، فجحد كذلك . ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه ، فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال : ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح ؟ فجعلوا له ثلاثين درهما ، فأخذها ودلهم عليه ، وكان شبه عليهم قبل ذلك ، فأخذوه فاستوثقوا منه ، وربطوه بالحبل ، وجعلوا يقودونه ويقولون ، له : أنت كنت تحيي الموتى ، وتنهر الشيطان ، وتبرئ المجنون ، أفلا تنجي نفسك من هذا الحبل ؟ ويبصقون عليه ، ويلقون عليه الشوك ، حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها ، فرفعه الله إليه ، وصلبوا ما شبه لهم فمكث سبعا .

    ثم إن أمه والمرأة التي كان يداويها عيسى عليه السلام ، فأبرأها الله من الجنون ، جاءتا تبكيان حيث المصلوب ، فجاءهما عيسى فقال : علام تبكيان ؟ فقالتا : عليك . فقال : إني قد رفعني الله إليه ، ولم يصبني إلا خير ، وإن هذا شبه لهم فأمرا الحواريين يلقوني إلى مكان كذا وكذا . فلقوه إلى ذلك المكان أحد عشر . وفقدوا الذي كان باعه ودل عليه اليهود ، فسأل عنه أصحابه فقال : إنه ندم على ما صنع فاختنق ، وقتل نفسه فقال : لو تاب لتاب الله عليه . ثم سألهم عن غلام كاد يتبعهم ، يقال له : يحيى ، قال : هو معكم ، فانطلقوا ، فإنه سيصبح كل إنسان يحدث بلغة قومه ، فلينذرهم وليدعهم . سياق غريب جدا .

    ثم قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : كان اسم ملك بني إسرائيل الذي بعث إلى عيسى ليقتله رجلا منهم ، يقال له : داود ، فلما أجمعوا لذلك منه ، لم يفظع عبد من عباد الله بالموت - فيما ذكر لي - فظعه ولم يجزع منه جزعه ، ولم يدع الله في صرفه عنه دعاءه ، حتى إنه ليقول - فيما يزعمون - " اللهم إن كنت صارفا هذه الكأس عن أحد من خلقك فاصرفها عني " وحتى إن جلده من كرب ذلك ليتفصد دما . فدخل - المدخل الذي أجمعوا أن يدخلوا عليه فيه ليقتلوه - هو وأصحابه ، وهم ثلاثة عشر بعيسى ، عليه السلام ، فلما أيقن أنهم داخلون عليه قال لأصحابه من الحواريين - وكانوا اثني عشر رجلا فطرس ويعقوب بن زبدي ويحنس أخو يعقوب ، وأنداربيس ، وفيلبس ، وأبرثلما ومنى وتوماس ، ويعقوب بن حلفيا ، وتداوسيس ، وقثانيا ويودس زكريا يوطا .

    قال ابن حميد : قال سلمة ، قال ابن إسحاق : وكان [ فيهم فيما ] ذكر لي رجل اسمه سرجس ، فكانوا ثلاثة عشر رجلا سوى عيسى ، عليه السلام ، جحدته النصارى ، وذلك أنه هو الذي شبه لليهود مكان عيسى [ عليه السلام ] قال : فلا أدري ما هو ؟ من هؤلاء الاثني عشر ، أو كان ثالث عشر ، فجحدوه حين أقروا لليهود بصلب عيسى ، وكفروا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الخبر عنه . فإن كانوا ثلاثة عشر فإنهم دخلوا المدخل حين دخلوا وهم بعيسى أربعة عشر ، وإن كانوا اثني عشر ، فإنهم دخلوا المدخل [ حين دخلوا ] وهم ثلاثة عشر . [ ص: 453 ]

    قال ابن إسحاق : وحدثني رجل كان نصرانيا فأسلم : أن عيسى حين جاءه من الله ( إني متوفيك ورافعك إلي ) قال : يا معشر الحواريين ، أيكم يحب أن يكون رفيقي في الجنة على أن يشبه للقوم في صورتي ، فيقتلوه في مكاني ؟ فقال سرجس : أنا ، يا روح الله . قال : فاجلس في مجلسي . فجلس فيه ، ورفع عيسى ، عليه السلام ، فدخلوا عليه فأخذوه فصلبوه ، فكان هو الذي صلبوه وشبه لهم به ، وكانت عدتهم حين دخلوا مع عيسى معلومة ، قد رأوهم وأحصوا عدتهم . فلما دخلوا عليه ليأخذوه وجدوا عيسى ، فيما يرون وأصحابه ، وفقدوا رجلا من العدة ، فهو الذي اختلفوا فيه وكانوا لا يعرفون عيسى ، حتى جعلوا ليودس زكريا يوطا ثلاثين درهما على أن يدلهم عليه ويعرفهم إياه ، فقال لهم : إذا دخلتم عليه فإني سأقبله ، وهو الذي أقبل ، فخذوه . فلما دخلوا وقد رفع عيسى ، ورأى سرجس في صورة عيسى ، فلم يشكك أنه عيسى ، فأكب عليه فقبله فأخذوه فصلبوه .

    ثم إن يودس زكريا يوطا ندم على ما صنع ، فاختنق بحبل حتى قتل نفسه ، وهو ملعون في النصارى ، وقد كان أحد المعدودين من أصحابه ، وبعض النصارى يزعم أن يودس زكريا يوطا هو الذي شبه لهم ، فصلبوه وهو يقول : " إني لست بصاحبكم . أنا الذي دللتكم عليه " . والله أعلم أي ذلك كان .

    وقال ابن جرير ، عن مجاهد : صلبوا رجلا شبهوه بعيسى ، ورفع الله ، عز وجل ، عيسى إلى السماء حيا .

    واختار ابن جرير أن شبه عيسى ألقي على جميع أصحابه .

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
43
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 7120
22 - الأدلة العقلية و النقلية في إثبات وجود الله سبحانه و تعالى
التاريخ : 07/05/2013
الساعة : 21:09:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • من معجزات الرسول صلى الله عليه و سلم : القرآن الكريم ، جوامع الكلم ، حصول البركة ، تسبيح الحصى ، حنين الجذع ، نبوع الماء بين أصابعه ، رد العين بعد تدليها ، معجزات الشفاء من الأمراض العضوية و النفسية ، ...

     

     

     

     

    و أكبر معجزة للنبي صلى الله عليه و سلم هي القرآن الكريم .

    غير أني أذكر ههنا معجزة الإسراء و المعراج التي دل العلم الحديث على صدق النبي صلى الله عليه و سلم فالإنتقال من مكة المكرمة الى بيت المقدس جوا صار في أيامنا هذا أمرا  طبيعيا لا يستغربه أحد فالطائرة تحمل الإنسان من قارة الى قارة في خلال ساعات فقط و ما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم به قومه من رحلته الجوية عبر البراق من مكة الى المدينة أمر معقول لا ينكره الا فاقد العقل نعوذ بالله من ذلك

    أما قضية المعراج  فقد دلت تجارب الإنسان في استعمالها للأقمار الصناعية على امكانية العروج الى السماء إلا أن لكل مقامه و مقام رسولنا عليه الصلاة و السلام في هذا الأمر رفيع فقد وصل عليه الصلاة و السلام الى سدرة المنتهى التي لا يحيطها الجاحد بألوهية الله تعالى .

    قال الإمام القرطبي  رحمه الله تعالى :

    ص: 185 ] تفسير سورة الإسراء هذه السورة مكية ، إلا ثلاث آيات : قوله - عز وجل - وإن كادوا ليستفزونك حين جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد ثقيف ، وحين قالت اليهود : ليست هذه بأرض الأنبياء . وقوله - عز وجل - : وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق وقوله - تعالى - إن ربك أحاط بالناس الآية . وقال مقاتل : وقوله - عز وجل - إن الذين أوتوا العلم من قبله الآية . وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - في بني إسرائيل والكهف ومريم : إنهن من العتاق الأول ، وهن من تلادي ; يريد من قديم كسبه .

    بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير فيه ثمان مسائل :

    الأولى :

    قوله تعالى : سبحان سبحان اسم موضوع موضع المصدر ، وهو غير متمكن ; لأنه لا يجري بوجوه الإعراب ، ولا تدخل عليه الألف واللام ، ولم يجر منه فعل ، ولم ينصرف لأن في آخره زائدتين ، تقول : سبحت تسبيحا وسبحانا ، مثل كفرت اليمين تكفيرا وكفرانا . ومعناه التنزيه والبراءة لله - عز وجل - من كل نقص . فهو ذكر عظيم لله - تعالى - لا يصلح لغيره ; فأما قول الشاعر :

     

    أقول لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر

     

    [ ص: 186 ] فإنما ذكره على طريق النادر . وقد روى طلحة بن عبيد الله الفياض أحد العشرة أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ما معنى سبحان الله ؟ فقال : تنزيه الله من كل سوء . والعامل فيه على مذهب سيبويه الفعل الذي من معناه لا من لفظه ، إذ لم يجر من لفظه فعل ، وذلك مثل قعد القرفصاء ، واشتمل الصماء ; فالتقدير عنده : أنزه الله تنزيها ; فوقع ( سبحان الله ) مكان قولك تنزيها .

    الثانية :

    قوله تعالى : أسرى بعبده أسرى فيه لغتان : سرى وأسرى ; كسقى وأسقى ، كما تقدم . قال :

     

    أسرت عليه من الجوزاء سارية     تزجي الشمال عليه جامد البرد

     


    وقال آخر :

     

    حي النضيرة ربة الخدر     أسرت إلي ولم تكن تسري

     


    فجمع بين اللغتين في البيتين . والإسراء : سير الليل ; يقال : سريت مسرى وسرى ، وأسريت إسراء ; قال الشاعر :

     

    وليلة ذات ندى سريت     ولم يلتني من سراها ليت

     


    وقيل : أسرى سار من أول الليل ، وسرى سار من آخره ; والأول أعرف .

    الثالثة :

    قوله تعالى : بعبده قال العلماء : لو كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - اسم أشرف منه لسماه به في تلك الحالة العلية . وفي معناه أنشدوا :

    يا قوم قلبي عند زهراء     يعرفه السامع والرائي
    لا تدعني إلا بيا عبدها     فإنه أشرف أسمائي

     


    وقد تقدم . قال القشيري : لما رفعه الله - تعالى - إلى حضرته السنية ، وأرقاه فوق الكواكب العلوية ، ألزمه اسم العبودية تواضعا للأمة .

    الرابعة :

    ثبت الإسراء في جميع مصنفات الحديث ، وروي عن الصحابة في كل أقطار الإسلام فهو من المتواتر بهذا الوجه . وذكر النقاش : ممن رواه عشرين صحابيا . روى الصحيح عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أتيت بالبراق وهو دابة أبيض [ طويل ] فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه - قال - فركبته حتى أتيت بيت المقدس - قال - فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء - قال - ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت [ ص: 187 ] فجاءني جبريل - عليه السلام - بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل اخترت الفطرة - قال - ثم عرج بنا إلى السماء . . . وذكر الحديث .

    ومما ليس في الصحيحين ما خرجه الآجري والسمرقندي ، قال الآجري عن أبي سعيد الخدري في قوله - تعالى - سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله قال أبو سعيد : حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ليلة أسري به ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أتيت بدابة هي أشبه الدواب بالبغل له أذنان يضطربان وهو البراق الذي كانت الأنبياء تركبه قبل فركبته فانطلق تقع يداه عند منتهى بصره فسمعت نداء عن يميني يا محمد على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج عليه ثم سمعت نداء عن يساري يا محمد على رسلك فمضيت ولم أعرج عليه ثم استقبلتني امرأة عليها من كل زينة الدنيا رافعة يديها تقول على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج ثم أتيت بيت المقدس الأقصى فنزلت عن الدابة فأوثقته في الحلقة التي كانت الأنبياء توثق بها ثم دخلت المسجد وصليت فيه فقال لي جبريل - عليه السلام - ما سمعت يا محمد فقلت نداء عن يميني يا محمد على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج فقال ذلك داعي اليهود ولو وقفت لتهودت أمتك - قال - ثم سمعت نداء عن يساري على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج عليه فقال ذلك داعي النصارى أما إنك لو وقفت لتنصرت أمتك - قال - ثم استقبلتني امرأة عليها من كل زينة الدنيا رافعة يديها تقول على رسلك فمضيت ولم أعرج عليها فقال تلك الدنيا لو وقفت لاخترت الدنيا على الآخرة - قال - ثم أتيت بإناءين أحدهما فيه لبن والآخر فيه خمر فقيل لي خذ فاشرب أيهما شئت فأخذت اللبن فشربته فقال لي جبريل أصبت الفطرة ولو أنك أخذت الخمر غوت أمتك ثم جاء بالمعراج الذي تعرج فيه أرواح بني آدم فإذا هو أحسن ما رأيت أولم تروا إلى الميت كيف يحد بصره إليه فعرج بنا حتى أتينا باب السماء الدنيا فاستفتحجبريل فقيل : من هذا قال : جبريل قالوا : ومن معك قال : محمد قالوا وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، ففتحوا لي وسلموا علي وإذا ملك يحرس السماء يقال له إسماعيل معه سبعون ألف ملك مع كل ملك مائة ألف - قال - وما يعلم جنود ربك إلا هو . . . وذكر الحديث إلى أن قال : ثم مضينا إلى السماء الخامسة وإذا أنا بهارون بن عمران المحب في قومه وحوله تبع كثير من أمته فوصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال طويل اللحية تكاد لحيته تضرب في سرته ثم مضينا إلى السماء السادسة [ ص: 188 ] فإذا أنا بموسى فسلم علي ورحب بي - فوصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال - رجل كثير الشعر ولو كان عليه قميصان خرج شعره منهما . . . الحديث . وروى البزار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بفرس فحمل عليه ، كل خطوة منه أقصى بصره . . . وذكر الحديث . وقد جاء في صفة البراق من حديث ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بينا أنا نائم في الحجر إذ أتاني آت فحركني برجله فاتبعت الشخص فإذا هو جبريل - عليه السلام - قائم على باب المسجد معه دابة دون البغل وفوق الحمار وجهها وجه إنسان وخفها خف حافر وذنبها ذنب ثور وعرفها عرف الفرس فلما أدناها مني جبريل - عليه السلام - نفرت ونفشت عرفها فمسحها جبريل - عليه السلام - وقال يا برقة لا تنفري من محمد فوالله ما ركبك ملك مقرب ولا نبي مرسل أفضل من محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا أكرم على الله منه قالت قد علمت أنه كذلك وأنه صاحب الشفاعة وإني أحب أن أكون في شفاعته فقلت أنت في شفاعتي إن شاء الله - تعالى - . . . الحديث . وذكر أبو سعيد عبد الملك بن محمد النيسابوري عن أبي سعيد الخدري قال : لما مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإدريس - عليه السلام - في السماء الرابعة قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح الذي وعدنا أن نراه فلم نره إلا الليلة قال فإذا فيها مريم بنت عمران لها سبعون قصرا من لؤلؤ ولأم موسى بن عمران سبعون قصرا من مرجانة حمراء مكللة باللؤلؤ أبوابها وأسرتها من عرق واحد فلما عرج المعراج إلى السماء الخامسة وتسبيح أهلها سبحان من جمع بين الثلج والنار من قالها مرة واحدة كان له مثل ثوابهم استفتح الباب جبريل - عليه السلام - ففتح له فإذا هو بكهل لم ير قط كهل أجمل منه عظيم العينين تضرب لحيته قريبا من سرته قد كاد أن تكون شمطة وحوله قوم جلوس يقص عليهم فقلت يا جبريل من هذا قال هارون المحب في قومه . . ) وذكر الحديث . فهذه نبذة مختصرة من أحاديث الإسراء خارجة عن الصحيحين ، ذكرها أبو الربيع سليمان بن سبع بكمالها في كتاب ( شفاء الصدور ) له . ولا خلاف بين أهل العلم وجماعة أهل السير أن الصلاة إنما فرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة في حين الإسراء حين عرج به إلى السماء . [ ص: 189 ] واختلفوا في تاريخ الإسراء وهيئة الصلاة ، وهل كان إسراء بروحه أو جسده ; فهذه ثلاث مسائل تتعلق بالآية ، وهي مما ينبغي الوقوف عليها والبحث عنها ، وهي أهم من سرد تلك الأحاديث ، وأنا أذكر ما وقفت عليه فيها من أقاويل العلماء واختلاف الفقهاء بعون الله - تعالى - .

    فأما المسألة الأولى :

    وهي هل كان إسراء بروحه أو جسده ; اختلف في ذلك السلف والخلف ، فذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح ، ولم يفارق شخصه مضجعه ، وأنها كانت رؤيا رأى فيها الحقائق ، ورؤيا الأنبياء حق . ذهب إلى هذا معاوية وعائشة ، وحكي عن الحسن وابن إسحاق . وقالت طائفة : كان الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت المقدس ، وإلى السماء بالروح ; واحتجوا بقوله - تعالى - : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فجعل المسجد الأقصى غاية الإسراء . قالوا : ولو كان الإسراء بجسده إلى زائد على المسجد الأقصى لذكره ، فإنه كان يكون أبلغ في المدح . وذهب معظم السلف والمسلمين إلى أنه كان إسراء بالجسد وفي اليقظة ، وأنه ركب البراق بمكة ، ووصل إلى بيت المقدس وصلى فيه ثم أسري بجسده .

    وعلى هذا تدل الأخبار التي أشرنا إليها والآية . وليس في الإسراء بجسده وحال يقظته استحالة ، ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلى التأويل إلا عند الاستحالة ، ولو كان مناما لقال بروح عبده ولم يقل بعبده . وقوله ما زاغ البصر وما طغى يدل على ذلك . ولو كان مناما لما كانت فيه آية ولا معجزة ، ولما قالت له أم هانئ : لا تحدث الناس فيكذبوك ، ولا فضل أبو بكر بالتصديق ، ولما أمكن قريشا التشنيع والتكذيب ، وقد كذبه قريش فيما أخبر به حتى ارتد أقوام كانوا آمنوا ، فلو كان بالرؤيا لم يستنكر ، وقد قال له المشركون : إن كنت صادقا فخبرنا عن عيرنا أين لقيتها ؟ قال : بمكان كذا وكذا مررت عليها ففزع فلان فقيل له : ما رأيت يا فلان ، قال : ما رأيت شيئا ! غير أن الإبل قد نفرت . قالوا : فأخبرنا متى تأتينا العير ؟ قال : تأتيكم يوم كذا وكذا . قالوا : أية ساعة ؟ قال : ( ما أدري ، طلوع الشمس من هاهنا أسرع أم طلوع العير من هاهنا ) . فقال رجل : ذلك اليوم ؟ هذه الشمس قد طلعت . وقال رجل : هذه عيركم قد طلعت ، واستخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صفة بيت المقدس فوصفه لهم ولم يكن رآه قبل ذلك . روى الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لقد رأيتني في [ ص: 190 ] الحجر وقريش تسألني عن مسراي فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربا ما كربت مثله قط - قال - فرفعه الله لي أنظر إليه فما سألوني عن شيء إلا أنبأتهم به الحديث . وقد اعترض قول عائشة ومعاوية ( إنما أسري بنفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( بأنها كانت صغيرة لم تشاهد ، ولا حدثت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وأما معاوية فكان كافرا في ذلك الوقت غير مشاهد للحال ، ولم يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . ومن أراد الزيادة على ما ذكرنا فليقف على ( كتاب الشفاء ) للقاضي عياض يجد من ذلك الشفاء . وقد احتج لعائشة بقوله - تعالى - : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس فسماها رؤيا . وهذا يرده قوله - تعالى - : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ولا يقال في النوم أسرى . وأيضا فقد يقال لرؤية العين : رؤيا ، على ما يأتي بيانه في هذه السورة . وفي نصوص الأخبار الثابتة دلالة واضحة على أن الإسراء كان بالبدن ، وإذا ورد الخبر بشيء هو مجوز في العقل في قدرة الله - تعالى - فلا طريق إلى الإنكار ، لا سيما في زمن خرق العوائد ، وقد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - معارج ; فلا يبعد أن يكون البعض بالرؤيا ، وعليه يحمل قوله - عليه السلام - في الصحيح : بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان . . . الحديث . ويحتمل أن يرد من الإسراء إلى نوم . والله أعلم .

    المسألة الثانية :

    في تاريخ الإسراء ، وقد اختلف العلماء في ذلك أيضا ، واختلف في ذلك على ابن شهاب ; فروى عنه موسى بن عقبة أنه أسري به إلى بيت المقدس قبل خروجه إلى المدينة بسنة . وروى عنه يونس عن عروة عن عائشة قالت : توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة . قال ابن شهاب : وذلك بعد مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبعة أعوام . وروي عن الوقاصي قال : أسري به بعد مبعثه بخمس سنين . قال ابن شهاب : وفرض الصيام بالمدينة قبل بدر ، وفرضت الزكاة والحج بالمدينة ، وحرمت الخمر بعد أحد . وقال ابن إسحاق : أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهو بيت المقدس ، وقد فشا الإسلام بمكة في القبائل . وروى عنه يونس بن بكير قال : صلت خديجة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - . وسيأتي . قال أبو عمر : وهذا يدلك على أن الإسراء كان قبل الهجرة بأعوام ; لأن خديجة قد توفيت قبل الهجرة بخمس سنين وقيل بثلاث وقيل بأربع . وقول ابن إسحاق مخالف لقول ابن شهاب ، على أن ابن شهاب قد اختلف [ ص: 191 ] عنه كما تقدم . وقال الحربي : أسري به ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة . وقال أبو بكر محمد بن علي بن القاسم الذهبي في تاريخه : أسري به من مكة إلى بيت المقدس ، وعرج به إلى السماء بعد مبعثه بثمانية عشر شهرا . قال أبو عمر : لا أعلم أحدا من أهل السير قال ما حكاه الذهبي ، ولم يسند قوله إلى أحد ممن يضاف إليه هذا العلم منهم ، ولا رفعه إلى من يحتج به عليهم .

    المسألة الثالثة :

    وأما فرض الصلاة وهيئتها حين فرضت ، فلا خلاف بين أهل العلم وجماعة أهل السير أن الصلاة إنما فرضت بمكة ليلة الإسراء حين عرج به إلى السماء ، وذلك منصوص في الصحيح وغيره . وإنما اختلفوا في هيئتها حين فرضت ; فروي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها فرضت ركعتين ركعتين ، ثم زيد في صلاة الحضر فأكملت أربعا ، وأقرت صلاة السفر على ركعتين . وبذلك قال الشعبي وميمون بن مهران ومحمد بن إسحاق . قال الشعبي : إلا المغرب . قال يونس بن بكير : وقال ابن إسحاق ثم إن جبريل - عليه السلام - أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين فرضت عليه الصلاة يعني في الإسراء فهمز له بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت عين ماء فتوضأ جبريل ومحمد ينظر - عليهما السلام - فوضأ وجهه واستنشق وتمضمض ومسح برأسه وأذنيه ورجليه إلى الكعبين ونضح فرجه ، ثم قام يصلي ركعتين بأربع سجدات ، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أقر الله عينه وطابت نفسه وجاءه ما يحب من أمر الله - تعالى - ، فأخذ بيد خديجة ثم أتى بها العين فتوضأ كما توضأ جبريل ثم ركع ركعتين وأربع سجدات هو وخديجة ، ثم كان هو وخديجة يصليان سواء . وروي عن ابن عباس أنها فرضت في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين . وكذلك قال نافع بن جبير والحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو قول ابن جريج ، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يوافق ذلك . ولم يختلفوا في أن جبريل - عليه السلام - هبط صبيحة ليلة الإسراء عند الزوال ، فعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة ومواقيتها . وروى يونس بن بكير عن سالم مولى أبي المهاجر قال سمعت ميمون بن مهران يقول : كان أول الصلاة مثنى ، ثم صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعا فصارت سنة ، وأقرت الصلاة للمسافر وهي تمام . قال أبو عمر : وهذا إسناد لا يحتج بمثله ، وقوله ( فصارت سنة ) قول منكر ، وكذلك استثناء الشعبي المغرب وحدها ولم يذكر الصبح قول لا معنى له . وقد أجمع المسلمون أن فرض الصلاة في الحضر [ ص: 192 ] أربع إلا المغرب والصبح ولا يعرفون غير ذلك عملا ونقلا مستفيضا ، ولا يضرهم الاختلاف فيما كان أصل فرضها .

    الخامسة :

    قد مضى الكلام في الآذان في " المائدة " والحمد لله . ومضى في [ آل عمران ] أن أول مسجد وضع في الأرض المسجد الحرام ، ثم المسجد الأقصى . وأن بينهما أربعين عاما من حديث أبي ذر ، وبناء سليمان - عليه السلام - المسجد الأقصى ودعاؤه له من حديث عبد الله بن عمرو ووجه الجمع في ذلك ; فتأمله هناك فلا معنى للإعادة . ونذكر هنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام وإلى مسجدي هذا وإلى مسجد إيلياء أو بيت المقدس . خرجه مالك من حديث أبي هريرة . وفيه ما يدل على فضل هذه المساجد الثلاثة على سائر المساجد ; لهذا قال العلماء : من نذر صلاة في مسجد لا يصل إليه إلا برحلة وراحلة فلا يفعل ، ويصلي في مسجده ، إلا في الثلاثة المساجد المذكورة فإنه من نذر صلاة فيها خرج إليها . وقد قال مالك وجماعة من أهل العلم فيمن نذر رباطا في ثغر يسده : فإنه يلزمه الوفاء حيث كان الرباط لأنه طاعة الله - عز وجل - . وقد زاد أبو البختري في هذا الحديث مسجد الجند ، ولا يصح وهو موضوع ، وقد تقدم في مقدمة الكتاب .

    السادسة :

    قوله تعالى : إلى المسجد الأقصى سمي الأقصى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام ، وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يعظم بالزيارة ،

    الذي باركنا حوله قيل : بالثمار وبمجاري الأنهار . وقيل : بمن دفن حوله من الأنبياء والصالحين ; وبهذا جعله مقدسا . وروى معاذ بن جبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : يقول الله - تعالى - يا شام أنت صفوتي من بلادي وأنا سائق إليك صفوتي من عبادي .

    لنريه من آياتنا هذا من باب تلوين الخطاب والآيات التي أراه الله من العجائب التي أخبر بها الناس ، وإسراؤه من مكة إلى المسجد الأقصى في ليلة وهو مسيرة شهر ، وعروجه إلى السماء ووصفه الأنبياء واحدا واحدا ، حسبما ثبت في صحيح مسلم وغيره .

    إنه هو السميع البصير تقدم .

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
44
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 7120
22 - الأدلة العقلية و النقلية في إثبات وجود الله سبحانه و تعالى
التاريخ : 07/05/2013
الساعة : 21:09:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • الرد على شبهة أفعال الدجال بالحديث الذي رواه البخاري رحمه الله تعالى قال  :

    حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا سعيد قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال فكان فيما يحدثنا به أنه قال يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل وهو خير الناس أو من خيار الناس فيقول:

    أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه

    فيقول الدجال:

    أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر

    فيقولون:

      لا

    فيقتله ثم يحييه فيقول :

     والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني

    اليوم فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه.

    كل ما سيفعله الدجال يدل على صدق النبي صلى الله عليه و سلم في ما قال و أخبر عنه .

    و للفائدة ها شرح الحديث للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله :

    قوله : باب لا يدخل الدجال المدينة ) أي المدينة النبوية ، ذكر فيه ثلاثة أحاديث :

    الأول قوله " حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال " كذا ورد من هذا الوجه مبهما وقد ورد من غير هذا الوجه عن أبي سعيد ما لعله يؤخذ منه ما لم يذكر كما في رواية أبي نضرة عن أبي سعيد أنه يهودي وأنه لا يولد له وأنه لا يدخل المدينة ولا مكة أخرجه مسلم ، وفي رواية عطية عن ابن أبي سعيد رفعه في صفة عين الدجال كما تقدم وفيه : ومعه مثل الجنة والنار ، وبين يديه رجلان ينذران أهل القرى ، كلما خرجا من قرية دخل أوائله . أخرجه أبو يعلى والبزار وهو عند أحمد بن منيع مطول وسنده ضعيف ، وفي رواية أبي الوداك عن أبي سعيد رفعه في صفة عين الدجال أيضا وفيه معه من كل لسان ، ومعه صورة الجنة الخضراء يجري فيها الماء وصورة النار سوداء تدخن .

    قوله : يأتي الدجال ) أي إلى ظاهر المدينة .

    قوله ( فينزل بعض السباخ ) بكسر المهملة وتخفيف الموحدة جمع سبخة بفتحتين وهي الأرض الرملة التي لا تنبت لملوحتها ، وهذه الصفة خارج المدينة من غير جهة الحرة .

    قوله : التي تلي المدينة ) أي من قبل الشام .

    قوله ( فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خيار الناس ) في رواية صالح عن ابن شهاب عند مسلم " أو من خير الناس " وفي رواية أبي الوداك عن أبي سعيد عند مسلم فيتوجه قبله رجل من المؤمنين ، فيلقاه مسالح الدجال فيقولون : أوما تؤمن بربنا ؟ فيقول ما بربنا خفاء . فينطلقون به إلى الدجال بعد أن يريدوا قتله ، فإذا رآه قال :

    يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم

    وفي رواية عطية : فيدخل القرى كلها غير مكة والمدينة حرمتا عليه ، والمؤمنون متفرقون في الأرض ، فيجمعهم الله ، فيقول [ ص: 110 ] رجل منهم :

    والله لأنطلقن فلأنظرن هذا الذي أنذرناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

    فيمنعه أصحابه خشية أن يفتتن به ، فيأتي حتى إذا أتى أدنى مسلحة من مسالحه أخذوه فسألوه ما شأنه فيقول :

    أريد الدجال الكذاب

    فيكتبون إليه بذلك فيقول أرسلوا به إلي ، فلما رآه عرفه .

    قوله : ( فيقول أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه ) في رواية عطية أنت الدجال الكذاب الذي أنذرناه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد فيقول له الدجال لتطيعني فيما آمرك به أو لأشقنك شقتين ، فينادي : يا أيها الناس هذا المسيح الكذاب

    قوله : فيقول الدجال أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر ؟ فيقولون : لا ) في رواية عطية " ثم يقول الدجال لأوليائه " وهذا يوضح أن الذي يجيبه بذلك أتباعه ، ويرد قول من قال : إن المؤمنين يقولون له ذلك تقية ، أو مرادهم لا نشك أي في كفرك وبطلان قولك .

    قوله : فيقتله ثم يحييه ) في رواية أبي الوداك فيأمر به الدجال فيشبح فيشبع ظهره وبطنه ضربا فيقول : أما تؤمن بي ؟ فيقول : أنت المسيح الكذاب ، فيؤمر به فيوشر بالميشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول : قم ، فيستوي قائما وفي حديث النواس بن سمعان عند مسلم فيدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين ، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك وفي رواية عطية : فيأمر به فيمد برجليه ثم يأمر بحديدة فتوضع على عجب ذنبه ثم يشقه شقتين ، ثم قال الدجال لأوليائه : أرأيتم إن أحييت لكم هذا ، ألستم تعلمون أني ربكم ؟ فيقولون : نعم ، فيأخذ عصا فضرب أحد شقيه فاستوى قائما فلما رأى ذلك أولياؤه صدقوه وأحبوه وأيقنوا بذلك أنه ربهم وعطية ضعيف . قال ابن العربي هذا اختلاف عظيم يعني في قتله بالسيف وبالميشار - ، قال فيجمع بأنهما رجلان يقتل كلا منهما قتلة غير قتلة الآخر ، كذا قال ، والأصل عدم التعدد ، ورواية الميشار تفسر رواية الضرب بالسيف ، فلعل السيف كان فيه فلول فصار كالميشار وأراد المبالغة في تعذيبه بالقتلة المذكورة ، ويكون قوله " فضربه بالسيف " مفسرا لقوله إنه نشره وقوله " فيقطعه جزلتين " إشارة إلى آخر أمره لما ينتهي نشره . قال ابن العربي : وقد وقع في قصة الذي قتله الخضر أنه وضع يده في رأسه فاقتلعه ، وفي أخرى فأضجعه بالسكين فذبحه ، فلم يكن بد من ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى لكون القصة واحدة . قلت : وقد تقدم في تفسير الكهف بيان التوفيق بين الروايتين أيضا بحمد الله تعالى .

    قال الخطابي : فإن قيل كيف يجوز أن يجري الله الآية على يد الكافر ؟ فإن إحياء الموتى آية عظيمة من آيات الأنبياء فكيف ينالها الدجال وهو كذاب مفتر يدعي الربوبية ؟ فالجواب أنه على سبيل الفتنة للعباد إذ كان عندهم ما يدل على أنه مبطل غير محق في دعواه وهو أنه أعور مكتوب على جبهته كافر يقرؤه كل مسلم ، فدعواه داحضة مع وسم الكفر ونقص الذات والقدر ، إذ لو كان إلها لأزال ذلك عن وجهه ، وآيات الأنبياء سالمة من المعارضة فلا يشتبهان

    وقال الطبري : لا يجوز أن تعطى أعلام الرسل لأهل الكذب والإفك في الحالة التي لا سبيل لمن عاين ما أتى به فيها إلا الفصل بين المحق منهم والمبطل ، فأما إذا كان لمن عاين ذلك السبيل إلى علم الصادق من الكاذب فمن ظهر ذلك على يده فلا ينكر إعطاء الله ذلك للكذابين ، فهذا بيان الذي أعطيه الدجال من ذلك فتنة لمن شاهده ومحنة لمن عاينه انتهى .

    وفي الدجال مع ذلك دلالة بينة لمن عقل على كذبه . لأنه ذو أجزاء مؤلفة ، وتأثير الصنعة فيه ظاهر مع ظهور الآفة به من عور عينيه ، فإذا دعا الناس إلى أنه ربهم فأسوأ حال من يراه من ذوي العقول أن يعلم أنه لم يكن ليسوي خلق غيره [ ص: 111 ] ويعدله ويحسنه ولا يدفع النقص عن نفسه ، فأقل ما يجب أن يقول : يا من يزعم أنه خالق السماء والأرض صور نفسك وعدلها وأزل عنها العاهة ، فإن زعمت أن الرب لا يحدث في نفسه شيئا فأزل ما هو مكتوب بين عينيك .

    وقال المهلب : ليس في اقتدار الدجال على إحياء المقتول المذكور ما يخالف ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم " هو أهون على الله من ذلك " أي من أن يمكن من المعجزات تمكينا صحيحا ، فإن اقتداره على قتل الرجل ثم إحيائه لم يستمر له فيه ولا في غيره ولا استضر به المقتول إلا ساعة تألمه بالقتل مع حصول ثواب ذلك له ، وقد لا يكون وجد للقتل ألما لقدرة الله تعالى على دفع ذلك عنه .

    وقال ابن العربي : الذي يظهر على يدي الدجال من الآيات من إنزال المطر والخصب على من يصدقه والجدب على من يكذبه واتباع كنوز الأرض له وما معه من جنة ونار ومياه تجري كل ذلك محنة من الله واختبار ليهلك المرتاب وينجو المتيقن ، وذلك كله أمر مخوف ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لا فتنة أعظم من فتنة الدجال وكان يستعيذ منها في صلاته تشريعا لأمته ، وأما قوله في الحديث الآخر عند مسلم : غير الدجال أخوف لي عليكم فإنما قال ذلك للصحابة لأن الذي خافه عليهم أقرب إليهم من الدجال فالقريب المتيقن وقوعه لمن يخاف عليه يشتد الخوف منه على البعيد المظنون وقوعه به ولو كان أشد .

    قوله : فيقول والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم ) في رواية أبي الوداك : ما ازددت فيك إلا بصيرة " ثم يقول " يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس " وفي رواية عطية فيقول له الدجال أما تؤمن بي ؟ فيقول : أنا الآن أشد بصيرة فيك مني . ثم نادى في الناس : يا أيها الناس هذا المسيح الكذاب ، من أطاعه فهو في النار ، ومن عصاه فهو في الجنة ونقل ابن التين عن الداودي أن الرجل إذا قال ذلك للدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء ، كذا قال ، والمعروف أن ذلك إنما يحصل للدجال إذا رأى عيسى ابن مريم .

    قوله ( فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه ) في رواية أبي الوداك فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلا وفي رواية عطية : فقال له الدجال : لتطيعني أو لأذبحنك ، فقال : والله لا أطيعك أبدا ، فأمر به فأضجع فلا يقدر عليه ولا يتسلط عليه مرة واحدة زاد في رواية عطية فأخذ يديه ورجليه فألقي في النار وهي غبراء ذات دخان وفي رواية أبي الوداك فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنه قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة زاد في رواية عطية " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذلك الرجل أقرب أمتي مني وأرفعهم درجة وفي رواية أبي الوداك هذا أعظم شهادة عند رب العالمين ووقع عند أبي يعلى وعبد بن حميد من رواية حجاج بن أرطاة عن عطية أنه يذبح ثلاث مرات ثم يعود ليذبحه الرابعة فيضرب الله على حلقه بصفيحة نحاس فلا يستطيع ذبحه والأول هو الصواب . ووقع في حديث عبد الله بن عمرو رفعه في ذكر الدجال " يدعو برجل لا يسلطه الله إلا عليه " فذكر نحو رواية أبي الوداك وفي آخره فيهوي إليه بسيفه فلا يستطيعه فيقول : أخروه عني وقد وقع في حديث عبد الله بن معتمر : ثم يدعو برجل فيما يرون فيؤمر به فيقتل ثم يقطع أعضاءه كل عضو على حدة فيفرق بينها حتى يراه الناس ثم يجمعها ثم يضرب بعصاه فإذا هو قائم فيقول : أنا الله الذي أميت وأحيي ، قال وذلك كله سحر سحر أعين الناس ليس يعمل من ذلك شيئا . وهو سند ضعيف جدا . وفي رواية أبي يعلى من الزيادة " قال أبو سعيد كنا نرى ذلك الرجل عمر بن الخطاب لما نعلم من قوته وجلده " ووقع في صحيح مسلم عقب رواية [ ص: 112 ] عبيد الله بن عبد الله بن عتبة " قال أبو إسحاق : يقال : إن هذا الرجل هو الخضر " كذا أطلق فظن القرطبي أن أبا إسحاق المذكور هو السبيعي أحد الثقات من التابعين ولم يصب في ظنه فإن السند المذكور لم يجر لأبي إسحاق فيه ذكر ، وإنما أبو إسحاق الذي قال ذلك هو إبراهيم بن محمد بن سفيان الزاهد راوي صحيح مسلم عنه كما جزم به عياض والنووي وغيرهما وقد ذكر ذلك القرطبي في تذكرته أيضا قبل ، فكأن قوله في الموضع الثاني السبيعي سبق قلم ، ولعل مستنده في ذلك ما قاله معمر في جامعه بعد ذكر هذا الحديث " قال معمر بلغني أن الذي يقتل الدجال الخضر . وكذا أخرجه ابن حبان من طريق عبد الرزاق عن معمر قال " كانوا يرون أنه الخضر " وقال ابن العربي سمعت من يقول : إن الذي يقتله الدجال هو الخضر ، وهذه دعوى لا برهان لها . قلت : وقد تمسك من قاله بما أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي عبيدة بن الجراح رفعه في ذكر الدجال لعله أن يدركه بعض من رآني أو سمع كلامي الحديث . ويعكر عليه قوله في رواية لمسلم تقدم التنبيه عليها " شاب ممتلئ شبابا " ويمكن أن يجاب بأن من جملة خصائص الخضر أن لا يزال شابا ، ويحتاج إلى دليل .

     

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
45
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 7120
22 - الأدلة العقلية و النقلية في إثبات وجود الله سبحانه و تعالى
التاريخ : 07/05/2013
الساعة : 21:09:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • القول في دعوى الكذابين :

    قال الحافظ بن كثير رحمه الله تعالى في البداية و النهاية

    وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة وعند مسلم عن جابر بن سمرة، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم   أنه قال:

    « إن بين يدي الساعة ثلاثين كذابا دجالا كلهم يزعم أنه نبي ».

    وقال البيهقي: عن الماليني، عن أبي عدي، عن أبي يعلى الموصلي، حدثنا عثمان ابن أبي شيبة، ثنا محمد بن الحسن الأسدي، ثنا شريك عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله :

    « لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا منهم: مسيلمة، والعنسي، والمختار، وشر قبائل العرب بنو أمية وبنو حنيفة، وثقيف ».

    قال ابن عدي: محمد بن الحسن له إفرادات وقد حدث عنه الثقات ولم أر بتحديثه بأسا.

    وقال البيهقي: لحديثه في المختار شواهد صحيحه.

    ثم أورد من طريق أبي داود الطيالسي حدثنا الأسود بن شيبان عن أبي نوفل، عن أبي عقرب، عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت للحجاج بن يوسف: أما إن رسول الله  حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا فأما الكذاب فقد رأيناه وأما المبير فلا أخالك إلا إياه.

    قال: ورواه مسلم من حديث الأسود بن شيبان وله طرق عن أسماء وألفاظ سيأتي إيرادها في موضعه.

    وقال البيهقي: أنا الحاكم وأبو سعيد عن الأصم، عن عباس الدراوردي، عن عبيد الله بن الزبير الحميدي، ثنا سفيان بن عيينة عن أبي المحيا، عن أمه قالت: لما قتل الحجاج عبد الله بن الزبير دخل الحجاج على أسماء بنت أبي بكر، فقال: يا أمه إن أمير المؤمنين أوصاني بك فهل لك من حاجة؟

    فقالت: لست لك بأم ولكني أم المصلوب على رأس الثنية، وما لي من حاجة ولكن انتظر حتى أحدثك ما سمعت من رسول الله  يقول:

    « يخرج من ثقيف كذاب ومبير » فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت.

    فقال الحجاج: مبير المنافقين.

    وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شريك عن أبي علوان عبد الله بن عصمة، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله  يقول:

    « إن في ثقيف كذابا ومبيرا ».

    وقد تواتر خبر المختار ابن أبي عبيد الكذاب الذي كان نائبا على العراق وكان يزعم أنه نبي، وأن جبريل كان يأتيه بالوحي.

    وقد قيل لابن عمر - وكان زوج أخت المختار وصفيه -: إن المختار يزعم أن الوحي يأتيه.

    قال: صدق قال الله تعالى: «    وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم   ».

    وقال أبو داود الطيالسي: ثنا قرة بن خالد عن عبد الملك بن عمير، عن رفاعة بن شداد قال: كنت ألصق شيء بالمختار الكذاب، قال: فدخلت عليه ذات يوم فقال: دخلت وقد قام جبريل قبل من هذا الكرسي.

    قال: فأهويت إلى قائم السيف لأضربه حتى ذكرت حديثا حدثنيه عمرو بن الحمق الخزاعي أن رسول الله  قال: « إذا أمن الرجل الرجل على دمه ثم قتله رفع له لواء الغدر يوم القيامة » فكففت عنه.

    وقد رواه أسباط بن نصر وزائدة والثوري عن إسماعيل السدي، عن رفاعة بن شداد القتباني فذكر نحوه.

    وقال يعقوب بن سفيان: ثنا أبو بكر الحميدي، ثنا سفيان بن عيينة عن مجالد، عن الشعبي قال: فأخرت أهل البصرة فغلبتهم بأهل الكوفة، والأحنف ساكت لا يتكلم فلما رآني غلبتهم أرسل غلاما له، فجاء بكتاب فقال: هاك إقرأ.

    فقرأته فإذا فيه من المختار لله يذكر أنه نبي.

    يقول الأحنف: أنى فينا مثل هذا.

    وأما الحجاج بن يوسف فقد تقدم الحديث أنه الغلام المبير الثقفي وسنذكر ترجمته إذا انتهينا إلى أيامه فإنه كان نائبا على العراق لعبد الملك بن مروان ثم لابنه الوليد بن عبد الملك وكان من جبابرة الملوك على ما كان فيه من الكرم والفصاحة على ما سنذكره.

    وقد قال البيهقي: ثنا الحاكم عن أبي نضر الفقيه، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي أن معاوية بن صالح حدثه عن شريح بن عبيد، عن أبي عذبة قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فأخبره أن أهل العراق قد حصبوا أميرهم فخرج غضبان فصلى لنا الصلاة فسها فيها حتى جعل الناس يقولون: سبحان الله، سبحان الله، فلما سلم أقبل على الناس فقال: من ههنا من أهل الشام، فقام رجل ثم قام آخر ثم قمت أنا ثالثا أو رابعا، فقال: يا أهل الشام استعدوا لأهل العراق فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ اللهم إنهم قد لبسوا علي فألبس عليهم بالغلام الثقفي يحكم فيهم بحكم أهل الجاهلية، لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم.

    قال عبد الله: وحدثني ابن لهيعة بمثله.

    قال: وولد الحجاج يومئذ.

    ورواه الدارمي أيضا عن أبي اليمان، عن جرير بن عثمان، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن أبي عذبة الحمصي، عن عمر فذكر مثله.

    قال أبو اليمان: علم عمر أن الحجاج خارج لا محالة فلما أغضبوه استعجل لهم العقوبة.

    قلت: فإن كان هذا نقله عمر عن رسول الله  لقد تقدم له شاهد عن غيره وإن كان عن تحديث فكرامة الولي معجزة لنبيه.

    وقال عبد الرزاق: أنا جعفر - يعني: ابن سليمان - عن مالك بن دينار، عن الحسن قال: قال علي لأهل الكوفة: اللهم كما ائتمنتهم فخانوني ونصحت لهم فغشوني، فسلط عليهم فتى ثقيف الذبال الميال يأكل خضرتها ويلبس فروتها ويحكم فيهم بحكم الجاهلية.

    قال: فتوفي الحسن وما خلق الله الحجاج يومئذ وهذا منقطع.

    وقد رواه البيهقي أيضا من حديث معتمر بن سليمان عن أبيه، عن أيوب، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن علي ابن أبي طالب أنه قال: الشاب الذبال أمير المصرين يلبس فروتها ويأكل خضرتها، ويقتل أشراف أهلها، يشتد منه الفرق ويكثر منه الأرق ويسلطه الله على شيعته.

    وله من حديث يزيد بن هارون أنا العوان بن حوشب، حدثني حبيب ابن أبي ثابت قال: قال علي: لا مت حتى تدرك فتى ثقيف.

    فقيل: يا أمير المؤمنين وما فتى ثقيف؟

    فقال: ليقالن له يوم القيامة: اكفنا زاوية من زوايا جهنم رجل يملك عشرين سنة أو بضعا وعشرين سنة، لا يدع لله معصية إلا ارتكبها، حتى لو لم يبق إلا معصية واحدة وكان بينه وبينها باب مغلق لكسره حتى يرتكبها، يفتن بمن أطاعه من عصاه وهذا معضل وفي صحته عن علي نظر والله أعلم.

    وقال البيهقي: عن الحاكم، عن الحسين بن الحسن بن أيوب، عن أبي حاتم الرازي، عن عبد الله بن يوسف الثنيني، ثنا هشام بن يحيى الغساني قال: قال عمر بن عبد العزيز: لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئناهم بالحجاج لغلبناهم.

    وقال أبو بكر ابن عياش: عن عاصم بن النجود ما بقيت لله حرمة إلا وقد ارتكبها الحجاج.

    وقال عبد الرزاق: عن معمر، عن ابن طاوس أن أباه لما تحقق موت الحجاج تلا قوله تعالى: { فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين } [الأنعام: 45] .

    قلت: وقد توفي الحجاج سنة خمس وتسعين.

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

  لكتابة موضوع جديد في نفس القسم :
الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم الصفحة :

عدد الأعضاء المسجلين في منتدى المحجة البيضاء :389

عضو ، هؤلاء الأعضاء قاموا بتفعيل عملية التسجيل.


    عدد المواضيع :132 موضوع .

    عدد المشاركات :690 مشاركة .

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : مناظرة في علو الله تعالى و استوائه على عرشه

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : الأدلة العقلية و النقلية في إثبات وجود الله سبحانه و تعالى

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : برنامج تعليم الأرقام من 1 الى 100

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : المخطط الكهربائي لمحرك السيارة

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : أين الله؟

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : سبعة يظلهم الله في ظله

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : الوباء و الطاعون

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : أخطاء تمنع من تحقيق حفظ القرآن الكريم

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : ألا بذكر الله تطمئن القلوب

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : برنامج تدريبات على جدول كارنوف

    يتصفح المنتدى حاليا : 1 متصفح .