ذكرنا فيما سبق أن من خصائص المؤمنين أنهم يقولون : سمعنا و أطعنا غفرانك ربنا و إليك المصير أما غيرهم فيقولون : سمعنا و عصينا و عصيانهم في مقابلة الآيات و البينات يكون أحيانا بتحريف الكلم عن مواضعه
و قد أنزل الله القرآن الكريم بلسان عربي مبين و كان ينبغي لمن أراد ان يفسر القرآن الكريم أن يفسره على منهج النبوة بإتباع آثار من سلف من الصحابة و من تبعهم بإحسان من التابعين و أتباع التابعين الذين شهد لهم الرسول صلى الله عليه و سلم بالخيرية ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
حدثني إسحاق حدثنا النضر أخبرنا شعبة عن أبي جمرة سمعت زهدم بن مضرب سمعت عمران بن حصين رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يفون ويظهر فيهم السمن
رواه البخاري
لكن الله شاء أن يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا فلجأ بعضهم الى كتب الفلسفة الضالة فتعلمها فلما غاص في بحرها أراد أن يفسر الإسلام بفكر و منهج الفلاسفة و قد أخبرنا نبينا صلى الله عليه و سلم فقال :
إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا
و منهج الفلاسفة ليس له ضوابط فكل شيء مر بخاطرك من القبيح و الحسن يعتبر عندهم من التفكير و استخدام العقل و لن نتخبط كما تخبطوا ، و لذلك تعددت آلهتهم و تشعبت آراءهم فلما تاه بعضهم في خزعبلات فلاسفة الإغريق و قدموا كلام البشر على كلام الله تعالى و قد نهاهم الله عن ذلك عند قوله تعالى :
ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب
فلما فعلوا ضلوا مصداقا لقول المعصوم صلى الله عليه و سلم :
تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده كتاب الله.
حتى نسي بعضهم الأدب مع كلام الله تعالى ، و ذلك لأنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم و الجزاء من جنس العمل لأن بعضهم قدم كلام الفلاسفة على كلام الله تعالى و جعل يقيس كلام الله تعالى حسب ما تمليه عليه وسواس الشياطين
قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوَّلُ مَنْ قَاسَ أَمْرَ الدِّينِ بِرَأْيِهِ إِبْلِيسُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : اسْجُدْ لآدَمَ ، فَقَالَ : أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ سورة الأعراف آية 12 ، فَمَنْ قَاسَ الدِّينَ بِرَأْيِهِ قَرَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِبْلِيسَ ، لأَنَّهُ اتَّبَعَهُ بِالْقِيَاسِ " ،
لقد نسي بعضهم أن الله أصدق القائلين و أحكم الحاكمين و أحسن المحدثين ، أخبرهم ربهم أنه تعالى فوق عباده فتخبطوا فمنهم من أنكر و منهم من جسد تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
نحن نؤمن بما جاء عن الله تعالى في القرآن الكريم و منه قوله تعالى :
و هو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير
و أنا لا أكذب الله في ما قال ، فما دام الله قال أنه فوق عباده فأنا أؤمن بما أخبرني الله به في كتابه من غير أن أزيد على ما قال الله أو أنقص منه ، الله فوق عباده كما يليق بجلاله ، ليس كمثله شيء و هو السميع البصير .
ثم عندنا و لله الحمد أدلة وافرة من كتاب الله تعالى و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم مع أقوال الصحابة تثبت أن الله فوق عرشه نأتي بها في ما يأتي بإذن العلي الأعلى.